إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

السنة النبوية وأدلة الإمامة (3): علي مع القرآن والقرآن مع علي

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • #16
    عليٌّ أمير هؤلاء.. الوحيد الخراساني

    بسم الله الرحمن الرحيم
    وصل البحث في الكلالة إلى أنهم اعترفوا من جهةٍ بأن النبي ص قال: ما أرى أباك (عمر) يعلمها. أي أنه ص لا يرى أن هذا الشخص سيعرف الكلالة، وقد اعترف هو نفسه بأن النبي ص قال ذلك، وكمال الجهل أنه بعد هذا البيان من النبي ص والإقرار منه، عاد ليقول أنه سيقول في الكلالة برأيٍ تُحَدِّثُ به النساء في خدورهنّ !
    ثم تعرضنا لقوله أنه يخجل من ردّ كلام أبي بكر !
    وهذه الجملة تثير الحيرة والدهشة: لو قال لي النبي معنى الكلام لكان أفضل لي من الدنيا وما فيها !!
    ألا تُبَيِّنُ هذه التناقضات مقدارَ الانحراف والضلال والجهل ؟!

    ومن جهة أخرى فإن الحديث الذي صح (ولا ينكره إلا الجاهل) إذ لا يمكن أن يخدش في سنده من عنده علم بالرجال عند العامة: عليّ مع القرآن، والقرآن مع علي.
    ومع فقه الحديث، وضميمة أنهما لن ينفصلا عن بعضهما البعض، فبأي منطق يقدم مثل هذا الجاهل على مثل هذا العالم في الخلافة ؟!
    ما هو الجواب ؟!

    علي أمير المؤمنين وسيد المسلمين
    ما يحيّر العقول هو أن هناك أكثر من سبع كتب معتمدة عند العامة قد نقلت الرواية التالية (ودققوا في كيفية البيان):
    يا أم سلمة اشهدي واسمعي: هذا علي أمير المؤمنين، وسيد المسلمين، وعيبة علمي "وعاء علمي" وبابي الذي أوتى منه.(المناقب للخوارزمي ص142، ينابيع المودة للقندوزي ج1 ص159وغيرها من المصادر بتفاوت يسير)

    وفي هذا الحديث خمس مطالب:
    فبعد أن جعل أم سلمة شاهدة بهذه الشدة والتأكيد (اشهدي واسمعي)، قال عن علي ع.
    أمير المؤمنين: أحياناً يعبر الفخر الرازي عمن قال عن نفسه (كل الناس أفقه من عمر) بأنه أمير المؤمنين !! إلى هذا الحد ليس عنده إدراك !! فمع هذا الإقرار على نفسه كيف يمكن أن يكون أميراً للمؤمنين ؟!
    لكن من يقول هنا: هذا علي أمير المؤمنين، هو ﴿وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى﴾

    سيد المسلمين: الثاني.
    وعيبة علمي، وعاء علمي: وهنا قد استعمل التعبيران.
    وبابي الذي أوتى منه: فإن طريقي تنحصر بعلي بن أبي طالب.
    هذه الكلمات تحتاج إلى شرح.
    علي أمير المؤمنين: متى تفهم هذه الكلمة ؟ عندما يفهم القرآن، من هم المؤمنون ؟ نص القرآن: ﴿ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ * أُوْلَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ * الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ * وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ * ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ * ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَاماً فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْماً ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ ﴾ [المؤمنون : 1-14]

    ضم هذه الآيات لذلك هو مفتاح المطلب، فإن خلقة الإنسان من سلالة من طين، إلى أن وصل إلى الخلق الآخر، حتى قال تعالى: ﴿فتبارك الله أحسن الخالقين﴾ فإنه قد عدّ ثمرة هذه الخلقة أهلَ الإيمان.

    لقد بُيِّنَ الإنسان من مبدئه لمنتهاه في هذه الآيات.. المبدأ ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ﴾ والمنتهى ﴿الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾

    أما فهم المؤمنين، الذين وصلوا لحقيقة الإيمان، فمشكل جداً..﴿وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ﴾
    هذه الجملة وحدها كافية، أولئك هم الذين يعرضون عن مطلق اللغو، والوصول لهذا المقام يعني أنهم ممن ليس عندهم حرف ولا فعل ولا فكر لَغوي!
    هكذا تُفهم الروايات، وأن المؤمن أعز من الكبريت الأحمر، وهل رأيت الكبريت الأحمر ؟!
    المؤمن أعظم من الإكسير الأعظم..
    وعليّ أمير مثل هؤلاء !

    المحيّر أن هؤلاء يكتبون هذه الأشياء، ثم يقولون أنه الخليفة الرابع !!
    فكيف تحل المشكلة يا ترى ؟!
    هذه الكلمة الأولى. ولا ينتهي البحث بهذا..
    ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ﴾ وإنما تفيد الحصر.. وهل يا ترى نحن كذلك ؟ .....
    المؤمنون هم الذين إذا سمعوا ذكر الله وجلت قلوبهم، ﴿وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً﴾ فكلما قرؤوا آية زادت في إيمانهم ﴿وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ﴾ فتوكلهم على الله حصراً..
    فإن كان هذا مقامهم ما هو مقام أميرهم ؟!
    يا أم سلمة اشهدي واسمعي: هذا علي أمير المؤمنين.

