إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

يا بنيّ ، كيف الموت عندك؟

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • يا بنيّ ، كيف الموت عندك؟

    بسم الله الرحمن الرحيم

    اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم والعن عدوهم

    اللهم العن عمر وابي بكر وعائشة وحفصة ومن تبعهم ورضي بفعلهم

    روى أبو حمزة الثمالي ، قال : سمعت علي بن الحسين زين العابدين(عليه السلام) يقول : لما كان اليوم الذي استشهد فيه أبي(عليه السلام) جمع أهله وأصحابه في ليلة ذلك اليوم ، فقال لهم : يا أهلي وشيعتي ، اتخذوا هذا الليل جملا لكم ، فانهجوا بأنفسكم ، فليس المطلوب غيري ، ولو قتلوني ما فكّروا فيكم ، فانجوا رحمكم الله ، فأنتم في حلّ وسعة من بيعتي وعهدي الذي عاهدتموني .

    فقال إخوته وأهله وأنصاره بلسان واحد : والله يا سيّدنا يا أبا عبدالله ، لاخذلناك أبداً ، والله لا قال الناس : تركوا إمامهم وكبيرهم وسيِّدهم وحده حتى قُتل ، ونبلوا بيننا وبين الله عذراً ، ولا نخلّيك أو نُقتل دونك ، فقال لهم(عليه السلام) : يا قوم ، إني في غد أُقتل وتُقتلون كلكم معي ، ولا يبقى منكم واحد . فقالوا : الحمد لله الذي أكرمنا بنصرك ، وشرَّفنا بالقتل معك ، أو لا نرضى أن نكون معك في درجتك يابن رسول الله؟ فقال : جزاكم الله خيراً ، ودعا لهم بخير ، فأصبح وقُتل وقُتلوا معه أجمعون .

    فقال له القاسم بن الحسن(عليه السلام) : وأنا فيمن يقتل؟ فأشفق عليه ، فقال له : يا بنيّ ، كيف الموت عندك؟ قال : يا عمّ أحلى من العسل ، فقال : إي والله فداك عمُّك ، إنك لأحد من يُقتل من الرجال معي ، بعد أن تبلو ببلاء عظيم ، وابني عبدالله .

    فقال : يا عم ، ويصلون إلى النساء حتى يُقتل عبدالله وهو رضيع؟ فقال : فداك عمّك ، يُقتل عبدالله إذا جفَّت روحي عطشاً ، وصرت إلى خيمنا فطلبت ماء ولبناً فلا أجد قط ، فأقول : ناولوني ابني لأشرب من فيه ، فيأتوني به ، فيضعونه على يدي ، فأحمله لأدنيه من فيَّ ، فيرميه فاسق ـ لعنه الله ـ بسهم فينحره ، وهو يناغي ، فيفيض دمه في كفي ، فأرفعه إلى السماء ، وأقول : اللهم صبراً واحتساباً فيك ، فتعجلني الأسنة منهم ، والنار تستعر في الخندق الذي فيه ظهر الخيم ، فأكرُّ عليهم في أمرّ أوقات في الدنيا ، فيكون ما يريد الله ، فبكى وبكينا ، وارتفع البكاء والصراخ من ذراري رسول الله(صلى الله عليه وآله) في الخيم ، ويسأل زهير بن القين ، وحبيب بن مظاهر عنّي ، فيقولون : يا سيّدنا ، فسيِّدنا عليٌّ(عليه السلام) ـ فيشيرون إليَّ ـ ماذا يكون من حاله؟ فأقول مستعبراً : ما كان الله ليقطع نسلي من الدنيا ، فكيف يصلون إليه وهو أب ثمانية أئمة(عليهم السلام).

