إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

ماذا بعد النفط

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • ماذا بعد النفط

    ماذا بعد النفط للسيد محمد الحسيني الشيرازي (صاحب سيدة الموسوعات الفقهية)
    http://www.alshirazi.com/compilation...eft/fehres.htm

    تعتبر المناطق الإسلامية من اغنى الدول في الثروات الطبيعية وخصوصاً النفط المصدر الاول للطاقة في العالم، وقد عانى هذا القطاع الاقتصادي من مشاكل عدة ومنها سوء الاستغلال وسيطرة الشركات الاجنبية وتخبط الخطط الموضوعة في السوق النفطية
    المقدمة

    الفصل الأول: العوامل والأسباب

    الفصل الثاني: ما هو العلاج

    وتفاوت كميات الانتاج والتصدير بين الدول الإسلامية المنتجة للنفط مما يعرض الاحتياطي الكبير لهذه الدول بالنضوب، والوقوع في مشاكل اقتصادية لا يمكن تصور نتائجها خصوصاً وأن هذه الدول قد اعتمدت على النفط بنسب قد تتجاوز الـ 90% من اقتصادياتها.
    وتفاقم مشكلة النفط تستدعي تصدي المختصين لوضع خطط مواجهة مرحلة ما بعد النفط لتجنب الوقوع في هوّة الفقر ثانية وهذا ما يطرحه كراس (ماذا بعد النفط) فالقطاع النفطي يعيش حالة مرضية يحللها البحث بايجاز عن طريق دراسة نشأة المشكلة النفطية واسباب ونتائج الازمة الاقتصادية التي خلفتها وكذلك وضع برامج للتخطيط الاقتصادي الكفيل بإعادة هذا القطاع إلى مساره الصحيح في عملية التنمية الاقتصادية للدول الإسلامية ويلمح الكراس كذلك إلى أهمية التخطيط السياسي الذي يعد الاساس الأول للسيطرة على الثروات الطبيعية للأمة، وإذا كان النفط معرضاً للنضوب عاجلاً أم آجلاً فإن ضرورة البحث عن البدائل التي تحل كمصادر للطاقة هي مهمة يجب اعطاءها جانب الأهمية الامر الذي يؤكد عملية هذا الكراس.

  • #2
    المقدمة

    بسم الله الرحمن الرحيم
    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين
    (ماذا بعد النفط) موضوعٌ ذو أهمية كبرى للمسلمين، لأنّهم يعيشون فوق أرضٍ حباها الله بهذه النعمة الكبرى، وهي تعدّ الركن الأوّل في اقتصاديات العالم الإسلامي منذ قرن من الزمن، واليوم يواجه المسلمون خطراً كبيراً؛ ذلك أنّ النفط في حالة نضوب، ولربما لا يستطيع البعض أن يتصور الكارثة التي ستحل قريباً عندما تجف آبار النفط..
    لكن ليس الأمر ـ فيما إذا وُضع تخطيط حكيم له ـ بتلك الخطورة، فنحنُ نعيش فوق أرضٍ أنعم الله عليها بشتى النّعم، وأكبر نعمه هي الإسلام، الذي يعمل على تفجير طاقات الأُمة، وبعثها من أجل البناء والرُقي والازدهار.
    هذا الكراس كتب من أجل الإشارة إلى ذلك.. وللإلماع إلى بعض الحلول المقترحة لحل مشكلة النفط ولتذكير الأمة بالنّعم الأخرى التي أنعم الله عليها، ولاستخراج هذه النعم من مكامنها، نرجوا من الله العزيز الحكيم أن يأخذ بأيدينا لنعمل على تحقيق ذلك.
    إن المشكلة النفطية تكمن في نقطتين:
    الأولى: من المعروف أنّ النفط في حالة نفاذ، فما تبقّى في الآبار في أحسن الافتراضات سيبقى نصف قرن من الزمن.

