كتاب تاريخ الأمام علي(ع)
باب زهده وتقواه وورعه (ع)
من أعلامه (ع) قوله : واعلم أنّ إمامكم قد اكتفى من دنياه بطمريه ( أي الثوب الخلِق ) ، يسد فورة جوعه بقرصيه ، لا يطعم الفلذة ( أي القطعة من الكبد ) في حوله إلا في سنة أُضحيته ، ولن تقدروا على ذلك ، فأعينوني بورع واجتهاد ، وكأني بقائلكم يقول : إذا كان قوت ابن أبي طالب هذا قعد به الضعف عن مبارزة الأقران ومنازعة الشجعان ! ..
والله ما قلعت باب خيبر بقوة جسدانية ، ولا بحركة غذائية ، ولكني أُيّدت بقوة ملكية ، ونفس بنور بارئها مضيئة . ص318
وفي نهج البلاغة
ومن كتاب له(عليه السلام)
إلى عثمان بن حنيف الانصاري
وهو عامله على البصرة، وقد بلغه أنه دعي إلى وليمة قوم من أهلها، فمضى إليهم
أَمَّا بَعْدُ، يَابْنَ حُنَيْف، فَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ رَجُلاً مِنْ فِتْيَةِ أَهْلِ الْبَصْرَةِ دَعَاكَ إلى مَأْدُبَة(1)، فَأَسْرَعْتَ إِلَيْهَا، تُسْتَطَابُ لَكَ الاوَانُ وَتُنْقَلُ إِلَيْكَ الْجِفَانُ و ظَنَنْتُ أَنَّكَ تُجِيبُ إِلى طَعَامِ قَوْم، عَائِلُهُمْ(5) مَجْفُوٌّ(6)،
وَغَنِيُّهُمْ مَدْعُوٌّ.
فَانْظُرْ إِلَى مَا تَقْضَمُهُ(1) مِنْ هذَ الْمَقْضَمِ، فَمَا اشْتَبَهَ عَلَيْكَ عِلْمُهُ فَالْفِظْهُ(2)، وَمَا أَيْقَنْتَ بِطِيبِ وُجُوهِهِ فَنَلْ مِنْهُ.
أَلا وَإِنَّ لِكُلِّ مَأمُوم إِمَاماً، يَقْتَدِي بِهِ، وَيَسْتَضِيءُ بِنُورِ عِلْمِهِ.
أَلا وإِنَّ إِمَامَكُمْ قَدِ اكْتَفَى مِنْ دُنْيَاهُ بِطِمْرَيْهِ(3)، وَمِنْ طُعْمِهِ(4) بِقُرْصَيْهِ(5).
أَلا وإِنَّكُمْ لاَ تَقْدِرُونَ عَلَى ذلِكَ، وَلكِنْ أَعِينُوني بِوَرَع وَاجْتِهَاد، [وَعِفَّة وَسَدَاد](6).
فَوَاللهِ مَا كَنَزْتُ مِنْ دُنْيَاكُمْ تِبْراً(1)، وَلاَ ادَّخَرْتُ مِنْ غَنَائِمِهَا وَفْراً(2)، وَلاَ أَعْدَدْتُ لِبَالِي ثَوْبِي طِمْراً(3).
بَلَى! كَانَتْ في أَيْدِينَا فَدَكٌ مِنْ كلِّ مَا أَظَلَّتْهُ السَّماءُ، فَشَحَّتْ عَلَيْهَا نُفُوسُ قَوْم، وَسَخَتْ عَنْهَا نُفُوسُ آخَرِينَ، وَنِعْمَ الْحَكَمُ اللهُ.
