خليفة النبي ولا يعرف حدود الله ؟! الوحيد الخراساني
فيما يلي أبحاث عقائدية تنشر للمرة الأولى لسماحة المرجع الديني الشيخ حسين الوحيد الخراساني حفظه الله.. وهي جزء من سلسلة أبحاث مترابطة يمكن مراجعتها في سياقها عبر الرابط التالي:
http://www.yahosein.com/vb/showthread.php?t=215847
بسم الله الرحمن الرحيم
كان البحث في الحديث الصحيح: علي مع القرآن والقرآن مع علي، لن يتفرقا حتى يردا علي الحوض.
إحدى الوظائف الصعبة التي يُعهَدُ بها لخليفة النبي ص وإمامِ الأمة هي إجراء الحدود والتعزيرات، وهي إحدى أهم كتب ومباحث الفقه عند العامة والخاصة.
وإجراء الحدود بيد من إليه الحكم، فينبغي على من صار حاكماً للأمة أن يكون مُطَبِّقاً لهذه الحدود، لأن الحدود الشرعية تُصلِح الفرد والمجتمع، فهي مؤثرة في الدنيا وفي رفع العقاب في العقبى.
ولا شك أنه ينبغي حفظ حقوق الناس في الأعراض والأموال، وضمان حفظ الحقوق في دين الله وإجراء تلك القواعد يتم على يد نائب وخليفة النبي ص.
إذا أصيب موضع في الجسم فإنه يترك أثران: أحدهما في موضع الغدة المصابة، والثاني في تمام البدن ما لم تعالج، فإن النقطة الفاسدة تفسد سائر الأعضاء شاء صاحبها أم أبى.
لذا فإن علاج تلك القرحة واجب حفظاً لنفس العضو المصاب، ولبقية الأعضاء لارتباطها به.
والفرد بالنسبة للمجتمع عضو، فلو وجدت آفة في هذا العضو، ينبغي على حاكم المسلمين إجراء حدّ الله تعالى والتعزير الشرعي عليه، صلاحاً للعضو والمجتمع.
ينقل البيهقي في السنن الكبرى (ج8 ص274) القضية التالية، ومنها يعرف معنى الحديث (علي مع القرآن والقرآن مع علي):
أُتِيَ عمر بن الخطاب رضي الله عنه برجل اقطع اليد والرجل قد سرق، فأمر به عمر رضي الله عنه ان يقطع رجله، فقال علي رضي الله عنه: إنما قال الله عز وجل (إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله) إلى آخر الآية
ونص الآية: ﴿إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ * إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ مِن قَبْلِ أَن تَقْدِرُواْ عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴾ [المائدة : 33-34]
فإن تاب المحاربون قبل الوصول للحاكم والقدرة عليهم يعفى عنهم بعد تلك التوبة، أما إن لم يتوبوا قبل ذلك فجزاؤهم على ثلاث صور: ﴿أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ﴾
فأفهمه عليه السلام بهذه الآية أن الحكم إذا كان هكذا في المحارب، فإن الوظيفة في السارق قطعاً هي حفظ قدمه الأخرى.
لماذا ؟ لأن أثر الحدود يتم في وقتٍ يجري فيه الحد مع الرحمة الرحمانية الإلهية، ومع كون خاتم الأنبياء رحمة للعالمين، ينبغي أن يكون الحد موافقاً لهذين الأمرين، ثم قال عليه السلام:
فقد قطعت يد هذا ورجله فلا ينبغي ان تقطع رجله فتدعه ليس له قائمة يمشى عليها: فينبغي أن يكون الحد بنحو يكون فيه رحمة للمحدود نفسه كما للأمة، ولقطع القدم أثر في الوضوء والصلاة، ومشي الشخص وحركته لمعاشه وحياته، فكم يؤثر ذلك على الاحكام الإلهية والأعمال الشخصية ؟ ثم استدل عليه السلام بالكتاب وبحكم العقل وبالرحمة الرحمانية لله تعالى، وبعثة خاتم الأنبياء رحمة للعالمين. ثم قال عليه السلام:
اما ان تعزره واما ان تستودعه السجن: لا أن تقطع قدمه.
