إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

◆"أَمَا تُحِبُّ أَنْ تَكُونَ فِي مَنْ يُسْعِدُ فَاطِمَةَ (عليها السّلام)"◆

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • ◆"أَمَا تُحِبُّ أَنْ تَكُونَ فِي مَنْ يُسْعِدُ فَاطِمَةَ (عليها السّلام)"◆

    بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
    اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَعَجِّلْ فَرَجَهُمْ وَالْعَنْ عَدُوّهُم

    في يوم الجُمعة وهُو اليوم المُختصّ بالإمام صاحب العصر والزّمان (عجّل الله تعالى فرجه الشّريف)، في ليلة التّاسع مِنْ شهر مُحرّم الحرام مِنْ سنة 1439هـ، المُوافق 29 سبتمبر 2017م، هذه سطور قليلة أُهديها إلى أشبه النّاس خَلْقًا وخُلُقًا ومَنْطِقًا برسول الله (صلّى الله عليه وآله)، سيّدي ومولاي وشفيعي عليّ الأكبر ابن الإمام سيّد الشّهداء (عليه وآله السّلام)، راجيًا مُنه القبول التوفيق. فإنّي لَمْ أجد شيئًا أُقدّمه إلى مولاي عليّ الأكبر (عليه السّلام) إلّا التفقّه في آثار مُحمّد وآل مُحمّد (عليهم السّلام).
    روى الشّيخ الأقدم أبي القاسم جعفر ابن قُولويه القُمّي (رضي الله عنه) بسنده عَنْ شيخنا الجليل أبي بصير، قال: "كُنْتُ عِنْدَ أَبِي عَبْدِ اللهِ (عليه السّلام) وَأُحَدِّثُهُ فَدَخَلَ عَلَيْهِ ابْنُهُ؛ فَقَالَ لَهُ: مَرْحَبًا، وضَمَّهُ وقَبَّلَهُ، وَقَالَ: حَقَّرَ اللهُ مَنْ حَقَّرَكُمْ، وَانْتَقَمَ مِمَّنْ وَتَرَكُمْ، وَخَذَلَ اللهُ مَنْ خَذَلَكُمْ، وَلَعَنَ اللهُ مَنْ قَتَلَكُمْ، وَكَانَ اللهُ لَكُمْ وَلِيًّا وَحَافِظًا ونَاصِرًا، فَقَدْ طَالَ بُكَاءُ النِّسَاءِ وَبُكَاءُ الْأَنْبِيَاءِ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَمَلَائِكَةِ السَّمَاءِ.
    ثُمَّ بَكَى، وَقَالَ: يَا أَبَا بَصِيرٍ إِذَا نَظَرْتُ إِلَى وُلْدِ الْحُسَيْنِ (عليه السّلام) أَتَانِي مَا لَا أَمْلِكُهُ بِمَا أَتَى إِلَى أَبِيهِمْ وَإِلَيْهِمْ، يَا أَبَا بَصِيرٍ إِنَّ فَاطِمَةَ (عليها السّلام) لَتَبْكِيهِ وَتَشْهَقُ فَتَزْفِرُ جَهَنَّمُ زَفْرَةً لَوْلَا أَنَّ الْخَزَنَةَ يَسْمَعُونَ بُكَاءَهَا وَقَدِ اسْتَعَدُّوا لِذَلِكَ مَخَافَةَ أَنْ يَخْرُجَ مِنْهَا عُنُقٌ أَوْ يَشْرُدَ دُخَانُهَا فَيُحْرِقَ أَهْلَ الْأَرْضِ فَيَكْبَحُونَهَا مَا دَامَتْ بَاكِيَةً، وَيَزْجُرُونَهَا وَيُوثِقُونَ مِنْ أَبْوَابِهَا مَخَافَةً عَلَى أَهْلِ الْأَرْضِ، فَلَا تَسْكُنُ حَتَّى يَسْكُنَ صَوْتُ فَاطِمَةَ (عليها السّلام)، وَإِنَّ الْبِحَارَ تَكَادُ أَنْ تَنْفَتِقَ فَيَدْخُلَ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ، وَمَا