وَمَا أَصْنَعُ بِفَدَك(4) وَغَيْرِ فَدَك، وَالنَّفْسُ مَظَانُّهَا(5) فِي غَد جَدَثٌ(6)، تَنْقَطِعُ فِي ظُلْمَتِهِ آثَارُهَا، وَتَغِيبُ أَخْبَارُهَا، وَحُفْرَةٌ لَوْ زِيدَ فِي فُسْحَتِهَا، وَأَوْسَعَتْ يَدَا حَافِرِهَا، لاضْغَطَهَا(7) الْحَجَرُ وَالْمَدَرُ(8)، وَسَدَّ فُرَجَهَا(9) التُّرَابُ
اما عمر بن الخطاب
كنز العمال / ج: 12 ص: 627 :
35936 ـ عن عتبة بن فرقد قال : قدمت على عمر بسلال خبيص فقال : ما هذا ؟ فقلت : طعام أتيتك به لأنك تقضي في حاجات الناس أول النهار فأحببت إذا رجعت أن ترجع إلى طعام فتصيب منه فقواك ، فكشف عن سلة منها فقال : عزت عليك يا عتبة أرزقت كل رجل من المسلمين سلة ؟ فقلت : يا أمير المؤمنين ! لو أنفقت مال قيس كلها ما وسعت ذلك ، قال : فلا حاجة لي فيه ، ثم دعا بقصعة ثريد خبزاً خشناً ولحماً غليظاً هو يأكل معي أكلاً شهياً ، فجعلت أهوي إلى البيضة البيضاء أحسبها سناماً فإذا هي عصبة : والبضعة من اللحم أمضغها فلا أسيغها فإذا غفل عني جعلتها بين الخوان والقصعة ، ثم دعا بعس من نبيذ قد كاد أن يكون خلاً فقال : اشرب ، فأخذته وما أكاد أسيغه ، ثم أخذه فشرب ثم قال : اسمع يا عتبة : إنا ننحر كل يوم جزوراً فأما ودكها وأطايبها فلمن حضرنا من آفاق المسلمين ، وأما عنقها فلآل عمر يأكل هذا اللحم الغليظ ويشرب هذا النبيذ الشديد يقطع في بطوننا أن يؤذينا ( هناد ) .
باب زهده وتقواه وورعه (ع)
من أعلامه (ع) قوله : واعلم أنّ إمامكم قد اكتفى من دنياه بطمريه ( أي الثوب الخلِق ) ، يسد فورة جوعه بقرصيه ، لا يطعم الفلذة ( أي القطعة من الكبد ) في حوله إلا في سنة أُضحيته ، ولن تقدروا على ذلك ، فأعينوني بورع واجتهاد ، وكأني بقائلكم يقول : إذا كان قوت ابن أبي طالب هذا قعد به الضعف عن مبارزة الأقران ومنازعة الشجعان ! ..
والله ما قلعت باب خيبر بقوة جسدانية ، ولا بحركة غذائية ، ولكني أُيّدت بقوة ملكية ، ونفس بنور بارئها مضيئة . ص318
وفي نهج البلاغة
ومن كتاب له(عليه السلام)
إلى عثمان بن حنيف الانصاري
وهو عامله على البصرة، وقد بلغه أنه دعي إلى وليمة قوم من أهلها، فمضى إليهم
أَمَّا بَعْدُ، يَابْنَ حُنَيْف، فَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ رَجُلاً مِنْ فِتْيَةِ أَهْلِ الْبَصْرَةِ دَعَاكَ إلى مَأْدُبَة(1)، فَأَسْرَعْتَ إِلَيْهَا، تُسْتَطَابُ لَكَ الاوَانُ وَتُنْقَلُ إِلَيْكَ الْجِفَانُ و ظَنَنْتُ أَنَّكَ تُجِيبُ إِلى طَعَامِ قَوْم، عَائِلُهُمْ(5) مَجْفُوٌّ(6)،
وَغَنِيُّهُمْ مَدْعُوٌّ.
