الثبات على التوبة
وكان من دعائه عليه السلام:
اللَّهُمَّ إنِّي أَتُوبُ إلَيْـكَ فِي مَقَامِي هَذَا مِنْ كَبَائِرِ ذُنُوبِي وَصَغَائِرِهَا، وَبَوَاطِنِ سَيِّئآتِي وَظَوَاهِرِهَا، وَسَوالِفِ زَلاَّتِي وَحَوَادِثِهَا، تَوْبَةَ مَنْ لا يُحَدِّثُ نَفْسَهُ بِمَعْصِيَة، وَلاَ يُضْمِرُ أَنْ يَعُودَ فِي خَطِيئَة.
56
تمهيد:
كثيراً ما تتراجع الجيوش عن أراضٍ احتلّتها, وليس من الضرورة أن يكون الانسحاب جُبناً، إذ قد يكون انسحاباً تكتيكيّاً, ويكون ذلك تمهيداً لاحتلاله بطريقة أفضل تقلّ فيها الخسائر.
هذه الحالة تنطبق أيضاً على الإنسان الّذي يعود عن الذنوب بسبب عذاب الضمير، فيتراجع عنها ويتوب, وفي نيّته أن يعود لها.
ومن ثمّ يعود ليرتكب ذنباً قد يكون أعظم من سابقه ! فما هو التقييم لمثل هذا النوع من التوبة؟
الندم والثبات حليفان
تقدّم أنّ على التائب أن يقرّ ويعترف بذنبه أمام ربّه لينال بذلك غفران الذنب, إلّا أنّه لو كان يضمر في نفسه العود، فإنّ ذلك سيثير أسئلة الاستفهام عن معنى التوبة, فلماذا يتوب في المرّة الأولى ما دام ناوياً على إعادة الفعل المحرّم؟
بعض الناس يريد ذلك لكي يتخلّص من وخز الضمير, والتفكير في العذاب الآتي, فيقدم على التوبة لتخفّفه عنها, ومن ثمّ يقدم على ذات المعصية, ولكن هذا العمل يتضمّن العديد من السلبيات:
1- انكسار الحاجز عن الحرام
تنكسر الحواجز بين الإنسان والمحرّم, وذلك أنّ أوّل ما يقدم عليه الإنسان من الذنوب فيما يحذر الاقتراب منه، يلازم الحذر والخوف الشديدان من العواقب.
57
ثمّ بعد هذا يبدأ الإنسان بتحطيم الخوف من خلال اعتياده على المكروه, ويصل لمرحلة يتجاوز فيها الحدّ إلى الجرأة على الشبهات الّتي لا يعرف إن كانت تدخل في حيّز الحرام أو الحلال.
وبعد أن يعتاد على ذلك يصبح مهيّئاً نفسياً لاقتحام الحرام, ومثال هذا في حياتنا مشاركة المرء في مجالس أهل الفسق والباطل، الّذين أمرنا الله تعالى بعدم الجلوس إليهم والإعراض عنهم حيث يقول جلّ وعلا:﴿وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ﴾1 , وكأنّ الله تعالى يقول: "إنّ الّذي يكتسبه هؤلاء الخائضون من الإثم لا يُحمل إلّا على أنفسهم ولا يتعدّاهم إلى غيرهم، إلّا أن يماثلوهم ويشاركوهم في العمل أو يرضوا بعملهم فلا يحاسب على عمل إلّا عامله، ولكن نذكّرهم لعلّهم يتّقون، فإنّ الإنسان إذا حضر مجلسهم وإن كان لا يجاريهم فيما يخوضون ولا يرضى بقلبه بعملهم، وإن كان لا يعدّ حضوره عندهم إعانة لهم على ظلمهم، تأييداً لهم في قولهم، لكن مشاهدة الخلاف ومعاينة المعصية تهوِّن أمر المعصية عند النفس. وتصغّر الخطيئة في عين المشاهد المعاين. وإذا هان أمرها أوشك أن يقع الإنسان فيها، فإنّ للنفس في كلّ معصية هوى. ومن الواجب على المتّقي بما عنده من التقوى والورع عن محارم الله أن يجتنب مخالطة أهل التهتّك والاجتراء على الله، كما يجب ذلك على المبتلين بذلك الخائضين في آيات الله؛ لئلّا تهون عليه الجرأة على الله وآياته فيقرّبه ذلك من المعصية فيشرف على الهلكة، ومن يحم حول الحمى أوشك أن يقع فيه"2 .