مِنْهَا قَطْرَةٌ إِلَّا بِهَا مَلَكٌ مُوَكَّلٌ فَإِذَا سَمِعَ المَلَكُ صَوْتَهَا أَطْفَأَ نَأْرَهَا بِأَجْنِحَتِهِ، وَحَبَسَ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ مَخَافَةً عَلَى الدُّنْيَا وَمَنْ فِيهَا وَمَنْ عَلَى الْأَرْضِ فَلَا تَزَالُ المَلَائِكَةُ مُشْفِقِينَ، يَبْكُونَ لِبُكَائِهَا، وَيَدْعُونَ اللَهَ ويَتَضَرَّعُونَ إِلَيْهِ، وَيَتَضَرَّعُ أَهْلُ الْعَرْشِ وَمَنْ حَوْلَهُ، وَتَرْتَفِعُ أَصْوَاتٌ مِنَ المَلَائِكَةِ بِالتَّقْدِيسِ للهِ مَخَافَةً عَلَى أَهْلِ الْأَرْضِ، وَلَوْ أَنَّ صَوْتًا مِنْ أَصْوَاتِهِمْ يَصِلُ‏ إِلَى الْأَرْضِ لَصَعِقَ أَهْلُ الْأَرْضِ، وَتَقَطَّعَتِ الْجِبَالُ، وَزُلْزِلَتِ الْأَرْضُ بِأَهْلِهَا.
    قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، إِنَّ هَذَا الْأَمْرَ عَظِيمٌ.
    قَالَ: غَيْرُهُ أَعْظَمُ مِنْهُ مَا لَمْ تَسْمَعْهُ.
    ثُمَّ قَالَ لِي: يَا أبَا بَصِيرٍ أَمَا تُحِبُّ أَنْ تَكُونَ فِيمَنْ يُسْعِدُ فَاطِمَةَ (عليها السّلام)، فَبَكِيتُ حِينَ قَالَهَا فَمَا قَدَرْتُ عَلَى المَنْطِقِ، وَمَا قَدَرْتُ عَلَى كَلَامِي مِنَ الْبُكَاءِ، ثُمَّ قَامَ إِلَى المُصَلَّى يَدْعُو، فَخَرَجْتُ مِنْ عِنْدِهِ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ، فَمَا انْتَفَعْتُ بِطَعَامٍ وَمَا جَاءَنِي النَّوْمُ، وَأَصْبَحْتُ صَائِمًا وَجِلًا حَتَّى أَتَيْتُهُ ؛ فَلَمَّا رَأَيْتُهُ قَدْ سَكَنَ سَكَنْتُ، وَحَمِدْتُ اللهَ حَيْثُ لَمْ تَنْزِلْ بِي عُقُوبَةٌ".[ابن قُولويه القُمّي، كامل الزّيارات، ص89-90، ح9، بـ26].
    في هذا النصّ الشّريف عدّة فوائد؛ وقد جعلت الكلام بنقاط مُختصرة ومُحدّدة، اقتصرت على الفوائد التالية:
    - الفائدة الأُولى:
    أنّ أشرف المخلوقات دائمة البُكاء على الإمام الحُسين (عليه السّلام)؛ بقوله (عليه السّلام): " فَقَدْ طَالَ بُكَاءُ النِّسَاءِ وَبُكَاءُ الْأَنْبِيَاءِ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَمَلَائِكَةِ السَّمَاءِ"؛ والظّاهر أنّ الابتداء بكلمة النّساء (عليهنّ السّلام) ثُمّ الأنبياء (عليهم السّلام) إلى قوله: "وَمَلَائِكَةِ السَّمَاءِ" هُو أنّ "النّساء" هُنّ: السيّدة فاطمة الزّهراء والسيّدة خديجة الكُبرى والسيّدة زينب الكُبرى (عليهنّ السّلام). وقد جاء في زيارة النّاحية المُقدّسة: "فَلأنْدُبَنَّكَ صَبَاحًا وَمَسَاءً، وَلأبْكِيَنَّ لَكَ بَدَل الدُّمُوعِ دَمًا، حَسْرَةً عَلَيكَ وَتَأسُّفاً عَلى مَا دَهَاكَ وَتَلَهُّفًا، حَتَّى أمُوتُ بِلَوعَةِ المُصَابِ وَغُصَّةِ الإِكْتِئَابِ".

