◀لقطات وصِوَر مِنْ مظلوميّة الحقّ الحقيق الإمام الحسن المُجتبى (عليه وآله السّلام)▶
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَعَجِّلْ فَرَجَهُمْ وَالْعَنْ عَدُوّهُم
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَعَجِّلْ فَرَجَهُمْ وَالْعَنْ عَدُوّهُم
* روى الشّيخ أبو جعفر ابن بابويه القُمّي الصّدوق بسنده عَنْ جابر بن يزيد الجُعفي عَنْ أبي جعفر (عليه السّلام) قال: "مَنْ لَمْ يَعْرِفْ سُوءَ مَا أَتَى إِلَيْنَا مِنْ ظُلْمِنَا، وَذَهَابِ حَقِّنَا، وَمَا نُكِبْنَا بِهِ، فَهُوَ شَرِيكُ مَنْ أَتَى إِلَيْنَا فِيمَا وُلِّينَا بِهِ".[الصّدوق، عقاب الأعمال، ص248، ح6].
أقول: إمتثالًا لقول الإمام الباقر (عليه السّلام)، نسرد هذه السّطور واللّمحات مِنْ مظلوميّة مولانا وإمامنا ووليّ نعمتنا وشفيعنا الإمام المُجتبى الحسن بن عليّ بن أبي طالب (صلوات الله عليه وعلى آله، ولعنة الله على أعداءه)
1- الإمام الحسن المُجتبى (عليه السّلام) خانه ابن عمّه وقائد جيشه عُبَيْد الله بن العبّاس بألف ألف درهم، وانسلّ ليلًا مِنْ الجيش(1)
2- جيش الإمام الحَسن المُجتبى (عليه السّلام)، شتموا الإمام (عليه السّلام) وكفّروه واستحلّوا دمه، وقالوا عنه (عليه السّلام): " كَفَرَ وَاللهِ الرَّجُلُ"، وقالوا: "أَشْرَكْتَ يَا حَسَنُ كَمَا أَشْرَكَ أَبُوكَ"(2).
3- جيش الإمام الحسن (عليه السّلام)، هجموا عليه، و"شَدُّوا عَلَى فُسْطَاطِهِ فَانْتَهَبُوهُ، حَتَّى أَخَذُوا مُصَلَّاهُ مِنْ تَحْتِهِ، ثُمَّ شَدَّ عَلَيْهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ جُعَالٍ الْأَزْدِيُّ فَنَزَعَ مِطْرَفَهُ عَنْ عَاتِقِهِ فَبَقِيَ جَالِسًا مُتَقَلِّدًا السَّيْفَ بِغَيْرِ رِدَاءٍ"(3).
4- توالت المِحن على مولانا الإمام الحسن (عليه السّلام)، حتّى "بَدَرَ إِلَيْهِ رَجُلٌ مِنْ بَنِي أَسَدٍ يُقَالُ لَهُ الجَرَّاحُ بْنُ سِنَانٍ؛ فَأَخَذَ بِلِجَامِ بَغْلَتِهِ وَبِيَدِهِ مِغْوَلٌ(4)، وَقَالَ: اللهُ أَكْبَرُ أَشْرَكْتَ يَا حَسَنُ كَمَا أَشْرَكَ أَبُوكَ مِنْ قَبْلُ، ثُمَّ طَعَنَهُ فِي فَخِذِهِ فَشَقَّهُ حَتَّى بَلَغَ الْعَظْمَ"(5).
5- مولانا الإمام المُجتبى (عليه السّلام)، "حُمِلَ عَلَى سَرِيرٍ إِلَى المَدَائِنِ فَأُنْزِلَ بِهِ عَلَى سَعْدِ بْنِ مَسْعُودٍ الثَّقَفِيِّ وَكَانَ عَامِلَ أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ عليه السّلام بِهَا؛ فَأَقَرَّهُ الْحَسَنُ عليه السّلام عَلَى ذَلِكَ، وَاشْتَغَلَ بِنَفْسِهِ يُعَالِجُ جُرْحَهُ"(6).
