الاجماع واثره في توحيد الامة
نقف على معتقد خطير اضر به المسلمون ليتفرقوا الى مذاهب متناحرة ليكون سبب تمزق الامة وانحطاطها وتخلفها وبعدها عن تعاليم الكتاب والسنة الا وهو معتقد الاجماع والاجماع لم يكن دليلاً مستقلاً في مقابل الكتاب والسنة، وإنما هو كاشفاً عن الحكم الذي يوافق كل من الكتاب والسنة أي عن قول المعصوم، فهو يعصم المسلم من الوقوع في خلاف الكتاب والسنة ومن هنا يتبين ضرورة الاعتقاد بالاجماع فلا ينفع الكتاب والسنة مع اجتهاد خاطيء يخالفهما فيكون الاجماع هو المحدد لكون الحكم يوافق الكتاب والسنة او يخالفهما فهو من اهم الاصول ومصادر التشريع الاسلامي بعد الكتاب والسنة وحتى قول المعصوم يندرج في اطار الاجماع لان قول المعصوم لايرد من مجتهد فضلا عن سائر الناس فهو موافق لكتاب الله ولان الامة ملزمة في كتاب الله باتباع المعصوم فتجمع على اتباعه وكذلك حجية العقل تندرج في اطار الاجماع ايضا
فالاجماع مبدا عقلي وديني وحضاري وهو سر التوحيد وسر العدالة والايمان وهو سر الحضارة والارتقاء وهو سر الانسانية وسر العقل وهو المقياس الذي يفرز حكم الله دون حكم الشيطان فكل ما وافق الاجماع هو حكم الله وكل ما خالف الاجماع هو حكم الشيطان والاجماع يشمل كل ما يخص الانسان كالعقائد والفقه وحتى الامور المهنية التي لاعلاقة لها بالفقه واصوله فما وافق الاجماع كان عقلا وما خالفه فهو الطيش والسفه ولو ان الامة التزمت بالاجماع لتوحدت في عقائدها ومذاهبها ولكانت يدا واحدة على اعدائها ولطبقت حكم الله ولعصمها الاجماع من كل خطا
معنى الاجماع الاسلامي او الاجماع الشرعي
الاجماع الاسلامي (هو اتفاق المؤمنين على اتباع حكم يعتقدون موافقته للكتاب والسنة بالحجة العقلية والنقلية وغير قابل للانتقاد بالحجة من ايا منهم )
او هو ثبوت حكم يوافق الكتاب والسنة بالحجة العقلية والنقلية من ايا من الناس فيجتمع المؤمنين على اتباعه ما لم يثبت نقيضه ولانعني بالاجماع راي الاغلبية فكل حكم مجمع عليه ما لم ينتقض بالدليل العقلي والنقلي فعالم كبير واحد ينقض اجماع الامة بالحجة العقلية والنقلية وعلى الامة ان تجتمع عليه وبدونه لاينتقض الاجماع فاذا قضى الله امرا وتبين ذلك الامر للمؤمنين بالحجة وجب عليهم اتباعه جميعا وخلافه نفاق (وما كان لمؤمن ولا مؤمنة اذا قضى الله ورسوله امرا ان يكون لهم الخيرة من امرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا) احزاب 36 ولم تجتمع الامة على ضلال فلابد من مجتهد يثبت حكم الله في كل زمان ومكان وعلى الامة اتباعه اما اذا تعذرت بعض الاحكام النادرة فتبقى معلقة واذا اجمعت الامة على خطا ولو كان نادرا في حكم معين بلا عمد وفرض المحال ليس محالا فخطؤها مرفوع (عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استُكرهوا عليه ) حديث حسن رواه ابن ماجة والبيهقي( اما عدم رغبة الكثير من الامة على تقرير حكم يوافق الكتاب والسنة فاجماعهم لا يسمى اجماعا اسلاميا بل هو اجماع البغاة كما ان قول المعصوم يكون في اطار الاجماع لان قوله حجة وليس للمسلمين ان يعترضوا على المعصوم ويصدق الاجماع بوجود المعصوم او بغيابه وان الامة اضرت بالاجماع فلم تجمع على اي حكم وهو سبب ضلالها وتخلفها وتشرذمها الى مذاهب وتوجهات عقائدية متناقضة فالاجماع هو شرط الايمان وكل من خرج عن الاجماع فهو منافق لانه اثر حكم الشيطان على حكم الله لان حكم الله مع الاجماع فلا يكون المؤمن مؤمنا حتى يوافق حكمه حكم الكتاب والسنة ولا يتحقق حكم الكتاب والسنة الا بتحقق الاجماع والاجماع لايعني اتفاق جوق من العلماء والمجتهدين على حكم معين دون الاستماع الى الجميع للتحقق من حجية الحكم فلا يثبت الاجماع الا بالحجة ولو ثبت بالحجة من ايا كان لما جاز لايا كان ان ينقضه الا بالحجة وبهذا لايصح الاستئثار بالحكم لاي كان بدون تقبل حجية الاخر
دليل الاجماع
(الذين يستمعون القول فيتبعون احسنه اولئك الذين هداهم الله واولئك هم اولوا الالباب ) (اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين انعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين ) وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيراً [النساء: 115]. ام حسبتم ان تتركوا ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ولم يتخذوا من دون الله ولا رسوله ولا المؤمنين وليجة والله خبير بما تعملون)توبة 16
فالذين يستمعون القول ولا يتبعون احسنه او الذين لايستمعون القول ويتبعون احسنه ليسوا من الذين هداهم الله فهم على ضلال اي بلا دين وليسوا من اولوا الالباب فليس لديهم عقول والذين سلكوا الصراط المستقيم وهو واحد هم المنعم عليهم وهم من عرف الحق واتبعه وغيرهم من المغضوب عليهم وهم من عرف الحق وانكره او من الضالين وهم من لايعرف الحق من الباطل
وأما دليل الاجماع من السنة فما تظاهر من الأحاديث عن رسول الله أن هذه الأمة لا تجتمع على الضلالة والخطأ، فمن ذلك:
ما رواه الترمذي ، وابن ماجه ، وأبو داود ، والدار قطني ، والحاكم ، والحافظ الضياء في المختار ، من قوله - (( لا تجتمع أمتي على ضلالة )) وفي رواية (( على خطأ )) .
