إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

شذرات من كتاب " نهج الشيعة " للسيد صادق الحُسينيّ الشيرازي حفظه الله

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • شذرات من كتاب " نهج الشيعة " للسيد صادق الحُسينيّ الشيرازي حفظه الله

    يقول السيد صادق الحُسينيّ الشيرازي حفظه الله : لا شك أن العلماء يمشون على الزحاليف و المنزلقات وهم معرّضون أكثر من غيرهم للمغريات , وما أكثر الذين غيّرهم المال أو الرئاسة , بدءاً من صحابة النبي المصطفى صل الله عليه و آله والأئمة الأطهار عليهم السلام إلى يومنا هذا , أمّا من سلم منهم من هاتين الآفتين (1) فهو من الصلحاء ممن ينبغي الاقتداء بهم و التنزه عما تنزهوا عنه .
    المصدر : نهج الشيعة ص 32 .
    ===
    1-حب المال و حب الرئاسة .

  • #2
    قال السيد صادق الحُسَيني الشيرازي : نُقِل عن أحد العلماء الزاهدين أنّه كان يعيش عيشةً زاهدةً ملؤها التقوى , وكانت سيرته مع أهل بيته أن يقتصر على توجيه النصائح في بعض الأوقات , ولم يكن يصرّ عليهم بالالتزام بغير الواجبات والفرائض الإلهية .
    وهذا الأمر بحد ذاته يجسّد حكماً شرعيا ينبغي لعوام الناس الالتزام به وإن لم يذكر ضمن الأحكام الشرعية في الرسائل العمليّة .
    وكان أحد الأشخاص ملتزماً بالصوم المستحب و يلزم أولاده بذلك , ولكنهم لم يكونوا يصغون له , فقلت له : لا يجوز لك ذلك , لأنه ليس لأحد أن يوجب ما لم يوجبه الله تعالى , فلا يحقّ لأحد أن يجبر أولاده على صلاة اللّيل أو الغفيلة أو الصوم المستحب , بل ليس له أن يوبّخهم على ترك ذلك أو أن يزعجهم .

    تعليق


    • #3
      الاقتداء بابن أبي عُمير رضى الله عنه (1) .

      ===

      يقول السيد صادق الشيرازي حفظه الله : من مصاديق "الصالحون قبلكم" بعد الأئمة الأطهار عليهم السلام هو ابن أبي عُمَير الذي عاصر الإمام الصادق عليه السلام وروى عنه , كما عاصر الإمامين الكاظم و الرضا عليهما السلام وروى عنهما .
      وبالرّغم من أنّه كان ثرياً يتاجر بالأقمشة , ولكنّه لم يجمع مالاً من مصادر الشرّ , ولم يتعلّق قلبه بالمال و الثروة في أصعب الظروف .
      كان ابن أبي عُمير عالم دين يوفّر معاشه ممّا يكتسبه من مال التجارة , فجمع ثروة كبيرة تربو على النصف مليون دينار , وهو مبلغ كبير جداً في ذلك الزمان , وقد ألقى به هارون العباسي في السجن بتهمة التشيّع لآل البيت عليهم السلام , فمكث فيه مدّة سبعة عشر عاماً , وصادر أمواله كافّة حتى بيته الذي يسكن فيه مع عائلته , وعذّب في السجن بشدّة وله في ذلك قصص مفصّلة مذكورة في التاريخ ,ثم خرج من السجن ولكن بأيّة حال ؟
      فقد نقل الشيخ الطوسي رحمه الله في كتابه "تهذيب الأحكام" أن ابن أبي عُمير قال لدى خروجه من السجن : والله لا أملك درهماً , وكانت القيمة الشرائيّة للعشرة دراهم آنذاك قيمة شاة .
      ونقل الشيخ الطوسي في "التهذيب" وصاحب "الوسائل" بعدّة طرق وفي مواقع عديدة منها "كتاب القرض و الدّين " أنّ ابن أبي عُمير كان قد أقرض شخصاً مبلغاً من المال قبل سجنه , وبقي هذا الشخص مديناً له طيلة فترة سجنه وبعد الإفراج عنه عمد الشخص إلى بيع داره لتسديد دين لابن أبي عُمير , وبالرّغم من أنّ ابن أبي عُمير لم يطالبه بالمبلغ إلا أنه تأثر له بشدّة ولما قدّم الرجل المال لابن أبي عُمير سأله ابن أبي عُمير قائلاً : من أين لك هذا المال , وجدت كنزاً أو ورثت عن إنسان ؟ لا بدّ أن تخبرني !
      فقال : بعت داري .
      فقال ابن أبي عُمير : حدّثني ذريح المحاربي عن أبي عبد الله عليه السلام : لا يخرج الرّجل عن مسقط رأسه بالدّين أنا محتاج إلى درهم وليس ملكي .
      أقول : لو أنّ ابن أبي عُمير قَبِلَ الدَّين لما خالف حكماً شرعياً لأنه كان يستحق المبلغ من جهة , وهو برضا المدين من جهة أخرى , إلا أنه التم بقول أمير المؤمنين عليه السلام " فاحبب لغيرك ما تحب لنفسك , واكره له ما تكره لها " .
      على أيّة حال , فقط امتنع ابن أبي عُمير عن أخذ المال و قال للرجل : اذهب و افسخ العقد .
      وحيث إن الإمام الصادق عليه السلام أمرنا باتّخاذ الصالحين السّابقين أسوة و نبراساً ومنهم ابن أبي عُمير الذي أبى أن يُلجئ أخاه المؤمن إلى العيش دون مأوى , رغم أنه كان مفتقراً إلى الدرهم الواحد فعلينا أن نقتدي بهذا النوع من الموقع أمام المال و أن نتنزّه بذلك عما تنزّه عنه الصالحون قبلنا .
      إلى أن يقول سماحة السيد : فقد مضى على وفاة ابن أبي عُمير رحمه الله أكثر من ألف و مئتي سنة , ولكن سيرته الرائعة لا تزال تبعث فخر و اعتزاز للشيعة على الآخرين , ولنا أن نطرح قصّته على جميع الأديان والمذاهب و نفتخر به عليهم .

