إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

ملخص محاضرات الشيخ عبدالعظيم المهتدي البحراني في الأفراح الشعبانية

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • ملخص محاضرات الشيخ عبدالعظيم المهتدي البحراني في الأفراح الشعبانية

    وُلِدَ الحسينُ
    وهل نولد معه في رسالته؟
    Www.Facebook.com/Global14Islam

    كلمة سما
    حة العلامة الشيخ عبدالعظيم المهتدي البحراني ليلة الثالث من شهر شعبان (1437) بمناسبة مولد الإمام الحسين (عليه السلام) بدعوةٍ من مأتم القصّاب في مأتم المديفع بالعاصمة المنامة.

    (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ)

    (قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَىٰ)

    * ماذا أقول في الحسين بن عليّ سبط النبيّ المولود الوحيد الذي بكاه أهلُه حين ولادته لما أخبر جدّه رسول الله (صلى الله عليه وآله) بأنه ستقتلُه الفئة الباغية.

    * ماذا أقول في الحسين بن عليّ سبط النبيّ الذي فداه جدّه رسول الله (صلى الله عليه وآله) بولده إبراهيم حينما نزل عليه جبرئيل (عليه السلام) وكان على فخذه الأيسر إبنُه إبراهيم وعلى فخذه الأيمن سبطُه الحسين فأبلغه سلامَ الله تعالى عليه وبأنه يخيّره بين أحدهما والآخر سيتوفّاه. فوافق الحبيب المصطفى على أن يُقبَض روح إبنه فداءًا لسبطه الحسين، فكان (صلى الله عليه وآله) كلّما رأى الحسين (عليه السلام) مُقبِلًا ضمّه إلى صدره وقبّله، وقال: فديتُ مَن فديتُه بإبني إبراهيم.

    * ماذا أقول في الحسين بن عليّ سبط النبيّ وقد قال فيه جدّه رسول الله (صلى الله عليه وآله): "حُسَيْنٌ مِنِّي وَأَنَا مِنْ حُسَيْنٍ أَحَبَّ اللَّهُ مَنْ أَحَبَّ حُسَيْنًا".

    * ماذا أقول في الحسين بن عليّ سبط النبيّ وهو الصبيّ ذو ستّ سنوات وسبعة أشهر يعارض حاكمًا غَصَبَ خلافة أبيه.. إذ دخل مسجد جدّه رسول الله (صلى الله عليه وآله) فرآى فلانًا جالسًا على المنبر فصعد إليه وقال له أُنزُل من منبر أبي واذهب إلى منبر أبيك!!
    فلم يُحِر جوابًا إلا أن يعترف قائلًا: ليس لأبي منبر!!
    هكذا أسقطه الحسين بين يديه وأحرجه أمام الحاضرين ولم يقل له عن منبر جدّي بل قال عن منبر أبي لأنه يريد الدفاع عن الخلافة الشرعية!!

    * ماذا أقول في الحسين بن عليّ سبط النبيّ الذي ضرب أروع الأمثلة في روائع الأدب الإنساني حينما دخلت عليه جارية من إمائه فَحَيّته بباقة ريحان، فأخذ منها الحسين وقال لها: "أنتِ حُرّة لوجهِ الله".
    فقال له أنس وكان جالسًا عنده: تُحيّيك بباقة ريحان لا خطر لها (أي لا قيمة لها) فتَعتِقَها؟
    فقال الإمام (عليه السلام): كذا أدبنا الله الذي قال: (وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا) وكان أحسن منها عِتقَها أيضًا".
    والحسين في كربلاء يضع خدّه الشريف على خدّ العبد الأسود كما وضعه على خدّ ولده عليّ الأكبر.. هكذا هو الإنسانية التي تجلّت قبسات منها في شخصية الإمام الحسين (روحي فداه).

    * نعم.. ماذا أقول في الحسين بن عليّ سبط النبيّ وهو الوحيد في العالم كلّه الذي وُلِدَ مرّتان.. مرّة في الثالث من شهر شعبان وأخرى في العاشر من شهر محرّم الحرام حيث أكملت الثانيةُ الأولى ببركات لازالت ممتدّة إلى يومنا وإلى يوم القيامة وسننعم بها حتى في الجنة للأبد. ففي الأولى وُلِدَ بولادته الخير كلُّه وفي الثانية وُلِدَ باستشهاده الفوز والعزّ والمجد والإباء والأخلاق والشموخ والكرامة كلّها.
    ولقد عاش بينهما ستًّا وخمسين وتسعة أشهر وعشرة أيام.. حياةً مليئةً بالعلم والعبادة والأخلاق المناقبية الرائعة ومواقف الشهامة والشجاعة أحيا بها حقيقة الإسلام وروح الإنسانية.