وما رواه احمد ، والبزار ، الطيالسي ، والطبراني ، وأبو نعيم ، والبيهقي ، من قوله -
(( من فارق الجماعة مات ميتة جاهلية )).
وما رواه الترمذي في النهي عن الشذوذ من قوله
( من شذَّ ، شذَّ في النار)).
وما رواه ابن ماجه وأحمد من قوله - r - : (( عليكم بالسواد الأعظم )) .
- قوله صلى الله عليه وسلم: لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق حتى يأتي أمر الله وهم ظاهرون. رواه البخاري 13/293 .
2- قوله صلى الله عليه وسلم: من فارق الجماعة قيد شبر فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه. رواه أحمد.
3- وقوله صلى الله عليه وسلم: من فارق الجماعة مات ميتة جاهلية. متفق عليه.
نظرة المسلمين للاجماع
اختلف الامة في معنى الاجماع من كل المذاهب واساؤوا استخدامه حتى حرفوه عن معناه الاسلامي وعطلوه وطوائف اخرى لم تؤمن به اصلا
(لا أكاد أعرف شيئاً اشتهر بين الناس أنه أصل من أصول التشريع في الإسلام، ثم تناولته الآراء، واختلفت فيه المذاهب من جميع جهاته، كهذا الأصل الذي يسمونه الإجماع) محمود شلتوت. الإسلام عقيدة وشريعة، القاهرة: دار الشروق، 1992م ص 65.
واللافت أن هذا الاختلاف والتباين شمل كل ما يتعلق بفكرة الإجماع، عناصرها ومكوناتها وجهاتها، ابتداء من معنى الإجماع وسنده وحجيته، مروراً بمراتبه وأقسامه، وصولاً إلى صورته وإمكان وقوعه ماضياً وحاضراً.
الاجماع عند اهل السنة
اما اهل السنة فرفعوا الاجماع شعارا واصلا من اصول الدين ومصدرا للتشريع وكفروا الخارجين عليه ولم يتحقق الاجماع عندهم منذ وفاة النبي الى اليوم وبالخصوص في زمن الصحابة فلم يجمعوا على الكثير من الاحكام المهمة كالخلافة وولاية الامر بعد النبي فاهل البيت والكثير من الصحابة لم يوافقوا خلافة الاول والثاني والثالث وقد اختلف الصحابة الى حد وقع الاقتتال بينهم وان الكثير ارغم على احكام تخالف الكتاب والسنة بسبب جبروت الولاة المتسلطين على رقاب الامة بالغلبة منها(أن عبدالله بن مسعود كان قد حج في زمن عثمان بن عفان، وثبت عن عثمان أنه كان إذا أتى مِنى ونزل فيها أيام التشريق أتمَّ الصلاةَ ولم يقصر، ومعلوم عند علماء المسلمين كافة أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم يومَ حجَّ حجة الوداع من يوم خرج من المدينة إلى أن رجع إليها صلى ركعتيتن ركعتين، ومعنى ذلك في مِنى نفسها صلى أيضًا ركعتين ركعتين، أما عثمان فقد أتمَّ فكان ابن مسعود إذا صلى خلف عثمان يتابعه في مِنى ويصلي أربعًا، فقيل له: أنت تقول أن الرسول عليه السلام كان يصلي ركعتين ركعتين حتى رجع إلى المدينة فما بالك تتم؟، فكان يقول: (الخلاف شر) الخلاف شر أي مخالفة فرد من أفراد المسلمين عمل خليفة المسلمين شر وهو بلا شك من العلم والدين والصلاح في مكان معروف مشهود له بذلك، فلا بد أن إتمامه له في ذلك وجهة نظر، فهو لا يفعل ذلك نكاية بالسُّنة، وهو يعلمها. إذن أنا لا أريد أن أخالفه فأصلي خلاف صلاته وإن كنت اعتقد أن السنة القصر، فيقول: (الخلاف شر). فإذن هو كان يصلي، وفي نفسه أن السنة ركعتان؛ لكن لما سُئِل قال: (الخلافُ شرٌ).(مقتطف من كلام الشيخ الالباني )
ان عثمان يخالف السنة عن علم ولا يسمح بغير ما تهوى نفسه والخطب الافضع انه يلزم الامة خلاف الكتاب والسنة .... فاين اجماع الصحابة وكيف انهم لم يجمعوا على خلاف الكتاب والسنة وصحيح ان سكوت الصحابة واجماعهم على حكم الخليفة المخالف للسنة تقية صحيح لكن بزوال الخوف يجب الرجوع الى السنة وضرب حكم الخليفة المخالف للسنة عرض الجدار فالخليفة لم يكن مصيب في حكمه وان اتباعه في اجتهاده الخاطيء طوعا يعني نسخ للكتاب والسنة
ان سبب اختلاف اهل السنة في معنى معتقد الاجماع الشرعي الخطير والمهم هو انهم اعتقدوا بعدالة الصحابة وبالخصوص رموزهم الذين الحدوا بالاجماع فلم يجمعوا على أي شيء الا بالاكراه فاهل السنة اعتقدوا بحجية قول الصحابي وهذا الاعتقاد الباطل يلزمهم الاعتقاد بعصمة الصحابة فكيف يكون قول الصحابي حجة وهو غير معصوم فيخالف احكام الله عمدا او خطا فمن جهة ان اهل السنة اعتقدوا بحجية قول الصحابي وهذا يستلزم عصمته بان لايخالف احكام الكتاب والسنة فلا يكون كلام الصحابي او ايا من العلماء حجة الا اذا وافق الكتاب والسنة ويثبت بالحجة العقلية والنقلية ومن جهة انهم لم يعتقدوا بوجود معصوم بعد النبي وقد اجازوا الاجماع بالاكراه تاسيا بسنة الصحابة فاجماع الاكراه صحيح لكنه خاص بظرف الاكراه وبعد زوال ظرف الاكراه ينسخ الحكم فبيعة ابي بكر لم تحصل بالاجماع وكذلك تولية عمر وعثمان وقد نهج معاوية نفس المنهج حيث امر ابنه يزيد على كبار الصحابة واهل البيت ونهج المتاخرون نفس نهج السقيفة في جواز تحقق الاجماع بالغلبة