الإخلاص
الإخلاص : ضدّ الرياء ، وهو صفاء الأعمال مِن شوائب الرياء ، وجعلها خالصةً للّه تعالى .
وهو قوام الفضائل ، وملاك الطاعة ، وجوهر العبادة ، ومناط صحّة الأعمال ، وقبولها لدى المولى عزّ وجل .
وقد مجّدته الشريعة الإسلاميّة ، ونوّهت عن فضله ، وشوّقت إليه ، وباركَت جهود المتحلّين به في طائفة مِن الآيات والأخبار :
قال تعالى : ( فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً )(1) .
وقال سُبحانه : ( فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ * أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ )(2) .
وقال عزَّ وجل : ( وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ )(3) .
وقال النبيّ ( صلّى اللّه عليه وآله ) : ( مَن أخلص للّه أربعين يوماً ،
_____________________
(1) الكهف : 110 .
(2) الزمر ( 2 - 3 ) .
(3) البيّنة : 5 .
الصفحة 127
فجّر اللّه ينابيع الحكمة مِن قلبه على لِسانه )(1) .
وقال الإمام الجواد ( عليه السلام ) : ( أفضل العبادة الإخلاص )(2) .
وعن الرضا عن آبائه ( عليهم السلام ) قال : قال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : ( الدنيا كلّها جهل إلاّ مواضع العِلم ، والعِلم كلّه حجّة إلاّ ما عُمِل به ، والعمَل كلّه رياءٌ إلاّ ما كان مخلِصاً ، والإخلاص على خطر ، حتّى ينظُر العبد بما يُختَم له )(3) .
وقال النبيّ ( صلّى اللّه عليه وآله ) : ( يا أبا ذر ، لا يفقه الرجل كلّ الفقه ، حتّى يرى الناس في جنب اللّه أمثال الأباعر ، ثُمّ يرجع إلى نفسه فيكون هو أحقر حاقرٍ له )(4) .
فضيلة الإخلاص :
تتفاوت قِيَم الأعمال ، بتفاوت غاياتها والبواعث المحفّزة عليها ، وكلّما سمَت الغاية ، وطهُرَت البواعث مِن شوائب الغشّ والتدليس والنفاق ، كان ذلك أزكى لها ، وأدعى إلى قبولِها لدى المولى عزّ وجل .
وليس الباعث في عرف الشريعة الإسلامية إلاّ ( النيّة ) المحفّزة على الأعمال ، فمتى استهدفت الإخلاص للّه تعالى ، وصَفَت مِن كدر
_____________________
(1) ، (2) البحار م 15 ص 87 عن عدّة الداعي لابن فهد .
(3) البحار م 15 ص 85 عن الأمالي والتوحيد للصدوق .
(4) الوافي ج 14 ص 54 في وصيّة النّبيّ ( صلّى الله عليه وآله ) لأبي ذر .
الصفحة 128
الرياء نبلت وسعدت بشرف رضوان اللّه وقبوله ، ومتى شابها الخِداع والرياء ، باءت بسخَطِه ورفْضِه .
لذلك كان الإخلاص حجَراً أساسيّاً في كيان العقائد والشرائع ، وشرطاً واقعيّاً لصحّة الأعمال ، إذ هو نظام عقدها ، ورائدها نحو طاعة اللّه تعالى ورضاه .
وناهيك في فضل الإخلاص أنّه يُحرّر المرء من إغواء الشيطان وأضاليله : ( فَبِعِزَّتِكَ لأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ ) .
عوائق الإخلاص :
وحيث كان الإخلاص هو المنار الساطع ، الذي ينير للناس مناهج الطاعة الحقّة ، والعبوديّة الصادقة ، كان الشيطان ولوعاً دؤوباً على إغوائهم وتضليلهم بصنوف الأماني والآمال الخادعة : كحب السمعة والجاه ، وكسب المحامد والأمجاد ، وتحرّي الأطماع المادّيّة التي تمسخ الضمائر وتمحق الأعمال، وتذرها قفراً يباباً من مفاهيم الجمال والكمال وحلاوة العطاء.
وقد يكون إيحاء الشيطان بالرياء هامساً خفيفاً ماكراً ، فيمارس الانسان الطاعة والعبادة بدافع الإخلاص ، ولو محصها وأمعن فيها وجدها مشوبةً بالرياء. وهذا مِن أخطر المزالق ، وأشدّها خفاءً وخداعاً . ولا يتجنّبها إلاّ الأولياء الأفذاذ .
كما حُكي عن بعضهم أنّه قال : ( قضَيت صلاةَ ثلاثين سنة كنت
الصفحة 129
صلّيتها في المسجد جماعة في الصفّ الأوّل ، لأنّي تأخّرت يوماً لعُذرٍ ، وصلّيت في الصفّ الثاني ، فاعترتني خَجْلةٌ مِن الناس ، حيث رأوني في الصفّ الثاني ، فعرفت أنّ نظر الناس إليّ في الصفّ الأوّل كان يسرّني ، وكان سبب استراحة قلبي .