    أيّها الإخوة الكرام:

    مهما أقول وأقول لن أدرك قليلًا من عظمة هذا الإمام الذي كتب الله على يمين عرشه: "إنّ الحسين مصباح الهُدى وسفينة النجاة".

    ولكن لِنكُن جديرين بالتشيّع له واتّباعه بصدقٍ كما هو يريد لا كما يحلو لنا وكما تُمليه علينا أمزجتُنا!!

    لِنكُن بمستوى الإنتماء حينما ندّعي أننا حسنيّون.. فهل نحن عقائديّون إصلاحيّون أخلاقيّون إبائيّون؟!

    لِنكُن في ثقافتنا وأفكارنا ما لو سألنا الحسين من أين تأخذون مفاهيمكم الثقافية والفكرية؟ فنقول له سيّدي نأخذها من كتاب الله وسُنّة جدّك رسول الله وأقوال أبيك عليٍّ وليّ الله وأمّك الزهراء وأخيك الحسن وأولادك الهادين المهديّين. ولن نلتقط سمومًا معها يا مولاي.

    فلنعاهد هذا الإمام وجدّه وأمّه وأباه وأخاه والتسعة الأئمة من بنيه أن نغيّر ما بأنفسنا ليتغيّر واقعنا نحو واقع سليم ننقذ به البشرية بديننا وأخلاقنا وتقوانا وحكمتنا ووحدتنا ونضجنا وتركنا للمعاصي وسفاسف الأمور وتوافه الحياة المادّية.

    إخوتي الكرام:

    إنني في ختام كلمتي بهذا الحفل البهيج أقول لي ولكم:

    إنّ الحسين أعظم من كل مظاهر الفرح التي نقوم بها في مولده ومظاهر الحزن التي نُحييها في شهادته.. هذه العظمة لو اكتشفناها وسرنا على ضوئها بالعنوان الصحيح سنُفشِل كلّ المخطّطات التي رصدها أعداء الحسين ليسلبونا الحسين الحقيقي ويعطونا بدلًا عنه حسينًا بمقاساتهم المزيَّفة!!

    من هذه المخطّطات:

    1/ إظهار الحسين رجلًا سياسيًّا ثوريًّا بلا عقائديات معه ولا عباديات ولا أخلاقيات ولا شعائريات بكائية.

    2/ إظهار الحسين في جهة العكس.. شعائر عزائية خالية الهدف ومقطوعةٍ عن مقاصدها الإصلاحية الكبرى.

    3/ غزو الشباب بأفكار خرافية متطرّفة باسم الحسين والولاية والبراءة واستخدام لغة الفحش والبذاءة ضدّ الآخر كوسيلة لنصرة الحسين!

    4/ زرع مظاهر التفسّخ والإثارات الشهوانية في طريق المواكب العزائية. فالبنات المتبرّجات في الشوارع من أخطر سهام الشيطان لقتل الروح الحسينية في الشباب.

    5/ الإفراط في توزيع الأطعمة وقد تجاوز حدّ الإسراف ونسي البعض في هذه المضائف الجانب الأهمّ وهو توزيع طعام الفكر الحسيني والإرشاد التربوي. إنّ المال الذي يذهب لغذاء البطون يجب تخصيص قسم منه لطباعة كتيّبات وإعلانات صغيرة تحتوي على كلمات الإمام الحسين ولاسيّما في البُعد التربوي والأخلاقي والإنساني لتغذية العقول بما يقرّب هذا الجيل إلى رسالة الحسين وأهدافه.

    ففي ولادة الحسين فرصتنا لكي نولد معه في رسالته وقيمه وأهدافه.. وإلا سنخسر الحضور مع حفيده الإمام المهدي (عليه السلام) حين ظهوره كما خسر الذين جاؤوا إلى كربلاء ثم غادروها لدنياهم الفانية وخسروا رضوان الله الأكبر.. أولئك الذين قال عنهم الإمام الحسين (عليه السلام): "إنَّ النّاسَ عَبِيدُ الدُّنْيا وَالدِّينُ لَعِقٌ عَلى ألسِنَتهم، يَحُوطُونَهُ ما دَرَّت مَعائِشُهُم، فَإذا مُحِّصُوا بِالبَلاءِ قَلَّ الدَّيّانُونَ".