والاكراه وان خالف الكتاب والسنة فوقع اهل السنة بين نارين اما ان يعتقدوا الاجماع الاسلامي القائم على اساس الحجة والبينة من الكتاب والسنة وهو طعن برموزهم الذين لم يعتمدوا الحجة في الاجماع وبين ان يلحدوا ويختلفوا بالاجماع ليغطوا على سواة تلك الرموز التي خالفت الاجماع الاسلامي فاثر اهل السنة ارضاء رموزهم وحفظهم من الطعن على حساب احكام الله في الكتاب والسنة فاعتبروا ان الاجماع بالاكراه صحيح فعندما اراد معاوية ان يستخلف ابنه يزيد جمع كبار الصحابة امام الناس والبسهم الحلل وامر قائد حرسه بان يضرب عنق كل من يعترض عليه في استخلافه يزيد ثم وقف معاوية امامهم واستخلف يزيد فسكت جميع الحاضرين خوفا من القتل فاجماعهم على السكوت صحيح لكنه اجماع اكراه لايعطي الشرعية لحكم معاوية وهكذا اجماع الصحابة على تولية ابوبكر وعمر وعثمان فهو اجماع بالاكراه وهو صحيح ولا يعطي الشرعية لمن فرض حكما يخالف الكتاب والسنة تحت التهديد
فيا اهل السنة اما ان تعتقدوا بحجية قول الصحابي فيلزمكم الاعتقاد بعصمته من ان يخالف الكتاب والسنة وانتم لاتعتقدوان بمعصوم بعد النبي وان الصحابة خطاؤون عندكم واما ان تتركوا قول الصحابي المخالف للكتاب والسنة لترجعوا الى حضيرة الاسلام فالخروج عن احكام الله في الكتاب والسنة نفاق والاعتقاد بعدالة الصحابة هو طعن بمعتقد الاجماع لان الصحابة اختلفوا فمنهم من وافق حكمه حكم الله ومنهم من خالف
وذهب اهل السنة كذلك الى ان قول ائمة المذاهب حجة وان اختلفوا وهذا مناقض للاجماع وطعنا فيه فاهل السنة ينادون بالاجماع وهم اول المخالفين له والخارجين عليه فلو امن اهل السنة بالاجماع لما اختلفوا الى مذاهب وهم الان متفرقون في الفتوى كل يفتي من موقعه حسب اهواء حكامهم ليضيعوا الدين الذي طالما تبجحوا بالتعلق به والدفاع عنه والاستماتة من اجله
الاجماع عند الشيعة
اما الشيعة فلم يعتقدوا بالاجماع بحجة وجود المعصوم بينهم يغنيهم من اجماع الامة فكلام المعصوم حجة او انهم اشترطوا بصحة الاجماع ان يكون المعصوم من ضمن المجمعين لكي يكون الاجماع شرعيا واسلاميا ومعتقدهم هذا صحيح فالمعصوم بين ظهرانيهم يرشدهم ويصحح لهم لكنهم تفاجؤا بغياب المعصوم فبدلا من ان يعتقدوا بالاجماع ليعصمهم من الوقوع في الخطا في حال غياب المعصوم اعتمدوا فكرة الغائب الحاضر المتناقضة فالمعصوم عندهم حاضرا غائبا في ان واحد وفي حال كونه غائبا تشبثوا بفكرة اتباع المجتهد الجامع للشرائط وشرائطه لاتقيه من ان يقع في الخطا مالم يحقق في اجتهاده اجماع الامة أي ان لايرد بالحجة العقلية والنقلية من قبل سائر العلماء فما هي حجتهم في وجوب اتباع المجتهد بلا اجماع فوجوب اتباع المعصوم امر مسلم به في حال كونه حاضرا فلا ضير لكنهم اوجبوا الرجوع اليه حال غيابه ولا يجوز تولية غيره في الاحكام الا في حدود معينة فاضطروا لان يرجؤوا الكثير من المسائل المهمة والاحكام الالهية والحدودالى حال ظهوره فهم الان ينتظرونه حتى يظهر ليقيم فيهم احكام الله
نواقض الاجماع
ينتقض اجماع الامة بانتقاض حكم كانوا قد اجمعوا عليه بالحجة العقلية والنقلية فالحكم الاجتهادي الموافق للكتاب والسنة والمجمع عليه بالحجة لا ينتقض الا بالحجة العقلية والنقلية فان انتقض الحكم انتقض الاجماع والاجتهادات تخضع لظروف بيناها سابقا فلكل حكم ظرفه الخاص به فحكم اللص في المجاعة يختلف عنه في الرخاء وحكمه في المرض يختلف عنه في الصحة وحكمه كونه مكرها يختلف عن حكمه كونه مخيرا وهكذا فينتقض الحكم لاختلاف الظرف وينتقض الاجماع تبعا لذلك فاذا اجمعت الامة على حكم في ظرف معين سينتقض اجماعها لاختلاف الظرف وينتقض الحكم المترتب على ذلك الاجماع وعلى الامة ان تجمع على حكم يناسب الظرف المترتب
خصائص الاجماع وضرورته
اولا
الاجماع يحمل كل ذوي الاختصاص مسؤوليتهم في تصحيح مسار الامة ولا يستثني احد فالذي يكشف عن مشكل وان كان جاهلا يكون طرفا في عملية التغيير والذي يجد الحل الامثل سيغير المسار والا فالجميع محاسبين عن كل قصور في المجتمع
ثانيا
يستفيد المجتمع من كل الطاقات بلا استثناء للوصول الى الراي الصائب ويفتح باب البحث والاجتهاد للجميع ومن خلاله يتم تصحيح الاخطاء ويخلص المجتمع من طواغيت الرهبنة والمحسوبية التي تستاثر بالقرار بحجة الشهرة والشياع والنفوذ الذي يمتلكونه لتمرير قراراتهم وفرضها على الساحة الاسلامية عمدا او سهوا فقد اعترف كبار المفتين باخطاء مرروها بلا رادع من ذوي الخبرات
ثالثا
الاجماع ينمي طاقات المجتمع الفكرية والفقهية فيحث الباحث على طلب الحجة العقلية والنقلية لاثبات حكم او لنقضه
الاجماع لايشترط به الاجتهاد فكل من اتخذ رايا ولم ينتقد من الامة بالحجة كان رايه صائبا وموافقا للكتاب والسنة لكن المجتهدين هم الاولى باتخاذ القرارات