2 – عدم التوفيق للتوبة
إذاً بتسويف التوبة من وقت لوقت يحصل التمادي الّذي لا يعرف متى سيتوقّف قطاره, وقد لا يقف إلّا عند الموت، وهذا أسوأ شيىءٍ في هذه القضيّة، حيث يكون
58
الخسران المبين, ولو نطق بالتوبة حينها فليس من المعلوم أن تكون توبته توبة نصوحاً أو عن اعتقاد, كما حصل لفرعون حين تاب عند غرقه وعندما عاين الموت ولعلّ "عدم قبول توبة فرعون لأنّه تاب حين رأى البأس"3 .
إذاً أخطر ما في هذه التوبة بهذه النيّة عدم التوفيق للتوبة لاحقاً, نسأل الله تعالى أن يعيذنا جميعاً من سوء الخاتمة.
وهناك صنف من الناس حينما يتوب لا يضمر العودة, ولكنّه يخشى أن تتغلّب شهوته عليه مرّة أخرى فيعود للذنب. هذا النوع من الخوف أمر طبيعيّ فالإنسان معرّض دائماً لبلاء الشهوات، والدنيا مقبلة بزينتها دوماً وهي تعرض نفسها في كلّ يوم على المؤمن, وإنّ لحظة ضعف واحدة قد تؤدّي بالمؤمن إلى أن تزلّ قدمه ويغرق في وحلها.
نفاذ البصيرة درع حصينة
أحد أكبر أسباب وقوع الإنسان في المعصية وارتكابه للذنوب هو عدم نفاذ البصيرة، بالإضافة إلى ما تقدّم من عرض الدنيا وشهواتها لنفسها أمامه. ولكنّ ضعف البصيرة لدى الإنسان هو العامل الأكبر في ذلك، فما المراد من نفاذ البصيرة وضعفها؟
يقول الله تعالى: ﴿أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ﴾4 .
عمى القلوب عن الحقّ مثال عن عدم نفاذ البصيرة وضعفها الشديد، بحيث لا يرى فيها الإنسان من خلال التأمّل والتدبّر آيات الله الناطقة في آثاره, وهذا ما أشار له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فيما روي عنه: "ليس الأعمى من يعمى بصره، إنّما الأعمى من تعمى بصيرته"5 , وعن أمير المؤمنين عليه السلام: "ليست الرؤية مع الإبصار، فقد تكذب العيون أهلها، ولا يغشّ العقل من استنصحه"6 .
59
فبهذه البصيرة الّتي تحصل من خلال الإيمان بالله تعالى والعبادة له, والإخلاص له تتفتّح الآفاق أمام الإنسان، فيرى كثيراً من الحقائق الّتي لا يراها الكثيرون, يرى الدنيا على حقيقتها عجوزاً قد حفرت على وجهها آثار الزمن الغابر، لا تزداد مع الأيّام إلى قبحاً, ويرى طلّابها مغبونين في ما شروا به أنفسهم ﴿وَلَقَدْ عَلِمُواْ لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْاْ بِهِ أَنفُسَهُمْ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ * وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُواْ واتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِّنْ عِندِ الله خَيْرٌ لَّوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ﴾7 .
وجاء في الرواية عن الإمام عليّ عليه السلام: "أبصر الناس من أبصر عيوبه، وأقلع عن ذنوبه"8 .
فمن يخلصون لله تعالى يتّخذون القرار الصائب دوماً وكأنّهم يرون عواقب الأمور, وهذا ما كان جليّاً في حركات أهل البيت عليهم السلام, وفي علمائنا الأبرار لا سيما الإمام الخمينيّ المقدّس.
فما أهون أن يفقد الإنسان بصره في الحياة، ويعاني من جرّاء ذلك ويكتسب الحسنات في صبره على البلاء, أمام فقدان البصيرة الّذي يعمى فيه الإنسان عن رؤية درب الحقّ, فلا يهتدي لخير, سلام الله عليك يا أبا الحسن يا عليّ بن أبي طالب إذ تقول: "فقد البصر أهون من فقدان البصيرة"9 .
بصائر من ربّكم
لنقف مع أنفسنا لنتلو هذه الآية الكريمة من كتاب الله تعالى:﴿قَدْ جَاءكُم بَصَآئِرُ مِن رَّبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا وَمَا أَنَاْ عَلَيْكُم بِحَفِيظٍ﴾10 .