      تعليق


      • #4
        الاقتداء بابن أبي عُمير رضى الله عنه (2)
        ===
        يقول السيد صادق الحُسيني الشيرازيّ : من حواريي الإمام موسى بن جعفر عليهما السلام وكبار محدّثي الإمامية هو ابن أبي عُمير , وقد لاقى هذا الصحابي الجليل ما لا يوصف من التعذيب في سجون هارون العباسي حيث سجنه مدّة سبعة عشر عاماً , وصودرت جميل أمواله ... لأنه لم يبح بأسماء أصحاب الإمام الكاظم عليه السلام و معرفته الكاملة بأن السلطة العباسية ستقتل كل من سيتفوّه باسمه .
        بقول ابن أبي عُمير : ضاق بي الأمر ذات يوم لما تعرّضت له من التعذيب و كدت أن أفشي بأسماء من أعرفهم من الشيعة , فرأيت محمد بن يونس بن عبد الرحمن فجأة وهو يحذّرني ويذكّرني قائلاً " يا محمد بن أبي عُمير ! أُذكر موقفك بين يدي الله .." فزادني ذلك عزماً ولم أستجب لمطالب بني العباس .
        وبالفعل فقد تحمّل ابن أبي عُمير الآلام الجسيمة ولم يَبُح باسم أحد من الشيعة ...

        تعليق


        • #5
          يقول السيد صادق الحُسيني الشيرازيّ : ذهب أتباع العقائد المحرّفة إلى أنّ لله ولداً أو زوجة , وأنه يمتطي الحمار ..
          وقولنا " سبحان الله " تنزيه الله عز وجل عن مثل هذه الخرافات .
          وقد نُقل عن داود الظاهري أنه كان يرتقي المنبر ويأمر الناس أن يسألوه عن الله عز وجل قائلاً : اعفوني عن الفرج و اللحية و اسألوني عما وراء ذلك !
          وهذا الادعاء البعيد عن التوحيد و الإيمان بالله عز وجل الذي ليس كمثله شيء يحكي عن انعدام العقل لقائله , فضلاً عن إساءة الأدب ..فالله سبحانه وتعالى منزه عن مثل هذه الخرافات .. وهو بقدسه بعيد عن كافة النقص و المعايب و الضعف ..

