سويد
ان مما لايمكن السكوت عليه هو ادّعاء من اتهم علماء الشيعة الاجلاء بتحريف القرآن الكريم بأن القول بالتحريف موقوف على الشيعة فقط ، ولم تكن عند غيرهم رواية واحدة تدّل عليه ، مّما أباح ذلك تكفير من يروي مثل هذه الروايات ومن ثم تكفير الشيعة اذا لم يتبرؤا من علمائهم .
وان من الظلم ان يُنسب الى جماعة ما لم يقولوه وانما نقلوه نقلاً ، ان مجرد نقل الحديث لاينم عن عقيدة ناقله ما لم يتعهد صحة مايرويه والتزامه به .
وهكذا نسب كاتب النشرة الى اعاظم علمائنا كالكليني والقمي والعياشي وغيرهم ممن سرد أسماءهم في نشرته السوداء ، انهم اثبتوا التحريف ، بحجة انهم أوردوا في كتبهم احاديث قد تستدعي - حسب زعم الكاتب - وقوع تغيير في القران الكريم .
وهي نسبة جاهلة وظالمة لاتعتمد على أي اساس علمي ، وترفضه ضرورة فن التحقيق .
وإلاّ فاذا حكمنا بكل من يروي احاديث في التحريف بأنه يؤمن بها ، فعندها يجب علينا ان نقول بأن البخاري ومسلم وغيرهم من علماء أهل السنة يقولون ويؤمنون بالتحريف !لأنهم أوردوا في كتبهم الكثير الكثير من روايات التحريف ، كما سنبين في الصفحات الآتية .
الكافي وصحيحا البخاري ومسلم في الميزان :
أورد كاتب النشرة في بداية نشرته أقوال علماء الشيعة في حق الكافي ، ولعمري انه في سرده اقوالهم بيّن الحق من دون ان يشعر ، فكل الكلام الذي اورده عن علمائنا الاجلاء في حق الكافي ومنزلته عندهم لا تتعدى حدود الواقع العلمي ، بل ان اقوال علمائنا كانت خالية من الغلّو والمبالغة .. وان الكافي لايصل الى درجة الصحاح عند السنة ، لأن الشيعة لايرون صحة جميع ماجاء فيه ، بل يرون فيه الصحيح والسقيم ، والضعيف والقوي ، والمرسل والمسند ، الخ.. فراجع مرآة العقول للعلامة المجلسي ، لتقف على صحة ماذكرنا.
واذا قارن أي انسان بين اقوال علمائنا الذين ذكرهم ، وبين اقوال علماء السنة في حق صحاحهم ، لَتَبَيَنَ له الحق . فقد قام علماء السنة بعد تدقيق ، وتمحيص ، بانتقاء الصحاح الستة ، من بين المصنفات الحديثية والمسانيد الاخرى التي ألفوها.. وصنفوها بالدرجة الاولى من الصحة والوثاقة ، ومن هذا المنطلق يقول الفضل بن روزبهان
وليس أخبار الصحاح الستّة مثل أخبار الروافض ، فقد وقع إجماع الأئمة على صحتها ) ( احقاق الحق ج 2 ص 235 ) .
ومن هنا قال بعضهم في سنن الترمذي- وهو من الصحاح - أيضاً: ( من كان في بيته هذا الكتاب كأن في بيته نبي يتكلم ) ( تذكرة الخواص ج 2 ص 634 ) .
وقام علماء السنة بتوجيه المدح والثناء على صحيح البخاري ومسلم ، حتى بلغ بهم الغلو والافراط بحقهما ، وكأن البخاري ومسلم معصومان عن الخطأ .. قال محمد بن يوسف الشافعي : ( إن أول من صنف في الصحيح ، البخاري .. وتلاه ابو الحسين مسلم بن الحجاج القشيري .. وكتابهما أصح الكتب بعد كتاب الله العزيز ) ( مقدمة فتح الباري ص 8 ) .
وقال الحافظ النيسابوري
ما تحت أديم السماء ' أصح من كتاب مسلم ) ( وفيات الاعيان ج 4 ص 208) .
ويقول النووي : ( أول مصنف في الصحيح المجرّد : صحيح البخاري ، ثم صحيح مسلم ، وهما أصح الكتب بعد القرآن : والبخاري أصحهما , اكثرهما فائدة ، وقيل : مسلم أصح ، والصواب الاول ) ( التقريب للنووي ص 5 ) .
