كعادتها كل يوم , تجوب أنحاء المنزل , تزور أماكنا تستحضر فيها أطيافا لولدها حيث كان ينام هنا, ويجلس هناك, ويجتمع مع إخوته في تلك الحجرة. ولكنها لاتجد ما يؤنسها أو يسليها في تلك الأماكن , فهيهات أن تغنى الرسوم عن الجسوم . تعود إلى خزانة ملابسه , وتخرج أثوابا ضاقت حقيبة سفره بها فزهد فيها واثر تركها , فكانت أغلى تذكار لها. تقلب هذه الأثواب تارة وتضمها تارة أخرى , ثم تشمها , فهي تحوى عطرا لم تنتج الأزهار مثله , ألا وهو عطر ولدها المغترب . ثم تعود لترتيب الخزانة مرة أخرى لعله يعود قريبا فيجدها مرتبه كما كانت دائما. ثم تستخرج صورة له , وما كانت ملامحه لتغيب عن مخيلتها ولكنها طبيعة الإنسان الذي يحتاج إلى الأمور المادية دائما. تمد يدها الحانيه لتلامس بلطف صورة وجهه وتحاول حبس دمعة حزينة في مقلة سخية.

تفكر كل يوم في كتابة رسالة تضمنها أشواقها الحارة وحنينها , ولكن قلبها الطيب يعارضها مخافة أن تهيج كلماتها مشاعره أوتضعف عزيمته وصبره.

في هذا اليوم , تلح عليها الرغبة بشدة , وتعجز عن مقاومتها , فتستعين بولدها الصغير وتقول اكتب :



إلى ولدي وذخري في مشيبي ++++ ومن رضع المحبة من حليبي

أحن إليك يا ولدي وعيني ++++ تراك من الشروق إلى المغيب

وكم صليت للمولى انتفالا ++++ لأجلك وابتهلت إلى المجيب

ليرعاك الإله لقب أم ++++ وكم مزجت صلاتي بالنحيب

فيا ولدي إذا ما جن ليلي ++++ واَب الطير للغصن الرطيب

أسائل مهجتي هل طبت عيشا ++++ وهل في البعد تلقى من حبيب

وهل تجد المواسي في مصاب ++++ وهل كف تحن على الغريب

فعد يامهجتي لتقر عيني ++++ فما لي غير قربك من طبيب

سألتك يا بني بحق رحم ++++ وحق البيت والأقصى السليب

ترفق يا بني بقلب أم ++++ وزرني قبل أكفاني وطيبي

فلو ضاقت ديار أنت فيها ++++ فعد للقلب والصدر الرحيب

إلى أن نلتقي فإليك مني ++++ رضى قلبي وعلام الغيوب

ويا ولدي ختاما لي سؤال ++++ متى أشتم عرفك يا حبيبي





فإليك أيتها الأم الطاهره باقة منوعة أغصانها شرايين من قلبي وأزهارها قبلات من شفتاي وعطرها دعاء وصلوات وابتهال إلى ربي.



ولدك البار

******

في ذكرى الحادي عشر من مايو --- يوم الأم


=============

وصلني بالبريد الالكتروني