ماهية الذَّنب وأنواعه
أهداف الدرس:
أن يكون الطالب مع نهاية الدرس قادراً على أن:
1. يحدِّد معنى الذنب في اللغة والمصطلح الشرعي.
2. يسمّي المصطلحات ذات الصلة بالذنب بحسب الاستخدام القرآني.
3. يتعرَّف على ضوابط تقسيم الذُّنوب بحسب القرآن وروايات أهل البيت عليهم السلام.
11
تمهيد:
قال الله تعالى مخاطباً النبي محمد صلى الله عليه وآله: ﴿وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾1، وروي عنه صلى الله عليه وآله أنَّه قال: "إنَّما بُعثتُ لأتمِّم مكارمَ الأخلاق"2.
إنَّ الغاية من التكليف الإلهي وبعثة الأنبياء والرُّسل مبشِّرين ومنذرين للنَّاس هي تحقيقُ الكمال الروحيّ والنَّفسي للإنسان، وإنشاء المجتمع الإسلامي الفاضل؛ الذي تتوازن فيه علاقات أفراده وتتكامل، لذا نجد أن الشريعة الإسلامية قد حفلت بالكثير من الإرشادات والنصائح والتعاليم في مجال الأخلاق التي تكفل صناعة المجتمع الإنساني المنشود وتكفل تربية النفس الإنسانية وتزكيتها بما يحقِّق لها كمالها ورفعتها، ولم تكتف الشريعة بهذه الإرشادات فحسب، بل إنها صبغت الفرائض بصبغة ذات أبعاد روحية لتنعكس في حياة الإنسان كلها؛ فالصلاة مثلاً إضافة إلى كونها فريضةً إلهيةً تنهى عن الفحشاء والمنكر، فإنّها تربّي المصلّي على الممارسات الأخلاقية الإيجابية، ما يحصِّنه من الوقوع في الذنوب، وهكذا باقي الفرائض.
ومن هذا المنطلق ركَّزت الشريعة الإسلامية -قرآناً وسنَّة- على اجتناب الذُّنوب كلِّها وبالأخصّ الكبائر منها، لكي لا يؤدِّي ذلك إلى انغماس الإنسان في مستنقع الرَّذيلة، ويحرم نفسه من فرصة التكامل المعنوي ويعيش حالة الشقاء الدنيوي والعذاب والخسران الأخروي، ومن هنا وجب على الإنسان مجاهدة نفسه
13
وترويضها وإبعادها عن الوقوع في المعصية، روي عن أمير المؤمنين عليه السلام: "جاهد نفسك وحاسبها محاسبة الشريك شريكه، وطالبها بحقوق الله مطالبة الخصم خصمه، فإن أسعد الناس من انتدب لمحاسبة نفسه"3.
معنى الذَّنب:
1. الذنب لغةً:
الذَّنب لغةً بمعنى الإثم والجرم والمعصية، والجمع ذنوب، وأذنب الرجل أي صار ذا ذَنبٍ. وقوله عز وجل في مناجاة موسى عليه السلام ﴿وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنْبٌ فَأَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِ﴾4، عنى به قتل الرجل الذي وكزه موسى عليه السلام فقضى عليه، وكان ذلك الرجل من آل فرعون5. وفي قوله تعالى: ﴿فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِم﴾6، أي أخذهم الله بسيِّئات أعمالهم بمعنى تبعة العمل، فالذَّنب معناه التّابع. فكلُّ عملٍ مخالف للقرآن الكريم وروايات النّبي صلى الله عليه واله وسلم وأهل البيت عليهم السلام يتبعه نوع من الجزاء الدنيوي أو الأخروي أو كلاهما معا7ً.
2. الذَّنْبُ اصطلاحاً:
الذنب: هو مخالفةُ الأوامر الإلهيَّة الواردة في الشَّريعة الإسلاميَّة من خلال ترك الواجبات أو ارتكاب المحرَّمات التي يعاقب الله تعالى عليها.
فكلُّ مخالفة لتلك الأوامر والنواهي تعدُّ ذنباً، حتَّى لو كان هذا الذنب في نفسه هيّناً وبسيطاً، فهو عظيم لمخالفته الأوامر والنواهي الربّانية، والخروج عن رَسْمِ الطَّاعة والعبوديَّة.
14
الذّنب في القرآن الكريم:
إنَّ المصطلحات التي وردت في القرآن الكريم حول الذَّنب وأقسامه متعدِّدة ومتنوِّعةٌ، وكلُّ مصطلحٍ يكشف عن بُعدٍ من الأبعاد الخاصَّة "للذَّنب"، وتلك هي طريقة القرآن الكريم وأسلوبه في تنوّع الاستعمال والمصطلحات المستخدمة، لأن الأهداف والرسائل التي يريد إيصالها إلى الناس متنوِّعةٌ هي الأخرى. وقد بيّن القرآن الكريم الآثار السيئة للذنوب بطرق مختلفة من خلال هذه الاستعمالات.
والاستعمالات التي وردت في القرآن الكريم تعبيراً عن "الذنب" هي الآتية8: "الذَّنب، المعصية، الإثم، السيِّئة، الجُرم، الحرام، الخطيئة، الفسق، الفساد، الفجور، المنكر، الفاحشة، الخَبْطُ، الشرُّ، اللّمم، الوِزْرُ، والثِّقل، الحِنْثُ، الحَوْبُ".
1- الذَّنب: ومعناه التَّابع، وحيث إنَّ كلّ عملٍ مخالفٍ للشَّريعة يتبعه نوعٌ من الجزاء الدُّنيوي أو الأخروي، كما في قوله تعالى: ﴿...فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَنْشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْناً9 آخَرِين﴾10.
2- المعصية: ومعناها التمرُّد والخروج عن الأوامر الإلهيَّة، وتعبِّر عن تعدِّي الإنسان لحدود العبوديّة، كما في قوله تعالى: ﴿وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَاراً خَالِداً فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ﴾11.
3- الإثم: ومعناه الخمول، والعجز، والحرمان من الأجر والثواب. وهو دلالة على أنّ الآثم شخصٌ عاجزٌ ومحرومٌ ولا ينبغي له أن يتوهّم بأنه فطنٌ، وهو قوله تعالى: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ﴾12.
4- السيّئة: ومعناها العمل القبيح والسيّئ الموجب للهوان والذلّة، وتُقابلها الحسنة التي تعني السَّعادة والفلاح، كما في قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئَاتِ جَزَاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا﴾13.