    - الفائدة الثّانية:
    أنّ آل مُحمّد (عليهم السّلام) تعرّضوا إلى: التحقير والقتل والحُذلان مِنْ قبل هذه الأُمّة, حيث قال (عليه السّلام): "حَقَّرَ اللهُ مَنْ حَقَّرَكُمْ، وَانْتَقَمَ مِمَّنْ وَتَرَكُمْ، وَخَذَلَ اللهُ مَنْ خَذَلَكُمْ، وَلَعَنَ اللهُ مَنْ قَتَلَكُمْ".

    - الفائدة الثّالثة:
    أنّ مُصيبة كربلاء وما جرى على الإمام الحُسين (عليه وآله السّلام)؛ فالإمام الصّادق (عليه السّلام) يذكر تَبِعَات مُصيبة كربلاء مِنْ بُكاء سيّدة النّساء (عليها وآلها السّلام) وما يفعله الملائكة مع جنّهم إلى آخر ما ذكره الإمام (عليه السّلام) وكل هذا يقول عنه لمّا قال أبو بصير: " قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ، إِنَّ هَذَا الْأَمْرَ عَظِيمٌ"؛ فأجاب: "غَيْرُهُ أَعْظَمُ مِنْهُ مَا لَمْ تَسْمَعْهُ". فكلّ ما وصل لنا مِنْ مصائب كربلاء هي دُون ما جرى في الحقيقة. ويكفي في هذا المقام قول مولانا الإمام الحسن (عليه وآله السّلام) المروي في أمالي شيخنا ابن بابويه الصّدوق وغيره مِنْ مصادر الحديث الشّريف: "لا يوم كيومك يا أبا عبد الله".

    - الفائدة الرّابعة:
    أنّ إقامة الشّعائر الحُسينيّة مع فهمٍ ووعيّ، والاهتمام بالقضيّة الحُسينيّة ونشرها هي دين الله تعالى الّذي بها قوام الدّين لا أنّها مُجرّد طقوس ومُمارسات؛ وتوضيح ذلك: أنّ الإمام الصّادق (عليه السّلام) اعتبر أحد مصاديق الشّعائر وهي شعيرة البكاء مِنْ الموارد الّتي تُسعد وتصل سيّدة النّساء (عليها السّلام) مِنْ خلالها بقوله: "يَا أبَا بَصِيرٍ أَمَا تُحِبُّ أَنْ تَكُونَ فِيمَنْ يُسْعِدُ فَاطِمَةَ (عليها السّلام)، فَبَكِيتُ حِينَ قَالَهَا فَمَا قَدَرْتُ عَلَى المَنْطِقِ، وَمَا قَدَرْتُ عَلَى كَلَامِي مِنَ الْبُكَاءِ"، وحيث أنّ الدّين كلّه مُرتبط برضا وغضب السيّدة الزّهراء (عليها السّلام) وقد قال الله تعالى: {قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا المَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى}؛ فدلّ أنّ إقامة الشّعائر الحُسينيّة هي دين الله تعالى وإقامتها واجبة على جميع المُسلمين. والفهم والوعيّ في فهم وتفقّه الشّعائر الحُسينيّة لا يكون إلّا بمعرفة الأئمّة (عليهم السّلام) عَنْ طريق التفقّه في أحاديثهم الشّريفة، وجعل هذه الشّعائر وسيلة وإرتباط في معرفة الإمام صاحب العصر والزّمان (عجّل الله تعالى فرجه الشّريف).

