باسم الله الرحمن الرحيم
السلام على من اتبع الهدى واناب ، ومن ليس به لا شاك ولا مرتاب
السلام على من اتبع الهدى واناب ، ومن ليس به لا شاك ولا مرتاب
1-الروايات المنقولة :
وجدير بالذكر انها منقولة حسب عبارة الحر العاملي في كتابه الاثنا عشرية .
1- ما رواه -الضمير راجع للمقدس الاردبيلي- أيضا في الكتاب المذكور -حديقة الشيعة- بإسناده قال: قال رجل للصادق عليه السلام قد خرج (ظهر - خ) في هذا الزمان قوم يقال لهم الصوفية فما تقول فيهم؟
فقال عليه السلام: إنهم أعداؤنا فمن مال إليهم فهو منهم ويحشر معهم وسيكون أقوام يدعون حبنا ويميلون إليهم ويتشبهون بهم ويلقبون أنفسهم بلقبهم ويأولون أقوالهم ألا فمن مال إليهم فليس منا وإنا منه براء ومن أنكرهم ورد عليهم كان كمن جاهد الكفار مع رسول الله صلى الله عليه وآله
2-ما رواه أيضا في كتاب حديقة الشيعة عن أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي ومحمد بن إسماعيل بن بزيع عن الرضا عليه السلام أنه قال: من ذكر عنده الصوفية ولم ينكرهم بلسانه أو قلبه فليس منا ومن أنكرهم فكأنما جاهد الكفار بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله
3-ما رواه مولانا الأجل الأكمل ملا أحمد الأردبيلي قدس الله روحه في كتاب حديقة الشيعة قال: نقل الشيخ المفيد محمد بن محمد بن النعمان رضي الله عنه عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب أنه قال: كنت مع الهادي علي بن محمد عليهما السلام في مسجد النبي صلى الله عليه وآله فأتاه جماعة من أصحابه منهم أبو هاشم الجعفري كان رجلا بليغا وكانت له منزلة عنده عليه السلام ثم دخل المسجد جماعة من الصوفية وجلسوا في ناحية مستديرا وأخذوا بالتهليل فقال عليه السلام لا تلتفتوا إلى هؤلاء الخداعين فإنهم خلفاء الشيطان ومخربوا قواعد الدين يتزهدون لراحة الأجسام ويتهجدون لصيد الأنعام يتجوعون عمرا حتى يديخوا للايكاف حمرا لا يهللون إلا لغرور الناس ولا يقللون الغذاء إلا لملأ العساس واختلاس قلوب الدفناس، يكلمون الناس بإملائهم في الحب ويطرحون باذليلائهم في الجب أورادهم الرقص والتصدية، وأذكارهم الترنم والتغنية فلا يتبعهم إلا السفهاء ولا يعتقدهم إلا الحمقى (الحمقاء - خ) فمن ذهب إلى زيارة أحدهم حيا وميتا فكأنما ذهب إلى زيارة الشيطان وعبادة الأوثان ومن أعان أحدا منهم فكأنما أعان يزيد ومعاوية وأبا سفيان.
فقال له رجل من أصحابه وإن كان معترفا بحقوقكم؟ قال فنظر إليه شبه المغضب وقال دع ذا عنك من اعترف بحقوقنا لم يذهب في عقوقنا أما تدري أنهم أخس طوايف الصوفية والصوفية كلهم مخالفونا وطريقتهم مغايرة لطريقتنا وإن هم إلا نصارى أو مجوس هذه الأمة أولئك الذين يجهدون في إطفاء نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون .
تعليق : عَلَّق الحر العاملي على الرواية بالقول : لو لم يرد عنهم عليهم السلام إلا هذا الحديث الشريف المشتمل على اللفظ البليغ والمعنى اللطيف في التحذير من التصوف وأهله والنص على ضلال كل صوفي وجهله لكان وحده كافيا في بيان الحال وكشف تمويه أهل الضلال فإنه قد أوضح فساد طريقتهم غاية التوضيح وصر ببطلانها كما ترى أوضح التصريح ونفى الفرق بين كونهم من العامة أو الشيعة في كون كل منهما على الطريقة الذميمة الشنيعة ومباينتهم لهم عليهم السلام والحكم بكفرهم وخروجهم عن الإسلام وكل ذلك ظاهر واضح لأولي الأفهام.
