كتبت الفتاة العراقية امل حسين يوميات الحرب الاخيرة لتعكس بذلك عواطف واحدة من ملايين الاسر التي عاشت الايام العصيبة التي مرت بها العاصمة بغداد قبل انهيار نظام الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين.
تفتح يوميات الحرب التي دونتها امل نافذة على كيفية تعامل العراقيين مع الثوران غير العادي الذي هز العراق بعد ان اصبح هدفا للقوة العسكرية للولايات المتحدة التي باتت القوة العظمي الوحيدة في عالم اليوم، ثم كشهود على انهيار نظام صدام حسين.
تشير يوميات الحرب التي دونتها امل على ضوء مصباح في غالب الاحيان مستخدمة ارضية الشقة كطاولة، الى كيفية حدوث تحول في تفكير العراقيين خلال فترة شهر، كما تحتوي يوميات امل على مناشدة الى سلطة اعلى طلبا للحماية.
ومع سقوط القنابل اصبحت «صواريخ بوش» عدوا وباتت القوات الاميركية قوة يخشى منها لم يفكر أي من اعضاء هذه الاسرة في ان التوأمتين ضحى وهبة، 11 سنة، ستتبادلان مذكرات ودية مع افراد القوات الاميركية. وقد بدأ الخجل واضحا على وجهي ضحى وهبة وهما تعرضان قصاصتي ورق كتب على احداهما «جندي» وعلى الاخرى «ترافيس» وكتبت هبة الى جانب الاسم كلمة «احبك» بخط عنكبوتي.
* الاثنين 17 مارس (اذار)
* بسم الله الرحمن الرحيم
* اسمي امل واعيش وسط اسرة سعيدة مكونة من ثلاثة اشقاء، هم علي ومحمد ومحمود (يدرس بالصف الثالث)، وست شقيقات هن فاطمة، 16 سنة، وزينب (تدرس بالصف التاسع)، والتوأمان ضحى وهبة (تدرسان بالصف الخامس). اشعر بالفخر تجاه امي لأنها انسانة عظيمة، انها تعمل باستمرار وتجلب لنا الطعام منذ توفي والدنا عام 1996 في حادث سير.
لا نريد حربا على العراق بلد الحضارة والانبياء. الحرب عذاب. امي تبكي بسبب الخوف علينا. الحرب تأخذ منا احبابنا.
ملأنا الدلاء بالماء تحسبا لانقطاع المياه او الكهرباء. ضحى وهبة تدعوان الله ان يجنب العراق الحرب. صنعت امي خبزا حوالي الساعة الثامنة والنصف لأن المخابز تقفل ابوابها خلال الحرب.
* الثلاثاء 18 مارس
* توجهت الساعة السابعة صباحا الى المدرسة مع زينب ولم نجد سوى عشر تلميذات فقط. الاسر تشعر بالخوف ولا يدري احد الى اين سيذهبون خلال الحرب.
هبة وضحى توجهتا الى المدرسة. كان الوقت ظهرا، ولكن هبة وضحى عادتا الى البيت الساعة الثانية عشرة والنصف بعد الظهر لأن لا احد في المدرسة. نحن الاطفال لم نرتكب ذنبا كي نموت بسبب الحرب. الناس يقولون ان الحرب ستبدأ الساعة الواحدة بعد منتصف الليل.
* الأربعاء 19 مارس
* استيقظنا الساعة السابعة صباحا ونظفنا الشقة وتناولنا الافطار ثم جلسنا نتحدث حول الحرب. ضحى وهبة قرأتا سورا من القرآن وتوجهتا الى الله بالدعاء من اجل السلام. نحن نحب السلام ونرفض الحرب.
بكاء الناس وعويلهم ليس سببه الحرب فقط وانما الجوع ايضا. سعر البيضة 200 دينار (ثمانية سنتات) والخبز اصبح عالي السعر وايضا كل الاشياء الاخرى.
بدأ بوش القصف الساعة الرابعة صباحا وصاحت امي: «فاطمة... فاطمة... استيقظي فقد بدأت الحرب».