إنّ طريق رضى الله تعالى واضح بيّن لكلّ من أراد الوصول إليه جلّ وعلا, وقد أنعم علينا بكلّ ما ينوّر لنا طريق الحقّ, فوهبنا العقول﴿أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ
60
لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا﴾11 , وأرسل لنا الأنبياء عليهم السلام وخاتمهم النبيّ الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم, ثمّ الأئمّة الأطهار عليهم السلام, وجعل بين أيدينا كتاباً فيه الهداية لمن تمسّك به وتحذير ممّا نخاف منه على آخرتنا, وكلّهم ناطقون بما فيه خيرنا وصلاحنا, وآخذون بأيدينا إلى ما فيه سعادة الدارين, فأيّ نوع من الناس نكون حينما ندير ظهورنا بجفاء, ونصمّ أسماعنا عن سماع النداء, ونتّخذ من مقالات أهل الضلال مبّرراً لما نورد به أنفسنا ديار الشقاء, ونركض وراء لذّات فانية قذرة, تشوبها القذارة وتعقبها الندامة؟
هل هذا تصرّف من جعله الله تعالى خليفة له على الأرض وكرّمه على سائر الخلق؟!
وهذا هذا هو الرّد على الآية الكريمة الّتي تتحدّث عن البصائر الّتي تركها الله لنا؟!
نعم حينما يرى الواحد منّا الذنب أمامه, وهو يفكّر بكلّ ما وهبه الله تعالى من النعم وما يسّره له منّا سبل الهداية, فيتركها ويرتكب الذنب، سيكون إمّا مستخفّاً بما جاء من السماء, أو رادّاً على الله وكتابه, أو شاكّاً في وعيده وعقابه, أجارنا الله من كلّ سوء.
61
المفاهيم الأساس
الإقرار والاعتراف لا يكفيان بدون نيّة الثبات.
الحذر من انكسار الحاجز بين الإنسان والمعاصي.
الحذر من عدم التوفيق للتوبة.
البصيرة ونفاذها يبينان للإنسان المؤمن حقائق الأمور.
للمطالعة
توبة شاب فاسق
جاء في كتاب (كيفر كردار أوجزاء الأعمال) أن رابعة العدويّة قالت: كان هنالك شابّ في غاية الجمال، وقد استدرجه أصدقاء السوء إلى مهاوي الفحشاء والرذيلة، حتىّ صار في عداد الفسقة والأشقياء، وأصبح همّه مطاردة النساء وإغواء الفتيات، حتّّى بلغ أذاه جميع الناس.
ذهبت لزيارته يوماً فوجدته قد افترش سجادته وانشغل بالصلاة، وهو في غاية الخشوع والخضوع، ويكثر من البكاء، تعجّبت من وضعه وقلت في نفسي: ما لهذا الفاسق العاصي وهذه العبادة والخشوع والتقوى، وكيف صار عتبة بن علّام إلى هذا الحال؟!..
انتظرت حتّى انتهى من صلاته ثمّ قلت له: هذا أنت يا بن علّام؟!.. أنت الّذي كنت غارقاً في الشهوة والشراب والمعاصي، كيف أعرضت عن كلّ ذلك وتوجهت إلى الله؟ وكيف تبت ممّا كنت فيه من المعاصي؟..
قال: أنت تعلمين أنّني كنت في شبابي كثير المعاصي ومولعاً بالنساء، وكما تعلمين أنّ أكثر من ألف امرأة في البصرة كنَّ واقعات في شباك غرامي، وأنّني كنت مسرفاً في غروري ذاك وطيش الشباب.
وفي أحد الأيّام وقع بصري عندما خرجت من داري على امرأة لا يظهر منها إلّا عيناها، إذ كانت مستورة بثيابها.. فوسوس لي الشيطان وأغراني بها وصار قلبي وكأنّ ناراً اضطرمت فيه ؛ فسرت وراءها لأكلّمها فأعرضت عنّي، وكلّما دنوت منها تجاهلتني.
فاقتربت منها وقلت: ويحك ألا تعرفينني؟.. أنا عتبة الّذي يهواني أكثر نساء البصرة، فما لي أكلمك فتعرضين؟..
قالت: ماذا تريد منّي؟.. قلت: ضيّفيني.
قالت: ويحك يا رجل !.. كيف عشقتني وتدّعي محبّتي، وأنا ارتدي ثياباً تستر كلّ أعضاء بدني؟..
قلت: عشقت منك هاتين العينين الجميلتين.