    مدينة المعاجز ، السيد هاشم البحراني

  • #2
    قال أبو الفرج ومحمد بن أبي طالب وغيرهما : ثم خرج القاسم بن الحسن(عليه السلام) ، وهو غلام صغير لم يبلغ الحلم ، فلمّا نظر الحسين(عليه السلام) إليه قد برز اعتنقه وجعلا يبكيان حتى غُشي عليهما ، ثم استأذن الحسين(عليه السلام) في المبارزة فأبى الحسين أن يأذن له ، فلم يزل الغلام يقبِّل يديه ورجليه حتى أذن له ، فخرج ودموعه تسيل على خديه وهو يقول :

    إِنْ تنكروني فأَنَا ابنُ الحَسَنْ سِبْطِ النبيِّ المصطفى والمُؤتَمَنْ
    هذا حسينٌ كالأسيرِ المُرْتَهَنْ بين أُنَاس لا سقوا صَوْبَ المُزُنْ

    وكان وجهه كفلقة القمر ، فقاتل قتالا شديداً حتى قتل على صغره خمسة وثلاثين رجلا .

    قال حميد : كنت في عسكر ابن سعد ، فكنت أنظر إلى هذا الغلام عليه قميص وإزار ونعلان قد انقطع شسع أحدهما ، ما أنسى أنها كانت اليسرى ، فقال عمرو بن سعد الأزدي : والله لأشدّن عليه ، فقلت : سبحان الله! وما تريد بذلك؟ والله لو ضربني ما بسطت إليه يدي ، يكفيه هؤلاء الذين تراهم قد احتوشوه ، قال : والله لأفعلنَّ ، فشدَّ عليه فما ولَّى حتى ضرب رأسه بالسيف ، ووقع الغلام لوجهه ، ونادى : يا عماه .

    قال : فجاء الحسين (عليه السلام) كالصقر المنقضّ ، فتخلَّل الصفوف ، وشدَّ شدّة الليث الحرب ، فضرب عمراً قاتله بالسيف ، فاتّقاه بيده فأطنّها من المرفق ، فصاح ثم تنحَّى عنه ، وحملت خيل أهل الكوفة ليستنقذوا عمراً من الحسين (عليه السلام) ، فاستقبلته بصدورها ، وجرحته بحوافرها ، ووطأته حتى مات .

    فانجلت الغبرة فإذا بالحسين(عليه السلام) قائم على رأس الغلام ، وهو يفحص برجله ، فقال الحسين (عليه السلام) : يعزّ والله على عمك أن تدعوه فلا يجيبك ، أو يجيبك فلا يعينك ، أو يعينك فلا يغني عنك ، بعداً لقوم قتلوك ، ثمَّ احتمله ، فكأني أنظر إلى رجلي الغلام يخطّان في الأرض ، وقد وضع صدره على صدره ، فقلت في نفسي : ما يصنع؟ فجاء حتى ألقاه بين القتلى من أهل بيته .

    ثم قال : اللهم أحصهم عدداً ، واقتلهم بدداً ، ولا تغادر منهم أحداً ، ولا تغفر لهم أبداً ، صبراً يا بني عمومتي ، صبراً يا أهل بيتي ، ولا رأيتم هواناً بعد هذا اليوم أبداً


    بحار الانوار

    تعليق


    • #3
      وعبدالله بن الحسن كان مع عمّه الحسين(عليه السلام) ، وكان صغيراً لم يراهق ، ابن إحدى عشرة سنة ، فلمَّا فني أنصار الحسين(عليه السلام) وعزم على لقاء الأعداء بنفسه أتى مودِّعاً لنسائه ، فسمع عبدالله وداع عمّه الحسين (عليه السلام) والوصيَّة به ، فلمَّا خرج الحسين من الخيمة لحقه عبدالله فصاح الحسين بالنساء ، أمسكنه ، فخرجن النساء ليرددنه .