* الخميس 20 مارس
* استيقط محمود من النوم وكان خائفا. ضحى وهبة كانتا تريدان ان يصبح الصباح. لماذا تقصفنا بالقنابل يا بوش؟ أليس في قلبك رحمة تجاه الاطفال؟
الآن اصبحت الساعة السادسة صباحا وجاءت الى البيت كل من ام سيف وام نور وهما في حالة من الخوف الشديد وكانتا تبكيان ايضا. كانت الاوضاع هادئة حوالي الساعة الثانية عشرة والنصف بعد الظهر وذهبنا الى السوق ولكن لم نجد سوى بضع بقالات فقط لا تزال تفتح ابوابها. عدنا الى المنزل وقطعنا الجبن الى شرائح وشربنا شايا وبدأنا نتحدث حول الحرب. سألت امي: «هل يعتزم بوش قصفنا اليوم؟ وجاء رد هبة وضحى: «ان شاء الله لن يحدث ذلك».
كان التيار الكهربائي مقطوعا، لذا توجهنا الى صديقة والدتي السيدة ام جلال. في طريقنا الى المنزل دوت صافرات الانذار وشعرنا بخوف شديد وجرينا بأقصى سرعة كي نصل الى بيتنا بسرعة وكنا ندعو الله ان يحفظنا. كان القصف مكثفا الساعة التاسعة والربع ليلا بل بدا صوته قريباً من بيتنا.
اجلس الآن في الممر أمام شقتنا مع شقيقاتي ووالدتي. صوت القصف بات اكثر قوة ثم هدأ مرة اخرى ولا نعرف متى ستهب عاصفة بوش مرة اخرى. تعتقد فاطمة اننا نحيا ونموت في نفس الوقت، ولكن الى متى نظل في هذا الحال؟
* الجمعة 21 مارس
* يبدو ان الجولة على بغداد هذه المرة. سمعت صافرات الانذار مرة اخرى الساعة الثامنة والنصف مساء. صديقنا عمر كان يتحدث عن الحرب عندما مر صاروخ فوق المبنى. عند التاسعة تقريبا كان صوت القصف عاليا وكنا نبكي من صوت القصف والهزة التي يحدثها على المباني، لذا توجهنا الى مقدمة المنزل. اسرة سيف كانت تبكي في الشارع، دخلنا المنزل ووجدنا صديقة الاسرة ام حيدر مغشيا عليها.
اكتب الآن والمنزل المجاور لبنايتنا يهتز. الساعة الآن التاسعة وخمس وثلاثون دقيقة مساء والاسر كلها تبكي وتسأل الله ان يأتي الصباح سريعا.
ذهبنا الى سطح المبنى وشاهدنا الدخان يتصاعد من القصور ومن مواقع ليست بعيدة عن بنايتنا. تواصل القصف في تمام الساعة العاشرة والنصف مساء لم ار شيئا مثل هذا في حياتي. اشعر بخوف شديد والدموع تجري من عيني.
* السبت 22 مارس
* الساعة الآن الثالثة وست عشرة دقيقة. تواصل القصف خلال اليوم ايضا. سمعت صوتا مدويا الساعة الثانية والربع فجرا، واستيقظت امي في ذلك الوقت وهي مرعوبة. سمعنا حوالي الساعة الرابعة فجرا اصوات انفجارات، يا إلهي لماذا يجب ان نتعرض لهذا العذاب وهذه المعاناة؟
* الأحد 23 مارس
* توجهنا الى فندق الفنار حيث يتجمع ناشطو السلام الغربيون. الطريف في الامر انهم كانوا يريدون الاحتفال بعيد ميلادي. كنا نجلس مع الصحافي جمال الذي كان يتحدث حول السلام عندما دوت اصوات انفجارات الساعة 5.30 مساء. رأينا طائرة، قصفت ثلاث مرات قصفا عاليا وكثيفا. رأينا على شاشة التلفزيون جنودا أميركيين قتلوا كما رأينا أسرى من تكساس. ما ذنب هؤلاء الجنود القتلى؟ ما ذنب أسرهم، وأمهاتهم الثاكلات؟ لماذا هذه الحرب؟
انطلقت الصافرات الساعة 7.08 ضربتنا الطائرات الأميركية. لدينا أمل وأمل كبير في السلام. أنا أحب الأمل لأنه أجمل شيء في الدنيا وأتمنى أن يظل الأمل حيا في نفوس كل الأسر العراقية والأميركية. أرجو من الله أن يحقق السلام.
