جديد : «تصحيح خطأ تاريخي حول الوهابية»
دراسة للشويعر تقدم الإجابات العلمية للسؤال المتجدد بعد أحداث 11 سبتمبر عن «الوهابية» * بين وفاة ابن رستم ووفاة الشيخ ابن عبد الوهاب ما يقرب من 31 جدا * هناك شبهات مختلفة حول الشيخ تشاع لأجل محاربة الدعوة
الرياض: «الشرق الأوسط»
بعد احداث 11 سبتمبر طرحت بقوة مسألة «الوهابية»، وبالتأكيد لاحظنا ان معظم هذا الطرح اخذ يجدف بعيدا ليقدم الوهابية على انها مذهب اسلامي مستقل، ومثل هذا الطرح المغلوط له خطورته، خصوصا لدى الفئات الباحثة عن الحقيقة التي تريد ان تعرف من باب العلم بالشيء فقط، فهؤلاء بدون شك سوف يخرجون بمعلومات مغلوطة اذا لم تتوفر لهم المصادر العلمية الصحيحة التي تقدم الحقائق العلمية التاريخية عن دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله.
وكتاب الدكتور محمد بن سعد الشويعر «تصحيح خطأ تاريخي حول الوهابية» يشكل مرجعا مهما بالذات لمن يرغبون بتكوين مرجعية علمية تاريخية تساعد في تقديم الاجابات العلمية لمن يستفسرون باستمرار عن «الوهابية»، خصوصا الوفود الاعلامية والتجارية والعلمية الزائرة للسعودية.
فبعد احداث 11 سبتمبر اصبح السؤال عن الوهابية هو المقدم في اغلب الحوارات واللقاءات، طبعا في السعودية تعرف الناس ماذا تعني الوهابية، لكن هناك من هم خارج السعودية من العرب والمسلمين الذين لديهم تصورات خاطئة عن الوهابية، وهؤلاء ربما يقدمون معلومات خاطئة بالذات لمن يسألهم من غير المسلمين، ومؤلف الكتاب يقدم نموذجا عايشه وهو الذي دفعه لتأليف هذا الكتاب.
وقال المؤلف: في عام 1407هـ كنت في مهمة لموريتانيا، ثم عرجنا على السنغال، وقد كان خط سير الطيران ملزما لنا بالبقاء في المملكة المغربية ستة ايام. وفي احد الايام كنت في ضيافة احد الاساتذة بإحدى الجامعات هناك، وارمز له بـ: «الدكتور عبد الله»، وفي جلسة بمكتبه، دارت احاديث شتى، ومن محبته للسعودية وحضوره مؤتمرات عديدة بها طرح عليّ هذا السؤال، امام الحاضرين وعددهم يقارب الاثني عشر شيخا، من فضلاء البلاد هناك.
قال: اننا نحب السعودية، ونفوس المسلمين وقلوبهم تهفو اليها، وبيننا وبينكم تقارب كبير وتفاهم بين القيادات واعجاب بما يؤديه حكام وعلماء السعودية من جهود مخلصة للاسلام والمسلمين، لكن حبذا لو تركتم المذهب الوهابي، الذي فرق بين المسلمين؟!
فأجبته: قد يكون علق بمعلومات خاطئة، مأخوذة من غير مصدرها السليم، لكن حتى تلتقي المفاهيم، نحب ان نطرح الموضوع بحضور الاخوة للنقاش العلمي، المقرون بالبراهين.. ثم قلت: ولما كان كل انسان ترتاح نفسه ويطمئن قلبه لما الفه علماء بلده، فإنني في هذا الحوار لن اخرج عما في محتويات هذه المكتبة، التي تضمنا جدرانها الاربعة، لانك كما تراني الآن لا احمل كتبا ولم يخطر ببالي مثل هذا النقاش. ولذا وقبل ان نبدأ: ارجو ان يكون نقاشنا بعيدا عن التعصب والانفعال او طرح الآراء بدون دليل مقنع يعول عليه، لأن نشدان الحقيقة هو هدفنا، والامتثال لامر الله وامر الرسول صلى الله عليه وسلم هو غايتنا، ونصر دين الله هو المؤمل من كل منا.
