العناية بالغريزةالجنسية
تعتبر مرحلة البلوغمرحلة بدء فعالية ونشاط الغريزة الجنسية ، فالفتاة تكون في هذه الأثناء قد دخلتمرحلة جديدة من حياتها كل شيء فيها يبدو لها جديد وذو معنى مختلف .
إن بعض الفتيات يحافظن على توازنهن النفسي أمام هذه الإنفعالاتالعاطفية والغريزة الجديدة ، فيما يفقد البعض الآخر منهن توازنهن ويقعن فريسةللحيرة والإضطراب ، وقد يندفعن تحت ضغوط ميولهن ورغباتهن الجنسية الى سلوك مسالكمحرمة تؤدي بهن الى الإنحراف والجنوح الأخلاقي في نهاية المطاف .
لا شك إن توعية الفتيات بالمسائل الخاصة بهن ، في هذه المرحلة ،وشرح متطلبات الظروف الجديدة في حياتهن ، تكتسب أهمية إستثنائية . وتقع مسؤوليةالقيام بمثل هذه المهمة على عاتق الأمهات بشكل خاص ، فهن اللاتي يستطعن الإنفتاح علبناتهن وإسداء التوجيهات والإرشادات اللازمة لهن من أجل حفظ توازنهن أمام نوازعالغريزة وصيانة أنفسهن من عوالم الإنحراف .
قبولالجنسية
إن من المهم فيتربية الفتيات هو أن يتعامل الأولياء معهن أولا إنطلاقا من قبول جنسيتهن وعدمالتمييز بينهن وبين الذكور من أبنائهم ، ومن ثم السعي ثانيا في سبيل تربيتهن بنحويجعلهن يقبلن جنسيتهن ويعتزن بأنوثتهن ، وذلك لأن الفتيات يشعرن أحيانا بالنبذويكرهن جنسيتهن بسبب ما يواجهنه في الأسرة من
حالات تفرقة وتمييز لصالح الذكور .
وبتعبير آخر يجب على أولياء الأمور ، طبقا للرؤيةالإسلامية أن يقبلوا الفتاة على ما هي عليه ويعتنوا بها ، ويفروا لها الحب والحنانوالأمان وكل ما من شأنه أن يساهم في نموها في الحياة ، ذلك لأن الفتاة أمانة اللهبيد الوالدين ولها عليهم حقوق التربية والعناية بها مثلما عليها حقوق وواجباتتجاههما عندما تنضج وتكبر .
التوجيهاتالخاصة
ويجب في هذه الأثناءإسداء توجيهات خاصة للفتاة ، أي إفهامها معايير وقيم الشرف والطهارة في الحياة ،والسعي الى جعلها تعتز بأنوثتها وتعرف كيف تصون شرفها أمام عوامل الإنحراف والرذيلةفي المجتمع ، أو ما يمكن أن تواجهه في حياتها اليومية من إغواء الغاوين ومكرالأشرار والمنحرفين . وكذلك ينبغي تحذير الفتاة بالقول إن فضيحة الركون للخطيئة لوحصلت فإنها ستلاحقها على الدوام ، والتأكيد عليها بضرورة الجدية في الحفاظ علىنفسها والإستعانة بالله سبحانه وتعالى في ذلك .
إن مشكلةالفتيات في هذه السن هي إن أغلبهن يجهلن ما يمكن أن يتعرضن له من مخاطر وأضرار تهددشرفهن وعفافهن بشكل جاد . وهو الأمر الذي يغفله الكثير من أولياء الأمور ولايكترثون به ، وكأنهم قد نسوا تماما خبراتهم في الحياة ولم يكونوا قد لمسوا وهم فيهذه السن الإنفعالات والمخاطر التي تكمن في طريق الفتاة !