      فقال : اتركوني ، فوالله لا فارق عمّي أو أموت دونه ، فانفلت من أيدي النساء ولحق عمَّه ، فرأى عبدُ الله مرَّةَ بن فضيل الأزدي وهو هاو إلى الحسين (عليه السلام) بسيفه ، فنادى : يا ابن الزانية ، أتقتل عمّي؟ فالتفت إليه مرة وضربه بسيفه ، فاتّقاها الغلام بيده فأطنَّها إلى الساعد ، فصاح عبدالله : يا عمَّاه أدركني ، فحلَّ عليه الحسين كما يحلّ الصقر على فريسته ، فأتاه وقتل مرة ، ثم وقف(عليه السلام) على الغلام وهو يفحص برجليه ، فقال : عزيز على عمك أن تدعوه فلا يجيبك ، أو يجيبك فلا ينفعك ، صوت كثر والله واتره وقلَّ ناصره ، ولكن هوَّن عليَّ ما نزل بي أنه بعين الله.

      وفيات الأئمة (عليهم السلام)

      الله أكبر

      تعليق


      • #4
        قال العلامة المجلسي عليه الرحمة : وفي بعض تأليفات أصحابنا أن العباس لما رأى وحدته(عليه السلام) أتى أخاه وقال : يا أخي ، هل من رخصة؟ فبكى الحسين(عليه السلام)بكاء شديداً ، ثم قال : يا أخي ، أنت صاحب لوائي ، وإذا مضيت تفرَّق عسكري ، فقال العباس : قد ضاق صدري وسئمت من الحياة ، وأريد أن أطلب ثأري من هؤلاء المنافقين . فقال الحسين(عليه السلام) : فاطلب لهؤلاء الأطفال قليلا من الماء ، فذهب العباس ووعظهم وحذَّرهم فلم ينفعهم ، فرجع إلى أخيه فأخبره ، فسمع الأطفال ينادون : العطش العطش ، فركب فرسه وأخذ رمحه والقربة ، وقصد نحو الفرات ، فأحاط به أربعة آلاف ممن كانوا موكَّلين بالفرات ، ورموه بالنبال ، فكشفهم وقتل منهم ـ على ما روي ـ ثمانين رجلا حتى دخل الماء .

        فلمّا أراد أن يشرب غرفة من الماء ذكر عطش الحسين (عليه السلام) وأهل بيته ، فرمى الماء وملأ القربة ، وقال على ما روي :

        يا نفسُ من بَعْدِ الحسينِ هوني وبَعْدَه لا كنتِ أَنْ تكوني
        هَذا الحسينُ واردُ المَنُونِ وتشربينَ بَارِدَ الْمَعِينِ
        تاللهِ ما هذا فِعَالُ ديني


        وحملها على كتفه الأيمن ، وتوجَّه نحو الخيمة ، فقطعوا عليه الطريق ، وأحاطوا به من كل جانب ، فحاربهم حتى ضربه نوفل الأزرق على يده اليمنى فقطعها ، فحمل القربة على كتفه الأيسر ، فضربه نوفل فقطع يده اليسرى من الزند ، فحمل القربة بأسنانه ، فجاءه سهم فأصاب القربة وأريق ماؤها .

        مَا سَاءَهُ قَطْعُ اليدينِ فعندَهُ لا شيءَ في جَنْبِ الإلهِ ثمينُ
        بَلْ ساءه إهراقُ مَاءِ مَزَادة فبها لريِّ الطاهراتِ ضمينُ
        تاللهِ لو عادت يَدَاهُ لا ستقى مَاءً وما هو باليدينِ ضنينُ

        قال الراوي : ثم جاءه سهم آخر فأصاب صدره ، فانقلب عن فرسه وصاح إلى أخيه الحسين : أدركني ، فلمّا أتاه رآه صريعاً فبكى(عليه السلام) . . ونادى : الآن انكسر ظهري وقلت حيلتي.

        بحار الانوار

        تعليق


        • #5
          ما ـ نادى شمر : أين بنو أختنا؟ أين العباس وإخوته؟ فلم يجبه أحد ، فقال لهم الحسين(عليه السلام) : أجيبوه وإن كان فاسقاً ، فإنه بعض أخوالكم ، قال له العباس(عليه السلام) : ما تريد؟ فقال : أنتم يا بني أختي آمنون ، فقال له العباس(عليه السلام) : لعنك الله ولعن أمانك ، أتؤمننا وابن رسول الله (صلى الله عليه وآله) لا أمان له؟ وتكلَّم إخوته بنحو كلامه ثم رجعوا .