    وهناك من يُعلل نفسه بالأمنيات ـ كما يقول الشاعر ـ:
    اعللُ النفسَ بالآمــــال أرقــبها ما أضيق العيش لولا فسحة الأمَلِ
    وقد أشار القرآن الكريم إلى أصحاب الآمال دون الأعمال:
    لَيسَ بِأمَانِيّكُم وَلا أَمَانيّ أهلِ الكِتَابِ مَن يَعمَل سُوءاً يُجزَ بِهِ...(1).
    وقد حثّ القرآن على استبدال الآمال بالعمل والنفرة من أجل البحث على سُبل الحياة الجديدة: إلاِّ تَنفُروا يُعَذِّبكُم عَذاباً أَليماً وَيَستَبدل قَوماً غَيرَكُم وَلا تَضُرّوهُ شَيئاً والله عَلى كُلّ شَيء قَديرٌ(2).
    الثانية: العامل الآخر الذي يهدد بغلق أنابيب النفط هو سقوط قيمته بحيث تكون تكاليف استخراجه أكثر من عائداته، وهذا ما تنبأ به الخبراء ـ إلى عشر سنوات أو أقل ـ خاصة وأن البدائل بدأت بالظهور ولربما بقيمة أرخص وبطرق أسهل وأيسر، ومن هذه البدائل (الكحول) حيث يتم استخراجه من سيقان الأشجار البالية، وحتى من أكوام القُمامه، ومن ثمّ الاستفادة منه في الوقود، كوقود السيارات ونحوها. وحالياً تستخدم (البرازيل) هذا الأسلوب في توفير الطاقة.

    ومن البديهي أن يكــــون وراء خفض أسعار النفظ عامل سياسي ومخطط مرسوم بدقة من قِبل القوى الاستعمارية والصهيونية، فلهذه الأطراف مصلحة كبيرة في خفض أسعار النفط إلى الدرجة المتدنية حتّى يتم هدم البناء الاقتصادي في العالم الإسلامي.
    إن من الواجب علينا أن نحبط هـــذه المحاولة المعادية للإسلام والمسلمين، وأن لا نبيع النفط بدون حدود وكما تشتهيه الدوائر الغربية والصهيونية العالمية، وبالأسعار التي تحددها الشركات، مما يسبب انخفاض الأسعار ونفاذ النفط وتضييع حقوق الأجيال القادمة، ولا بدّ من التفكير جدياً بالبحث عن بديل للنفط بالثروة الممكنة وقبل فوات الأوان.
    وقد حثّ الإسلام المُسلم على أن يتّبع السُبل ويستكشف الأسباب والطرق لكل شيء فعليه أن يبحث عن أسباب القدرة وطرق الثروة وأعِدّوا لَهُمْ مَا اسْتَطعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ(3) وقد قال سبحانه في بيان وجه وصول (ذو القرنين) إلى مآربه: ثُمّ أَتبَعَ سَبَبا(4).
    وفي الحديث الوارد عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) (أبى الله أن يجري الأمور إلاّ بأسبابها).
    والله المستعان ومنه التوفيق والسداد.
    محمد الشيرازي

    1 ـ النساء : 123.
    2 ـ التوبة : 39.
    3 ـ الأنفال: 60.
    4 ـ الكهف : 92.

    تعليق


    • #3
      العوامل والأسباب

      إذا استقرءنا أوضاعنا الاقتصادية يتضح لنا أنّ المديونية والمرض والجهل والفساد ترجع ـ فيما ترجع إليه ـ إلى عامل الفقر، فقد (كاد الفقرُ أن يكون كُفراً)(1)، والفقر هو (سواد الوجه في الدارين)(2)، والفقير يستدين بالربا، والربا يَزيدُ الفقير فقراً(3)، وإذا افتقر الإنسان فإنّه لا يتمكن من توفير الرعاية الصحية والتغذية السليمة اللازمة للبدَن(4) وينشأ من ذلك المرض، وإذا مرض فهو عاجز، عن العلاج والتداوي بسبب الفقر.
      والفقير عاجزٌ عن الدراسة ومواصلة التعليم والتثقيف، فمن لا مال له لا قدرة لهُ على شراء الكتب وارتياد الجامعات.

      والفقر مقدمة الفساد، فكم من عوائل انغمست في الفساد بسبب الحاجة إلى المال هذا من جانب، ومن جانب آخر فإنّ الفقرَ هو الحاجز الأكبر بوجه الزواج، فالبعض ارتكبوا الفجور بسبب العزوبية، ونتيجة الفساد هو انتشار الأمراض والأوبئة إثر السقوط في مستنقع الرذيلة.
      والفقر ينتج الفوضى أيضاً لأنّ المادة القليلة توجب التحارب والتضارب، حيث أن كل واحد منهما يريد أن يحصل على تلك المادة القليلة، وحينذاك يفقد الكثيرون الدين والأخلاق والفضيلة أيضاً(5).
      وتنطبق هذه الحقيقة على الدول، كانطباقها على الأفراد، وقد ورد: (من لا معاشَ لهُ لا مَعادَ لَهُ) إلى غير ذلك.
      وإذا أردنا دراسة أسباب الفقر نجد أنّ من أهم عوامله الاستبداد، فالمستبد يكبح جماح الطاقات والكفاءات ويعطّل العقل المبدع الذي يخطط ويخترع ويبتكر،ويشل حركة المجتمع والفرد(6).