فَانْظُرْ إِلَى مَا تَقْضَمُهُ(1) مِنْ هذَ الْمَقْضَمِ، فَمَا اشْتَبَهَ عَلَيْكَ عِلْمُهُ فَالْفِظْهُ(2)، وَمَا أَيْقَنْتَ بِطِيبِ وُجُوهِهِ فَنَلْ مِنْهُ.
أَلا وَإِنَّ لِكُلِّ مَأمُوم إِمَاماً، يَقْتَدِي بِهِ، وَيَسْتَضِيءُ بِنُورِ عِلْمِهِ.
أَلا وإِنَّ إِمَامَكُمْ قَدِ اكْتَفَى مِنْ دُنْيَاهُ بِطِمْرَيْهِ(3)، وَمِنْ طُعْمِهِ(4) بِقُرْصَيْهِ(5).
أَلا وإِنَّكُمْ لاَ تَقْدِرُونَ عَلَى ذلِكَ، وَلكِنْ أَعِينُوني بِوَرَع وَاجْتِهَاد، [وَعِفَّة وَسَدَاد](6).
فَوَاللهِ مَا كَنَزْتُ مِنْ دُنْيَاكُمْ تِبْراً(1)، وَلاَ ادَّخَرْتُ مِنْ غَنَائِمِهَا وَفْراً(2)، وَلاَ أَعْدَدْتُ لِبَالِي ثَوْبِي طِمْراً(3).
بَلَى! كَانَتْ في أَيْدِينَا فَدَكٌ مِنْ كلِّ مَا أَظَلَّتْهُ السَّماءُ، فَشَحَّتْ عَلَيْهَا نُفُوسُ قَوْم، وَسَخَتْ عَنْهَا نُفُوسُ آخَرِينَ، وَنِعْمَ الْحَكَمُ اللهُ.
وَمَا أَصْنَعُ بِفَدَك(4) وَغَيْرِ فَدَك، وَالنَّفْسُ مَظَانُّهَا(5) فِي غَد جَدَثٌ(6)، تَنْقَطِعُ فِي ظُلْمَتِهِ آثَارُهَا، وَتَغِيبُ أَخْبَارُهَا، وَحُفْرَةٌ لَوْ زِيدَ فِي فُسْحَتِهَا، وَأَوْسَعَتْ يَدَا حَافِرِهَا، لاضْغَطَهَا(7) الْحَجَرُ وَالْمَدَرُ(8)، وَسَدَّ فُرَجَهَا(9) التُّرَابُ
اما عمر بن الخطاب
كنز العمال / ج: 12 ص: 627 :
35936 ـ عن عتبة بن فرقد قال : قدمت على عمر بسلال خبيص فقال : ما هذا ؟ فقلت : طعام أتيتك به لأنك تقضي في حاجات الناس أول النهار فأحببت إذا رجعت أن ترجع إلى طعام فتصيب منه فقواك ، فكشف عن سلة منها فقال : عزت عليك يا عتبة أرزقت كل رجل من المسلمين سلة ؟ فقلت : يا أمير المؤمنين ! لو أنفقت مال قيس كلها ما وسعت ذلك ، قال : فلا حاجة لي فيه ، ثم دعا بقصعة ثريد خبزاً خشناً ولحماً غليظاً هو يأكل معي أكلاً شهياً ، فجعلت أهوي إلى البيضة البيضاء أحسبها سناماً فإذا هي عصبة : والبضعة من اللحم أمضغها فلا أسيغها فإذا غفل عني جعلتها بين الخوان والقصعة ، ثم دعا بعس من نبيذ قد كاد أن يكون خلاً فقال : اشرب ، فأخذته وما أكاد أسيغه ، ثم أخذه فشرب ثم قال : اسمع يا عتبة : إنا ننحر كل يوم جزوراً فأما ودكها وأطايبها فلمن حضرنا من آفاق المسلمين ، وأما عنقها فلآل عمر يأكل هذا اللحم الغليظ ويشرب هذا النبيذ الشديد يقطع في بطوننا أن يؤذينا ( هناد ) .
تعليق