إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

البُخـل

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • البُخـل

    البُخـل
    وهو : الإمساك عمّا يحسن السخاء فيه ، وهو ضدّ الكرَم .
    والبخل من السجايا الذميمة ، والخلال الخسيسة ، الموجبة لهوان صاحبها ومقته وازدرائه ، وقد عابها الإسلام ، وحذّر المسلمين منها تحذيراً رهيباً .
    قال تعالى : ( هَا أَنْتُمْ هَؤُلاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ ).( محمّد : 38 )
    وقال تعالى : ( الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً مُهِيناً )( النساء : 37 )
    وقال تعالى : ( وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْراً لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.. ) .
    ( آل عمران : 180 )
    وعن الصادق عن آبائه ( عليهم السلام ) : ( أنّ أمير المؤمنين سمِع رجُلاً يقول : إنّ الشحيح أعذرُ من الظالم . فقال : ( كذِبت إنّ الظالم قد يتوب ويستغفر ، ويردّ الظلامة عن أهلها ، والشحيح إذا شحَّ منع الزكاة ، والصدقة ، وصلة الرحم ، وقرى الضيف ، والنفقة في سبيل اللّه تعالى ،

    الصفحة 81

    وأبواب البِر ، وحرام على الجنّة أنْ يدخلها شحيح )(1) .
    وعن جعفر بن محمّد عن آبائه ( عليهم السلام ) قال : ( قال رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) : السخيُّ قريبٌ مِن اللّه ، قريبٌ مِن الناس ، قريبٌ مِن الجنّة ، والبخيل بعيدٌ مِن اللّه ، بعيدٌ مِن الناس ، قريبٌ من النار )(2)
    وقال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : ( عجِبتُ للبخيل يستعجل الفَقر الذي منه هرَب ، ويفوته الغِنى الذي إيّاه طلَب ، فيعيش في الدنيا عَيش الفقراء ويُحاسَب في الآخرة حِساب الأغنياء )(3) .
    وسنعرض أخباراً أُخرى في مطاوي هذا البحث .

    مساوئ البُخل :
    البخل سجيّةٌ خسيسة ، وخُلُقٌ لئيم باعثٌ على المساوئ الجمّة ، والأخطار الجسيمة في دنيا الإنسان وأُخراه .
    أمّا خطره الأُخروي : فقد أعربت عنه أقوال أهل البيت ( عليهم السلام ) ولخّصه أمير المؤمنين ( عليه السلام ) في كلمته السالِفة حيث قال : ( والشحيح إذ شحَّ منع الزكاة ، والصدقة ، وصِلة الرحم ، وقِرى الضيف ، والنفقة في سبيل اللّه ، وأبواب البِر ، وحرام على الجنّة أنْ يدخلها شحيح ) .
    _____________________
    (1) الوافي ج 6 ص 69 عن الكافي .
    (2) البحار م 15 ج 3 عن كتاب الإمامة و التبصرة .
    (3) نهج البلاغة .

    الصفحة 82

    وأمّا خطره الدنيوي فإنه داعية المقت والازدراء، لدى القريب والبعيد وربما تمنى موتَ البخيل أقربُهم اليه، وأحبهم له، لحرمانه من نواله وطمعاً في تراثه.
    والبخيل بعد هذا أشدّ الناس عناءً وشقاءً ، يكدَح في جمع المال والثراء ، ولا يستمتع به ، وسُرعان ما يخلّفه للوارث ، فيعيش في الدنيا عيش الفقراء ، ويُحاسب في الآخرة حساب الأغنياء .

    صور البُخل :
    والبُخل - وإنْ كان ذميماً مقيتاً - بَيد أنّه يتفاوت ذمّه ، وتتفاقم مساوئه ، باختلاف صوَرِه وأبعاده :
    فأقبح صوره وأشدُّها إثما ً، هو البُخل بالفرائض الماليّة ، التي أوجبها اللّه تعالى على المسلمين ، تنظيماً لحياتهم الاقتصاديّة ، وإنعاشاً لمعوزيهم .
    وهكذا تختلف معائب البُخل ، باختلاف الأشخاص والحالات :
    فبُخل الأغنياء أقبح من بُخل الفقراء ، والشحّ على العيال أو الأقرباء أو الأصدقاء أو الأضياف أبشَع وأذمّ منه على غيرهم ، والتقتير والتضييق في ضرورات الحياة من طعامٍ وملابس ، أسوأ منه في مجالات الترَف والبذخ أعاذنا اللّه مِن جميع صوره ومِثالِيه .