    ثم يصل إلى قوله ص:
    سيّد المسلمين: ما هو الإسلام ؟ ومن هو المسلم ؟ اقرؤوا القرآن لتعرفوا ما هو الإسلام ومن هو المسلم.
    الإسلام ﴿إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ﴾
    والمسلم ﴿وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ * رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ﴾ [البقرة : 127-128]
    عليّ سيد المسلمين، فكل من كان تحت راية الإسلام يكون تحت بيرق سيادة علي بن أبي طالب.

    هذه الكلمة الثانية، أما الثالثة:
    عيبة علمي: ما هي العيبة ؟ وما هو علمه ؟
    العيبة عبارة عن ذلك الظرف الذي تُدَّخر فيه النفائس، فيقال له عيبة.
    قد يقال عن أحد أنه عيبة علم موسى بن عمران، وهذا المقدار يعجز العقل، من هو موسى ؟ ﴿وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الأَلْوَاحِ مِن كُلِّ شَيْءٍ﴾ [الأعراف : 145]
    فعيبة علم موسى غير قابلة لإدراكنا.. وعيبة علم إبراهيم غير قابلة لأفهامنا.. وكلهم تحت شعاع الشمس.. تلك الشمس التي قال الله تعالى عن علمها ﴿وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً﴾
    صار عليّ عيبة العلم الذي علّمه الله بعظمته وأودعه في صدر النبي الخاتم.. معنى هذه الكلمة أن علم تمام الأنبياء من آدم إلى الخاتم كله في قلب علي بن أبي طالب.

    ولابن دريد كلام طرحه لازم: قال: وهذا من كلامه الموجز: مما لم يضرب أحد هذا المثل قبل ذلك.
    في إرادة اختصاصه بأموره الباطنة التي لا يتبع عليها أحدٌ غيره.: أي أن قوله علي عيبة علمي، لكي يُفهِم أن تلك الأمور الباطنة والعلوم المخفية التي لم يطلع عليها أحد، كلها قد أودعت عند علي بن أبي طالب.
    وذلك غاية في مدح علي: فلا يمكن مدح علي بأرفع من ذلك..
    وعيبة علمي، وقد كانت ضمائر أعدائه منطوية على اعتقاد تعظيمه: فمن جهة يكتبون الكلالة والجهل، ومن جهة أخرى ينقلون هذا الحديث.. ومن ثم يُجلِسون الإثنين محل النبي ص ويغصبون حق مثلِ هذا ؟!
    لأي منطق قدرة الجواب على هذا ؟!
    هذا الكلام مع من كتبوا ذلك وكتبوا هذا الكلام..

    والحمد لله رب العالمين

    شعيب العاملي

    تعليق


    • #17
      خازن المال خليفة النبي ؟! الوحيد الخراساني

      بسم الله الرحمن الرحيم
      نتيجة المباحث السابقة أنه ليس لمن عجز عن إدراك كلمة من كلمات القرآن باعتراف الكل أهلية خلافة سيّد الأنبياء بحكم العقل والكتاب والسنة.

      هذا المطلب قد تمَّ بالبرهان القطعي، وهذا كله أثر ومظهر ونتيجة لهذه الكلمات: عليّ مع القرآن، والقرآن مع علي، لن يتفرقا حتى يردا عليّ الحوض.

      وتتمة البحث وهو ما يقطع مادة النزاع، هذه الرواية التي اتفق كل أعيان العامة على توثيق رجال سندها، بتوثيقات أساطين علماء الرجال.
      وينبغي الدقة في متن الرواية ليُميَّز الحق عن الباطل..

      عندما وصل الثاني للخلافة خطب فقال: من أراد أن يسأل عن القرآن فليأت أبي بن كعب، ومن أراد أن يسأل عن الحلال والحرام فليأت معاذ بن جبل، ومن أراد أن يسأل عن الفرائض فليأت زيد بن ثابت، ومن أراد أن يسأل عن المال فليأتني فاني له خازن (مستدرك الحاكم ج3 ص273 وغيره)

      والسؤال لعلماء المذاهب الأربعة: أن مثل هذا ـ وبالنقل المُسَلَّم حيث لم يناقش أحد من أهل العلم في سند هذه الخطبة ـ الخليفة الذي يصرح أنه ليس المرجعَ في القرآن ! وكلّ من يريد أن يسأل عن القرآن الكريم فيرجع لأبيّ بن كعب!
      وهو يقر بأنه ليس مرجعاً لأحكام الدين أيضاً ! فمن أراد ان يعرف الحلال والحرام ليسأل معاذ ! فان له صلاحية هذا الامر، ويقر بأنه ليس مرجعاً في أحكام الفرائض أيضاً !