6- الإمام الحسن المُجتبى لمّا هادن،"سَلَّمَتْ عَلَيْهِ الشِّيعَةُ: "عَلَيْكَ السَّلَامُ يَا مُذِلَّ المُؤْمِنِينَ" فَقَالَ: (عليه السّلام): مَا أَنَا بِمُذِلِّ المُؤْمِنِينَ وَلَكِنِّي مُعِزُّ المُؤْمِنِينَ؛ إِنِّي لمَّا رَأَيْتُكُمْ لَيْسَ بِكُمْ عَلَيْهِمْ قُوَّةٌ، سَلَّمْتُ الْأَمْرَ لِأَبْقَى أَنَا وَأَنْتُمْ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ كَمَا عَابَ الْعَالِمُ السَّفِينَةَ؛ لِتَبْقَى لِأَصْحَابِهَا وَكَذَلِكَ نَفْسِي وَأَنْتُمْ لِنَبْقَى بَيْنَهُم"(7).
7- روى الشّيخ أبو جعفر الكُليني بسنده عَنْ سُليمان كاتب عليّ بن يقطِن عمّنْ ذكرَه عَنْ أبي عبد الله (عليه السّلام) قَالَ: "إِنَّ الأَشْعَثَ بْنَ قَيْسٍ شَرِكَ فِي دَمِ أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ (عليه السّلام)، وابْنَتُه جَعْدَةُ(8) سَمَّتِ الحَسَنَ (عليه السّلام)، ومُحَمَّدٌ ابْنُه شَرِكَ فِي دَمِ الحُسَيْنِ (عليه السّلام)"(9).
8- قال ابن أبي الحديد المُعتزلي: روى أبو الحَسَنِ المَدَائِنِيُّ، قال: "سُقِيَ الحَسَنُ (عليه السّلام) السَّمَّ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ. فَقَالَ: لَقَدْ سُقِيتُهُ مِرَارًا فَمَا شَقَّ عَلَيَّ مِثْلَ مَشَقَّتِهِ هَذِهِ المَرَّةَ"(10)، بل أنّ الإمام الحسن (عليه السّلام) سُقيَ السمّ سبعين مرّة(11)، وبقِيَ يُعالج السمّ أربعين يومًا(12).
9- تعذّب الإمام الحسن المُجتبى كثيرًا، حتّى قال مُخاطبًا أخيه الإمام الحُسين (عليهما السّلام): " يَا أَخِي إِنِّي مُفَارِقُكَ وَلَاحِقٌ بِرَبِّي، وَقَدْ سُقِيتُ السَّمَّ وَرَمَيْتُ بِكَبِدِي فِي الطَّسْتِ، وَإِنِّي لَعَارِفٌ بِمَنْ سَقَانِي السَّمَّ، وَمِنْ أَيْنَ دُهِيتُ، وَأَنَا أُخَاصِمُهُ إِلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ؛ فَبِحَقِّي عَلَيْكَ أَنْ تَكَلَّمْتَ فِي ذَلِكَ بِشَيْءٍ، وَانْتَظِرْ مَا يُحْدِثُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ فِيَّ"(13)، ووصل به الحال (عليه السّلام) أنْ تقرّح جسمه الشّريف وتجمّع الماء بيه جلده ولحمه؛ فقد روى الشّيخ أبو جعفر الكُليني بسنده عَنْ أبي بَكْرٍ الحَضْرَمِيِّ، قال: "إِنَّ جَعْدَةَ بِنْتَ أَشْعَثَ بْنِ قَيْسٍ الْكِنْدِيِّ سَمَّتِ الحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ (عليهما السّلام) وسَمَّتْ مَوْلَاةً لَه؛ فَأَمَّا مَوْلَاتُه فَقَاءَتِ السَّمَّ، وأَمَّا الحَسَنُ (عليه السّلام) فَاسْتَمْسَكَ فِي بَطْنِه(14)، ثُمَّ انْتَفَطَ بِه(15) فَمَاتَ"(16).