قال: فاستودعه السجن.
نتيجة البحث: أن البيهقي نفسه وتمام متكلمي العامة متفقون أن إجراء الحدود من أعظم وظائف الخليفة، هذا من جهة.
ومن جهة أخرى قالوا بخلافة من لم يفهم القرآن ولا فلسفة الحد وحكمة تشريع الحدود في إقامة حد السرقة !!
ومن جهة ثالثة ينقلون صراحةً أن مُبَيِّن حكم الله تعالى وسرّ الحدود هو عليّ بن أبي طالب ع !
فكيف يُجمَع بين هذه الأمور ؟!
الإعجاز هنا: أن هؤلاء أنفسهم يصرحون أن النبي ص يقول: علي مع القرآن والقرآن مع علي، وأنهما لن يتفرقا أبداً حتى يردا عليه الحوض، ومن ثم يذكرون هذه القضايا، ويقولون أننا أتباع القرآن، ونص القرآن ﴿أَفَمَن يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ أَمَّن لاَّ يَهِدِّيَ إِلاَّ أَن يُهْدَى﴾
اثنان واثنان أربعة: بنص سنن البيهقي يثبت بطلان خلافة الخليفة الثاني، وتظهر أحقية المذهب الشيعي كالشمس في رابعة النهار..
هذا هو الإعجاز، أن النبي ص يقول تلك الجملة ثم يثبتها مثل هؤلاء!
فقه الحديث
أما فقه الحديث: علي مع القرآن والقرآن مع علي.
فإن الإضافة على قسمين: تارة تكون مختلفة الأطراف، مثل إضافة الفوقية والتحتية، الأبوة والبنوة.
وتارة تكون متشابهة الأطراف.
ينبغي على علماء الفن الدقة في فقه الحديث.
والمعيّة من القسم الثاني، فإن الإضافة قائمة بالطرفين، وهي متفقة الأطراف، وخاصية هذا القسم من الإضافة هي أنه لو ذكر طرف في الكلام فإن ذلك يغني عن ذكر الطرف الآخر، هذه خاصية هذا القسم من الجهة العلمية.
إذا قلتَ: زيد مع عمرو، فكونه مع عمرو معيَّة، ولا يلزم أن تقول مجدداً: عمرو مع زيد، لأن الجملة الأولى تبيّن بالدلالة المطابقية أن زيداً مع عمرو، وتبيّن بالدلالة الالتزامية أن عمرو مع زيد.
عقل الكل (النبي الخاتم ص) في هذا الحديث يثير الحيرة، قال أولاً: علي مع القرآن، فأتى بالمعية، والإضافة متشابهة الأطراف، ومع تمامية دلالتها المطابقية والالتزامية قال أيضاً: والقرآن مع علي.
القرآن أيضاً مع علي بن أبي طالب.. فما السر في ذلك ؟
التأمل في هذه الروايات يفتح أبواباً للعلماء والفقهاء..
قام بعملين: الدلالة المطابقية أولاً في: علي مع القرآن، والالتزامية بالتبع.
وأما في (القرآن مع علي): فجعل الدلالة الالتزامية في الجملة الأولى مطابقية هنا، والمطابقية التزامية هنا.
لماذا ؟
سرّه: علي في الطرفين، الأول علي، والآخر علي، وفي الوسط القرآن، فيصبح القرآن قلباً محاطاً، وعلي يصبح محيطاً.
درك الرواية هكذا: علي مع القرآن، والقرآن مع علي.
القرآن في الوسط، وعلي أولاً وآخراً.
علي محيط، والقرآن محاط.
شرح هذا المطلب محيّر.. ويأتي ان شاء الله.
