ان بعض الملوك قصد التفرج على المجانين ، فلما دخل عليهم ، رأى
فيهم شاباً حسن الهيئة ، نظيف الصورة ، يرى عليه آثار اللطف ، وتفوح
منه شمائل الفطنة ، فدنا منه وسأله مسائل ، فأجابه عن جميعها
بأحسن جواب ، فتعجب منه عجباً شديداً ، ثم ان المجنون قال للملك : قد سألتني عن أشياء فأجبتك ، وإني سائلك سؤالاً واحداً ، قال : متى يجد النائم لذة النوم ؟ ففكر الملك ساعة ، ثم قال : يجد لذة النوم حال نومه ، فقال 0المجنون : حالة النوم ليس له إحساس ، فقال الملك : قبل الدخول في النوم ، فقال المجنون : كيف توجد لذته قبل وجوده ! فقال الملك : بعد النوم ، فقال المجنون : كيف توجد لذته وقد إنقضى ! فتحير الملك وزاد إعجابه ، وقال : لعمري ! إن هذا لايحصل من عقلاء كثيرين ، فأولى أن يكون نديمي في مثل هذا اليوم ، فأمر أن ينصب له مجلس بإزاء شباك المجنون ثم إستدعى بالشراب ، فتناول الكأس ، وشرب ، ثم ناول المجنون ، فقال : أيها الملك أنت شربت هذا لتصير مثلي ، فأنا أشربه لأصير مثل من ؟؟ فاتعظ الملك بكلامه