صلاح الدين ، ايها الكردي عذرا
بقلم : الشيخ كمال خطيب - نائب رئيس الحركة الاسلامية
في غمرة الاستعدادات المحمومة لاشعال الحرب الصليبية الجديدة ضد الاسلام بدءا من العراق وفي غمرة الحديث عن الدور التركي في هذه الحرب وعن فتح مطاراته وموانئه لانتشار القوات الامريكية الغازية وعن الدور العربي المشبوه فحدث ولا حرج ، في غمرة هذا كله يكثر الحديث عن الاكراد ، سكان شمال العراق وعن علاقتهم بالدولة العراقية مستقبلا وعن دورهم الراهن في دعم الهجوم الامريكي وعن مستقبلهم وعلاقتهم بتركيا لاحقا.
ان الحديث عن الاكراد يعني الحديث عن شعب مسلم يزيد تعداده على 35 مليونا مقسمين بين تركيا والعراق وسوريا وايران وكذلك دول المهجر والشتات، انه الحديث عن شعب مسلم الهبت ظهره سياط النزعات القومية التي سادت العالم الاسلامي بتشجيع من الدول الاوروبية من خلال محاولاتها وسعيها لتفكيك اوصال دولة الخلافة الاسلامية العثمانية ، فكان نصيبه ذلك التقسيم ليظل بذلك شوكة في خاصرة الشعوب والدول والتي بقي فيها الاكراد اقلية بين اكثرية ينتمون الى قومية اخرى كما هو حالهم مع الاتراك في تركيا والعرب في العراق والفرس في ايران وهكذا ظل حالهم في ظل الحكومات العلمانية القومية التي لم تراع تاريخ ولا مآثر هذا الشعب وما قدّمه للامة الاسلامية على مدار الاجيال.
يكفي الاكراد شرفا وفضلا على امة الاسلام كلها انهم هم الذين انجبوا بطلا هو صلاح الدين الايوبي رحمه الله سنة 532 هجرية في تكريت بين بغداد والموصل والذي لا ابالغ اذا قلت ان الغالبية الساحقة من المسلمين عموما ومن العرب خصوصا يعتقدون ان صلاح الدين الايوبي هو عربي وما هو بعربي انه كردي، يقول ابن خلدون في بيان سلالة الاسرة الايوبية التي انجبت صلاح الدين )جدهم هو ايوب بن شادي بن مروان ابن علي بن عثرة بن الحسن بن علي بن احمد، بن علي بن عبد العزيز بن هدبة بن الحصين بن الحارث بن سنان بن عمر بن مرة بن عوف الحميري الدوسي ، واصل الاسرة من اكراد الروادية( اما ابن الاثير فيقول عن نسب الاسرة الايوبية )هذا النسل هم اشرف الاكراد(كردستان موطنهم ومعناها ارض الكرد وهم الذين اسسوا دولة بل امبراطورية قوية بين القرنين الثامن والرابع قبل الميلاد والذين ما ان دخل الاسلام الى الدولة الفارسية التي خضعوا لها عند ذلك الا واسرعوا بالدخول فيه وكان لهم الدور الكبير في نهضته العلمية والعسكرية، يقول الدكتور ابراهيم ابو جابر في كتابه حاضر القضية الكردية ص18 )واشتهر الصالح عماد الدين زنكي باني النواة الاولى لاول دولة كردية قوية الجانب وتولى من بعده ابنه نور الدين ثم خلفه صلاح الدين وبقيت هذه الدولة الى سنة 650 هجرية ، يعتبر هذا العصر العصر الذهبي للاكراد حيث امتدت دولتهم من القوقاز شمالا الى صنعاء جنوبا ومن وادي دجلة شرقا الى طرابلس غربا ويعود الفضل لهذه الدولة في استئصال شأفة الصليبيين وتحرير القدس من قبضتهم(.