نعوذ باللّه مِن سُبات الغفلة ، وُخِدَع الرياء والغرور . من أجل ذلك يحرص العارفون على كتمان طاعاتهم وعباداتهم ، خَشية من تلك الشوائب الخفيّة .
فقد نُقل : أنّ بعض العبّاد صام أربعين سنة لم يعلَم به أحد مِن الأباعد والأقارب ، كان يأخذ غذاءه فيتصدّق به في الطريق ، فيظنّ أهله أنّه أكل في السوق ، ويظنّ أهل السوق ، أنّه أكل في البيت .
كيف نكسب الإخلاص :
بواعث الإخلاص ومحفّزاته عديدة تلخصّها النقاط التالية :
1 - استجلاء فضائل الإخلاص السالفة ، وعظيم آثاره في دنيا العقيدة والإيمان .
2 - إنّ أهمّ بواعث الرياء وأهدافه استثارة إعجاب الناس ، وكسب رضاهم ، وبديهي أنّ رضا الناس غايةٌ لا تُدرك ، وأنّهم عاجزون عن إسعاد أنفسهم ، فضلاً عن غيرهم ، وأنّ المُسعِد الحقّ هو اللّه تعالى الذي بيده أزِمّة الأُمور ، وهو على كلّ شيء قدير ، فحريٌّ بالعاقل أنْ يتّجه
الصفحة 130
إليه ويخلص الطاعة والعبادة له .
3 - إنّ الرياء والخِداع سرعان ما ينكشفان للناس ، ويسفران عن واقع الإنسان ، ممّا يفضح المرائي ويعرضه للمقت والازدراء .
ثوب الرياء يشفّ عمّا تحته فإذا التحفتَ به فإنّك عاري
فعلى المرء أنْ يتّسم بصدق الإخلاص ، وجمال الطوية ، ليكون مثلاً رفيعاً للاستقامة والصلاح .
فقد جاء في الآثار السالفة : ( إنْ رجلاً مِن بني إسرائيل قال : لأعبدنّ اللّه عبارة أُذكَر بها ، فمكث مدّةً مبالِغاً في الطاعات ، وجعَل لا يمرّ بملأٍ من الناس إلاّ قالوا : متصنّعٍ مراءٍ ، فأقبل على نفسه وقال : قد أتعبت نفسك ، وضيّعت عُمرك في لا شيء ، فينبغي أنْ تعمل للّه سُبحانه ، وأخلص عمله للّه ، فجعل لا يمرّ بملأٍ من الناس إلاّ قالوا ورعٍ تقيّ ) .
الإخلاص : ضدّ الرياء ، وهو صفاء الأعمال مِن شوائب الرياء ، وجعلها خالصةً للّه تعالى .
وهو قوام الفضائل ، وملاك الطاعة ، وجوهر العبادة ، ومناط صحّة الأعمال ، وقبولها لدى المولى عزّ وجل .
وقد مجّدته الشريعة الإسلاميّة ، ونوّهت عن فضله ، وشوّقت إليه ، وباركَت جهود المتحلّين به في طائفة مِن الآيات والأخبار :
قال تعالى : ( فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً )(1) .
وقال سُبحانه : ( فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ * أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ )(2) .
وقال عزَّ وجل : ( وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ )(3) .
وقال النبيّ ( صلّى اللّه عليه وآله ) : ( مَن أخلص للّه أربعين يوماً ،
_____________________
(1) الكهف : 110 .
(2) الزمر ( 2 - 3 ) .
(3) البيّنة : 5 .
الصفحة 127
فجّر اللّه ينابيع الحكمة مِن قلبه على لِسانه )(1) .
وقال الإمام الجواد ( عليه السلام ) : ( أفضل العبادة الإخلاص )(2) .
وعن الرضا عن آبائه ( عليهم السلام ) قال : قال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : ( الدنيا كلّها جهل إلاّ مواضع العِلم ، والعِلم كلّه حجّة إلاّ ما عُمِل به ، والعمَل كلّه رياءٌ إلاّ ما كان مخلِصاً ، والإخلاص على خطر ، حتّى ينظُر العبد بما يُختَم له )(3) .
وقال النبيّ ( صلّى اللّه عليه وآله ) : ( يا أبا ذر ، لا يفقه الرجل كلّ الفقه ، حتّى يرى الناس في جنب اللّه أمثال الأباعر ، ثُمّ يرجع إلى نفسه فيكون هو أحقر حاقرٍ له )(4) .
فضيلة الإخلاص :
تتفاوت قِيَم الأعمال ، بتفاوت غاياتها والبواعث المحفّزة عليها ، وكلّما سمَت الغاية ، وطهُرَت البواعث مِن شوائب الغشّ والتدليس والنفاق ، كان ذلك أزكى لها ، وأدعى إلى قبولِها لدى المولى عزّ وجل .
وليس الباعث في عرف الشريعة الإسلامية إلاّ ( النيّة ) المحفّزة على الأعمال ، فمتى استهدفت الإخلاص للّه تعالى ، وصَفَت مِن كدر
_____________________
(1) ، (2) البحار م 15 ص 87 عن عدّة الداعي لابن فهد .