5- الجُرم: ويعني في الأصل انفصال الثمرة عن الشجرة وكذلك تعني
15
الانحطاط، والجريمة والجرائم اشتقت من نفس هذه المادة، والتلوّث بالجرم يبعد الإنسان عن الحقيقة، والسعادة، والتكامل، والهدف، كما في قوله تعالى ﴿وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُبْلِسُ الْمُجْرِمُونَ﴾15,14.
6- الحرام: وتعني هذه الكلمة المنع والحظر. كلباس الإحرام الذي يرتديه الإنسان في الحج والعمرة فيحرم عليه ممارسة بعض الأعمال. والشهر الحرام هو الشهر الذي يحرّم فيه القتال. والمسجد الحرام يعني المسجد الذي له قدسيّة وحرمة خاصة ويحرم على المشركين الدخول فيه، كما في قوله تعالى ﴿...وَإِنْ يَأْتُوكُمْ أُسَارَى تُفَادُوهُمْ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْرَاجُهُمْ...﴾16.
7- الخطيئة: وتعني الذَّنب غير المتعمّد، وقد تعني أحياناً الذَّنبَ الكبير، كما أشير إليها في آيتين في القرآن الكريم: ﴿بَلى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحاطَتْ بِهِ خَطيئَتُهُ فَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فيها خالِدُون﴾17، وقوله تعالى في سورة الحاقة: ﴿وَلَا طَعَامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ لَا يَأْكُلُهُ إِلَّا الْخَاطِئُونَ﴾18. فارتكاب الخطيئة يقطع على الإنسان طريقَ النَّجاة ويمنعُ حلول الأنوار الإلهية في قلبه. فالخطيئة إذاً، هي حالةٌ تحصلُ للإنسان نتيجةَ اقترافه الذَّنب فتمنعه من بلوغ سبيل النَّجاة وتحجبُ نفوذَ أنوار الهداية إلى قبله.
8- الفسق: ويعني في الأصل خروج نوى التَّمر عن قشوره، وهو كنايةٌ عن خروج المذنب عن طريق الطَّاعة والعبوديَّة لله سبحانه وتعالى. أي أنَّ الفاسق قد انتهكَ حرمةَ الأوامر الإلهيَّة، وفي النتيجة يبقى هذا المذنبُ عارياً وبدون حصنٍ يحصِّنه وحافظٍ يحفظه، كما في قوله تعالى: ﴿إِلاَّ إِبْليسَ كانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّه﴾19.
9- الفساد: ويعني الخروج عن حد الاعتدال، ونتيجته الضياع وتبذير القوى، ويضاده الصلاح، ويستعمل ذلك في النفس والبدن والأشياء الخارجة عن
16
الاستقامة، كما في قوله تعالى: ﴿وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللهُ لاَ يُحِبُّ الْفَسَادَ﴾20.
10- الفجور: ومعناه شقّ الشيء شقّاً واسعاً. والفجور يعني تمزّق ستار الحياء والسمعة والدين، وعاقبته الافتضاح، كما في قوله تعالى: ﴿كَلاَ إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ﴾21.
11- المنكر: وأصله من الإنكار بمعنى غير المعروف وضدّه العرفان. وذلك لكون الذنب غير مأنوس لدى الفطرة والعقل السليم، بل يعدّانه قبيحاً أجنبياً، كما في قوله تعالى:﴿وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنْكَرَ﴾22.
12- الفاحشة: هي الكلامُ والعملُ القبيحُ الذي لا شكَّ في قُبحه. وقد تستعمل بمعنى العمل الشَّديد القبح، وبمعنى العار، والتضجّر. كما في قوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ﴾23.
13- الخبط: ومعناه عدم التعادل والتوازن في القيام والقعود، وكأن المذنب يتحرّك حركات غير موزونة ولا معقولة يتبعها خمول وانحطاط. كما في قوله تعالى: ﴿يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَس﴾24.
14- الشر: ومعناه كل شيء قبيح يرفضه الناس، والعكس منه اصطلاح الخير، بمعنى العمل المحبوب لدى الناس، وكأن الذنب هو على خلاف الفطرة والإحساس الداخلي للبشر. وهذا الاصطلاح يستعمل غالباً في مورد البلاء والنوائب، ويستعمل أحياناً في مورد الذنب، حيث ورد في قوله تعالى بمعنى الذنب: ﴿وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ﴾25.
15- اللّمم: وهو على وزن قلم بمعنى القرب من الذَّنب، وبمعنى الأشياء القليلة أيضاً. ويستعمل في الذُّنوب الصغيرة، ووردت في قوله تعالى: ﴿الَّذينَ يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَواحِشَ إِلاَّ اللَّم﴾26.
17
16- الوِزْرُ: ومعناه الثِّقلُ ويأتي أكثر الأحيان بمعنى تحمُّل ذنوب الآخرين. فالوزير يطلق على من يتحمّل عبءَ الحكومة الثَّقيل، والمذنب غافلٌ عن أنَّه سيحملُ على عاتقه حِمْلاً ثقيلاً، كما في قوله تعالى: ﴿لِيَحْمِلُوا أَوْزارَهُمْ كامِلَةً يَوْمَ الْقِيامَ﴾27.
17- الحِنْث: على وزن جنس وأصله التمايل والانحراف نحو الباطل، وأكثر ما تستعمل هذه الكلمة للذنوب الناتجة من عدم الوفاء بالوعد، ونقض العهد بعد الالتزام به، التي تعدّ من الذنوب الكبيرة. كما في قوله تعالى: ﴿وَكَانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنْثِ الْعَظِيم﴾28.
18- الحَوب: الحوب بمعنى الإثم، فالجامع لما يطلق على الخطيئة والإثم يقال له: حِبتَ بكذا، أي أثِمت، وفي الدعاء "ربّ تقبّل توبتي واغفر حوبتي"، وفي كتاب الله العزيز: ﴿وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَهُمْ إِلى أَمْوالِكُمْ إِنَّهُ كانَ حُوباً كَبيرا﴾29.
وجاء في الروايات استعمالات أخرى للذُّنوب مثل: الجريرة، الجناية، الزلَّة، العثرة، والعيب و...
أقسام الذُّنوب وأنواعها:
الكبائر والصغائر:
لقد قسّم القرآن الكريم والروايات الشريفة الذنوب إلى نوعين هما: الكبائر والصغائر.
ويدلُّ على صحّة هذا التقسيم الآية الشريفة التالية، في قوله تعالى: ﴿إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ﴾30.
يستفاد من الآية أن الكبائر يقابلها ما هو أدنى منها رتبةً أي الصَّغائر، فالمنهي عنها هي المعاصي صغائرُ وكبائرُ، وأمَّا السيِّئات فهي الصَّغائر لمناسبة المقابلة بينها وبين الكبائر. وكبر المعصية إنّما يتحقّق بأهمية النهي عنها إذا قيس إلى النهي المتعلّق بغيرها، ولا يخلو قوله تعالى: ﴿مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ﴾ من دلالة على ذلك.
