غير القادر على استنباط الأحكام يجب ان يقلِّد مرجعاً
===
قال السيد كاظم اليزدي رحمه الله في العروة الوثقى : مسألة : عمل العامّي بلا تقليد ولا احتياط باطل .
قال السيد الخوئي قدس سره شارحاً : لم يرد بذلك البطلان الواقعي بأن تكون أعمال العامي من غير تقليد ولا احتياط فاسدة وإن انكشفت صحتها بعد ذلك ، كما إذا بلغ رتبة الاجتهاد وأدى نظره إلى صحتها ، بل المراد به البطلان عقلاً وعدم جواز الاقتصار على ما أتى به من دون تقليد ولا احتياط ، وذلك لأن قاعدة الاشتغال تقضي حينئذ ببطلانه .مثلاً إذا عقد على امرأة بالفارسية من دون أن يعلم بصحته أو يقلّد من يفتي بها ، لم يجز له أن يرتّب على المرأة آثار الزوجية .
إلى أن يقول : وعلى الجملة إذا لم يحرز المكلف صحة عمله واحتمل معه الفساد ، فمقتضى قاعدة الاشتغال أعني حكم العقل بأن الاشتغال اليقيني يستدعي البراءة اليقينية ، عدم ترتيب آثار الصحة عليه .
المصدر : التنقيح في شرح العروة الوثقى-الجزء الاول:التقليد ، ص 57 .
---
قال سماحة الشيخ الوحيد الخراساني دام ظله : بما أن محافظة الإنسان على صحته وسلامته ، تتوقف على رعايته لقوانين طبّية ومقرّرات صحية ، فلا بد لمعرفتها أن يكون هو طبيباً ، أو يراجع طبيباً موثوقاً فيعمل بتعاليمه ، أو يعمل بالاحتياط فيتجنَّب كل ما يحتمل أنه مضر بصحته حتى يعرف حكمه ، أو يجد من يعرف هذا و يسأله .
بل أن التقليد من ضرورات حياة الإنسان ، سواء في ذلك الجاهل والعالم ، أما احتياج الجاهل إلى التقليد فواضح ، وأما العالم فلأن دائرة تخصّص كل عالم ومتخصِّص لا تشمل إلا جزءا يسيراً من دائرة حاجات حياته ، فعالم الطب مثلاً لا بد أن يقلِّد المهندس والمعمار في بناء بيته ، ويقلِّد خبير السيارات في تصليح سيارته ، وعندما يركب الطائرة فهو يقلِّد الطيّار ، وإذا ركب الباخرة فهو يقلِّد الملاّح ، بل مع تشعُّب علم الطب ، فإن متخصّص العضو أو القسم من أعضاء الإنسان لا بدّ له أن يقلِّد طبيباً آخر في غير مجال تخصّصه .
والنتيجة أن حياة أي إنسان لا تتم إلا بالتقليد .
وعلى هذا ، فالإنسان الذي يؤمن بدين ، ويعلم أنه عيَّنَ له تكاليف و شرَّع له واجبات ومحرَّمات ، فهو بحكم عقله وفطرته ملزمٌ للعمل بالوظائف المقررة من تحصيل العلم بها أو تقليد من يكون واجداً لشرائط الإفتاء من العلم والعدالة وغيرهما أو الاحتياط .
وعندما لا يكون عالماً ولا عاملاً بالإحتياط ، فطريقه منحصر في تقليد مرجع متخصص فيها ، وفي صورة اختلاف آراء المراجع المتخصّصين وفتاواهم ، يتعيَّن عليه أن يقلِّد أعلمهم ، كما لو اختلف طبيبان في تشخيص المرض أو العلاج ، فيجب عليه بحكم العقل الرجوع إلى أعلمهما .
وفي الختام ، إن الإسلام دين علم ، وكل عمل لا بد أن ينتهي إلى العلم ولو بواسطة ، فتقليد المرجع يكون عملاً بعلم ، لأنه مستند إلى رأي مرجع متخصِّص في أحكام الدين ، وهو ما يقضي به العلم والفطرة والعقل السليم ( وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ۚ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَٰئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا)
المصدر : ج1 من تعليقة منهاج الصالجين ، مقدمة سماحته في اصول الدين ص 563 - 564
===
قال السيد كاظم اليزدي رحمه الله في العروة الوثقى : مسألة : عمل العامّي بلا تقليد ولا احتياط باطل .