التربيةالجنسية
في البدء لابد منالإشارة الى هذه المسالة وهي إن التربية الجنسية لا تعني
تزويد الفتاة بالمعلومات حول مسائل الزواجوالحب والعلاقات الجنسية بين الجنسين ، بل المقصود بها هو تثقيفهن بالمسائل الخاصةبالنساء التي يذكرها علماء الأخلاق والفقه الإسلاميين في كتبهن وليس ما يدخل فيمجال التثقيف على الحالات الجنسية ، وتتركز على الوعي العام وضبط العواطفوالإنفعالات .
المطلوب في هذه السن ، وإبتداء من سن 11 ـ 12 عاما ، توعية الفتيات بالمسائل الجنسية العامة ، وذلك من أجل أن يدركن ظروفهنالجديدة ويواصلن نموهن بشكل طبيعي ، ولا يفاجأن بحالة الحيض ، عند نزوله لأول مرة ،بما يؤدي الى إصابتهن بالخوف والقلق .
ويجب إفعهامالفتيات بأن الحيض ليس شيئا مخجلا وإنما هو حالة طبيعية تدل على تأهلهن للعب دورالزوجة والأم في الحياة ، وإذا رأين على أنفسهن علامات تدل على مثل هذه الحالةينبغي عليهن أن لا يخشبن أو تضطرب أحوالهن منها بل يبادرن الى مفاتحة الأم بها لكيتقوم الأخيرة بإرشادهن الى ما ينبغي أن يتخذنه من تدابير في التعامل مع المسالة.
كما ويجب على الأمهات أن يفهمن بناتهن ما ينبغي عليهنفعله في أيام الحيض ، ولماذا يجب أن يخلدن الى الراحة أو لا يجهدن أنفسهن بالأعمالالكثيرة والشاقة ، وأن يتمنعن عن الإشتراك في الالعاب الرياضية كالقفز العريض ،وركوب الدراجات و ... وكذلك توعيتهن بالتدريج بالمسائل الحياتية الخاصة ، وإرشادهنالى سبل العيش السليم في المجتمع بعيدا عن الشرور والمفاسد .
الفصلالجنسي
في هذه المرحلة منالعمر ، يجب إعمال الرقابة على علاقات الجنسين
وتحديدها بالحدود الشرعية . فالفتاة فيهذه الأثناء تكون قد بلغت سن التكليف الشرعي ولا يجوز لها الإتصال بأي كان ومعاشرتهكما يحلو لها .
فالإسلام يفرض عليها أن تستر شعرها عنأنظار الأجانب ، أن لا تتبرج أو تبدي زينتها للآخرين ، وأن تؤطر سلوكها وتصرفاتها ،كلامها ونظرتها ، في إطار أخلاقي منضبط(1).
ويجب ، غبتداء من سن العاشرة ، فصلهن عن الآخرين فيالمنام(2). فلا يجوز من الان فصاعدا حتىلأخ وأخت ، أو أخت وأخت أن يناما في سرير وفراش واحد(3). ولا يمكن لهن أن يفتحن شعرهن أمام الأجنبي ،أو لا يحق للأجنبي أن يقبل الفتاة بعد بلوغها سن السادسة(4).
وعلى هذا ، ينبغيعلى الوالدين أن يعيرا أهمية لقضية الفصل الجنسي بين الفتيات والفتيان ، ويعملا علىتوجيه الفتاة من أجل الالتفات الى وضعها في البيت وستر مفاتنها أمام الخوة وحتى أبالأسرة . فالإسلام لا يجيز حتى للآباء أن يحتضنوا فتياتهم المراهقات .
العلاقات فيالأسرة
يستحب في الإسلامأنيكون هناك حائل دائم بين الجنسين . فمع أن الأبوين هما من محارم الأبناء ، الاأنه يجب عليهما أن يراعيا أمامهم ضرورات الستر والسلوك في الملبس والتصرف .
إن طبيعة علاقات الأبوين في الأسرة تعد مسالة هامة جدافي تأثيراتها
(1) إشارة الى الآية 31 من سورة النور .