* الثلاثاء 25 مارس (آذار)
* الساعة 5.30 مساء. سمعنا صوت الصواريخ المهاجمة. كانت الرياح محملة بالغبار، وكانت رياحا هوجاء، كما كانت المياه بلون الدم. إنها شبيهة بغضب السماء، فالحرب لا يرضاها الله. فقد خلق الله الإنسان ليكون خيرا، وأن يكون مسالما ومحبا، ولم يخلقه ليشعل الحروب ويقتل البشر. في الساعة 7.50 كانت الرياح قوية جدا وكان باب شقتنا يصطفق. وانطلقت أصوات الصافرات من جديد.
* الأربعاء 26 مارس
* الساعة 1.35 بعد الظهر. صار لون السماء أحمر قانيا، كلون الدماء البريئة. من المحزن كثيرا للعراقيين وللأميركيين أن يموتوا لغير قضية، بينما السماء تمطر غضبها على الشوارع. السماء كانت غاضبة.
* الخميس 27 مارس
* الساعة الآن 5.56 مساء. كان الأطفال يلعبون بالممر لا يعرفون متى سيوجه بوش ضرباته إلى بغداد. كانوا يضحكون.
ساد صمت قصير، ثم صوت انفجار عال مفزع. ظللنا يقظين حتى الصباح.
* السبت والأحد 29 و30 مارس
* شرع الأميركيون في القصف الساعة 1.20 بعد الظهر خف الأطفال جريا إلى داخل المنازل والذعر ملء عيونهم. قالت أمي: «لا تخافوا». تجمعنا كلنا في غرفة واحدة. كانت هبة وضحى ومحمود يصلون. أيتها الحرب، الحرب، الحرب، ألا ترين الأطفال؟ لماذا؟ لماذا؟ لماذا هذا القتل؟
* الاثنين 31 مارس
* لا يتوقفون عن القصف كل الليل وحتى الصباح. أسمع الآن الاصوات وسيارات الإسعاف. قضينا الليلة مع عائلة أبو سيف. كيف يشعر بوش ورئيس الوزراء بلير؟ ألا يفكرا في الحب الذي تنبض به القلوب؟
* الثلاثاء الأول من أبريل (نيسان)
* الساعة 5.15 مساء. انقطع الإمداد الكهربائي. الممرات صارت مظلمة. أترجاك يا إلهي أن تنير طريقنا، أن تعيد إلينا الضياء. الكهرباء عادت من جديد. نرى في التلفزيون أطفالا جرحى من الجنوب. نرى صورا حزينة لرضيع قتل. نرى صورا تلين لها الصخور.. أين العدل؟
* الخميس 3 أبريل
* رأيت الجنود الأميركيين يدخلون المنازل. رأيتهم يوثقون الأطفال والنساء بالبصرة. أنا أكتب والدموع تفيض من عيني.
* الجمعة ـ الأحد، 4 ـ 6 أبريل
* لم تعد الكهرباء. قطعت المياه كذلك. هل نموت عطشا؟ احتلوا المطار... ويقول بعضهم ان الأميركيين سيأتون إلى بغداد وان قواتنا لن تستطع مقاومتهم... احمنا يا إلهي، فنحن خائفون.
علينا كل يوم أن نملأ حاويات المياه بالطابق الأرضي. نسمع قصفا عاليا وأزيز رصاص قريب من منزلنا. لا يمكن لأحد أن يصعد إلى السطوح الآن.
* * الاثنين 7 أبريل تمر الطائرات فوق رؤوسنا وتقصف قصفا شديدا. الساعة 3.23 عصرا.. نسمع أصوات اشتباك بين القوات الأميركية والعراقية. وفي نشرة الرابعة سمعنا أن الأميركيين احتلوا القصر الرئاسي.
* الثلاثاء 8 أبريل
* الطائرات آتية ذاهبة. الخوف والرعب يسيطران علينا كليا. تبدو هذه وكأنها لحظاتنا الأخيرة. ولكن الله يستجيب لدعائنا. وفي كل لحظة يسود فيها الهدوء، تزداد مخاوفنا لأننا لا نعرف المصير.