4-المقدس الأردبيلي : بإسناده عن الرضا عليه السلام أنه قال لا يقول أحد بالتصوف إلا لخدعة أو ضلالة أو حماقة ، وأما من سمي نفسه صوفيا للتقية فلا إثم عليه ورواه أيضا عن طريق آخر.
ورواه الشيخ المفيد في كتاب الرد على أصحاب الحلاج عن أبي القاسم جعفر بن محمد بن قولويه، عن أبيه، عن سعد بن عبد الله عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسين بن سعيد أنه قال سألت أبا الحسن عليه السلام عن الصوفية فقال: لا يقول بالتصوف أحد إلا لخدعة أو ضلالة أو حماقة وربما استعجمها واحد منهم.
5- ما ذكره أيضا في الكتاب المذكور قال: وردت أحاديث كثيرة في الطعن على الصوفية.
منها: في أبي هاشم الكوفي الصوفي واضع مذهب الصوفية ورد الطعن فيه من عدة طرق.
منها: ما رواه علي بن الحسين بن بابويه قمي في قرب الإسناد الذي صنفه عن سعد بن عبد الله عن محمد بن عبد الجبار عن العسكري عليه السلام أنه قال سئل الصادق عليه السلام عن حال أبي هاشم الكوفي فقال: إنه فاسد العقيدة جدا وهو الذي ابتدع مذهبا يقال له التصوف وجعله مقرا لعقيدته الخبيثة (1).
ورواه أيضا بسند آخر وقال فيه وجعله مقرا لنفسه الخبيثة.
6-ما رواه أيضا في حديقة الشيعة قال: نقل السيد المرتضى عن الشيخ المفيد عن أحمد بن محمد بن الحسن بن الوليد عن أبيه عن سعد بن عبد الله عن محمد بن عبد الجبار عن العسكري عليه السلام أنه كلم أبا هاشم الجعفري فقال يا با هاشم سيأتي على الناس زمان وجوههم ضاحكة مستبشرة وقلوبهم مظلمة منكدرة السنة فيهم بدعة والبدعة فيهم سنة، المؤمن بينهم محقر والفاسق بينهم موقر، أمراؤهم جاهلون جائرون وعلماؤهم في أبواب الظلمة سائرون أغنياؤهم يسرقون زاد الفقراء وأصاغرهم يتقدمون على الكبراء كل جاهل عندهم خبير وكل محيل عندهم فقير لا يميزون بين المخلص والمرتاب ولا يعرفون الضأن من الذئاب علماؤهم شرار خلق الله على وجه الأرض لأنهم يميلون إلى الفلسفة والتصوف وأيم الله إنهم من أهل العدول والتحرف يبالغون في حب مخالفينا ويضلون شيعتنا وموالينا وإن نالوا منصبا لم يشبعوا من الرشا وإن خذلوا عبدوا الله على الريا لأنهم قطاع طريق المؤمنين والدعاة إلى نحلة الملحدين فمن أدركهم فليحذرهم وليصن دينه وإيمانه ثم قال: يا أبا هاشم بهذا حدثني أبي عن آبائه عن جعفر بن محمد عليهما السلام وهو من أسرارنا فاكتمه إلا عن أهله .
7-ما رواه شيخنا الأجل الأفضل الشيخ بهاء الدين محمد العاملي قدس سره في كتاب الكشكول قال قال النبي صلى الله عليه وآله لا تقوم الساعة على أمتي حتى يخرج قوم من أمتي اسمهم صوفية ليسوا مني وإنهم يهود أمتي يحلقون للذكر، ويرفعون أصواتهم بالذكر يظنون أنهم على طريق الأبرار بل هم أضل من الكفار وهم أهل النار لهم شهقة كشهقة الحمار وقولهم قول الأبرار وعملهم عمل الفجار وهم منازعون للعلماء ليس لهم إيمان وهم معجبون بأعمالهم ليس لهم من عملهم إلا التعب.