(2) الخصال ، ج 2 ص 439 .
(3) مكارم الأخلاق ، ج2 .
(4) كتب الأحاديث فيالإسلام.
على الأبناء ، فالأب يوحي للإبن بطريقةتعامله مع زوجته كيف ينبغي أن يكون تصرف الزوج تجاه زوجته ، والأم توحي للبنتبطريقة تعاملها مع زوجها كيف ينبغي أن تتصرف الزوجةإزاء زوجها . كما وهناك مسائلأخرى أيضا في علاقة الأبوين بعضهما ببعض في داخل الأسرة ويتأثر بها الأولاد ويجبأخذها بنظر الإعتبار ، ومنها الحب والصدق والإخلاص والإحترام المتبادل .
إن أغلب حالات الجنوح بين الفتيات إنما تعود أسبابها الى طبيعةعلاقات الأبوين الخاطئة ، وأغلب القبائح التي تحصل فيأوساط هذه الفئة إنما هي نتائجلقباحة علاقا الأب والأم . فالواجب والضرورة تحتم علىالوالدين أن يتقيدا فيعلاقتهما ببعض امام الفتيات المراهقات بضوابط الوقار في التصرف والسلوك . وبخلافذلك فلا يؤمنان تعرض فتياتهما لحالات الجنوح والإنحراف .
الحذر منالأخطار
بعد مضي أولى سنواتالبلوغ ن تصبح الفتيات مهيئات لأن يقعن في الهوى والغرام ، الا أنهن بنفس السهولةالتي يمكن أن يحبن بها يمكن أن ينسين حبهن أيضا ويشعرن بعد فترة أنهن غير منسجماتمع الطرف المقابل . وبالتالي يبتعدن عنه ، وقد يتعرضن إثر ذلك لصدمات نفسية تبقىترافقهن مدى الحياة .
للأسف إن بعض الأمهات يعلمن بعلاقةبناتهن بالجنس الآخر ، لكنهن مع ذلك لا يتفوهن بشيء ولا يحركن ساكنا لا في جهةتحذيرهن وإرشادهن ولا في جهة منعهن من الإمعان في مثل هذه العلاقات المحرمة ، فيحين يساهم هذا الإهمال بزيادة إحتمال تعرضهن لمخاطر وأضرار لا يعذرن فيها الأبوينعلى تقصيرهما تجاههن عند حلول ساعة الندم والأسف .
إذن المطلوب بالساسهووضع بعض القيود على علاقات الفتيات وضبط تصرفاتهن ، والإشراف المباشر على شؤونهنوالسعي الجاد في سبيل حمايتهن من عوامل الخطر والإنحراف ، وهذه هي وظيفة الوالدينبشكل عام ، والأمهات بشكل خاص ، الذين تقع عليهم مسؤولية التواصل مع فتياتهمبالتسديد والإرشاد والتوجيه وتحصينهن من كل ما يمكن أن يهدد شرفهن وعفتهن في هذهالسن .
ضبطالصداقات
في هذه المرحلة منالعمر يزداد الميل الى علاقات الصداقة الحميمة . يقول محمد قطب : «إن الميل الشديدنحو علاقات الصداقة والزمالة .. يقرب ويسهل الوقوع في هاوية السقوط والإنحرافوالإتضاح أكثر فأكثر ».
وهذه الصداقت تكون في بعضالحالات باعثا للإنجذاب نحو الجنس الآخر .