18
وقوله تعالى: ﴿الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلاَ اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ﴾31، و﴿اللَّمَم﴾ عبارة عن الصغائر أو نوع خاص منها.
رُوي عن الإمام الصَّادق عليه السلام: (في تفسير الآية) قال: "الفواحش: الزِّنا والسّرقة، واللمم: الرّجل يلمّ بالذَّنب فيستغفر اللهَ منه. قلت: بين الضَّلال والكفر منزلة"فقال: ما أكثر عرى الإيمان"32.
فاللِّمَم هو ما يلم به العبد من ذنوبٍ صغيرةٍ بجهالةٍ ثمَّ يندمُ ويستغفرُ ويتوبُ فيُغفَرُ له.
ويدلّ على ذلك قوله تعالى: ﴿وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لاَ يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلاَ كَبِيرَةً إِلاَ أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِراً وَلاَ يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً﴾33.
ومن مجموع هذه الآيات يظهر لنا أن الذنوب على نوعين: صغيرة وكبيرة، بالرغم من أن كل ذنب مخالف للأوامر الإلهية يعتبر كبيراً وثقيلاً، ولكن هذا الموضوع لا ينافي كون بعض الذنوب من حيث آثارها الوخيمةُ أكبر من البعض الآخر، وبالتالي يمكن لنا تقسيمها إلى كبيرة وصغيرة.
الذُّنوب كلُّها شديدة:
روي عن الإمام الباقر عليه السلام: "الذّنوب كلّها شديدة، وأشدُّها ما ينبت عليه الّلحم والدَّم لأنَّه إمَّا مرحومٌ وإمَّا معذَّبٌ والجنَّة لا يدخلها إلا طيّب"34.
فالذّنوب كلّها شديدةٌ أي بحسب ذواتها، لأنَّها مخالفةٌ للأوامر الإلهية وهذا هو وجه شدّتها وإن كان بعضها أشدّ من بعض، وأشدّها - حسب الرواية - ما ينبتُ عليه اللحم والدم الذي قد يشمل أكل الحرام والإصرار على المعصية من دون تكفيرها بالتوبة.
لأن الإنسان المرحوم هو من كفّرت ذنوبه بالتوبة أو البلاء في الدنيا، ويقابله المعذّب وهو الذي لم تكفّر ذنوبه بأحد الوجوه المتقدّمة، والجنة لا يدخلها إلا طيّبٌ:
19
أي طاهرٌ وخالصٌ من الذُّنوب35.
وعليه فالذنوب كلّها شديدةٌ، وجميعها كبائر ولا فرق بينها من جهة مخالفة المولى سبحانه وتعالى، وإنّما الكبائر والصَّغائر هي أمورٌ نسبيةٌ لا ذاتيةٌ وإنما نُطلِقُ عليها لفظ الصغائر بالإضافة إلى ما هو أكبر منها ونطلق عليها لفظ الكبائر بالإضافة والنسبة إلى ما هو أصغر منها36.
فالجرح بالنسبة إلى القتل صغيرةٌ، وبالنسبة إلى اللطم كبيرةٌ، والزنا بالنسبة إلى النظرة المحرَّمة كبيرةٌ37.
وعليه يُفهم من الرواية المتقدِّمة ضرورة تجنُّب كل ذنب يُعلَم كونه ذنباً حسب ما نصَّت عليه الشريعة الإسلامية، بل ينبغي تجنُّب كلّ ما يُحتمل أنّه كذلك وذلك لعظمة مقام الله تعالى وحقّ طاعته، فإن الجرأة على ذاته المقدَّسة محتملة حتَّى مع وجود الاحتمال، فمن احتمل أن في الكأس خمراً فعليه عقلاً أن يمتنع من شربه لا لمفسدة الخمر وضرره فحسب، بل لعظمة الله ووجوب طاعته في كل الموارد المحتملة.
محقّرات الذنوب:
للشيطان أبوابٌ كثيرةٌ ومداخل مختلفةٌ يأتي منها ابن آدم ويستدرجه إلى المعاصي، وإنَّ أكثر بابٍ يتسلَّلُ منه إلى قلوب الناس هو باب احتقار الذُّنوب واستصغارها من قبلهم، وذلك بعد أن ييأس الشيطان من إسقاطهم في كبائر الذنوب يسعى جاهداً لإيقاعهم في الصغائر؛ بل قد يصرُّون عليها، لأنّها بحسب تصنيفهم من صغائر الذنوب. لكنّه لو علم مدى خطورتها عليهم لما وقعوا فيها ولما أصرّوا عليها، روي عن رسول الله صلى الله عليه واله أنه قال: "لا تنظروا إلى صغر الذنب، ولكن انظروا إلى من اجترأتم"38.
وروي عن الإمام الصادق عليه السلام: "اتقوا المحقّرات من الذنوب فإنها لا تغفر، قلت: (أي الراوي): وما المحقّرات؟ قال: الرجل يذنب الذنب
20
فيقول: طوبى لي لم يكن لي غير ذلك"39. وروي عن الإمام الباقر عليه السلام: "اتقوّا المحقّرات من الذنوب فإن لها طالب"40.
وروي عن النبي الأعظم صلى الله عليه واله في وصيته لأبي ذر (رضوان الله عليه): "يا أبا ذر: إنّ الرجل ليعمل الحسنة فيتكل عليها، ويعمل المحقّرات حتَّى يأتي الله وهو عليه غضبان، وإنّ الرجل ليعمل السيئة فيفرق منها يأتي آمناً يوم القيامة"41.
فالمحقّرات من الذُّنوب هي الذُّنوب التي يحتقرها الإنسان ويستصغرها، ويستهين بها، ويقول حسب ما ورد في بعض الروايات "أُذنِب وأَستغفر"، والله تعالى يقول: ﴿وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِين﴾42.
فالذي يحقّر ذنبه ويستسهل أمره، ألا يدري أن الذنب مهما كان صغيراً أو حقيراً فإنَّه من حيث كونه معصيةً لله العظيم فإنه يُعد أمراً عظيماً، فلا ينبغي للمؤمن أن يحقّر شيئاً من الذنوب فقد لا يُغفر له بسبب تحقيره واستخفافه بها.
والصغيرة قد تقترن بقلّة الحياء وعدم المبالاة بها، وترك الخوف والاستهانة بالله العظيم والإصرار عليها، وهذا بالمناسبة ما يمنع من شمول الشَّفاعة للمذنب، فتتحول هذه الصغيرة إلى كبيرةٍ من الكبائر كما صرّحت الروايات43.