ها هم الاكراد اليوم بعد اذ ظلمهم الاقربون من العرب والترك ونسوا فضلهم على الاسلام وبعد اذ تزعّمهم زعماء فاسدون ومارقون تماما مثلما تزعم العرب امراء وملوك ورؤساء فاسدون ومارقون، واذا بنا نرى الاكراد اليوم وكأنهم لا يجيدون الا فتح ابواب شمال العراق للغزاة الامريكيين ، ويا للعار بل ان زعماءهم امثال جلال الطالباني الماركسي ومسعود البرزاني ابن الملاّ مصطفى البرزاني صاحب العلاقات المميزة مع اسرائيل وصاحب الزيارة الشهيرة الى اسرائيل عام 1968 ، انهم يجتمعون في شمال العراق مع المبعوث الخاص للرئيس بوش وتحديدا في مدينة صلاح الدين التي سميت على اسم البطل المسلم الكردي صلاح الدين الايوبي رحمه الله للتآمر على اخوانهم العرب وشعبهم في العراق.
عذرا ايها الكردي صلاح الدين فإن من عادة الشعوب انها تكرم عظماءها بتسمية اسماء مدن او معاهد او جامعات او مطارات بأسمائهم ليظل ذكرهم حاضرا فلا ينسى ويكرم فلا يهان، عذرا ايها البطل الكردي فلقد اساء قومك الاكراد بل المنافقون منهم هذه الايام لما جعلوا مكان اجتماعاتهم للتآمر على بلدهم العراق وبتنسيق ومباركة من الصليبيين الجدد في امريكا في المدينة التي سميت على اسمك »صلاح الدين« .
عذرا ايها الكردي وانت الذي طردت الصليبيين القدامى من بلاد الاسلام من الشام ومصر والعراق وانت الذي حررت دمشق والقدس من ايديهم وقد قلت قولتك المشهورة )لن يرجعوا اليها ما دمتم رجالا( عذرا ايها الكردي ولقد رجعوا في المرة الاولى بعد الحرب العالمية الاولى لما دخل القائد غورو الى دمشق ودخل ووقف عند قبرك وضرب القبر بعصاه وقال )ها قد عدنا يا صلاح الدين( ، عذرا والف عذر ايها الكردي حيث انهم رجعوا اليوم وعادوا ثانية الى الشام كلها بل الى الخليج الذي لم يصلوه لا في حملاتهم الصليبية الاولى ولا اللاحقة وها هم الصليبيون الجدد اليوم يدخلون الى حيث موطنك وموطن آبائك واجدادك في حملة صليبية جديدة حتى لكأن قائدهم الجديد الامبراطور بوش يدوس وجنوده ارض الآباء والمكارم ولسان حالهم يقول ها قد عدنا يا صلاح الدين.
انها ردّة ولا ابا بكر لها ، انها هجمة تترية ولا قطز لها، انها حملة صليبية ولا صلاح لها
يا قوم ان الامر جد
قد مضى زمن المزاح
عاد الصليبيون ثانية
وجالوا في البطاح
عادوا وما في الشرق
نور الدين يحكم او صلاح
عذرا ايها الكردي فلقد كنت دائما ترتسم معالم الحزن والاسى على وجنتيك ولم يكن للابتسامة مكان ولا نصيب على شفتيك فلما كنت تُسألُ لماذا لا تضحك يا صلاح الدين فكان جوابك المتكرر )اني استحي من الله ان اضحك وما يزال المسجد الاقصى بيد الصليبيين(.