    علاج البُخل :
    وحيث كان البخل من النزعات الخسيسة ، والخلال الماحقة ، فجديرٌ

    الصفحة 83

    بالعاقل علاجه ومكافحته ، وإليك بعض النصائح العلاجيّة له :
    1 - أنْ يستعرض ما أسلفناه مِن محاسن الكرَم ، ومساوئ البُخل ، فذلك يُخفّف من سَورة البُخل . وإنْ لم يُجدِ ذلك ، كان على الشحيح أنْ يُخادع نفسه بتشويقها إلى السخاء ، رغبةً في الثناء والسمعة ، فإذا ما أنَس بالبذل ، وارتاح إليه ، هذّب نفسه بالإخلاص ، وحبّب إليها البذل في سبيل اللّه عزّ وجل .
    2 - للبُخل أسبابٌ ودوافع ، وعلاجه منوطٌ بعلاجها ، وبدرء الأسباب تزول المسَّببات .
    وأقوى دوافع الشحّ خوف الفقر ، وهذا الخوف مِن نزَعات الشيطان ، وإيحائه المثّبِّط عن السخاء ، وقد عالَج القرآن الكريم ذلك بأُسلوبه البديع الحكيم ، فقرّر : أنّ الإمساك لا يُجدي البخيل نفعاً ، وإنّما ينعكس عليه إفلاساً وحرماناً ، فقال تعالى : ( هَا أَنْتُمْ هَؤُلاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ..)(محمّد : 38 ) .
    وقرّر كذلك أنّ ما يسديه المرء من عوارف السخاء ، لا تضيع هدراً ، بل تعود مخلوقة على المُسدي ، من الرزّاق الكريم ، قال عزّ وجل : (...وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ )( سبأ : 39 ) .
    وهكذا يُضاعِف القرآن تشويقه إلى السخاء ، مؤكّداً أنّ المُنفِق في سبيل اللّه هو كالمُقرِض للّه عزّ وجل ، وأنّه تعالى بلطفه الواسع يُّرَدُ عليه القرض أضعافاً مضاعفة : ( مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ

    الصفحة 84

    حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِئَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ )( البقرة : 261 ) .
    أمّا الذين استرقّهم البُخل ، ولم يُجدهم الإغراء والتشويق إلى السخاء ، يوجّه القرآن إليهم تهديداً رهيباً ، يملأ النفس ويهزّ المشاعر :
    ( وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ * يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ )( التوبة : 34 - 35 )
    ومن دواعي البُخل : اهتمام الآباء بمستقبل أبنائهم مِن بعدهم ، فيضنّون بالمال توفيراً لأولادهم ، وليكون ذخيرةً لهم ، تقيهم العوَز والفاقة .
    وهذه غريزة عاطفيّة راسخة في الإنسان ، لا تضرّه ولا تجحف به ، ما دامت سويّة معتدلة ، بعيدةً عن الإفراط والمغالاة .
    بيد أنّه لا يليق بالعاقل ، أنْ يسرف فيها ، وينجرف بتيارها ، مضحّياً بمصالحه الدنيويّة والدينيّة في سبيل أبنائه .
    وقد حذّر القرآن الكريم الآباء مِن سطوة تلك العاطفة ، وسيطرتها عليهم كيلا يفتتنوا بحبّ أبنائهم ، ويقترفوا في سبيلهم ما يُخالف الدين والضمير : ( وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ )( الأنفال : 29 )
    وأعظم بما قاله أمير المؤمنين ( عليه السلام ) في كتابٍ له : ( أمّا بعد ، فإنّ الذي في يدَيك من الدنيا ، قد كان له أهلٌ قبلَك ، وهو صائر إلى