      والنتيجة أنه لا اطلاع له باعترافه على القرآن ولا على دين الإسلام ومسائل الحلال والحرام، ولا على الفرائض التي قرّرها الله في أموال الناس بالإرث ! ليس له اطلاع على هذا كله، وشأنه كله أن يكون مفتاح خزينة المال بيده !!

      فهل كان هذا دور النبي ص ؟ ما هي الخلافة ؟
      ما اتفق عليه الجميع حول حقيقة الخلافة هو: الخلافة هي الرياسة العامة في التصدي لإقامة الدين، بإحياء العلوم الدينية، وإقامة أركان الإسلام، (هذا نص تعريف الخلافة وقد أقرّ أزهر مصر بهذه الجملة) والقيام بالجهاد وما يتعلق به.... والقيام بالقضاء وإقامة الحدود، ورفع المظالم، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر (الدهلوي، نقله عنه الميلاني في نفحات الازهارج17 ص298): فكل هذه الأمور من أدوار خليفة النبي ص بالنيابة عنه، يقولون من جهة ان الخلافة هي هذه، ويقولون من جهة أخرى أن الخليفة وباعتراف أهل الحديث والرجال قال عندما جلس على مسند الخلافة أنه ليس من أهل الحلال والحرام، وليس عنده علم بالقرآن، ولا بأحكام الله تعالى !! دوره هو خزن أموال المسلمين فقط !!

      فهل كان دور النبي جمع الأموال والثروات ؟! كي تكون خلافة الثاني النيابة عن النبي في ذلك ؟!
      إذا كان لعلماء المذاهب الأربعة القدرة على الجواب على هذا المسألة فليجيبوا.

      إن قول عمر بن الخطاب نفسه يثبت بطلان خلافته بشكل قطعيّ !
      هذا هو حق علي بن أبي طالب..

      للأسف أنا لم نعرف قدر هذا المذهب.. لم نعرف علياً ولم نعرف أولئك الذين غصبوا حقه..
      ينبغي النظر دون تعصب: لو استيقظ العالم الإسلامي، ونظر الى كلمات هذا الشخص والى تعريف تمام متكلمي العامة لخلافة النبي ص، فإن ذلك يكفي لكي تُجتَثَّ جذور تمام المذاهب الأربعة، وتظهر حقانيَّة مذهب الشيعة لكل العالم..
      هذا هو البرهان القاطع، هذه الخلافة من جهة، وهذا الخليفة من جهة أخرى وبإقراره، أنه لا اطلاع له على القرآن وأنه ليس مرجعاً في الحلال والحرام، ولا مرجعاً في الأحكام والفرائض.. شأنه هو خزن المال فقط !!

      ختم الكلام هذه الرواية (كنز العمال ج13 ص117):
      أما رجال السند: فهم أولاد عبد الله بن عباس، كلهم أعداء علي وأولاد علي ! وليس في الروايات مثل هذا السند غير هذه الرواية !
      الراوي هو المأمون، عن أبيه هارون، عن أبيه المهدي، عن المنصور الدوانيقي، عن أبيه، عن عبد الله بن عباس، ففي سند هذه الرواية قاتل الإمام الثامن عن قاتل الإمام السابع عن قاتل الإمام السادس، السند مثل هذا السند.. أما المتن:
      حدثني عبد الله ابن عباس قال : سمعت عمر بن الخطاب يقول: كفوا عن ذكر علي ابن أبي طالب فقد رأيت من رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه خصالا لان تكون لي واحدة منهن في آل الخطاب أحب إلي مما طلعت عليه الشمس: كنت أنا وأبو بكر وأبو عبيدة في نفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فانتهيت إلى باب أم سلمة وعلي قائم على الباب فقلنا : أردنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : يخرج إليكم ، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فسرنا إليه فاتكأ على علي بن أبي طالب: هذه الأمور تكشف أسراراً. من اتكأ عليه الذي يتكأ عليه عالم الإمكان، فأي مقام مقامه ؟ للأسف أن أحداً لم يعرف علياً.
      ثم ضرب بيده منكبه ثم قال : إنك مخاصم تخاصم ، أنت أول المؤمنين إيمانا، وأعلمهم بأيام الله: أعلَمُ كل من دخل في دائرة الإيمان بأيام الله، ولأيام الله شرح، وذكرهم بأيام الله، أعلم تمام أهل الإيمان من الأولين والآخرين بأيام الله أنت.

      وأوفاهم بعهده ، وأقسمهم بالسوية: لا أحد أوفى منك بعهد الله، ما كان ولن يكون.. وليس هناك من يقسم مثلك بيت المال بالسوية، ما مضى ولن يأتي.

      وأرأفهم بالرعية وأعظمهم رزية، وأنت عاضدي، وغاسلي، ودافني : مثل هذا يصبح الرابع ؟! ومثل ذاك الجاهل يصبح الأول والثاني ؟! أي عقل ودين توافق هذه المذاهب ؟! ختم الله على قلوبهم، واقعا: طبع الله على قلوبهم، هذا برهان قاطع:

      والمتقدم إلى كل شديدة وكريهة، ولن ترجع بعدي كافرا وأنت تتقدمني بلواء الحمد وتذود عن حوضي: وآخر المطلب:
      في يوم القيامة تكون أمامي ويكون عَلَمي وهو لواء الحمد بيدك يوم القيامة، أنت حامل رايتي في المحشر، وأنت ساقي أمتي في المحشر.

