إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

عِزّتْ عبّاسْ مِزْهِرْ

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • عِزّتْ عبّاسْ مِزْهِرْ

    عِزّتْ عبّاسْ مِزْهِرْ

    بقلم: حسين أحمد سليم


    باقٍ فنّا وإبداعا وإن رحل, وتبقى أعماله التّشكيليّة خالدة, شاهدا له كعملاق الرّسموالنّحت في ربى لبنان الأشمّ...
    هناك, قاب قوسين أو أدنى, جنوبي مدينة التّاريخ الشّرائعيّة, عند إمتدادات شاطيءالحبّ والعشق, المستدام التّنامي, حيث عناق الموج الحاني الإنسيابات لطافة, العاشققدرا للرّمال والصخّور المعشوقة, العاشقة لرذاذات المياه الجامحة الإشتياق...
    هناك, غربي نهايات سهول أشجار الليمون والموز, وبساتين النّعنع والخسّ والفجلوالجزر, المتشاغفة صباحا لدفء سيّالات أشعّة الشّمس, الآتية من خلف التّلالالشّرقيّة, لبلدة الجمال وأرض الطّيب, حارة النّاعمة, المتوجّدة غروبا لوداعالخيوط الذّهبيّة, والشّمس مرتحلة خلف أفق المياه السّاكنة على إمتدادات البحرالخاشع لعظمة الله في بدائع صنعه...
    هناك, إهتزّت أرض الله بثراها, وإنفلقت من جوف طينتها, بتلات الفنون والجمال,تتماهى فوق ترابها, بعبق الضّوع وشذي الطّيب, تتناجى مع أزهار الليمون والموزواللوز والورود وسندس الخضار, لتتعاشق وتتحابب على إيقاعات موسقات وزقزقات,الحمائم واليمائم والعصافير, وتتناشى بين خفقات أجنحة الفراشات والأطيار, وسراباتالسّنونو وخفافيش الليل, ومجموعات النّحل والطّيور المهاجرة في رحاب الفضاءات...
    هناك, بين مشهديّات الطّبيعة السّاحرة, وفي أحضان السّهول الخضراء, وتحت ظلالالأشجار الوارفة, وعند جنبات الورود والأزهار البرّيّة, وعرصات مساكب الأعشابوالخضار, وعلى مقربة من التّلال الشّرقيّة الشّمّاء العنفوان لحارة النّاعمة...
    هناك, إقترن الحبّ بالعشق, وتكامل الحبّ بالجمال, وتماذج العشق بالإبداع, وتعافقتالألفة عزّة وعنفوانا بضوع طيب الأزهار, وتداخلت ببعضها البعض أسرار القوّةوتزاوجت عبّاسيّةً أسديّة تهابها الأسود, فتفتّق جرأة في حقيقة بوح, فتبارك رحمالكرم والعطاء, مودّة ورحمة من لدن الله, فأنجب قدرا للفنّ التّشكيليّ, رسماونحتا, علما من أعلام الوطن, الخفّاقة في العلا, فوق القنن وقمم الإبداع والخلقوالإبتكار, عِزّتْ عبّاسْ مِزْهِرْ...
    بين المهد واللحد, عِزّتْ عبّاس مِزْهِرْ, تجاوز السّتّون بالعمر المديد, كان منذالبدء, مباركا بالتّمييز والتّوصيف والسّمات, مشحونا بقداسة الحبّ وطهارة العشق,مكتنزا بالعزّة النّفسيّة والألفة الإنسانيّة والعنفوان الوجدانيّ, مورقا بأفكارالنّماء والإستدامة, مزهرا بتشكيلات الفنون الهادفة رسما ونحتا, كريما في البذلوالعطاء من أجل الوجود والحياة والوطن والإستمرار, موهوبا نبيها مبدعا في عناصرالتّشكيل ورؤى الفنّ وإلهامات الإبتكار, قادرا ذاتيّا على تطويع الأشياء لأجلالرّؤى الأبعد للغد الآتْ, متفوّقا في حركة فعل التّكوين, تحدوه الآمال المرتجاة,الّتي تتفاخر بعنفوان وكبرياء, قد أذن لها الله أن تتحقّق وتتجلّى على يد عِزّتْعبّاسْ مِزْهِرْ...
    منذ البدء, في جغرافيّة المكان وتاريخ الزّمان, في رحاب بلدته حارة النّاعمة,إستطاع العِزّتْ العبّاسْ المِزْهِرْ, المرهف الحِسِّ, المستبصر البعد الآخر فيكينونة الأشياء, إستطاع إكتشاف أسرار وبواطن الجمال في معالم عناصر مشهديّاتالطّبيعة, الّتي رفلت كثيرا لها عيناه, والّتي حرّضته طويلا لسبر أغوارهاوخفاياها, فوظّف نباهته لوضع الأمور في صحيح نصابها, فحاكاه الأمل المأمول فيالبعد الزّمنيّ, وناجاه الهدف المرتجى في الأفق الوجدانيّ الممتد, فرسم سيّالا منالخيط الفضّيّ, يمتدّ بين الأمس والحاضر والغد, عليه راح يعزف ترانيم فنون الرّسم,بقلم الرّصاص حينا وشعيرات الرّيشة وأطياف الألوان أحيانا, في تهجّدات وصلواتومناجاة, مشكّلا أبدع نصوص القصائد البصريّة اللونيّة, ليقيم صلواته الخمس على وقعزغردات وموسقات المطرقة والإزميل والحجر, ناظما قريضه الشّاعريّ والشّعريّ الأصيلفي بنى كينونات النّحت وصقل الحجر, وفق أسلبة أكّاديميّات فلسفة الفنّ والجمال,وعلى أوزان بحور تموّجات النّور والظّلّ, ومراعات جوازات هندسيّات الكتلة والفراغ,وأسس مقاييس الخلق والإبداع والإبتكار, ورؤى تراثيّات موروثات ومآثر التّاريخلإيجاد مكّونات معالم ثقافة الحضارة...