    - الفائدة الخامسة:
    أنّ الشّعائر الدينيّة يجب أنْ تكون تحت قاعدتين أساسيّتين؛ هُما:
    1- أنْ يكون الفعل والعمل مُباحًا.
    2- أنْ يكون فيها إعلامٌ ونشر وبثّ؛ وقد جاء في تفسير القُمّي الشّريف: "وإنّما سُمّيت الشّعائر لتُشْعِر النّاس بها فيعرفونها"، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللهِ وَلَا الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلَا الْهَدْيَ وَلَا الْقَلَائِدَ وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنْ رَبِّهِمْ وَرِضْوَانًا}.[المائدة:2].، وقال تعالى: {وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَىٰ كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ * لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ * ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ * ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِندَ رَبِّهِ}.[الحجّ:27-30]، وقال تعالى: {ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ}.[الحجّ:32].
    وهذه الشّعائر لا تخرج مِنْ لسان الرّوايات الشّريفة: "الجزع"، "الهلع"، "أَتَانِي مَا لَا أَمْلِكُهُ بِمَا أَتَى إِلَى أَبِيهِمْ وَإِلَيْهِمْ"، "فَلأنْدُبَنَّكَ صَبَاحًا وَمَسَاءً، وَلأبْكِيَنَّ لَكَ بَدَل الدُّمُوعِ دَمًا، حَسْرَةً عَلَيكَ وَتَأسُّفاً عَلى مَا دَهَاكَ وَتَلَهُّفًا، حَتَّى أمُوتُ بِلَوعَةِ المُصَابِ وَغُصَّةِ الإِكْتِئَابِ".
    وما جاء في: "كتاب كامل الزّيارات"، و"وسائل الشّيعة: أبواب المَزَار مِنْ كتاب الحجّ"، و"مُستدرك الوسائل: أبواب المَزَار مِنْ كتاب الحجّ" مِنْ أحاديث وروايات وأخبار شريفة؛ هي في تبيين بعض الأساليب والمصاديق للشّعائر الإلهيّة، مثل: الزّيارة، والبكاء، والتّباكي.