تفتح يوميات الحرب التي دونتها امل نافذة على كيفية تعامل العراقيين مع الثوران غير العادي الذي هز العراق بعد ان اصبح هدفا للقوة العسكرية للولايات المتحدة التي باتت القوة العظمي الوحيدة في عالم اليوم، ثم كشهود على انهيار نظام صدام حسين.
تشير يوميات الحرب التي دونتها امل على ضوء مصباح في غالب الاحيان مستخدمة ارضية الشقة كطاولة، الى كيفية حدوث تحول في تفكير العراقيين خلال فترة شهر، كما تحتوي يوميات امل على مناشدة الى سلطة اعلى طلبا للحماية.
ومع سقوط القنابل اصبحت «صواريخ بوش» عدوا وباتت القوات الاميركية قوة يخشى منها لم يفكر أي من اعضاء هذه الاسرة في ان التوأمتين ضحى وهبة، 11 سنة، ستتبادلان مذكرات ودية مع افراد القوات الاميركية. وقد بدأ الخجل واضحا على وجهي ضحى وهبة وهما تعرضان قصاصتي ورق كتب على احداهما «جندي» وعلى الاخرى «ترافيس» وكتبت هبة الى جانب الاسم كلمة «احبك» بخط عنكبوتي.
* الاثنين 17 مارس (اذار)
* بسم الله الرحمن الرحيم
* اسمي امل واعيش وسط اسرة سعيدة مكونة من ثلاثة اشقاء، هم علي ومحمد ومحمود (يدرس بالصف الثالث)، وست شقيقات هن فاطمة، 16 سنة، وزينب (تدرس بالصف التاسع)، والتوأمان ضحى وهبة (تدرسان بالصف الخامس). اشعر بالفخر تجاه امي لأنها انسانة عظيمة، انها تعمل باستمرار وتجلب لنا الطعام منذ توفي والدنا عام 1996 في حادث سير.
لا نريد حربا على العراق بلد الحضارة والانبياء. الحرب عذاب. امي تبكي بسبب الخوف علينا. الحرب تأخذ منا احبابنا.
ملأنا الدلاء بالماء تحسبا لانقطاع المياه او الكهرباء. ضحى وهبة تدعوان الله ان يجنب العراق الحرب. صنعت امي خبزا حوالي الساعة الثامنة والنصف لأن المخابز تقفل ابوابها خلال الحرب.
* الثلاثاء 18 مارس
* توجهت الساعة السابعة صباحا الى المدرسة مع زينب ولم نجد سوى عشر تلميذات فقط. الاسر تشعر بالخوف ولا يدري احد الى اين سيذهبون خلال الحرب.
هبة وضحى توجهتا الى المدرسة. كان الوقت ظهرا، ولكن هبة وضحى عادتا الى البيت الساعة الثانية عشرة والنصف بعد الظهر لأن لا احد في المدرسة. نحن الاطفال لم نرتكب ذنبا كي نموت بسبب الحرب. الناس يقولون ان الحرب ستبدأ الساعة الواحدة بعد منتصف الليل.
* الأربعاء 19 مارس
* استيقظنا الساعة السابعة صباحا ونظفنا الشقة وتناولنا الافطار ثم جلسنا نتحدث حول الحرب. ضحى وهبة قرأتا سورا من القرآن وتوجهتا الى الله بالدعاء من اجل السلام. نحن نحب السلام ونرفض الحرب.
بكاء الناس وعويلهم ليس سببه الحرب فقط وانما الجوع ايضا. سعر البيضة 200 دينار (ثمانية سنتات) والخبز اصبح عالي السعر وايضا كل الاشياء الاخرى.
بدأ بوش القصف الساعة الرابعة صباحا وصاحت امي: «فاطمة... فاطمة... استيقظي فقد بدأت الحرب».