قال: اوافقك على هذا، واصحاب الفضيلة المشايخ هم الحكم بيننا.
قلت: رضيت بذلك، وبعد التوكل على الله ارجو ان تطرح اي مدخل للحوار.
قال: خذ مثلا ما ذكره الونشريسي في كتابه «المعيار» الجزء 11، وهو قوله: سئل اللخمي: عن اهل بلد بنى عندهم الوهابيون مسجدا، ما حكم الصلاة فيه؟
وللمعلوماتية: فإن كتاب «المعيار» هذا هو كتاب يجمع الفتاوى في الفقه المالكي، جمعه احمد بن محمد الونشريسي، وطبع في 13 مجلدا، وقد طبعته الحكومة المغربية، وتوزع منه نسخ عن طريق الاهداء. بعد طرح السؤال واحضار الكتاب المذكور الجزء 11، اجبته: بأن الفتوى على هذا السؤال صحيحة، ونوافق اللخمي على ما جاء في فتواه.
قال: اذا اتفقنا على هذه الفرقة، وخطأ ما تسير عليه، خاصة ان المفتي قال: هذه فرقة، خارجية ضالة كافرة، قطع الله دابرها من الارض، يجب هدم المسجد وابعادهم عن ديار المسلمين.
قلت: لم نتفق بعد، وما زلنا في بداية الحوار.. ولعلمك: فإن هذه الفتوى لها نظائر كثيرة قبل اللخمي وبعده، موجودة لدى علماء الاندلس، وفقهاء شمال افريقيا، وهي مستمدة من حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخوارج، الذين قاتلهم علي بن ابي طالب رضي الله عنه في النهروان.
وفي نقاشنا هذا، سوف نصل باذن الله الى تصحيح المفهوم التاريخي، بين ما تعنيه هذه الفرقة، التي افتى علماء الاسلام في الاندلس وشمال افريقيا بشأنها، وبين التسمية التي الصقت وصفا مستهجنا بدعوة الشيخ محمد بن عبد اللوهاب رحمه الله التصحيحية. هذا التصحيح لن يكون مقنعا الا بقرائن وبراهين مرضية عندكم، لأن رائدنا جميعا الوصول الى الحقيقة لذات الحقيقة، والرأي الهادئ المقنع هو الذي تنجلي به الغشاوة وتصحيح المفاهيم.
قال: كلنا نريد الوصول لهذه الحقيقة، ثم قال: وبعد هذه الفتوى نريد ان تعطينا ما عندك، ونحن نستمع والاخوة يحكمون بيننا، ويصوبون او يخطئون ما يقال او يعرض امامهم.
قلت: سترون ـ ان شاء اللله ـ ما ينير الطريق لمن يريد الوصول للرأي الصائب، في استجلاء الامر، ولهذا: نبدأ بما لدينا من اجزاء «المعيار» ولعلك تقرأ طرة الكتاب ليسمع الاخوة؟
قال: تريد الفتوى حتى اقرأها امامهم ام ابدأ بما على الغلاف الخارجي من معلومات؟
قلت: بل الغلاف الخارجي.. او الداخلي فهما سواء.
فقرأ: «المعيار المعرب في فتوى اهل المغرب»، تأليف: احمد بن محمد الونشريسي المتوفى عام 914 هـ، بفاس في المغرب.
قلت لأكبر المشايخ سنا، وهو شيخ وقور، هادئ الطبع، اسمه احمد: يا شيخ احمد سجل تاريخ وفاة المؤلف احمد الونشريسي.. فرصد عام 914هـ، ثم قلت: هل من الممكن احضار ترجمة اللخمي؟ قال: نعم.. ثم قام الى رف من رفوف المكتبة فأحضر جزءا من أحد كتب التراجم، وفيه ترجمة: علي بن محمد اللخمي، مفتي الاندلس وشمال افريقيا والترجمة طويلة، وفيها ثناء عليه وعلى علمه، فقلت: ان بيت القصيد في نهاية الترجمة، فمتى توفي؟
قال القارئ: وتوفي عام 478هـ.