قالت: صدقت لقد كنت غافلة عنهما حقاً، إذاً لا تكفّ عنّي وتعال أقضِ حاجتك.. ثمّ إنّها سارت فتبعتها إلى أن دخلت دارها فدخلت وراءها، ولكن لم أجد في دارها أثاثاً ولا متاعاً.. قلت: أليس لك في الدار متاع؟..
قالت: نقلنا متاعنا من هذا الدار.. قلت: إلى أين؟.. قالت: ألم تقرأ في القرآن قوله تعالى:
﴿تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ﴾12
لقد نقلنا كلّ ما لدينا إلى الدار الآخرة وهي دار الخلود، أمّا هذه الدنيا فزائلة.. فاخش ربّك أيّها الرجل وتب من عملك هذا، وإيّاك أن تبيع الجنّة الباقية بالدنيا الفانية، والحور بالنساء.
قلت: دعكِ من هذا الكلام واقضي حاجتي.
نصحتني المرأة كثيراً ولكن لم تجد عندي أذناً صاغية.. فقالت لي: هل عليّ أن أقضي حاجتك إذا لم تدع عنك هذا؟.. قلت: نعم.. رأيتها دخلت غرفة أخرى وتركتني لحالي، وشاهدت عجوزاً جالسة في تلك الغرفة.. نادت تلك البنت: أن ائتوني بماء لأتوضّأ، فجاؤوها بالماء وتوضأت ووقفت تصلّي حتّى منتصف الليل.. وبقيت أفكّر مع نفسي أين أنا؟.. ومن هؤلاء النسوة؟.. ولماذا أطالت عليَّ هكذا؟..
إلى أن سمعت صوتها فجأة تنادي: أحضروا لي قطناً وطبقاً.. فأخذت لها العجوز ما أرادت.. بعد دقائق سمعت العجوز صرخت وقالت: إنا لله وإنا إليه راجعون، ولا حول ولا قوّة إلّا بالله العليّ العظيم.. وثبت مذعوراً فوجدت أنّ الفتاة قد قلعت عينيها بالسكّين ووضعتهما على قطن في طبق، ولما جاءتني العجوز بالطبق وجدت العينين لا زالتا تتحرّكان في الشحمة على القطن.
قالت لي العجوز وهي في غاية الارتياع: هذا ما كنت تعشقه خذه لا بارك الله لك فيه، لقد حيّرّتنا حيّرك الله، ووضعت الطبق أمامي فذعرت وجفّ فمي، ولم أعد قادراً على الكلام، فما هذا الّذي فعلته هذه الفتاة؟..
قالت العجوز وهي باكية: كنّا عشر نساء اعتكفنا في هذه الدار لا نبرحها، وكانت هذه الفتاة هي الّتي تشتري لنا ما نحتاج إليه.. إلّا أنّك جلبت علينا الحيرة والألم.. أهذا هو مرادك؟.. خذ هاتين العينين اللتين عشقتهما. وما إن سمعت كلام العجوز حتّى أغمي عليَّ ولما استعدت الوعي بقيت تلك الليلة غارقاً في التفكير، وندمت على ما سلف من أعمالي، وقلت: الويل لي لقد كنت أعصي الله طوال عمري ولم أندم على شيء من ذلك، إلّا أنّ هذه الفتاة أدّبتني بعملها هذا.. فذهبت إلى داري ووقعت في فراش المرض أربعين يوماً.. فكان ذلك سبباً لندمي وتوبتي.
من كتاب (هكذا تاب التائبون)
هوامش
1- سورة الأنعام: الآية 68.
2- الطباطبائي، محمّد حسين، الميزان في تفسير القرآن، منشورات جماعة المدرسين في الحوزة العلمية، قم المقدسة، ج 7 ص 141.
3-النمازي، عليّ، مستدرك سفينة البحار، مؤسّسة النشر الإسلامي، ج 1 ص 495.
4- سورة الحجّ: الآية 46.
5- الريشهري، محمّد، ميزان الحكمة، دار الحديث, الطبعة الأولى، ج 1 ص 266.
6-ابن ابي الحديد، شرح نهج البلاغة، ج19 ص173.
7- سورة البقرة: الآيتان 102، 103.
8- الريشهري، محمّد، ميزان الحكمة، دار الحديث, الطبعة الأولى، ج 1 ص 266.
9- م.ن.
10- سورة الأنعام: الآية 104.
11- سورة الحج: الآية 46.
12- سورة القصص: الآية: 83.
