السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
نبث اليكم خطبة هذا الاسبوع لسماحة الشيخ حبيب الكاظمى ، فى مسجد الرسول الاعظم (ص) فى امارة ابوظبى ، الجمعة :1 ربيع الاول 1423 - 2-5-2003 ، وقد تناول فيه سماحته النقاط التالية :
1- ان حياة البشرية اليوم ، قائمة على أساس البرمجة والتخطيط .. ومن أهم الأسس في هذا المجال هي : دراسة الإمكانيات الموجودة ، ثم البحث عن الإمكانيات الممكنة ، ثم البحث عن نقاط الضعف والخلل ، ثم التفكير فى علاج تلك النقاط وتحويلها إلى نقاط قوة .. فإذا تمت هذه الدراسة فى جميع تلك الفروع ، فقد تمت بذلك الهيكلية العامة للتخطيط الناجح ، ومن المعلوم ان السائر على طريق واضح ، لا تهمه ساعة الوصول ما دام مطمئنا من صحة مسيرته ..
2- ان الله تعالى خلق هذا الكون المحير وفق برنامجه الذي لا نحيط علما به ، فهذه الجينات الوراثية في الخلية الحية ، ما هي الا برنامج مكتوب بتلك اليد البديعة ، وهى التي تضع الخلية الأولى في مسار التكامل السريع ، وإذا بها تتحول - وفق ذلك المخطط المرسوم - إلى أرقى موجود على وجه الأرض !!.. وعليه فان برمجة حياتنا اليومية ، صورة من صور التخلق بأخلاق الرب ، وهل من ضير في ان نتشبه بأخلاق الحكيم المتعال ، ولكن في حدود القدرات البشرية ؟
3- ان قصر الحياة في هذه الدنيا ، يجعل أحدنا حريصا على اغتنام أية فرصة من فرص العمر ، وخاصة ان حياة أحدنا يكتنفها جهل ما قبل البلوغ ، وضعف ما قبل الممات ، فلم يبق الا أيام عنفوان الشباب بما فيه من نشاط وحيوية .. والذي يحز في النفس ، ويثير بالغ الأسف : ان سكر الشباب يشغل البال عن كثير من الأمور التي لا يمكن تعويضها لاحقا ، ومن المعلوم ان الندامة يوم القيامة من اشد صور التعذيب ، عندما يرى الفرد تلك الفرص الذهبية التي مرت عليه مر السحاب من دون اغتنام !!
4-ان الشيطان يحاول في أول الأمر ان يشغل العبد بالقبيح ، فإذا رأى العبد منشغلا بالحسن عن القبيح ، حاول ان يشغله عن الأحسن بالحسن ، بمعنى انه يقنع فى آخر المطاف ، ان ينشغل العبد بطاعة من الطاعات ، ولكنها ليست الارقى في نظر المولى ، كمن ينشغل ببعض المستحبات اللفظية ، تاركا واجبه الاجتماعي تجاه الآخرين : صلة للأرحام ، ونهيا عن الحرام ، وتثبيتا لحاكمية الله تعالى في الأرض .
5- ان برمجة الحياة تحتاج إلى معونة خبير في هذا المجال ، ليأخذ بيد العبد التائه ، والمتخبط في مشيه .. ولكن لا نخفى سرا عندما نقول : ان قلة وجود المرشدين الصالحين ، من آفات هذا العصر الذي طغت فيه المادة الملهية ، على التفكير الجاد في برمجة الحياة الأبدية ، والتي لا تعد الحياة الدنيا في قبالها الا صورة من صور اللهو واللعب ، كما عبر عنه القرآن الكريم .. ولكن فى مقابل ذلك فان سهولة الوصول إلى سيرة الأولياء من المعصومين (ع) وغيرهم ، تعين الفرد على استيعاب القواعد العامة لاكتشاف سر السعادة فى الحياة !!
6- ان من المناسب - اذا أراد أحدنا ان يفكر في هندسة حياته من جديد ، أو تصحيح مسيرة منحرفة فيها - ان يجعل مثل هذا التفكير المصيري ، في ساعة خلوة مع ربه ، وخاصة في الأوقات المباركة .. فلئن كان باب الوحي مسدودا على غير الأنبياء (ع) فان عالم الإلهام والإلقاء في الروع ، أمر متعارف في حياة المؤمنين .. ومن الواضح ان الله تعالى شفيق بعباده إلى درجة لا تحتملها عقولنا ، وهذا من مقتضيات علاقة الخالقية والمخلوقية ، إذ الخالق يحب مخلوقه اكثر من حب المخلوق لنفسه .. أو ليس هو أقرب إلينا من حبل الوريد ؟!