ويقول أيضاً في مقدمة شرح صحيح مسلم : ( اتفق العلماء- رحمهم الله- على أن أصح الكتب بعد القران العزيز الصحيحان ، البخاري ومسلم ، وتلقتهما الأمة بالقبول ) ( شرح صحيح مسلم ص 15 ) ، وكأن كتاب البخاري ومسلم لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا ..
ويقول ابن حجر الهيثمي : ( روى الشيخان ، البخاري ومسلم ، في صحيحيهما اللذين هما أصح الكتب بعد القرآن بإجماع من يعتد به ..) ( الصواعق المحرقة ص 5 ) .
ويقول كاتب شلبي : ( والكتب المصنفة في علم الحديث أكثر من أن تحصى ، إلاّ أن السلف والخلف قد أطبقوا على أن أصح الكتب بعد كتاب الله سبحانه وتعالى ، صحيح البخاري ، ثم صحيح مسلم ) ( كشف الظنون ج1 ص641 ) .
ولم يكتفوا عند هذا الحد بل ذهبوا الى أبعد من هذا وإلتزموا بنقل الصحاح من هؤلاء العلماء أيضاً : أحمد بن حنبل ، وعنه : إنه شـرط في مســنده الصحيح . راجع طبقات الشافعية ، ترجمة أحمد .
الحاكم النيسابوري ، وألف أبو عبد الله الحاكم النيسابوري كتاب ( المستدرك على الصحيحين ) ذكر فيه ما فات البخاري ومسلماً ممّا على شرطهما أو شرط أحدهما أو هو صحيح .. ( راجع فيض القدير في شرح الجامع الصغير ج1ص26) .
وبعد كل هذا السرد قارن بنفسك واحكم بين كلا النَصَين - اقوال علماء الشيعة في حق الكافي وأقوال علماء السنة في حق الصحاح الستة وغيرها- ومن هنا أن كل نص سنذكره من هذه الصحاح وغيرها بمنزلة آية قرآنية من ناحية الصحة والأمانة ، وأن كل نص استشهد به من كتبنا ليس بحجة لأن ليس لدى الشيعة كتاب يُطلق عليه صحيح الكافي ، وليس هناك إطباق على صحة كل ما جاء في كتبنا الحديثية كما سنبين ذلك .. واليك أخي القارئ نماذج من احاديث التحريف التي نقلها واخرجها وصححها علماء السنةفي كتبهم ، واذا أردت المزيد فما عليك إلاّ مراجعة كتب الحديث والتفسير وبالخصوص كتاب الاتقان للسيوطي وكتاب المصاحف للسجستاني ..
1- أخرج البخاري ومسلم باسنادهما عن ابن عباس ، قال : خطب عمر بن الخطاب خطبته بعد مرجعه من آخر حجة حجها ، قال فيها : ان الله بعث محمداً (ص) بالحق وانزل عليه الكتاب فكان مما انزل عليه الله آية الرجم . فقرأناها وعقلناها ووعيناها فلذا رجم رسول الله (ص) ورجمنا بعده . فأخشى إن طال بالناس الزمان ان يقول قائل : والله مانجد آية الرجم في كتاب الله فيضلوا بترك فريضة انزلها الله.( البخاري ج 8ص208 و211باب رجم الحبلى ومسلم ج4ص167 وج5ص116) وقد حاول كاتب النشرة واسلافه معالجة هذه الرواية وامثالها بأشكال فنية ، لكن من غير جدوى ، بعد ان زعموا صحة اسانيدها وصراحة مداليلها في وقوع التحريف في نص الكتاب العزيز . وانتهوا اخيراً الى اختلاق مسألة (نسخ التلاوة) المعلوم بطلانها وفق قواعد علم الاصول.
ومن ثم إما قبولاً على علاتها والأخذ بها والافتاء وفق مضامينها ، كما فعله فريق منهم ، نظراً لصحة الاسانيد فيما زعموا ، أو رفضاً لها رأساً بعد عدم امكان التأويل ، وهذا ابن حزم الاندلسي - وهو الفقيه الناقد- يرى شريعة الرجم مستندة الى كتاب الله ، لما رواه باسناده عن أُبي بن كعب ، قال : كم تعدون سورة الاحزاب ؟ قيل له : ثلاثاً أو اربعاً وسبعين آية ، قال : ان كانت لتقارن سورة البقرة أو لهي أطول منها ، وان كان فيها لآية الرجم ، وهي
اذا زنى الشيخ والشيخة فارجموهما البتّه نكالاً من الله والله عزيز حكيم ) .