    - الفائدة السّادسة:
    ما نقرأه عَنْ بعض العُلماء في معرض إجاباتهم عَنْ ما يخصّ بعض الشّعائر الحُسينيّة في أنّ الفعل الفُلاني أو الشّعيرة الفُلانيّة تجوز بشرط عدم الإضرار هُو كلام سخيف وسفيه، لأنّ على سبيل المثال أبرز شعيرة مِنْ شعائر شهر مُحرّم الحرام وهي زيارة الإمام الحُسين (عليه وآله السّلام) كانت مبنيّة وقائمة على الإضرار بالنّفس والمال والأهل، فهذا التّاريخ يُحدّثنا كيف لاقى شيعة أهل البيت (عليهم السّلام) مِنْ ضرر وإضرار وقتل وحبس وتعذيب في سبيل زيارة الإمام الحُسين (عليه وآله السّلام) والأئمّة (عليهم السّلام) كانوا ولا يزالون يدعون شيعتهم إلى عدم ترك الزّيارة وإقامة هذه الفريضة وإنْ أدّت إلى الضّرر بل وإنْ أفضت إلى الموت.
    1- الحديث الأوّل؛ ما جاء في نفس هذا الحديث الشّريف؛ حيث يقول الإمام الصّادق (عليه السّلام): "يَا أَبَا بَصِيرٍ إِذَا نَظَرْتُ إِلَى وُلْدِ الْحُسَيْنِ (عليه السّلام) أَتَانِي مَا لَا أَمْلِكُهُ بِمَا أَتَى إِلَى أَبِيهِمْ وَإِلَيْهِمْ".
    2- الحديث الثّاني؛ أبو القاسم ابن قولويه بسنده عنْ زُرارة، قال: قُلت لأبي جعفر (عليه السّلام): ما تقول في مَنْ زار أباك على خوفٍ؟ قال: يؤمنه الله يوم الفزع الأكبر وتلقاه الملائكة بالبشارة، ويُقال له: لا تَخَف ولا تحزن هذا يومك الّذي فيه فَوْزك".[كامل الزّيارات: ص133، ح1، بـ45].
    3- الحديث الثّالث؛ أبو القاسم ابن قولويه بسنده عنْ ابن بكير عَنْ أبي عبد الله (عليه السّلام) قال: قُلت له: إنّي أنزل الأرجان وقلبي يُنازعني إلى قبر أبيك، فإذا خرجت فقلبي وجلٌ مشفق حتّى أرجع خوفًا مِنْ السّلطان والسّعاة وأصحاب المسالح، فقال: يا بن بكير أما تحبّ أن يراك الله فينا خائف، أما تعلم أنّه مَنْ خاف لخوفنا أظلّه الله في ظلّ عرشه، وكان محدّثه الحُسين (عليه السّلام) تحت العرش، وآمنه الله من أفزاع يوم القيامة، يفزع النّاس ولا يفزع، فإنْ فزع وقّرته الملائكة وسكّنت قلبه بالبشارة".[كامل الزّيارات: ص133، ح2، بـ45].
    4- الحديث الرّابع؛ أبو القاسم ابن قولويه بسنده عنْ مُحمّد بن مسلم في حديث طويل، قال: قال لي أبو جعفر مُحمّد بن عليّ (عليهما السّلام): "هل تأتي قبر الحُسين (عليه السّلام)؟ قلت: نعم على خوفٍ ووجلٍ. فقال: ما كان مِنْ هذا أشدّ فالثّواب فيه على قدر الخوف، ومن خاف في إتيانه آمن الله رَوْعته يوم القيامة، يوم يقوم النّاس لربّ العالمين، وانصرف بالمغفرة، وسلّمت عليه الملائكة، وزاره النبيّ (صلّى الله عليه وآله) ودعا له، وانقلب بنعمة مِنَ الله وفضل لَمْ يمسسه سوء واتّبع رضوان الله".[كامل الزّيارات: ص133، ح5، بـ45].
    5- الحديث الخامس؛ ما جاء في زيارة النّاحية المُقدّسة: "فَلأنْدُبَنَّكَ صَبَاحًا وَمَسَاءً، وَلأبْكِيَنَّ لَكَ بَدَل الدُّمُوعِ دَمًا، حَسْرَةً عَلَيكَ وَتَأسُّفًا عَلى مَا دَهَاكَ وَتَلَهُّفًا، حَتَّى أمُوتُ بِلَوعَةِ المُصَابِ وَغُصَّةِ الإِكْتِئَابِ".
    والثّابت في سيرة أهل بيت النبوّة، فاطمة وأبوها وبعلها وبنوها (عليهم السّلام) أنّهم كانوا يُؤذون أنفسهم في الله عزّ وجلّ، مِنْ تورّم أقدامهم الشّريفة في الصّلاة، مرورًا إلى توجّههم للحجّ مشيًا على الأقدام، بل وحتّى طووا ثلاثًا لَمْ يطعموا سُوى الماء، والقضيّة معروفة في نزول "سُورة الدّهر" فيهم (عليهم السّلام). وثبت أنّ سبيل الله تعالى هُو الإمام مِنْ آل مُحمّد (عليهم السّلام)؛ فكلّ مؤمن ومُؤمنة يُؤذي نفسه في سبيل الله تعالى – وهو الإمام (عليه السّلام) – كان عند الله تعالى ممدوحًا مُقتديًا بأوليائه (عليهم السّلام).
    فما كان يفعله ويعمله الأنبياء (عليهم السّلام) مِنَ البُكاء مِنْ خشية الله تعالى حتّى أكلت الدّموع لحم خدّيه وبدت للنّاظرين أضراسه، ومِنْ بُكائهم مِنْ فرط حُبّهم لله تعالى حتّى أصابهم العمى فيردّ الله لهم أبصارهم، وبُكاء يعقوب النبيّ على ولده النبيّ يُوسف (عليهما السّلام)، كلّ ذلك لله تعالى وحبًّا في الله، والأمر كذلك بالنّسبة للموالي الّذي يفعل ذلك للإمام مِنْ آل مُحمّد (عليهم السّلام). قال الإمام الهادي (عليه السّلام): "مَنْ أَحَبَّكُمْ فَقَدْ أَحَبَّ الله".
    ختامًا؛ قال الشّيخ المُحدّث عبّاس القُمّي ونِعْمَ ما قال فكلامه مأخوذ مِنَ الرّوايات الشّريفة للذلك أحببت نقله، حيث قال: "(أعمال شهر مُحرّم، يوم عاشوراء يوم استُشهد فيه الحُسين (عليه السّلام) وهو يوم المُصيبة والحُزن للأئمّة (عليهم السّلام) وشيعتهم. وينبغي للشّيعة أنْ يُمسكوا فيه عَنِ السّعي في حوائج دُنياهم، وأنْ لايدّخروا فيه شَيْئًا لمنازلهم، وأنْ يتفرّغوا فيه للبُكاء والنياح وذكر المصائب، وأنْ يُقِيموا مآتم الحُسين (عليه السلام) كما يُقيمونه لأعزِّ أولادهم وأقاربهم، وأنْ يزوروه بزيارة عاشوراء، وأنْ يجتهدوا في سبّ قاتليه ولعنهم، وليعزِّ بعضهم بعضًا قائلا: "أَعْظَمَ اللهُ أُجُورَنا بِمُصَابِنَا بِالحُسَيْنِ عَلَيْهِ السَّلامُ، وَجَعَلَنا وَإِيَّاكُمْ مِنْ الطَّالِبِينَ بِثارِهِ مَعَ وَلِيِّهِ الإمام المَهْدِيِّ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِمُ السَّلامُ". وينبغي أنْ يتذاكروا فيه مقتل الحُسين (عليه السّلام) فيستبكي بعضهم بعضًا، ورُوِيَ أنّه لمّا أُمِرَ مُوسى (عليه السّلام) بلقاء الخضر (عليه السّلام) والتعلّم منه كان أول ماتذاكروا فيه هو أنّ العالِمَ حدَّث مُوسى (عليه السّلام) بمصائب آل مُحمّد (عليهم السّلام) فبكيا واشتدّ بكاؤهما".[عبّاس القُمّي، مفاتيح الجِنان، ص356، الفصل السّابع مِنَ الباب الثّاني].