      إضافة إلى كل ذلك، فإنّ ثروة الأمّة تذهب هدراً نتيجة المنهج غير الصحيح الذي يتلخص في عدم الشورى وعدم الأحزاب الحرة المستندة إلى المؤسسات الدستورية.
      وهذه هي إشارة سريعة لبعض العوامل المؤدية لإفقار البلاد والعباد.

      أولاً: سرقة الحكام وأصحاب النفوذ
      يستحوذ أصحاب النفوذ أو الحاكم المستبد ـ العراق مثلاً ـ على أموال الشعب، ويغتصبها بمختلف الذرائع والحجج، وليس بمقدور أحد أن يحاسب الحاكم على تصرفاته، لأن من يريد المحاسبة يلزم أن يستعد للسجن والتعذيب والاتهام وأخيراً الإعدام.
      فالحاكم المستبد يدخل إلى الحكم وهو لا يملك شيئاً وعندما يخرج يحمل الكنوز والمجوهرات لا هو فحسب بل كل ذويه ونسبائه وأصدقائه.
      أحد الحكام حينما جلس على العرش كان لا يملك حتى ما يسدّ به رمقه لكنه عندما خرج من البلاد، خرج بـ (1000) حقيبة مملوءة بالمجوهرات والذهب والتحف الثمينة وهذه الثروة الطائلة انتقلت إلى لندن! وكانت نهاية هذا الحاكم القتل في إحدى المدن(7) على أيدي أرباب نعمته الذين شعروا بثقل وجوده عليهم، فتخلصوا منه بحقنة في الوريد.
      وهناك حاكم آخر بلغت ثروته ـ حسب بعض الإحصاءات ـ ثلاثمائة مليار دولار، بينما لم يكن يتقاضى قبل أن يستولي على السلطة سوى (18 ديناراً) في الشهر، وأصبحت زوجته تحمل الرقم القياسي في الثراء وعُدّت أثرى امرأةٍ في العالم.

      ثانياً: الضرائب
      من عوامل إفقار الشعوب فرض الضرائب الباهظة بغير حساب لصالح الحكام، حيث يستلزم ازدياد الشعب فقراً ويزداد عدد معدود من أفراد العائلة الحاكمة ثراءً، وغالباً تذهب الثروة المتجمعة إلى البنوك الغربية.
      فعندما تجد التاجر أو صاحب المحل أو صاحب المعمل أنّ نسبةً باهضةً من أرباحه تذهب لخزينة (ميزانية) الدولة على شكل ضرائب، فإنّه لا يجد ما يدعوه إلى مواصلة عمله الإنتاجي بهمّة ونشاط(8)، بل إن كثيراً منهم يسعجزون عن مواصلة الكسب أو التجارة ويلتحقون بركب الفقراء.
      كما أن الضرائب تثقل الطبقة الفقيرة بشكل رهيب وتزيدهم فقراً على فقر.

      ثالثاً: البطالة
      عندما تضع الدولة القيود والأغلال على حرية الزراعة والتجارة والصناعة والثقافة والسفر وإبداء الرأي وحيازة المباحات و.. وعندما تتكدس الأموال بأيدي الطبقة الحاكمة.
      وعندما يقفل صاحب الدكان دكانه وصاحب المعمل معمله خوفاً من الضرائب أو نتيجة لعدم قدرته على المواصلة وعندما يتوقف الإنتاج في المجتمع.
      فإن النتيجة تكون الفقر والفاقة، فيصبح البلد الذي لا يزيد عدد سكانه عن العشرين مليون نسمة ـ مثلا ـ يعاني من ثلاثة ملايين أو أكثر عاطل عن العمل، وهم يركضون وراء المال في أي مكان كان، حتى لو كان من منبع حرام(9)!