7- إننا نؤكد على ضرورة التعامل مع النفس تعامل الشريك مع شريكه ، بل اكثر من ذلك .. وعليه فلا بد من تدوين نقاط الضعف التي يخشى الإنسان منها ، والتعامل معها كحالة مرضية : فيراقب تاريخ المرض وسيره ، وسرعة اشتداده ، وساعات اوجه ، و العلاج المحتمل ، و ملاءمة العلاج لمزاجه ، ومراحل القضاء على المرض ، والبحث عن الطبيب المعالج ، وتحمل الحمية اللازمة لعلاج ذلك المرض ، وغير ذلك من المراقبات اللازمة في هذا المجال .. ومن العجيب ان أهل الدنيا يعملون بكل ذلك في علاج أمراض أبدانهم الفانية ، ولا يفكرون في علاج آفات أرواحهم الباقية .. ولك ان تتصور فداحة الخطب من العذاب الذي لا نهاية له !!.
8- ان من المناسب ان يلزم الإنسان نفسه في بعض مراحل حياته بعمل استحبابي : سواء كان ذكرا لفظيا ، أو عملا عبادياً ، مع مراعاة الرفق والتدرج فى ذلك ، فانه صورة من صور التدريب على الالتزام بقرارات النفس ، فان طبيعة النفس الإنسانية تتهرب من الالتزام بما يخالف المزاج والشهوة .. فهنيئا لمن ترقى بنفسه الأمارة بالسوء ، إلى نفس لوامة لما يفوتها من الخير، لتتحقق أخيرا بفضل من الله ورحمة : المرحلة العليا من كمال الإنسان .. ألا وهى مرحلة النفس المطمئنة ، لترجع إلى ربها راضية مرضية !!
===============================
ملاحظات :
هل غفلنا عن محاسبة انفسنا !! http://www.alseraj.net/13/
للمشاهدة أو الاستماع ، اذهب إلى العنوان التالي
http://www.alseraj.net
إذا أردت ان تكون شريكا في نشر الهدى فاطبع وانشر هذه الصفحة
*** الدال على الخير كفاعله ***
===========================
نبث اليكم خطبة هذا الاسبوع لسماحة الشيخ حبيب الكاظمى ، فى مسجد الرسول الاعظم (ص) فى امارة ابوظبى ، الجمعة :1 ربيع الاول 1423 - 2-5-2003 ، وقد تناول فيه سماحته النقاط التالية :
1- ان حياة البشرية اليوم ، قائمة على أساس البرمجة والتخطيط .. ومن أهم الأسس في هذا المجال هي : دراسة الإمكانيات الموجودة ، ثم البحث عن الإمكانيات الممكنة ، ثم البحث عن نقاط الضعف والخلل ، ثم التفكير فى علاج تلك النقاط وتحويلها إلى نقاط قوة .. فإذا تمت هذه الدراسة فى جميع تلك الفروع ، فقد تمت بذلك الهيكلية العامة للتخطيط الناجح ، ومن المعلوم ان السائر على طريق واضح ، لا تهمه ساعة الوصول ما دام مطمئنا من صحة مسيرته ..
2- ان الله تعالى خلق هذا الكون المحير وفق برنامجه الذي لا نحيط علما به ، فهذه الجينات الوراثية في الخلية الحية ، ما هي الا برنامج مكتوب بتلك اليد البديعة ، وهى التي تضع الخلية الأولى في مسار التكامل السريع ، وإذا بها تتحول - وفق ذلك المخطط المرسوم - إلى أرقى موجود على وجه الأرض !!.. وعليه فان برمجة حياتنا اليومية ، صورة من صور التخلق بأخلاق الرب ، وهل من ضير في ان نتشبه بأخلاق الحكيم المتعال ، ولكن في حدود القدرات البشرية ؟
3- ان قصر الحياة في هذه الدنيا ، يجعل أحدنا حريصا على اغتنام أية فرصة من فرص العمر ، وخاصة ان حياة أحدنا يكتنفها جهل ما قبل البلوغ ، وضعف ما قبل الممات ، فلم يبق الا أيام عنفوان الشباب بما فيه من نشاط وحيوية .. والذي يحز في النفس ، ويثير بالغ الأسف : ان سكر الشباب يشغل البال عن كثير من الأمور التي لا يمكن تعويضها لاحقا ، ومن المعلوم ان الندامة يوم القيامة من اشد صور التعذيب ، عندما يرى الفرد تلك الفرص الذهبية التي مرت عليه مر السحاب من دون اغتنام !!