* الخميس 20 مارس
* استيقط محمود من النوم وكان خائفا. ضحى وهبة كانتا تريدان ان يصبح الصباح. لماذا تقصفنا بالقنابل يا بوش؟ أليس في قلبك رحمة تجاه الاطفال؟
الآن اصبحت الساعة السادسة صباحا وجاءت الى البيت كل من ام سيف وام نور وهما في حالة من الخوف الشديد وكانتا تبكيان ايضا. كانت الاوضاع هادئة حوالي الساعة الثانية عشرة والنصف بعد الظهر وذهبنا الى السوق ولكن لم نجد سوى بضع بقالات فقط لا تزال تفتح ابوابها. عدنا الى المنزل وقطعنا الجبن الى شرائح وشربنا شايا وبدأنا نتحدث حول الحرب. سألت امي: «هل يعتزم بوش قصفنا اليوم؟ وجاء رد هبة وضحى: «ان شاء الله لن يحدث ذلك».
كان التيار الكهربائي مقطوعا، لذا توجهنا الى صديقة والدتي السيدة ام جلال. في طريقنا الى المنزل دوت صافرات الانذار وشعرنا بخوف شديد وجرينا بأقصى سرعة كي نصل الى بيتنا بسرعة وكنا ندعو الله ان يحفظنا. كان القصف مكثفا الساعة التاسعة والربع ليلا بل بدا صوته قريباً من بيتنا.
اجلس الآن في الممر أمام شقتنا مع شقيقاتي ووالدتي. صوت القصف بات اكثر قوة ثم هدأ مرة اخرى ولا نعرف متى ستهب عاصفة بوش مرة اخرى. تعتقد فاطمة اننا نحيا ونموت في نفس الوقت، ولكن الى متى نظل في هذا الحال؟
* الجمعة 21 مارس
* يبدو ان الجولة على بغداد هذه المرة. سمعت صافرات الانذار مرة اخرى الساعة الثامنة والنصف مساء. صديقنا عمر كان يتحدث عن الحرب عندما مر صاروخ فوق المبنى. عند التاسعة تقريبا كان صوت القصف عاليا وكنا نبكي من صوت القصف والهزة التي يحدثها على المباني، لذا توجهنا الى مقدمة المنزل. اسرة سيف كانت تبكي في الشارع، دخلنا المنزل ووجدنا صديقة الاسرة ام حيدر مغشيا عليها.
اكتب الآن والمنزل المجاور لبنايتنا يهتز. الساعة الآن التاسعة وخمس وثلاثون دقيقة مساء والاسر كلها تبكي وتسأل الله ان يأتي الصباح سريعا.
ذهبنا الى سطح المبنى وشاهدنا الدخان يتصاعد من القصور ومن مواقع ليست بعيدة عن بنايتنا. تواصل القصف في تمام الساعة العاشرة والنصف مساء لم ار شيئا مثل هذا في حياتي. اشعر بخوف شديد والدموع تجري من عيني.
* السبت 22 مارس
* الساعة الآن الثالثة وست عشرة دقيقة. تواصل القصف خلال اليوم ايضا. سمعت صوتا مدويا الساعة الثانية والربع فجرا، واستيقظت امي في ذلك الوقت وهي مرعوبة. سمعنا حوالي الساعة الرابعة فجرا اصوات انفجارات، يا إلهي لماذا يجب ان نتعرض لهذا العذاب وهذه المعاناة؟
* الأحد 23 مارس
* توجهنا الى فندق الفنار حيث يتجمع ناشطو السلام الغربيون. الطريف في الامر انهم كانوا يريدون الاحتفال بعيد ميلادي. كنا نجلس مع الصحافي جمال الذي كان يتحدث حول السلام عندما دوت اصوات انفجارات الساعة 5.30 مساء. رأينا طائرة، قصفت ثلاث مرات قصفا عاليا وكثيفا. رأينا على شاشة التلفزيون جنودا أميركيين قتلوا كما رأينا أسرى من تكساس. ما ذنب هؤلاء الجنود القتلى؟ ما ذنب أسرهم، وأمهاتهم الثاكلات؟ لماذا هذه الحرب؟
انطلقت الصافرات الساعة 7.08 ضربتنا الطائرات الأميركية. لدينا أمل وأمل كبير في السلام. أنا أحب الأمل لأنه أجمل شيء في الدنيا وأتمنى أن يظل الأمل حيا في نفوس كل الأسر العراقية والأميركية. أرجو من الله أن يحقق السلام.