وكان من دعائه عليه السلام:
اللَّهُمَّ إنِّي أَتُوبُ إلَيْـكَ فِي مَقَامِي هَذَا مِنْ كَبَائِرِ ذُنُوبِي وَصَغَائِرِهَا، وَبَوَاطِنِ سَيِّئآتِي وَظَوَاهِرِهَا، وَسَوالِفِ زَلاَّتِي وَحَوَادِثِهَا، تَوْبَةَ مَنْ لا يُحَدِّثُ نَفْسَهُ بِمَعْصِيَة، وَلاَ يُضْمِرُ أَنْ يَعُودَ فِي خَطِيئَة.
56
تمهيد:
كثيراً ما تتراجع الجيوش عن أراضٍ احتلّتها, وليس من الضرورة أن يكون الانسحاب جُبناً، إذ قد يكون انسحاباً تكتيكيّاً, ويكون ذلك تمهيداً لاحتلاله بطريقة أفضل تقلّ فيها الخسائر.
هذه الحالة تنطبق أيضاً على الإنسان الّذي يعود عن الذنوب بسبب عذاب الضمير، فيتراجع عنها ويتوب, وفي نيّته أن يعود لها.
ومن ثمّ يعود ليرتكب ذنباً قد يكون أعظم من سابقه ! فما هو التقييم لمثل هذا النوع من التوبة؟
الندم والثبات حليفان
تقدّم أنّ على التائب أن يقرّ ويعترف بذنبه أمام ربّه لينال بذلك غفران الذنب, إلّا أنّه لو كان يضمر في نفسه العود، فإنّ ذلك سيثير أسئلة الاستفهام عن معنى التوبة, فلماذا يتوب في المرّة الأولى ما دام ناوياً على إعادة الفعل المحرّم؟
بعض الناس يريد ذلك لكي يتخلّص من وخز الضمير, والتفكير في العذاب الآتي, فيقدم على التوبة لتخفّفه عنها, ومن ثمّ يقدم على ذات المعصية, ولكن هذا العمل يتضمّن العديد من السلبيات:
1- انكسار الحاجز عن الحرام
تنكسر الحواجز بين الإنسان والمحرّم, وذلك أنّ أوّل ما يقدم عليه الإنسان من الذنوب فيما يحذر الاقتراب منه، يلازم الحذر والخوف الشديدان من العواقب.
57
ثمّ بعد هذا يبدأ الإنسان بتحطيم الخوف من خلال اعتياده على المكروه, ويصل لمرحلة يتجاوز فيها الحدّ إلى الجرأة على الشبهات الّتي لا يعرف إن كانت تدخل في حيّز الحرام أو الحلال.
وبعد أن يعتاد على ذلك يصبح مهيّئاً نفسياً لاقتحام الحرام, ومثال هذا في حياتنا مشاركة المرء في مجالس أهل الفسق والباطل، الّذين أمرنا الله تعالى بعدم الجلوس إليهم والإعراض عنهم حيث يقول جلّ وعلا:﴿وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ﴾1 , وكأنّ الله تعالى يقول: "إنّ الّذي يكتسبه هؤلاء الخائضون من الإثم لا يُحمل إلّا على أنفسهم ولا يتعدّاهم إلى غيرهم، إلّا أن يماثلوهم ويشاركوهم في العمل أو يرضوا بعملهم فلا يحاسب على عمل إلّا عامله، ولكن نذكّرهم لعلّهم يتّقون، فإنّ الإنسان إذا حضر مجلسهم وإن كان لا يجاريهم فيما يخوضون ولا يرضى بقلبه بعملهم، وإن كان لا يعدّ حضوره عندهم إعانة لهم على ظلمهم، تأييداً لهم في قولهم، لكن مشاهدة الخلاف ومعاينة المعصية تهوِّن أمر المعصية عند النفس. وتصغّر الخطيئة في عين المشاهد المعاين. وإذا هان أمرها أوشك أن يقع الإنسان فيها، فإنّ للنفس في كلّ معصية هوى. ومن الواجب على المتّقي بما عنده من التقوى والورع عن محارم الله أن يجتنب مخالطة أهل التهتّك والاجتراء على الله، كما يجب ذلك على المبتلين بذلك الخائضين في آيات الله؛ لئلّا تهون عليه الجرأة على الله وآياته فيقرّبه ذلك من المعصية فيشرف على الهلكة، ومن يحم حول الحمى أوشك أن يقع فيه"2 .