      رابعاً: كثرة الموظفين
      إن الزيادة في عدد الموظفين العاملين في الدوائر الحكومية، تزيد البلاد فقراً على فقر ومنشأ هذه الظاهرة هو جهل الحكام بإدارة البلاد ورغبتهم في الأبهة وزيادة المصفقين لهم.
      ففي العراق حوّل الحكام المزارعين إلى مصفقين ومهللين بعد أن أدخلوهم في سلك الوظيفة(10).
      وفي مصر في الستينات انتهى عدد من الخبراء الاقتصاديين ـ في تحليلهم لظاهرة الفقر ـ إلى أن أغلب السبب يعود إلى التضخم الكبير في الدوائر والموظفين، وتوصلوا إلى أنّ السلطة بحاجة إلى (200) ألف موظف لكل الدوائر والأقسام فقط، لكنها ولحاجتها إلى المصفقين والمهللين أوصلت عدد الموظفين في هذا البلد إلى (مليون ومائة ألف) أي بزيادة قدرها (تسعمائة ألف) عن الحدّ الطبيعي.
      ويلعب هذا العنصر دوراً سلبياً في إفقار المجتمع، فمن الناحية الاقتصادية: ينقل هؤلاء الموظفون خدماتهم في القطاعات البنائية والإنتاجية ـ من زراعية وصناعية وتجارة ـ إلى دائرة التوظيف والاستهلاك، فيصبحون وبالاً على الشعب وعلى ثرواته.
      ومن الطبيعي أن كثيراً منهم يصرف ضعف استحقاقهم الوظيفي ـ على أقل التقادير ـ.
      ومن الناحية الإنسانية: تُعطّل طاقات كبيرة كان بالإمكان الاستفادة منها في تقديم الأمّة إلى الأمام.
      ومن الناحية السياسية: تعمل طبقة الموظفين على إرساء دعائم الاستبداد أكثر فأكثر فهي تجنّد بشكل وآخر في خدمة سياسة الحكومة، وتعمل على كبت تطلع الأمّة، وخنق حريتها السياسية ومنع تحركها نحو الأمام.

      خامساً: قلة الكفاءات وإبعادها
      بسبب السياسة التي تمارسها الحكومات الاستبدادية بجعل المعيار المنسوبية والمحسوبية، فقد هبطت نسبة ذوي الكفاءة والخبرة في البلاد، وتحولت الأمور إلى أشخاص لا يعرفون إدارة أمور البلاد من زراعة وصناعة وتجارة داخلية وخارجية وما إلى ذلك، ونتيجة لذلك يأخذ الاقتصاد في الانهيار إلى أن تقوم الثورة وتبدأ المشكلة بحكام جدد من جديد وهكذا دواليك.
      إن تجارب التاريخ أثبتت لنا أن الاستبداد يسبب هروب الكفاءات العلمية إلى الدول الأجنبية، ففي بريطانيا وحدها يوجد أكثر من (10.000) آلاف طبيب عراقي، وإذا أردنا أن نضيف إلى هؤلاء عدد الأطباء العراقيين في البلدان الأخرى لارتفع الرقم إلى أضعاف مضاعفة، وإذا أردنا أن نضيف إلى معدلات الأطباء، ما هو موجود من كفاءات علمية أخرى لازداد الرقم إلى عشرات المرات.
      ويعود سبب انحسار العقليات الكفوءة، إلى نهج الحكومات في تقريب المصفقين من الامعات، وإبعاد كل صاحب رأي وصاحب كفاءة عن دائرة الخدمة والمسؤولية.
      فالمحصلة النهائية لهذه السياسة: ضررٌ يخيم على الأمّة والدولة، حيث يؤدي انحسار الكفاءات إلى انهيار اقتصادي وإداري في البلاد، لقاعدة: (فاقد الشيء لا يعطيه).
      وكذا يؤدي إلى انهيار المستوى العلمي في المدارس والجامعات، ويؤدي إلى فقدان الثقافة المنتجة في البلاد، وبالتالي فإنّ البلاد ستعيش دوامةٌ من الجهل والفوضى.

      1 ـ بحار الأنوار: ج69 ص29 ح26.
      2 ـ سفينة البحار: ج2 ص178.