الاجماع يجب ان يكون موافق للكتاب والسنة والا فهو اجماع ضلال ونفاق (فلما ذهبوا به واجمعوا ان يجعلوه في غيابة الجب واوحينا اليه لتنبئنهم بامرهم هذا وهم لا يشعرون) (ذلك من انباء الغيب نوحيه اليك وما كنت لديهم اذ اجمعوا امرهم وهم يمكرون)يوسف 15 – 102 (فاجمعوا كيدكم ثم ائتوا صفا وقد افلح اليوم من استعلى) طه 64
الية تحقيق الاجماع
الاجماع لايتحقق الا بشرطين اولا ان يكون الجميع عن علم باي حكم يتخذ وثانيا عدم انتقاض الحكم بالحجة من ايا كان فيجب وضع الية لتمكين اصحاب الاختصاص بانتقاد اية فكرة تخالف ثوابت الكتاب والسنة والعقل وان اقصاء ايا كان يضر بالاجماع فتقسيم المجتمع حسب المناطق وعمل تشكيلات شعبية وهيئات للوصول الى عناء الانسان اولا وطرق معالجة تلك الابتلاءات لترفع الى هيئة عليا في حالة تعذر الحلول المناطقية المحلية وان يتخذ القرار الصارم بحق كل من يخرج عن الاجماع لانه نفاق ولا ولاية للمنافقين الذين يفتون بخلاف الكتاب والسنة على المؤمنين
امكانية تحقيق الاجماع
الاحكام تقسم الى قسمين منها ما يختص فيما بين الانسان وربه ومنها ما يخص الانسان بالانسان فالاحكام الخاصة بين الانسان وربه كبعض المعتقدات فالله هو من يحاسب الناس على ما يعتقدون في صدورهم ففي مسالة العقائد من المستحيل ان يتحقق الاجماع في الكثير منها فلا زالت الامة مختلفة فيها كصفات الله هل هي عين الذات ام زائدة عنها وهذه امور لاتعد بالاهمية في شيء ففي الحديث رفع عن امتي ما لايعلمون وما لايطيقون وما اضطروا اليه وما اكرهوا عليه ........الخ (ربنا لاتحملنا ما لاطاقة لنا به )
اما القسم الثاني من الاحكام وهي ما تخص الانسان بالانسان اي الاحكام التي تخص دماء الناس واموالهم واعراضهم فان تحصيل الحكم الشرعي المجمع عليه ممكن فان تحصيل اغلب الاحكام الموافقة للكتاب والسنة ليست بالامر المستحيل ولو كانت مستحيلة التحصيل لبطلت احكام الله فيمكن تحصيلها بالاجماع فلا يجوز خلاف الاجماع في تلك الاحكام ولا يحق لايا كان ان يقيم حد او يتخذ حكما الا بما يوافق الكتاب والسنة وبالاجماع
بين الديمقراطية الغربية والاجماع الاسلامي
الغاية من الديمقراطية والاجماع هي الوصول الى الراي الصائب من خلال اشراك الجميع في صياغة القرار وبينهما فرق كبير فالديمقراطية (هي شكل من أشكال الحكم السياسي قائمٌ بالإجمال علَى التداول السلمي للسلطة وحكم الأكثريّة) فقد اعتمدت الديمقراطية اشراك الجميع في القرار واعتمدت التصويت في صحة القرار او عدم صحته وراعت راي الاغلبية وهي بذلك اعتمدت راي عامة الناس في قرارات الدولة وغالبا ما يكون القرار الصائب مع راي الاغلبية ففتحت باب تشكيل الاحزاب لكل مكونات الشعوب العرقية والفكرية العقائدية بمختلف مسمياتها الدينية والعلمانية لتمثل تلك المكونات لتعتمد التصويت في كل قرار ومراعات راي الاغلبية
خصائص ديمقراطية الغرب محسناتها ومساوئها
فقد اتت الديمقراطية اكلها ونجحت تجربتها في الغرب لاسباب منها ثقافة الشعوب وعدم انحيازهم عرقيا وطائفيا على حساب مصلحة الدولة ولكن ساسة البلدان المنادية بالديمقراطية اهملت قرار الاغلبية المخالف للعقل كالتمييز العرقي والمذهبي لتحدد الديمقراطية في حدود معينة كما انها احتكرت القرارات المهمة للدولة فلم تراعي فيها حق الاغلبية وعقلاء الناس واعطت المرشحين حق التصرف فيمن صوتوا لهم وان كان مخالفا لتوجهات المصوتين فان الكثير من قرارات زعماء الاحزاب لاتحضى بقبول كوادرها ونفس الديمقراطية استنسخت في الشرق ففشلت فشلا ذريعا فقد تمزقت شعوب الدول النامية بوجود التكتلات القائمة على اسس مذهبية وعرقية ومناطقية لان تلك المكونات اثرت مصالحها الفئوية على حساب الدولة وكل تكتل اصبح دولة بحد ذاتها لايهمها البلد الام الذي تعيش فيه
اما الاجماع الاسلامي فيشرك الجميع ولا يغلق بابه عن اي شخص بغض النظر عن انتماءه الحزبي والديني والعرقي فلا يعترف بالاغلبية فيفتح باب الحوار امام الجميع بدون استثناء ولا يقبل باتخاذ اي قرار الا بموافقة وعلم الجميع وبنفس الوقت لاينقض القرار الا بالحجة العقلية فمن جهة ان باب الاشتراك في اي قرار ونقضه مفتوح للجميع لكن يعتمد الحجة العقلية والا فلا يقبل اعتراض اي قرار ولو اجتمع عليه اغلب الناس بلا حجة
بقلم محمد امين السلامي