10- روى الشّيخ فخر الدّين الطُّريحي النّجفي: أَنَّ الحَسَنَ الزَّكِيّ (عليه السّلام)، لمَّا دَنَتْ وَفَاتُهُ وَنَفِدَتْ أَيَّامُهُ، وَجَرَى السَّمُّ فِي بَدَنِهِ وأَعْضَائِهِ، تَغَيَّرَ لَوْنُ وَجْهِهِ، وَمَالَ بَدَنُهُ إِلَى الزُّرْقَةِ وَالخُضْرَةِ، قَالَ لَهُ أَخُوهُ الحُسَيْنُ (عليه السّلام): مَا لِي أَرَى لَوْنَ وَجْهِكَ مَائِلًا إِلَى الخُضْرَةِ؟ فَبَكَى الحَسَنُ (عليه السّلام) وَقَالَ: يَا أَخِي لَقَدْ صَحَّ حَدِيثُ جَدِّي فِيَّ وَفِيكَ، ثُمَّ مَدَّ يَدَهُ واعْتَنَقَهُ طَوِيلًا وَبَكَيَا كَثِيرًا؛ فَقَالَ الحُسَيْنُ (عليه السّلام): يَا أَخِي، مَا حَدَّثَكَ جَدُّكَ؟ وَمَاذَا سَمِعْتَ مِنْهُ؟ فَقَالَ: أَخْبَرَنِي جَدِّي رَسُول الله (صلّى الله عليه وآله)، قَالَ: لمَّا مَرَرْتُ لَيْلَةَ الْمِعْرَاجِ بِرَوْضَاتِ الْجِنَانِ وَمَنَازِلِ أَهْلِ الْإِيمَانِ؛ رَأَيْتُ قَصْرَيْنِ عَالِيَيْنِ مُتَجَاوِرَيْنِ عَلَى صِفَةٍ وَاحِدَةٍ، لَكِنْ أَحَدَهُمَا: مِنَ الزَّبَرْجَدِ الْأَخْضَرِ، وَالْآخَرَ: مِنَ الْيَاقُوتِ الْأَحْمَرِ؛ فَاسْتَحسَنْتُهُمَا وَشَاقَنِي حُسْنُهُمَا؛ فَقُلْتُ: يَا جَبْرَائِيلُ، لِمَنْ هَذَيْنِ الْقَصْرَيْنِ؟ فَقَالَ: أَحَدُهُمَا لِوَلَدِكَ لحَسَنِ (عليه السّلام)، وَالْآخَرُ لِوَلَدِكَ الحُسَيْنِ (عليه السّلام). فَقُلْتُ: يَا جَبْرَائِيلُ، فَلِمَ لَمْ يَكُونَا عَلَى لَوْنٍ وَاحِدٍ؟ فَسَكَتَ وَلَمْ يَرُدَّ جَوَابًا. فَقُلْتُ: يَا أخِي، لِمَ لَا تَتَكَلَّمُ؟ فَقَالَ: حَيَاءً مِنْكَ. فَقُلْتُ لَهُ: سَأَلْتُكَ بِاللهِ إِلَّا مَا أَخْبَرْتَنِي. فَقَالَ: أَمَّا خُضْرَةُ قَصْرِ الحَسَنِ (عليه السّلام) فَإِنَّهُ يَمُوتُ بِالسَّمِّ، وَيَخْضَرُّ لَوْنُهُ عِنْدَ مَوْتِهِ، وَأَمَّا حُمْرَةُ قَصْرِ الحُسَيْنِ (عليه السّلام) فَإِنَّهُ يُقْتَلُ، وَيَحْمَرُّ وَجْهُهُ بِالدَّمِ. فَعِنْدَ ذَلِكَ بَكَيَا وَ ضَجَّ الحَاضِرُونَ بِالْبُكَاءِ وَالنَّحِيبِ"(17).
11- بعد استشهاد الإمام السّبط المظلوم (عليه السّلام) رموا جنازته الشّريفة بالسّهام(18)، ومنعوه أنْ يُجدّد العهد عند قبر جدّه رسول الله (صلّى الله عليه وآله) فدُفِنَ في البقيع الغرقد عند قبر جدّته السيّدة فاطمة بنت أسد (عليها السّلام)(19).