          ومنها أنه لما أخذ عبدالله بن حزام ابن خال العباس (عليه السلام) أماناً من ابن زياد للعباس وإخوته من أمه قالوا : لا حاجة لنا في الأمان ، أمان الله خير من أمان ابن سمية .

          ومنها أنه لما اشتدَّ العطش بالحسين(عليه السلام) وأصحابه أمر أخاه العباس(عليه السلام) ، فسار في عشرين راجلا يحملون القرب وثلاثين فارساً ، فجاؤوا ليلا حتى دنوا من الماء ، وأمامهم نافع بن هلال الجملي يحمل اللواء ، فقال عمرو بن الحجاج : من الرجل؟ قال : نافع ، قال : ما جاء بك؟ قال : جئنا نشرب من هذا الماء الذي حلاَّتمونا عنه ، قال : فاشرب هنيئاً ، قال : لا والله لا أشرب منه قطرة والحسين(عليه السلام)عطشان هو وأصحابه ، فقالوا : لا سبيل إلى سقي هؤلاء ، إنما وضعنا في هذا المكان..

          تعليق


          • #6
            روي أن الإمام زين العابدين(عليه السلام) لما جاء من الأسر ودخل المدينة خطب في الناس وقال(عليه السلام) : أيها القوم ، إن الله ـ وله الحمد ـ ابتلانا بمصيبة جليلة ، وثلمة في الإسلام عظيمة ، قُتل أبو عبدالله وعترته ، وسبي نساؤه وصبيته ، وداروا برأسه في البلدان ، من فوق عالي السنان ، أيها الناس ، فأيُّ رجالات يسرّون منكم بعد قتله؟ أم أيَّةُ عين تحبس دمعها وتضنّ عن انهمالها؟ فلقد بكت السبع الشداد لقتله ، وبكت البحار والسماوات والأرض والأشجار والحيتان ، والملائكة المقرَّبون ، وأهل السماوات أجمعون ، أيها الناس ، أيُّ قلب لا ينصدع لقتله؟ أم أيُّ فؤاد لا يحنّ إليه؟ أم أيُّ سمع يسمع هذه الثلمة التي ثلم في الإسلام؟ أيُّها الناس ، أصبحنا مطرودين مشرَّدين مذودين شاسعين ، كأنا أولاد ترك أو كابل ، من غير جرم اجترمناه ، ولا مكروه ارتكبناه ، ما سمعنا بهذا في آبائنا الأولين ، إن هذا إلاَّ اختلاق ، والله لو أن النبيَّ(صلى الله عليه وآله) تقدَّم إليهم في قتالنا كما تقدَّم إليهم في الوصاة بنا لما زادوا على ما فعلوه ، فإنّا لله وإنّا إليه راجعون.

            تعليق


            • #7
              وقال اليعقوبي : وكان أول صارخة صرخت في المدينة أم سلمة زوج رسول الله(صلى الله عليه وآله) ، كان دفع إليها قارورة فيها تربة ، وقال لها : إن جبرئيل أعلمني أن أمتي تقتل الحسين ، وأعطاني هذه التربة ، وقال لي : إذا صارت دماً عبيطاً فاعلمي أن الحسين قد قتل ، وكانت عندها ، فلمّا حضر ذلك الوقت جعلت تنظر إلى القارورة في كل ساعة ، فلمّا رأتها قد صارت دماً صاحت : واحسيناه! وا بن رسول الله! وتصارخت النساء من كل ناحية ، حتى ارتفعت المدينة بالرَّجة التي ما سمع بمثلها قط .