          تعليق


          • #6
            يقول السيد صادق الحُسينيّ الشيرازيّ : من الضروري جداً أن يقرأ المؤمنون الروايات المتعلقة بالجنة و صفاتها بين الفترة و الأخرى ليتضاعف شوقهم إليها , وليكون ذلك سبباً مانعاً دون التكالب على الدنيا و السقوط في حضيضها ..
            والجدير ذكره أن نِعم الجنة أبدية و مهيّأة , كما ان اهل النار خالدون فيها (أي في النار) , وفي بعض الروايات أنه يؤتى بالموت يوم القيامة على شكل حيوان , فيقال للجميع : هذا هو الموت !
            ثم يوضع في مكان بحيث يراه الجميع فيذبح بين الجنة النار , ثم يقال لهم : لا موت بعد الآن ! (1)
            وكما في بعض الروايات أنه لو كان ثمّة موت بعد انتهاء الحساب ف يوم القيامة لمات أهل الجنة من الحزن و لمات أهل النار فرحاً .(1)
            ولكن نِعم الجنة أبدية لأهلها , وعذاب النار أبدي لأهله , ولا خلاص لهم منها , ومفتاحا السعادة و الشقاء بأيدينا في الوقت الحاضر , وهذان المفتاحان قد سلبا من أيدي الموتى لأن كتبهم خُتمت وقضي الأمر , أما كتب الأحياء فلا تزال مفتوحة , لذا يجب أن ينظر الإنسان ماذا دوّن في كتابه وعلى أيّة صورة سيغلقه .
            ===
            1-الروايتان في البحار ج8 ص345

            تعليق


            • #7
              قال الصادق عليه السلام : أكثروا من أن تدعوا الله , فإن الله يجبّ من عباده المؤمنين أن يدعوه , وقد وعد عباده المؤمنين بالاستجابة , والله مصيّر دعاء المؤمنين يوم القيامة عملاً يزيدهم في الجنة .
              بعلّق المرجع الشيرازي قائلاً : الدعاء و السعي طريقان للوصول إلى الأهداف و الآمال , وليس لأحدهما أرجحية على الآخر , وهما معاً يبلغان المرء ما يرجو , كالسلكينِ اللذين يوقِدانِ المصباح معاً .
              قال تعالى : وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى وقال عز من قائل وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى و في آية أخرىقُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ
              ولا ريب أن أياً من هذين الأمرين لا يؤتي أُكله دون اقترانه بالآخر , إذ لا استغناء بأحدهما عن الآخر , فكما لا يثمر السعي دون الدعاء , كذلك الدعاء , فلا فائدة ترجى منه دون السعي , وقد اقتضت إرادة الله عز وجل الاقتران الأبدي بين هذين العاملَيْنِ لتحقّق أهداف الإنسان في الدنيا و الآخرة .. ولم نجد في سيرة أهل البيت عليهم السلام ما يشير أنهم أوصوا بواحد منهما دون التأكيد على الآخر .