2 – عدم التوفيق للتوبة
إذاً بتسويف التوبة من وقت لوقت يحصل التمادي الّذي لا يعرف متى سيتوقّف قطاره, وقد لا يقف إلّا عند الموت، وهذا أسوأ شيىءٍ في هذه القضيّة، حيث يكون
58
الخسران المبين, ولو نطق بالتوبة حينها فليس من المعلوم أن تكون توبته توبة نصوحاً أو عن اعتقاد, كما حصل لفرعون حين تاب عند غرقه وعندما عاين الموت ولعلّ "عدم قبول توبة فرعون لأنّه تاب حين رأى البأس"3 .
إذاً أخطر ما في هذه التوبة بهذه النيّة عدم التوفيق للتوبة لاحقاً, نسأل الله تعالى أن يعيذنا جميعاً من سوء الخاتمة.
وهناك صنف من الناس حينما يتوب لا يضمر العودة, ولكنّه يخشى أن تتغلّب شهوته عليه مرّة أخرى فيعود للذنب. هذا النوع من الخوف أمر طبيعيّ فالإنسان معرّض دائماً لبلاء الشهوات، والدنيا مقبلة بزينتها دوماً وهي تعرض نفسها في كلّ يوم على المؤمن, وإنّ لحظة ضعف واحدة قد تؤدّي بالمؤمن إلى أن تزلّ قدمه ويغرق في وحلها.
نفاذ البصيرة درع حصينة
أحد أكبر أسباب وقوع الإنسان في المعصية وارتكابه للذنوب هو عدم نفاذ البصيرة، بالإضافة إلى ما تقدّم من عرض الدنيا وشهواتها لنفسها أمامه. ولكنّ ضعف البصيرة لدى الإنسان هو العامل الأكبر في ذلك، فما المراد من نفاذ البصيرة وضعفها؟
يقول الله تعالى: ﴿أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ﴾4 .
عمى القلوب عن الحقّ مثال عن عدم نفاذ البصيرة وضعفها الشديد، بحيث لا يرى فيها الإنسان من خلال التأمّل والتدبّر آيات الله الناطقة في آثاره, وهذا ما أشار له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فيما روي عنه: "ليس الأعمى من يعمى بصره، إنّما الأعمى من تعمى بصيرته"5 , وعن أمير المؤمنين عليه السلام: "ليست الرؤية مع الإبصار، فقد تكذب العيون أهلها، ولا يغشّ العقل من استنصحه"6 .
59
فبهذه البصيرة الّتي تحصل من خلال الإيمان بالله تعالى والعبادة له, والإخلاص له تتفتّح الآفاق أمام الإنسان، فيرى كثيراً من الحقائق الّتي لا يراها الكثيرون, يرى الدنيا على حقيقتها عجوزاً قد حفرت على وجهها آثار الزمن الغابر، لا تزداد مع الأيّام إلى قبحاً, ويرى طلّابها مغبونين في ما شروا به أنفسهم ﴿وَلَقَدْ عَلِمُواْ لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْاْ بِهِ أَنفُسَهُمْ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ * وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُواْ واتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِّنْ عِندِ الله خَيْرٌ لَّوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ﴾7 .
وجاء في الرواية عن الإمام عليّ عليه السلام: "أبصر الناس من أبصر عيوبه، وأقلع عن ذنوبه"8 .
فمن يخلصون لله تعالى يتّخذون القرار الصائب دوماً وكأنّهم يرون عواقب الأمور, وهذا ما كان جليّاً في حركات أهل البيت عليهم السلام, وفي علمائنا الأبرار لا سيما الإمام الخمينيّ المقدّس.
فما أهون أن يفقد الإنسان بصره في الحياة، ويعاني من جرّاء ذلك ويكتسب الحسنات في صبره على البلاء, أمام فقدان البصيرة الّذي يعمى فيه الإنسان عن رؤية درب الحقّ, فلا يهتدي لخير, سلام الله عليك يا أبا الحسن يا عليّ بن أبي طالب إذ تقول: "فقد البصر أهون من فقدان البصيرة"9 .
بصائر من ربّكم
لنقف مع أنفسنا لنتلو هذه الآية الكريمة من كتاب الله تعالى:﴿قَدْ جَاءكُم بَصَآئِرُ مِن رَّبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا وَمَا أَنَاْ عَلَيْكُم بِحَفِيظٍ﴾10 .
