المشكلاتوالإنحرافات
مع بروز الغريزةالجنسية ، تتولد لدى الشخص ميول ودوافع جديدة تسبب له مشاكل وصعوبات عديدة فيالتكيف معها في ظل الأعراف والقيم الإجتماعية والأخلاقية التي تحول دون إشباعرغباته الطافحة كيف ما شاء . وبعبارة أخرى ، تنطوي هذه المرحلة من العمر على صعوباتومتاعب عديدة للفتيات ولأولياء الأمور معا ، وذلك لأن الفتيات يجدن صعوبة في ملاءمةأنفسهن مع الحالة الجديدة من جهة ، ويعيش أولياء الأمور قلقا دائما ومشروعا علىفتياتهم ويتوجب عليهم التعامل مع الحالة بحساسية متزايدة لئلا تلحق ضررا ببناتهم منمن جهة أخرى.
مرحلةمتأزمة
إن مرحلة البلوغالجنسي هي مرحلة متأزمة في حياة الفتاة حيث تبرز فيها مختلف الميول والرغباتوالإنفعالات العاطفية والنفسية الحادة التي تبحث لها عن متنفس الأمر الذي قد يدفعهاالى الجنوح والإنحراف عن جادة الصواب ، والتسبب بالتالي بمشاكل عويصة لها ولأسرتها.
وقد لاحظنا فيما مر من البحث ، كيف تتغير أحوال الفتاةفي مرحلة البلوغ الجنسي ، وتستولي على كيانها مختلف الأفكار الخيالية والدوافعالعاطفية التي تفقدها توازنها النفسي . وتنعكس آثارها بوضوح على مزاجها وسلوكها فيالسرة والمجتمع . ونعود ونؤكد هنا أيضا ضرورة أن يهتم اولياء الأمور والمربينبرعاية وإرشاد ومساعدة الفتاة خلال هذه الفترة بشكل خاص . وذلك من أجل أن تتمكن منإجتياز الحالة بنجاح وبأقل ما يمكن من الأضرار.
أزمةالغريزة
قلنا إن الدوافعالغريزية تتجلى في مرحلة البلوغ الجنسي بشكل أوضح ، فقد تبلغ من الشدة حدا تؤزمأحوال الفتاة وتقع فريسة لمشاعر عاطفية حادة لا تدري كيف ترضيها . وإن أخطر مايواجه الفتاة في هذا المجال هو ما يتصل بكيفية إرضاء الدوافع الجنسية الطافحة لديها، فهي تميل ميلا شديدا للزواج والإتصال بالجنس الآخر ، لكنها لا تجد سبيلا لذلك ،وتراودها أفكار في الإستجابة لميولها بالطرق غير الشرعية لكن حياؤها وعفافها يحولانبينها وبين الإندفاع بهذا الإتجاه . ولعل من أسباب حث الإمام الباقر عليه السلامعلى ضرورة تزويج الفتاة مبكرا بقوله «من سعادة المرء أن لا تطمث إبنته فيبيته»(1)هو الوقاية من أضرار فوران الغريزةالجنسية.
الإنحرافالغريزي
من الممكن أن تساهمالدوافع الشهوية لدى الفتيات في سني البلوغ على إعداد الأرضية لبعض الإنحرافاتالجنسية . وقد يلجأ أعضاء هذه الفئة أو بعضهم الى ممارسة العادة السرية من أجلالتخفيف من حدة إنفعالات الغريزة .
وبطبيعة الحال ، فإننسبة هذه الحالة لدى الأناث أقل بكثير قياسا مع الذكور . وبحسب التحقيقات التيأجراها كينز ، يباغ هذا النوع من الإنحراف أعلى درجاته في سن 13 ـ 15 ، ويخف أويزول في السنوات اللاحقة في حال العمل على ضبطه ومكافحته.
وتعود أسباب هذا النوع من الإنحراف الى عوامل نفسية تنعكس آثارهاعلى الجسم في المراحل اللاحقة ، وتنطوي على أضرار وأخطاء كثيرة على
(1) مكارم الخلاق ، الجزء الثاني.