      هنا خُتِمَت المسألة، وهذه الرواية عن المأمون عن هارون عن المهدي عن المنصور الدوانيقي، وهذه السلسلة تصل لعبد الله بن عباس ثم الخليفة الثاني نفسه!
      تلك الجملة في الخلافة، وهذا الحديث في علي بن أبي طالب، برهان قاطع يرشد إلى الحق والباطل.

      والحمد لله رب العالمين

      شعيب العاملي

      تعليق


      • #18
        عمر وجراثيم جهنم !! الوحيد الخراساني

        عمر وجراثيم جهنم !! الوحيد الخراساني

        بسم الله الرحمن الرحيم
        وصل البحث إلى أن مفهوم الخلافة والتعريف الذي التزم به علماء ومتكلموا العامة يلخص في هذه الجملة: النيابة عن النبي ص، وإدارة أمور الأمة من جهتي الدين والدنيا.

        فمن جلس مكان النبي ص يكون نائباً له أولاً، والنيابة وجود تنزيلي للمنوب عنه، وتعريف النيابة من الجهة الفنية هي: وجود المنوب عنه تنزيلاً، فتكون النيابة مفهوماً إضافياً، وتختلف مقامات ودرجات النائب باختلاف المنوب عنه في المقامات والدرجات.

        وخلافة موسى بن عمران ليست قابلة للقياس مع خلافة النبي داوود، فبقدر اختلاف المرتبة بين النبييّن تختلف مرتبة خليفتيهما..
        والنيابة عن خاتم النبيين، وسيّد المرسلين، هي نيابة عن تمام الأنبياء، من آدم إلى عيسى بن مريم.

        فعلى أي حد ومرتبة من العلم ينبغي أن يكون مثل هذا النائب عقلاً وكتاباً وسنة ؟!
        هذه البراهين غير قابلة للجواب..
        إذا كان جهلُ من يصبح خليفة للنبي ص بمثل هذا الحد، فإلى أي حد تطابق هذه الخلافة الموازين العقلية والنقلية ؟

        الصلاة عمود الدين عند كل الفرق، ولا تَأَمُّلَ في كونها أهم كل العبادات عند كل مسلم، لأن الصلاة جوهر الدين، وإقامة الصلاة انعكاس لتمام ملائكة الملأ الأعلى، حيث أن الملائكة منقسمون لأقسام: فقسم منهم قائم أبداً، وقسم منهم قاعد أبداً، وقسم منهم في حال الركوع دائماً، وقسم منهم في حال السجدة دائماً. هذا من جهة الحالات.
        أما من جهة الأعمال: فمنهم مسبحون، عملهم تسبيح الله تعالى، ومنهم مكبرون، عملهم تكبير الله، ومنهم حامدون، عملهم الحمد والثناء، ومنهم أهل التهليل، ذكرهم لا إله إلا الله.

        كل هذه الأذكار والأعمال قد جمعت في الصلاة: القيام، ثم الركوع، ثم السجود، ثم القعود. سبح اسم ربك الأعلى.. سبح باسم ربك العظيم.. التسبيحات الأربعة: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر.
        لو فهم أحدٌ ما هي الصلاة يفهم حينها معنى هذا الحديث: الصلاة معراج المؤمن. بالصلاة يبلغ العبد إلى الدرجة القصوى.

        وفي الصلاة أبواب: الأذان والإقامة، تكبيرة الإحرام، القراءة، الركوع، السجود، مباحث الخلل في الصلاة التي تعدّ من أعظم المباحث، المسائل المربوطة بالشك في الركعات والأفعال والأقوال.
        وينبغي أن يكون خليفة النبي أعلمَ من كل الأمة في كل مسائل الدين بالضرورة، وينبغي أن يكون أكثر اطلاعاً من كل الأمة على أحكام وآداب وخصوصيات الصلاة العبادية.. وقياسات هذه القضايا معها..

        ينقل أعيان علماء العامة هذه القضية: عن ابن عباس أنه قال له عمر يا غلام هل سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم أو من أحد من أصحابه إذا شك الرجل في صلاته ماذا يصنع ؟
        يعلم من هذه الرواية أن ابن عباس كان في سن الشباب، لأنه خاطبه ب: يا غلام.
        وكان خليفة النبي جاهلاً إلى حد أنه لا يعلم أحكام الشك في الصلاة، وكان يسأل عبد الله بن عباس عنها !
        قال فبينا هو كذلك إذ أقبل عبد الرحمن بن عوف فقال فيم أنتما ؟
        فقال عمر: سألت هذا الغلام: هل سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم أو أحد من أصحابه إذا شك الرجل في صلاته ما ذا يصنع ؟
        فقال عبد الرحمن: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدر أواحدة صلى أم ثنتين فليجعلها واحدة، وإذا لم يدر ثنتين صلى أم ثلاثا فليجعلها ثنتين وإذا لم يدر أثلاثا صلى أم أربعا فليجعلها ثلاثا ثم يسجد إذا فرغ من صلاته وهو جالس قبل ان يسلم سجدتين. (مسند أحمد ج1 ص190)

        أي عقل وكتاب وسنة توافق هذه القضية ؟ أن يكون خليفةً للنبي وجاهلاً في أحكام الشك في الصلاة !
        هذا حدّ عمر بن الخطاب.. هكذا أصبح الدين لعبة !

