إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

الخوف من اللّه تعالى

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الخوف من اللّه تعالى

    الخوف من اللّه تعالى

    وهو : تألّم النفس خَشيةٍ مِن عِقاب اللّه ، مِن جرّاء عِصيانه ومخالفته . وهو مِن خصائص الأولياء ، وسمات المتّقين ، والباعث المحفّز على الاستقامة والصلاح ، والوازع القويّ عن الشرور والآثام .
    لذلك أولته الشريعة عنايةً فائقة ، وأثنت على ذويه ثناءً عاطراً مشرّفاً :
    قال تعالى : ( إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ )( فاطر : 28 ) .
    وقال : ( إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ )( الملك : 12 ) .
    وقال : ( وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى )( النازعات : 40 - 41 ) .
    وقال الصادق ( عليه السلام ) : ( خَفِ اللّه كأنّك تراه ، وإنْ كنت لا تراه فإنّه يراك ، وإنْ كنت ترى أنّه لا يراك فقد كفرت ، وإنْ كنت تعلم إنّه يراك ثُمّ برزت له بالمعصية ، فقد جعلته مِن أهوَن الناظرين إليك )(1) .
    وقال ( عليه السلام ) : ( المؤمن بين مخافَتين : ذنبٌ قد مضى لا يدري ما صنَع اللّه فيه ، وعمرٌ قد بقي لا يدري ما يكتسب فيه مِن المهالك ،
    _____________________
    (1) الوافي ج 3 ص 57 عن الكافي.

    الصفحة 177

    فهو لا يصبح إلاّ خائفاً ، ولا يصلحه إلاّ الخوف )(1) .
    وقال ( عليه السلام ) : ( لا يكون المؤمن مؤمناً حتّى يكون خائفاً راجياً ، ولا يكون خائفاً راجياً حتّى يكون عاملاً لِما يخاف ويرجو )(2) .
    وفي مناهي النبيّ ( صلى اللّه عليه وآله ) :
    ( من عرضت له فاحشة ، أو شهوة فاجتنبها مِن مخافة اللّه عزّ وجل ، حرّم اللّه عليه النار ، وآمنه من الفزَع الأكبَر ، وأنجز له ما وعده في كتابه ، في قوله عزّ وجل : ( وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ ))( الرحمن : 46 )(3) .
    وقال بعض الحكماء : مسكينٌ ابن آدم ، لو خاف مِن النار كما يَخاف من الفقر لنجا منهما جميعاً ، ولو رغب في الجنّة كما رغِب في الدنيا لفاز بهما جميعاً ، ولو خاف اللّه في الباطن كما يخاف خلقه في الظاهر لسعد في الدارين جميعاً .

    ودخل حكيمٌ على المهدي العبّاسي فقال له : عِظني . فقال : أليس هذا المجلس قد جلَس فيه أبوك وعمّك قبلك ؟ قال : نعم . قال : فكانت لهم أعمال ترجو لهم النجاة بها ؟ قال : نعم . قال : فكانت لهم أعمال تخاف عليهم الهلَكة منها ؟ قال : نعم . قال : فانظر ما رجَوت لهم فيه فآتِه ، وما خِفت عليهم منه فاجتنبه .
    _____________________
    (1)، (2) الوافي ج 3 ص 57 عن الكافي .
    (3) البحار م 15 ج 2 ص 113 عن الفقيه .

    الصفحة 178

    الخوف بين المدّ والجزر :
    لقد صوّرت الآيات الكريمة ، والأخبار الشريفة ، أهمّيّة الخوف ، وأثره في تقويم الإنسان وتوجيهه وجهة الخير والصلاح ، وتأهيله لشرف رضا اللّه تعالى وإنعامه .
    بيد أنّ الخوف كسائر السجايا الكريمة ، لا تستحقّ الإكبار والثناء ، إلاّ إذا اتّسمت بالقصد والاعتدال ، الذي لا إفراط فيه ولا تفريط .
    فالإفراط في الخوف يجدب النفس ، ويدعها يباباً مِن نضارة الرجاء ، ورونَقه البهيج ، ويدَع الخائف آيساً آبقاً موغلاً في الغواية والضلال ، ومُرهِقاً نفسه في الطاعة والعبادة حتّى يشقيها وينهكها .
    والتفريط فيه باعثٌ على الإهمال والتقصير ، والتمرّد على طاعة اللّه تعالى واتّباع دستوره .
    وبتعادل الخوف والرجاء تنتعش النفس ، ويسمو الضمير ، وتتفجّر الطاقات الروحيّة ، للعمل الهادف البنّاء .
    كما قال الصادق ( عليه السلام ) : ( أرجُ اللّه رجاءً لا يجرئك على معاصيه ، وخَف اللّه خوفاً لا يؤيّسك مِن رحمته )(1) .

    محاسن الخوف :
    قِيَم السجايا الكريمة بقدر ما تحقّق في ذويها مِن مفاهيم الإنسانيّة الفاضلة ،
    _____________________
    (1) البحار م 15 ج 2 ص 118 عن أمالي الصدوق .

