بسم الله الرحمن الرحيم
هذه أهم الأدلة التي يستدل بها القوم على
صحة خلافة أبي بكر .
وسنذكر نحن هذه الأدلة تباعاً مع المناقشة فيها
الدليل الأول : قوله تعالى : ( وسيجنبها الأتقى الذي يؤتي ماله يتزكى وما لأحد عنده من نعمة تجزى ) .
قالوا هذه الآية نزلت في أبي بكر ومعنى ذلك أنه هو الأتقى ولا يحسن تقديم غيره عليه .
ولكننا نرى أن الاستدلال بهذه الآية المباركة
يتوقف على نزول الآية في أبي بكر ، والحال أنهم مختلفون في تفسير هذه الآية على ثلاثة أقوال :
القول الأول : إن الآية عامة للمؤمنين ولا اختصاص لها بأحد منهم .
القول الثاني : إن الآية نازلة في قصة أبي الدحداح وصاحب النخلة .
راجع الدر المنثور في التفسير بالمأثور ،تجده يذكر هذه القصة في ذيل هذه الآية ، وإن الآية بناء على هذا القول نازلة بتلك القصة ولا علاقة لها بأبي بكر .
القول الثالث : إن الآية نازلة في أبي بكر .
فالقول بنزول الآية المباركة في أبي بكر أحد الأقوال الثلاثة عندهم . لكن هذا القول - أي القول بنزول الآية في أبي بكر - يتوقف على صحة سند الخبر به ، وإذا لم يتم الخبر الدال على نزول الآية في أبي بكر يبطل هذا القول .
وإليك المصدر الذي ذكر فيه خبر نزول الآية في أبي بكر
وتصريحه بضعف سند هذه الرواية .
الرواية يرويها الطبراني ، ويرويها عنه الحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد ، ثم يقول : فيه - أي في سنده - مصعب بن ثابت ، وفيه ضعف .
فالقول الثالث الذي هو أحد الأقوال في المسألة يستند إلى هذه الرواية ، والرواية ضعيفة .
مضافا : إلى أن هذا الاستدلال موقوف على عدم تمامية أدلة الإمامية على أفضلية أمير المؤمنين وإمامته .
إذ لو تمت أو تم بعضها على الأقل لكانت معارضة لكل ما
يستدل به على تفضيل غيره ،فتأمل .
.................................................. ...........................
الدليل الثاني : الحديث " إقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر ".
هذا الحديث من أحسن أدلتهم على إمامة الشيخين
فإنهم يستدلون بهذا الحديث في كتب الكلام ، وفي كتب الأصول أيضا ، واستنادا إلى هذا الحديث يجعلون اتفاق الشيخين حجة ، ويعتبرون سنة الشيخين إستنادا إلى هذا الحديث حجة ، فالحديث مهم جدا ، لا سيما وأنه في مسند أحمد بن حنبل ، وأيضا في صحيح الترمذي ، وأيضا في مستدرك الحاكم ، فهو حديث موجود في كتب معتبرة مشهورة ، ويستدلون به في بحوث مختلفة .
ومعنى الحديث وجوب إقتداء الأمة بما فيهم أمير المؤمنين
علي عليه السلام بأبي بكر وعمر .
ولكن لو رجعنا إلى أسانيد هذا الحديث ، ودققنا النظر في حال تلك الأسانيد ، على ضوء أقوال علمائهم في الجرح والتعديل ،لرأينا جميع أسانيده ضعيفة ، وكبار علمائهم ينصون على كثير من رجال هذا الحديث بالضعف ، ويجرحونهم بشتى أنواع الجرح .
قال المناوي في شرح هذا الحديث في فيض القدير في شرح الجامع الصغير : أعله أبو حاتم [ أي قال : هذا الحديث عليل ]
وقال البزار كابن حزم لا يصح.
فهؤلاء ثلاثة من أئمتهم يردون هذا الحديث : أبو حاتم ، أبو بكر البزار ، وابن حزم الأندلسي .
وأما الترمذي فنراه يورد هذا الحديث في كتابه بأحسن طرقه ، ثم يضعفه بصراحة .
وإذا رجعنا إلى كتاب الضعفاء الكبير لأبي جعفر العقيلي لرأيناه يقول : منكر لا أصل له .
وإذا رجعنا إلى ميزان الاعتدال يقول نقلا عن أبي بكر
النقاش : وهذا الحديث واه.
ويقول الدارقطني - وهو أمير المؤمنين في الحديث عندهم في القرن الرابع الهجري - : هذا الحديث لا يثبت .
وإذا رجعنا إلى كتاب العلامة العبري الفرغاني المتوفى سنة 743 ه ، يقول في شرحه على منهاج البيضاوي : إن هذا الحديث موضوع .
ولو رجعنا إلى ميزان الاعتدال لرأينا الحافظ الذهبي يذكر هذا الحديث في مواضع عديدة من هذا الكتاب ، وهناك يرد هذا الحديث ويكذبه ويبطله .
وإذا رجعنا إلى تلخيص المستدرك رأيناه يتعقب الحاكم ويقول : سنده واه جداً .