              تعليق


              • #8
                العلامة البلاغي رحمه الله وجهده في هدم اليهودية و النصرانية
                ===
                يقول السيد صادق الحُسينِيّ الشيرازيّ حفظه الله : كان الشيخ محمد جواد البلاغي رحمه الله من أساتذة السيد الوالد رحمه الله , وكان من كبار علماء المسلمين , وله العديد من المؤلفات النفيسة و القيّمة منها كتابا (الرحلة المدرسية ) و (الهدى إلى دين المصطفى ) في ردّ اليهودية و النصرانية , وهما من أفضل ما كتب في هذا الباب , حيث عالج فيهما تحريفات التوراة الإنجيل , وعرض التناقضات بين هذين الكتابين و اختلاف النسخ المحرّفة المتداولة بين الأيدي و قارنها بالتوراة و الإنجيل الأصليين , ولهذين الكتابين قيمة علمية كبيرة جداً , ولعل صفحة واحدة منهما تكفي لإقناع يهودي أو نصراني بأحقية الإسلام ..
                وكان الشيخ البلاغي رحمه الله فقيراً جداً , وقد تحمّل لتوفير معيشته مصاعب جمّة إلى أن توفّي بمرض السل , ومن قصصه الجديرة بالتأمل و الاعتبار ما نقله السيّد الوالد رحمه الله , قال : إنّ الشيخ البلاغي رحمه الله اضطر لتأليف كتابه (الرحلة المدرسية ) إلى تعلّم اللغة العبرية رغم ما فيها من التعقيد , لأن كتابي التوراة و الإنجيل مدوّنان باللغة العبرية ولم تكن في العراق آنذاك جامعة لتعلّم اللغات , كما لم تكن هناك جهة معنيّة بترجمة هذين الكتابين ترجمة دقيقة ..
                ولكي يتأكد الشيخ البلاغي رحمه الله من مطابقة النسخ المترجمة إلى اللغتين العبريّة و الفارسية مع النسخة الأصلية المحررة باللغة العبرية , قرر رحمه الله أن يتعلم اللغة العبرية برمّتها !
                ولم كن آنذاك الكيان الصهيوني موجوداً , بل كان اليهود متناثرين في مختلف دول العالم بما في ذلك مدينة سامراء المقدسة , وكان فيها سوق يُدعى بسوق اليهود يتحدّث فيه اليهود و أولادهم بالعبرية .
                على كل فقد حاول الشيخ البلاغي رحمه الله تعلّم اللغة العبرية على أيدي بعض علماء اليهود , ولكنهم رفضوا ذلك لعلمهم بهدفه , كما امتنع كسبة و تجّار اليهود عن تعليمه , لذا كان في بعض الأحيان ولكي يعرف معنى كلمة واحدة يذهب إلى محلّة اليهود في الظهيرة الشديد ( عندما يلجأ الناس إلى السراديب هرباً من الحر و يخلو حرم العسكريين عليهما السلام من الزائرين حتى أن أحداً ما كان يستطيع تقبيل الضريح الشريف , فكان البعض لئلا تُلذع شفتاه يضع عباءته على الضريح الشريف و يقبّله من خلف العباءة ) ففي مثل هذا الجوّ الهجير كان الشيخ البلاغي يبتاع بعض الحلوى , ويضحّي بغذائه أو عشائه , ويقدمها لبعض أطفال اليهود الذين يلعبون في أزقة محلتهم , مقابل أن يفسروا له كلمة من كتاب التوراة .
                فكان الشيخ البلاغي رحمه الله يخرج من بيته في مثل تلك الأجواء متأبطاً كتابَيْ التوراة و الإنجيل (اللذين يعدلان ضعفي القرآن الكريم من حيث الحجم) ويسأل أطفال اليهود عن لغتهم إلى أن أتقنها بهذا الجهد المضني .
                ولم يبحث الشيخ البلاغي رحمه الله لنفسه عن تبرير , مثل عدم اتقانه للعبرية , أو عدم توفر المال الكافي لديه , أو عدم تمكنه من تحمّل الحر , بل حقّق هدفه مستعيناً بالتعقّل و التدبر لما قاله الإمام الصادق عليه السلام .
                وبالرغم من فقره تمكّن من تعلّم هذه اللغة عبر أطفال اليهود .. وهي لغة صعبة التعلم .. فكم من الصبر و السعي يجب أن يبذلهما الإنسان لتعلّم لغة على يد الصغار ؟ .. وهل لنا أن نقارن صبرنا بصبر هذا العملاق في عالم الأخلاق و المعرفة ؟ إنها لقسمة ضَيْزى !
                وقد قرأت عشرات الكتب حول التوراة و الإنجيل المحرّفين , إلا أن كتابَيْ الشيخ البلاغي رحمه الله بهذا الشأن يعدان مرجعين أساسيين للمحقّقين , ولمن أراد التأليف حول اليهودية و النصرانية .