قال ابن حزم : هذه اسناد صحيح كالشمس لامغمز فيه . ثم قال : ولكنها مما نسخ لفظاً وبقي حكماً. (المحلى 11/23 )
ونقول : لاشك ان أمثال هذه التعاليل وبالخصوص تعليل كاتب النشرة ، هي بذاتها عليلة وغير وافية بدفع شبهة التحريف ، وان مثل هذه التعليلات جاءت بعد ان طُرحت الشبهة ، لذلك هي تعليلات مصطنعة ، لأن مثل هذا التعليل ليس فيه أثر قبل طرح الشبهة .
وقد انبرى جماعات كثيرة من محققي اهل السنة ( كالامام المحقق محمد بن احمد السرخسي في اصوله + والشيخ المصري علي العريض في كتابه فتح المنان ) لرفض مسألة نسخ التلاوة المزعومة ، دون الحكم لمنافاتها للحكمة ، اذ ماهي الحكمة في نسخ آية بلفظها مع بقاء حكمها ؟ وهلا كانت سنداً للحكم الباقي مع الأبد ؟ .
2- عن عمر قال : ( لولا ان يقول الناس ان عمر زاد في كتاب الله لكتبت آية الرجم بيدي ) ( البخاري ج4 ص152و135 باب الشهادة عند الحاكم في ولاية القضاء..) ونقول : أولاً : هذا يعني ان الخليفة عمر قائل بالنقص ، لأن آية الرجم ليست في القرآن وهو لم يقل بنسخ التلاوة لأنه يريد ان يكتبها ولكن يخاف من قول الناس ، ولذا نقل السيوطي عن صاحب البرهان للزركشي انه قال
ظاهره ان كتابتها جائزة وانما منعه قول الناس والجائز في نفسه قد يقوم من خارج مايمنعه فاذا كانت جائزة لزم ان تكون ثابتة لأن هذا شأن المكتوب ) ( الاتقان الجزء 2 الصفحة 26 ) .
3- جاء في البخاري ج8ص208 ومسلم ج4ص167وج5ص116 ان هناك آية زعمها اسقطت فيما اسقط من القرآن . قال :انا كنا نقرأ فيما نقرأ من كتاب الله
ان لاترغبوا عن آبائكم فانه كفربكم ان ترغبوا عن آبائكم . أو ان كفراً بكم ان ترغبوا عـن آبائكم..) .
4- جاء في البخاري مع حاشية السندي ج3ص139+ ج2ص197 عن ابراهيم بن علقمة قال : دخلت في نــفـر مـن اصحاب عبد الله الشام فسمع بنا ابو الدرداء فاتانا فقال : أفيكم من يقرأ ؟ فقلنا: نعم. قال : فأيكم ؟ فأشاروا إليّ ، فقال : إقرأ ، فقرأت : ( والليل اذا يغشى والنهار اذا تجلى والذكر والانثى ) قال : انت سمعتها من في صاحبك قلت نعم ، قال : وانا سمعتها من في النبي
(ص) وهؤلاء يأبون علينا ) . ( الترمذي ج5 ص191 ومسلم ج1ص565) .
5- عن انس بن مالك ان رعلا وذكوان وعصية وبني كيان استمدوا رسول الله (ص) على عدوهم فامدهم بسبعين من الانصار كنا نسميهم القراء في زمانهم كانوا يحتطبون بالنهار ويصلون بالليل حتى اذا كانوا ببئر معونة قتلوهم وغدروا بهم فبلغ النبي (ص) ذلك فقنت شهراً يدعو في الصبح على احياء من احياء العرب على رعل وذكوان وعصية وبني كيان. قال انس : فقرأنا فيهم قرآناً ثم ان ذلك رفع .( بلغوا قومنا أنا قد لقينا ربنا فرضي عنا وارضانا ) .( البخاري ج3ص30 الاتقان ج2ص26 عن المستدرك على الصحيحين ، الطبقات الكبرى ج2 ص 54) .