سلوك وشخصية الفرد . وقد لوحظ في بعضالحالات أن الفتاة تركت هذه الحالة وإنصرفت عن تكرارها لمدة طويلة بعد أول تجربةلها معها . وذلك لشعورها بالذنب وخوفها مما قد يترتب عليها من عواقب وخيمة .
ومن حسن الطالع ، فإن الكثير من الفتيات، ولعواملعديدةيجنبن الإنجراف وراء هذا النوع من الأنحراف ، وإن الرقم النسبي لهذه الحالة فيأوساط فئة الأناث لدى أولئك اللاتي يعانين من الإضطراب ويتسمن بالإنطوائية والخجلوالإنزوائية في المجتمع.
لقد جاء في بعض الرواياتالإسلامية إن الشهوة الجنسية لدى النمساء اشد مما لدى الرجال بأضعاف مضاعفة ، ومنهاما ورد عن الإمام الصادق عليه السلام قوله : «إن الله تبارك وتعالى جعل الشهوة عشرةأجزاء تسعة منها في النساء وواحدة في الرجال ولولا ما جعل الله عز وجل فيهن منالحياء على قدر أجزاء الشهوة لكان لكل بجل تسع نسوة متعلقات به»(1). ويعود سبب قلة ظهور هذه الحالة لدى النساء ،كما تشير الرواية المذكورة ، نسبتا الى الرجال لعامل الخجل والحياء المضاعف لديهن.
الميل الىالجنس المماثل
من الممكن أن تصطبغعلاقات الفتيات العاطفية بزميلاتهن وقريناتهن في السن بصبغة جنسية في مرحلة البلوغالجنسي ، بمعنى أن يبدين ميلا من نوع آخر تجاه الجنس المماثل لهن ويحاولن بناءعلاقات عاطفية مشوبة بدوافع جنسية مع أعضائه خصوصا تجاه أولئك اللاتي يتميزن بنوعمن الجذابية
(1) كتاب الخصال ، ج 2 ، ص 438 .
والجمال العضوي أو يتسمن من الناحيةالعاطفية والأخلاقية ، بالتفاعل الإيجابي مع مثل هذه المشاعر العاطفية تجاههن.
وبطبيعة الحال ، فإن مثل هذا الميل العاطفي لدى الفتاةفي هذه السن ينطلق في بداية الأمر من دوافع برئة خالية من أي شائبة أو إثارة جنسية، ويتسم بالرومانسية والخلوص والمثالية العالية ، لكنه في مراحل لاحقة يكتسب صبغةجنسية بشكل لا إرادي وفي غفلة عن الفتاة.
خطر العلاقاتالمنحرفة
من شأن حدة وشدةالغريزة الجنسية في مرحلة البلوغ أن تدفع الفتيات ، في عبض الحالات ، غلى أإنجراروراء رغباتهن وميولهن العاطفية في علاقاتهن بشكل متطرف ودون التفكير بعواقب الأمور، وبالتالي تعريض أنفسهن لمخاطر ومتاعب غير قليلة ، الأمر الذي يتطلب من أولياءالأمور التعامل معه بحساسية متزايدة من أجل الحؤول دون ما يمكن أن يترتب عليه نعلاقات منحرفة ذات عواقب غير سارة.
إن الغريزة الجنسيةلدى الفتاة هي كالنار تحت الرماد ، يزول الرمادالمتراكم فوقها في مرحلة البلوغالجنسي ، فتفقد ويتصاعد منها اللهب وتمتد السنته بكل الإتجاهات . وعندما تهيجحرارتها المشاعر والميول الغريزية الجنسية ، تضعف معامل العقل والمنطق أمام طغيانها، وتتراجع طاقة المقاومة أمام نوازعها العاصفة .
ومن هنا، فإن السبيل الأمثل لضبط نوازع العواطف الجنسية والحؤول دون إنفلاتها من عقالالسيطرة والمنطق هو الإبتعاد وقدر الإمكان عن أجواء الإثارة والإيحاءات المهيجة ،ومبادرة أولياء الأمور الى مساعدة الفتاة على
تجاوز أخطارها ومضارها من خلال توجيههاوغشعالها بمختلف الفعاليات الفكرية والنشاطات المهنية والرياضية.
