العناية بالجانب الذهنيوالنفسي
إن التغييراتالذهنية والنفسة للفتيات المراهقات ، هي من المسائل التي أشرنا اليها فيما سبق منالبحث ، ونضيف هناأيضا أن مرحلة المراهقة تتضمن تجديد بناء الشخصية الذي يستتبعمغادرة العلاقات السابقة ونبدل طريقة التفكير ووعي الذات . وطبيعي إن المراهقة ليستمرضا أو إختلالا لكي يصار الى علاجه ، وإنما هي مرحلة من النمو يجب تحملها والعملعلى توفير الأجواء والظروف المناسبة لتجاوزها بسلام . وطالما لم تعرض الفتياتلمتاعب إختلالات أثنائها ، ليس هناك داع للعلاج.
لكنه فيالوقت ذاته ، ينبغي عدم إغفال العناية بالفتاة ومتابعة أوضاعها من النواحي الذهنيةوالنفسية ، فهي بحاجة في هذه الظروف الى العناية والإهتمام بها من الناحية النفسية، وذلك من أجل أن تبقى في منأى من الإختلالات والأمراض النفسية من جهة، ولكي لاتتعرض للإحباط أو الخمول النفسي من جهة أخرى . وسنتحدث حول هذا الموضوع فيما سيأتيمن الكلام .
في النموالفكري
إن النمو الفكريوالمنطقي لدى الفتاة يتيح لها إمكانيةالتحرر من أسار الغرائز وتجاوز حالة الوهموالخيال . وطبقا للبحوث التي أجراها بروكس ، فإن للبيئة الإجتماعية دورا مؤثرا جدافي النمو الفكري ، وهي التي تحدد ، بالأساس مستوى ودرجة المشكلة التي يمكن أن تعانيمنها حول مسالة معينة .
والمهم في العمل مع الفتاة فيهذه السن هو تعويدها على الطريقةالصحيحة
في التفكير ، وفي الكلام ، وفي إتخاذالقرارات ،وتشجيعها على التفاعل الإيجابي مع الكلام المعقول . وكذلك من الضروري أنتتحرر بالتدريج من التبعية الفكرية للغير وأن تكون لنفسها آراء وتصورات تنطلق منقناعاتها الفكرية المستقلة ، وأن تبني مخاوفها وغضبها على اساس مبررات منطقية .
ففي أحايين كثيرة تجد الفتاة صعوبة في التفكير حول مسالةمعينة وتحليلها وإتحاذ القرار المناسب بشأنها أو الحكم فيها . فمثلا تتصور إنواليدها لهما رأي سلبي في الأمر الكذائي أو أن المعلمة كانت تقصد بكلامها الكذائيالمعنى الكذائي . الأمر الذي قد يولد لديها الحقد والضغينة نتيجة سوء فهمها لهما أولها ، في حين لو إستفسرت منهم حول المسالة لكان قد ثبت لها عكس ما كانت تتصور . لذافإنها بحاجة الى إرشاد وتوجيه فكريين .
في العقلوالإرادة
الفتاة بحاجة لأنتتمتع بإرادة قوية كي تتمكن بواسطتها ضبط نفسها وكبح جماح عواطفها أمام عواملالإثارة والإنفعال . فما أكثر الصدمات والأضرار ، التي تتعرض لها ضعيفات الإرادة ،نتيجة تغلب العاطفة على العقل لديهن ، وبالتالي إستسلامهن وخضوعهن لمختلف أنواعالرغبات والأهواء .
والمطلوب هو تربية عقول الفتيات منحيث أنه وبحسب تعبير تشيللر ، يمكن للعقل المستنير أن يبني الشعور الأخلاقي بشكلأفضل والعقل هو الذي يجب أن يكون دليل القلب وهاديه .وطبيعي أن تحقيق هذا الهدفينخلله صعوبات جمة ، ويتطلب من أولياء الأمور والمربين بذل مزيد من الجد والجهد فيسبيله .
في الثقةبالنفس
من المشاكل المهمةالتي تعاني منها بعض الفتيات في هذه السن هي مسالة
فقدان الثقة بالنفس . فاللاتي قد تعرضن فيضغرهن لحالات الإهانة والتحقير أو واجهن مشاكل وصعوبات في حياتهن سابقا ، قد يصبحنفي هذه السن شخصيات ذليلة تابعة للغير . وإذا واجهن مسالة تحتاج الى قرار وتصميم ،نجدهن حائرات مترددات لا يستطعن التصرف إزائها .
وفي مثلهذه الحالة ، يجب على أولياء الأمور ، والأمهات بشكل خاص العمل على غرس روح الثقةوالإعتماد على الذات في نفس الفتاة ، وتشجيعها على إدارة شؤونها والقيام بواجباتهاوأعمالها بنفسها ، وعدم مؤاخذتها وتأنيبها في الحالات التي تصدر منها أخطاء خلالالممارسة ، بل إرشادها وتوجيهها بالأسلوب الذي يغنيها ولا يشعرها بالعجز.