              وذكر ابن أبي الدنيا أنه لما بلغ أم سلمة قتل الحسين(عليه السلام) قالت : أوفعلوا؟ ملأ الله قبورهم وبيوتهم ناراً ، ثم وقعت مغشياً عليها

              تعليق


              • #8
                مما جاء في مقام أبي الفضل العباس (عليه السلام) ومنزلته عند أهل البيت (عليهم السلام) هو ما ذكره العلامة الدربندي عليه الرحمة في أسرار الشهادة نقلاً عن بعض كتب المقاتل قال : إنه إذا كان يوم القيامة واشتد الأمر على الناس بعث رسول الله (صلى الله عليه وآله)أمير المؤمنين (عليه السلام) إلى فاطمة (عليها السلام) لتحضر مقام الشفاعة فيقول أمير المؤمنين (عليه السلام) : يا فاطمة ما عندك من أسباب الشفاعة ، وما ادخرت لأجل هذا اليوم الذي فيه الفزع الأكبر؟
                فتقول فاطمة (عليها السلام) : يا أمير المؤمنين كفانا لأجل هذا المقام اليدان المقطوعتان من ابني العباس ع.

                اسرار الشهادة للدربندي

                وفي أسرار الشهادة أيضاً قال العلامة الدربندي عليه الرحمة : أخبرني جمع من الثقاة في هذا الزمان إن واحدا من مؤمني هذا العصر وهو الآن موجود كان يزور الحسين (عليه السلام) في كل يوم ثلاث مرات وما كان يزور العباس إلا في الأسبوع مرة وقد رأى في المنام الصديقة الطاهرة (عليها السلام) وسلم عليها فأعرضت عنه فقال : بأبي أنت وأمي لأي تقصير تعرضين عني قالت : لإعراضك من زيارتك ابني ، قال : أنا أزور ابنك في كل يوم قالت : تزور ابني الحسين (عليه السلام) ولا تزور ابني العباس إلا قليلا!

                تعليق


                • #9
                  ثمَّ حمل علي بن الحسين على القوم ، وهو يقول :

                  أنا عليُّ بنُ الحسينِ بنِ علي من عُصْبَة جَدُّ أبيهِمُ النبي
                  واللهِ لا يحكُمُ فينا ابنُ الدَّعِي أَطْعَنُكُمْ بالرُّمْحِ حتَّى ينثني
                  أَضْرِبُكُم بالسيفِ أَحْمِي عن أبي ضَرْبَ غُلاَم هاشميٍّ علوي

                  فلم يزل يقاتل حتى ضجَّ الناس من كثرة من قتل منهم ، وروي أنه قتل على عطشه مائة وعشرين رجلا ، ثمَّ رجع إلى أبيه وقد أصابته جراحات كثيرة فقال : يا أبه! العطش قد قتلني ، وثقل الحديد أجهدني ، فهل إلى شربة من ماء سبيل أتقوَّى بها على الأعداء؟ فبكى الحسين(عليه السلام) وقال : يا بنيَّ ، يعزُّ على محمد وعلى علي بن أبي طالب وعليَّ أن تدعوهم فلا يجيبوك ، وتستغيث بهم فلا يغيثوك ، يا بنيَّ ، هاتِ لسانك ، فأخذ بلسانه فمصَّه ، ودفع إليه خاتمه وقال : أمسكه في فيك ، وارجع إلى قتال عدوك ، فإني أرجو أنك لا تمسي حتى يسقيك جدّك بكأسه الأوفى شربة لا تظمأ بعدها أبداً . فرجع إلى القتال وهو يقول :

                  الحَرْبُ قد بانت لها الحَقَائِقُ وَظَهَرَتْ من بَعْدِها مَصَادِقُ
                  واللهِ ربِّ العَرْشِ لاَ نُفَارِقُ جُمُوعَكُمْ أو تُغْمَدَ البَوَارِقُ

                  فلم يزل يقاتل حتى قتل تمام المائتين ، ثمَّ ضربه منقذ بن مرّة العبدي على مفرق رأسه ضربة صرعته ، وضربه الناس بأسيافهم ، ثمَّ اعتنق فرسه فاحتمله الفرس إلى عسكر الأعداء ، فقطَّعوه بسيوفهم إرباً إرباً .