21
المفاهيم الرئيسة
1. الغاية من التكليف الإلهي وبعثة الأنبياء والرُّسل مبشرين ومنذرين للنَّاس هي تحقيقُ الكمال الروحيّ والنَّفسي للإنسان، وإنشاء المجتمع الإسلامي الفاضل.
2. ركَّزت الشريعة الإسلامية على موضوع اجتناب الذُّنوب لكي لا يؤدِّي ذلك إلى انغماس الإنسان في مستنقع الرَّذيلة وبالتالي حرمانه من فرصة التكامل.
3. الذنب هو مخالفةُ الأوامر الإلهيَّة الواردة في الشَّريعة الإسلاميَّة والتي يعاقب عليها الباري عزّ وجل.
4. المصطلحات التي وردت في القرآن الكريم حول الذَّنب وأقسامه متعدّدةٌ ومتنوِّعةٌ، وكلُّ مصطلحٍ يكشف عن بُعدٍ من الأبعاد الخاصَّة للذَّنب وعن آثاره السيئة.
5. قسّم القرآن الكريم والنصوص الشريفة الذنوب إلى كبائر و يقابلها ما هو أدنى منها رتبةً وهي الصَّغائر وكلاهما ورد النهي عنهما.
6. الذّنوب في الحقيقة كلّها كبائر ولا فرق بينها من جهة مخالفة المولى سبحانه وتعالى، وإنّما الكبائر والصَّغائر هي أمورٌ نسبيةٌ، وإنما نُطلِقُ عليها لفظ الصغائر بالإضافة إلى ما هو أكبر منها.
22
للمطالعة
العزم على ترك المعاصي
هناك مقام آخر يواجه الإنسان المجاهد بعد التفكّر، وهو مقام العزم... يقول أحد مشايخنا أطال الله عمره: "إنَّ العزم هو جوهر الإنسانية، ومعيار ميزة الإنسان، وأن اختلاف درجات الإنسان باختلاف درجات عزمه".
والعزم الذي يتناسب وهذا المقام، هو أن يوطِّن الإنسان نفسه على ترك المعاصي وأداء الواجبات، ويتّخذ قراراً بذلك، ويتدارك ما فاته في أيام حياته، وبالتالي يسعى على أن يجعل من ظاهره إنساناً عاقلاً وشرعياً، بحيث يحكم الشرع والعقل حسب الظاهر بأن هذا الشخص إنسان. والإنسان الشرعي هو الذي ينظِّم سلوكه وفق ما يتطلَّبه الشرع، يكون ظاهره كظاهر الرسول الأكرم صلى الله عليه واله،يقتدي بالنبي العظيم صلى الله عليه واله ويتأسّى به في جميع حركاته وسكناته، وفي جميع ما يفعل وما يترك. وهذا أمر ممكن، لأن جعل الظاهر مثل هذا القائد أمر مقدور لأيّ فرد من عباد الله.
واعلم... أن طي أي طريق في المعارف الإلهية، لا يمكن إلاّ بالبدء بظاهر الشريعة، وما لم يتأدّب الإنسان بآداب الشريعة الحقّة، لا يحصل له شيء من حقيقة الأخلاق الحسنة، كما لا يمكن أن يتجلّى في قلبه نور المعرفة وتتكشّف له العلوم الباطنية وأسرار الشريعة. وبعد انكشاف الحقيقة، وظهور أنوار المعارف في قلبه لا بد من الاستمرار في التأدّب بالآداب الشرعية الظاهرية أيضاً.
أيها العزيز... اجتهد لتصبح ذا عزم وإرادة، فإنك إذا رحلت من هذه الدنيا دون أن يتحقّق فيك العزم (على ترك المحرمات) فأنت إنسان صوري، بلا لب، ولن تحشر في ذلك العالم (عالم الآخرة) على هيئة إنسان، لأن ذلك العالم هو محل كشف الباطن وظهور السريرة، وإن التجرّؤ على المعاصي يفقد الإنسان تدريجياً، العزم ويختطف منه هذا الجوهر الشريف. يقول الأستاذ المعظم (دام ظله): "إنَّ أكثر ما يسبب على فقد الإنسان العزم والإرادة هو الاستماع للغناء"44.
هوامش
1- القلم، 4.
2- بحار الأنوار، ج16، ص21.
3- مستدرك الوسائل، ج12، ص153-154.
4- الشعراء، 14.
5- راجع: تاج العروس، ج1، ص499.
6 - غافر، 21.
7 - مفردات غريب القرآن، الراغب الأصفهاني، كتاب الذال وما يتصل بها، ص 181.
8- راجع: الذنب وأسبابه وعلاجه، ص10.
9- القرن: القوم والجماعة في زمان معين، والقرن: الاقتران بمعنى التقارب، وبالنظر لأن أهل العصر الواحد، أو العصور المتقاربة، قريبون من بعضهم، يطلق عليهم وعلى زمانهم اسم القرن، راجع: الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل، ج4، ص216.
10 - الأنعام، 6.
11 - النساء، 14.
12 - البقرة، 218.
13 - يونس، 27.
14- يبلس: مأخوذة من مادة(إبلاس) وتعني في الأصل الغم والحزن المترتبان على أثر شدة اليأس والقنوط. راجع: الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل، ج12، ص483.
15- الروم، 12 .
16 - البقرة، 85.
17- البقرة، 81.
18- الحاقة، 37.
19- الكهف، 50.
20- البقرة، 205.
21 - المطففين، 7.
22 - العنكبوت، 29.
23- النور، 19.
24 - البقرة، 275.
25- الزلزلة، 8.
26- النجم، 32.
27 - النحل، 25.
28- الواقعة، 46.
29- النساء، 2 .
30 - النساء، 31.
31- النجم، 32.
32- راجع: أصول الكافي، ج2، ص278.
33- الكهف، 49.
34- أصول الكافي، ج2، ص27.
35- راجع: شرح أصول الكافي، ج9، ص244.
36- راجع: الاقتصاد الهادي إلى طريق الرشاد، ص144 (بتصرف).
37 - وممن يذهب إلى هذا الرأي: الشيخ المفيد، وابن البراج الطرابلسي، وأبو الصلاح الحلبي، وابن إدريس الحليّ، و الشيخ الطوسي بل نسبه الطبرسي في تفسيره مجمع البيان إلى أصحابنا مطلقاً.
38 - بحار الأنوار، ج 74، ص168.
39 - أصول الكافي، ج2، ص287.
40 - أصول الكافي، ج2، ص270.
41- مكارم الأخلاق، ص462.
42- يس، 12.
43- كما سيأتي في الدروس اللاحقة.
44 - الأربعون حديثا، الإمام الخميني{،الحديث الأول، ص 34.