    اللّهمّ اجعلنا حسينيين ولا تجعلنا من الخاسرين.

    محاضرة لسماحة العلامة الشيخ عبدالعظيم المهتدي البحراني في مأتم المديفع بالمنامة (البحرين) ليلة مولد الإمام الحسين (عليه السلام) - 3 من شهر شعبان 1437 هـ


    مقطع صوتي:

    by Matam Al-Qassab #np on #SoundCloud https://soundcloud.com/malqassabbh/3shaaban1437-kalema

    المحاضرة المرئية:
    https://youtu.be/GkB9kTUrODw

  • #2
    تعالوا
    إلى حيث العباس كان
    Www.facebook.com/Global14Islam


    كلمة الشيخ عبدالعظيم المهتدي البحراني قبل عامين (4/شهر شعبان/1435) في ليلة ميلاد العباس قمر بني هاشم (عليه السلام).. بمأتم أبي الفضل العباس في منطقة سند.

    (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ)

    السلام عليكم أيها الحضور الكرام..
    وبعد:
    مقدَّمة هنا وذو مقدَّمة بعدها..

    فأما المقدَّمة:

    أتساءل ما هو الفرق بين القرآن الصامت والقرآن الناطق؟
    القرآن الصامت هو الورق المكتوب عليها سور القرآن وآياته ولكنه لا يتكلم ولا يدافع عن نفسه إذا قام بحرقه حقير مثل القس الأمريكي الصهيوني أو قام برميه تحت أقدام الخنازير ليثير مشاعر المسلمين الذين آثروا النوم العميق ولا توقظ الغيرة فيهم حتى قنابل النابالم!!
    هذا القرآن هو نفسه الذي رفعه معاوية فوق الرماح في واقعة صفين ليخدع به الأغبياء من جيش الإمام علي (عليه السلام).. فصنع فيهم الإنشقاق الذي انتهى إلى خوارج نهروان والإغتيالات التكفيرية التي نالت من إمام الحق في محراب صلاته.

    إنه متى ما انغلق العقل عند المسلم حتى ولو قرأ القرآن ليلًا ونهارًا سوف لن يفقه آياته من غير الإصغاء للقرآن الناطق المتحرك الواعي المدافع عن رسالات الله.. وهو الإمام المعصوم من آل بيت النبي الأكرم (صلوات الله عليه وعليهم أجمعين) هو الوحيد الذي يدير مشروع التطبيق للقرآن الصامت ومَن ينوبه من الفقهاء العدول.

    مثل هذا الفرق بين القرآن الصامت والقرآن الناطق يوجد بين مَن يتلقّى العلم للعلم نفسه وبين مّن يتلقّاه للعمل به وصناعة الحياة الطيبة سواءًا في البُعد الفردي أو القضايا العائلية والمجتمعية والسياسية والفكرية و...

    من هنا نعرف الفرق أيضًا بين مَن يأتي إلى المأتم الحسيني ليستمع بلا هدف أو مَن يذهب إلى الحوزة العلمية ليدرس أيضًا بلا هدف.. وبين الذي يبحث في المأتم والحوزة عن رسالة هادفة ويكون كالشاب الذي جاء من نائية بعيدة إلى المدينة المنوَّرة فأخذ جواب سؤاله من رسول الله (صلى الله عليه وآله) ثم انطلق راجعًا إلى أهله!! فناداه بعض الأصحاب أما تبقى لتأخذ المزيد من علم رسول الله؟ فقال لهم أذهب للعمل بما تعلّمتُه ثم أعود للمزيد!! فعلّق الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) قائلًا بما معناه: إنه قد فَقَهَ الحديث.

    بهذا نكتشف الجواب على السؤال التالي:
    لماذا لم ينتفع بعض الناس مما يستمعونه في مناسبات المواليد والوفيات وكأن الحالة تشبه التَّرَف وإنما صار المجيء عندهم لمجرّد التبرّك بالمعلومات مثلًا أو العادة في لقاء أصدقائه.. وفي هذه الحالة أليس جهاز الكمبيوتر والحاسوب الآلي أكثر دقة في الإختزان من هذا الإنسان؟!