        والحجة البالغة في كلام فحل في الحديث والأدب ومختلف الفنون وهو ابن ابي الحديد المتعزلي، وينبغي على من كان أهلاً التأمل في كلامه..
        متن كلامه:
        وكان عمر يفتي كثيراً بالحكم ثم ينقضه: لا مرة ومرتين، كثيراً.
        هل هذه هي النيابة عن النبي ص وحفظ دين الأمة ؟!

        ويفتى بضده وخلافه: هذا ليس كلامنا، كلام علم أعلام العامة، أن عمر كثيراً ما كان يفتي ثم ينقض الفتوى، ويفتي بضدها في حكم الله !
        قضى في الجد مع الاخوة قضايا كثيرة مختلفة: ففي مسألة واحدة وهي ما لو مات أحد وكان وارثه الاخوة مع الجد، حكم عمر أحكاماً مختلفة كثيرة، فإلى هذا الحد أصبح دين الله ألعوبة؟ هذا ليس كلام أحد علماء الشيعة، بل كلام عَلَمٍ من أعلام الاعتزال، ابن ابي الحديد. والمهم هو أنه بنفسه:
        ثم خاف من الحكم في هذه المسألة فقال: من أراد أن يتقحم جراثيم جهنم فليقل في الجد برأيه .(شرح نهج البلاغة ج1 ص182)

        من الذي تكلم في الجد والأخوة برأيه ؟ أولاً أبو بكر ثم عمر !!
        فباعترافه نفسه كان هو والأول في قعر جهنم !!

        مثل هذا يصبح خليفة النبي ؟
        هل هناك عقل ؟ العقل جوهر !!
        هذا ليس كلامنا.. هذا شرح نهج البلاغة، وهذا كلام ابن ابي الحديد..
        يجلسونهم مكان النبي ص من جهة، ويصبح جليسَ بيته من نقلوا جميعاً أن رسول الله ص قال فيه: عليّ مع القرآن، وعلي مع القرآن، لن يتفرقا حتى يردا علي الحوض.

        ختم الكلام نقل المناوي عن الغزالي(أو الحرالي)، لتكون الحجة تامة على علماء المذاهب الأربعة بحول الله وقوته.
        هذه مرتبة جهل هذين الاثنين: الأول والثاني. وفي المقابل ينقل المناوي عن الغزالي، ومن هو الغزالي ؟ صاحب المستقصى في الأصول، صاحب احياء العلوم في الأخلاق، هذا الرجل إمام الفنون عند الكل.. وهذا اعترافه:
        قال الغزالي:
        قد علم الاولون والآخرون: فهذا المطلب ليس خافياً على أحد، يعرفه الأولون والآخرون.
        أن فهم كتاب الله منحصر إلى علم علي، ومن جهل ذلك فقد ضل عن الباب الذي من ورائه يرفع الله عنه القلوب الحجاب حتى يتحقق اليقين الذي لا يتغير بكشف الغطاء (فيض القدير، شرح الجامع الصغير للمناوي ج3 ص61)

        وهذه الكلمة من الغزالي عجيبة.. فهم كتاب الله منحصر بعلي بن أبي طالب.
        فمن جهة ترون كلام ابن ابي الحديد في عمر.. ومن جهة ترون كلام الغزالي في علي !
        وهناك كلام النبي ص: علي مع القرآن والقرآن مع علي.

        والحمد لله رب العالمين

        شعيب العاملي

        تعليق


        • #19
          حديث يغلق دكاكين أبي حنيفة والشافعي ! الوحيد الخراساني

          حديث يغلق دكاكين أبي حنيفة والشافعي ! الوحيد الخراساني

          بسم الله الرحمن الرحيم

          كان بحثنا في الحديث الصحيح عند الكل: عليّ مع القرآن والقرآن مع علي، لن يتفرقا حتى يردا عَلَيَّ الحوض.
          هذه التوأمة مع الوحي الذي كان تبياناً لكل شيء أهمّ من كل المطالب، لذا اعترف أعلام العامة، واعترف المخالف والمؤالف، أن أعلم الناس بالقرآن علي بن أبي طالب ع.