فقلت للشيخ احمد: اكتب تاريخ وفاة الشيخ علي اللخمي، فكتبه في عام 478 هـ.
فقال الدكتور عبد الله: هل تشكك في علمائنا وفي فتاواهم؟
قلت: وما دليلك على هذا الشك؟ ثم التفت الى المشايخ وقلت: هل بدر مني ما يدعو الى الشك الذي اوجب هذا القول؟ فكان الجواب بالاجماع: النفي.
قلت: ولكني انفي الشك عني، وعن علمائنا في بلادي، فإننا نحترمهم ونجلهم ونصوب كل فتوى تصدر عنهم، يدعمها الدليل من الكتاب الكريم، والصحيح من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولكن الوصول الى ما بدأنا الحديث من اجله، مقرونا بما يدعمه يحتاج الى شيء من الاناة والصبر.
ومن باب استعجال الجواب: اطرح على الجميع هذا السؤال: هل يمكن ان يفتي العلماء على معتقد لم يوجد صاحبه الذي ينسب المعتقد اليه بعد او الحكم على ملة من الملل لم تظهر بعد؟! قالوا جميعا: لا.. ولم يعرف هذا، الا ما جاء عنه إخبار من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا من معجزات النبوة، وفي الغالب يأتي بالوصف دون المسمى.
قلت: موجها الكلام لمحدثي: ألست تعتقد ويعتقد غيرك: ان «الوهابية» اول من انشأها محمد بن عبد الوهاب في نجد؟ قال: بلى.
قلت: ان الشيخ محمد بن عبد الوهاب، عندما افتى اللخمي وغيره من علماء المالكية في الاندلس وفي الشمال الافريقي، كان اكثر من اثنين وعشرين من اجداده لم يولدوا بعد، باعتبار ان المتوسط لكل قرن ثلاثة جدود، كما ان بين وفاة عبد الوهاب بن رستم ووفاة الشيخ محمد بن عبد الوهاب ما يقرب من واحد وثلاثين جدا، وعلماؤكم وعلماء المسلمين لا يعلمون الغيب، وننزههم عن الكهانة والسحر وعن القول في امر لا يعلمونه، يقول سبحانه: «قل لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله وما يشعرون ايان يبعثون».
قال: اوضح اكثر!
قلت: ان الشيخ محمد بن عبد الوهاب ولد عام 1115هـ، ومات عام 1206 هـ، وبينه وبين احمد الونشريسي الذي ألف كتاب «المعيار» ونقل الفتوى عن اللخمي ـ كما مر بنا ـ مئتان وتسعون عاما (292) وفق تاريخ الوفاة، كما ان بين الشيخ محمد بن عبد الوهاب وبين اللخمي، وهو صاحب الفتوى، سبعمائة وثمانية وعشرون عاما (728) وفق تاريخ الوفاة، وفق ما سجل الشيخ احمد لوفاة كل منهما، ويقاس على هذا كل من افتى من علماء الاندلس وشمال افريقيا عن تلك الوهابية.
قال: هل يمكن ان توضح اكثر لما تعني.. بدليل مقنع؟
قلت: لم يهتم علماء الشمال الافريقي والاندلس، بالفتاوى عن «الوهابية» والتحذير منها، الا لانها موجودة عندهم بخلاف ديار المسلمين الاخرى، التي وضح فرقها الشهرستاني في كتابه «الملل والنحل»! وابن حزم في كتابه «الفصل في الملل والاهواء والنحل».
وفي موضوعنا: الا يوجد عندك كتاب الفرق الاسلامية في شمال افريقيا الذي الفه الفرنسي: الفرد بل وترجمه للغة العربية عبد الرحمن بدوي؟ وهو جزء واحد.
