شرح قول « و أنار فی التفکیر معقولها***» لخطبة الصديقة فاطمة الزهراء عليها السلام
لسماحة الأستاذ الشيخ محمد كاظم الخاقاني سنة ١٤١٢ قم
العقل بمعنى ربط الشيء وجعله في موضعه المناسب له، ومن لم يجعل الاشياء في مواضعها الموصلة الى غايتها الحقيقية التي بها نیل الکمال فلیس بعاقل، فاذا عقل الانسان حقیقة الوجود ولم يحجب عن دركها بالظلمات، فسار من اجل الوصول الى معرفة الغایة متکاملا ینتقل من منزل الی منزل بهدی العقل و الانبیاء کان عاقلا، ومن ضيع واقع الحياة لخيال عالم الغرور فحقيق به ان لايكون عاقلا، فأذن على ضوء الحكمة والعقل لا يسمى اشباه معاوية الذين نسوا انفسهم فاضاعوا القيم بأبخس ثمن وهى ليالي الظلمات الزائلة بالعقلاء الا بمنظار ابناء الدنيا، واعلم ان مرتبة التفكير هي مرتبة التوحيد النظري بعد مرتبة التوحيد الفطرى.لسماحة الأستاذ الشيخ محمد كاظم الخاقاني سنة ١٤١٢ قم
ففطرة التوحيد و نفي الشريك بمشاهدة الوجود و الوجوب وامتناع تعداد محض الوجود واللانهاية قبل الاثر والامکان الذي بذاته لااقتضاء التحقق وفناء الذات اسبق انارة اورعت من قبل الحق تعالى لدى النفس من انارة الحقائق بالبرهان المحتاج الى واسطة في مشاهدة الواقع غیر نفس واقع التحقق الاصیل وان کون کل ذي ماهیة و وجود امکاني محتاجاً الی علة فاعلیة ترجحاً والی علة غائیة ترجیحاً فان هذا الترجيح والترجح بعد بطلان الدور والتسلسل لابد وان يرجع الى مبدأ اما ذى شعور وحكمة او الى مبدع هومحض القابلية والسئوال کالهیولی أو الی مبدأ فعلي علی الفرض و التقدیر خال من العقل والحكمة قد حصل منه النظم والمحكمة المحيرة للعقول من باب الصدفة،فان العقل الفطرية و النظرية السلیمین یشاهدان بکل اطمئنان رجوع الحقائق الی مبدأ ذيی عقل وحکمة وان کا نت فطرۃ العقل قد شهدت في المرتبة السابقة سبق الوجوب على الامكان.
وان النفوس القوية المتحررة من الحجب لتشاهد بنور الفطرة والعقل حقيقة الامر مشاهدة يقينية لاتقاس بها مشاهدات اليقين الحاصل بتوسط الحواس الظاهرة كالسمع والبصر لان المشاهدات الحسية قد يقع فيها الخطأ كما اثبت العلم خطأ الحواس في كثير من الموارد، والحال ان الفطرة بل والعقل البرهاني ايضاً عين مشاهدة الواقع الذي لم یتردد فیه غیر السوفسطائیین لعقل علیل أو بصيرة مدخولة.
قال الامام الحسین عليه السلام« إِلَهِي تَرَدُّدِي فِي الْآثَارِ يُوجِبُ بُعْدَ الْمَزَارِ فَاجْمَعْنِي عَلَيْكَ بِخِدْمَةٍ تُوصِلُنِي إِلَيْكَ، كَيْفَ يُسْتَدَلُّ عَلَيْكَ بِمَا هُوَ فِي وُجُودِهِ مُفْتَقِرٌ إِلَيْكَ أَ يَكُونُ لِغَيْرِكَ مِنَ الظُّهُورِ مَا لَيْسَ لَكَ حَتَّى يَكُونَ هُوَ الْمُظْهِرَ لَكَ، مَتَى غِبْتَ حَتَّى تَحْتَاجَ إِلَى دَلِيلٍ يَدُلُّ عَلَيْكَ، وَ مَتَى بَعُدْتَ حَتَّى تَكُونَ الْآثَارُ هِيَ الَّتِي تُوصِلُ إِلَيْكَ، عَمِيَتْ عَيْنٌ لا تَرَاكَ . »