اغتيال مقتدى الصدر من خيارات امريكا في العراق اليوم!
اينعت ثمار واموال السعودية والخليج في العراق اليوم عام 2018 بايصال مقتدى الى قيادة ائتلاف عجيب من الاحزاب يسمى ب (سائرون) يحوي حتى المناصرين لداعش مثل المدعو مضر شوكت رئيس حزب الترقي والاصلاح ويدعو قائد الحزب هذا بصراحة الى اقامة اقليم سني موال للسعودية وهي ذات دعوة العصابات الوهابية السعودية ( داعش), وقد صرح مضر شوكت هذا في اكثر من مرة بعداءه الصريح لفصائل الحشد الشعبي -و يمكن تقصي هذه الحقيقة من كتابة مايلي في محرك البحث (مضر شوكت القيادي بتحالف سائرون يطالب باقليم سني)!-
لم يكن حصول ائتلاف سائرون العجيب هذا اعلى نسب الانتخابات العراقية مجرد صدفة او فيض جماهيري كما يتوهم , فدورة الانتخابات الحالية في العراق 2018, كان تأثير صفحات التواصل والاذاعات فيها كبيرا , ومن المعلوم سيطرة المال السعودي على صفحات الفيسبوك وتويتر وانستجرام بشكل لايوصف, فولي العهد السعودي محمد بن سلمانكو ذهب بنفسه الى مقر ادارة الفيسبوك في امريكا في حزيران عام 2016 وعرض الاموال الطائلة للمشاركة في الادارة والتأثير على الجماهير وبالذات في منطقة الشرق الاوسط ونال مايريد بمليارات الذهب, وللقارئ الكريم و ليعرف تفاصيل ذلك ليس عليه سوى ان يكتب مايلي في محرك البحث (زيارة محمد بن سلمان لادارة الفيسبوك)!
الجيوش الالكترونية التي تديرها السعودية تصل الى اكثر من 5 ملايين مجند, وهي حسابات وهمية لاشخاص يمثلهم اعضاء في دائرة الاعلام السعودي يتواجدون في كل محادثة او طرح مواضيع على صفحات التواصل (فيسبوك, تويتر, انستكرام,يوتوب, منتديات عامة, تعليقات على الاخبار والجرائد ...) وهذا الجيش قادر على صنع قرارات وتغيير وجهات نظر لجماهير منطقة الشرق الاوسط بالذات بطريقة الحث والتشويش وتقديم شكاوى وبلاغات لاغلاق صفحات معارضة , فأي صفحة معارضة للسياسة السعودية في المنطقة يتم تعطيلها فايروسيا أو اغلاقها رسميا بحجة ورود شكاوى من اعضاء الفيسبوك وهم بالملايين بالحسابات الوهمية السعودية وينتهي الامر, ويتم حذف الصفحة ويتم بالمقابل تصعيد صفحات موالية بلايكات (like) واقبال شديد ومشاركات ودعم لبث السموم السعودية , بالاضافة الى الهجوم الالكتروني على المواقع بطريقة التشويه والفايروسات والتروجان وغيرها كثير يعرفها اصحاب الشأن.
بهذه الطريقة وبالاضافة الى الفضائيات المدعومة سعوديا وخليجيا تم التأثير على شرائح الانتخابات في العراق بهذه الدورة 2018, وبالذات التأثير على الشباب ورواد صفحات التواصل ,وكان في ذلك دور لايمكن التغافل عنه في صعود قائمة سائرون التي يترأسها مقتدى الصدر والتي تحوي احزاب موالية علانية لتنظيم داعش والسعودية كحزب الترقي لمضر شوكت.
من جانب آخر لمقتدى مواقف يتذكرها كل مراقب وهي موالاته للسعودية وزياراته المتكررة لها متناسيا ما تفعله السعودية في اليمن ومافعلته عصاباتها الوهابية في سوريا والعراق والبحرين , هذه المواقف والعلاقات اثمرت اليوم لاحداث شرخ كبير في العراق وشرخ اكبر في البيت الشيعي في العراق وهي اكبر غايات السعودية في السيطرة على العراق والتحكم به , وليتذكر المواطن دور عصابات داعش السعودية في العراق واحتلالها لنصف اراضيه وتمويل هذه العصابات ودعمها بالاعلام السعودي حتى وصل الامر ان خطيب الحرم المكي السعودي ومن على منبر الحرم كان يدعو رسميا لداعش في العراق بالنصرة على الروافض والشيعة والمسيحيين ..الخ .. وممكن مشاهدة ذلك على اليوتوب بمجرد كتابة مايلي في محرك البحث كوكل ( امام الحرم المكي يدعو لداعش بالنصرة يوتوب).
فكيف تنسى السعودية وامريكا عصاباتها الموالية المندحرة في العراق وسوريا بفضل التعاضد والتكاتف والمد الشيعي بالذات!
مقتدى اليوم الثمرة اليانعة للسعودية في تخريب العراق وتقسيمه وتشتيت الدوائر السياسية فيه بطريقة لايدري هو نفسه كيف ستكون , فالذي عجزت عنه داعش السعودية بعد اربع سنوات قتال لازال يجري اليوم ستناله بالسياسة , وافضل طريقة للتحكم بالقرار العراقي هو ان يكون صاحب الكتلة الاكبر موال لال سعود وهو مقتدى الصدر العاشق للزعامة وتسدي منصب القائد ,حيا كان أو ميتا مقتولا!