دراسة للشويعر تقدم الإجابات العلمية للسؤال المتجدد بعد أحداث 11 سبتمبر عن «الوهابية» * بين وفاة ابن رستم ووفاة الشيخ ابن عبد الوهاب ما يقرب من 31 جدا * هناك شبهات مختلفة حول الشيخ تشاع لأجل محاربة الدعوة
الرياض: «الشرق الأوسط»
بعد احداث 11 سبتمبر طرحت بقوة مسألة «الوهابية»، وبالتأكيد لاحظنا ان معظم هذا الطرح اخذ يجدف بعيدا ليقدم الوهابية على انها مذهب اسلامي مستقل، ومثل هذا الطرح المغلوط له خطورته، خصوصا لدى الفئات الباحثة عن الحقيقة التي تريد ان تعرف من باب العلم بالشيء فقط، فهؤلاء بدون شك سوف يخرجون بمعلومات مغلوطة اذا لم تتوفر لهم المصادر العلمية الصحيحة التي تقدم الحقائق العلمية التاريخية عن دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله.
وكتاب الدكتور محمد بن سعد الشويعر «تصحيح خطأ تاريخي حول الوهابية» يشكل مرجعا مهما بالذات لمن يرغبون بتكوين مرجعية علمية تاريخية تساعد في تقديم الاجابات العلمية لمن يستفسرون باستمرار عن «الوهابية»، خصوصا الوفود الاعلامية والتجارية والعلمية الزائرة للسعودية.
فبعد احداث 11 سبتمبر اصبح السؤال عن الوهابية هو المقدم في اغلب الحوارات واللقاءات، طبعا في السعودية تعرف الناس ماذا تعني الوهابية، لكن هناك من هم خارج السعودية من العرب والمسلمين الذين لديهم تصورات خاطئة عن الوهابية، وهؤلاء ربما يقدمون معلومات خاطئة بالذات لمن يسألهم من غير المسلمين، ومؤلف الكتاب يقدم نموذجا عايشه وهو الذي دفعه لتأليف هذا الكتاب.
وقال المؤلف: في عام 1407هـ كنت في مهمة لموريتانيا، ثم عرجنا على السنغال، وقد كان خط سير الطيران ملزما لنا بالبقاء في المملكة المغربية ستة ايام. وفي احد الايام كنت في ضيافة احد الاساتذة بإحدى الجامعات هناك، وارمز له بـ: «الدكتور عبد الله»، وفي جلسة بمكتبه، دارت احاديث شتى، ومن محبته للسعودية وحضوره مؤتمرات عديدة بها طرح عليّ هذا السؤال، امام الحاضرين وعددهم يقارب الاثني عشر شيخا، من فضلاء البلاد هناك.
قال: اننا نحب السعودية، ونفوس المسلمين وقلوبهم تهفو اليها، وبيننا وبينكم تقارب كبير وتفاهم بين القيادات واعجاب بما يؤديه حكام وعلماء السعودية من جهود مخلصة للاسلام والمسلمين، لكن حبذا لو تركتم المذهب الوهابي، الذي فرق بين المسلمين؟!
فأجبته: قد يكون علق بمعلومات خاطئة، مأخوذة من غير مصدرها السليم، لكن حتى تلتقي المفاهيم، نحب ان نطرح الموضوع بحضور الاخوة للنقاش العلمي، المقرون بالبراهين.. ثم قلت: ولما كان كل انسان ترتاح نفسه ويطمئن قلبه لما الفه علماء بلده، فإنني في هذا الحوار لن اخرج عما في محتويات هذه المكتبة، التي تضمنا جدرانها الاربعة، لانك كما تراني الآن لا احمل كتبا ولم يخطر ببالي مثل هذا النقاش. ولذا وقبل ان نبدأ: ارجو ان يكون نقاشنا بعيدا عن التعصب والانفعال او طرح الآراء بدون دليل مقنع يعول عليه، لأن نشدان الحقيقة هو هدفنا، والامتثال لامر الله وامر الرسول صلى الله عليه وسلم هو غايتنا، ونصر دين الله هو المؤمل من كل منا.