                تعليق


                • #9
                  قال الصادق عليه السلام : واعلموا أنه ليس بين الله وبين أحد من خلقه ملك مقرّب ولا نبي مرسل ولا من دون ذلك من خلقه كلهم إلا طاعتهم له ، فاجتهدوا في طاعة الله إن سركم أن تكونوا مؤمنين حقا حقا ، ولا قوة إلا بالله .
                  يعلّق السيد الشيرازي قائلاً : يشير الإمام الصادق عليه السلام في هذا المقطع من الرسالة إلى طريق متصل بين المخلوق و الخالق ألا وهو طاعة الله عز وجل .. ولا فرق في ذلك بين ملك مقرّب أو نبي مرسل أو أي مخلوق آخر , سواء كان عالماً أو جاهلاً , أو واعظاً أو أستاذاً أو تلميذاً ..
                  ومع الالتفات إلى قوله عليه السلام ( ليس بين الله و بين أحد من خلقه ) يظهر عدم الاستثناء في هذه القاعدة , إذ لا مناص للجميع من السير في طريق الله عزّ وجل حتى طاعة النبي و الإمام عليهما السلام إنما شرّعت لأنها مستقاة من طاعة الله عزّ اسمه , فليس أمام المؤمن الحقيقي إلا اختيار طريق طاعة الباري تعالى ..
                  ومن قوله عليه السلام (ولا قوّة إلا بالله ) يظهر أن التوفيق للطاعة منوّط بالاستعانة بالله تعالى .. حتى الأنبياء و الأولياء –مع طاعتهم المطلقة- كانوا يخافون الله و اليوم الآخر و ذلك لعلمهم التام بعد وجود وسيلة إلى الله تعالى إلا وسيلة الطاعة .

                  تعليق


                  • #10
                    يقول السيد صادق الحُسينيّ الشيرازيّ : من لوازم الطاعة هي معرفة الله عزّ وجل و النبي صل الله عليه و آله و الإمام عليه السلام , وينبغي إحراز هذه المعرفة و تحقيقها حتى عن طريق الدعاء و الزيارة .. وقد ورد في كتب الروايات و الأحاديث الشريفة أن لوازم إطاعة الله تعالى ثلاثة : معرفة الله , و معرفة الرسول , و معرفة الإمام , وكذا إصابة السُّنّة .
                    والمقصود من المعرفة و العرفان هو المذكور في الروايات , وليس ما يطلق عليه هنا و هناك بالعرفان .. فالعرفان اصطلاح فنّي , كما هي بقية الفنون , ولكن مع فارق واحد وهو أن سائل الفنون تحرّف عن معانيها و مواردها , أما العرفان المذكور هنا و هناك فقد تسبّب في إضلال كثير من الناس , لأنه لم يقم أساساً على بصائل أهل البيت عليهم السلام .. والحال أن المراد بالعرفان في أحاديث أهل البيت عليهم السلام هي المعرفة بهدي أهل البيت عليهم السلام واتّباعهم و تصحيح المعتقدات , إذ إنّ الأعمال وفق العقيدة السليمة من أهم العبادات و القربات إلى الله عز وجل , والأدعية المأثورة عن المعصومين عليهم السلام خاصّة الواردة في الأشهر الثلاثة – رجب و شعبان و رمضان – و سائل إعداد للإنصان كي يلتزم بالفرائض و الطاعة ...
                    ولا ريب أن تصحيح المعتقد بحاجة إلى دعم .. ومن جملة وسائل الدعم هي الأدعية الواردة عن أهل البيت عليهم السلام كقوله (خاب الوافدين على غيرك , وخسر المتعرّضون إلا لك ) .

