شجاعة أمير المؤمنين علي ابن ابي طالب صلوات الله عليه
----
قال سماحة الشيخ الوحيد الخراساني دام ظله : كان إذا أقدم إلى الحرب لم يشهد التاريخ شجاعاً مثله ، كان يلبس درعاً لا ظهر له ، وفي ليلة واحدة تواصل فيها القتال إلى الصباح أحصوا له خمسمائة وثلاثاً و عشرين تكبيرةً ، مع كل تكبيرة كان يجدِّلُ عدوّاً لله إلى الأرض ! (1)
وفي نفس تلك الليلة (ليلة الهرير) ، وقف بين الصفَّين يصلي صلاة الليل ، ويؤدي مراسم العبودية لربِّه ، فأمر أن يبسط له نطعٌ ما بين الصفَّين ، ودخل في صلاته بين يدي ربّه ، غير مكترثٍ برشق السهام بين يديه وعن جنبيه ، حتى أكمل نافلته (2) فلم يشغله من ذلك عن العبودية لله كسائر الأوقات !
كان إذا أحجم المسلمون في الحرب ، ورهبوا من مبارزة الأبطال كعمرو بن عبدووُد ، تقدَّم قائلاً : أنا له يا رسول الله ! وخطا إليه بخطواتٍ ثابتةٍ ، وقلبٍ متَّصلٍ بالله ، فلم يلبث أن ضربه ضربةً هاشميةً جدَّلته في التراب ، فأعلن النبي صل الله عليه وآله يومئذٍ : لمبارزة علي بن أبي طالب لعمرو بن عبدووُد يوم الخندق أفضل من عمل أمّتي إلى يوم القيامة .
وعندما أجفل المسلمون أمام يهود خيبر ، وانهزموا أمام رشق سهام المتحصّنين في أعلى حصنهم الحصين ، وخافوا من هيبة فرسانهم المشهورين مثل مرحب ...تقدَّم علي عليه السلام ، وواصل هجومه إلى أعلى الجبل وحيداً وهو يدفع سيل السهام والأحجار من حرّاس الحصن ، حتى وصل إلى باب الحصن فدحاه ، وبرز إليه مرحب فقدَّه شَطْرَيْنِ ، وقتل بعده سبعين من فرسانهم ، وكبَّر معلناً الفتح ، فالتحق به المسلمون ، وذهل المسلمون واليهود من فعله ! (3)
ذلك البطل الذي ترتعد من هيبته فرائص الأبطال ، كان يجمع إلى تلك الشجاعة الخوف والخشية لله تعالى ، فكان إذا تهيّأ للصلاة تغيَّر لونه ، وارتعد بدنه ، فيسألونه عن ذلك فيقول : جاء وقت أمانة عرَضها الله تعالى السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملَنَّها وحملها الإنسان .
إن ذاك البطل الذي تقشعر جلود الفرسان من سطوته في ميادين الحرب كان إذا جنّ عليه الليل يتململ تملمُلَ السليمِ ويقول باكياً : يا دنيا ، يا دنيا إليكِ عنّي ، أبي تعرّضت ؟ أم إليَّ تشوَّقت ؟ لا حان حينك هيهات غَرّي غيري لا حاجة لي فيكِ ، قد طلّقتك ثلاثاً لا رجعة لي فيها ...آه ! من قلة الزاد ، وطول الطريق وبُعد السفر ...
وسأله أعرابي شيئاً فأمر له بألف ، فقال الوكيل : من ذهب أو فضَّة ؟ فقال : كلاهما عندي حَجَرانِ ، فأعطِ الأعرابي أنفعهما له .
وفي أيِّ الأممِ والشعوبِ رأيت شجاعةً اقترنت بالكرم في ساحة الحرب حيث قال له مشرك : يا ابن أبي طالب هبني سيفك ، فرماه إليه !
فقال المشرك : عجباً يا ابن أبي طالب في مثل هذا الوقت تدفع إليَّ سيفك ؟!
فقال : يا هذا إنَّك مددتَ يد المسألة إلي ، وليس من الكرم أن يُرَدَّ السائل .
فرمى الكافر نفسه إلى الأرض وقال : هذه سيرة أهل الدين ! فقبّل قدمه وأسلم .
المصدر : ج1 من تعليقة منهاج الصالجين ، مقدمة سماحته في اصول الدين ص104-106 .

---
1-مناقب آل أبي طالب ج2 ص-84-83 ، فصل في المسابقة بالشجاعة .
تعليق لي : وهذه من احكام الصلاة في اثناء المعارك انها لا تسقط بل تصلي في نفس المعركة ولها أحكام مُفصَّلة .
2-مناقب آل أبي طالب ج2 ص122 فصل في المسابقة بصالح الأعمال ، شرح نهج البلاغة ابن أبي الحديد ج1 ص27 .
3-مناقب آل أبي طالب ج2 ص293-294 فصل في نواقض العادات منه عليه السلام ، وص298 في معجزاته .