* الثلاثاء 25 مارس (آذار)
* الساعة 5.30 مساء. سمعنا صوت الصواريخ المهاجمة. كانت الرياح محملة بالغبار، وكانت رياحا هوجاء، كما كانت المياه بلون الدم. إنها شبيهة بغضب السماء، فالحرب لا يرضاها الله. فقد خلق الله الإنسان ليكون خيرا، وأن يكون مسالما ومحبا، ولم يخلقه ليشعل الحروب ويقتل البشر. في الساعة 7.50 كانت الرياح قوية جدا وكان باب شقتنا يصطفق. وانطلقت أصوات الصافرات من جديد.
* الأربعاء 26 مارس
* الساعة 1.35 بعد الظهر. صار لون السماء أحمر قانيا، كلون الدماء البريئة. من المحزن كثيرا للعراقيين وللأميركيين أن يموتوا لغير قضية، بينما السماء تمطر غضبها على الشوارع. السماء كانت غاضبة.
* الخميس 27 مارس
* الساعة الآن 5.56 مساء. كان الأطفال يلعبون بالممر لا يعرفون متى سيوجه بوش ضرباته إلى بغداد. كانوا يضحكون.
ساد صمت قصير، ثم صوت انفجار عال مفزع. ظللنا يقظين حتى الصباح.
* السبت والأحد 29 و30 مارس
* شرع الأميركيون في القصف الساعة 1.20 بعد الظهر خف الأطفال جريا إلى داخل المنازل والذعر ملء عيونهم. قالت أمي: «لا تخافوا». تجمعنا كلنا في غرفة واحدة. كانت هبة وضحى ومحمود يصلون. أيتها الحرب، الحرب، الحرب، ألا ترين الأطفال؟ لماذا؟ لماذا؟ لماذا هذا القتل؟
* الاثنين 31 مارس
* لا يتوقفون عن القصف كل الليل وحتى الصباح. أسمع الآن الاصوات وسيارات الإسعاف. قضينا الليلة مع عائلة أبو سيف. كيف يشعر بوش ورئيس الوزراء بلير؟ ألا يفكرا في الحب الذي تنبض به القلوب؟
* الثلاثاء الأول من أبريل (نيسان)
* الساعة 5.15 مساء. انقطع الإمداد الكهربائي. الممرات صارت مظلمة. أترجاك يا إلهي أن تنير طريقنا، أن تعيد إلينا الضياء. الكهرباء عادت من جديد. نرى في التلفزيون أطفالا جرحى من الجنوب. نرى صورا حزينة لرضيع قتل. نرى صورا تلين لها الصخور.. أين العدل؟
* الخميس 3 أبريل
* رأيت الجنود الأميركيين يدخلون المنازل. رأيتهم يوثقون الأطفال والنساء بالبصرة. أنا أكتب والدموع تفيض من عيني.
* الجمعة ـ الأحد، 4 ـ 6 أبريل
* لم تعد الكهرباء. قطعت المياه كذلك. هل نموت عطشا؟ احتلوا المطار... ويقول بعضهم ان الأميركيين سيأتون إلى بغداد وان قواتنا لن تستطع مقاومتهم... احمنا يا إلهي، فنحن خائفون.
علينا كل يوم أن نملأ حاويات المياه بالطابق الأرضي. نسمع قصفا عاليا وأزيز رصاص قريب من منزلنا. لا يمكن لأحد أن يصعد إلى السطوح الآن.
* * الاثنين 7 أبريل تمر الطائرات فوق رؤوسنا وتقصف قصفا شديدا. الساعة 3.23 عصرا.. نسمع أصوات اشتباك بين القوات الأميركية والعراقية. وفي نشرة الرابعة سمعنا أن الأميركيين احتلوا القصر الرئاسي.
* الثلاثاء 8 أبريل
* الطائرات آتية ذاهبة. الخوف والرعب يسيطران علينا كليا. تبدو هذه وكأنها لحظاتنا الأخيرة. ولكن الله يستجيب لدعائنا. وفي كل لحظة يسود فيها الهدوء، تزداد مخاوفنا لأننا لا نعرف المصير.
تعليق