نقف على معتقد خطير اضر به المسلمون ليتفرقوا الى مذاهب متناحرة ليكون سبب تمزق الامة وانحطاطها وتخلفها وبعدها عن تعاليم الكتاب والسنة الا وهو معتقد الاجماع والاجماع لم يكن دليلاً مستقلاً في مقابل الكتاب والسنة، وإنما هو كاشفاً عن الحكم الذي يوافق كل من الكتاب والسنة أي عن قول المعصوم، فهو يعصم المسلم من الوقوع في خلاف الكتاب والسنة ومن هنا يتبين ضرورة الاعتقاد بالاجماع فلا ينفع الكتاب والسنة مع اجتهاد خاطيء يخالفهما فيكون الاجماع هو المحدد لكون الحكم يوافق الكتاب والسنة او يخالفهما فهو من اهم الاصول ومصادر التشريع الاسلامي بعد الكتاب والسنة وحتى قول المعصوم يندرج في اطار الاجماع لان قول المعصوم لايرد من مجتهد فضلا عن سائر الناس فهو موافق لكتاب الله ولان الامة ملزمة في كتاب الله باتباع المعصوم فتجمع على اتباعه وكذلك حجية العقل تندرج في اطار الاجماع ايضا
فالاجماع مبدا عقلي وديني وحضاري وهو سر التوحيد وسر العدالة والايمان وهو سر الحضارة والارتقاء وهو سر الانسانية وسر العقل وهو المقياس الذي يفرز حكم الله دون حكم الشيطان فكل ما وافق الاجماع هو حكم الله وكل ما خالف الاجماع هو حكم الشيطان والاجماع يشمل كل ما يخص الانسان كالعقائد والفقه وحتى الامور المهنية التي لاعلاقة لها بالفقه واصوله فما وافق الاجماع كان عقلا وما خالفه فهو الطيش والسفه ولو ان الامة التزمت بالاجماع لتوحدت في عقائدها ومذاهبها ولكانت يدا واحدة على اعدائها ولطبقت حكم الله ولعصمها الاجماع من كل خطا
معنى الاجماع الاسلامي او الاجماع الشرعي
الاجماع الاسلامي (هو اتفاق المؤمنين على اتباع حكم يعتقدون موافقته للكتاب والسنة بالحجة العقلية والنقلية وغير قابل للانتقاد بالحجة من ايا منهم )
او هو ثبوت حكم يوافق الكتاب والسنة بالحجة العقلية والنقلية من ايا من الناس فيجتمع المؤمنين على اتباعه ما لم يثبت نقيضه ولانعني بالاجماع راي الاغلبية فكل حكم مجمع عليه ما لم ينتقض بالدليل العقلي والنقلي فعالم كبير واحد ينقض اجماع الامة بالحجة العقلية والنقلية وعلى الامة ان تجتمع عليه وبدونه لاينتقض الاجماع فاذا قضى الله امرا وتبين ذلك الامر للمؤمنين بالحجة وجب عليهم اتباعه جميعا وخلافه نفاق (وما كان لمؤمن ولا مؤمنة اذا قضى الله ورسوله امرا ان يكون لهم الخيرة من امرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا) احزاب 36 ولم تجتمع الامة على ضلال فلابد من مجتهد يثبت حكم الله في كل زمان ومكان وعلى الامة اتباعه اما اذا تعذرت بعض الاحكام النادرة فتبقى معلقة واذا اجمعت الامة على خطا ولو كان نادرا في حكم معين بلا عمد وفرض المحال ليس محالا فخطؤها مرفوع (عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استُكرهوا عليه ) حديث حسن رواه ابن ماجة والبيهقي( اما عدم رغبة الكثير من الامة على تقرير حكم يوافق الكتاب والسنة فاجماعهم لا يسمى اجماعا اسلاميا بل هو اجماع البغاة كما ان قول المعصوم يكون في اطار الاجماع لان قوله حجة وليس للمسلمين ان يعترضوا على المعصوم ويصدق الاجماع بوجود المعصوم او بغيابه وان الامة اضرت بالاجماع فلم تجمع على اي حكم وهو سبب ضلالها وتخلفها وتشرذمها الى مذاهب وتوجهات عقائدية متناقضة فالاجماع هو شرط الايمان وكل من خرج عن الاجماع فهو منافق لانه اثر حكم الشيطان على حكم الله لان حكم الله مع الاجماع فلا يكون المؤمن مؤمنا حتى يوافق حكمه حكم الكتاب والسنة ولا يتحقق حكم الكتاب والسنة الا بتحقق الاجماع والاجماع لايعني اتفاق جوق من العلماء والمجتهدين على حكم معين دون الاستماع الى الجميع للتحقق من حجية الحكم فلا يثبت الاجماع الا بالحجة ولو ثبت بالحجة من ايا كان لما جاز لايا كان ان ينقضه الا بالحجة وبهذا لايصح الاستئثار بالحكم لاي كان بدون تقبل حجية الاخر
دليل الاجماع
(الذين يستمعون القول فيتبعون احسنه اولئك الذين هداهم الله واولئك هم اولوا الالباب ) (اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين انعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين ) وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيراً [النساء: 115]. ام حسبتم ان تتركوا ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ولم يتخذوا من دون الله ولا رسوله ولا المؤمنين وليجة والله خبير بما تعملون)توبة 16
فالذين يستمعون القول ولا يتبعون احسنه او الذين لايستمعون القول ويتبعون احسنه ليسوا من الذين هداهم الله فهم على ضلال اي بلا دين وليسوا من اولوا الالباب فليس لديهم عقول والذين سلكوا الصراط المستقيم وهو واحد هم المنعم عليهم وهم من عرف الحق واتبعه وغيرهم من المغضوب عليهم وهم من عرف الحق وانكره او من الضالين وهم من لايعرف الحق من الباطل
وأما دليل الاجماع من السنة فما تظاهر من الأحاديث عن رسول الله أن هذه الأمة لا تجتمع على الضلالة والخطأ، فمن ذلك:
ما رواه الترمذي ، وابن ماجه ، وأبو داود ، والدار قطني ، والحاكم ، والحافظ الضياء في المختار ، من قوله - (( لا تجتمع أمتي على ضلالة )) وفي رواية (( على خطأ )) .