أهداف الدرس:
أن يكون الطالب مع نهاية الدرس قادراً على أن:
1. يحدِّد معنى الذنب في اللغة والمصطلح الشرعي.
2. يسمّي المصطلحات ذات الصلة بالذنب بحسب الاستخدام القرآني.
3. يتعرَّف على ضوابط تقسيم الذُّنوب بحسب القرآن وروايات أهل البيت عليهم السلام.
11
تمهيد:
قال الله تعالى مخاطباً النبي محمد صلى الله عليه وآله: ﴿وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾1، وروي عنه صلى الله عليه وآله أنَّه قال: "إنَّما بُعثتُ لأتمِّم مكارمَ الأخلاق"2.
إنَّ الغاية من التكليف الإلهي وبعثة الأنبياء والرُّسل مبشِّرين ومنذرين للنَّاس هي تحقيقُ الكمال الروحيّ والنَّفسي للإنسان، وإنشاء المجتمع الإسلامي الفاضل؛ الذي تتوازن فيه علاقات أفراده وتتكامل، لذا نجد أن الشريعة الإسلامية قد حفلت بالكثير من الإرشادات والنصائح والتعاليم في مجال الأخلاق التي تكفل صناعة المجتمع الإنساني المنشود وتكفل تربية النفس الإنسانية وتزكيتها بما يحقِّق لها كمالها ورفعتها، ولم تكتف الشريعة بهذه الإرشادات فحسب، بل إنها صبغت الفرائض بصبغة ذات أبعاد روحية لتنعكس في حياة الإنسان كلها؛ فالصلاة مثلاً إضافة إلى كونها فريضةً إلهيةً تنهى عن الفحشاء والمنكر، فإنّها تربّي المصلّي على الممارسات الأخلاقية الإيجابية، ما يحصِّنه من الوقوع في الذنوب، وهكذا باقي الفرائض.
ومن هذا المنطلق ركَّزت الشريعة الإسلامية -قرآناً وسنَّة- على اجتناب الذُّنوب كلِّها وبالأخصّ الكبائر منها، لكي لا يؤدِّي ذلك إلى انغماس الإنسان في مستنقع الرَّذيلة، ويحرم نفسه من فرصة التكامل المعنوي ويعيش حالة الشقاء الدنيوي والعذاب والخسران الأخروي، ومن هنا وجب على الإنسان مجاهدة نفسه
13
وترويضها وإبعادها عن الوقوع في المعصية، روي عن أمير المؤمنين عليه السلام: "جاهد نفسك وحاسبها محاسبة الشريك شريكه، وطالبها بحقوق الله مطالبة الخصم خصمه، فإن أسعد الناس من انتدب لمحاسبة نفسه"3.
معنى الذَّنب:
1. الذنب لغةً:
الذَّنب لغةً بمعنى الإثم والجرم والمعصية، والجمع ذنوب، وأذنب الرجل أي صار ذا ذَنبٍ. وقوله عز وجل في مناجاة موسى عليه السلام ﴿وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنْبٌ فَأَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِ﴾4، عنى به قتل الرجل الذي وكزه موسى عليه السلام فقضى عليه، وكان ذلك الرجل من آل فرعون5. وفي قوله تعالى: ﴿فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِم﴾6، أي أخذهم الله بسيِّئات أعمالهم بمعنى تبعة العمل، فالذَّنب معناه التّابع. فكلُّ عملٍ مخالف للقرآن الكريم وروايات النّبي صلى الله عليه واله وسلم وأهل البيت عليهم السلام يتبعه نوع من الجزاء الدنيوي أو الأخروي أو كلاهما معا7ً.
2. الذَّنْبُ اصطلاحاً:
الذنب: هو مخالفةُ الأوامر الإلهيَّة الواردة في الشَّريعة الإسلاميَّة من خلال ترك الواجبات أو ارتكاب المحرَّمات التي يعاقب الله تعالى عليها.
فكلُّ مخالفة لتلك الأوامر والنواهي تعدُّ ذنباً، حتَّى لو كان هذا الذنب في نفسه هيّناً وبسيطاً، فهو عظيم لمخالفته الأوامر والنواهي الربّانية، والخروج عن رَسْمِ الطَّاعة والعبوديَّة.
14
الذّنب في القرآن الكريم:
إنَّ المصطلحات التي وردت في القرآن الكريم حول الذَّنب وأقسامه متعدِّدة ومتنوِّعةٌ، وكلُّ مصطلحٍ يكشف عن بُعدٍ من الأبعاد الخاصَّة "للذَّنب"، وتلك هي طريقة القرآن الكريم وأسلوبه في تنوّع الاستعمال والمصطلحات المستخدمة، لأن الأهداف والرسائل التي يريد إيصالها إلى الناس متنوِّعةٌ هي الأخرى. وقد بيّن القرآن الكريم الآثار السيئة للذنوب بطرق مختلفة من خلال هذه الاستعمالات.
والاستعمالات التي وردت في القرآن الكريم تعبيراً عن "الذنب" هي الآتية8: "الذَّنب، المعصية، الإثم، السيِّئة، الجُرم، الحرام، الخطيئة، الفسق، الفساد، الفجور، المنكر، الفاحشة، الخَبْطُ، الشرُّ، اللّمم، الوِزْرُ، والثِّقل، الحِنْثُ، الحَوْبُ".
1- الذَّنب: ومعناه التَّابع، وحيث إنَّ كلّ عملٍ مخالفٍ للشَّريعة يتبعه نوعٌ من الجزاء الدُّنيوي أو الأخروي، كما في قوله تعالى: ﴿...فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَنْشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْناً9 آخَرِين﴾10.
2- المعصية: ومعناها التمرُّد والخروج عن الأوامر الإلهيَّة، وتعبِّر عن تعدِّي الإنسان لحدود العبوديّة، كما في قوله تعالى: ﴿وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَاراً خَالِداً فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ﴾11.
3- الإثم: ومعناه الخمول، والعجز، والحرمان من الأجر والثواب. وهو دلالة على أنّ الآثم شخصٌ عاجزٌ ومحرومٌ ولا ينبغي له أن يتوهّم بأنه فطنٌ، وهو قوله تعالى: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ﴾12.
4- السيّئة: ومعناها العمل القبيح والسيّئ الموجب للهوان والذلّة، وتُقابلها الحسنة التي تعني السَّعادة والفلاح، كما في قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئَاتِ جَزَاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا﴾13.
5- الجُرم: ويعني في الأصل انفصال الثمرة عن الشجرة وكذلك تعني
15
الانحطاط، والجريمة والجرائم اشتقت من نفس هذه المادة، والتلوّث بالجرم يبعد الإنسان عن الحقيقة، والسعادة، والتكامل، والهدف، كما في قوله تعالى ﴿وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُبْلِسُ الْمُجْرِمُونَ﴾15,14.
