بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد ، وعجل فرجهم ، والعن أعداءهم ..
من المعروف عن أهل السنة والجماعة :
أنهم لا يقرون بالعصمة المطلقة للأنبياء ( عليهم السلام ) ، ويحصرونها
فقط وفقط في مجال التبليغ ، وإيصال الرسالة للغير .
فالأنبياء ( عليهم السلام ) معصومون عندهم ، ولكن لا عصمة مطلقة ،
وإنما هي محددة بحدود الأطر التبليغية ، حيث تدور في فلكها .
ففي غير التبليغ : الأنبياء ( عليهم السلام ) بشر ، حالهم من حالنا ،
يخطئون وينسون ويشتبهون ، وما إلى ذلك ..
وعلى ذلك : فمن الطبيعي إذن ألا يرون العصمة لغير الأنبياء ، لا بصورة
جزئية ، ولا بصورة مطلقة .
إضافة إلى أنهم يحكمون بالخطإ والإشتباه على كل من قال بالعصمة
المطلقة للأ نبياء ( عليهم السلام ) ، أو لغيرهم .. كما هو الحال في
المعصومين الإثني عشر ( عليهم السلام ) عند طائفة الشيعة الإمامية
الإثني عشرية ( أعلى الله كلمتها ) ..
أو ربما حكموا عليه بالغلو ، واتهموه بالتفسير الباطني للأمور !!
.. وفي تصوري أنه إلى هذا المقدار قد استطعت تبيين الخطوط العامة
التي تتحدد بها رؤية أهل السنة والجماعة لفكرة العصمة .
هذا مع غض الطرف عما قد يرد على هكذا رؤية من إيرادات وإشكالات
ومحاذير عقلية أوسمعية !!
ولكن .. ماذا يصنع أهل السنة والجماعة إذا طلع عليهم من صفوفهم
من لا يتوقعون أنه يقول بالعصمة لغير الأنبياء ( عليهم السلام ) ؟!
بل أكثر من ذلك : إذا برز لهم من لا يتصورن ، ولايدور في خلدهم - أبدا -
أن هذا الكلام يصدر من مثل ذلك العظيم ، إمام الجرح والتعديل !!
هل سيخطئونه ؟! .. أم هل سيوهنون كلامه ؟! .. أم هل سيأولون
عباراته ويصرفونها عن معناها الظاهري ؟! .. كما هي العادة !!
لنقرأ ولننظر :
قال الإمام الذهبي في كتابه ( الموقظة في علم مصطلح الحديث ) ،
الصفحة 84 ، بعد أن ساق الحديث عن طبقات أئمة الجرح والتعديل ،
وتقسيمه لهم إلى ( الحاد ) و ( المعتدل ) و ( المتساهل ) ، مانصه :
( .. والعصمة للأنبياء ، والصديقين ، وحكام القسط ) . إنتهى كلامه .
هذا .. وقد علق على هذا الكتاب ثلاثة من علماء أهل السنة والجماعة ،
منهم : ( الإمام العلامة الكبير ، الحافظ المحدث المفسر المقرئ الفقيه ،
المؤرخ الأديب المتفنن ، المحقق الضابط المتقن ، برهان الدين أبو الحسن
إبراهيم بن عمرو بن الحسن الرباط الروحائي الشافعي ) حيث قد علق
على عبارة الذهبي هذه بعبارة : ( وفيه غرابة ووقفة !! ) . إنتهى كلامه .
وتابعه على ذلك المعلق الثاني على الكتاب وهو : ( العلامة المحقق
الشيخ عبد الفتاح أبو غدة ) .
إلا أن المعلق الثالث على الكتاب وهو : ( العلامة الشيخ سلمان بن عبد
الفتاح أبو غدة ) - وهو إبن المعلق الثاني - لم ترق له هذه العبارة من
المعلقين السابقين ، واحتسبها من التجاسر على كلام الإمام الذهبي
الذي لا بد وأن يقبل من دون أية وقفة تأمل !!
فالمسكين وقع بين ثلاثة خطوط حمراء لا يستطيع تجاوزها :
فإما أن يتوقف عند كلام الإمام الذهبي كما فعله من كان قبله ، وهذا
مخالف لما انطوت عليه نفسه ..
وإما أن يرد كلام الذهبي من أساس ، ويقول بإشتباهه وغلطه ، وهذا
يتعارض مع مبدئه من أن كل مايقوله الإمام الذهبي فهو الحق الحقيق !!
وإما أن يستعمل ملكة التأويل والصرف عن الظاهر ، بغية إخراج الكلام
عن معناه الحقيقي الظاهري ، هذه الملكة التي ابتلي بها هو ومن
لف لفيفه من المتمسلفة .. !!
فبالطبع كان اختياره للثالث ، ومن دون أي تردد !!
فقال : ( لا غرابة ، فالمراد النقاد المقسطين ) . إنتهى كلامه .
ويقول مرتضى الهجري : وفسر الماء بعد الجهد بالماء !!
______________________
المصدر : كتاب الموقظة في علم مصطلح الحديث ، للإمام الذهبي .
الصفحة : 84 .
الطبعة : الرابعة ، سنة 1420 هـ .
النشر : مكتبة المطبوعات الإسلامية ، ببيروت .
بإعتناء : الشيخ عبد الفتاح أبو غدة ، وابنه الشيخ سلمان .