8-ما رواه الشيخ الجليل رئيس الطايفة أبو جعفر الطوسي في كتاب المجالس والأخبار.
ورواه الشيخ الجليل الزاهد النبيل ورام بن أبي فراس في كتابه في حديث طويل يتضمن وصية النبي صلى الله عليه وآله لأبي ذر رضي الله عنه يقول فيها يا أبا ذر يكون في آخر الزمان قوم يلبسون الصوف في صيفهم وشتائهم يرون الفضل لهم بذلك على غيرهم أولئك تلعنهم ملائكة السماء والأرض .
9- ما رواه ورام وغيره أيضا من مواعظ عيسى عليه السلام أنه قال بحق أقول لكم إن شر الناس لرجل عالم آثر دنياه على علمه فأحبها وطلبها وجهد عليها حتى لو استطاع أن يجعل الناس في حيرة لفعل وماذا يغني عن الأعمى سعة نور الشمس وهو لا يبصرها كذلك لا يغني عن العالم علمه إذ هو لم يعمل به، ما أكثر ثمار الشجر وليس كلها ينفع ولا يؤكل! وما أكثر العلماء وليس كلهم ينتفع بما علم وما أوسع الأرض وليس كلها تسكن، وما أكثر المتكلمين وليس كل كلامهم يصدق فاحتفظوا من العلماء الكذبة الذين عليهم ثياب الصوف منكسوا رؤوسهم إلى الأرض يزورون الخطايا يرمقون من تحت حواجبهم كما ترمق الذئاب وقولهم يخالف فعلهم وهل يجتني من العوسج العنب ومن الحنظل التين؟! وكذلك لا يثمر (يؤثر - خ) قول العالم الكاذب إلا زورا وليس كل من يقول يصدق
10- ما رواه الكليني في باب دخول الصوفية على أبي عبد الله عليه السلام واحتجاجهم عليه فيما ينهون الناس عند من طلب الرزق وقد أورده الطبرسي في الإحتجاج وغيره بأسانيدهم أنه دخل سفيان الثوري على أبي عبد الله عليه السلام فرأى عليه ثياب بياض كأنها غرقى البيض فقال له: إن هذا ليس من لباسك فقال عليه السلام اسمع مني وع ما أقول فإنه خير لك عاجلا وآجلا إن أنت مت على السنة والحق ولم تمت على بدعة أخبرك أن رسول الله صلى الله عليه وآله كان في زمان مقفر خشن (جذب - خ م) فإذا أقبلت الدنيا فأحق أهلها بها أبرارها لا فجارها ومؤمنوها لا منافقوها ومسلموها لا كفارها فما أنكرت يا ثوري فوالله إنني لمع ما ترى ما أتى علي منذ عقلت صباح ولا مساء ولله في مالي حق أمرني أن أضعه موضعا إلا وضعته.
قال: ثم أتاه قوم ممن يظهرون التزهد ويدعون الناس أن يكونوا معهم على مثل الذي هم عليه من التقشف فقالوا: إن صاحبنا حصر عن كلامك ولم تحضره حججه فقال لهم: هاتوا حججكم، فقالوا: أن حججنا من كتاب الله قال لهم فادلوا بها فإنها أحق ما اتبع وعمل به، فقالوا: يقول الله تبارك وتعالى مخبرا عن قوم من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله (ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون) فمدح فعلهم وقال في موضع آخر (ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا) فنحن نكتفي بهذا فقال لهم رجل من الجلساء: أنا رأيناكم تزهدون في الأطعمة الطيبة ومع ذلك تأمرون الناس بالخروج من أموالهم حتى تمتعوا أنتم منها؟ فقال أبو عبد الله عليه السلام:
دعوا عنكم ما لا ينتفع به أخبروني أيها النفر ألكم علم بناسخ القرآن من منسوخه ومحكمه من متشابهه الذي في مثله ضل من ضل وهلك من هلك من هذه الأمة فقالوا له أو بعضه فأما كله فلا فقال لهم: من هيهنا أتيتم وكذلك أحاديث رسول الله صلى الله عليه وآله فأما ذكرتم من إخبار الله إيانا في كتابه عن القوم الذين أخبر عنهم بحسن فعالهم فقد كان مباحا جايزا ولم يكونوا نهوا عنه وثوابهم منه على الله وذلك أن الله جل وتقدس أمر بخلاف ما عملوا به فصار أمره ناسخا لفعلهم وكان نهى الله تبارك وتعالى رحمة منه للمؤمنين ونظرا لكيلا يضروا بأنفسهم وعيالاتهم منهم الضعفة الصغار والولدان والشيخ الفاني والعجوز الكبيرة الذين لا يصبرون على الجوع فإن تصدقت برغيفي ولا رغيف لي غيره ضاعوا وهلكوا جوعا فمن ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله:
خمس تمرات أو خمس قرص أو دنانير أو دراهم يملكها الإنسان وهو يريد أن يمضيه فأفضلها ما أنفقه الإنسان على والديه ثم الثانية على نفسه وعياله ثم الثالثة على قرابته وإخوانه المؤمنين ثم الرابعة على جيرانه الفقراء، ثم الخامسة في سبيل الله وهو أخسها قدرا.