(3) البحار م 15 ص 85 عن الأمالي والتوحيد للصدوق .
(4) الوافي ج 14 ص 54 في وصيّة النّبيّ ( صلّى الله عليه وآله ) لأبي ذر .
الصفحة 128
الرياء نبلت وسعدت بشرف رضوان اللّه وقبوله ، ومتى شابها الخِداع والرياء ، باءت بسخَطِه ورفْضِه .
لذلك كان الإخلاص حجَراً أساسيّاً في كيان العقائد والشرائع ، وشرطاً واقعيّاً لصحّة الأعمال ، إذ هو نظام عقدها ، ورائدها نحو طاعة اللّه تعالى ورضاه .
وناهيك في فضل الإخلاص أنّه يُحرّر المرء من إغواء الشيطان وأضاليله : ( فَبِعِزَّتِكَ لأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ ) .
عوائق الإخلاص :
وحيث كان الإخلاص هو المنار الساطع ، الذي ينير للناس مناهج الطاعة الحقّة ، والعبوديّة الصادقة ، كان الشيطان ولوعاً دؤوباً على إغوائهم وتضليلهم بصنوف الأماني والآمال الخادعة : كحب السمعة والجاه ، وكسب المحامد والأمجاد ، وتحرّي الأطماع المادّيّة التي تمسخ الضمائر وتمحق الأعمال، وتذرها قفراً يباباً من مفاهيم الجمال والكمال وحلاوة العطاء.
وقد يكون إيحاء الشيطان بالرياء هامساً خفيفاً ماكراً ، فيمارس الانسان الطاعة والعبادة بدافع الإخلاص ، ولو محصها وأمعن فيها وجدها مشوبةً بالرياء. وهذا مِن أخطر المزالق ، وأشدّها خفاءً وخداعاً . ولا يتجنّبها إلاّ الأولياء الأفذاذ .
كما حُكي عن بعضهم أنّه قال : ( قضَيت صلاةَ ثلاثين سنة كنت
الصفحة 129
صلّيتها في المسجد جماعة في الصفّ الأوّل ، لأنّي تأخّرت يوماً لعُذرٍ ، وصلّيت في الصفّ الثاني ، فاعترتني خَجْلةٌ مِن الناس ، حيث رأوني في الصفّ الثاني ، فعرفت أنّ نظر الناس إليّ في الصفّ الأوّل كان يسرّني ، وكان سبب استراحة قلبي .
نعوذ باللّه مِن سُبات الغفلة ، وُخِدَع الرياء والغرور . من أجل ذلك يحرص العارفون على كتمان طاعاتهم وعباداتهم ، خَشية من تلك الشوائب الخفيّة .
فقد نُقل : أنّ بعض العبّاد صام أربعين سنة لم يعلَم به أحد مِن الأباعد والأقارب ، كان يأخذ غذاءه فيتصدّق به في الطريق ، فيظنّ أهله أنّه أكل في السوق ، ويظنّ أهل السوق ، أنّه أكل في البيت .
كيف نكسب الإخلاص :
بواعث الإخلاص ومحفّزاته عديدة تلخصّها النقاط التالية :
1 - استجلاء فضائل الإخلاص السالفة ، وعظيم آثاره في دنيا العقيدة والإيمان .
2 - إنّ أهمّ بواعث الرياء وأهدافه استثارة إعجاب الناس ، وكسب رضاهم ، وبديهي أنّ رضا الناس غايةٌ لا تُدرك ، وأنّهم عاجزون عن إسعاد أنفسهم ، فضلاً عن غيرهم ، وأنّ المُسعِد الحقّ هو اللّه تعالى الذي بيده أزِمّة الأُمور ، وهو على كلّ شيء قدير ، فحريٌّ بالعاقل أنْ يتّجه
الصفحة 130
إليه ويخلص الطاعة والعبادة له .
3 - إنّ الرياء والخِداع سرعان ما ينكشفان للناس ، ويسفران عن واقع الإنسان ، ممّا يفضح المرائي ويعرضه للمقت والازدراء .
ثوب الرياء يشفّ عمّا تحته فإذا التحفتَ به فإنّك عاري
فعلى المرء أنْ يتّسم بصدق الإخلاص ، وجمال الطوية ، ليكون مثلاً رفيعاً للاستقامة والصلاح .
فقد جاء في الآثار السالفة : ( إنْ رجلاً مِن بني إسرائيل قال : لأعبدنّ اللّه عبارة أُذكَر بها ، فمكث مدّةً مبالِغاً في الطاعات ، وجعَل لا يمرّ بملأٍ من الناس إلاّ قالوا : متصنّعٍ مراءٍ ، فأقبل على نفسه وقال : قد أتعبت نفسك ، وضيّعت عُمرك في لا شيء ، فينبغي أنْ تعمل للّه سُبحانه ، وأخلص عمله للّه ، فجعل لا يمرّ بملأٍ من الناس إلاّ قالوا ورعٍ تقيّ ) .