قال: اوافقك على هذا، واصحاب الفضيلة المشايخ هم الحكم بيننا.
قلت: رضيت بذلك، وبعد التوكل على الله ارجو ان تطرح اي مدخل للحوار.
قال: خذ مثلا ما ذكره الونشريسي في كتابه «المعيار» الجزء 11، وهو قوله: سئل اللخمي: عن اهل بلد بنى عندهم الوهابيون مسجدا، ما حكم الصلاة فيه؟
وللمعلوماتية: فإن كتاب «المعيار» هذا هو كتاب يجمع الفتاوى في الفقه المالكي، جمعه احمد بن محمد الونشريسي، وطبع في 13 مجلدا، وقد طبعته الحكومة المغربية، وتوزع منه نسخ عن طريق الاهداء. بعد طرح السؤال واحضار الكتاب المذكور الجزء 11، اجبته: بأن الفتوى على هذا السؤال صحيحة، ونوافق اللخمي على ما جاء في فتواه.
قال: اذا اتفقنا على هذه الفرقة، وخطأ ما تسير عليه، خاصة ان المفتي قال: هذه فرقة، خارجية ضالة كافرة، قطع الله دابرها من الارض، يجب هدم المسجد وابعادهم عن ديار المسلمين.
قلت: لم نتفق بعد، وما زلنا في بداية الحوار.. ولعلمك: فإن هذه الفتوى لها نظائر كثيرة قبل اللخمي وبعده، موجودة لدى علماء الاندلس، وفقهاء شمال افريقيا، وهي مستمدة من حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخوارج، الذين قاتلهم علي بن ابي طالب رضي الله عنه في النهروان.
وفي نقاشنا هذا، سوف نصل باذن الله الى تصحيح المفهوم التاريخي، بين ما تعنيه هذه الفرقة، التي افتى علماء الاسلام في الاندلس وشمال افريقيا بشأنها، وبين التسمية التي الصقت وصفا مستهجنا بدعوة الشيخ محمد بن عبد اللوهاب رحمه الله التصحيحية. هذا التصحيح لن يكون مقنعا الا بقرائن وبراهين مرضية عندكم، لأن رائدنا جميعا الوصول الى الحقيقة لذات الحقيقة، والرأي الهادئ المقنع هو الذي تنجلي به الغشاوة وتصحيح المفاهيم.
قال: كلنا نريد الوصول لهذه الحقيقة، ثم قال: وبعد هذه الفتوى نريد ان تعطينا ما عندك، ونحن نستمع والاخوة يحكمون بيننا، ويصوبون او يخطئون ما يقال او يعرض امامهم.
قلت: سترون ـ ان شاء اللله ـ ما ينير الطريق لمن يريد الوصول للرأي الصائب، في استجلاء الامر، ولهذا: نبدأ بما لدينا من اجزاء «المعيار» ولعلك تقرأ طرة الكتاب ليسمع الاخوة؟
قال: تريد الفتوى حتى اقرأها امامهم ام ابدأ بما على الغلاف الخارجي من معلومات؟
قلت: بل الغلاف الخارجي.. او الداخلي فهما سواء.
فقرأ: «المعيار المعرب في فتوى اهل المغرب»، تأليف: احمد بن محمد الونشريسي المتوفى عام 914 هـ، بفاس في المغرب.
قلت لأكبر المشايخ سنا، وهو شيخ وقور، هادئ الطبع، اسمه احمد: يا شيخ احمد سجل تاريخ وفاة المؤلف احمد الونشريسي.. فرصد عام 914هـ، ثم قلت: هل من الممكن احضار ترجمة اللخمي؟ قال: نعم.. ثم قام الى رف من رفوف المكتبة فأحضر جزءا من أحد كتب التراجم، وفيه ترجمة: علي بن محمد اللخمي، مفتي الاندلس وشمال افريقيا والترجمة طويلة، وفيها ثناء عليه وعلى علمه، فقلت: ان بيت القصيد في نهاية الترجمة، فمتى توفي؟
قال القارئ: وتوفي عام 478هـ.