----
قال سماحة الشيخ الوحيد الخراساني دام ظله : كان إذا أقدم إلى الحرب لم يشهد التاريخ شجاعاً مثله ، كان يلبس درعاً لا ظهر له ، وفي ليلة واحدة تواصل فيها القتال إلى الصباح أحصوا له خمسمائة وثلاثاً و عشرين تكبيرةً ، مع كل تكبيرة كان يجدِّلُ عدوّاً لله إلى الأرض ! (1)
وفي نفس تلك الليلة (ليلة الهرير) ، وقف بين الصفَّين يصلي صلاة الليل ، ويؤدي مراسم العبودية لربِّه ، فأمر أن يبسط له نطعٌ ما بين الصفَّين ، ودخل في صلاته بين يدي ربّه ، غير مكترثٍ برشق السهام بين يديه وعن جنبيه ، حتى أكمل نافلته (2) فلم يشغله من ذلك عن العبودية لله كسائر الأوقات !
كان إذا أحجم المسلمون في الحرب ، ورهبوا من مبارزة الأبطال كعمرو بن عبدووُد ، تقدَّم قائلاً : أنا له يا رسول الله ! وخطا إليه بخطواتٍ ثابتةٍ ، وقلبٍ متَّصلٍ بالله ، فلم يلبث أن ضربه ضربةً هاشميةً جدَّلته في التراب ، فأعلن النبي صل الله عليه وآله يومئذٍ : لمبارزة علي بن أبي طالب لعمرو بن عبدووُد يوم الخندق أفضل من عمل أمّتي إلى يوم القيامة .
وعندما أجفل المسلمون أمام يهود خيبر ، وانهزموا أمام رشق سهام المتحصّنين في أعلى حصنهم الحصين ، وخافوا من هيبة فرسانهم المشهورين مثل مرحب ...تقدَّم علي عليه السلام ، وواصل هجومه إلى أعلى الجبل وحيداً وهو يدفع سيل السهام والأحجار من حرّاس الحصن ، حتى وصل إلى باب الحصن فدحاه ، وبرز إليه مرحب فقدَّه شَطْرَيْنِ ، وقتل بعده سبعين من فرسانهم ، وكبَّر معلناً الفتح ، فالتحق به المسلمون ، وذهل المسلمون واليهود من فعله ! (3)
ذلك البطل الذي ترتعد من هيبته فرائص الأبطال ، كان يجمع إلى تلك الشجاعة الخوف والخشية لله تعالى ، فكان إذا تهيّأ للصلاة تغيَّر لونه ، وارتعد بدنه ، فيسألونه عن ذلك فيقول : جاء وقت أمانة عرَضها الله تعالى السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملَنَّها وحملها الإنسان .
إن ذاك البطل الذي تقشعر جلود الفرسان من سطوته في ميادين الحرب كان إذا جنّ عليه الليل يتململ تملمُلَ السليمِ ويقول باكياً : يا دنيا ، يا دنيا إليكِ عنّي ، أبي تعرّضت ؟ أم إليَّ تشوَّقت ؟ لا حان حينك هيهات غَرّي غيري لا حاجة لي فيكِ ، قد طلّقتك ثلاثاً لا رجعة لي فيها ...آه ! من قلة الزاد ، وطول الطريق وبُعد السفر ...
وسأله أعرابي شيئاً فأمر له بألف ، فقال الوكيل : من ذهب أو فضَّة ؟ فقال : كلاهما عندي حَجَرانِ ، فأعطِ الأعرابي أنفعهما له .
وفي أيِّ الأممِ والشعوبِ رأيت شجاعةً اقترنت بالكرم في ساحة الحرب حيث قال له مشرك : يا ابن أبي طالب هبني سيفك ، فرماه إليه !
فقال المشرك : عجباً يا ابن أبي طالب في مثل هذا الوقت تدفع إليَّ سيفك ؟!
فقال : يا هذا إنَّك مددتَ يد المسألة إلي ، وليس من الكرم أن يُرَدَّ السائل .
فرمى الكافر نفسه إلى الأرض وقال : هذه سيرة أهل الدين ! فقبّل قدمه وأسلم .
المصدر : ج1 من تعليقة منهاج الصالجين ، مقدمة سماحته في اصول الدين ص104-106 .

1-مناقب آل أبي طالب ج2 ص-84-83 ، فصل في المسابقة بالشجاعة .
تعليق لي : وهذه من احكام الصلاة في اثناء المعارك انها لا تسقط بل تصلي في نفس المعركة ولها أحكام مُفصَّلة .
2-مناقب آل أبي طالب ج2 ص122 فصل في المسابقة بصالح الأعمال ، شرح نهج البلاغة ابن أبي الحديد ج1 ص27 .
3-مناقب آل أبي طالب ج2 ص293-294 فصل في نواقض العادات منه عليه السلام ، وص298 في معجزاته .