عذرا ايها الكردي فبعد ان حررت انت القدس والاقصى وبلاد الشام وكل بلاد الصليبيين ها قد عاد المسجد الاقصى ليقع من جديد بيد الاحتلال الاسرائيلي وهو يرقد بثوب الاسى والحزن ويتجلل بالسواد وينادي كل يوم صلاح ولا صلاح ولسان حاله يقول :
قد عفَّر الوغد وجهي بالدم القاني
ومزق العلج اثوابي وادراني
فصحت علّ صلاح الدين يسمعني
او علّ صدرة الفرسان يلقاني
اين السيوف التي في كف معتصم
صالت على البغي من فرس ورومان
معذرة ايها الكردي ومن يسمون اليوم باسماء العرب والمسلمين ويصنفون انفسهم في خانة الزعماء والقادة ويتلفعون بعباءات الذل والخزي ها هم نراهم يعقدون المؤتمرات والقمم ليشربوا نخب ضياع القدس ونخب دمار بغداد ثم ينفضوا ،اننا نراهم يضحكون ملء اشداقهم ويأكلون ملء كروشهم، ينامون ملء اجفانهم ولا يحرك فيهم قيد الاقصى وهوان القدس واستغاثة بغداد اي ساكن، ايها البطل الكردي العظيم اسمع الى ما يقول فيلسوف وشاعر الاسلام في الهند المرحوم محمد اقبال وهو يناجي النبي & فيذكرك انت رغم بعد السنين )يا من منح الكردي لوعة العرب، اسمح للهندي ان يمثل بين يديك ويتحدث بأشواقه واحزانه اليك، انه يحمل قلبا حزينا وكبدا مقروحة، لا يعلم اصدقاؤه وزملاؤه ما يعانيه من حزن والم انه لا تنقطع الحانه المشجية كالعود الذي لا راحة له ولا انقطاع ، انني كحطب في الصحراء مرّ به ركب فأشعل فيه النار وأعجل الركب السير فمضى وخلّفه وبقي الحطب يشتعل وينتظر ركبا جديدا ليستهلكه ويأتي على بقيته فمتى يمر به ركب جديد في هذه الصحراء الموحشة المظلمة؟( ص207 من كتاب روائع اقبال لابي الحسن الندوي .
عذرا ايها الكردي وانت الذي وصلك خبر اعتراض الامير الصليبي ارناط الذي احتل قلعة الكرك في الاردن ومن هناك راح يقطع الطريق على الحجاج المسلمين المتوجهين من الشام نحو الحجاز فكان يقتل الرجال ويسبي النساء وهو يقول لهم )نادوا محمدا ينتصر لكم( فلما سمعت ما قاله بكيت وانسابت الدموع من عينيك وقد قلت قولتك المشهورة )انا سأنوب عن رسول الله بنصر امته(وهذا ما كان منك ايها البطل الذي ما هدأ لك بال ولا سكنت لك جارحة حتى وفيت بوعدك يوم حطين يوم انتصرت على ملوك اوروبا وامرائها ، ويوم اوقع حظ ارناط التَّعيس في الاسر فمثل بين يديك وذكرته بما قال وقلت له )يا ارناط انا انوب اليوم عن رسول الله( & وقتلته بيديك رغم ان الاسرى لم يكونوا يقتلون في عرفك واخلاقك ولكن لانه اساء وتحدى رسول الله & فأردت بذلك ان تنتصر لحبيبك محمد & لتقول ان اللسان الذي ينال من رسول الله & يخرس وان اليد التي تمتد لتطال دين رسول الله & تُقْطَع فعذرا ايها الكردي حيث لا احد اليوم ينوب عن رسول الله & يدافع عن حرمات الامة واعراضها ومقدساتها من الغزاة الصليبيين الجدد، عذرا ايها الكردي حيث وصل الصليبيون الى ارض اجدادك واحتلوها لا بل قد وصلوا قريبا من الحرمين وقريبا جدا جدا من قبر حبيبك محمد & حيث ليس في قادة الامة اليوم الا اشباه رجال لا يجيدون الا الكلام، اولئك الذين قال فيهم اخوك الهندي محمد اقبال )ان هؤلاء الشيوخ والامراء لا يستغرب منهم ان يبيعوا جبة ابي ذر وكساء اويس القرني ورداء فاطمة الزهراء واعز المقدسات في كأس يحتسونها ولذة ينتهبونها( كتاب روائع اقبال ص.151
عذرا ايها الكردي صلاح الدين ، وانت الذي كنت كل مساء بعد ان ترجع من قتال الصليبيين القدامى يوم حطين فكنت تخلع عباءتك وعمامتك وتنفض ما علق عليها من غبار في كيس، وتجمع ذلك الغبار حيث اوصيت اولادك أن اذا متَّ ان يضعوا هذا الغبار تحت رأسك حتى اذا جاءك الملكان في القبر يسألانك كما يُسأل كل انسان عند موته في قبره فاذا رأيا ذلك الكيس من الغبار قالا ما هذا الكيس يا صلاح فتقول لهم هذا غبار الجهاد في سبيل الله!!
