مقتبس من سلسلة إعرفوا الحق تعرفوا أهله الجزء الأول
لسماحة الأستاذ الشيخ محمد كاظم الخاقاني
في رحاب السيرة النبوية الشريفةلسماحة الأستاذ الشيخ محمد كاظم الخاقاني
تمر البشرية في طي تأريخها الطويل بليالٍ عصفت بالخلق الكريم إلى هوة كادت أن تمسخ هوية هذا الكائن الذي ما خلق إلا من أجل غاية تفوق الملائكة قدرا وماكان ليحدث ما حدث من رأي أو فعل تندى لهما جبين الإنسانية لو عاش البشر حياة التأسي بعظماء الخلق كالأنبياء وأوصياءهم الكرام.
فنحن اليوم بأمس الحاجة إلى دراسة معمقة في أبعاد السيرة النبوية لسيد الكائنات محمد (ص) لنلقي الأضواء من خلالها على مناهج الرشاد علما وعملا لنستعيد بها هوية السلام التي كادت أن تندرس في هذا العصر من بعد ما انبهر العقل البشري بظاهر من الحياة الدنيا فأخلد إلى الأرض ظانا بأن الغاية المنشودة من خلقه تحصل سراباً بأعين أبناءها من بعد ذهاب ربيع الأيام ومن الواضح عند التأمل أن ما يعاني منه المسلمون اليوم من التخبط والانهيار في أغلب مجالات الحياة لا يكمن فقط في جانب الغزو الخارجي لنعلل به الانهزام والانحطاط الذي نعيشه اليوم بل لابد وأن نبحث ذلك بكل دقة أولاً وبالذات في عوامل البعد الخارجي لمجتمعنا المسلم عن مسيرة الكمال التي جاء بها الرسول محمد (ص)ليأخذ بنا إلى تراث الأنبياء الخالد الذي به ضمان سعادة الدارين وإلا فنقد حضارة الغرب بلا بديل يضمن للأمة مجدها قد لا يكون سوى منهجا خطابيا و شعريا كما وأنه بات الأمر من الواضح أنا نعيش في زمن لا يمكن فيه حسم الامور بأحكام تكليفية وها نحن نعيش هجمة ثقافية في عقر دارنا ربما لبت لها الكثير من رغبات النفوس ولو في ميادين الرغبات الحسية أو عالم الوهم والخيال حيث ضاعت عندها الكثير من المقاييس الحقة أو التي هي أولى وأجدر بالأخذ لسبل الرقي والكمال فالكفيل بخروج الأمة من مأزقها ومحنتها التي عمت كافة أبعاد الحياة فانهارت عندها القيم المادية والمعنوية معا هو أن تقر الأمة مرة ثانية ببواطن ضميرها بأنها لابد وأن تكون لها الأسوة برسول الله (ص) ثم تحاول الجهد من وراء ذلك للمس الأسباب التي أدت إلى الإنهيار ثم السعي بعد ذلك للتخلص من هجمة أجنبية بعد وجدان البديل الضامن للمجتمع سعادة الدارين لأنه ربما كان الكثير من دواعي الانهيار كامنا وراء تفسيرنا الخاطئ لمناهج الإسلام القويم من بعد ما ابتعدنا عن مسلك الشرع أحقابا من الزمن سواء في ذلك تفسيرنا للكتاب المجيد أو السنة النبوية المتجسدة بسيرة إثني عشر نقيب هم مظاهر العلم والعدل والملاذ الذي يردّ الأمة عند اضطراب الأهواء إلى الله تعالى والرسول (ص)حيث قال تعالى