                  فلما بلغت الروح التراقي قال رافعاً صوته : يا أبتاه ، هذا جدّي رسول الله(صلى الله عليه وآله)قد سقاني بكأسه الأوفى شربة لا أظمأ بعدها أبداً ، وهو يقول : العجل العجل! فإن لك كأساً مذخورة حتى تشربها الساعة ، فصاح الحسين(عليه السلام) وقال : قتل الله قوماً قتلوك ، ما أجرأهم على الرحمان وعلى رسوله (صلى الله عليه وآله) ، وعلى انتهاك حرمة الرسول ، وعلى الدنيا بعدك العفا .

                  تعليق


                  • #10
                    جاء في الدمعة الساكبة : لما نزل الحسين(عليه السلام) في كربلاء كان أخص أصحابه به وأكثرهم ملازمة له هلال بن نافع ، سيّما في مظانِّ الاغتيال; لأنه كان حازماً بصيراً بالسياسة ، فخرج الحسين(عليه السلام) ذات ليلة إلى خارج الخيم حتى أبعد ، فتقلَّد هلال سيفه ، وأسرع في مشيه حتى لحقه ، فرآه يختبر الثنايا والعقبات والأكمات المشرفة على المنزل . ثم التفت إلى خلفه فرآني ، فقال(عليه السلام) : من الرجل؟ هلال؟ قلت : نعم جعلني الله فداك ، أزعجني خروجك ليلا إلى جهة معسكر هذا الطاغي ، فقال : يا هلال! خرجت أتفقَّد هذه التلاع مخافة أن تكون مكمناً لهجوم الخيل على مخيَّمنا يوم تحملون ويحملون .

                    ثم رجع وهو قابض على يساري ويقول : هي هي والله وعدٌ لا خلف فيه ، ثم قال : يا هلال! ألا تسلك ما بين هذين الجبلين من وقتك هذا ، وانجو بنفسك ، فوقع على قدميه وقال : إذاً ثكلت هلالا أمُّه ، سيِّدي إن سيفي بألف ، وفرسي مثله ، فوالله الذي منَّ عليَّ بك ، لا أفارقك حتى يكلاّ عن فري وجري .

                    تعليق


                    • #11
                      فقام علي بن مظاهر وقال : ولماذا يا سيِّدي؟ فقال(عليه السلام) : إن نسائي تُسبى بعد قتلي ، وأخاف على نسائكم من السبي ، فمضى علي بن مظاهر إلى خيمته فقامت زوجته إجلالا له ، فاستقبلته وتبسَّمت في وجهه ، فقال لها : دعيني والتبسُّم ، فقالت : يا ابن مظاهر! إني سمعت غريب فاطمة (عليها السلام) خطب فيكم ، وسمعت في آخرها همهمة ودمدمة فما علمت ما يقول ، قال : يا هذه! إن الحسين(عليه السلام) قال لنا : ألا ومن كان في رحله امرأة فليذهب بها إلى بني عمِّها لأني غداً أُقتل ونسائي تُسبى ، فقالت : وما أنت صانع؟ قال : قومي حتى ألحقك ببني عمِّك بني أسد ، فقامت ونطحت رأسها في عمود الخيمة وقالت : والله ما أنصفتني يا ابن مظاهر ، أيسرُّك أن تُسبى بنات رسول الله(صلى الله عليه وآله) وأنا آمنة من السبي؟! أيسرُّك أن تُسلب زينب إزارها من رأسها وأنا أستتر بإزاري؟! أيسرُّك أن تذهب من بنات الزهراء أقراطها وأنا أتزيَّن بقرطي؟! أيسرُّك أن يبيضَّ وجهك عند رسول الله (صلى الله عليه وآله)ويسودَّ وجهي عند فاطمة الزهراء؟! والله أنتم تواسون الرجال ونحن نواسي النساء .