وما رواه احمد ، والبزار ، الطيالسي ، والطبراني ، وأبو نعيم ، والبيهقي ، من قوله -
(( من فارق الجماعة مات ميتة جاهلية )).
وما رواه الترمذي في النهي عن الشذوذ من قوله

وما رواه ابن ماجه وأحمد من قوله - r - : (( عليكم بالسواد الأعظم )) .
- قوله صلى الله عليه وسلم: لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق حتى يأتي أمر الله وهم ظاهرون. رواه البخاري 13/293 .
2- قوله صلى الله عليه وسلم: من فارق الجماعة قيد شبر فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه. رواه أحمد.
3- وقوله صلى الله عليه وسلم: من فارق الجماعة مات ميتة جاهلية. متفق عليه.
نظرة المسلمين للاجماع
اختلف الامة في معنى الاجماع من كل المذاهب واساؤوا استخدامه حتى حرفوه عن معناه الاسلامي وعطلوه وطوائف اخرى لم تؤمن به اصلا
(لا أكاد أعرف شيئاً اشتهر بين الناس أنه أصل من أصول التشريع في الإسلام، ثم تناولته الآراء، واختلفت فيه المذاهب من جميع جهاته، كهذا الأصل الذي يسمونه الإجماع) محمود شلتوت. الإسلام عقيدة وشريعة، القاهرة: دار الشروق، 1992م ص 65.
واللافت أن هذا الاختلاف والتباين شمل كل ما يتعلق بفكرة الإجماع، عناصرها ومكوناتها وجهاتها، ابتداء من معنى الإجماع وسنده وحجيته، مروراً بمراتبه وأقسامه، وصولاً إلى صورته وإمكان وقوعه ماضياً وحاضراً.
الاجماع عند اهل السنة
اما اهل السنة فرفعوا الاجماع شعارا واصلا من اصول الدين ومصدرا للتشريع وكفروا الخارجين عليه ولم يتحقق الاجماع عندهم منذ وفاة النبي الى اليوم وبالخصوص في زمن الصحابة فلم يجمعوا على الكثير من الاحكام المهمة كالخلافة وولاية الامر بعد النبي فاهل البيت والكثير من الصحابة لم يوافقوا خلافة الاول والثاني والثالث وقد اختلف الصحابة الى حد وقع الاقتتال بينهم وان الكثير ارغم على احكام تخالف الكتاب والسنة بسبب جبروت الولاة المتسلطين على رقاب الامة بالغلبة منها(أن عبدالله بن مسعود كان قد حج في زمن عثمان بن عفان، وثبت عن عثمان أنه كان إذا أتى مِنى ونزل فيها أيام التشريق أتمَّ الصلاةَ ولم يقصر، ومعلوم عند علماء المسلمين كافة أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم يومَ حجَّ حجة الوداع من يوم خرج من المدينة إلى أن رجع إليها صلى ركعتيتن ركعتين، ومعنى ذلك في مِنى نفسها صلى أيضًا ركعتين ركعتين، أما عثمان فقد أتمَّ فكان ابن مسعود إذا صلى خلف عثمان يتابعه في مِنى ويصلي أربعًا، فقيل له: أنت تقول أن الرسول عليه السلام كان يصلي ركعتين ركعتين حتى رجع إلى المدينة فما بالك تتم؟، فكان يقول: (الخلاف شر) الخلاف شر أي مخالفة فرد من أفراد المسلمين عمل خليفة المسلمين شر وهو بلا شك من العلم والدين والصلاح في مكان معروف مشهود له بذلك، فلا بد أن إتمامه له في ذلك وجهة نظر، فهو لا يفعل ذلك نكاية بالسُّنة، وهو يعلمها. إذن أنا لا أريد أن أخالفه فأصلي خلاف صلاته وإن كنت اعتقد أن السنة القصر، فيقول: (الخلاف شر). فإذن هو كان يصلي، وفي نفسه أن السنة ركعتان؛ لكن لما سُئِل قال: (الخلافُ شرٌ).(مقتطف من كلام الشيخ الالباني )
ان عثمان يخالف السنة عن علم ولا يسمح بغير ما تهوى نفسه والخطب الافضع انه يلزم الامة خلاف الكتاب والسنة .... فاين اجماع الصحابة وكيف انهم لم يجمعوا على خلاف الكتاب والسنة وصحيح ان سكوت الصحابة واجماعهم على حكم الخليفة المخالف للسنة تقية صحيح لكن بزوال الخوف يجب الرجوع الى السنة وضرب حكم الخليفة المخالف للسنة عرض الجدار فالخليفة لم يكن مصيب في حكمه وان اتباعه في اجتهاده الخاطيء طوعا يعني نسخ للكتاب والسنة
ان سبب اختلاف اهل السنة في معنى معتقد الاجماع الشرعي الخطير والمهم هو انهم اعتقدوا بعدالة الصحابة وبالخصوص رموزهم الذين الحدوا بالاجماع فلم يجمعوا على أي شيء الا بالاكراه فاهل السنة اعتقدوا بحجية قول الصحابي وهذا الاعتقاد الباطل يلزمهم الاعتقاد بعصمة الصحابة فكيف يكون قول الصحابي حجة وهو غير معصوم فيخالف احكام الله عمدا او خطا فمن جهة ان اهل السنة اعتقدوا بحجية قول الصحابي وهذا يستلزم عصمته بان لايخالف احكام الكتاب والسنة فلا يكون كلام الصحابي او ايا من العلماء حجة الا اذا وافق الكتاب والسنة ويثبت بالحجة العقلية والنقلية ومن جهة انهم لم يعتقدوا بوجود معصوم بعد النبي وقد اجازوا الاجماع بالاكراه تاسيا بسنة الصحابة فاجماع الاكراه صحيح لكنه خاص بظرف الاكراه وبعد زوال ظرف الاكراه ينسخ الحكم فبيعة ابي بكر لم تحصل بالاجماع وكذلك تولية عمر وعثمان وقد نهج معاوية نفس المنهج حيث امر ابنه يزيد على