6- روى الحاكم بسند صحيح بشرط الشيخين عن عائشة ، عن رسول الله (ص) ، قال :إن الله وملائكته يصلون على اللذين يصلون الصفوف ) ( المستدرك على الصحيحين الجزء 1 الصفحة 214) .
7- اخرج مسلم في صحيحه عن أبي الاسود عن أبي موسى الأشعري قال : .. وإنا كنا نقرأ سورة كنا نشبهها في الطول والشدة بـ
براءة ) فأنسيتها ، غير اني حفظت منها
لو كان لابن آدم واديان من مال لابتغى وادياً ثالثاً ، ولايملأ ابن آدم إلاّ التراب ) ( صحيح مسلم الجزء 2 صفحة 726 ح1050 والدر المنثور والاتقان 30/ 83 ) .
8- ..عن أبي موسى الاشعري انه قال لقراء اهل البصرة
وإنا كنّا نقرأ سورة كنا نشبهها في الطول والشدة ببراءة فنسيتها غير أني حفظت منها : لو كان لابن آدم واديان من مال لابتغى وادياً ثالثاً' ولايملأ جوفه إلاّ التراب ) ( صحيح مسلم ج2ص726 ح1050 المستدرك للحاكم ج2ص224 ).
9- واخرج ابن ماجة عن عائشة قالت
نزلت آية الرجم ورضاعة الكبير عشراً ، ولقد كان في صحيفة تحت سريري ، فلما مات رسول الله (ص) وتشاغلنا بموته دخل داجن فأكلها) .( السنن ج1ص625ح1944 مسلم ج4ص118 والدارمي ..).
10- ورد في المستدرك على الصحيحين عن بعض الصحابة انه كان يقرأ ( فما استمتعتم به منهن ( الى أجل )..) وعن ابن عباس قوله
والله لأنزلها كذلك) وقد صحح الحاكم هذا الحديث من طرق عديدة . ( راجع الجزء 2 الصفحة 35 من مستدركه ) .
11- وعن أبي موسى الاشعري انه قال :- في الحديث المتقدم ، فيما ذكرناه حول سورة كانوا يشبهونها بإحدى المسبحات - : ( وكنا نقرأ سورة كنا نشبهها بإحدى المسبحات فنسيتها غير اني حفظت منها : يا أيها الذين آمنوا لم تقولون مالا تفعلون - فتكتب شهادة في أعناقكم فتسألون عنها يوم القيامة . ( صحيح مسلم الجزء 2 الصفحة 726) .
12- وذكر ابن حجر العسقلاني انه روى مسلم عن عائشة انها أملت في مصحفها ( حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى- وصلاة العصر- قالت : سمعتها من رسول الله (ص) ).( فتح الباري في شرح البخاري ج 8 ص 158) .
13- أخرج البخاري في كتاب فضائل القران باب نسيان القرآن وكذلك باب من لايرى بأساً أن يقول سورة كذا وكذا وأخرج مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها باب الأمر بتعهد القرآن وكراهة قول نسيت آية كذا .. عن عائشة قالت : سمع رسول الله (ص) رجلاً يقرأ في سورة بالليل ، فقال : يرحمه الله لقد أذكرني آية كذا وكذا كنت أُنسيتها من سورة كذا وكذا .
ان مما لايمكن السكوت عليه هو ادّعاء من اتهم علماء الشيعة الاجلاء بتحريف القرآن الكريم بأن القول بالتحريف موقوف على الشيعة فقط ، ولم تكن عند غيرهم رواية واحدة تدّل عليه ، مّما أباح ذلك تكفير من يروي مثل هذه الروايات ومن ثم تكفير الشيعة اذا لم يتبرؤا من علمائهم .
وان من الظلم ان يُنسب الى جماعة ما لم يقولوه وانما نقلوه نقلاً ، ان مجرد نقل الحديث لاينم عن عقيدة ناقله ما لم يتعهد صحة مايرويه والتزامه به .
وهكذا نسب كاتب النشرة الى اعاظم علمائنا كالكليني والقمي والعياشي وغيرهم ممن سرد أسماءهم في نشرته السوداء ، انهم اثبتوا التحريف ، بحجة انهم أوردوا في كتبهم احاديث قد تستدعي - حسب زعم الكاتب - وقوع تغيير في القران الكريم .
وهي نسبة جاهلة وظالمة لاتعتمد على أي اساس علمي ، وترفضه ضرورة فن التحقيق .