قال السيد الخوئي قدس سره شارحاً : لم يرد بذلك البطلان الواقعي بأن تكون أعمال العامي من غير تقليد ولا احتياط فاسدة وإن انكشفت صحتها بعد ذلك ، كما إذا بلغ رتبة الاجتهاد وأدى نظره إلى صحتها ، بل المراد به البطلان عقلاً وعدم جواز الاقتصار على ما أتى به من دون تقليد ولا احتياط ، وذلك لأن قاعدة الاشتغال تقضي حينئذ ببطلانه .مثلاً إذا عقد على امرأة بالفارسية من دون أن يعلم بصحته أو يقلّد من يفتي بها ، لم يجز له أن يرتّب على المرأة آثار الزوجية .
إلى أن يقول : وعلى الجملة إذا لم يحرز المكلف صحة عمله واحتمل معه الفساد ، فمقتضى قاعدة الاشتغال أعني حكم العقل بأن الاشتغال اليقيني يستدعي البراءة اليقينية ، عدم ترتيب آثار الصحة عليه .
المصدر : التنقيح في شرح العروة الوثقى-الجزء الاول:التقليد ، ص 57 .
---
قال سماحة الشيخ الوحيد الخراساني دام ظله : بما أن محافظة الإنسان على صحته وسلامته ، تتوقف على رعايته لقوانين طبّية ومقرّرات صحية ، فلا بد لمعرفتها أن يكون هو طبيباً ، أو يراجع طبيباً موثوقاً فيعمل بتعاليمه ، أو يعمل بالاحتياط فيتجنَّب كل ما يحتمل أنه مضر بصحته حتى يعرف حكمه ، أو يجد من يعرف هذا و يسأله .
بل أن التقليد من ضرورات حياة الإنسان ، سواء في ذلك الجاهل والعالم ، أما احتياج الجاهل إلى التقليد فواضح ، وأما العالم فلأن دائرة تخصّص كل عالم ومتخصِّص لا تشمل إلا جزءا يسيراً من دائرة حاجات حياته ، فعالم الطب مثلاً لا بد أن يقلِّد المهندس والمعمار في بناء بيته ، ويقلِّد خبير السيارات في تصليح سيارته ، وعندما يركب الطائرة فهو يقلِّد الطيّار ، وإذا ركب الباخرة فهو يقلِّد الملاّح ، بل مع تشعُّب علم الطب ، فإن متخصّص العضو أو القسم من أعضاء الإنسان لا بدّ له أن يقلِّد طبيباً آخر في غير مجال تخصّصه .
والنتيجة أن حياة أي إنسان لا تتم إلا بالتقليد .
وعلى هذا ، فالإنسان الذي يؤمن بدين ، ويعلم أنه عيَّنَ له تكاليف و شرَّع له واجبات ومحرَّمات ، فهو بحكم عقله وفطرته ملزمٌ للعمل بالوظائف المقررة من تحصيل العلم بها أو تقليد من يكون واجداً لشرائط الإفتاء من العلم والعدالة وغيرهما أو الاحتياط .
وعندما لا يكون عالماً ولا عاملاً بالإحتياط ، فطريقه منحصر في تقليد مرجع متخصص فيها ، وفي صورة اختلاف آراء المراجع المتخصّصين وفتاواهم ، يتعيَّن عليه أن يقلِّد أعلمهم ، كما لو اختلف طبيبان في تشخيص المرض أو العلاج ، فيجب عليه بحكم العقل الرجوع إلى أعلمهما .
وفي الختام ، إن الإسلام دين علم ، وكل عمل لا بد أن ينتهي إلى العلم ولو بواسطة ، فتقليد المرجع يكون عملاً بعلم ، لأنه مستند إلى رأي مرجع متخصِّص في أحكام الدين ، وهو ما يقضي به العلم والفطرة والعقل السليم ( وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ۚ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَٰئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا)
المصدر : ج1 من تعليقة منهاج الصالجين ، مقدمة سماحته في اصول الدين ص 563 - 564