كبار الصحابة واهل البيت ونهج المتاخرون نفس نهج السقيفة في جواز تحقق الاجماع بالغلبة والاكراه وان خالف الكتاب والسنة فوقع اهل السنة بين نارين اما ان يعتقدوا الاجماع الاسلامي القائم على اساس الحجة والبينة من الكتاب والسنة وهو طعن برموزهم الذين لم يعتمدوا الحجة في الاجماع وبين ان يلحدوا ويختلفوا بالاجماع ليغطوا على سواة تلك الرموز التي خالفت الاجماع الاسلامي فاثر اهل السنة ارضاء رموزهم وحفظهم من الطعن على حساب احكام الله في الكتاب والسنة فاعتبروا ان الاجماع بالاكراه صحيح فعندما اراد معاوية ان يستخلف ابنه يزيد جمع كبار الصحابة امام الناس والبسهم الحلل وامر قائد حرسه بان يضرب عنق كل من يعترض عليه في استخلافه يزيد ثم وقف معاوية امامهم واستخلف يزيد فسكت جميع الحاضرين خوفا من القتل فاجماعهم على السكوت صحيح لكنه اجماع اكراه لايعطي الشرعية لحكم معاوية وهكذا اجماع الصحابة على تولية ابوبكر وعمر وعثمان فهو اجماع بالاكراه وهو صحيح ولا يعطي الشرعية لمن فرض حكما يخالف الكتاب والسنة تحت التهديد
فيا اهل السنة اما ان تعتقدوا بحجية قول الصحابي فيلزمكم الاعتقاد بعصمته من ان يخالف الكتاب والسنة وانتم لاتعتقدوان بمعصوم بعد النبي وان الصحابة خطاؤون عندكم واما ان تتركوا قول الصحابي المخالف للكتاب والسنة لترجعوا الى حضيرة الاسلام فالخروج عن احكام الله في الكتاب والسنة نفاق والاعتقاد بعدالة الصحابة هو طعن بمعتقد الاجماع لان الصحابة اختلفوا فمنهم من وافق حكمه حكم الله ومنهم من خالف
وذهب اهل السنة كذلك الى ان قول ائمة المذاهب حجة وان اختلفوا وهذا مناقض للاجماع وطعنا فيه فاهل السنة ينادون بالاجماع وهم اول المخالفين له والخارجين عليه فلو امن اهل السنة بالاجماع لما اختلفوا الى مذاهب وهم الان متفرقون في الفتوى كل يفتي من موقعه حسب اهواء حكامهم ليضيعوا الدين الذي طالما تبجحوا بالتعلق به والدفاع عنه والاستماتة من اجله
الاجماع عند الشيعة
اما الشيعة فلم يعتقدوا بالاجماع بحجة وجود المعصوم بينهم يغنيهم من اجماع الامة فكلام المعصوم حجة او انهم اشترطوا بصحة الاجماع ان يكون المعصوم من ضمن المجمعين لكي يكون الاجماع شرعيا واسلاميا ومعتقدهم هذا صحيح فالمعصوم بين ظهرانيهم يرشدهم ويصحح لهم لكنهم تفاجؤا بغياب المعصوم فبدلا من ان يعتقدوا بالاجماع ليعصمهم من الوقوع في الخطا في حال غياب المعصوم اعتمدوا فكرة الغائب الحاضر المتناقضة فالمعصوم عندهم حاضرا غائبا في ان واحد وفي حال كونه غائبا تشبثوا بفكرة اتباع المجتهد الجامع للشرائط وشرائطه لاتقيه من ان يقع في الخطا مالم يحقق في اجتهاده اجماع الامة أي ان لايرد بالحجة العقلية والنقلية من قبل سائر العلماء فما هي حجتهم في وجوب اتباع المجتهد بلا اجماع فوجوب اتباع المعصوم امر مسلم به في حال كونه حاضرا فلا ضير لكنهم اوجبوا الرجوع اليه حال غيابه ولا يجوز تولية غيره في الاحكام الا في حدود معينة فاضطروا لان يرجؤوا الكثير من المسائل المهمة والاحكام الالهية والحدودالى حال ظهوره فهم الان ينتظرونه حتى يظهر ليقيم فيهم احكام الله
نواقض الاجماع
ينتقض اجماع الامة بانتقاض حكم كانوا قد اجمعوا عليه بالحجة العقلية والنقلية فالحكم الاجتهادي الموافق للكتاب والسنة والمجمع عليه بالحجة لا ينتقض الا بالحجة العقلية والنقلية فان انتقض الحكم انتقض الاجماع والاجتهادات تخضع لظروف بيناها سابقا فلكل حكم ظرفه الخاص به فحكم اللص في المجاعة يختلف عنه في الرخاء وحكمه في المرض يختلف عنه في الصحة وحكمه كونه مكرها يختلف عن حكمه كونه مخيرا وهكذا فينتقض الحكم لاختلاف الظرف وينتقض الاجماع تبعا لذلك فاذا اجمعت الامة على حكم في ظرف معين سينتقض اجماعها لاختلاف الظرف وينتقض الحكم المترتب على ذلك الاجماع وعلى الامة ان تجمع على حكم يناسب الظرف المترتب
خصائص الاجماع وضرورته
اولا
الاجماع يحمل كل ذوي الاختصاص مسؤوليتهم في تصحيح مسار الامة ولا يستثني احد فالذي يكشف عن مشكل وان كان جاهلا يكون طرفا في عملية التغيير والذي يجد الحل الامثل سيغير المسار والا فالجميع محاسبين عن كل قصور في المجتمع
ثانيا
يستفيد المجتمع من كل الطاقات بلا استثناء للوصول الى الراي الصائب ويفتح باب البحث والاجتهاد للجميع ومن خلاله يتم تصحيح الاخطاء ويخلص المجتمع من طواغيت الرهبنة والمحسوبية التي تستاثر بالقرار بحجة الشهرة والشياع والنفوذ الذي يمتلكونه لتمرير قراراتهم وفرضها على الساحة الاسلامية عمدا او سهوا فقد اعترف كبار المفتين باخطاء مرروها بلا رادع من ذوي الخبرات
ثالثا