إن الإثاراتالجنسية في هذه المرحلة قد تكون وقتية وسطحية ومتذبذبة لكنها في حال إمتزجت بعلاقاتغرامية في هذه السن ، فإن الوقوف بوجهها يكون كمن يريد إيقاف سيل ربيعي جارف بسد منالتراب والحجر . إن ما جر المجتمعات الغربية الى الإنغماس في مستنقع الفساد الخلقيهو العلاقات غير المشروعة بين الجنسين ، وتحلل المرأة من ضوابط الالتزام الأخلاقيوالسلوكي ، وهو ما يدعونا نحن كشعوب ومجتمعات مسلمة الى الحذر منها وإجتنابها بشدة . كما ويجب أن لا نغفل حقيقة إن حياة المؤسسات المسائية فيها أضرار ومخاطر عديدة ،وتعد أرضية خصبة لنشوء علاقات منحرفة بين الشخاص ومن نفس الجنس خصوصافي سن 17 و 18عاما .
في حالةالإنحراف
المؤمل هو أن لايتعرض أعضاء هذه الفئة لمكروه في حياتهم ، وهذه المسالة بحاجة الى الحذر والوعيوالوقاية الدائمة . وبإمكان أولياء الأمور وخصوصا الأمهات ، أن يحفظوا فتياتهم فيسن البلوغ من كثير من عوامل الإنحراف والخطر بالإشراف على شؤونهن وتويههن بإستمرار .
وبطبيعة الحال فإن الفتيات في مجتمعاتنا الإسلاميةيدركن بشكل عام قيمة الشرف والحفاظ على العرض والعفاف ، ويجتهدن في صيانة أنفسهن فيهذا المجال ، الا أنه في الوقت ذاته هناك إحتمال أن يتعرض بعضهن للخطأ والإنحراف ،والإنحراف يكون تارةمتصلا بنفسالفتاة وأخرى بالآخرين . وفي حالة كانت المسالةمرتبطة بنفس الفتاة فإن من المفيد جدا المبادرة الى علاجها عن طريق الحوار الإقناعيالشفهي والتطبيب النفسي أو بواسطة العقاقير والحقن والمضادات الحيوية الطبية تحتإشراف الطبيب المختص ن أما في حالة الإنحراف الذي يتصل بالاخر ، فإنه يجب إدراكحقيقة إن فضح الفتاة وتحقيرها غسلوب غير مجد في إصلاحها وقد يزيد المشكلة تعقيدا ،والأسلوب الأمثل لمساعدة الفتاة على حل مشكلتها وتجاوزها هوالتوجيه والإرشاد وحتىإبداء الود والمحبة تجاهها وتوثيق العلاقة بها .
في تعديلالغريزة
هناك طرق عديدمقترحة في سبيل ضبط وتعديل الغريزة الجنسية ، ومنها العمل على تجنب الفتاة عواملالإثارة الذهنية التي تولدها الوسائل المرئية والمسموعة والملموسة ذات الإيحاءاتالجنسية ، وكذلك إشغالها بالرياضة ، والتنزه ، والقراءة ، والقضايا الفنية كالخياطةوغيرها وبشكل عام فإن
تشجيعها على أي نوع من الفعالية الإيجابيةشيء مهم ومؤثر في هذا المجال .
إن من شأن الإنشغالبالنشاطات الفنية أن يساهم في الحد من الإنفعالات العاطفية والنفسية بدرجات كبيرةويؤدي الى توازن وتعديل الغريزة الجنسية ،وحتى يمكنه في بعض الحالات أني صلحالإنحراف الجنسي ، ومن المهم جدا توعية الفتاة في هذه السن بالظروف النفسيةوالعضوية التي تعيشها ، وتزويدها بمعلومات كافية وصحيحة عن طبيعة العملياتالفسيولوجية في جسمها . ولا ينبغي ترك الفتاة تصل السن الطبيعي للبلوغ دون توعيتهاوإعدادها لإستقبال الدورة اشهرية . ولعل أفضل أشلوب في التعامل مع الفتاة في هذهالسن هو ما يوصي به الإسلام هو العمل على توفير الرضية الصحيحة لكي تقترن برجل كفءلها وتذهب الى بيت الزوجية وقاية عن أي نوع من أنواع الفساد أو الإنحراف .