    إذن نحن هنا الليلة لنتعلّم ولنعمل بما تعلّمناه...

    بعد هذه المقدَّمة.. ندخل إلى ذي المقدَّمة فنقول: مَن هو أبو الفضل العباس؟

    سمعتم كثيرًا عن هذه الشخصية العظيمة التي تميّزت في بطولاتها الإستثنائية من بعد أخيه الإمام الحسين.. فهو الرجل الثاني في لَمَعانه العاشورائية ومواقفه البطولية ومشاعره الملائكية والإنسانية..
    البعض ينتعش من القصص البطولية للعباس، سواءًا ما كان منها في حياته أو بعد استشهاده.. تسألوني: وكيف بعد استشهاده أيضًا؟!
    أقول: نحن قوم نؤمن بالغيب.. والشهداء أحياء عند ربهم يُرزَقون فكيف بمثل العباس عميد شهداء الطف.. نعم إنه يصنع البطولات حتى من عالَم الغيب ولكن بإذن الله.. وهي معجزاته وكراماته (ألم * ذَٰلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ ۛ فِيهِ ۛ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ...َ).

    ولكنّي أرى في العباس بعدًا أهم.. وهو البُعد الذي أفرز المواقف الرسالية التي نقرؤها في قصصه، وبالطبع نقصد منها التي تتطابق مع الموازين العقلية والشرعية لا الخرافيات التي يؤمن بها الجهلة.

    أيها الأحبّة.. حينما تنظرون إلى ظاهر البناء الشامخ الجميل الجذّاب لا تغفلوا عن مقدّماته وقواعده وعن أجزائه الخافية وقِوامه الداخلي الذي تعب عليه المهندسون وأتقنها الفنّيون والعمّال التنفيذيون.

    + إن العباس الذي نفخر به وننتعش عند سماع شجاعته وعنفوانه وغيرته ووفائه وصموده قد تعب على تكوين ذاته وتعليم نفسه وتربية كيانه حتى نال وسام كلمات التقدير من الأئمة المعصومين.. فقد قال فيه الإمام السجاد (عليه السلام): "رحم الله عمّي العبّاس، فلقد آثَرَ وأبلى، وفدى أخاه بنفسِه، حتى قُطِعَت يداه، فأبدله الله بجناحَين، يطير بهما مع الملائكة في الجنّة، كما جعل لجعفر بن أبي طالب، وأن للعبّاس عند الله تبارك وتعالى منزلةً يغبطه عليها جميع الشّهداء يوم القيامة".

    + وكفى العباس فخرًا أن ثلاثًا من الأئمة المعصومين قبَّلوا يدَه :
    أ - أبوه الإمام علي (عليه السلام) حين ولادته وبكى.
    ب - أخوه الإمام الحُسين (عليه السلام) حين أخذ يدَيه المقطوعتَين بالقرب من شط الفرات.
    ج - إبن أخيه الإمام زين العابدين (عليه السلام) حين أراد أن يدفنه في اليوم الثالث عشر من شهر محرَّم.

    + كان وأخوه الحسين كنفسٍ واحدة مثل نفس محمدٍ وعليّ.. وكانا لما يقرّرا خوض دماء الحثالات الأمويّة التي أتت إلى كربلاء للجريمة.. يتفقان على كلمة السرّ.. فيهجم الحُسينُ رافعًا صوته "أنا ابن مُحمّد المصطفى" ويجيبه العباس مكمِّلًا "أنا ابن عليٍّ المرتضى".

    نعم هذا العباس ما جاءت فضائله من فراغ، بل مِن زلال خَمس خصال قد شَهَدَ لها الإمام الصّادق (عليه السلام) عندما قال: "كان عمّي العبّاس بن عليّ (عليه السلام) نافِذ البصيرة، صلب الإيمان، جاهَدَ مع أخيه الحُسين، وأُبلِيَ بلاءً حسناً، ومضى شهيداً".