4-ان الشيطان يحاول في أول الأمر ان يشغل العبد بالقبيح ، فإذا رأى العبد منشغلا بالحسن عن القبيح ، حاول ان يشغله عن الأحسن بالحسن ، بمعنى انه يقنع فى آخر المطاف ، ان ينشغل العبد بطاعة من الطاعات ، ولكنها ليست الارقى في نظر المولى ، كمن ينشغل ببعض المستحبات اللفظية ، تاركا واجبه الاجتماعي تجاه الآخرين : صلة للأرحام ، ونهيا عن الحرام ، وتثبيتا لحاكمية الله تعالى في الأرض .
5- ان برمجة الحياة تحتاج إلى معونة خبير في هذا المجال ، ليأخذ بيد العبد التائه ، والمتخبط في مشيه .. ولكن لا نخفى سرا عندما نقول : ان قلة وجود المرشدين الصالحين ، من آفات هذا العصر الذي طغت فيه المادة الملهية ، على التفكير الجاد في برمجة الحياة الأبدية ، والتي لا تعد الحياة الدنيا في قبالها الا صورة من صور اللهو واللعب ، كما عبر عنه القرآن الكريم .. ولكن فى مقابل ذلك فان سهولة الوصول إلى سيرة الأولياء من المعصومين (ع) وغيرهم ، تعين الفرد على استيعاب القواعد العامة لاكتشاف سر السعادة فى الحياة !!
6- ان من المناسب - اذا أراد أحدنا ان يفكر في هندسة حياته من جديد ، أو تصحيح مسيرة منحرفة فيها - ان يجعل مثل هذا التفكير المصيري ، في ساعة خلوة مع ربه ، وخاصة في الأوقات المباركة .. فلئن كان باب الوحي مسدودا على غير الأنبياء (ع) فان عالم الإلهام والإلقاء في الروع ، أمر متعارف في حياة المؤمنين .. ومن الواضح ان الله تعالى شفيق بعباده إلى درجة لا تحتملها عقولنا ، وهذا من مقتضيات علاقة الخالقية والمخلوقية ، إذ الخالق يحب مخلوقه اكثر من حب المخلوق لنفسه .. أو ليس هو أقرب إلينا من حبل الوريد ؟!
7- إننا نؤكد على ضرورة التعامل مع النفس تعامل الشريك مع شريكه ، بل اكثر من ذلك .. وعليه فلا بد من تدوين نقاط الضعف التي يخشى الإنسان منها ، والتعامل معها كحالة مرضية : فيراقب تاريخ المرض وسيره ، وسرعة اشتداده ، وساعات اوجه ، و العلاج المحتمل ، و ملاءمة العلاج لمزاجه ، ومراحل القضاء على المرض ، والبحث عن الطبيب المعالج ، وتحمل الحمية اللازمة لعلاج ذلك المرض ، وغير ذلك من المراقبات اللازمة في هذا المجال .. ومن العجيب ان أهل الدنيا يعملون بكل ذلك في علاج أمراض أبدانهم الفانية ، ولا يفكرون في علاج آفات أرواحهم الباقية .. ولك ان تتصور فداحة الخطب من العذاب الذي لا نهاية له !!.
8- ان من المناسب ان يلزم الإنسان نفسه في بعض مراحل حياته بعمل استحبابي : سواء كان ذكرا لفظيا ، أو عملا عبادياً ، مع مراعاة الرفق والتدرج فى ذلك ، فانه صورة من صور التدريب على الالتزام بقرارات النفس ، فان طبيعة النفس الإنسانية تتهرب من الالتزام بما يخالف المزاج والشهوة .. فهنيئا لمن ترقى بنفسه الأمارة بالسوء ، إلى نفس لوامة لما يفوتها من الخير، لتتحقق أخيرا بفضل من الله ورحمة : المرحلة العليا من كمال الإنسان .. ألا وهى مرحلة النفس المطمئنة ، لترجع إلى ربها راضية مرضية !!
===============================
ملاحظات :
هل غفلنا عن محاسبة انفسنا !! http://www.alseraj.net/13/
للمشاهدة أو الاستماع ، اذهب إلى العنوان التالي
http://www.alseraj.net
إذا أردت ان تكون شريكا في نشر الهدى فاطبع وانشر هذه الصفحة
*** الدال على الخير كفاعله ***
===========================