                    تعليق


                    • #11
                      قال الإمام الصادق عليه السلام : واعلموا أن أحداً من خلق الله لم يُصِب رضا الله إلا بطاعته وطاعة رسوله وطاعة ولاةِ أمره من آل محمد صلوات الله عليهم ومعصيتهم من معصية الله، ولم يُنْكِر لهم فضلاً عظُم أو صغُر.
                      ===
                      يعلّق السيد الشيرازي قائلاً : إن كلمة (أحداً) نكرة في سياق النبي وهي تفيد العموم , ولم يطلها التخصيص و الاستثناء ..
                      ومعنى الفقرة : أنّه ليس لأحد نيل رضا الله تعالى من دون اتباع تعاليمه و تعاليم رسوله و تعاليم أولي الأمر وهم آل بيت الرسول عليهم السلام .
                      فإذا اجتمعت هذه الخصائص الثلاث –طاعة الله و طاعة الرسول و طاعة أهل البيت عليهم السلام – في أحد , فقد أصاب رضا الله تعالى , ولن ينال أحد رضا الله تعالى لو فقد إحدى هذه الخصائص الثلاث .
                      فلا يمكن القبول بالقرآن الكريم من دون الرسول , ولا ثمرة للإيمان بالقرآن و بالرسول منفكاً عن الإيمان بخلفائه و أوصيائه .. بالطبع فإن تحصيل رضا الله تعالى يختلف عن مقام العفو الرباني فلعل الله تبارك و تعالى يعفو عن أحد لما يرضَ عنه .. إلا أنّ السعي إلى تحقيق رضا الله بحاجة إلى إحياء الخصائص الثلاث المذكورة في النفس ..
                      وكلمة (مِن) حرف إنشاء , أي : إنّ (معصيتهم من معصية الله ) تفيد أن معصية الرسول و أولي الأمر هي معصية الله تقدست أسماؤه .
                      ثم يكمل قائلاً : أشار الإمام الصادق عليه السلام إلى شرط من شروط نيل رضا الله عز وجل , فقال : لم ينكر لهم فضلاً , عظم أو صغر )
                      فإن نيل رضا الله موقوف على عدم إنكار فضائل أهل البيت عليهم السلام فضلاً عن اتباع تعاليم الله و رسوله و أولي الأمر .
                      فمن يتبع أوامر الله و رسوله و أولي الأمر , ثم ينكر بعض فضائه أولي الأمر لن ينال رضا الله تعالى , ولا فرق في ذلك بين أن تكون هذه الفضائل صغيرة أو كبيرة .
                      فإن من الذنوب العظام الإصرار على الصغائر .. وإنكار فضائل الأئمة عليهم السلام ذنب كبير ولو كانت صغيرة , لأن نيل رضا الله تعالى موقوف على إحراز تلك الخصائص الثلاث , قال تعالى ( ما آتكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا )
                      ووفق هذه الآية الكريمة –منطوقاً و مفهوماً- فإن ما يأتي به النبي صل الله عليه و آله فيه الخصوصية نفسها لما يأتي به القرآن الكريم .. ومن جملة ما جاء به الرسول قوله صل الله عليه و آله المتواتر ( علي مع الحق و الحق مع علي ) وقوله ( إني تارك فيكم الثقلين , كتاب الله و عترتي أهل بيتي )

                      تعليق


                      • #12
                        أبو الخطاب ... العالِم الذي أضلّه علمه !
                        ===
                        يقول السيد صادق الحُسينيّ الشيرازيّ حفظه الله : كان أبو الخطاب أحد تلامذة الإمام الصادق عليه السلام –ويبدو أنه حينما كثر علمه – ادّعى ربوبية الإمام الصادق عليه السلام و أنه مبعوث من قبله , وقد عرج به إلى السماء , وكان قد اتبعه عدد من الناس الهمج الذين يميلون مع كل ريح .
                        نقل في بحار الأنوار أنه قيل للإمام الصادق عليه السلام : إن أبا الخطاب يلبّي في الحج باسمك , فبكى الإمام و أعلن براءته من ذلك , وقال ( اللهم إني عبدك وكان أبي عبدك , وجميع أعضائي و جوارحي تصدح بالعبودية لك .. )
                        يقول زيد بن النرسي : قال الإمام عليه السلام ذلك و كانت دموعه تهطل .. حتى قال : لم تكن تلبية الأنبياء و المرسلين كهذه التلبية , ولم تكن تلبيتي بذلك , وإنما أقول "لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك " , ثم قال ( يا زيد ! قلتُ لك ذلك –البراءة من تلبية أبي الخطاب- لأستقرّ في قبري !) ولا يخفى أن الإمام عليه السلام لا علاقة له بما يقوله أبو الخطاب أبداً , وهو يعرف القرآن الكريم أفضل من غيره , وقد قرأ قوله سبحانه و تعالى ( وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ) أفضل من غيره ...
                        ===
                        ثم يستمر فيقول : ذهب بعض الناس إلى أن نبي الله عيسى عليه السلام ابن الله , وفي القرآن الكريم أن الله تعالى سيسأله في يوم الحساب قائلاً ( أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ) فيجيب هذا النبي العظيم (إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ)
                        الملفت للانتباب أن الله تعالى يسأل عيسى ابن مريم وهو يعلم أنه لم يدّع ذلك , ولكنه يريد دحض هذا الادعاء على مرأى ومسمع من عبدوه من دون الله و أشركوا به .. وكذا هو الإمام الصادق عليه السلام , فهو ببكائه ناظر إلى الاستجواب يوم القيامة ..
                        ولذا ينبغي لنا الاقتداء لأهل البيت عليهم السلام ولو أن من المستحيل بلوغ مراتبهم .. ولكن يكفينا قول الإمام علي عليه السلام ( أعينوني بورعٍ..)
                        إلى أن يقول : فالدنيا مطية عبور , وسيحشر الإنسان يوم القيامة حاملاً أعماله على ظهره .. فقد يكون كأبي الخطاب الذي لعنه المعصوم عليه السلام وتبرأ منه , أو يكون كولده الحسين بن أبي الخطاب الذي أصبح من الثقات و أركان التشيع !

