كثيراً ما تكون الحقائق مخفية، وكثيراً ما تكون ظاهرة ولكن الناس لا تعلمها، ولكن الإعتراف بأمر لا يدع مجالاً للتأويل والإجتهاد، وإليكم أخطر اعترافات في تاريخ البشرية، إعترافاتٌ حول أبشع أعمال في السجل البشري والإنساني، لشخص أشقى من إبليس في دنياه وآخرته، إنها رسالة حاكم المسلمين الأول عمر بن الخطاب، لمعاوية بن أبي سفيان :
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
إنّ الذي أكرهنا بالسيف على الإقرار به فأقررنا، والصدور وغرة، والأنفس واجفة، والنيّات والبصائر شائكة ممّا كانت عليه من جحدنا ما دعانا إليه وأطعناه فيه رفعا لسيوفه عنّا، و تكاثره بالحيّ علينا من اليمن، و تعاضد من سمع به ممّن ترك دينه وما كان عليه آباؤه في قريش، فبهبل أقسم والأصنام والأوثان واللاّت والعزّى ما جحدها عمر مذ عبدها ولا عبد للكعبة ربّا ولا صدّق لمحمد صلّى اللّه عليه وآله قولا، ولا ألقى السلام إلاّ للحيلة عليه وإيقاع البطش به، فإنّه قد أتانا بسحر عظيم، وزاد في سحره على سحر بني إسرائيل مع موسى وهارون وداود وسليمان وابن أمّه عيسى، ولقد أتانا بكلّ ما أتوا به من السحر و زاد عليهم ما لو أنّهم شهدوه لأقرّوا له بأنّه سيّد السحرة، فخذ يا ابن أبي سفيان سنّة قومك و اتّباع ملّتك والوفاء بما كان عليه سلفك من جحد هذه البنيّة التي يقولون إنّ لها ربّا أمرهم بإتيانها والسعي حولها و جعلها لهم قبلة فأقرّوا بالصلاة والحجّ الذي جعلوه ركنا، وزعموا أنّه للّه اختلفوا، فكان ممّن أعان محمّدا منهم هذا الفارسي الطمطاني روزبه، وقالوا إنّه أوحي إليه {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبارَكاً وَ هُدىً لِلْعالَمِينَ، و قولهم قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّماءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضاها فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَ حَيْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ}، وجعلوا صلاتهم للحجارة، فما الذي أنكره علينا لو لا سحره من عبادتنا للأصنام والأوثان واللاّت و العزّى وهي من الحجارة والخشب والنحاس والفضة والذهب، لا و اللاّت والعزّى ما وجدنا سببا للخروج عمّا عندنا وإن سحروا وموّهوا، فانظر بعين مبصرة، واسمع بأذن وعية، وتأمّل بقلبك وعقلك ما هم فيه، واشكر اللاّت والعزّى واستخلاف السيّد الرشيد عتيق بن عبد العزّى على أمّة محمّد وتحكّمه في أموالهم ودمائهم وشريعتهم وأنفسهم وحلالهم وحرامهم، و جبايات الحقوق التي زعموا أنّهم يجبونها لربّهم ليقيموا بها أنصارهم و أعوانهم، فعاش شديدا رشيدا يخضع جهرا و يشتدّ سرّا، و لا يجد حيلة غير معاشرة القوم، و لقد وثبت وثبة على شهاب بني هاشم الثاقب، و قرنها الزاهر، و علمها الناصر، و عدّتها و عددها المسمّى بحيدرة المصاهر لمحمّد على المرأة التي جعلوها سيّدة نساء العالمين يسمّونها فاطمة، حتّى أتيت دار عليّ و فاطمة و ابنيهما الحسن و الحسين و ابنتيهما زينب و أمّ كلثوم، و الأمة المدعوّة بفضّة، و معي خالد بن وليد قنفذ مولى أبي بكر و من صحب من خواصّنا، فقرعت الباب عليهم قرعا شديدا، فأجابتني الأمة، فقلت لها قولي لعليّ دع الأباطيل و لا تلج نفسك إلى طمع الخلافة، فليس الأمر لك، الأمر لمن اختاره المسلمون و اجتمعوا عليه، و ربّ اللّات و العزّى لو كان الأمر و الرأي لأبي بكر لفشل عن الوصول إلى ما وصل إليه من خلافة ابن أبي كبشة، لكنّي أبديت لها صفحتي، و أظهرت لها بصري، و قلت للحيّين نزار و قحطان بعد أن قلت لهم ليس الخلافة إلّا في قريش، فأطيعوهم ما أطاعوا اللّه، و إنّما قلت ذلك لما سبق من ابن أبي طالب من وثوبه و استيثاره بالدماء التي سفكها في غزوات محمّد و قضاء ديونه، و هي ثمانون ألف درهم و إنجاز