          وقد نقلنا ذلك عن (الغزالي)، حيث نَقَلَته بعض الكتب عنه، ولكن بعض الكتب نقلته عن (الحرالي) وهو ليس أقل من الغزالي، وشهادة كل واحد منهما دليل قاطع على هذا الأمر.
          أما مقام الحرالي العلمي (عندهم) فهذا حدّه: الحَرَالِّيُّ أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بنُ أَحْمَدَ بنِ حَسَنٍ التُّجِيْبِيُّ الأَنْدَلُسِيُّ.. مفسر، من علماء المغرب... ما من علم إلاَّ له فيه تصنيف. أصله من «حرَالَّة» من أعمال «مُرْسِيةَ». ولد ونشأ في مراكش.. وَسَكَنَ حَمَاةَ.. من كتبه «مفتاح الباب المقفل لفهم القرآن المنزل (وهذا الكتاب من أعظم الكتب)
          قال ابن حجر: جعله قوانين كقوانين أصول الفقه..
          وقال المقري: صنف في كثير من الفنون كالأصول والمنطق والطبيعيات والإلهيات.
          وقال الذهبي: ...تكلَّمَ فِي علم الحروف والأعداد وزَعَم أَنَّهُ استخرجَ علمَ وقتِ خروج الدَّجَّال، ووقتِ طلوعِ الشمس من مَغْربها...

          الخلاصة أن هذا الشخص إن لم يكن فوق الغزالي، فإنه ليس دونه، ومتن كلامه: أن علياً أعلم من الجميع بالقرآن بشهادة المؤالف والمخالف.
          وشهادة صاحب كتاب (مفتاح الباب المقفل في باب القرآن المنزل) بالنسبة لأمير المؤمنين ع مطلب يُعجِز أعاظم علماء العامة.
          وقد وردت هذه الكلمة في ذيل هذا الحديث، والتعرض لهذا الحديث ضروري، أما شرحه فيأتي في وقته إن شاء الله.

          أنا مدينة العلم وعليّ بابها: الغزالي او الحراني، إذا قالوا هذه الجملة في علم علي ، فإنها ذرة من تلك الشمس.. حيث قال فيه (عقل الكل وكل العقل، علم الكل وكل العلم) وباعتراف أعيان العامة: أنا مدينة العلم وعليّ بابها، فمن أراد العلم فليأتِ الباب.

          يقول المناوي وهو المحقق السني ذو الشأن الرفيع عندهم (في فيض القدير ج3 ص61): فإن المصطفى صلى الله عليه وسلم المدينة الجامعة لمعاني الديانات كلها ولا بد للمدينة من باب: هذا كلام من يعبر عنه عند العامة بأنه من أعلام الأمة، في فيض القدير.

          فأخبر أن بابها هو علي كرم الله وجهه فمن أخذ طريقه دخل المدينة ومن أخطأه أخطأ طريق الهدى: هذه المطالب حجة بالغة واقعاً، اعتراف مثل هذه الشخصية أن أي أحدٍ ودون استثناء يدخل باب عليٍّ ينال الهداية، وكل من لم يدخل من هذا الباب يصبح من أهل الضلال.. هذه ليست كلمات الكليني والشيخ الطوسي..

          وقد شهد له بالأعلمية الموافق والمخالف والمعادي والمحالف، خرّج الكلاباذي أن رجلا سأل معاوية عن مسألة فقال: سل عليا هو أعلم مني: فهذا اعتراف معاوية بن ابي سفيان أعدى أعداء علي.

          فقال: أريد جوابك.
          قال: ويحك كرهت رجلا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعزه بالعلم عزا وقد كان أكابر الصحب يعترفون له بذلك وكان عمر يسأله عما أشكل عليه، جاءه رجل فسأله فقال : ههنا علي فاسأله.
          فقال: أريد أسمع منك يا أمير المؤمنين.
          قال: فلا أقام الله رجليك ومحى اسمه من الديوان
          : وهذا اعتراف معاوية واعتراف الثاني.
          وصح عنه من طرق أنه كان يتعوذ من قوم ليس هو فيهم حتى أمسكه عنده..: إلى أي حد ظُلِمَ هذا المذهب ؟ مع هذه البراهين القاطعة !

          وأخرج الحافظ عبد الملك بن سليمان قال: ذكر لعطاء أكان أحد من الصحب أفقه من علي ؟ قال: لا والله.

          قال الحرالي: قد علم الأولون والآخرون أن فهم كتاب الله منحصر إلى علم علي ومن جهل ذلك فقد ضل عن الباب الذي من ورائه يرفع الله عنه القلوب الحجاب حتى يتحقق اليقين الذي لا يتغير بكشف الغطاء..
          هذا الحديث وبهذه الخصوصيات أعجز كل أعلام العامة..

          لكن الأشخاص المتعصبين أرادوا إسقاط الحديث بأي قيمة، فشرع عدة منهم بالدغدغة في صحة الحديث، ولأنهم عجزوا قالوا أنه حسن ! لأن هذه القضية إن تمت فإن دكاكين أبي حنفية والشافعي وأحمد بن حنبل ومالك ستغلق! وسيشطب بقلم البطلان على أبي بكر وعمر وعثمان !