                        ------------------

                        لعن العالِم الذي يحرّف دين الله ...أبو الخطاب مثالاً
                        ===
                        يقول السيد صادق الحُسينيّ الشيرازيّ حفظه الله : لعن الإمام الصادق عليه السلام أبا الخطاب في أكثر من موقع لما بلغه أنّه يتلاعب في بيان الأحكام ومن ذلك قوله ( لقد قلب له : مسّوا بالمغرب قليلاً , ولكنّه قال : أخّروا صلاتكم حتى تشتبك النجوم !)
                        ومن المعلوم أن الغروب يختلف عن المغرب , فالغروب يطلق على اختفاء الشمس في الأفق , والمغرب هو ما يلي ذلك بدقائق قليلة حيث ترتفع الحمرة المشرقية .
                        والمشهور بين الفقهاء أن المغرب يختلف عن الغروب , وأنّ وقت أداء الصلاة و الإفطار هو المغرب , أما اشتباك النجوم فيكون بعد نصف ساعة من المغرب ..
                        ومن المسلّم أن تأخير الصلاة إلى هذا الوقت لا مانع منه من الناحية الشرعية , إلا أنّ الإمام عليه السلام لعن أبا الخطاب لتغييره حكم الله وتعمد التحريف في قول المعصوم عليه السلام .
                        ففي الرواية ( أوّل الوقت أبداً أفضل) ولكن أبا الخطاب غيّر الحكم الشرعي مدّعياً أنّه ينبغي الانتظار لوقت الفريضة حتى تشتبك النجوم ..

                        تعليق


                        • #13
                          عدم اختراع أدعية والالتزام بأدعية أهل بيت العصمة .
                          ===
                          يقول السيد صادق الحُسينيّ الشيرازيّ حفظه الله : قرأ عبد الله بن سنان على الإمام الصادق عليه السلام دعاء كان قد علّمه إياه , وبدلاً من أن يقول ( يا مقلّب القلوب ! ثبّت قلبي على دينك ) قال : يا مقلب القلوب و الأبصار ... فاستنكر الإمام عليه و قال : إن الله مقلّب القلوب و الأبصار و لكن اعمل بما أمرناك .
                          فإن للإنسان أن يطلب حاجاته من الله بأي لسان أراد , ولكن التصرف و التغيير في ما ورد عن المعصومين عليهم السلام أمرٌ حرام كما عن الكثير من الفقهاء , بل إن بعض الفقهاء حرّم اختراع الأدعية مستدلاً على ذلك بما ورد عن عبد الرحيم القصير عن أبي عبد الله عليه السلام , قال : قلت له عليه السلام : إني اخترعت دعاء , فقال عليه السلام ( دعني من اختراعك )
                          ونُقِل أن الحسين بن روح رضوان الله عليه كان يقرأ على الشيعة دعاء .. فعاده في اليوم الثاني إبراهيم بن إسحاق وهو يقول في نفسه : أتراه ذكر لنا يوم أمس من عند نفسه ؟!
                          فابتدأه فقال له : يا محمد بن إبراهيم لأن أخرّ من السماء , فتخطّفني الطير أو تهوي بي الريح في مكان سحيق , أحب إليّ من أن أقول في دين الله تعالى ذكرُهُ برأيي ومن عند نفسي , بل ذلك عن الأصل .

                          تعليق


                          • #14
                            رابط الكتاب
                            http://alfeker.org/library.php?id=2456

                            تعليق

                            المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
                            حفظ-تلقائي
                            x

                            رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

                            صورة التسجيل تحديث الصورة

                            اقرأ في منتديات يا حسين

                            تقليص

                            لا توجد نتائج تلبي هذه المعايير.

                            يعمل...
                            X