عداته، و جمع القرآن، فقضاها على تليده و طارفه، و قول المهاجرين و الأنصار لمّا قلت إنّ الإمامة في قريش قالوا هو الأصلع البطين أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب الذي أخذ رسول اللّه (ص) البيعة له على أهل ملّته، و سلّمنا له بإمرة المؤمنين في أربعة مواطن، فإن كنتم نسيتموها معشر قريش فما نسيناها و ليست البيعة و لا الإمامة و الخلافة و الوصيّة إلّا حقّا مفروضا، و أمرا صحيحا، لا تبرّعا و لا ادّعاء فكذّبناهم، و أقمت أربعين رجلا شهدوا على محمّد أنّ الإمامة بالاختيار. فعند ذلك قال الأنصار نحن أحقّ من قريش، لأنّا أوينا و نصرنا و هاجر الناس إلينا، فإذا كان دفع من كان الأمر له فليس هذا الأمر لكم دوننا، و قال قوم منّا أمير و منكم أمير. قلنا لهم قد شهدوا أربعون رجلا أنّ الأئمّة من قريش، فقبل قوم و أنكر آخرون و تنازعوا، فقلت و الجمع يسمعون ألا أكبرنا سنّا و أكثرنا لينا. قالوا فمن تقول. قلت أبو بكر الذي قدّمه رسول اللّه (ص) في الصلاة، و جلس معه في العريش يوم بدر يشاوره و يأخذ برأيه، و كان صاحبه في الغار، و زوج ابنته عائشة التي سمّاها أمّ المؤمنين، فأقبل بنو هاشم يتميّزون غيظا، و عاضدهم الزبير و سيفه مشهور و قال لا يبايع إلّا عليّ أو لا أملك رقبة قائمة سيفي هذا، فقلت يا زبير صرختك سكن من بني هاشم، أمّك صفيّة بنت عبد المطلب، فقال ذلك و اللّه الشرف الباذخ و الفخر الفاخر، يا ابن حنتمة و يا ابن صهّاك اسكت لا أمّ لك، فقال قولا فوثب أربعون رجلا ممّن حضر سقيفة بني ساعدة على الزبير، فو اللّه ما قدرنا على أخذ سيفه من يده حتى وسّدناه الأرض، و لم نر له علينا ناصرا، فوثبت إلى أبي بكر فصافحته و عاقدته البيعة و تلاني عثمان بن عفّان و سائر من حضر غير الزبير، و قلنا له بايع أو نقتلك، ثم كففت عنه الناس، فقلت له أمهلوه، فما غضب إلّا نخوة لبني هاشم، و أخذت أبا بكر بيده فأقمته و هو يرتعد قد اختلط عقله، فأزعجته إلى منبر محمّد إزعاجا، فقال لي يا أبا حفص أخاف وثبة عليّ. فقلت له إنّ عليّا عنك مشغول، و أعانني على ذلك أبو عبيدة بن الجرّاح كان يمدّه بيده إلى المنبر و أنا أزعجه من ورائه كالتيس إلى شفار الجاذر، متهونا، فقام عليه مدهوشا، فقلت له اخطب فأغلق عليه و تثبّت فدهش، و تلجلج و غمض، فعضضت على كفّي غيظا، و قلت له قل ما سنح لك، فلم يأت خيرا و لا معروفا، فأردت أن أحطّه عن المنبر و أقوم مقامه، فكرهت تكذيب الناس لي بما قلت فيه، و قد سألني الجمهور منهم كيف قلت من فضله ما قلت ما الذي سمعته من رسول اللّه (ص) في أبي بكر فقلت لهم قد قلت سمعت من فضله على لسان رسول اللّه ما لو وددت أنّي شعرة في صدره و لي حكاية، فقلت قل و إلّا فانزل، فتبينها و اللّه في وجهي و علم أنّه لو نزل لرقيت، و قلت ما لا يهتدي إلى قوله، فقال بصوت ضعيف عليل ولّيتكم و لست بخيركم و عليّ فيكم، و اعلموا أنّ لي شيطانا يعتريني و ما أراد به سواي فإذا زللت فقوّموني لا أقع في شعوركم و أبشاركم، و أستغفر اللّه لي و لكم، و نزل فأخذت بيده و أعين الناس ترمقه و غمزت يده غمزا، ثم أجلسته و قدّمت الناس إلى بيعته و صحبته لأرهبه، و كلّ من ينكر بيعته و يقول ما فعل عليّ بن أبي طالب فأقول خلعها من عنقه و جعلها طاعة المسلمين قلّة خلاف عليهم في اختيارهم، فصار جليس بيته، فبايعوا و هم كارهون، فلمّا فشت بيعته علمنا أنّ عليّا يحمل فاطمة و الحسن و الحسين إلى دور المهاجرين و الأنصار يذكّرهم بيعته علينا في أربعة مواطن، و يستنفرهم فيعدونه النصرة ليلا و يقعدون عنه نهارا، فأتيت داره مستيشرا لإخراجه منها، فقالت الأمة فضّة و قد قلت لها قولي لعلي يخرج إلى بيعة أبي بكر فقد اجتمع عليه المسلمون فقالت إنّ أمير المؤمنين (ع) مشغول، فقلت خلّي عنك هذا و قولي له