      3 ـ ما هي أسباب الربا وكيف أنه يسبب الفقر وما هو علاجه من وجهة نظر الإسلام؟ راجع كتاب: (الفقه: الاقتصاد) و(الاقتصاد الإسلامي المقارن) و(لماذا تأخّر المسلمون؟) للإمام المؤلف (مدّ ظلّه).

      4 ـ تشير الأرقام إلى أنّ الفرد في العـــــالم الإسلامي يتناول يومـــــياً أقل من المعدن الطبيعي من السعرات الحرارية البالغة: (302) وحدة حرارية.

      5 ـ إن الدولة الفقيرة في الثروة أو التي أصابها الفقر لظرف ما تتحين الفرص للإنقضاض على الدولة الغنية، فمن الأسباب التي دفعت بحاكم العراق المستبد إلى احتلال الكويت حاجته إلى المال بعد حربه الجنونية ضد إيران، فقد حاول أن يبتز الأموال الطائلة من دولة الكويت والحجاز والإمارات، وعندما فشل في ذلك رفع عقيرته وشمّر عن سواعد عدوانه فاحتل الكويت.

      6 ـ فصل الإمام المؤلف الحديث عن الاستبداد وأسبابه ومظاهره وطرق علاجه في كتاب: (ممارسة التغيير) وكذا تطرق في كتاب: (الصياغة الجديدة).
      7 ـ وهي مدينة موريس.

      8 ـ بل يرى من الأفضل له أن يمكث في بيته ويستخدم أمواله في أعمال (الحرة)، فهي أكثر ربحاً ولا تستوجب دفع الضريبة وملاحقة الحكّام.

      9 ـ تؤكد الإحصاءات على ضعف معدلات النشاط الاقتصادي في البلاد الإسلامية، حيث بلغت في الوطن العربي (3/27%) من مجموع السكان، وتشير الإحصاءات أن (53%) من القوة العاملة العراقية كانت تعمل في الزراعة عام (1960م) فأصبحت عام (1980م) تشكل (42%) أي بفارق (11%) من القوة العاملة. أُنظر مجلة السياسة الدولية العدد 72 ص206.
      كما وفصل الإمام المؤلف الحديث عن البطالة وجذورها والسُبل الكفيلة لعلاجها في طيات الكتب التالية: (الفقه: الاقتصاد) و(الفقه: الحقوق).

      10 ـ بلغ عدد العامـــلين في سلك الخــــدمــــات عام (1980م) (32%) من مجموع القوة العاملة في العراق بزيادة قدرها (3%) كما كانت النسبة سنة (1960م) حيث كانت 29%).
      المجتمع والدولة في المشرق العربي غسان سلامة: ص192.

      تعليق


      • #4
        ما هو العلاج؟

        أولاً: النفط والبدائل
        يجب رصد مقدار معين من عائدات النفط لصرفها في خطط مستقبلية تستطيع أن تسدّ النقص الحاصل عن نضوب النفط، فهناك موارد كثيرة يمكن استخدامها بطريقة بحيث تستطيع أن توفر الرأسمال الكبير للدول النفطية، إذا أحسنت استخدامها.
        فهناك السدود والشلالات الطبيعية والمدّ والجزر التي بمقدورها ـ إضافة إلى الاستفادة من الطاقة الشمسية ـ أن تكون بديلاً عن الطاقة النفطية ـ إلى مقدار كبير.
        ويحتاج هذا البديل إلى تربية الكادر الخبروي لإدارة المعامل مع سائر شؤونها وما يتعلق بها:
        من تحصيل المواد من الأسواق العالمية والتسويق وغير ذلك(1).
        فلا بد من رصد نسبة معينة من أموال النفط في إنجاز منشآت صناعية قرب البحار والأنهار وشبهها(2)، فهناك دول في العالم تقدمت صناعياً كاليابان ـ في الحال الحاضر ـ وهي لا تملك النفط، وكان تقدمها مرهوناً بالخطة الحكيمة الموضوعة بسبب خبرائها.
        واللازم أن يلاحظ التخطيط لذلك عدة أمور:

        1 ـ إقامة السياسة الصناعية على قاعدة حاجة الأمة في الحاضر والمستقبل، وليس حسب المخطط المرسوم من قبل الدول الكبرى والذي تسير على طبقه الدول المتخلفة، فلقد حوّل الاستعمار البلاد الإسلامية إلى مستعمرة تدرّ عليه بالأموال الطائلة لسدّ حاجاتها لا سدّ حاجات الدول المتخلّفة.
        إن ربط الصناعة بالحاجة هي أهم قضية في استثمار عائدات النفط للأمور المستقبلية.