فعذرا ايها الكردي ونحن اليوم لم نعد نرى في الامة من يجيدون القتال والنزال من الزعماء وانما كلهم يحسنون الشَّجْبَ والاستنكار والتنديد ، انهم جميعا لا يجيدون سوى عقد المؤتمرات والقمم الهابطة التي لم يتفقوا فيها على شيء اكثر من اتفاقهم على انهم مسوخ وعكاكيز واجهزة يحركها الاعداء عبر طريقة التحكم عن بعد وانهم الذين يفتحون بلادهم برا وبحرا وجوا لجيوش الاعداء تأتي لمحاربة وقتال اخوانهم، انهم هم احفاد اولئك العكاكيز والمسوخ الذين واجهوك انت وحاربتهم انت بل وادَّبتهم انت من الذين فتحوا اماراتهم وموانئهم للصليبيين القدامى امثال شاور والصالح اسماعيل فما اشبه الليلة بالبارحة ولكنها ليلة ليس فيها صلاح مثلك!!
وصدق فيهم ما قاله الدكتور محمد صيام في قصيدته »زمن النسور« :
بقلم : الشيخ كمال خطيب - نائب رئيس الحركة الاسلامية
في غمرة الاستعدادات المحمومة لاشعال الحرب الصليبية الجديدة ضد الاسلام بدءا من العراق وفي غمرة الحديث عن الدور التركي في هذه الحرب وعن فتح مطاراته وموانئه لانتشار القوات الامريكية الغازية وعن الدور العربي المشبوه فحدث ولا حرج ، في غمرة هذا كله يكثر الحديث عن الاكراد ، سكان شمال العراق وعن علاقتهم بالدولة العراقية مستقبلا وعن دورهم الراهن في دعم الهجوم الامريكي وعن مستقبلهم وعلاقتهم بتركيا لاحقا.
ان الحديث عن الاكراد يعني الحديث عن شعب مسلم يزيد تعداده على 35 مليونا مقسمين بين تركيا والعراق وسوريا وايران وكذلك دول المهجر والشتات، انه الحديث عن شعب مسلم الهبت ظهره سياط النزعات القومية التي سادت العالم الاسلامي بتشجيع من الدول الاوروبية من خلال محاولاتها وسعيها لتفكيك اوصال دولة الخلافة الاسلامية العثمانية ، فكان نصيبه ذلك التقسيم ليظل بذلك شوكة في خاصرة الشعوب والدول والتي بقي فيها الاكراد اقلية بين اكثرية ينتمون الى قومية اخرى كما هو حالهم مع الاتراك في تركيا والعرب في العراق والفرس في ايران وهكذا ظل حالهم في ظل الحكومات العلمانية القومية التي لم تراع تاريخ ولا مآثر هذا الشعب وما قدّمه للامة الاسلامية على مدار الاجيال.