وفي مجمع الزوائد للهيثمي حيث يروي هذا الحديث عن طريق الطبراني يقول : وفيه من لم أعرفهم .
وإذا رجعنا إلى لسان الميزان لابن حجر العسقلاني لرأيناه يذكر هذا الحديث في أكثر من موضع وينص على سقوط هذا الحديث .
وإذا رجعنا إلى أحد أعلام القرن العاشر من الهجرة ، وهو الهروي ، له كتاب الدر النضيد من مجموعة الحفيد - وهذا الكتاب مطبوع موجود - يقول : هذا الحديث موضوع.
وابن درويش الحوت يورد هذا الحديث في كتابه أسنى المطالب في أحاديث مختلفة المراتب ، ويذكر الأقوال في ضعف هذا الحديث وسقوطه وبطلانه .
فهذا الحديث - إذن - لا يليق أن يستدل به على مبحث الإمامة ، سواء كان يستدل به الشيعة الإمامية أو السنة ، حتى لو أردنا أن نستدل عليهم بمثل هذا الحديث لإمامة علي ( عليه السلام ) ، وهو حديث تبطله هذه الكثرة من الأئمة ، فلا يمكن الاحتجاج به على القوم لإثبات الإمامة أصلا ، ولا يمكن الاستدلال به في مورد من الموارد . ولذا نرى بعضهم لما يرى سقوط هذا الحديث سندا ، ومن ناحية أخرى يراه حديثا مفيدا لإثبات إمامة أبي بكر دلالة ومعنى ، يضطر إلى أن ينسبه إلى الشيخين والصحيحين كذبا . فالقاري - مثلاً - ينسب هذا الحديث في كتابه شرح الفقه الأكبر إلى صحيحي البخاري ومسلم ، وليس الحديث موجودا في الصحيحين ، مما يدل على أنهم يعترفون بسقوط هذا الحديث سندا ، لكنهم غافلون عن أن الناس سينظرون في كتبهم وسيراجعونها ، وسيحققون في المطالب التي يذكرونها .
ثم كيف يأمر رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بالإقتداء بالشيخين ، مع أن الشيخين اختلفا في كثير من الموارد ، فبمن يقتدي المسلمون ؟
وكيف يأمر رسول الله بالإقتداء بالشيخين ، مع أن الصحابة خالفوا الشيخين في كثير مما قالا وفعلا ؟
وهل بإمكانهم أن يفسقوا أولئك الصحابة الذين خالفوا الشيخين في أقوالهما وأفعالهما ، وتلك الموارد كثيرة جدا؟!
وللحديث تتمة .....
هذه أهم الأدلة التي يستدل بها القوم على
صحة خلافة أبي بكر .
وسنذكر نحن هذه الأدلة تباعاً مع المناقشة فيها
الدليل الأول : قوله تعالى : ( وسيجنبها الأتقى الذي يؤتي ماله يتزكى وما لأحد عنده من نعمة تجزى ) .
قالوا هذه الآية نزلت في أبي بكر ومعنى ذلك أنه هو الأتقى ولا يحسن تقديم غيره عليه .
ولكننا نرى أن الاستدلال بهذه الآية المباركة
يتوقف على نزول الآية في أبي بكر ، والحال أنهم مختلفون في تفسير هذه الآية على ثلاثة أقوال :
القول الأول : إن الآية عامة للمؤمنين ولا اختصاص لها بأحد منهم .
القول الثاني : إن الآية نازلة في قصة أبي الدحداح وصاحب النخلة .
راجع الدر المنثور في التفسير بالمأثور ،تجده يذكر هذه القصة في ذيل هذه الآية ، وإن الآية بناء على هذا القول نازلة بتلك القصة ولا علاقة لها بأبي بكر .
القول الثالث : إن الآية نازلة في أبي بكر .
فالقول بنزول الآية المباركة في أبي بكر أحد الأقوال الثلاثة عندهم . لكن هذا القول - أي القول بنزول الآية في أبي بكر - يتوقف على صحة سند الخبر به ، وإذا لم يتم الخبر الدال على نزول الآية في أبي بكر يبطل هذا القول .
وإليك المصدر الذي ذكر فيه خبر نزول الآية في أبي بكر
وتصريحه بضعف سند هذه الرواية .
الرواية يرويها الطبراني ، ويرويها عنه الحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد ، ثم يقول : فيه - أي في سنده - مصعب بن ثابت ، وفيه ضعف .
فالقول الثالث الذي هو أحد الأقوال في المسألة يستند إلى هذه الرواية ، والرواية ضعيفة .
مضافا : إلى أن هذا الاستدلال موقوف على عدم تمامية أدلة الإمامية على أفضلية أمير المؤمنين وإمامته .
إذ لو تمت أو تم بعضها على الأقل لكانت معارضة لكل ما
يستدل به على تفضيل غيره ،فتأمل .
.................................................. ...........................
الدليل الثاني : الحديث " إقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر ".