6- الحرام: وتعني هذه الكلمة المنع والحظر. كلباس الإحرام الذي يرتديه الإنسان في الحج والعمرة فيحرم عليه ممارسة بعض الأعمال. والشهر الحرام هو الشهر الذي يحرّم فيه القتال. والمسجد الحرام يعني المسجد الذي له قدسيّة وحرمة خاصة ويحرم على المشركين الدخول فيه، كما في قوله تعالى ﴿...وَإِنْ يَأْتُوكُمْ أُسَارَى تُفَادُوهُمْ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْرَاجُهُمْ...﴾16.
7- الخطيئة: وتعني الذَّنب غير المتعمّد، وقد تعني أحياناً الذَّنبَ الكبير، كما أشير إليها في آيتين في القرآن الكريم: ﴿بَلى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحاطَتْ بِهِ خَطيئَتُهُ فَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فيها خالِدُون﴾17، وقوله تعالى في سورة الحاقة: ﴿وَلَا طَعَامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ لَا يَأْكُلُهُ إِلَّا الْخَاطِئُونَ﴾18. فارتكاب الخطيئة يقطع على الإنسان طريقَ النَّجاة ويمنعُ حلول الأنوار الإلهية في قلبه. فالخطيئة إذاً، هي حالةٌ تحصلُ للإنسان نتيجةَ اقترافه الذَّنب فتمنعه من بلوغ سبيل النَّجاة وتحجبُ نفوذَ أنوار الهداية إلى قبله.
8- الفسق: ويعني في الأصل خروج نوى التَّمر عن قشوره، وهو كنايةٌ عن خروج المذنب عن طريق الطَّاعة والعبوديَّة لله سبحانه وتعالى. أي أنَّ الفاسق قد انتهكَ حرمةَ الأوامر الإلهيَّة، وفي النتيجة يبقى هذا المذنبُ عارياً وبدون حصنٍ يحصِّنه وحافظٍ يحفظه، كما في قوله تعالى: ﴿إِلاَّ إِبْليسَ كانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّه﴾19.
9- الفساد: ويعني الخروج عن حد الاعتدال، ونتيجته الضياع وتبذير القوى، ويضاده الصلاح، ويستعمل ذلك في النفس والبدن والأشياء الخارجة عن
16
الاستقامة، كما في قوله تعالى: ﴿وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللهُ لاَ يُحِبُّ الْفَسَادَ﴾20.
10- الفجور: ومعناه شقّ الشيء شقّاً واسعاً. والفجور يعني تمزّق ستار الحياء والسمعة والدين، وعاقبته الافتضاح، كما في قوله تعالى: ﴿كَلاَ إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ﴾21.
11- المنكر: وأصله من الإنكار بمعنى غير المعروف وضدّه العرفان. وذلك لكون الذنب غير مأنوس لدى الفطرة والعقل السليم، بل يعدّانه قبيحاً أجنبياً، كما في قوله تعالى:﴿وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنْكَرَ﴾22.
12- الفاحشة: هي الكلامُ والعملُ القبيحُ الذي لا شكَّ في قُبحه. وقد تستعمل بمعنى العمل الشَّديد القبح، وبمعنى العار، والتضجّر. كما في قوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ﴾23.
13- الخبط: ومعناه عدم التعادل والتوازن في القيام والقعود، وكأن المذنب يتحرّك حركات غير موزونة ولا معقولة يتبعها خمول وانحطاط. كما في قوله تعالى: ﴿يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَس﴾24.
14- الشر: ومعناه كل شيء قبيح يرفضه الناس، والعكس منه اصطلاح الخير، بمعنى العمل المحبوب لدى الناس، وكأن الذنب هو على خلاف الفطرة والإحساس الداخلي للبشر. وهذا الاصطلاح يستعمل غالباً في مورد البلاء والنوائب، ويستعمل أحياناً في مورد الذنب، حيث ورد في قوله تعالى بمعنى الذنب: ﴿وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ﴾25.
15- اللّمم: وهو على وزن قلم بمعنى القرب من الذَّنب، وبمعنى الأشياء القليلة أيضاً. ويستعمل في الذُّنوب الصغيرة، ووردت في قوله تعالى: ﴿الَّذينَ يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَواحِشَ إِلاَّ اللَّم﴾26.
17
16- الوِزْرُ: ومعناه الثِّقلُ ويأتي أكثر الأحيان بمعنى تحمُّل ذنوب الآخرين. فالوزير يطلق على من يتحمّل عبءَ الحكومة الثَّقيل، والمذنب غافلٌ عن أنَّه سيحملُ على عاتقه حِمْلاً ثقيلاً، كما في قوله تعالى: ﴿لِيَحْمِلُوا أَوْزارَهُمْ كامِلَةً يَوْمَ الْقِيامَ﴾27.
17- الحِنْث: على وزن جنس وأصله التمايل والانحراف نحو الباطل، وأكثر ما تستعمل هذه الكلمة للذنوب الناتجة من عدم الوفاء بالوعد، ونقض العهد بعد الالتزام به، التي تعدّ من الذنوب الكبيرة. كما في قوله تعالى: ﴿وَكَانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنْثِ الْعَظِيم﴾28.
18- الحَوب: الحوب بمعنى الإثم، فالجامع لما يطلق على الخطيئة والإثم يقال له: حِبتَ بكذا، أي أثِمت، وفي الدعاء "ربّ تقبّل توبتي واغفر حوبتي"، وفي كتاب الله العزيز: ﴿وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَهُمْ إِلى أَمْوالِكُمْ إِنَّهُ كانَ حُوباً كَبيرا﴾29.
وجاء في الروايات استعمالات أخرى للذُّنوب مثل: الجريرة، الجناية، الزلَّة، العثرة، والعيب و...
أقسام الذُّنوب وأنواعها:
الكبائر والصغائر:
لقد قسّم القرآن الكريم والروايات الشريفة الذنوب إلى نوعين هما: الكبائر والصغائر.
ويدلُّ على صحّة هذا التقسيم الآية الشريفة التالية، في قوله تعالى: ﴿إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ﴾30.
يستفاد من الآية أن الكبائر يقابلها ما هو أدنى منها رتبةً أي الصَّغائر، فالمنهي عنها هي المعاصي صغائرُ وكبائرُ، وأمَّا السيِّئات فهي الصَّغائر لمناسبة المقابلة بينها وبين الكبائر. وكبر المعصية إنّما يتحقّق بأهمية النهي عنها إذا قيس إلى النهي المتعلّق بغيرها، ولا يخلو قوله تعالى: ﴿مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ﴾ من دلالة على ذلك.
