عجز البشر عن الاتيان بمثل القرآن .
----
قال الشيخ الوحيد الخراساني دام ظله : لقد ظهر النبي صل الله عليه و آله في عصر و منطقة ، كانت توجد فيها أمم متعددة ، وعقائد متشتتة .
فبعضهم كانوا ماديّين ملحدين ، ينكرون المبدأ والمعاد .
والذين كانوا يعتقدون بما وراء الطبيعة ، بعضهم كانوا يعبدون الأصنام وبعضهم يعبدون الأجرام السماوية .
والذين اعتزلوا عبادة الأصنام والأجرام السماوية ، كانوا ينتحلون المجوسية والثنوية ، واليهودية القائلة بأن عزيراً ابن الله ، والنصرانية القائلة بأن الله ثالث ثلاثة .
ومن جهة أخرى ، كان أكاسرة إيران وقياصرة الروم مشغولين في استعمار الأمم الضعيفة واستثمارها ، أو بالحروب والقتال .
وفي مثل هذه الظروف التي كانت -فيه- العقول محجوبة بالأوهام ، والقلوب قاسية بالأهواء ، ولا يحكم في البلاد إلا من يفسد في الأرض أو يسفك الدماء ، بُعِث النبي صل الله عليه وآله ورفع علم الإيمان بالغيب و التوحيد ، ودعا العالم إلى عبودية الله تعالى ، وإلى كسر قيود الكفر والظلم ، ودعا ملوك الأرض الطفاة المتجبرين من كسرى إيران و إمبراطور الروم ، إلى ملوك الغساسنة في الشام ، وملوك حِمْيَر في اليمن ، وغيرهم من الأمراء والسلاطين الكبار والصغار ، إلى قبول الإسلام وإطاعة أوامر الله تعالى ، والخضوع للحق والعدل .
لقد رفض ثنوية المجوس ، وتثليث النصارى ، وافتراءات اليهود على الله والأنبياء ، وعادات الجاهلية الوثنية الموروثة عن الآباء والأجداد ، الراسخة في أعماق وجود الناس في جزيرة العرب !
لقد وقف صل الله عليه وآله وحيداً امام كل دول العالم ، وأُممه ، وأمرائهم ، وعلمائهم ، وخطّأ عقائهم ، وتحدّاهم بالمعجزات التي جعلها الله دليلاً على نبوته .
وكان أبرزها معجزة القرآن الذي تحدى به قدرات الملوك والسلاطين ، وعبّاد الأصنام ، وأحبار اليهود ، وقساوسة النصارى ! وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَىٰ عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ .
ومن البديهي أن عامة الناس (بتعصهم لعقائدهم) ورجال الدين والمذاهب (بتصلبهم وتشددهم لحفظ أتباعهم ) و الملوك والحكّام (بخوفهم من يقظة شعوبهم ) لو استطاعوا مواجهة القرآن لما تأخروا عن ذلك لحظة .
أفتظن أنه لو كانت لهم القدرة على المعارضة في هذه المسابقة التي يفوق السابق بها في الدين والدنيا ، ما فعلوا ذلك ؟!
نعم ، إنهم جميعاً بذلوا كل جهدهم لمواجهة تحدّي النبي صل الله عليه وآله لهم بالقرآن ، وفيهم علماء وشعراء و خطباء ، كانوا أعلاماً في الفصاحة والبلاغة ، يتسابقون كلَّ سنةٍ في سوق عكاظ الشهير و غيره ، ويعلّقون القصائد الفائدة بإعجابٍ على الكعبة ، وكان أشهرها المعلّقات السبعة .
لقد حرصوا على الإنتصار لدينهم ودنياهم المهدَّدين بالقرآن ، ولكنهم رجعوا خائبين خاسئين ، ولم يجدوا جواباً إلا أن قالوا إِنْ هَٰذَا إِلَّا سِحْرٌ مُّبِينٌ .
وقد جاء في التاريخ أن أبا جهل قصد الوليد بن المغيرة الذي كان مرجِع فصحاء العرب ، وطرح معه مشكلة تحدّي محمّد لهم بالقرآن ، فقال له : فما أقول فيه ! فوالله ما منكم رجل أعلمُ بالأشعار منّي ، ولا أعلمُ برجزه منّي ولا بقصيده ، ولا بأشعار الجن ، والله ما يشبه الذي يقول شيئاً من هذا ! ووالله إن لقولهِ لحلاوةٌ ، وإنه لَيُحَطِّمُ ما تحته ، وإنه ليعلو ولا يُعلى !
فقال أبو جهل : لا والله لا يرضى قومك حتى تقول فيه !
فقال : دعني حتى أفكِّر فيه ...
فلمّا فكّر قال : هذا سحرٌ يأثره عن غيره .
إن نفس اتهاهم للقرآن بالسحر دليلٌ على تسليمهم بإعجازه ! لأن السحر يرجع بالنتيجة إلى أسباب عادية غير خارجة عن الطاقة البشرية ، وقد كان ذلك أمراً مقدوراً لهم ، وكان السحرةُ والكهنة منتشرين في جزيرة العرب والبلاد المجاورة لها ، ومع ذلك فقد سجَّل التاريخ أنهم لم يستطيعوا أن يجدوا جواباً على تحدّي القرآن ! وبسبب ذلك لجأوا إلى محاولات تطميع النبي صل الله عليه وآله بالمال والمقال ! وعندما رفض ذلك ، ضاعفوا محاولاتهم لقتله !

المصدر : ج1 من تعليقة منهاج الصالجين ، مقدمة سماحته في اصول الدين ص71-74 .