وإلاّ فاذا حكمنا بكل من يروي احاديث في التحريف بأنه يؤمن بها ، فعندها يجب علينا ان نقول بأن البخاري ومسلم وغيرهم من علماء أهل السنة يقولون ويؤمنون بالتحريف !لأنهم أوردوا في كتبهم الكثير الكثير من روايات التحريف ، كما سنبين في الصفحات الآتية .
الكافي وصحيحا البخاري ومسلم في الميزان :
أورد كاتب النشرة في بداية نشرته أقوال علماء الشيعة في حق الكافي ، ولعمري انه في سرده اقوالهم بيّن الحق من دون ان يشعر ، فكل الكلام الذي اورده عن علمائنا الاجلاء في حق الكافي ومنزلته عندهم لا تتعدى حدود الواقع العلمي ، بل ان اقوال علمائنا كانت خالية من الغلّو والمبالغة .. وان الكافي لايصل الى درجة الصحاح عند السنة ، لأن الشيعة لايرون صحة جميع ماجاء فيه ، بل يرون فيه الصحيح والسقيم ، والضعيف والقوي ، والمرسل والمسند ، الخ.. فراجع مرآة العقول للعلامة المجلسي ، لتقف على صحة ماذكرنا.
واذا قارن أي انسان بين اقوال علمائنا الذين ذكرهم ، وبين اقوال علماء السنة في حق صحاحهم ، لَتَبَيَنَ له الحق . فقد قام علماء السنة بعد تدقيق ، وتمحيص ، بانتقاء الصحاح الستة ، من بين المصنفات الحديثية والمسانيد الاخرى التي ألفوها.. وصنفوها بالدرجة الاولى من الصحة والوثاقة ، ومن هذا المنطلق يقول الفضل بن روزبهان

ومن هنا قال بعضهم في سنن الترمذي- وهو من الصحاح - أيضاً: ( من كان في بيته هذا الكتاب كأن في بيته نبي يتكلم ) ( تذكرة الخواص ج 2 ص 634 ) .
وقام علماء السنة بتوجيه المدح والثناء على صحيح البخاري ومسلم ، حتى بلغ بهم الغلو والافراط بحقهما ، وكأن البخاري ومسلم معصومان عن الخطأ .. قال محمد بن يوسف الشافعي : ( إن أول من صنف في الصحيح ، البخاري .. وتلاه ابو الحسين مسلم بن الحجاج القشيري .. وكتابهما أصح الكتب بعد كتاب الله العزيز ) ( مقدمة فتح الباري ص 8 ) .
وقال الحافظ النيسابوري

ويقول النووي : ( أول مصنف في الصحيح المجرّد : صحيح البخاري ، ثم صحيح مسلم ، وهما أصح الكتب بعد القرآن : والبخاري أصحهما , اكثرهما فائدة ، وقيل : مسلم أصح ، والصواب الاول ) ( التقريب للنووي ص 5 ) .
ويقول أيضاً في مقدمة شرح صحيح مسلم : ( اتفق العلماء- رحمهم الله- على أن أصح الكتب بعد القران العزيز الصحيحان ، البخاري ومسلم ، وتلقتهما الأمة بالقبول ) ( شرح صحيح مسلم ص 15 ) ، وكأن كتاب البخاري ومسلم لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا ..
ويقول ابن حجر الهيثمي : ( روى الشيخان ، البخاري ومسلم ، في صحيحيهما اللذين هما أصح الكتب بعد القرآن بإجماع من يعتد به ..) ( الصواعق المحرقة ص 5 ) .
ويقول كاتب شلبي : ( والكتب المصنفة في علم الحديث أكثر من أن تحصى ، إلاّ أن السلف والخلف قد أطبقوا على أن أصح الكتب بعد كتاب الله سبحانه وتعالى ، صحيح البخاري ، ثم صحيح مسلم ) ( كشف الظنون ج1 ص641 ) .
ولم يكتفوا عند هذا الحد بل ذهبوا الى أبعد من هذا وإلتزموا بنقل الصحاح من هؤلاء العلماء أيضاً : أحمد بن حنبل ، وعنه : إنه شـرط في مســنده الصحيح . راجع طبقات الشافعية ، ترجمة أحمد .