    جاء في زيارة النّاحية المُقدّسة في السّلام على مولانا عليّ الأكبر (عليه السّلام): "السَّلَامُ مِنَ الله وَالسَّلَامُ مِنْ مَلَائِكَتِهِ المُقَرَّبِينَ وَأَنْبِيَائِهِ المُرْسَلِينَ وَعِبَادِهِ الصَّالِحِينَ‏ وَجَمِيعِ أَهْلِ طَاعَتِهِ مِنْ أَهْلِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرَضِينَ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللهِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ، السَّلَامُ عَلَى أَوَّلِ قَتِيلٍ مِنْ نَسْلِ خَيْرِ سَلِيلٍ مِنْ سُلَالَةِ إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ صَلَّى اللهُ عَلَيْكَ وَعَلَى أَبِيكَ؛ إِذْ قَالَ فِيكَ: قَتَلَ اللهُ قَوْمًا قَتَلُوكَ يَا بُنَيَّ مَا أَجْرَأَهُمْ عَلَى الرَّحْمَنِ وَعَلَى انْتِهَاكِ حُرْمَةِ الرَّسُولِ، عَلَى الدُّنْيَا بَعْدَكَ الْعَفَا، أَشْهَدُ أَنَّكَ ابْنُ حُجَّةِ اللهِ وَابْنُ أَمِينِهِ، حَكَمَ اللهُ لَكَ عَلَى قَاتِلِيكَ وَأَصْلَاهُمْ‏ جَهَنَّمَ وَساءَتْ مَصِيرًا، وَجَعَلَنَا اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ مُلَاقِيكَ وَمُرَافِقِيكَ وَمُرَافِقِي جَدِّكَ وَأَبِيكَ وَعَمِّكَ وَأَخِيكَ وَأُمِّكَ المَظْلُومَةِ الطَّاهِرَةِ المُطَهَّرَةِ، وَأَبْرَأُ إِلَى اللهِ مِمَّنْ قَتَلَكَ، وَأَسْأَلُ اللهَ مُرَافَقَتَكُمْ فِي دَارِ الْخُلُودِ، وَالسَّلَامُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ".


    جعلنا الله تعالى وإيّاكم، وجميع المؤمنين والمؤمنات مِنَ الّذين يُسعدون سيّدة نساء العالمين فاطمة الزّهراء (عليها وآلها السّلام). "اللَّهُمَّ العَنْ أَوَّلَ ظالِمٍ ظَلَمَ حَقَّ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَآخِرَ تابِعٍ لَهُ عَلَى ذلِكَ، اللَّهُمَّ العَنْ العِصابَةَ الَّتِي جاهَدَتِ الحُسَيْنَ وَشايَعَتْ وَبايَعَتْ وَتابَعَتْ عَلى قَتْلِهِ، اللَّهُمَّ العَنْهُمْ جَميعًا".
    عبد آل مُحمّد (عليهم السّلام) وابن عبدهم وابن أمتهم، المقرّ بالرّقّ، التّارك للخلاف عليهم، الموالي لوليهم والمُعادي لعدوّهم، جهاد المُوسوي.
    الكويت في 29/ 9/ 2017.