إنّ طريق رضى الله تعالى واضح بيّن لكلّ من أراد الوصول إليه جلّ وعلا, وقد أنعم علينا بكلّ ما ينوّر لنا طريق الحقّ, فوهبنا العقول﴿أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ
60
لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا﴾11 , وأرسل لنا الأنبياء عليهم السلام وخاتمهم النبيّ الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم, ثمّ الأئمّة الأطهار عليهم السلام, وجعل بين أيدينا كتاباً فيه الهداية لمن تمسّك به وتحذير ممّا نخاف منه على آخرتنا, وكلّهم ناطقون بما فيه خيرنا وصلاحنا, وآخذون بأيدينا إلى ما فيه سعادة الدارين, فأيّ نوع من الناس نكون حينما ندير ظهورنا بجفاء, ونصمّ أسماعنا عن سماع النداء, ونتّخذ من مقالات أهل الضلال مبّرراً لما نورد به أنفسنا ديار الشقاء, ونركض وراء لذّات فانية قذرة, تشوبها القذارة وتعقبها الندامة؟
هل هذا تصرّف من جعله الله تعالى خليفة له على الأرض وكرّمه على سائر الخلق؟!
وهذا هذا هو الرّد على الآية الكريمة الّتي تتحدّث عن البصائر الّتي تركها الله لنا؟!
نعم حينما يرى الواحد منّا الذنب أمامه, وهو يفكّر بكلّ ما وهبه الله تعالى من النعم وما يسّره له منّا سبل الهداية, فيتركها ويرتكب الذنب، سيكون إمّا مستخفّاً بما جاء من السماء, أو رادّاً على الله وكتابه, أو شاكّاً في وعيده وعقابه, أجارنا الله من كلّ سوء.
61
المفاهيم الأساس
الإقرار والاعتراف لا يكفيان بدون نيّة الثبات.
الحذر من انكسار الحاجز بين الإنسان والمعاصي.
الحذر من عدم التوفيق للتوبة.
البصيرة ونفاذها يبينان للإنسان المؤمن حقائق الأمور.
للمطالعة
توبة شاب فاسق
جاء في كتاب (كيفر كردار أوجزاء الأعمال) أن رابعة العدويّة قالت: كان هنالك شابّ في غاية الجمال، وقد استدرجه أصدقاء السوء إلى مهاوي الفحشاء والرذيلة، حتىّ صار في عداد الفسقة والأشقياء، وأصبح همّه مطاردة النساء وإغواء الفتيات، حتّّى بلغ أذاه جميع الناس.
ذهبت لزيارته يوماً فوجدته قد افترش سجادته وانشغل بالصلاة، وهو في غاية الخشوع والخضوع، ويكثر من البكاء، تعجّبت من وضعه وقلت في نفسي: ما لهذا الفاسق العاصي وهذه العبادة والخشوع والتقوى، وكيف صار عتبة بن علّام إلى هذا الحال؟!..
انتظرت حتّى انتهى من صلاته ثمّ قلت له: هذا أنت يا بن علّام؟!.. أنت الّذي كنت غارقاً في الشهوة والشراب والمعاصي، كيف أعرضت عن كلّ ذلك وتوجهت إلى الله؟ وكيف تبت ممّا كنت فيه من المعاصي؟..
قال: أنت تعلمين أنّني كنت في شبابي كثير المعاصي ومولعاً بالنساء، وكما تعلمين أنّ أكثر من ألف امرأة في البصرة كنَّ واقعات في شباك غرامي، وأنّني كنت مسرفاً في غروري ذاك وطيش الشباب.
وفي أحد الأيّام وقع بصري عندما خرجت من داري على امرأة لا يظهر منها إلّا عيناها، إذ كانت مستورة بثيابها.. فوسوس لي الشيطان وأغراني بها وصار قلبي وكأنّ ناراً اضطرمت فيه ؛ فسرت وراءها لأكلّمها فأعرضت عنّي، وكلّما دنوت منها تجاهلتني.
فاقتربت منها وقلت: ويحك ألا تعرفينني؟.. أنا عتبة الّذي يهواني أكثر نساء البصرة، فما لي أكلمك فتعرضين؟..
قالت: ماذا تريد منّي؟.. قلت: ضيّفيني.
قالت: ويحك يا رجل !.. كيف عشقتني وتدّعي محبّتي، وأنا ارتدي ثياباً تستر كلّ أعضاء بدني؟..
قلت: عشقت منك هاتين العينين الجميلتين.