الحاكم النيسابوري ، وألف أبو عبد الله الحاكم النيسابوري كتاب ( المستدرك على الصحيحين ) ذكر فيه ما فات البخاري ومسلماً ممّا على شرطهما أو شرط أحدهما أو هو صحيح .. ( راجع فيض القدير في شرح الجامع الصغير ج1ص26) .
وبعد كل هذا السرد قارن بنفسك واحكم بين كلا النَصَين - اقوال علماء الشيعة في حق الكافي وأقوال علماء السنة في حق الصحاح الستة وغيرها- ومن هنا أن كل نص سنذكره من هذه الصحاح وغيرها بمنزلة آية قرآنية من ناحية الصحة والأمانة ، وأن كل نص استشهد به من كتبنا ليس بحجة لأن ليس لدى الشيعة كتاب يُطلق عليه صحيح الكافي ، وليس هناك إطباق على صحة كل ما جاء في كتبنا الحديثية كما سنبين ذلك .. واليك أخي القارئ نماذج من احاديث التحريف التي نقلها واخرجها وصححها علماء السنةفي كتبهم ، واذا أردت المزيد فما عليك إلاّ مراجعة كتب الحديث والتفسير وبالخصوص كتاب الاتقان للسيوطي وكتاب المصاحف للسجستاني ..
1- أخرج البخاري ومسلم باسنادهما عن ابن عباس ، قال : خطب عمر بن الخطاب خطبته بعد مرجعه من آخر حجة حجها ، قال فيها : ان الله بعث محمداً (ص) بالحق وانزل عليه الكتاب فكان مما انزل عليه الله آية الرجم . فقرأناها وعقلناها ووعيناها فلذا رجم رسول الله (ص) ورجمنا بعده . فأخشى إن طال بالناس الزمان ان يقول قائل : والله مانجد آية الرجم في كتاب الله فيضلوا بترك فريضة انزلها الله.( البخاري ج 8ص208 و211باب رجم الحبلى ومسلم ج4ص167 وج5ص116) وقد حاول كاتب النشرة واسلافه معالجة هذه الرواية وامثالها بأشكال فنية ، لكن من غير جدوى ، بعد ان زعموا صحة اسانيدها وصراحة مداليلها في وقوع التحريف في نص الكتاب العزيز . وانتهوا اخيراً الى اختلاق مسألة (نسخ التلاوة) المعلوم بطلانها وفق قواعد علم الاصول.
ومن ثم إما قبولاً على علاتها والأخذ بها والافتاء وفق مضامينها ، كما فعله فريق منهم ، نظراً لصحة الاسانيد فيما زعموا ، أو رفضاً لها رأساً بعد عدم امكان التأويل ، وهذا ابن حزم الاندلسي - وهو الفقيه الناقد- يرى شريعة الرجم مستندة الى كتاب الله ، لما رواه باسناده عن أُبي بن كعب ، قال : كم تعدون سورة الاحزاب ؟ قيل له : ثلاثاً أو اربعاً وسبعين آية ، قال : ان كانت لتقارن سورة البقرة أو لهي أطول منها ، وان كان فيها لآية الرجم ، وهي

قال ابن حزم : هذه اسناد صحيح كالشمس لامغمز فيه . ثم قال : ولكنها مما نسخ لفظاً وبقي حكماً. (المحلى 11/23 )
ونقول : لاشك ان أمثال هذه التعاليل وبالخصوص تعليل كاتب النشرة ، هي بذاتها عليلة وغير وافية بدفع شبهة التحريف ، وان مثل هذه التعليلات جاءت بعد ان طُرحت الشبهة ، لذلك هي تعليلات مصطنعة ، لأن مثل هذا التعليل ليس فيه أثر قبل طرح الشبهة .
وقد انبرى جماعات كثيرة من محققي اهل السنة ( كالامام المحقق محمد بن احمد السرخسي في اصوله + والشيخ المصري علي العريض في كتابه فتح المنان ) لرفض مسألة نسخ التلاوة المزعومة ، دون الحكم لمنافاتها للحكمة ، اذ ماهي الحكمة في نسخ آية بلفظها مع بقاء حكمها ؟ وهلا كانت سنداً للحكم الباقي مع الأبد ؟ .