وقال النبي صلى الله عليه وآله للأنصاري حين أعتق عند موته خمسة أو ستة من الرقيق ولم يكن يملك غيرهم وله أولاد صغار لو أعلمتموني أمره ما تركتكم تدفنونه مع المسلمين ترك صبية صغارا يتكففون الناس.
ثم قال: حدثني أبي أن النبي صلى الله عليه وآله قال: ابدأ بمن تعول الأدنى فالأدنى ثم هذا ما نطق به الكتاب ردا لقولكم ونهيا عنه مفروضا من الله العزيز الحكيم قال تعالى:
﴿والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما﴾ أفلا ترون أن الله تبارك وتعالى قال غير ما أراكم تدعون الناس إليه من الأثرة على أنفسهم وسمى من فعل ما تدعون الناس إليه مسرفا وفي غير آية من كتاب الله يقول (إن الله لا يحب المسرفين) فنهاهم عن الاسراف ونهاهم عن التقتير لكن أمر بين أمرين لا يعطي جميع ما عنده ثم يدعو الله أن يرزقه الله فلا يستجيب له للحديث الذي جاء عن النبي صلى الله عليه وآله أن أصنافا من أمتي لا يستجاب لهم دعاؤهم: رجل يدعو على والديه، ورجل يدعو على غريم ذهب له بماله ولم يكتب عليه ولم يشهد عليه، ورجل يدعو على امرأته وقد جعل الله تخلية سبيلها بيده، ورجل يقعد في البيت ويقول: يا رب ارزقني ولا يخرج ولا يطلب الرزق فيقول الله عز وجل عبدي أولم اجعل لك السبيل إلى الطلب والضرب في الأرض بجوارح صحيحة لتكون قد أعذرت فيما بيني وبينك في الطلب لاتباع أمري ولكي لا تكون كلا على أهلي فإن شئت رزقتك وإن شئت قترت عليك وأنت معذور عندي، ورجل رزقه الله مالا كثيرا فأنفقه ثم أقبل يدعو يا رب ارزقني فيقول الله عز وجل: ألم أرزقك رزقا واسعا فهلا اقتصدت فيه كما أمرتك ولم تسرف وقد نهيتك عن الاسراف؟!
ورجل يدعو في قطيعة رحم.
ثم علم الله نبيه كيف ينفق وذلك أنه كانت عنده أوقية من ذهب فكره أن تبيت عنده فتصدق بها فأصبح وليس عنده شئ وجاءه من يسئله فلم يكن عنده ما يعطيه فلامه السائل واغتم وهو حيث لم يكن عنده ما يعطيه وكان رحيما رفيقا فأدب الله تعالى نبيه بأمره إياه فقال: (ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا) يقول إن الناس قد يسئلونك ولا يعذرونك فإذا أعطيت جميع ما عندك قد حسرت من المال.
