التقليد وحقيقته - المرجع الشيخ محمد السند
#استفتاءات



نرجو من حضرتكم الاجابة عن السؤال الآتي، وفقكم الله تعالى: ظهرت في الآونة الأخيرة حركات تدعوا نفسها ب (رواة الحديث)
وتدعي بأن التقليد في هذا الزمان باطل(التقليد بكل تفاصيله حتى بالفروع) ونرجع إلى أهل البيت عليهم السلام مباشرة ويكون الائمة هم مراجعنا، ويستدلون بما ورد عن الإمام الصادق عليه السلام: (((( عن أبي عبد الله عليه السلام قال : قلت له : “ اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ” ؟ فقال : ” أما والله ما دعوهم إلى عبادة أنفسهم ، ولو دعوهم ما أجابوهم ، ولكن أحلوا لهم حراما ، وحرموا عليهم حلالا فعبدوهم من حيث لا يشعرون )الكافي للشيخ الكلباني وكذلك تصحيح الاعتقاد للشيخ المفيد،،، فما رأيكم بما ذكر؟ وما حكم من ينكر التقليد ويعتبره باطل فهل يعتبر فاسق ومنحرف؟
وكذلك في هذا السياق ما رأيكم بمن يقول: بأنه يوجد رواة حديث في كل زمان متصلين مع الإمام وعن طريق هؤلاء تصل إلى الإمام المهدي روحي فداه؟
فهناك أشخاص يربون ويهذبون الآخرين، وكل شخص مسؤول عن مجموعة وهكذا صعودا إلى أن تصل الى الامام المعصوم عجل الله فرجه؟

1-أن التقليد ليس المراد منه ما قد يستعمل في الأصطلاح الثقافي المتابعة العمياوية ، وبغير ضوابط بل المراد منه رجوع غير العالم إلى علم العالم بشروط وضوابط ، وأستعانة غير أهل الخبرة بأهل الخبرة ، وهذا المنهج شائع عند العقلاء والمجتمعات البشرية طول الدهر من رجوع عموم الناس إلى ذوي الأختصاص ولكن ضمن ضوابط ومقررات وشرائط ، بأن يكون الشخص الذي يرجع إليه ماهراً خبيراً متضلعاً في العلم الذي يرجع إليه ، سواء في الطب والهندسة والكهرباء والزراعة وغيرها ، وكذلك الحال في العلوم الدينية .
وهو الذي يشير إليه قوله تعالى (وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُون)وكذلك قوله تعالى (إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُواْ للَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ ) .
2- ومن ضوابط الرجوع إلى أهل الخبرة بحسب الأدلة عدالة الفقيه والعالم وليس عصمته ، لا في العلم ولا في العمل ، لكن مع توفر الملكة العلمية الأكتسابية ومع صلاحه في الظاهر .
3- وضابطة أخرى ثالثة ، أن العالم والخبير في أي علم لابد أن لا يخالف الضروريات والبديهيات والثوابت في ذلك العلم ، إذ إعتباره وحجيته هو بالعمل بالموازين ، ومن تلك الموازين عدم مخالفة الموازين الثابتة فبالتالي لا يكون الفقيه بأستنباطه محلل للحرام ومحرم للحلال ، بل يحل حلال الله ورسوله والأئمة ويحرم حرام الله ورسوله والأئمة عليهم السلام .
4- أن الفقهاء والمجتهدين في أستنباطهم إنما يستندون إلى روايات أهل البيت عليهم السلام ، ومن ثم عرف عن مدرسة الأمامية أنها مدرسة النص ، أي يستندون إلى فهم النص وليس إستنادهم إلى لقلقة أصوات ألفاظ النصوص وصطحها وهو ما تشير إليه الآية الكريمة (آية النفر) حيث أشارت إلى النفر وهو عبارة عن أخذ الرواية من المعصوم ثم حددت وظيفة الفقيه والمجتهد بأنه في المرحلة الأولى يأخذ الرواية في المرحلة الثانية يقوم بفهم أعماق معاني الآيات والروايات فالفقهاء والمجتهدين رواة ودراة ، أي يروي الرواية ويدري معنى الرواية ، فالفقيه والمجتهد لا يصطنع رأياً من نفسه وإنما يقتنص بفهمه مرادات الشارع .
5- أن مدرسة النص وهي مدرسة أهل البيت عليهم السلام في مقابل مدرسة الرأي وهي مدرسة الجمهور ليس المراد بها سطح لفظ النص الوحياني ، بل ما يشمل المعنى المراد وراء اللفظ وطبقات المعاني المرادة تلو بعضها البعض من بحور المعاني حبل ممدود طرف منه عند الله ، وإن كان غير المعصوم لا يحيط بذلك كله ، ولكن الفقهاء والمجتهدين في العلوم الدينية ينالون بقدر وسعهم من طبقات هذه المعاني ، عبر موازين عالم الدلالة ونظام الظهور .
مكتب سماحة المرجع الديني الشيخ محمد السند دام ظله
@alsanadoffice

https://www.facebook.com/alsanadoffice