2- عن عمر قال : ( لولا ان يقول الناس ان عمر زاد في كتاب الله لكتبت آية الرجم بيدي ) ( البخاري ج4 ص152و135 باب الشهادة عند الحاكم في ولاية القضاء..) ونقول : أولاً : هذا يعني ان الخليفة عمر قائل بالنقص ، لأن آية الرجم ليست في القرآن وهو لم يقل بنسخ التلاوة لأنه يريد ان يكتبها ولكن يخاف من قول الناس ، ولذا نقل السيوطي عن صاحب البرهان للزركشي انه قال

3- جاء في البخاري ج8ص208 ومسلم ج4ص167وج5ص116 ان هناك آية زعمها اسقطت فيما اسقط من القرآن . قال :انا كنا نقرأ فيما نقرأ من كتاب الله

4- جاء في البخاري مع حاشية السندي ج3ص139+ ج2ص197 عن ابراهيم بن علقمة قال : دخلت في نــفـر مـن اصحاب عبد الله الشام فسمع بنا ابو الدرداء فاتانا فقال : أفيكم من يقرأ ؟ فقلنا: نعم. قال : فأيكم ؟ فأشاروا إليّ ، فقال : إقرأ ، فقرأت : ( والليل اذا يغشى والنهار اذا تجلى والذكر والانثى ) قال : انت سمعتها من في صاحبك قلت نعم ، قال : وانا سمعتها من في النبي
(ص) وهؤلاء يأبون علينا ) . ( الترمذي ج5 ص191 ومسلم ج1ص565) .
5- عن انس بن مالك ان رعلا وذكوان وعصية وبني كيان استمدوا رسول الله (ص) على عدوهم فامدهم بسبعين من الانصار كنا نسميهم القراء في زمانهم كانوا يحتطبون بالنهار ويصلون بالليل حتى اذا كانوا ببئر معونة قتلوهم وغدروا بهم فبلغ النبي (ص) ذلك فقنت شهراً يدعو في الصبح على احياء من احياء العرب على رعل وذكوان وعصية وبني كيان. قال انس : فقرأنا فيهم قرآناً ثم ان ذلك رفع .( بلغوا قومنا أنا قد لقينا ربنا فرضي عنا وارضانا ) .( البخاري ج3ص30 الاتقان ج2ص26 عن المستدرك على الصحيحين ، الطبقات الكبرى ج2 ص 54) .
6- روى الحاكم بسند صحيح بشرط الشيخين عن عائشة ، عن رسول الله (ص) ، قال :إن الله وملائكته يصلون على اللذين يصلون الصفوف ) ( المستدرك على الصحيحين الجزء 1 الصفحة 214) .
7- اخرج مسلم في صحيحه عن أبي الاسود عن أبي موسى الأشعري قال : .. وإنا كنا نقرأ سورة كنا نشبهها في الطول والشدة بـ


8- ..عن أبي موسى الاشعري انه قال لقراء اهل البصرة

9- واخرج ابن ماجة عن عائشة قالت

10- ورد في المستدرك على الصحيحين عن بعض الصحابة انه كان يقرأ ( فما استمتعتم به منهن ( الى أجل )..) وعن ابن عباس قوله

11- وعن أبي موسى الاشعري انه قال :- في الحديث المتقدم ، فيما ذكرناه حول سورة كانوا يشبهونها بإحدى المسبحات - : ( وكنا نقرأ سورة كنا نشبهها بإحدى المسبحات فنسيتها غير اني حفظت منها : يا أيها الذين آمنوا لم تقولون مالا تفعلون - فتكتب شهادة في أعناقكم فتسألون عنها يوم القيامة . ( صحيح مسلم الجزء 2 الصفحة 726) .
12- وذكر ابن حجر العسقلاني انه روى مسلم عن عائشة انها أملت في مصحفها ( حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى- وصلاة العصر- قالت : سمعتها من رسول الله (ص) ).( فتح الباري في شرح البخاري ج 8 ص 158) .
13- أخرج البخاري في كتاب فضائل القران باب نسيان القرآن وكذلك باب من لايرى بأساً أن يقول سورة كذا وكذا وأخرج مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها باب الأمر بتعهد القرآن وكراهة قول نسيت آية كذا .. عن عائشة قالت : سمع رسول الله (ص) رجلاً يقرأ في سورة بالليل ، فقال : يرحمه الله لقد أذكرني آية كذا وكذا كنت أُنسيتها من سورة كذا وكذا .
تعليق