يكفي الاكراد شرفا وفضلا على امة الاسلام كلها انهم هم الذين انجبوا بطلا هو صلاح الدين الايوبي رحمه الله سنة 532 هجرية في تكريت بين بغداد والموصل والذي لا ابالغ اذا قلت ان الغالبية الساحقة من المسلمين عموما ومن العرب خصوصا يعتقدون ان صلاح الدين الايوبي هو عربي وما هو بعربي انه كردي، يقول ابن خلدون في بيان سلالة الاسرة الايوبية التي انجبت صلاح الدين )جدهم هو ايوب بن شادي بن مروان ابن علي بن عثرة بن الحسن بن علي بن احمد، بن علي بن عبد العزيز بن هدبة بن الحصين بن الحارث بن سنان بن عمر بن مرة بن عوف الحميري الدوسي ، واصل الاسرة من اكراد الروادية( اما ابن الاثير فيقول عن نسب الاسرة الايوبية )هذا النسل هم اشرف الاكراد(كردستان موطنهم ومعناها ارض الكرد وهم الذين اسسوا دولة بل امبراطورية قوية بين القرنين الثامن والرابع قبل الميلاد والذين ما ان دخل الاسلام الى الدولة الفارسية التي خضعوا لها عند ذلك الا واسرعوا بالدخول فيه وكان لهم الدور الكبير في نهضته العلمية والعسكرية، يقول الدكتور ابراهيم ابو جابر في كتابه حاضر القضية الكردية ص18 )واشتهر الصالح عماد الدين زنكي باني النواة الاولى لاول دولة كردية قوية الجانب وتولى من بعده ابنه نور الدين ثم خلفه صلاح الدين وبقيت هذه الدولة الى سنة 650 هجرية ، يعتبر هذا العصر العصر الذهبي للاكراد حيث امتدت دولتهم من القوقاز شمالا الى صنعاء جنوبا ومن وادي دجلة شرقا الى طرابلس غربا ويعود الفضل لهذه الدولة في استئصال شأفة الصليبيين وتحرير القدس من قبضتهم(.
ها هم الاكراد اليوم بعد اذ ظلمهم الاقربون من العرب والترك ونسوا فضلهم على الاسلام وبعد اذ تزعّمهم زعماء فاسدون ومارقون تماما مثلما تزعم العرب امراء وملوك ورؤساء فاسدون ومارقون، واذا بنا نرى الاكراد اليوم وكأنهم لا يجيدون الا فتح ابواب شمال العراق للغزاة الامريكيين ، ويا للعار بل ان زعماءهم امثال جلال الطالباني الماركسي ومسعود البرزاني ابن الملاّ مصطفى البرزاني صاحب العلاقات المميزة مع اسرائيل وصاحب الزيارة الشهيرة الى اسرائيل عام 1968 ، انهم يجتمعون في شمال العراق مع المبعوث الخاص للرئيس بوش وتحديدا في مدينة صلاح الدين التي سميت على اسم البطل المسلم الكردي صلاح الدين الايوبي رحمه الله للتآمر على اخوانهم العرب وشعبهم في العراق.
عذرا ايها الكردي صلاح الدين فإن من عادة الشعوب انها تكرم عظماءها بتسمية اسماء مدن او معاهد او جامعات او مطارات بأسمائهم ليظل ذكرهم حاضرا فلا ينسى ويكرم فلا يهان، عذرا ايها البطل الكردي فلقد اساء قومك الاكراد بل المنافقون منهم هذه الايام لما جعلوا مكان اجتماعاتهم للتآمر على بلدهم العراق وبتنسيق ومباركة من الصليبيين الجدد في امريكا في المدينة التي سميت على اسمك »صلاح الدين« .