    الصفحة 85

    أهلٍ بعدك ، وإنّما أنت جامع لأحدِ رجُلَين : رجلٌ عمَل فيما جمعته بطاعة اللّه ، فسعِد بما شقيت به ، أو رجُل عمَل فيه بمعصية اللّه ، فشقِيَ بما جمعت له ، وليس أحد هذين أهلاً أنْ تؤثره على نفسك ، وتحمل له على ظهرك ، فأرجو لِمن مضى رحمة اللّه ، ولِمن بقيَ رزق اللّه )(1) .
    وعن أبي عبد اللّه ( عليه السلام ) في قول اللّه تعالى : ( كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ )( البقرة :167 ) . قال : ( هو الرجل يدَع ماله لا ينفقه في طاعة اللّه بُخلاً ، ثُمّ يموت فيدعه لِمَن يعمل فيه بطاعة اللّه ، أو في معصية اللّه ، فإنْ عمِل فيه بطاعة اللّه ، رآه في ميزان غيره فرآه حسرةً ، وقد كان المال له ، وإنْ كان عمِل به في معصية اللّه ، قوّاه بذلك المال حتّى عمل به في معصية اللّه )(2) .
    * * *
    وهناك فئة تعشق المال لذاته ، وتهيم بحبّه ، دون أنْ تتّخذه وسيلةً إلى سعادةٍ دينيّةٍ أو دنيويّة ، وإنّما تجد أُنسها ومُتعتها في اكتناز المال فحسب ، ومِن ثُمّ تبخل به أشد ّالبُخل.
    وهذا هوَس نفسي ، يُشقي أربابه ، ويوردهم المهالك ، ليس المال غاية ، وإنّما هو ذريعةً لمآرب المعاش أو المعاد ، فإذا انتفت الذريعتان غدا المال تافهاً عديم النفع .
    وكيف يكدَح المرء في جمع المال واكتنازه ؟! ثُمّ سرعان ما يَغنمه
    _____________________
    (1) نهج البلاغة .
    (2) الوافي ج 6 ص 69 عن الكافي والفقيه .

    الصفحة 86

    الوارث ، ويتمتّع به ، فيكون له المهنى وللمورث الوزر والعناء .
    وقد استنكر القرآن الكريم هذا الهَوس ، وأنذر أربابه إنذاراً رهيباً : ( كَلاَّ بَلْ لا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ * وَلا تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ * وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلاً لَمًّا * وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا * كَلاَّ إِذَا دُكَّتِ الأَرْضُ دَكًّا دَكًّا * وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا * وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الإِنْسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي * فَيَوْمَئِذٍ لا يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ * وَلا يُوثِقُ وَثَاقَهُ أَحَدٌ )( الفجر : 17 - 26 ) .
    وقال تعالى : ( وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ * الَّذِي جَمَعَ مَالاً وَعَدَّدَهُ * يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ (3) كَلاَّ لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ * نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ * الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الأَفْئِدَةِ * إِنَّهَا عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ * فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ )( الهمزة ) .
    وأبلغُ ما أثر في هذا المجال ، كلمة أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، وهي في القمّة من الحكمة وسموّ المعنى ، قال ( عليه السلام ) : ( إنّما الدنيا فناءٌ وعناء ، وغِيَر وعِبَرِ ، فمِن فنائها : أنّك ترى الدهر مُوتِراً قوسَه ، مفوّقاً نبله ، لا تخطئ سهامه ولا تُشفى جراحه . يرمي الصحيحَ بالسقم ، والحيَّ بالموت .
    ومِن عنائها : أنَّ المرء يجمع ما لا يأكل ، ويبني ما لا يسكن ، ثُمّ يخرج إلى اللّه لا مالاً حمَل ، ولا بناءً نقَل .
    ومن غِيَرها : أنّك ترى المغبوط مرحوماً ، والمرحوم مغبوطاً ، ليس بينهم إلاّ نعيم زال ، وبؤس نزَل

    الصفحة 87

    ومن عِبَرِها : أنّ المرء يُشرف على أملِه ، فيتخطفه أجلُه ، فلا أملٌ مدروك ، ولا مؤُمَّل مَتروك )(1) .
    _____________________
    (1) سفينة البحار ج1 ص 467 .
المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
x

رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

صورة التسجيل تحديث الصورة

اقرأ في منتديات يا حسين

تقليص

المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
أنشئ بواسطة ibrahim aly awaly, 02-05-2025, 09:44 PM
استجابة 1
12 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة ibrahim aly awaly
بواسطة ibrahim aly awaly
 
يعمل...
X