فهذه أحاديث رسول الله صلى الله عليه وآله يصدقها الكتاب والكتاب يصدقه أهله من المؤمنين وقال أبو بكر عند موته حيث قيل له أوص فقال أوصي بالخمس والخمس كثير فإن الله تعالى قد رضي بالخمس فأوصى بالخمس وقد جعل الله له الثلث عند موته ولو علم أن الثلث خير له أوصى به. ثم من قد علمتم من بعده في فضله وزهده سلمان وأبو ذر رضي الله عنهما فأما سلمان فكان إذا أخذ عطاه رفع منه قوته لسنته حتى يحضر عطاؤه من قابل فقيل له: يا أبا عبد الله أنت في زهدك تصنع هذا وأنت لا تدري لعلك تموت اليوم أو غدا فكان جوابه أن قال: ما لكم لا ترجون لي البقاء كما خفتم علي الفناء أوما علمتم يا جهلة أن النفس قد تلتاث على صاحبها فإذا لم يكن لها من العيش ما تعتمد عليه فإذا هي أحرزت معيشتها اطمأنت.
وأما أبو ذر فكانت له نويقات وشويهات يحلبها ويذبح منها إذا اشتهى أهله اللحم أو نزل به ضيف أو رأى بأهل الماء الذين هم معه خصاصة نحر لهم الجزور أو من الشياه قدر ما يذهب عنهم بقرم اللحم فيقسمه بينهم ويأخذ هو كنصيب واحد منهم لا يتفضل عليهم ومن أزهد من هؤلاء وقد قال فيهم رسول الله صلى الله عليه وآله ما قال ولم يبلغ من أمرهما أن صارا لا يملكان شيئا البتة كما تأمرون الناس بالبقاء أمتعتهم وشيئهم ويؤثرون به على أنفسهم وعيالاتهم.
واعلموا أيها النفر أني سمعت أبي يروي عن آبائه أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال يوما ما عجبت من شئ كعجبي من المؤمن أن قرض جسده في دار الدنيا بالمقاريض كان خيرا له وإن ملك مشارق الأرض ومغاربها كان خيرا له فكل ما يصنع الله به كان خيرا له فليت شعري هل يحيق فيكم ما قد شرحت لكم منذ اليوم أم أزيدكم أوما علمتم أن الله جل اسمه قد فرض على المؤمنين في أول الأمر أن يقاتل الرجل منهم عشرة من المشركين وليس له أن يولي وجهه عنهم ومن ولاهم يومئذ دبره فقد تبوأ مقعده من النار ثم حولها من حالهم رحمة منه لهم فصار الرجل منهم عليه أن يقاتل رجلين من المشركين تخفيفا من الله عز وجل للمؤمنين فنسخ الرجلان العشرة واخبروني أيضا عن القضاة أجورهم حيث يقضون على الرجل منكم نفقة امرأته إذا قال إني زاهد وإنه لا شئ لي؟ فإن قلتم جورة ظلمتم (ظلمكم - خ) أهل الإسلام وإن قلتم بل عدل خصمتم أنفسكم وحيث ترون صدقة من تصدق على المساكين عند الموت بأكثر من الثلث.
أخبروني لو كان الناس كلهم كالذين تريدون زهادا لا حاجة لهم في متاع غيرهم فعلى من كان يتصدق بكفارات الأيمان والنذور والصدقات من فرض الزكاة من الإبل والغنم والبقر وغير ذلك من الذهب والفضة والتمر والزبيب وسائر ما قد وجبت فيه الزكاة من الإبل والبقر والغنم وغير ذلك إذا كان الأمر كما تقولون لا ينبغي لأحد أن يحبس شيئا من عرض الدنيا إلا قدمه وإن كانت به خصاصة فبئسما ذهبتم إليه وحملتم الناس عليه من الجهل بكتاب الله وسنة نبيه وأحاديثه التي يصدقها الكتاب المنزل وردكم إياها لجهالتكم وترككم النظر في غرائب القرآن من التفسير بالناسخ والمنسوخ والمحكم والمشابه والأمر والنهي.