        2 ـ رعاية التنسيق والتوازن بين مختلف المعامل المحتاج إليها في البلاد الإسلامية كي لا يحدث إفراط وتضخم في جانب، وتفريط ونقص في جانب آخر.
        مثلاً: تقوم الدولة بتوفير عشرة من الأحواض الجافة(3) إلى جوار نصب خمسة معامل للسيارات بينما الحاجة معكوسة أو اللازم التساوي أو نسبة أخرى كسبعة من أحدهما وثمانية من الآخر وهكذا.

        3 ـ تحقيق التعاون الاقتصادي بين الدول الإسلامية قال تعالى: (تعاونوا على البرّ والتقوى..)(4).
        فبالوحدة يحرز التقدّم، وقد قال تعالى في محكم كتابه: (إنّ هذه أمّتُكُم أمّةً واحدةً وأنا ربّكم فاعبدون)(5) و(إنّما المؤمنُون إخوةٌ)(6) إلى غير ذلك من الآيات والنصوص الواردة في الوحدة، وإحدى مصاديق وحدة الأمّة الوحدة الاقتصادية.
        فعلى سبيل المثال: ذكر أحد الخبراء الاقتصادييين أننا لو جمعنا أموال الخليج وخبرة مصر وأراضي السودان الصالحة للزراعة لاستطعنا أن نحقق الاكتفاء الذاتي من الغذاء.
        لكن ومع تمزق العالم الإسلامي وتناحره، فالمشكلة تبقى في تصاعد أي ستبقى دول الخليج تدفع بنفطها لقاء طعامها، وتبقى مصر تخرج الكفاءات للدول الغربية، وتبقى الأراضي السودانية قاحلة، وهكذا بقية البلاد الإسلامية الأخرى.
        والحصيلة الأخيرة هي الفقر والحاجة للدول الأجنبية ومزيد من التأخر والتراجع.
        ثمّ إننا نجد الآن أنّ البلاد النفطية تقوم بمساعدة الكثير من البلاد الأخرى، فإذا عملت هذه البلاد بما ذكر، ستستمر المساعدة ـ لا من النفط حالاً بل من الجهة الأخرى مستقبلاً ـ وبهذه الصورة المذكورة التي هي أفضل وأدوم بل سيتحقق لتلك البلاد الاكتفاء الذاتي والغنى الاقتصادي ففي المثل: (أعط إنساناً ديناراً تعطه وجبة طعام، وأعطه تعليم صنعة تعطه الطعام مدى العُمر) و(أعطه سمكة تعطه وجبة، وأعطه شبكة تعطه وجبات).


        ثانياً: إطلاق الحريات
        إذا لم يكن بمقدور النفط أن يعالج مشكلة الفقر، فإن في إطلاق الحريات خير علاج لهذه المشكلة.
        فالحرية تعني توفير فرص السعي والعمل لكافة الناس وهي تعني زيادة نسبة الإنتاج وجودته، وبالإنتاج ينتشر الغنى ويتبدد الفقر، فعندما تنتشر الحرية لن يجد شبراً من الأرض غير معمور أو غير مزروع، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (الأرض لله ولمن عمّرها)(7) فلا بد من السماح لعامة الناس بعمارة وزراعة كل الأراضي الموات وبدون مقابل فإنّ الأرض لله ولمن عمرها لا للدولة أو غيرها، وعلى الدولة والجمعيات الخيرية والأحزاب الحرة مساعدة الناس على تحويل تلك الأراضي القاحلة إلى أرض زراعية أو صناعية أو سكنية، وذلك تحت إشراف الخبراء والمهندسين وتسهيل عملية الاستيراد والتصدير وشبه ذلك.
        ويمكن أن تقوم لجان منبثقة عن الأحـــزاب الحرة أو عن شورى العلماء وأهل الخبرة ـ وحسب انتخاب الناس ـ بمهمّة التقسيم.