عذرا ايها الكردي وانت الذي طردت الصليبيين القدامى من بلاد الاسلام من الشام ومصر والعراق وانت الذي حررت دمشق والقدس من ايديهم وقد قلت قولتك المشهورة )لن يرجعوا اليها ما دمتم رجالا( عذرا ايها الكردي ولقد رجعوا في المرة الاولى بعد الحرب العالمية الاولى لما دخل القائد غورو الى دمشق ودخل ووقف عند قبرك وضرب القبر بعصاه وقال )ها قد عدنا يا صلاح الدين( ، عذرا والف عذر ايها الكردي حيث انهم رجعوا اليوم وعادوا ثانية الى الشام كلها بل الى الخليج الذي لم يصلوه لا في حملاتهم الصليبية الاولى ولا اللاحقة وها هم الصليبيون الجدد اليوم يدخلون الى حيث موطنك وموطن آبائك واجدادك في حملة صليبية جديدة حتى لكأن قائدهم الجديد الامبراطور بوش يدوس وجنوده ارض الآباء والمكارم ولسان حالهم يقول ها قد عدنا يا صلاح الدين.
انها ردّة ولا ابا بكر لها ، انها هجمة تترية ولا قطز لها، انها حملة صليبية ولا صلاح لها
يا قوم ان الامر جد
قد مضى زمن المزاح
عاد الصليبيون ثانية
وجالوا في البطاح
عادوا وما في الشرق
نور الدين يحكم او صلاح
عذرا ايها الكردي فلقد كنت دائما ترتسم معالم الحزن والاسى على وجنتيك ولم يكن للابتسامة مكان ولا نصيب على شفتيك فلما كنت تُسألُ لماذا لا تضحك يا صلاح الدين فكان جوابك المتكرر )اني استحي من الله ان اضحك وما يزال المسجد الاقصى بيد الصليبيين(.
عذرا ايها الكردي فبعد ان حررت انت القدس والاقصى وبلاد الشام وكل بلاد الصليبيين ها قد عاد المسجد الاقصى ليقع من جديد بيد الاحتلال الاسرائيلي وهو يرقد بثوب الاسى والحزن ويتجلل بالسواد وينادي كل يوم صلاح ولا صلاح ولسان حاله يقول :
قد عفَّر الوغد وجهي بالدم القاني
ومزق العلج اثوابي وادراني
فصحت علّ صلاح الدين يسمعني
او علّ صدرة الفرسان يلقاني
اين السيوف التي في كف معتصم
صالت على البغي من فرس ورومان
معذرة ايها الكردي ومن يسمون اليوم باسماء العرب والمسلمين ويصنفون انفسهم في خانة الزعماء والقادة ويتلفعون بعباءات الذل والخزي ها هم نراهم يعقدون المؤتمرات والقمم ليشربوا نخب ضياع القدس ونخب دمار بغداد ثم ينفضوا ،اننا نراهم يضحكون ملء اشداقهم ويأكلون ملء كروشهم، ينامون ملء اجفانهم ولا يحرك فيهم قيد الاقصى وهوان القدس واستغاثة بغداد اي ساكن، ايها البطل الكردي العظيم اسمع الى ما يقول فيلسوف وشاعر الاسلام في الهند المرحوم محمد اقبال وهو يناجي النبي & فيذكرك انت رغم بعد السنين )يا من منح الكردي لوعة العرب، اسمح للهندي ان يمثل بين يديك ويتحدث بأشواقه واحزانه اليك، انه يحمل قلبا حزينا وكبدا مقروحة، لا يعلم اصدقاؤه وزملاؤه ما يعانيه من حزن والم انه لا تنقطع الحانه المشجية كالعود الذي لا راحة له ولا انقطاع ، انني كحطب في الصحراء مرّ به ركب فأشعل فيه النار وأعجل الركب السير فمضى وخلّفه وبقي الحطب يشتعل وينتظر ركبا جديدا ليستهلكه ويأتي على بقيته فمتى يمر به ركب جديد في هذه الصحراء الموحشة المظلمة؟( ص207 من كتاب روائع اقبال لابي الحسن الندوي .