لا نقول إلّا: صلّى الله عليك يا سيّدي، يا حُجّة الله وابن حُجّته وأخا حُجّته، أيّها الإمام المعصوم، الإمام المُجتبى، وابن الوصيّ المُرتضى، المقتول المسموم، والزكيّ المظلوم، وسبط الرّسول، وابن البتول، أيّها الحسن بن عليّ بن أبي طالب ورحمة الله تعالى وبركاته، نشهدُ أنّه: "فَارَقَ الْغَدْرَ، وَنَهَى عَنِ الشَّرِّ، وَأَحَبَّ المُؤْمِنِينَ، وَأَبْعَدَ الْفَاسِقِينَ، وَكَانَ لَهُ أَمَدٌ، وَلَمْ يَكُنْ مَعَهُ أَحَدٌ، وَلَمْ يَتِمَّ لَهُ عَدَدٌ، فَلَزِمَ عَنْ أَبِيهِ الْوَصِيَّةَ، وَدَفَعَ عَنِ الْإِسْلَامِ الْبَلِيَّةَ؛ فَلَمَّا خَافَ عَلَى المُؤْمِنِينَ الْفِتَنَ رَكَنَ إِلَى الَّذِي إِلَيْهِ رَكَنَ، وَكَانَ بِمَا أَتَى عَالِمًا، وَعَنْ دِينِهِ غَيْرَ نَائِمٍ، فَعَبَدَكَ بِالاجْتِهَادِ، وَلَمْ يَقْنَعْ بِالاقْتِصَادِ، فَأَثْبَتَ الدِّينَ، وَمَضَى عَلَى الْيَقِينِ. اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، وَاجْزِهِ عَنَّا أَفْضَلَ جَزَاءِ الصَّادِقِينَ، الدُّعَاةِ المُجْتَهِدِينَ، الْقَادَةِ المُعَلِّمِينَ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِمْ فِي الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ، وَأَبْلِغْهُمْ عَنَّا السَّلَامَ، وَارْدُدْ عَلَيْنَا مِنْهُمُ السَّلَامَ، وَالسَّلَامُ عَلَيْهِمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ"(20).
.
ـــــــــــــ
(1) راجع: المُفيد، الإرشاد، ص181.
(2) راجع: المُفيد، الإرشاد، ص180.
(3) راجع: المُفيد، الإرشاد، ص180.
(4) "المِغْوَل": سَوْطٌ أَو عصًا في باطنه سِنانٌ دقيقٌ أو سيفٌ دقيق له حدّ ماضٍ.
(5) راجع: المُفيد، الإرشاد، ص180.
(6) راجع: المُفيد، الإرشاد، ص181.
(7) راجع: ابن شُعبة الحرّاني، تُحَف العقول، ص227.
(8) إمرأة الإمام الحسن المُجتبى (عليه السّلام)
(9) الكُليني، الكافي، 8/ 167، ح187.
(10) ابن أبي الحديد المُعتزلي، شرح نهج البلاغة، 16/ 230.
(11) الطّبري الشّيعي، دلائل الإمامة، ص160.
(12) المُفيد، الإرشاد، ص182.
(13) المُفيد، الإرشاد، ص183.
(14) أي احتبس السمّ في جسمه الشّريف (عليه السّلام).
(15) قال الشّيخ المُحقّق عليّ أكبر الغفاري: "انْتَفَطَ" و"تَنَفَّطَ الجَسَدُ": قرح وتجمّع بين الجلد واللّحم ماءٌ، والاسم منه: "النَّفْطَةُ" ومثلها الجدري. وفي بعض النُّسخ: "فَانْتَقَضَ بِهِ": أي كسره. وفي بعضها: "فَانْتَفَضَ بِهِ": أي تفرّق بعض أحشائه.
(16) الكُليني، الكافي، 1/ 462، ح3 كتاب الحُجّة.
(17) فخر الدّين الطُّريحي النّجفي، المُنْتَخب، 1/ 175، المجلس التّاسع.
(18) المُفيد، الإرشاد، ص183.
(19) المُفيد، الإرشاد، ص183.
(20) المجلسي، بحار الأنوار، 99/ 151، بـ9.
& السيّد جهاد الموسوي &
• youtube / channel
• visiblewater.blogspot.com
تعليق