وأخبروني عن سليمان بن داود عليه السلام حيث سأل الله ملكا لا ينبغي لأحد من بعده فأعطاه الله ذلك وكان يقول الحق ويعمل به ثم لم نجد الله عز وجل عاب ذلك عليه ولا أحد من المؤمنين، ثم داود النبي عليه السلام قبله في ملكه وشدة سلطانه، ثم يوسف النبي عليه السلام حيث قال لملك المصر ﴿اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم﴾ فكان أمره الذي اختار مملكة الملك وما حولها إلى اليمين فكانوا يمتارون الطعام من عنده لمجاعة أصابتهم وكان يقول الحق ويعمل به فلم نجد أحدا عاب ذلك عليه ثم ذو القرنين عبد أحب الله فأحبه وطوى له الأسباب وملكه مشارق الأرض ومغاربها وكان يقول الحق ويعمل به ثم لم نجد أحدا عاب عليه، فتأدبوا أيها النفر بآداب الله للمؤمنين واقتصروا على ما أمر الله ونبيه ودعوا عنكم ما اشتبه عليكم مما لا علم لكم به وردوا العلم إلى أهل تؤجروا وتعذروا عند الله تبارك وتعالى وكونوا في طلب علم الناسخ من القرآن من منسوخه ومحكمه من متشابهه وما أحل الله فيه مما حرم فإنه أقرب لكم من الله وأبعد لكم من الجهل ودعوا الجهالة لأهلها فإن أهل الجهل كثير وأهل العلم قليل وقد قال الله تبارك وتعالى ﴿وفوق كل ذي علم عليم﴾ انتهى كلامه صلوات الله عليه وسلامه.
11-ما رواه الصدوق في عيون الأخبار ومعاني الأخبار وغيرهما ورواه الطبرسي في الإحتجاج وجماعة من أصحابنا عن الصادق عليه السلام أنه قال: من اتبع هواه وأعجب برأيه كان كرجل سمعت غثاء العامة تعظمه وتصفه فأحببت لقاءه من حيث لا يعرفني لا عرف مقداره ومحله فرأيته في موضع قد أحدق به خلق من غثاء العامة فوقفت منتبذا عنهم مغشي (متغشيا - خ) بلثام أنظر إليه وإليهم، فما زال يراوغهم حتى خالف طريقهم وفارقهم ولم يقر، فتفرقت العوام عنه لحوائجهم و تبعته أقفو أثره فلم يلبث أن مر بخباز فتغفله فأخذ من دكانه رغيفين مسارقة فتعجبت منه ثم قلت في نفسي لعله معامله ثم مر بعده بصاحب رمان، فما زال به حتى تغفله فأخذ من عنده رمانتين مسارقة فتعجبت منه ثم قلت في نفسي: لعلها معاملة ثم قلت (أقول - خ) وما حاجته إلى المسارقة ثم لم أزل أتبعه حتى مر بمريض فوضع الرغيفين والرمانتين بين يديه ومشى (ومضى - خ) فتبعته حتى استقر في بقعة من صحراء فقلت له: يا عبد الله فقد سمعت بك فأحببت لقاءك فلقيتك لكني رأيت منك ما شغل قلبي وإني سائلك عنه ليزول عني به شغل قلبي.
قال: وما هو؟ قلت: رأيتك مررت بخباز فسرقت منه رغيفين ثم بصاحب الرمان فسرقت منه رمانتين.
قال: فقال لي قبل كل شئ: حدثني من أنت؟ قلت: رجل من أولاد آدم من أمة محمد صلى الله عليه وآله قال: حدثني ممن أنت؟ قلت: رجل من أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله قال: أين بلدك؟ قلت المدينة قال: لعلك جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليه السلام قلت: بلى قال فما ينفعك (شرف - خ) أصلك مع جهلك بما سرقت به وتركك علم جدك وأبيك فتنكر ما يجب أن يحمد ويمدح فاعله؟!
قلت: وما هو؟ قال: القرآن كتاب الله قلت: وما الذي جهلت منه؟ قال قول الله عز وجل ﴿من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ومن جاء بالسيئة فلا يجزى إلا مثلها﴾ وإني لما سرقت الرغيفين كانت سيئتين ولما سرقت الرمانتين كانت سيئتين فهذه أربع سيئات فلما تصدقت بكل واحدة منها كانت أربعين حسنة فانتقص من أربعين حسنة أربع سيئات فبقي لي ست وثلاثون.