والحمد لله رب العالمين
شعيب العاملي
فيما يلي أبحاث عقائدية تنشر للمرة الأولى لسماحة المرجع الديني الشيخ حسين الوحيد الخراساني حفظه الله.. وهي جزء من سلسلة أبحاث مترابطة يمكن مراجعتها في سياقها عبر الرابط التالي:
http://www.yahosein.com/vb/showthread.php?t=215847
بسم الله الرحمن الرحيم
كان البحث في الحديث الصحيح: علي مع القرآن والقرآن مع علي، لن يتفرقا حتى يردا علي الحوض.
إحدى الوظائف الصعبة التي يُعهَدُ بها لخليفة النبي ص وإمامِ الأمة هي إجراء الحدود والتعزيرات، وهي إحدى أهم كتب ومباحث الفقه عند العامة والخاصة.
وإجراء الحدود بيد من إليه الحكم، فينبغي على من صار حاكماً للأمة أن يكون مُطَبِّقاً لهذه الحدود، لأن الحدود الشرعية تُصلِح الفرد والمجتمع، فهي مؤثرة في الدنيا وفي رفع العقاب في العقبى.
ولا شك أنه ينبغي حفظ حقوق الناس في الأعراض والأموال، وضمان حفظ الحقوق في دين الله وإجراء تلك القواعد يتم على يد نائب وخليفة النبي ص.
إذا أصيب موضع في الجسم فإنه يترك أثران: أحدهما في موضع الغدة المصابة، والثاني في تمام البدن ما لم تعالج، فإن النقطة الفاسدة تفسد سائر الأعضاء شاء صاحبها أم أبى.
لذا فإن علاج تلك القرحة واجب حفظاً لنفس العضو المصاب، ولبقية الأعضاء لارتباطها به.
والفرد بالنسبة للمجتمع عضو، فلو وجدت آفة في هذا العضو، ينبغي على حاكم المسلمين إجراء حدّ الله تعالى والتعزير الشرعي عليه، صلاحاً للعضو والمجتمع.
ينقل البيهقي في السنن الكبرى (ج8 ص274) القضية التالية، ومنها يعرف معنى الحديث (علي مع القرآن والقرآن مع علي):
أُتِيَ عمر بن الخطاب رضي الله عنه برجل اقطع اليد والرجل قد سرق، فأمر به عمر رضي الله عنه ان يقطع رجله، فقال علي رضي الله عنه: إنما قال الله عز وجل (إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله) إلى آخر الآية
ونص الآية: ﴿إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ * إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ مِن قَبْلِ أَن تَقْدِرُواْ عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴾ [المائدة : 33-34]
فإن تاب المحاربون قبل الوصول للحاكم والقدرة عليهم يعفى عنهم بعد تلك التوبة، أما إن لم يتوبوا قبل ذلك فجزاؤهم على ثلاث صور: ﴿أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ﴾
فأفهمه عليه السلام بهذه الآية أن الحكم إذا كان هكذا في المحارب، فإن الوظيفة في السارق قطعاً هي حفظ قدمه الأخرى.
لماذا ؟ لأن أثر الحدود يتم في وقتٍ يجري فيه الحد مع الرحمة الرحمانية الإلهية، ومع كون خاتم الأنبياء رحمة للعالمين، ينبغي أن يكون الحد موافقاً لهذين الأمرين، ثم قال عليه السلام:
فقد قطعت يد هذا ورجله فلا ينبغي ان تقطع رجله فتدعه ليس له قائمة يمشى عليها: فينبغي أن يكون الحد بنحو يكون فيه رحمة للمحدود نفسه كما للأمة، ولقطع القدم أثر في الوضوء والصلاة، ومشي الشخص وحركته لمعاشه وحياته، فكم يؤثر ذلك على الاحكام الإلهية والأعمال الشخصية ؟ ثم استدل عليه السلام بالكتاب وبحكم العقل وبالرحمة الرحمانية لله تعالى، وبعثة خاتم الأنبياء رحمة للعالمين. ثم قال عليه السلام:
اما ان تعزره واما ان تستودعه السجن: لا أن تقطع قدمه.