    الصفحة 179

    وقِيم الخير والصلاح ، وتؤهّلهم للسعادة والرخاء . وبهذا التقييم يحتلّ الخوف مركز الصدارة بين السجايا الأخلاقيّة الكريمة ، وكانت له أهميّة كُبرى في عالم العقيدة والإيمان ، فهو الذي يلهب النفوس ، ويحفّزها على طاعة اللّه عزَّ وجل ، ويفطمها من عصيانه ، ومِن ثُمّ يسمو بها إلى منازل المتّقين الأبرار .
    وكلّما تجاوبت مشاعر الخشية والخوف في النفس ، صقلتها وسَمَت بها إلى أوج ملائكي رفيع ، يحيل الإنسان ملاكاً في طيبته ومثاليّته ، كما صوّره أمير المؤمنين ( عليه السلام ) وهو يُقارن بين الملَك والإنسان والحيوان ، فقال : ( إنّ اللّه عزّ وجل ركّب في الملائكة عقلاً بلا شهوة ، وركّب في البهائم شهوةً بلا عقل ، وركّب في بني آدم كليهما .
    فمن غلَب عقلهُ شهوتهَ ، فهو خير مِن الملائكة ، ومَن غلَب شهوته عقلَه فهو شرٌّ مِن البهائم )(1) .
    مِن أجل ذلك نجد الخائف مِن اللّه تعالى يستسهلّ عناء طاعته ، ويستحلي مرارتها ، ويستوخم حلاوة المعاصي والآثام ، خَشية من سخطه وخوفاً من عقابه .
    وبهذا يسعد الإنسان ، وتزدهر حياته الماديّة والروحيّة ، كما انتظم الكون ، واتّسقت عناصره السماويّة والأرضيّة ، بخضوعه للّه عزَّ وجل ، وسَيره على وفق نُظُمه وقوانينه .
    ( مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً
    _____________________
    (1) علل الشرائع .

    الصفحة 180

    وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ )( النحل : 97 ) .
    وما هذه المآسي والأرزاء التي تعيشها البشريّة اليوم مِن شيوع الفوضى وانتشار الجرائم ، واستبداد الحيرة والقلق ، والخوف بالناس إلاّ لإعراضهم عن اللّه تعالى ، وتنكّبهم عن دستوره وشريعته .
    ( وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آَمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ )( الأعراف : 96 ) .

    كيف نستشعر الخوف :
    يجدر بمَن ضعُف فيه شعور الخوف اتّباع النصائح التالية :
    1 - تركيز العقيدة ، وتقوية الإيمان باللّه تعالى ، ومفاهيم المعاد والثواب والعقاب ، والجنّة والنار ، إذ الخوف مِن ثمرات الإيمان وانعكاساته على النفس : ( إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ )( الأنفال : 2 ) .
    2 - استماع المواعظ البليغة ، والحِكَم الناجعة ، الموجبة للخوف والرهبة .
    3 - دراسة حالات الخائفين وضراعتهم وتبتّلهم إلى اللّه عزّ وجل ، خوفاً من سَطوته ، وخَشيةً مِن عقابه .
    وإليك أروَع صورة للضراعة والخوف مناجاة الإمام زين العابدين ( عليه السلام ) في بعض أدعيته :

    الصفحة 181

    ( ومالي لا أبكي !! ولا أدري إلى ما يكون مصيري ، وأرى نفسي تُخادعني ، وأيّامي تخاتلني ، وقد خفَقَت عند رأسي أجنحة الموت ، فمالي لا أبكي ، أبكي لخروج نفسي ، أبكي لظلمة قبري ، أبكي لضيق لِحدي ، أبكي لسؤال منكرٍ ونكير إيّايَ ، أبكي لخروجي مِن قبري عُرياناً ذليلاً حاملاً ثقلي على ظهري ، أنظر مرّة عن يميني ، وأُخرى عن شمالي ، إذ الخلائق في شأنٍ غير شأني : ( لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ * وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ * ضَاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ * وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ * تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ )( عبس : 37 - 41) .

    ظرف مِن قَصص الخائفين :
    عن الباقر ( عليه السلام ) قال : ( خرَجَت امرأةٌ بغيّ على شباب مِن بني إسرائيل فأفتنتهم ، فقال بعضهم : لو كان العابد فلان رآها أفتنتْه!، وسمِعت مقالتهم ، فقالت : واللّه لا أنصرف إلى منزلي ، حتّى أفتنه . فمَضت نحوه بالليل فدقّت عليه ، فقالت : آوي عندك ؟ فأبى عليها فقالت : إنّ بعض شباب بني إسرائيل راودوني عن نفسي ، فإنْ أدخلتني وإلاّ لحقوني ، وفضحوني ، فلمّا سمِع مقالتها فتح لها ، فلمّا دخلت عليه رمَت بثيابها ، فلمّا رأى جمالها وهيئتها وقعت في نفسه ، فضرب يده عليها ، ثُمّ رجعت إليه نفسه ، وقد كان يوقد تحت قدرٍ له ، فأقبل حتّى وضَع يده على النار فقالت : أيّ شيء تصنع ؟ فقال : أحرقها لأنّها عملت العمل ، فخرجت

    الصفحة 182

    حتّى أتَت جماعة بني إسرائيل فقالت : الحقوا فلاناً فقد وضَع يدَه على النار ، فأقبلوا فلحقوه وقد احترقت يده )(1) .
    وعن الصادق ( عليه السلام ) : ( إنّ عابداً كان في بني إسرائيل ، فأضافته امرأة مِن بني إسرائيل ، فهمَّ بها ، فأقبل كلّما همّ بها قرّب إصبعاً مِن أصابعه إلى النار ، فلم يزَل ذلك دأبه حتّى أصبح ، قال له ا: أخرجي لبئس الضيف كنت لي )(2) .
    _____________________
    (1) ، (2) عن البحار م 5 عن قصص الأنبياء للقطب الراوندي .
المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
x

رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

صورة التسجيل تحديث الصورة

اقرأ في منتديات يا حسين

تقليص

المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
أنشئ بواسطة ibrahim aly awaly, 02-05-2025, 09:44 PM
استجابة 1
12 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة ibrahim aly awaly
بواسطة ibrahim aly awaly
 
يعمل...
X