18
وقوله تعالى: ﴿الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلاَ اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ﴾31، و﴿اللَّمَم﴾ عبارة عن الصغائر أو نوع خاص منها.
رُوي عن الإمام الصَّادق عليه السلام: (في تفسير الآية) قال: "الفواحش: الزِّنا والسّرقة، واللمم: الرّجل يلمّ بالذَّنب فيستغفر اللهَ منه. قلت: بين الضَّلال والكفر منزلة"فقال: ما أكثر عرى الإيمان"32.
فاللِّمَم هو ما يلم به العبد من ذنوبٍ صغيرةٍ بجهالةٍ ثمَّ يندمُ ويستغفرُ ويتوبُ فيُغفَرُ له.
ويدلّ على ذلك قوله تعالى: ﴿وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لاَ يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلاَ كَبِيرَةً إِلاَ أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِراً وَلاَ يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً﴾33.
ومن مجموع هذه الآيات يظهر لنا أن الذنوب على نوعين: صغيرة وكبيرة، بالرغم من أن كل ذنب مخالف للأوامر الإلهية يعتبر كبيراً وثقيلاً، ولكن هذا الموضوع لا ينافي كون بعض الذنوب من حيث آثارها الوخيمةُ أكبر من البعض الآخر، وبالتالي يمكن لنا تقسيمها إلى كبيرة وصغيرة.
الذُّنوب كلُّها شديدة:
روي عن الإمام الباقر عليه السلام: "الذّنوب كلّها شديدة، وأشدُّها ما ينبت عليه الّلحم والدَّم لأنَّه إمَّا مرحومٌ وإمَّا معذَّبٌ والجنَّة لا يدخلها إلا طيّب"34.
فالذّنوب كلّها شديدةٌ أي بحسب ذواتها، لأنَّها مخالفةٌ للأوامر الإلهية وهذا هو وجه شدّتها وإن كان بعضها أشدّ من بعض، وأشدّها - حسب الرواية - ما ينبتُ عليه اللحم والدم الذي قد يشمل أكل الحرام والإصرار على المعصية من دون تكفيرها بالتوبة.
لأن الإنسان المرحوم هو من كفّرت ذنوبه بالتوبة أو البلاء في الدنيا، ويقابله المعذّب وهو الذي لم تكفّر ذنوبه بأحد الوجوه المتقدّمة، والجنة لا يدخلها إلا طيّبٌ:
19
أي طاهرٌ وخالصٌ من الذُّنوب35.
وعليه فالذنوب كلّها شديدةٌ، وجميعها كبائر ولا فرق بينها من جهة مخالفة المولى سبحانه وتعالى، وإنّما الكبائر والصَّغائر هي أمورٌ نسبيةٌ لا ذاتيةٌ وإنما نُطلِقُ عليها لفظ الصغائر بالإضافة إلى ما هو أكبر منها ونطلق عليها لفظ الكبائر بالإضافة والنسبة إلى ما هو أصغر منها36.
فالجرح بالنسبة إلى القتل صغيرةٌ، وبالنسبة إلى اللطم كبيرةٌ، والزنا بالنسبة إلى النظرة المحرَّمة كبيرةٌ37.
وعليه يُفهم من الرواية المتقدِّمة ضرورة تجنُّب كل ذنب يُعلَم كونه ذنباً حسب ما نصَّت عليه الشريعة الإسلامية، بل ينبغي تجنُّب كلّ ما يُحتمل أنّه كذلك وذلك لعظمة مقام الله تعالى وحقّ طاعته، فإن الجرأة على ذاته المقدَّسة محتملة حتَّى مع وجود الاحتمال، فمن احتمل أن في الكأس خمراً فعليه عقلاً أن يمتنع من شربه لا لمفسدة الخمر وضرره فحسب، بل لعظمة الله ووجوب طاعته في كل الموارد المحتملة.
محقّرات الذنوب:
للشيطان أبوابٌ كثيرةٌ ومداخل مختلفةٌ يأتي منها ابن آدم ويستدرجه إلى المعاصي، وإنَّ أكثر بابٍ يتسلَّلُ منه إلى قلوب الناس هو باب احتقار الذُّنوب واستصغارها من قبلهم، وذلك بعد أن ييأس الشيطان من إسقاطهم في كبائر الذنوب يسعى جاهداً لإيقاعهم في الصغائر؛ بل قد يصرُّون عليها، لأنّها بحسب تصنيفهم من صغائر الذنوب. لكنّه لو علم مدى خطورتها عليهم لما وقعوا فيها ولما أصرّوا عليها، روي عن رسول الله صلى الله عليه واله أنه قال: "لا تنظروا إلى صغر الذنب، ولكن انظروا إلى من اجترأتم"38.
وروي عن الإمام الصادق عليه السلام: "اتقوا المحقّرات من الذنوب فإنها لا تغفر، قلت: (أي الراوي): وما المحقّرات؟ قال: الرجل يذنب الذنب
20
فيقول: طوبى لي لم يكن لي غير ذلك"39. وروي عن الإمام الباقر عليه السلام: "اتقوّا المحقّرات من الذنوب فإن لها طالب"40.
وروي عن النبي الأعظم صلى الله عليه واله في وصيته لأبي ذر (رضوان الله عليه): "يا أبا ذر: إنّ الرجل ليعمل الحسنة فيتكل عليها، ويعمل المحقّرات حتَّى يأتي الله وهو عليه غضبان، وإنّ الرجل ليعمل السيئة فيفرق منها يأتي آمناً يوم القيامة"41.
فالمحقّرات من الذُّنوب هي الذُّنوب التي يحتقرها الإنسان ويستصغرها، ويستهين بها، ويقول حسب ما ورد في بعض الروايات "أُذنِب وأَستغفر"، والله تعالى يقول: ﴿وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِين﴾42.
فالذي يحقّر ذنبه ويستسهل أمره، ألا يدري أن الذنب مهما كان صغيراً أو حقيراً فإنَّه من حيث كونه معصيةً لله العظيم فإنه يُعد أمراً عظيماً، فلا ينبغي للمؤمن أن يحقّر شيئاً من الذنوب فقد لا يُغفر له بسبب تحقيره واستخفافه بها.
والصغيرة قد تقترن بقلّة الحياء وعدم المبالاة بها، وترك الخوف والاستهانة بالله العظيم والإصرار عليها، وهذا بالمناسبة ما يمنع من شمول الشَّفاعة للمذنب، فتتحول هذه الصغيرة إلى كبيرةٍ من الكبائر كما صرّحت الروايات43.