وكذلك يجب ، في سبيل تنميةقدرة الفتاة على الإعتماد على الذاتالسعي الى تعريفها بجوانب القوة والضعف في شخصيتها ، ذلك لأن وعي الذات ومعرفةالقدرات يولد لديها الثقة بالنفس الى حدود كبيرة ، ويدفعها الى الإهتمام بتجاوزنقاط الضعف وتعزيز نقاط القوة في شخصيتها .
في الأمنوالجرأة
وجود بيئة وأجواءآمنة للفتاة ، شيء ضروري لنموهن وتقدمهن . ومن هنا يجب يجنيب أجواء الأسرة عواملالتوتر واللا أمن . ومن المسائل التي تسمم أجواء الأسرة وتشيع فيها دواعي الخوفوالقلق والإضطرا ، يمكن الإشارة الى حالات الشجار ، والمشاحنة ، والمهاتراتالكلامية ، والخصام ، والطلاق و ...
وكذلك من الضروريتعويدهن على الإقدام والجرأة وعدم الخوف من المشاكل ، وتوجيههن الى أن السبيل غلىالنجاح في الحياة يكمن إي غمتلاك الجرأة على التعبير عن الإرادة وفي السعي الجاد منأجل بلوغ الأهداف ، وفي الإعتراف بالأخطاء والتصميم على تجاوزها وعدم العودة اليهامجددا.
في الأمراضالنفسية
قلنا إن المراهقاتيواجهن في هذه السن ظروفايتعرض بعضهن على أثرها لإحتلالات نفسية فيما يصاب البعضالآخر منهن بأمراض نفسية ، ولما كانت الوقاية مثل هذه الحالات بشكل كامل أمر غيرمتيسر لجميع اولياء الأمور ، بإعتبارها تتطلب معلومات واسعة في مجال علم النفس وعلمالنفس التربوي ،لذا فإننا نعتقد إن الطريقة السهل والأنجح في الوقاية هي الحفاظعلدفء أجواء الأسرة ، وإحاطة الفتيات بالحب والحنان ، وتجنيبهن عوامل الإثارة والقلقوالإضطراب .
وبشأنالإصابات النفسية ، فهناك بعض الأمراضما زال المتخصصون لم يتوصلوا الى علاج ناجح ودقيق لها كمرض (إنفصام الشخصية) الشيزوفرنيا لكن إستشارة الطبيب المختص بشأنها مسالة هامة وضرورية وبخصوص مرضالهستيريا ، يوصي الأطباء بضرورة إخضاع المريض للعلاج النفسي أو العمل على تعزيزمعنوياته.
وكذلك هو الحال مع حالات الهواجس والإدبارالنفسي عن الطعام ، والسوداوية والى آخرها من الأمراض والإختلالات المشابهة ، يمكنلأولياء الأمور الواعين معالجتهن وإحاطتهن بالعطف والحنان اللازمين .
في الصحةالنفسية
يجب التركيز في هذهالمرحلة من العمر على الصحة النفسية للفتاة بوجه خاص ، أعني العمل على مساعدتها منأجل حل مسائلها ومشكلاتها النفسية بطرق مرضية ، وحمايتها من التعرض للوساوس والقلقوالإضطرابات ، إن هناك
الكثير من الإعتلالات النفسية ، التي تبدوبسيطة في الظاهر ، تصيب الفتاة فتفقدها توازنها النفسي في غفلة من الوالدين.
وينبغي عند العمل على تربية الفتاة تربيةنفسية صحيحة ،عدم إجهادها بالواجبات المدرسية الكثيرة ، والإمتناع عن إشعارها بالذنب دون التوعية، وحمايتها من الإيحاءات الذهنية المثيرة ، وتجنيبها المشاهد السلبية ، والإستجابةلحاجاتها بدرجات معقولة ، والسعي الى الحد من حالات الإنفعال والإضطراب لديها ،وإغنائها ثقافيا ، وإبعادها عن التطلعات غير المنطقية ، وتزويدها بخبرات في مجالضبط النفس أمام العواطف والإنفعالات .
فيالعلاج
في حال تعرض الفتاةلإختلالات أو أمراض نفسية مستعصية ، يجب المبادرة الى علاجها عن طريق إستشارةالطبيب المختص أو الطبيب النفساني ومن الحالات التي يكتسب الرجوع الى الطبيبالنفساني بشأنها ضرورة قصوى ، يمكن الإشارة الى ما يلي :
ــ السلوك الإنحرافي المتكرر كالسرقة ، وتناول الكحول ، ومارسة العنف والتخريب .
ــ الإنحرافات الجنسية العمدية كالدعارة ، والحمل غيرالشرعي ، والميل الى نفس الجنس ، والتهتك الخلقي .
ــالإدبار عن الدراسة في الأوضاع الطبيعية .
ــ الإعتلالاتالنفسية المستمرة كالكآبة ، والحزن ، والأرق ، والشعور بالإحباط واليأس ، والتفكيربالإنتحار .
ــ الإنطواء على النفس ، والإبتعاد عنالأسرة نفسيا ، والهواجس والهذيان و ...