قلت: ثكلتك أمك أنت الجاهل بكتاب الله أما سمعت الله عز وجل يقول: ﴿إنما يتقبل الله من المتقين﴾ إنك لما سرقت الرغيفين كانت سيئتين ولما سرقت الرمانتين كانت سيئتين فلما دفعتهما إلى غير صاحبهما بغير أمر صاحبهما كنت إنما أضفت أربع سيئات إلى أربع سيئات ولم تضف أربعين حسنة إلى أربع سيئات فجعل يلاحيني فانصرفت وتركته قال الصادق عليه السلام: بمثل هذا التأويل القبيح المستنكر يضلون ويضلون - (الحديث).
2-صحة كتاب المقدس الأردبيلي إليه : قال الحر العاملي أعلى الله مقامه الشريف :
واعلم - أن بعض الصوفية الآن ومن يميل إلى طريقتهم ربما ينقصون قدر المولى الجليل ملا أحمد الأردبيلي وهو أجل قدرا من ذلك وبعضهم ينكر نسبة هذا الكتاب إليه أعني حديقة الشيعة وذلك باطل من وجوه:
أحدها: إنها شهادة على النفي فلا تقبل قطعا لأنه غير محصور وعدم علم النافي لا يدل على العدم.
وثانيها: كثرة نسخه وشهرته ونسبته إلى مؤلفه دون غيره مع قرب العهد.
وثالثها: إن ذلك لا نظير له إذ لم يحصل الاختلاف في نسبة شئ من الكتب إلى مؤلفها مع بعد الأزمان فما الداعي إلى وضع كتاب ونسبته إلى مثل هذا العالم الصالح مع قرب العهد؟!
ورابعها: إنك لا تجد أحد ينكره غير الصوفية ومن يميل إليهم وإنكارهم محل تهمة لا تقبل.
وخامسها: إنه ليس فيه ما ينكر بل يشتمل على تحقيق وتدقيق لا يليق بغير من نسبه إليه.
وسادسها: إن الذي يدعون أنه قرينة على عدم صحة نسبته لا يدل على ذلك مع احتمال كونه زيادة من الصوفية الآن في بعض النسخ لإيهام الطعن فيه وذلك مواضيع يسيرة جدا متميزة عن أسلوب الكتاب توجد في بعض النسخ دون بعض .
3-تصحيح العلماء لنسبة كتاب الاردبيلي وجواب شبهة الإرسال :
قلت: والظاهر أنه -الضمير راجع للمقدس الأردبيلي- رحمه الله اخذ الخبر عن كتاب الفصول التامة للسيد الجليل أبي تراب المرتضى بن الداعي الحسيني الرازي، صاحب تبصرة العوام، كما يظهر من بعض القرائن، ويأتي في الخاتمة اثبات كون كتاب الحديقة للمولى الأردبيلي رحمه الله.
مستدرك الوسائل - الميرزا النوري - ج 12 - الصفحة 323-324
جامع أحاديث الشيعة - السيد البروجردي - ج 14 - الصفحة 450
وأيضاً صَحَّح واعتبر العديد من العلماء هذه الروايات حتى لا يقول أحد الجهلة ان العلماء تجاهلوها ، وكمثال سريع :
1-الحر العاملي في الاثنا عشرية حيث جعل هذه الروايات عُمدة الرد على الصوفية ، والكتاب طويل .
2-المقدس الأردبيلي نفسه وهو غني عن الترجمة وليس كونه ناقل الاخبار لنا عن المخطوطات بطاعنٍ في قيمة نقله واستخدامه لها .
3-السيد البروجردي في كتاب جامع أحاديث الشيعة
جامع أحاديث الشيعة - السيد البروجردي - ج ١٤ - الصفحة ٤٥٠
4-الميرزا النوري
مستدرك الوسائل - الميرزا النوري - ج ١٢ - الصفحة ٣٢٣
5- محمد جعفر بن محمد طاهر الخراساني الكرباسي
إكليل المنهج في تحقيق المطلب - محمد جعفر بن محمد طاهر الخراساني الكرباسي - الصفحة ١٢٨
وهناك غيرهم لكن لا نستطيع الإطالة اكثر .
تعليق