----
قال الشيخ الوحيد الخراساني دام ظله : لقد ظهر النبي صل الله عليه و آله في عصر و منطقة ، كانت توجد فيها أمم متعددة ، وعقائد متشتتة .
فبعضهم كانوا ماديّين ملحدين ، ينكرون المبدأ والمعاد .
والذين كانوا يعتقدون بما وراء الطبيعة ، بعضهم كانوا يعبدون الأصنام وبعضهم يعبدون الأجرام السماوية .
والذين اعتزلوا عبادة الأصنام والأجرام السماوية ، كانوا ينتحلون المجوسية والثنوية ، واليهودية القائلة بأن عزيراً ابن الله ، والنصرانية القائلة بأن الله ثالث ثلاثة .
ومن جهة أخرى ، كان أكاسرة إيران وقياصرة الروم مشغولين في استعمار الأمم الضعيفة واستثمارها ، أو بالحروب والقتال .
وفي مثل هذه الظروف التي كانت -فيه- العقول محجوبة بالأوهام ، والقلوب قاسية بالأهواء ، ولا يحكم في البلاد إلا من يفسد في الأرض أو يسفك الدماء ، بُعِث النبي صل الله عليه وآله ورفع علم الإيمان بالغيب و التوحيد ، ودعا العالم إلى عبودية الله تعالى ، وإلى كسر قيود الكفر والظلم ، ودعا ملوك الأرض الطفاة المتجبرين من كسرى إيران و إمبراطور الروم ، إلى ملوك الغساسنة في الشام ، وملوك حِمْيَر في اليمن ، وغيرهم من الأمراء والسلاطين الكبار والصغار ، إلى قبول الإسلام وإطاعة أوامر الله تعالى ، والخضوع للحق والعدل .
لقد رفض ثنوية المجوس ، وتثليث النصارى ، وافتراءات اليهود على الله والأنبياء ، وعادات الجاهلية الوثنية الموروثة عن الآباء والأجداد ، الراسخة في أعماق وجود الناس في جزيرة العرب !
لقد وقف صل الله عليه وآله وحيداً امام كل دول العالم ، وأُممه ، وأمرائهم ، وعلمائهم ، وخطّأ عقائهم ، وتحدّاهم بالمعجزات التي جعلها الله دليلاً على نبوته .
وكان أبرزها معجزة القرآن الذي تحدى به قدرات الملوك والسلاطين ، وعبّاد الأصنام ، وأحبار اليهود ، وقساوسة النصارى ! وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَىٰ عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ .
ومن البديهي أن عامة الناس (بتعصهم لعقائدهم) ورجال الدين والمذاهب (بتصلبهم وتشددهم لحفظ أتباعهم ) و الملوك والحكّام (بخوفهم من يقظة شعوبهم ) لو استطاعوا مواجهة القرآن لما تأخروا عن ذلك لحظة .
أفتظن أنه لو كانت لهم القدرة على المعارضة في هذه المسابقة التي يفوق السابق بها في الدين والدنيا ، ما فعلوا ذلك ؟!
نعم ، إنهم جميعاً بذلوا كل جهدهم لمواجهة تحدّي النبي صل الله عليه وآله لهم بالقرآن ، وفيهم علماء وشعراء و خطباء ، كانوا أعلاماً في الفصاحة والبلاغة ، يتسابقون كلَّ سنةٍ في سوق عكاظ الشهير و غيره ، ويعلّقون القصائد الفائدة بإعجابٍ على الكعبة ، وكان أشهرها المعلّقات السبعة .
لقد حرصوا على الإنتصار لدينهم ودنياهم المهدَّدين بالقرآن ، ولكنهم رجعوا خائبين خاسئين ، ولم يجدوا جواباً إلا أن قالوا إِنْ هَٰذَا إِلَّا سِحْرٌ مُّبِينٌ .
وقد جاء في التاريخ أن أبا جهل قصد الوليد بن المغيرة الذي كان مرجِع فصحاء العرب ، وطرح معه مشكلة تحدّي محمّد لهم بالقرآن ، فقال له : فما أقول فيه ! فوالله ما منكم رجل أعلمُ بالأشعار منّي ، ولا أعلمُ برجزه منّي ولا بقصيده ، ولا بأشعار الجن ، والله ما يشبه الذي يقول شيئاً من هذا ! ووالله إن لقولهِ لحلاوةٌ ، وإنه لَيُحَطِّمُ ما تحته ، وإنه ليعلو ولا يُعلى !
فقال أبو جهل : لا والله لا يرضى قومك حتى تقول فيه !
فقال : دعني حتى أفكِّر فيه ...
فلمّا فكّر قال : هذا سحرٌ يأثره عن غيره .
إن نفس اتهاهم للقرآن بالسحر دليلٌ على تسليمهم بإعجازه ! لأن السحر يرجع بالنتيجة إلى أسباب عادية غير خارجة عن الطاقة البشرية ، وقد كان ذلك أمراً مقدوراً لهم ، وكان السحرةُ والكهنة منتشرين في جزيرة العرب والبلاد المجاورة لها ، ومع ذلك فقد سجَّل التاريخ أنهم لم يستطيعوا أن يجدوا جواباً على تحدّي القرآن ! وبسبب ذلك لجأوا إلى محاولات تطميع النبي صل الله عليه وآله بالمال والمقال ! وعندما رفض ذلك ، ضاعفوا محاولاتهم لقتله !

المصدر : ج1 من تعليقة منهاج الصالجين ، مقدمة سماحته في اصول الدين ص71-74 .
تعليق