عذرا ايها الكردي وانت الذي وصلك خبر اعتراض الامير الصليبي ارناط الذي احتل قلعة الكرك في الاردن ومن هناك راح يقطع الطريق على الحجاج المسلمين المتوجهين من الشام نحو الحجاز فكان يقتل الرجال ويسبي النساء وهو يقول لهم )نادوا محمدا ينتصر لكم( فلما سمعت ما قاله بكيت وانسابت الدموع من عينيك وقد قلت قولتك المشهورة )انا سأنوب عن رسول الله بنصر امته(وهذا ما كان منك ايها البطل الذي ما هدأ لك بال ولا سكنت لك جارحة حتى وفيت بوعدك يوم حطين يوم انتصرت على ملوك اوروبا وامرائها ، ويوم اوقع حظ ارناط التَّعيس في الاسر فمثل بين يديك وذكرته بما قال وقلت له )يا ارناط انا انوب اليوم عن رسول الله( & وقتلته بيديك رغم ان الاسرى لم يكونوا يقتلون في عرفك واخلاقك ولكن لانه اساء وتحدى رسول الله & فأردت بذلك ان تنتصر لحبيبك محمد & لتقول ان اللسان الذي ينال من رسول الله & يخرس وان اليد التي تمتد لتطال دين رسول الله & تُقْطَع فعذرا ايها الكردي حيث لا احد اليوم ينوب عن رسول الله & يدافع عن حرمات الامة واعراضها ومقدساتها من الغزاة الصليبيين الجدد، عذرا ايها الكردي حيث وصل الصليبيون الى ارض اجدادك واحتلوها لا بل قد وصلوا قريبا من الحرمين وقريبا جدا جدا من قبر حبيبك محمد & حيث ليس في قادة الامة اليوم الا اشباه رجال لا يجيدون الا الكلام، اولئك الذين قال فيهم اخوك الهندي محمد اقبال )ان هؤلاء الشيوخ والامراء لا يستغرب منهم ان يبيعوا جبة ابي ذر وكساء اويس القرني ورداء فاطمة الزهراء واعز المقدسات في كأس يحتسونها ولذة ينتهبونها( كتاب روائع اقبال ص.151
عذرا ايها الكردي صلاح الدين ، وانت الذي كنت كل مساء بعد ان ترجع من قتال الصليبيين القدامى يوم حطين فكنت تخلع عباءتك وعمامتك وتنفض ما علق عليها من غبار في كيس، وتجمع ذلك الغبار حيث اوصيت اولادك أن اذا متَّ ان يضعوا هذا الغبار تحت رأسك حتى اذا جاءك الملكان في القبر يسألانك كما يُسأل كل انسان عند موته في قبره فاذا رأيا ذلك الكيس من الغبار قالا ما هذا الكيس يا صلاح فتقول لهم هذا غبار الجهاد في سبيل الله!!
فعذرا ايها الكردي ونحن اليوم لم نعد نرى في الامة من يجيدون القتال والنزال من الزعماء وانما كلهم يحسنون الشَّجْبَ والاستنكار والتنديد ، انهم جميعا لا يجيدون سوى عقد المؤتمرات والقمم الهابطة التي لم يتفقوا فيها على شيء اكثر من اتفاقهم على انهم مسوخ وعكاكيز واجهزة يحركها الاعداء عبر طريقة التحكم عن بعد وانهم الذين يفتحون بلادهم برا وبحرا وجوا لجيوش الاعداء تأتي لمحاربة وقتال اخوانهم، انهم هم احفاد اولئك العكاكيز والمسوخ الذين واجهوك انت وحاربتهم انت بل وادَّبتهم انت من الذين فتحوا اماراتهم وموانئهم للصليبيين القدامى امثال شاور والصالح اسماعيل فما اشبه الليلة بالبارحة ولكنها ليلة ليس فيها صلاح مثلك!!
وصدق فيهم ما قاله الدكتور محمد صيام في قصيدته »زمن النسور« :
تعليق