مشكلاتالفتيات
تواجه الفتيات فيهذه السن مشكلات وصعوبات عديدة ، يتطلب التعامل مع كل منها وعلاجها إبداء المزيدمنالإهتمام والتأمل الفكري تجاهها . ولما كان المجال لا يتسع هنا لتناول كل هذهالمسائل بالتفصيل ، فإننا سنكتفي بإشارات مختصرة لأهمها كما يلي :
1 ـ المشكلات العضوية ، كحب الشباب ، ونشاز الهئة ، وقصر القامةأو طولها كثيرا ، وتأخر البلوغ أو تقدمه عن موعده المعتاد ، والأرق والسهاد أوالإضطراب في النوم ،والشعور بقباحة الشكل ، والشعور بالتعب والإجهاد دون ما سبب ،والأمراض الخاصة بهذه السن و ...
2 ـ المشكلات العاطفية، كالخجل ، والتعلق بشخص ما والعجز عن التصريح بذلك ، والخوف والإضطراب ،والهيجانات الحادة ، والإختلالات العاطفية ، والنرجسية ، والغضب المفرط ، والحبالغامض و ...
3 ـ المشكلات النفسية ، كالشعور بالحقارة ،والشعور بالتفاهة وفقدان الكفاءة ، والحقد والضيق بظروف الحياة السائدة ،والإختلالات النفسية ، والأمراض النفسية في بعض الحالات ، وتضارب الميل والرغبة بينحياة الطفولة أو الكبار و ...
4 ـ المشكلات الإجتماعية ،كالبطالة ، وصعوبة التعامل مع المتطلبات الإجتماعية ، وعدم الإنسجام مع الأسرة ،والعجز عن إنتخاب الصداقات والزمالات ، وتصعب الإنسجام والتالف مع الآخرين و ...
5 ـ المشكلات السلوكية ، كالتصرفات الساذجة ، وعدمالإنسجام مع
الوسط المحيط ، والميل الى إستعراض الذاتوالخجل من ذلك والعجز عن ضبط السلوك والتصرفات ، والإندفاع الى التجرء على الكبارفي بعض الحالات والشعور بالندم وتأنيب الضمير فيما بعد .
6 ـ المشكلات الشخصية ، كالميل الى الإستقلال والحرية ، والرغبة بالإختلاء بالنفسوتعذر ذلك ، والشعور بالضياع وبتفاهة الحياة ، وحتى شعور الفتاة بالنقمة والإنزعاجمن كونها أنثى في بعض الحالات.
7 ـ المشكلات الدينية ،كالشك والشبهة حول المسائل الإعتقادية والعجز عن فهم قضايا نم قبيل الجبر والتفويض، والقضاء والقدر ، والمعاد ، والعقاب والثواب ، والخوف من الموت و ...
8 ـ ,اخيرا المشكلات الإقتصادية ، والثقافية ، والسياسية ،والتفكير بالمستقبل الشخصي ، وبمستقبل الأهل والأقارب والأعزاء و ...
إن أغلب المشاكل التي تتعرض لها الفتيات في هذه السن تنشأ عنتأثيرات القاءات البيئة الإجتماعية التي يعشن فيها ولطبيعة الأجواء السائدة فيالأسرة دور هام في هذا المجال . ويمكن الإشارة الى حالات التساهل أو التشدد المفرطمع الفتيات في المسائل التربوية بإعتبارها أساليب خاطئة تساهم في خلق مختلف أنواعالمشاكل لأعضاء هذه الفئة .
فمثلما يمكن أن يكون رد فعلالفتاة على أساليب القهر والتشدد ن قبل أولياء الأمور هو العمل بأوامرهم بشكل اليوفقدان الإعتماد على الذات في تسيير شؤونها الى الأبد أو التمرد والعصيان والتصرفكما يحلو لها وعدم الإكتراث لتوجيهات الأبوين ، فإن من شأن التساهل معها وتدليلهابشكل مفرط أن يدفعها كذلك الى التسبب الكامل وإستسهال كل أنواع الجنوح والإنحراف ،وبالتالي التسبب في مشاكل ومتاعب ذات عواقب وخيمة لنفسها وللأسرة معا.