الاجماع ينمي طاقات المجتمع الفكرية والفقهية فيحث الباحث على طلب الحجة العقلية والنقلية لاثبات حكم او لنقضه
الاجماع لايشترط به الاجتهاد فكل من اتخذ رايا ولم ينتقد من الامة بالحجة كان رايه صائبا وموافقا للكتاب والسنة لكن المجتهدين هم الاولى باتخاذ القرارات
الاجماع يجب ان يكون موافق للكتاب والسنة والا فهو اجماع ضلال ونفاق (فلما ذهبوا به واجمعوا ان يجعلوه في غيابة الجب واوحينا اليه لتنبئنهم بامرهم هذا وهم لا يشعرون) (ذلك من انباء الغيب نوحيه اليك وما كنت لديهم اذ اجمعوا امرهم وهم يمكرون)يوسف 15 – 102 (فاجمعوا كيدكم ثم ائتوا صفا وقد افلح اليوم من استعلى) طه 64
الية تحقيق الاجماع
الاجماع لايتحقق الا بشرطين اولا ان يكون الجميع عن علم باي حكم يتخذ وثانيا عدم انتقاض الحكم بالحجة من ايا كان فيجب وضع الية لتمكين اصحاب الاختصاص بانتقاد اية فكرة تخالف ثوابت الكتاب والسنة والعقل وان اقصاء ايا كان يضر بالاجماع فتقسيم المجتمع حسب المناطق وعمل تشكيلات شعبية وهيئات للوصول الى عناء الانسان اولا وطرق معالجة تلك الابتلاءات لترفع الى هيئة عليا في حالة تعذر الحلول المناطقية المحلية وان يتخذ القرار الصارم بحق كل من يخرج عن الاجماع لانه نفاق ولا ولاية للمنافقين الذين يفتون بخلاف الكتاب والسنة على المؤمنين
امكانية تحقيق الاجماع
الاحكام تقسم الى قسمين منها ما يختص فيما بين الانسان وربه ومنها ما يخص الانسان بالانسان فالاحكام الخاصة بين الانسان وربه كبعض المعتقدات فالله هو من يحاسب الناس على ما يعتقدون في صدورهم ففي مسالة العقائد من المستحيل ان يتحقق الاجماع في الكثير منها فلا زالت الامة مختلفة فيها كصفات الله هل هي عين الذات ام زائدة عنها وهذه امور لاتعد بالاهمية في شيء ففي الحديث رفع عن امتي ما لايعلمون وما لايطيقون وما اضطروا اليه وما اكرهوا عليه ........الخ (ربنا لاتحملنا ما لاطاقة لنا به )
اما القسم الثاني من الاحكام وهي ما تخص الانسان بالانسان اي الاحكام التي تخص دماء الناس واموالهم واعراضهم فان تحصيل الحكم الشرعي المجمع عليه ممكن فان تحصيل اغلب الاحكام الموافقة للكتاب والسنة ليست بالامر المستحيل ولو كانت مستحيلة التحصيل لبطلت احكام الله فيمكن تحصيلها بالاجماع فلا يجوز خلاف الاجماع في تلك الاحكام ولا يحق لايا كان ان يقيم حد او يتخذ حكما الا بما يوافق الكتاب والسنة وبالاجماع
بين الديمقراطية الغربية والاجماع الاسلامي
الغاية من الديمقراطية والاجماع هي الوصول الى الراي الصائب من خلال اشراك الجميع في صياغة القرار وبينهما فرق كبير فالديمقراطية (هي شكل من أشكال الحكم السياسي قائمٌ بالإجمال علَى التداول السلمي للسلطة وحكم الأكثريّة) فقد اعتمدت الديمقراطية اشراك الجميع في القرار واعتمدت التصويت في صحة القرار او عدم صحته وراعت راي الاغلبية وهي بذلك اعتمدت راي عامة الناس في قرارات الدولة وغالبا ما يكون القرار الصائب مع راي الاغلبية ففتحت باب تشكيل الاحزاب لكل مكونات الشعوب العرقية والفكرية العقائدية بمختلف مسمياتها الدينية والعلمانية لتمثل تلك المكونات لتعتمد التصويت في كل قرار ومراعات راي الاغلبية
خصائص ديمقراطية الغرب محسناتها ومساوئها
فقد اتت الديمقراطية اكلها ونجحت تجربتها في الغرب لاسباب منها ثقافة الشعوب وعدم انحيازهم عرقيا وطائفيا على حساب مصلحة الدولة ولكن ساسة البلدان المنادية بالديمقراطية اهملت قرار الاغلبية المخالف للعقل كالتمييز العرقي والمذهبي لتحدد الديمقراطية في حدود معينة كما انها احتكرت القرارات المهمة للدولة فلم تراعي فيها حق الاغلبية وعقلاء الناس واعطت المرشحين حق التصرف فيمن صوتوا لهم وان كان مخالفا لتوجهات المصوتين فان الكثير من قرارات زعماء الاحزاب لاتحضى بقبول كوادرها ونفس الديمقراطية استنسخت في الشرق ففشلت فشلا ذريعا فقد تمزقت شعوب الدول النامية بوجود التكتلات القائمة على اسس مذهبية وعرقية ومناطقية لان تلك المكونات اثرت مصالحها الفئوية على حساب الدولة وكل تكتل اصبح دولة بحد ذاتها لايهمها البلد الام الذي تعيش فيه
اما الاجماع الاسلامي فيشرك الجميع ولا يغلق بابه عن اي شخص بغض النظر عن انتماءه الحزبي والديني والعرقي فلا يعترف بالاغلبية فيفتح باب الحوار امام الجميع بدون استثناء ولا يقبل باتخاذ اي قرار الا بموافقة وعلم الجميع وبنفس الوقت لاينقض القرار الا بالحجة العقلية فمن جهة ان باب الاشتراك في اي قرار ونقضه مفتوح للجميع لكن يعتمد الحجة العقلية والا فلا يقبل اعتراض اي قرار ولو اجتمع عليه اغلب الناس بلا حجة
بقلم محمد امين السلامي