          وكلما طرقوا باباً لم تحل لهم المشكلة.. وقد قال الزركشي: الحديث ينتهي إلى درجة الحسن المحتج به ولا يكون ضعيفا فضلا عن كونه موضوعا، وفي لسان الميزان: هذا الحديث له طرق كثيرة في المستدرك أقل أحوالها أن يكون للحديث أصل فلا ينبغي إطلاق القول عليه بالوضع..: فإن طرقه وصلت إلى حد من الكثرة.. فما الذي يمكن فعله ؟

          ورواه الخطيب في التاريخ باللفظ المزبور من حديث ابن معاوية عن الأعمش عن مجاهد عن ابن عباس ثم قال: قال القاسم: سألت ابن معين عنه فقال: هو صحيح: وابن معين علم أعلام الرجال، وكلامه ناسخ لكل كلام.

          قال الخطيب: قلت أراد أنه صحيح من حديث أبي معاوية وليس بباطل إذ رواه غير واحد عنه وأفتى بحسنه ابن حجر وتبعه البخاري فقال: هو حديث حسن .

          والنتيجة أن هذا الحديث حجة عند كل العامة، وإن شاء الله سنبحث مفصلاً في سنده عندما يأتي وقته.

          ونتيجة البحث: أن أعلام هذه الأمة قالوا: علي هو الأعلم.
          والنبي الخاتم ص قال: أنا مدينة العلم وعلي بابها.
          هذه الصغرى.
          أما الكبرى: فمن القرآن: ﴿قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ﴾ [الزمر : 9]
          نص القرآن يدل على أن العالم لا يستوي مع غير العالم أبداً، فما هي النتيجة؟

          النتيجة: أن طريق أحقيّة مذهب الشيعة ثابت بنص القرآن، وبطلان المذاهب الأربعة ثابت بحكم القرآن..
          نص القرآن: ﴿ أَفَمَن يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ أَمَّن لاَّ يَهِدِّيَ إِلاَّ أَن يُهْدَى﴾ [يونس : 35]

          كلكم تعترفون أن عمر لم يُهدى في المعضلات، إلا عندما أخذ بيد
          علي! كلكم تعتقدون بذلك.. وقد نَصَّ القرآن أن من يهدي هو الذي يليق بالإمامة دون الذي يكون محتاجاً لهادٍ يهديه !

          والحمد لله رب العالمين

          شعيب العاملي

          تعليق


          • #20
            خليفة النبي ولا يعرف حدود الله ؟! الوحيد الخراساني

            خليفة النبي ولا يعرف حدود الله ؟! الوحيد الخراساني

            بسم الله الرحمن الرحيم

            كان البحث في الحديث الصحيح: علي مع القرآن والقرآن مع علي، لن يتفرقا حتى يردا علي الحوض.

            إحدى الوظائف الصعبة التي يُعهَدُ بها لخليفة النبي ص وإمامِ الأمة هي إجراء الحدود والتعزيرات، وهي إحدى أهم كتب ومباحث الفقه عند العامة والخاصة.
            وإجراء الحدود بيد من إليه الحكم، فينبغي على من صار حاكماً للأمة أن يكون مُطَبِّقاً لهذه الحدود، لأن الحدود الشرعية تُصلِح الفرد والمجتمع، فهي مؤثرة في الدنيا وفي رفع العقاب في العقبى.

            ولا شك أنه ينبغي حفظ حقوق الناس في الأعراض والأموال، وضمان حفظ الحقوق في دين الله وإجراء تلك القواعد يتم على يد نائب وخليفة النبي ص.

            إذا أصيب موضع في الجسم فإنه يترك أثران: أحدهما في موضع الغدة المصابة، والثاني في تمام البدن ما لم تعالج، فإن النقطة الفاسدة تفسد سائر الأعضاء شاء صاحبها أم أبى.
            لذا فإن علاج تلك القرحة واجب حفظاً لنفس العضو المصاب، ولبقية الأعضاء لارتباطها به.
            والفرد بالنسبة للمجتمع عضو، فلو وجدت آفة في هذا العضو، ينبغي على حاكم المسلمين إجراء حدّ الله تعالى والتعزير الشرعي عليه، صلاحاً للعضو والمجتمع.

            ينقل البيهقي في السنن الكبرى (ج8 ص274) القضية التالية، ومنها يعرف معنى الحديث (علي مع القرآن والقرآن مع علي):
            أُتِيَ عمر بن الخطاب رضي الله عنه برجل اقطع اليد والرجل قد سرق، فأمر به عمر رضي الله عنه ان يقطع رجله، فقال علي رضي الله عنه: إنما قال الله عز وجل (إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله) إلى آخر الآية
            ونص الآية: ﴿إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ * إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ مِن قَبْلِ أَن تَقْدِرُواْ عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴾ [المائدة : 33-34]

            فإن تاب المحاربون قبل الوصول للحاكم والقدرة عليهم يعفى عنهم بعد تلك التوبة، أما إن لم يتوبوا قبل ذلك فجزاؤهم على ثلاث صور: ﴿أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ﴾