فقلت للشيخ احمد: اكتب تاريخ وفاة الشيخ علي اللخمي، فكتبه في عام 478 هـ.
فقال الدكتور عبد الله: هل تشكك في علمائنا وفي فتاواهم؟
قلت: وما دليلك على هذا الشك؟ ثم التفت الى المشايخ وقلت: هل بدر مني ما يدعو الى الشك الذي اوجب هذا القول؟ فكان الجواب بالاجماع: النفي.
قلت: ولكني انفي الشك عني، وعن علمائنا في بلادي، فإننا نحترمهم ونجلهم ونصوب كل فتوى تصدر عنهم، يدعمها الدليل من الكتاب الكريم، والصحيح من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولكن الوصول الى ما بدأنا الحديث من اجله، مقرونا بما يدعمه يحتاج الى شيء من الاناة والصبر.
ومن باب استعجال الجواب: اطرح على الجميع هذا السؤال: هل يمكن ان يفتي العلماء على معتقد لم يوجد صاحبه الذي ينسب المعتقد اليه بعد او الحكم على ملة من الملل لم تظهر بعد؟! قالوا جميعا: لا.. ولم يعرف هذا، الا ما جاء عنه إخبار من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا من معجزات النبوة، وفي الغالب يأتي بالوصف دون المسمى.
قلت: موجها الكلام لمحدثي: ألست تعتقد ويعتقد غيرك: ان «الوهابية» اول من انشأها محمد بن عبد الوهاب في نجد؟ قال: بلى.
قلت: ان الشيخ محمد بن عبد الوهاب، عندما افتى اللخمي وغيره من علماء المالكية في الاندلس وفي الشمال الافريقي، كان اكثر من اثنين وعشرين من اجداده لم يولدوا بعد، باعتبار ان المتوسط لكل قرن ثلاثة جدود، كما ان بين وفاة عبد الوهاب بن رستم ووفاة الشيخ محمد بن عبد الوهاب ما يقرب من واحد وثلاثين جدا، وعلماؤكم وعلماء المسلمين لا يعلمون الغيب، وننزههم عن الكهانة والسحر وعن القول في امر لا يعلمونه، يقول سبحانه: «قل لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله وما يشعرون ايان يبعثون».
قال: اوضح اكثر!
قلت: ان الشيخ محمد بن عبد الوهاب ولد عام 1115هـ، ومات عام 1206 هـ، وبينه وبين احمد الونشريسي الذي ألف كتاب «المعيار» ونقل الفتوى عن اللخمي ـ كما مر بنا ـ مئتان وتسعون عاما (292) وفق تاريخ الوفاة، كما ان بين الشيخ محمد بن عبد الوهاب وبين اللخمي، وهو صاحب الفتوى، سبعمائة وثمانية وعشرون عاما (728) وفق تاريخ الوفاة، وفق ما سجل الشيخ احمد لوفاة كل منهما، ويقاس على هذا كل من افتى من علماء الاندلس وشمال افريقيا عن تلك الوهابية.
قال: هل يمكن ان توضح اكثر لما تعني.. بدليل مقنع؟
قلت: لم يهتم علماء الشمال الافريقي والاندلس، بالفتاوى عن «الوهابية» والتحذير منها، الا لانها موجودة عندهم بخلاف ديار المسلمين الاخرى، التي وضح فرقها الشهرستاني في كتابه «الملل والنحل»! وابن حزم في كتابه «الفصل في الملل والاهواء والنحل».
وفي موضوعنا: الا يوجد عندك كتاب الفرق الاسلامية في شمال افريقيا الذي الفه الفرنسي: الفرد بل وترجمه للغة العربية عبد الرحمن بدوي؟ وهو جزء واحد.