                      فرجع علي بن مظاهر إلى الحسين(عليه السلام) وهو يبكي ، فقال له الحسين(عليه السلام) : ما يبكيك؟ فقال : سيِّدي! أبت الأسديَّة إلاَّ مواساتكم ، فبكى الحسين(عليه السلام) وقال : جزيتم عنّا خيراً

                      معالي السبطين ، الحائري

                      تعليق


                      • #12

                        روى الشيخ الصدوق عليه الرحمة عن ابن عباس ، عن رسول الله(صلى الله عليه وآله)في حديث له قال : وأمّا الحسين فإنّه منّي ، وهو ابني وولدي ، وخير الخلق بعد أخيه ، وهو إمام المسلمين ، ومولى المؤمنين ، وخليفة رب العالمين ، وغياث المستغيثين ، وكهف المستجيرين ، وحجّة الله على خلقه أجمعين ، وهو سيّد شباب أهل الجنّة ، وباب نجاة الأمة ، أمره أمري ، وطاعته طاعتي ، من تبعه فإنه منّي ، ومن عصاه فليس منّي ، وإنّي لما رأيته تذكَّرت ما يُصنع به بعدي ، كأني به وقد استجار بحرمي وقبري فلا يُجار ، فأضمّه في منامه إلى صدري ، وآمره بالرحلة عن دار هجرتي ، وأبشِّره بالشهادة ، فيرتحل عنها إلى أرض مقتله وموضع مصرعه ، أرض كرب وبلاء وقتل وفناء ، تنصره عصابة من المسلمين ، أولئك من سادة شهداء أمتي يوم القيامة ، كأني أنظر إليه وقد رُمي بسهم فخرَّ عن فرسه صريعاً ، ثمَّ يُذبح كما يُذبح الكبش مظلوماً ، ثم بكى رسول الله(صلى الله عليه وآله) وبكى من حوله ، وارتفعت أصواتهم بالضجيج ، ثم قام(صلى الله عليه وآله) وهو يقول : اللهم إني أشكو إليك ما يلقى أهل بيتي بعدي ، ثم دخل منزله .

                        وروي عن النبي(صلى الله عليه وآله) أنه قال : بيني وبين قاتل الحسين خصومة يوم القيامة ، آخذ ساق العرش بيدي ، ويأخذ عليٌّ بحجزتي ، وتأخذ فاطمة بحجزة عليّ ومعها قميص ، فأقول : يا ربّ أنصفني في قتلة الحسين

                        مناقب آل أبي طالب ، ابن شهر آشوب

                        تعليق


                        • #13
                          فأخذ يدنو من الحسين قليلا قليلا ، فقال له مهاجر بن أوس : ما تريد يا ابن يزيد؟ أتريد أن تحمل؟ فلم يجبه ، فأخذه مثل الأفكل وهي الرعدة ، فقال له المهاجر : إن أمرك لمريب ، والله ما رأيت منك في موقف قط مثل هذا ، ولو قيل لي ، من أشجع أهل الكوفة؟ لما عدوتك ، فما هذا الذي أرى منك؟ فقال له الحر : إني والله اُخيِّر نفسي بين الجنّة والنار ، فوالله لا أختار على الجنّة شيئاً ولو قُطِّعت وأُحرقت .

                          ثمَّ ضرب فرسه فلحق الحسين(عليه السلام) فقال له : جعلت فداك يا ابن رسول الله ، أنا صاحبك الذي حبستك عن الرجوع ، وسايرتك في الطريق ، وجعجعت بك في هذا المكان ، وما ظننت أن القوم يردُّون عليك ما عرضته عليهم ، ولا يبلغون منك هذه المنزلة ، والله لو علمت أنهم ينتهون بك إلى ما أرى ما ركبت مثل الذي ركبت ، وأنا تائب إلى الله مما صنعت ، فترى لي من ذلك توبة؟ فقال له الحسين(عليه السلام) : نعم ، يتوب الله عليك فانزل ، فقال : أنا لك فارساً خير منّي راجلا ، أقاتلهم على فرسي ساعة ، وإلى النزول ما يصير آخر أمري ، فقال له الحسين(عليه السلام) فاصنع ـ يرحمك الله ـ ما بدا لك .

                          تعليق


                          • #14
                            وكان كل من أراد الخروج ودَّع الحسين(عليه السلام) وقال : السلام عليك يا ابن رسول الله! فيجيبه : وعليك السلام ، ونحن خلفك ، ويقرأ(عليه السلام) : {فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلا} .