        مثلاً: تقسيم الأراضي البائرة إلى قطع تشتمل كل قطعة على ألف ذراع أو أكثر أو أقل، حسب قدرة الأفراد وكفاءتهم وضمن إطار قوله تعالى (لكم) ووضع هذه القطع تحت تصرف الراغبين في الإعمار والزراعة وغيرها بالاقتراع فيما لو كانت الأراضي قليلة بحيث لا تبلبي حاجة الكل، وإن كان الواقع الخارجي يشهد بكفاية أراضي البلاد الإسلامية لعامة الناس، فحينها فقط ستنتهي مشكلة الفقر والفاقه وتنتهي الكآبة والحزن، وسيكون الجميع أصحاب بيوت وأعمال، وحينذاك تصبح بلادنا أمثولة في الإنتاج، وأمثولة في التواصل وأمثولة في السعادة.
        وبالمقابل يجب على الدولة أن لا تثقل نفسها بالأعمال والموظفين وأن يكون عملها التخطيط والإشراف ـ ولا غير ـ على سير برامجها الاقتصادية والثقافية والتربوية وغيرها.
        وان تترك التجّار وأصحاب الأموال وكل من أحب مهمة المشاريع الخدمية من أمثال فتح شبكات الكهرباء والماء والتليفون والمواصلات، لشأنهم بكل حرية.
        وأن نترك للجمعيات الخيرية وللمتبرعين فتح المدارس والمساجد والحسينيات والمستوصفات والمستشفيات والبنوك والإذاعات والتلفزيونات وما أشبه ذلك، كما عليها إلى جوار السماح للناس بكل ذلك، أن تنفق واردات الدولة ـ وبإشراف منتخبي الأمّة ـ في كل تلك المجالات أيضاً.

        إنّ عمل الدولة الأساسي الحفاظ على الأمن والاستقرار في البلاد فلا بدّ من وجود جهاز للحفاظ على أرواح الناس وأعراضهم وأموالهم في الداخل، ولا بد من وجود جيش للحفاظ على استقلال الدولة من أطماع الدول الأخرى.
        وليس عملها أن تخنق الناس وتعطل كفاءاتهم، وتتصدى للقيام بكل الأعمال والمشاريع..
        وهذا هو طريق السعادة سعادة الدولة وسعادة الشعب، وحينذاك وحده يرتفع الضيق الذي أنذر الله سبحانه لمن ترك أحكامه: (من أعرض عن ذكري فإنّ له معيشةً ضنكاً)(8) وذكر الله هو شريعته، والاعراض عن ذكر الله هو عدم تطبيق شريعته.
        وشريعة الله هي السبيل إلى السعادة الدنيوية والأخرويّة قال تعالى: (استجيبوا لله والرسول إذا دعاكُم لما يُحييكم)(9).

        والحياة التي يريدها الله لنا هي الحياة المفعمة بالإيمان والعمل الصالح، والخالية من الفقر والمرض والجهل والقلق والعزوبة والفوضى والتحارب.
        الحياة التي يريدها الله لنا هي أن نعيش مرفوعي الرأس موفوري الكرامة والعزّة: (ولقَدْ كرَّمْنا بَني آدَمَ..)(10)، وأن نمتلك اقتصاداً سليماً وكفاءات علمية، وأن ترجع لنا سيادتنا واستقلالنا.
        وهذا هو عنوان السعادة في الدنيا والآخرة، ربَّنا آتِنا في الدُّنيا حَسَنةً وفي الآخِرةِ حسنةً وقنا عذاب النار.
        والله الموفق المستعان.
        قم المقدسة
        محمد الشيرازي

        1 ـ قد انتهجت بعض الحلول في بعض البلدان للتعويض عن النفط كوقود، ففي الهند يسعى الخبراء للاستفادة من الطاقة الشمسية كبديل عن النفط. ويرى بعض الخبراء أن تكثير الغابات في البلاد تستطيع أن تسدّ بعض العجز الحاصل من نضوب النفط.
        2 ـ كالخليج والبحر الأحمر.
        3 ـ أماكن صناعة السفن.
        4 ـ المائدة: 2.
        5 ـ الأنبياء: 92.
        6 ـ الحجرات: 10.
        7 ـ فروع الكافي: ج5 ص279 ح2.
        8 ـ طه: 124.
        9 ـ الأنفال : 24.
        10 ـ الأسراء : 70.

        تعليق

        المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
        حفظ-تلقائي
        x

        رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

        صورة التسجيل تحديث الصورة

        اقرأ في منتديات يا حسين

        تقليص

        لا توجد نتائج تلبي هذه المعايير.

        يعمل...
        X