قالت: صدقت لقد كنت غافلة عنهما حقاً، إذاً لا تكفّ عنّي وتعال أقضِ حاجتك.. ثمّ إنّها سارت فتبعتها إلى أن دخلت دارها فدخلت وراءها، ولكن لم أجد في دارها أثاثاً ولا متاعاً.. قلت: أليس لك في الدار متاع؟..
قالت: نقلنا متاعنا من هذا الدار.. قلت: إلى أين؟.. قالت: ألم تقرأ في القرآن قوله تعالى:
﴿تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ﴾12
لقد نقلنا كلّ ما لدينا إلى الدار الآخرة وهي دار الخلود، أمّا هذه الدنيا فزائلة.. فاخش ربّك أيّها الرجل وتب من عملك هذا، وإيّاك أن تبيع الجنّة الباقية بالدنيا الفانية، والحور بالنساء.
قلت: دعكِ من هذا الكلام واقضي حاجتي.
نصحتني المرأة كثيراً ولكن لم تجد عندي أذناً صاغية.. فقالت لي: هل عليّ أن أقضي حاجتك إذا لم تدع عنك هذا؟.. قلت: نعم.. رأيتها دخلت غرفة أخرى وتركتني لحالي، وشاهدت عجوزاً جالسة في تلك الغرفة.. نادت تلك البنت: أن ائتوني بماء لأتوضّأ، فجاؤوها بالماء وتوضأت ووقفت تصلّي حتّى منتصف الليل.. وبقيت أفكّر مع نفسي أين أنا؟.. ومن هؤلاء النسوة؟.. ولماذا أطالت عليَّ هكذا؟..
إلى أن سمعت صوتها فجأة تنادي: أحضروا لي قطناً وطبقاً.. فأخذت لها العجوز ما أرادت.. بعد دقائق سمعت العجوز صرخت وقالت: إنا لله وإنا إليه راجعون، ولا حول ولا قوّة إلّا بالله العليّ العظيم.. وثبت مذعوراً فوجدت أنّ الفتاة قد قلعت عينيها بالسكّين ووضعتهما على قطن في طبق، ولما جاءتني العجوز بالطبق وجدت العينين لا زالتا تتحرّكان في الشحمة على القطن.
قالت لي العجوز وهي في غاية الارتياع: هذا ما كنت تعشقه خذه لا بارك الله لك فيه، لقد حيّرّتنا حيّرك الله، ووضعت الطبق أمامي فذعرت وجفّ فمي، ولم أعد قادراً على الكلام، فما هذا الّذي فعلته هذه الفتاة؟..
قالت العجوز وهي باكية: كنّا عشر نساء اعتكفنا في هذه الدار لا نبرحها، وكانت هذه الفتاة هي الّتي تشتري لنا ما نحتاج إليه.. إلّا أنّك جلبت علينا الحيرة والألم.. أهذا هو مرادك؟.. خذ هاتين العينين اللتين عشقتهما. وما إن سمعت كلام العجوز حتّى أغمي عليَّ ولما استعدت الوعي بقيت تلك الليلة غارقاً في التفكير، وندمت على ما سلف من أعمالي، وقلت: الويل لي لقد كنت أعصي الله طوال عمري ولم أندم على شيء من ذلك، إلّا أنّ هذه الفتاة أدّبتني بعملها هذا.. فذهبت إلى داري ووقعت في فراش المرض أربعين يوماً.. فكان ذلك سبباً لندمي وتوبتي.
من كتاب (هكذا تاب التائبون)
هوامش
1- سورة الأنعام: الآية 68.
2- الطباطبائي، محمّد حسين، الميزان في تفسير القرآن، منشورات جماعة المدرسين في الحوزة العلمية، قم المقدسة، ج 7 ص 141.
3-النمازي، عليّ، مستدرك سفينة البحار، مؤسّسة النشر الإسلامي، ج 1 ص 495.
4- سورة الحجّ: الآية 46.
5- الريشهري، محمّد، ميزان الحكمة، دار الحديث, الطبعة الأولى، ج 1 ص 266.
6-ابن ابي الحديد، شرح نهج البلاغة، ج19 ص173.
7- سورة البقرة: الآيتان 102، 103.
8- الريشهري، محمّد، ميزان الحكمة، دار الحديث, الطبعة الأولى، ج 1 ص 266.
9- م.ن.
10- سورة الأنعام: الآية 104.
11- سورة الحج: الآية 46.
12- سورة القصص: الآية: 83.