                            ثم برز برير بن خضير الهمداني بعد الحُر ، وكان من عباد الله الصالحين ، فبرز وهو يقول :

                            أَنَا بُرَيرٌ وأبي خُضَيْر ليثٌ يروعُ الأُسْدَ عند الزَّئْرِ
                            يَعْرِفُ فينا الخيرَ أهلُ الخيرِ أضربُكُمْ وَلاَ أَرى من ضَيْرِ
                            كذاك فِعْلُ الخيرِ من بُرَيْرِ

                            وجعل يحمل على القوم وهو يقول : اقتربوا منّي يا قتلة المؤمنين! اقتربوا منّي يا قتلة أولاد البدريّين! اقتربوا منّي يا قتلة أولاد رسول ربِّ العالمين وذرّيّته الباقين! وكان برير أقرأ أهل زمانه ، فلم يزل يقاتل حتى قتل ثلاثين رجلا .

                            قال : فحمل رجل من أصحاب ابن زياد فقتل بريراً رحمه الله ، وكان يقال لقاتله : بحير بن أوس الضّبي . قال : ثمَّ ذكر له بعد ذلك أن بريراً كان من عباد الله الصالحين ، وجاءه ابن عمٍّ له وقال : ويحك يا بحير! قتلت برير بن خضير ، فبأيِّ وجه تلقى ربَّك غداً؟ قال : فندم الشقيُّ لعنه الله .

                            تعليق


                            • #15
                              ثمَّ برز من بعده وهب بن عبدالله بن حباب الكلبي ، وقد كانت معه أمُّه يومئذ ، فقالت : قم يا بنيَّ فانصر ابن بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، فقال : أفعل يا أمّاه ولا أقصِّر ، فبرز وهو يقول :

                              إِنْ تُنْكِرُوني فأنا ابنُ الكلبي سوف تَرَوْني وَتَرَونَ ضَرْبي
                              وَحَمْلَتي وَصَوْلَتي في الْحَرْبِ أُدْرِكُ ثَأْري بَعْدَ ثَأْرِ صَحْبي
                              وَأَدْفَعُ الكَرْبَ أمام الْكَرْبِ ليس جِهَادِي في الوغى باللعبِ
                              ثمَّ حمل فلم يزل يقاتل حتى قتل منهم جماعة ، فرجع إلى أمِّه وامرأته ، فوقف عليهما فقال : يا أمَّاه! أرضيت؟ فقالت : ما رضيت أو تقتل بين يدي الحسين(عليه السلام) ، فقالت امرأته : بالله لا تفجعني في نفسك! فقالت أمُّه : يا بنيَّ! لا تقبل قولها وارجع فقاتل بين يدي ابن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، فيكون غداً في القيامة شفيعاً لك بين يدي الله ، فرجع فلم يزل يقاتل حتى قتل تسعة عشر فارساً واثني عشر راجلا ، ثمَّ قُطعت يداه ، فأخذت امرأته عموداً وأقبلت نحوه وهي تقول : فداك أبي وأمّي ، قاتل دون الطيّبين حرم رسول الله ، فأقبل كي يردَّها إلى النساء ، فأخذت بجانب ثوبه وقالت : لن أعود أو أموت معك ، فقال الحسين(عليه السلام) : وجعل يقاتل حتى قتل رضوان الله عليه .

                              قال : فذهبت امرأته تمسح الدم عن وجهه ، فبصر بها شمر ، فأمر غلاماً له فضربها بعمود كان معه فشدخها وقتلها ، وهي أول امرأة قتلت في عسكر الحسين(عليه السلام)
                              .


                              الله اكبر !

                              تعليق

                              المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
                              حفظ-تلقائي
                              x

                              رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

                              صورة التسجيل تحديث الصورة

                              اقرأ في منتديات يا حسين

                              تقليص

                              لا توجد نتائج تلبي هذه المعايير.

                              يعمل...
                              X