غاية امريكا والسعودية واسرائيل في العراق هي احد اثنين لاغير :
أما
1 - السيطرة عليه واستخدام موارده البشرية والاقتصادية لصالح سياسة الولايات المتحدة وتحالفاتها مع اسرائيل والسعودية , واهم ذلك هو جعله سدا امام المد الجماهيري للجمهورية الاسلامية ( وقد تم فعل ذلك في ايام النظام البائد في العراق بحرب الثمان سنوات بالقادسية المعروفة المدعومة امريكيا وسعوديا وخليجيا عام 1980-1988), ولم تكن حركات داعش لاقامة الدولة المزعومة بعد ذلك واستفتاء مسعود البرزاني الا امتدادا لتلك الغاية بايجاد التقسيم واقامة اقاليم لتفتيت العراق الكبير . وكذلك يسعى الامريكي وتحالفه الى تذويب اي حس للمقاومة في العراق تجاه الدولة اللقيطة اسرائيل , فالعراق يمتلك زخما جماهيرا هائلا وصل تعداد سكانه الى 40 مليون نسمة , وهو رقم مهوول امام اسرائيل وثقل كبير في المنطقة , وهو رقم يحتاج الى تفتيت او سيطرة وفق مايريده الامريكي وحلفاؤه.
في حالة ظهور قوة موحدة في العراق بسياسة معادية للامريكي ومشاريعه فان الغاية الثانية ستكون البديل وهي :
2- هي تدمير العراق واضعافه عن طريق حروب اهلية وصراعات مستمرة بين طوائفه واحزابه للتخلص من هذا الزخم الجماهيري والقوة الاقتصادية وتحجيمها وتكسيرها امام اسرائيل , وخلق اقاليم موالية للامريكي جاهزة للوقوف امام المد الجماهيري للثورة الاسلامية في ايران وحجبها جغرافيا عن سوريا وجنوب لبنان.
الغاية الثانية اليوم جاهزة والفتيل الذي سيحرق العراق بصراعات بين طوائفه وبالاخص بين الشيعة انفسهم هي اغتيال مقتدى الصدر وفي هذه الظروف بالذات بعد فوز كتلة (سائرون) التي يترأسها مقتدى باصوات فاقت باقي الكتل, ولصفحات التواصل والاذاعات المدعومة سعوديا كما تقدم ذكره دور كبير في ذلك .
اغتيال مقتدى سيدفع الموالين له بالانتقام من كل من وقف ضد مقتدى طوال هذه السنين وقد اعلن مقتدى في اكثر من مرة موقفه تجاه فصائل الحشد الشعبي واطلق عليها بالمليشيات الوقحة فإذن امام انصاره ان هؤلاء الفصائل هم من اعداءه وتهمة اغتياله ستعلق بهم , وهناك قادة احزاب وقفوا امام مقتدى وحاربوه في مسيرتهم السياسية وسيكونون مستهدفين بطبيعة الحال بعد اغتيال مقتدى. واذن سيتم ادخال العراق الى مرحلة جديدة من صراعات مذهبية وحزبية مسلحة ستدمر الكثير وتضعف مقر الحكم نفسه وقد يؤدي الامر الى اعلان مناطق استقلالها وفق الخطط السعودية مثل محافظة الانبار والموصل وسيلحق ذلك مناطق اخرى في جنوب العراق ايضا , وسيكون الامريكي هو البطل المنقذ كالعادة باحتلال وتحكم وتقسيم .
المتأمل في سيرة مقتدى منذ ايام الاحتلال عام 2003 هو وقوفه ضد الامريكي كما يبدو ورفعه شعارات لم تقدم ولم تؤخر, ولكنه بعد حين استكان وعرف ان لعبة السياسة تحتاج الى مداراة وحتى نفاق ,وكل شئ يهون عنده امام تسدي منصب المرشد او القائد, ويظهر ذلك من زياراته للسعودية وعلاقته الحميمة معها ومع سياساتها بالرغم من مواقفها في العراق وتجهيزها العلني للارهاب وحربها لليمن وسوريا , وكذلك يلاحظ المتأمل لمسيرة مقتدى انه منذ عام 2003 لم يواجه مقتدى تهديدا امريكيا جديا رغما عن رفعه شعارات الموت لامريكا , وكأن الامريكي لما رأى تضارب مواقفه وتناقضاته ارتأى ان يبقى هذا المتقلب المرتدي للعمامة السوداء ليوم قد يأتي, تركه ليوم قد يأتي سيدخل العراق بسببه في اتون حرب داخلية بين الشيعة بالذات وليس الامر بحاجة الى اكثر من اغتيال يؤدي بالعراق الى حرب طويلة , يتحقق فيها تدمير العراق وتفتيته وتحوله الى ولايات عديدة تتصارع فيما بينها تحتاج لوصاية دولية وتدخل خارجي وهو المطلوب.
مروان
تعليق