    عِزّت عبّاسْ مِزْهِرْ, مهندس الدّيكور والرّسّام وّالنّحّات, الّذي تجاوز المكانالجغرافيّ حيث حليت له الإقامة, والّذي تخطّى محدوديّة الزّمان الّذي عاش فيرحابه, إنعتق من كلّ القيود المكانيّة والزّمانيّة, وتحرّر في رؤى البعدين الفنّيوالتّشكيلي, ليرسم آفاق الغد الّتي شاء يفتحها في حركة فعل الحداثة, والّتي جسّدهافي تشكيلاته الفنّيّة رسما ونحتا... بحيث كان يدرك المدى التّشكيلي لصياغة العملالإبداعي, وصولا به إلى حيث الإنسجام الهارموني بالتّماذج بين معالم الشكل وتعابيرالمضمون التّرميزيّة, لرفد القيم الجماليّة, بالتّرقّي العروجي صعدا للعلا,وتكاملا متوازنا بين حركة البصر وإستبصار البصيرة, وإستشعار الحدس وتفقّه العقلبالفكر, في حركة إجراءات تجسيد الحلم الورديّ بحركة الإحساس الفعليّ... فكانتإبداعات عِزّتْ عبّاسْ مِزْهِرْ, قفزة نوعيّة حضاريّة ثقافيّة فنّيّة تشكيليّة,أناشيد نصّيّة بصريّة ملموسة, تعكس حاجة وضرورة تعبيريّة لأنسنة الأنسنة, وقيامةمعظمة صروح الحضارة المرتجاة...
    صعوبة عناد أسرار عناصر الطّبيعة الصّمّاء, من صخور وحجارة ورخام, تحوّلت مطواعةأمام ثبات عناد, عِزّتْ عبّاسْ مِزْهِرْ, الفنّان التّشكيليّ رسما ونحتا, النّابضبالتّجارب الكثيرة والخبرات العديدة, فغدت شيئا إبداعيّا جماليّا آخر, يتشكّلبولادة قيصريّة, بين أنامل مكتظّة بالدّماء الحارّة الدّفء, وإمساك راحة القبضةالقويّة, وتجاوب رعود ضربات المطرقة الجريئة, القارعة حذما وبأسا على رأس الإزميلالمطواع, العنيد في حركة فعل النّقر المتواصل في بنى الحجر الأصمّ, لتتوامض البروقشررا من شظايا الصّخر, فتولد بين يديّ عِزّتْ عبّاسْ مِزْهِرْ, المشهديّاتالنّابضة بمسحات الفنّ وجماليات التّشكيل, تتماهى صمتا قدريّا بالحركةالتّعبيريّة, كلاسّيكيّا وإنطباعيّا وتجريديّا وتكعيبيّا وسورياليّا وحداثة, تنقلالمتلقّي على صهوات التّفكّر الأعمق, بعقل مقلبن الرّأي وقلب معقلن التّشاغف,ترميزا إصطلاحيّا آخر لأسرار تنغلق على أسرار, تحمل من ترفل عينه للفنّ والخلقوالإبداع, ومضا على ومض, لترود به عوالم فنّيّة تشكيليّة رسما ونحتا, مستحدثةالبنى والكيان من الأصل الّذي كان, متناسقة متآلفة أكّاديميّة الأسلبة, كانت وتبقىوستبقى, تتماهى رفعة وإبداعا في المكان والزّمان, بمسحات من السّحر والجمال, ترويللأيّام وتحكي للأجيال, ماضيا وحاضرا ومستقبلا, سيرة الفنّان الرّاحل الّذي تعملقعنفوانا وعنادا وكبرياء فنّيّا وتشكيليّا, فخضعت له صعاب الأشياء, ولانت عندهعناصر العناد, راسما له بين حنان الأمومة ورعاية الأبوّة وركون القرينة السّمرالعطايا, شخصيّة عملاق الرّسم والنّحت في المكان والزّمان, عِزّتْ عبّاسْمِزْهِرْ...
    بعض البوح الّذي به ضقتُ كتمانا به, لأخي وصديقي العِزّتْ العبّاسْ المِزْهِرْ,كان جرأة في بعض الومض النّورانيّ من قبسات من أضواء إستناريّة, وكان بعضالتّسابيح في الحبّ والتّهجّدات في العشق, لإبن حارة النّاعمة اللبنانيّة, والّتيتفخر بإبنها العملاق الفنّان التّشكيلي, مهندس الدّيكور والرّسّام والنّحّات,الّذي شكّل وخلق أعماله الإبداعيّة, سعيا إلى توظيف نتاجاته المميّزة, بهدفالتّعبير عن وفائه وإخلاصه لبيئته ومجتمعه ووطنه وقضايا الإنسانيّة جمعاء, فيمشارق الأرض ومغاربها, بإشعاعات خيوط فضّيّة متلألئة, وأنسام سيّالات ذهبيّةوضّاءة, إنبثقت وتنبثق وتبقى تنبثق وستبقى تنبثق من قلب حارة النّاعمة إلى لبنانوالعالم...



المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
x

رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

صورة التسجيل تحديث الصورة

اقرأ في منتديات يا حسين

تقليص

لا توجد نتائج تلبي هذه المعايير.

يعمل...
X