  • #2
    حَقَّرَ اللهُ مَنْ حَقَّرَكُمْ، وَانْتَقَمَ مِمَّنْ وَتَرَكُمْ،

    الى اخر النص هل يشمل فقط هذا الابن ام كل ال البيت
    كل ال البيت نقصد الجميع وليس فردا معينا

    تعليق


    • #3
      المشاركة الأصلية بواسطة محمدالاهدل
      حَقَّرَ اللهُ مَنْ حَقَّرَكُمْ، وَانْتَقَمَ مِمَّنْ وَتَرَكُمْ،
      الى اخر النص هل يشمل فقط هذا الابن ام كل ال البيت
      كل ال البيت نقصد الجميع وليس فردا معينا
      كل المعصومين عليهم السلام

      تعليق


      • #4
        المشاركة الأصلية بواسطة خائف من غضب الله
        كل المعصومين عليهم السلام
        دعنا نتفق على انهم معصومين ثم قل ما تريد
        الرسول عندما حدد ال البيت لم يعطك الحق لتحدد انت من هم

        تعليق


        • #5
          المشاركة الأصلية بواسطة محمدالاهدل
          دعنا نتفق على انهم معصومين ثم قل ما تريد
          الرسول عندما حدد ال البيت لم يعطك الحق لتحدد انت من هم
          صحيح فمن هم؟
          لاحظ الرواية
          كنت عند الصادق (ع) وأحدثه ، فدخل عليه ابنه فقال له : مرحبا وضمّه وقبله ، وقال : حقّر الله من حقّركم ، وانتقم ممن وتركم ، وخذل الله من خذلكم ، ولعن الله من قتلكم ، وكان الله لكم وليا وحافظا وناصرا ، فقد طال بكاء النساء وبكاء الأنبياء والصدّيقين ، والشهداء وملائكة السماء .
          ثم بكى، وقال : يا أبا بصير !.. إذا نظرتُ إلى ولد الحسين أتاني ما لا أملكه بما أُتي إلى أبيهم وإليهم .
          يا أبا بصير !.. إن فاطمة لتبكيه وتشهق ، فتزفر جهنم زفرة لولا أن الخزنة يسمعون بكاءها ، وقد استعدّوا لذلك مخافة أن يخرج منها عنق أو يشرد دخانها ، فيحرق أهل الأرض فيكبحونها ما دامت باكية ، ويزجرونها ويوثقون من أبوابها مخافة على أهل الأرض ، فلا تسكن حتى يسكن صوت فاطمة .
          وإن البحار تكاد تنفتق فيدخل بعضها على بعض ، وما منها قطرة إلا بها ملَك موكّل ، فإذا سمع الملَك صوتها أطفأ نأرها بأجنحته ، وحبس بعضها على بعض مخافة على الدنيا ومن فيها ومن على الأرض.
          فلا تزال الملائكة مشفقين يبكون لبكائها ، ويدعون الله ويتضرعون إليه ويتضرع أهل العرش ومن حوله ، وترتفع أصوات من الملائكة بالتقديس لله مخافة على أهل الأرض .. ولو أن صوتا من أصواتهم يصل إلى الأرض ، لصعق أهل الأرض وتقلّعت الجبال ، وزلزلت الارض بأهلها ..
          قلت : جعلت فداك!.. إن هذا الامر عظيم ، قال : غيره أعظم منه ما لم تسمعه ثم قال :
          يا أبا بصير !.. أماتحب أن تكون فيمن يُسعد فاطمة ؟.. فبكيت حين قالها ، فما قدرت على المنطق ، وماقدرت على كلامي من البكاء ، ثم قام إلى المصلى يدعو وخرجت من عنده على تلك الحال ، فما انتفعت بطعام وماجاءني النوم ، وأصبحت صائما وجلا حتى أتيته ، فلما رأيته قد سكن سكنت ، وحمدت الله حيث لم تنزل بي عقوبة.

          تعليق

          المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
          حفظ-تلقائي
          x

          رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

          صورة التسجيل تحديث الصورة

          اقرأ في منتديات يا حسين

          تقليص

          لا توجد نتائج تلبي هذه المعايير.

          يعمل...
          X