            فأفهمه عليه السلام بهذه الآية أن الحكم إذا كان هكذا في المحارب، فإن الوظيفة في السارق قطعاً هي حفظ قدمه الأخرى.
            لماذا ؟ لأن أثر الحدود يتم في وقتٍ يجري فيه الحد مع الرحمة الرحمانية الإلهية، ومع كون خاتم الأنبياء رحمة للعالمين، ينبغي أن يكون الحد موافقاً لهذين الأمرين، ثم قال عليه السلام:
            فقد قطعت يد هذا ورجله فلا ينبغي ان تقطع رجله فتدعه ليس له قائمة يمشى عليها: فينبغي أن يكون الحد بنحو يكون فيه رحمة للمحدود نفسه كما للأمة، ولقطع القدم أثر في الوضوء والصلاة، ومشي الشخص وحركته لمعاشه وحياته، فكم يؤثر ذلك على الاحكام الإلهية والأعمال الشخصية ؟ ثم استدل عليه السلام بالكتاب وبحكم العقل وبالرحمة الرحمانية لله تعالى، وبعثة خاتم الأنبياء رحمة للعالمين. ثم قال عليه السلام:

            اما ان تعزره واما ان تستودعه السجن: لا أن تقطع قدمه.
            قال: فاستودعه السجن.

            نتيجة البحث: أن البيهقي نفسه وتمام متكلمي العامة متفقون أن إجراء الحدود من أعظم وظائف الخليفة، هذا من جهة.
            ومن جهة أخرى قالوا بخلافة من لم يفهم القرآن ولا فلسفة الحد وحكمة تشريع الحدود في إقامة حد السرقة !!
            ومن جهة ثالثة ينقلون صراحةً أن مُبَيِّن حكم الله تعالى وسرّ الحدود هو عليّ بن أبي طالب ع !

            فكيف يُجمَع بين هذه الأمور ؟!
            الإعجاز هنا: أن هؤلاء أنفسهم يصرحون أن النبي ص يقول: علي مع القرآن والقرآن مع علي، وأنهما لن يتفرقا أبداً حتى يردا عليه الحوض، ومن ثم يذكرون هذه القضايا، ويقولون أننا أتباع القرآن، ونص القرآن ﴿أَفَمَن يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ أَمَّن لاَّ يَهِدِّيَ إِلاَّ أَن يُهْدَى

            اثنان واثنان أربعة: بنص سنن البيهقي يثبت بطلان خلافة الخليفة الثاني، وتظهر أحقية المذهب الشيعي كالشمس في رابعة النهار..
            هذا هو الإعجاز، أن النبي ص يقول تلك الجملة ثم يثبتها مثل هؤلاء!

            فقه الحديث
            أما فقه الحديث: علي مع القرآن والقرآن مع علي.
            فإن الإضافة على قسمين: تارة تكون مختلفة الأطراف، مثل إضافة الفوقية والتحتية، الأبوة والبنوة.
            وتارة تكون متشابهة الأطراف.
            ينبغي على علماء الفن الدقة في فقه الحديث.

            والمعيّة من القسم الثاني، فإن الإضافة قائمة بالطرفين، وهي متفقة الأطراف، وخاصية هذا القسم من الإضافة هي أنه لو ذكر طرف في الكلام فإن ذلك يغني عن ذكر الطرف الآخر، هذه خاصية هذا القسم من الجهة العلمية.

            إذا قلتَ: زيد مع عمرو، فكونه مع عمرو معيَّة، ولا يلزم أن تقول مجدداً: عمرو مع زيد، لأن الجملة الأولى تبيّن بالدلالة المطابقية أن زيداً مع عمرو، وتبيّن بالدلالة الالتزامية أن عمرو مع زيد.

            عقل الكل (النبي الخاتم ص) في هذا الحديث يثير الحيرة، قال أولاً: علي مع القرآن، فأتى بالمعية، والإضافة متشابهة الأطراف، ومع تمامية دلالتها المطابقية والالتزامية قال أيضاً: والقرآن مع علي.

            القرآن أيضاً مع علي بن أبي طالب.. فما السر في ذلك ؟
            التأمل في هذه الروايات يفتح أبواباً للعلماء والفقهاء..
            قام بعملين: الدلالة المطابقية أولاً في: علي مع القرآن، والالتزامية بالتبع.
            وأما في (القرآن مع علي): فجعل الدلالة الالتزامية في الجملة الأولى مطابقية هنا، والمطابقية التزامية هنا.
            لماذا ؟

            سرّه: علي في الطرفين، الأول علي، والآخر علي، وفي الوسط القرآن، فيصبح القرآن قلباً محاطاً، وعلي يصبح محيطاً.

            درك الرواية هكذا: علي مع القرآن، والقرآن مع علي.
            القرآن في الوسط، وعلي أولاً وآخراً.
            علي محيط، والقرآن محاط.
            شرح هذا المطلب محيّر.. ويأتي ان شاء الله.

            والحمد لله رب العالمين

            شعيب العاملي
            التعديل الأخير تم بواسطة شعيب العاملي; الساعة 01-07-2017, 05:44 PM.

            تعليق

            المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
            حفظ-تلقائي
            x

            رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

            صورة التسجيل تحديث الصورة

            اقرأ في منتديات يا حسين

            تقليص

            لا توجد نتائج تلبي هذه المعايير.

            يعمل...
            X