اللهم صل على محمد وآل محمد ، وعجل فرجهم ، والعن أعداءهم ..
من المعروف عن أهل السنة والجماعة :
أنهم لا يقرون بالعصمة المطلقة للأنبياء ( عليهم السلام ) ، ويحصرونها
فقط وفقط في مجال التبليغ ، وإيصال الرسالة للغير .
فالأنبياء ( عليهم السلام ) معصومون عندهم ، ولكن لا عصمة مطلقة ،
وإنما هي محددة بحدود الأطر التبليغية ، حيث تدور في فلكها .
ففي غير التبليغ : الأنبياء ( عليهم السلام ) بشر ، حالهم من حالنا ،
يخطئون وينسون ويشتبهون ، وما إلى ذلك ..
وعلى ذلك : فمن الطبيعي إذن ألا يرون العصمة لغير الأنبياء ، لا بصورة
جزئية ، ولا بصورة مطلقة .
إضافة إلى أنهم يحكمون بالخطإ والإشتباه على كل من قال بالعصمة
المطلقة للأ نبياء ( عليهم السلام ) ، أو لغيرهم .. كما هو الحال في
المعصومين الإثني عشر ( عليهم السلام ) عند طائفة الشيعة الإمامية
الإثني عشرية ( أعلى الله كلمتها ) ..
أو ربما حكموا عليه بالغلو ، واتهموه بالتفسير الباطني للأمور !!
.. وفي تصوري أنه إلى هذا المقدار قد استطعت تبيين الخطوط العامة
التي تتحدد بها رؤية أهل السنة والجماعة لفكرة العصمة .
هذا مع غض الطرف عما قد يرد على هكذا رؤية من إيرادات وإشكالات
ومحاذير عقلية أوسمعية !!
ولكن .. ماذا يصنع أهل السنة والجماعة إذا طلع عليهم من صفوفهم
من لا يتوقعون أنه يقول بالعصمة لغير الأنبياء ( عليهم السلام ) ؟!
بل أكثر من ذلك : إذا برز لهم من لا يتصورن ، ولايدور في خلدهم - أبدا -
أن هذا الكلام يصدر من مثل ذلك العظيم ، إمام الجرح والتعديل !!
هل سيخطئونه ؟! .. أم هل سيوهنون كلامه ؟! .. أم هل سيأولون
عباراته ويصرفونها عن معناها الظاهري ؟! .. كما هي العادة !!
لنقرأ ولننظر :
قال الإمام الذهبي في كتابه ( الموقظة في علم مصطلح الحديث ) ،
الصفحة 84 ، بعد أن ساق الحديث عن طبقات أئمة الجرح والتعديل ،
وتقسيمه لهم إلى ( الحاد ) و ( المعتدل ) و ( المتساهل ) ، مانصه :
( .. والعصمة للأنبياء ، والصديقين ، وحكام القسط ) . إنتهى كلامه .
هذا .. وقد علق على هذا الكتاب ثلاثة من علماء أهل السنة والجماعة ،
منهم : ( الإمام العلامة الكبير ، الحافظ المحدث المفسر المقرئ الفقيه ،
المؤرخ الأديب المتفنن ، المحقق الضابط المتقن ، برهان الدين أبو الحسن
إبراهيم بن عمرو بن الحسن الرباط الروحائي الشافعي ) حيث قد علق
على عبارة الذهبي هذه بعبارة : ( وفيه غرابة ووقفة !! ) . إنتهى كلامه .
وتابعه على ذلك المعلق الثاني على الكتاب وهو : ( العلامة المحقق
الشيخ عبد الفتاح أبو غدة ) .
إلا أن المعلق الثالث على الكتاب وهو : ( العلامة الشيخ سلمان بن عبد
الفتاح أبو غدة ) - وهو إبن المعلق الثاني - لم ترق له هذه العبارة من
المعلقين السابقين ، واحتسبها من التجاسر على كلام الإمام الذهبي
الذي لا بد وأن يقبل من دون أية وقفة تأمل !!
فالمسكين وقع بين ثلاثة خطوط حمراء لا يستطيع تجاوزها :
فإما أن يتوقف عند كلام الإمام الذهبي كما فعله من كان قبله ، وهذا
مخالف لما انطوت عليه نفسه ..
وإما أن يرد كلام الذهبي من أساس ، ويقول بإشتباهه وغلطه ، وهذا
يتعارض مع مبدئه من أن كل مايقوله الإمام الذهبي فهو الحق الحقيق !!
وإما أن يستعمل ملكة التأويل والصرف عن الظاهر ، بغية إخراج الكلام
عن معناه الحقيقي الظاهري ، هذه الملكة التي ابتلي بها هو ومن
لف لفيفه من المتمسلفة .. !!
فبالطبع كان اختياره للثالث ، ومن دون أي تردد !!
فقال : ( لا غرابة ، فالمراد النقاد المقسطين ) . إنتهى كلامه .
ويقول مرتضى الهجري : وفسر الماء بعد الجهد بالماء !!
______________________
المصدر : كتاب الموقظة في علم مصطلح الحديث ، للإمام الذهبي .
الصفحة : 84 .
الطبعة : الرابعة ، سنة 1420 هـ .
النشر : مكتبة المطبوعات الإسلامية ، ببيروت .
بإعتناء : الشيخ عبد الفتاح أبو غدة ، وابنه الشيخ سلمان .
تعليق