    * أولًا - كان نافذ البصيرة

    وتعني البصيرة ذلك القلب الذي يبصر الحقيقة.. وهي تُكتسَب بالعلم والإيمان والتفكّر وجهاد النفس وبالإخلاص لله ورفض الكسل والمعاصي. وما أحوجنا إلى هذه البصيرة كي نختار المكان الصحيح الذي يجب أن نقف فيه كما وقف العبّاس مع الحسين حتى رفض رسالة الأمان التي أتى بها الملعون شمر من قائده ابن زياد.. فلم يكلِّمه العباس حتى أذِنَ له الحسين بالردّ عليه.. هنا قال العباس للشّمر: ويحك.. أتُؤمِنُني وابن رسول الله لا أمان له؟!
    هذا الموقف الشريف نابع من البصيرة.. إننا في الأحداث التي يمرّ بها عالمنا اليوم والمنطقة وبلدنا البحرين نحتاج إلى البصيرة كي نحلّل الأمور بعينٍ ثاقبة وننفذ إلى عمق القضايا بقلبٍ مستنير فلا نكن ممن تأخذهم كلمةٌ إلى اليمين وكلمةٌ تجرّهم إلى الشمال.

    * ثانيًا - كان صلب الإيمان

    ليس الإيمان كيفما كان.. بل الإيمان من نوعه الصلب هو المطلوب.

    "فإنّ المؤمن أقوى من الجبل، إنّ الجبل يُستَقَلّ منه والمؤمن لا يُستَقَلّ من إيمانه شيء". هكذا ورد عن الإمام الصادق (عليه السلام). حيث الجبل ينقص منه بالأنفاق والطرقات بل وفي زماننا تُزال الجبال بقنابل الديناميت.. وأما المؤمن فلن تحرِّكه العواصف. فلا تهزكم الشبهات التي تثار ضد مذهب أهل البيت مثلًا عبر القنوات الفتنويّة وكلها مردودة بالأدلة من كتبهم.
    إنّ أبا الفضل العباس كان صلب الإيمان بالله وبالرسول وبإمام زمانه الحسين بمعنى عدم تأثُّره بمعاول التشكيك وسموم الإفتراء.

    * ثالثًا - كان مجاهدًا في صفّ الحُسين

    وجهادُه كان متميّزًا بمعنى الكلمة.. ورد في التاريخ لما أتوا إلى يزيد في الشام العَلَم الذي كان العباس مستميتًا في الإمساك به.. فلما رآى الطاغية ثقوب السهام في كل أماكن العَلَم إلا موضع المقبض مكان قبضة العباس!! قال متعجِّبًا: هكذا يدافع الأخ عن أخيه؟!

    * رابعًا - كان صابرًا في البلاء

    لقد امتحنه الله ببلاء حسن.. ولم يكن من السهل ما تحمّله أبو الفضل العباس من مصائب وآلام.. قُطعَت يداه وضُرِبَ بعمود على رأسه وأُصيب بسهمٍ في عينه وبرمحٍ في صدره وضربات السيف من كل ناحية على بدنه.. وهو على الأرض ينادي أخاه الحسين.. أَدرِك أخاك.
    هذا الصبر للخروج من إمتحان البلاء بنجاحٍ باهر وامتياز كبير هو معنى البلاء الحسن.

    * خامسًا - كان باحثًا عن الشهادة

    أجل.. إن بصيرًا مؤمنًا مجاهدًا صابرًا مثل العباس لن يرضى لنفسه أن يغادر الدنيا إلا بالشهادة.. ﻷن الموت الطبيعي قليل عليه وفشيلة للبطل.. لذا فقد قضى شهيدًا إذ كان جادًّا في البحث عن كرامة الخالدين واحتلّ القمّة فيهم.. إنه العباس فلا عجب!!

    وختامًا:

    إنّ رسالتنا في هذه الليلة هي بناء الذات بأيّ مقدار استطعنا.. فلا أحد منا يقول أن هذه الصفات ليس لنا طريق إليها. لأنها اختصّت بالعباس لكونه إبن المعصوم.. أخ المعصوم.. وعمّ المعصوم!!

    أقول: إنّ هذا المنطق هو المسؤول عن كل الأزمات التي يعانيها المسلمون.. ومعناه أن الدين الإسلامي غير مؤهَّل لتغيير الإنسان وتطوير المجتمع، وأن تعاليمه لا تدعونا إلى واجبات التقدّم نحو الأفضل.. بينما الله عزّوجل قال آمرًا: (وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ ۖ وَسَتُرَدُّونَ إِلَىٰ عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ).

    تعليق

    المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
    حفظ-تلقائي
    x

    رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

    صورة التسجيل تحديث الصورة

    اقرأ في منتديات يا حسين

    تقليص

    لا توجد نتائج تلبي هذه المعايير.

    يعمل...
    X