21
المفاهيم الرئيسة
1. الغاية من التكليف الإلهي وبعثة الأنبياء والرُّسل مبشرين ومنذرين للنَّاس هي تحقيقُ الكمال الروحيّ والنَّفسي للإنسان، وإنشاء المجتمع الإسلامي الفاضل.
2. ركَّزت الشريعة الإسلامية على موضوع اجتناب الذُّنوب لكي لا يؤدِّي ذلك إلى انغماس الإنسان في مستنقع الرَّذيلة وبالتالي حرمانه من فرصة التكامل.
3. الذنب هو مخالفةُ الأوامر الإلهيَّة الواردة في الشَّريعة الإسلاميَّة والتي يعاقب عليها الباري عزّ وجل.
4. المصطلحات التي وردت في القرآن الكريم حول الذَّنب وأقسامه متعدّدةٌ ومتنوِّعةٌ، وكلُّ مصطلحٍ يكشف عن بُعدٍ من الأبعاد الخاصَّة للذَّنب وعن آثاره السيئة.
5. قسّم القرآن الكريم والنصوص الشريفة الذنوب إلى كبائر و يقابلها ما هو أدنى منها رتبةً وهي الصَّغائر وكلاهما ورد النهي عنهما.
6. الذّنوب في الحقيقة كلّها كبائر ولا فرق بينها من جهة مخالفة المولى سبحانه وتعالى، وإنّما الكبائر والصَّغائر هي أمورٌ نسبيةٌ، وإنما نُطلِقُ عليها لفظ الصغائر بالإضافة إلى ما هو أكبر منها.
22
للمطالعة
العزم على ترك المعاصي
هناك مقام آخر يواجه الإنسان المجاهد بعد التفكّر، وهو مقام العزم... يقول أحد مشايخنا أطال الله عمره: "إنَّ العزم هو جوهر الإنسانية، ومعيار ميزة الإنسان، وأن اختلاف درجات الإنسان باختلاف درجات عزمه".
والعزم الذي يتناسب وهذا المقام، هو أن يوطِّن الإنسان نفسه على ترك المعاصي وأداء الواجبات، ويتّخذ قراراً بذلك، ويتدارك ما فاته في أيام حياته، وبالتالي يسعى على أن يجعل من ظاهره إنساناً عاقلاً وشرعياً، بحيث يحكم الشرع والعقل حسب الظاهر بأن هذا الشخص إنسان. والإنسان الشرعي هو الذي ينظِّم سلوكه وفق ما يتطلَّبه الشرع، يكون ظاهره كظاهر الرسول الأكرم صلى الله عليه واله،يقتدي بالنبي العظيم صلى الله عليه واله ويتأسّى به في جميع حركاته وسكناته، وفي جميع ما يفعل وما يترك. وهذا أمر ممكن، لأن جعل الظاهر مثل هذا القائد أمر مقدور لأيّ فرد من عباد الله.
واعلم... أن طي أي طريق في المعارف الإلهية، لا يمكن إلاّ بالبدء بظاهر الشريعة، وما لم يتأدّب الإنسان بآداب الشريعة الحقّة، لا يحصل له شيء من حقيقة الأخلاق الحسنة، كما لا يمكن أن يتجلّى في قلبه نور المعرفة وتتكشّف له العلوم الباطنية وأسرار الشريعة. وبعد انكشاف الحقيقة، وظهور أنوار المعارف في قلبه لا بد من الاستمرار في التأدّب بالآداب الشرعية الظاهرية أيضاً.
أيها العزيز... اجتهد لتصبح ذا عزم وإرادة، فإنك إذا رحلت من هذه الدنيا دون أن يتحقّق فيك العزم (على ترك المحرمات) فأنت إنسان صوري، بلا لب، ولن تحشر في ذلك العالم (عالم الآخرة) على هيئة إنسان، لأن ذلك العالم هو محل كشف الباطن وظهور السريرة، وإن التجرّؤ على المعاصي يفقد الإنسان تدريجياً، العزم ويختطف منه هذا الجوهر الشريف. يقول الأستاذ المعظم (دام ظله): "إنَّ أكثر ما يسبب على فقد الإنسان العزم والإرادة هو الاستماع للغناء"44.
هوامش
1- القلم، 4.
2- بحار الأنوار، ج16، ص21.
3- مستدرك الوسائل، ج12، ص153-154.
4- الشعراء، 14.
5- راجع: تاج العروس، ج1، ص499.
6 - غافر، 21.
7 - مفردات غريب القرآن، الراغب الأصفهاني، كتاب الذال وما يتصل بها، ص 181.
8- راجع: الذنب وأسبابه وعلاجه، ص10.
9- القرن: القوم والجماعة في زمان معين، والقرن: الاقتران بمعنى التقارب، وبالنظر لأن أهل العصر الواحد، أو العصور المتقاربة، قريبون من بعضهم، يطلق عليهم وعلى زمانهم اسم القرن، راجع: الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل، ج4، ص216.
10 - الأنعام، 6.
11 - النساء، 14.
12 - البقرة، 218.
13 - يونس، 27.
14- يبلس: مأخوذة من مادة(إبلاس) وتعني في الأصل الغم والحزن المترتبان على أثر شدة اليأس والقنوط. راجع: الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل، ج12، ص483.
15- الروم، 12 .
16 - البقرة، 85.
17- البقرة، 81.
18- الحاقة، 37.
19- الكهف، 50.
20- البقرة، 205.
21 - المطففين، 7.
22 - العنكبوت، 29.
23- النور، 19.
24 - البقرة، 275.
25- الزلزلة، 8.
26- النجم، 32.
27 - النحل، 25.
28- الواقعة، 46.
29- النساء، 2 .
30 - النساء، 31.
31- النجم، 32.
32- راجع: أصول الكافي، ج2، ص278.
33- الكهف، 49.
34- أصول الكافي، ج2، ص27.
35- راجع: شرح أصول الكافي، ج9، ص244.
36- راجع: الاقتصاد الهادي إلى طريق الرشاد، ص144 (بتصرف).
37 - وممن يذهب إلى هذا الرأي: الشيخ المفيد، وابن البراج الطرابلسي، وأبو الصلاح الحلبي، وابن إدريس الحليّ، و الشيخ الطوسي بل نسبه الطبرسي في تفسيره مجمع البيان إلى أصحابنا مطلقاً.
38 - بحار الأنوار، ج 74، ص168.
39 - أصول الكافي، ج2، ص287.
40 - أصول الكافي، ج2، ص270.
41- مكارم الأخلاق، ص462.
42- يس، 12.
43- كما سيأتي في الدروس اللاحقة.
44 - الأربعون حديثا، الإمام الخميني{،الحديث الأول، ص 34.