هذا الحديث من أحسن أدلتهم على إمامة الشيخين
فإنهم يستدلون بهذا الحديث في كتب الكلام ، وفي كتب الأصول أيضا ، واستنادا إلى هذا الحديث يجعلون اتفاق الشيخين حجة ، ويعتبرون سنة الشيخين إستنادا إلى هذا الحديث حجة ، فالحديث مهم جدا ، لا سيما وأنه في مسند أحمد بن حنبل ، وأيضا في صحيح الترمذي ، وأيضا في مستدرك الحاكم ، فهو حديث موجود في كتب معتبرة مشهورة ، ويستدلون به في بحوث مختلفة .
ومعنى الحديث وجوب إقتداء الأمة بما فيهم أمير المؤمنين
علي عليه السلام بأبي بكر وعمر .
ولكن لو رجعنا إلى أسانيد هذا الحديث ، ودققنا النظر في حال تلك الأسانيد ، على ضوء أقوال علمائهم في الجرح والتعديل ،لرأينا جميع أسانيده ضعيفة ، وكبار علمائهم ينصون على كثير من رجال هذا الحديث بالضعف ، ويجرحونهم بشتى أنواع الجرح .
قال المناوي في شرح هذا الحديث في فيض القدير في شرح الجامع الصغير : أعله أبو حاتم [ أي قال : هذا الحديث عليل ]
وقال البزار كابن حزم لا يصح.
فهؤلاء ثلاثة من أئمتهم يردون هذا الحديث : أبو حاتم ، أبو بكر البزار ، وابن حزم الأندلسي .
وأما الترمذي فنراه يورد هذا الحديث في كتابه بأحسن طرقه ، ثم يضعفه بصراحة .
وإذا رجعنا إلى كتاب الضعفاء الكبير لأبي جعفر العقيلي لرأيناه يقول : منكر لا أصل له .
وإذا رجعنا إلى ميزان الاعتدال يقول نقلا عن أبي بكر
النقاش : وهذا الحديث واه.
ويقول الدارقطني - وهو أمير المؤمنين في الحديث عندهم في القرن الرابع الهجري - : هذا الحديث لا يثبت .
وإذا رجعنا إلى كتاب العلامة العبري الفرغاني المتوفى سنة 743 ه ، يقول في شرحه على منهاج البيضاوي : إن هذا الحديث موضوع .
ولو رجعنا إلى ميزان الاعتدال لرأينا الحافظ الذهبي يذكر هذا الحديث في مواضع عديدة من هذا الكتاب ، وهناك يرد هذا الحديث ويكذبه ويبطله .
وإذا رجعنا إلى تلخيص المستدرك رأيناه يتعقب الحاكم ويقول : سنده واه جداً .
وفي مجمع الزوائد للهيثمي حيث يروي هذا الحديث عن طريق الطبراني يقول : وفيه من لم أعرفهم .
وإذا رجعنا إلى لسان الميزان لابن حجر العسقلاني لرأيناه يذكر هذا الحديث في أكثر من موضع وينص على سقوط هذا الحديث .
وإذا رجعنا إلى أحد أعلام القرن العاشر من الهجرة ، وهو الهروي ، له كتاب الدر النضيد من مجموعة الحفيد - وهذا الكتاب مطبوع موجود - يقول : هذا الحديث موضوع.
وابن درويش الحوت يورد هذا الحديث في كتابه أسنى المطالب في أحاديث مختلفة المراتب ، ويذكر الأقوال في ضعف هذا الحديث وسقوطه وبطلانه .
فهذا الحديث - إذن - لا يليق أن يستدل به على مبحث الإمامة ، سواء كان يستدل به الشيعة الإمامية أو السنة ، حتى لو أردنا أن نستدل عليهم بمثل هذا الحديث لإمامة علي ( عليه السلام ) ، وهو حديث تبطله هذه الكثرة من الأئمة ، فلا يمكن الاحتجاج به على القوم لإثبات الإمامة أصلا ، ولا يمكن الاستدلال به في مورد من الموارد . ولذا نرى بعضهم لما يرى سقوط هذا الحديث سندا ، ومن ناحية أخرى يراه حديثا مفيدا لإثبات إمامة أبي بكر دلالة ومعنى ، يضطر إلى أن ينسبه إلى الشيخين والصحيحين كذبا . فالقاري - مثلاً - ينسب هذا الحديث في كتابه شرح الفقه الأكبر إلى صحيحي البخاري ومسلم ، وليس الحديث موجودا في الصحيحين ، مما يدل على أنهم يعترفون بسقوط هذا الحديث سندا ، لكنهم غافلون عن أن الناس سينظرون في كتبهم وسيراجعونها ، وسيحققون في المطالب التي يذكرونها .
ثم كيف يأمر رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بالإقتداء بالشيخين ، مع أن الشيخين اختلفا في كثير من الموارد ، فبمن يقتدي المسلمون ؟
وكيف يأمر رسول الله بالإقتداء بالشيخين ، مع أن الصحابة خالفوا الشيخين في كثير مما قالا وفعلا ؟
وهل بإمكانهم أن يفسقوا أولئك الصحابة الذين خالفوا الشيخين في أقوالهما وأفعالهما ، وتلك الموارد كثيرة جدا؟!
وللحديث تتمة .....
تعليق