قال: فاستودعه السجن.
نتيجة البحث: أن البيهقي نفسه وتمام متكلمي العامة متفقون أن إجراء الحدود من أعظم وظائف الخليفة، هذا من جهة.
ومن جهة أخرى قالوا بخلافة من لم يفهم القرآن ولا فلسفة الحد وحكمة تشريع الحدود في إقامة حد السرقة !!
ومن جهة ثالثة ينقلون صراحةً أن مُبَيِّن حكم الله تعالى وسرّ الحدود هو عليّ بن أبي طالب ع !
فكيف يُجمَع بين هذه الأمور ؟!
الإعجاز هنا: أن هؤلاء أنفسهم يصرحون أن النبي ص يقول: علي مع القرآن والقرآن مع علي، وأنهما لن يتفرقا أبداً حتى يردا عليه الحوض، ومن ثم يذكرون هذه القضايا، ويقولون أننا أتباع القرآن، ونص القرآن ﴿أَفَمَن يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ أَمَّن لاَّ يَهِدِّيَ إِلاَّ أَن يُهْدَى﴾
اثنان واثنان أربعة: بنص سنن البيهقي يثبت بطلان خلافة الخليفة الثاني، وتظهر أحقية المذهب الشيعي كالشمس في رابعة النهار..
هذا هو الإعجاز، أن النبي ص يقول تلك الجملة ثم يثبتها مثل هؤلاء!
فقه الحديث
أما فقه الحديث: علي مع القرآن والقرآن مع علي.
فإن الإضافة على قسمين: تارة تكون مختلفة الأطراف، مثل إضافة الفوقية والتحتية، الأبوة والبنوة.
وتارة تكون متشابهة الأطراف.
ينبغي على علماء الفن الدقة في فقه الحديث.
والمعيّة من القسم الثاني، فإن الإضافة قائمة بالطرفين، وهي متفقة الأطراف، وخاصية هذا القسم من الإضافة هي أنه لو ذكر طرف في الكلام فإن ذلك يغني عن ذكر الطرف الآخر، هذه خاصية هذا القسم من الجهة العلمية.
إذا قلتَ: زيد مع عمرو، فكونه مع عمرو معيَّة، ولا يلزم أن تقول مجدداً: عمرو مع زيد، لأن الجملة الأولى تبيّن بالدلالة المطابقية أن زيداً مع عمرو، وتبيّن بالدلالة الالتزامية أن عمرو مع زيد.
عقل الكل (النبي الخاتم ص) في هذا الحديث يثير الحيرة، قال أولاً: علي مع القرآن، فأتى بالمعية، والإضافة متشابهة الأطراف، ومع تمامية دلالتها المطابقية والالتزامية قال أيضاً: والقرآن مع علي.
القرآن أيضاً مع علي بن أبي طالب.. فما السر في ذلك ؟
التأمل في هذه الروايات يفتح أبواباً للعلماء والفقهاء..
قام بعملين: الدلالة المطابقية أولاً في: علي مع القرآن، والالتزامية بالتبع.
وأما في (القرآن مع علي): فجعل الدلالة الالتزامية في الجملة الأولى مطابقية هنا، والمطابقية التزامية هنا.
لماذا ؟
سرّه: علي في الطرفين، الأول علي، والآخر علي، وفي الوسط القرآن، فيصبح القرآن قلباً محاطاً، وعلي يصبح محيطاً.
درك الرواية هكذا: علي مع القرآن، والقرآن مع علي.
القرآن في الوسط، وعلي أولاً وآخراً.
علي محيط، والقرآن محاط.
شرح هذا المطلب محيّر.. ويأتي ان شاء الله.
والحمد لله رب العالمين
شعيب العاملي