يخرج و إلّا دخلنا عليه و أخرجناه كرها، فخرجت فاطمة فوقفت من وراء الباب، فقالت أيّها الضالّون المكذّبون ما ذا تقولون و أيّ شيء تريدون. فقلت يا فاطمة. فقالت فاطمة ما تشاء يا عمر. فقلت ما بال ابن عمك قد أوردك للجواب و جلس من وراء الحجاب. فقالت لي طغيانك يا شقيّ أخرجني و ألزمك الحجّة، و كلّ ضالّ غويّ. فقلت دعي عنك الأباطيل و أساطير النساء و قولي لعليّ يخرج. فقالت لا حبّ و لا كرامة أ بحزب الشيطان تخوّفني يا عمر و كان حزب الشيطان ضعيفا. فقلت إن لم يخرج جئت بالحطب الجزل و أضرمتها نارا على أهل هذا البيت و أحرق من فيه، أو يقاد عليّ إلى البيعة، و أخذت سوط قنفذ فضربت و قلت لخالد بن الوليد أنت و رجالنا هلمّوا في جمع الحطب، فقلت إنّي مضرمها. فقالت يا عدوّ اللّه و عدوّ رسوله و عدوّ أمير المؤمنين، فضربت فاطمة يديها من الباب تمنعني من فتحه فرمته فتصعّب عليّ فضربت كفّيها بالسوط فألمّها، فسمعت لها زفيرا و بكاء، فكدت أن ألين و أنقلب عن الباب فذكرت أحقاد عليّ و ولوعه في دماء صناديد العرب، و كيد محمّد و سحره، فركلت الباب و قد ألصقت أحشاءها بالباب تترسه، و سمعتها و قد صرخت صرخة حسبتها قد جعلت أعلى المدينة أسفلها، و قالت يا أبتاه يا رسول اللّه هكذا كان يفعل بحبيبتك و ابنتك، آه يا فضّة إليك فخذيني فقد و اللّه قتل ما في أحشائي من حمل، و سمعتها تمخّض و هي مستندة إلى الجدار، فدفعت الباب و دخلت فأقبلت إليّ بوجه أغشى بصري، فصفقت صفقة على خدّيها من ظاهر الخمار فانقطع قرطها و تناثرت إلى الأرض، و خرج عليّ، فلمّا أحسست به أسرعت إلى خارج الدار و قلت لخالد و قنفذ و من معهما نجوت من أمر عظيم. و في رواية أخرى قد جنيت جناية عظيمة لا آمن على نفسي. و هذا عليّ قد برز من البيت و ما لي و لكم جميعا به طاقة.
يتبع
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
إنّ الذي أكرهنا بالسيف على الإقرار به فأقررنا، والصدور وغرة، والأنفس واجفة، والنيّات والبصائر شائكة ممّا كانت عليه من جحدنا ما دعانا إليه وأطعناه فيه رفعا لسيوفه عنّا، و تكاثره بالحيّ علينا من اليمن، و تعاضد من سمع به ممّن ترك دينه وما كان عليه آباؤه في قريش، فبهبل أقسم والأصنام والأوثان واللاّت والعزّى ما جحدها عمر مذ عبدها ولا عبد للكعبة ربّا ولا صدّق لمحمد صلّى اللّه عليه وآله قولا، ولا ألقى السلام إلاّ للحيلة عليه وإيقاع البطش به، فإنّه قد أتانا بسحر عظيم، وزاد في سحره على سحر بني إسرائيل مع موسى وهارون وداود وسليمان وابن أمّه عيسى، ولقد أتانا بكلّ ما أتوا به من السحر و زاد عليهم ما لو أنّهم شهدوه لأقرّوا له بأنّه سيّد السحرة، فخذ يا ابن أبي سفيان سنّة قومك و اتّباع ملّتك والوفاء بما كان عليه سلفك من جحد هذه البنيّة التي يقولون إنّ لها ربّا أمرهم بإتيانها والسعي حولها و جعلها لهم قبلة فأقرّوا بالصلاة والحجّ الذي جعلوه ركنا، وزعموا أنّه للّه اختلفوا، فكان ممّن أعان محمّدا منهم هذا الفارسي الطمطاني روزبه، وقالوا إنّه أوحي إليه {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبارَكاً وَ هُدىً لِلْعالَمِينَ، و قولهم قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّماءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضاها فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَ حَيْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ}، وجعلوا صلاتهم للحجارة، فما الذي أنكره علينا لو لا سحره من عبادتنا للأصنام والأوثان واللاّت و العزّى وهي من الحجارة والخشب والنحاس والفضة والذهب، لا و اللاّت والعزّى ما وجدنا سببا للخروج عمّا عندنا وإن سحروا وموّهوا، فانظر بعين مبصرة، واسمع بأذن وعية، وتأمّل بقلبك وعقلك ما هم فيه، واشكر اللاّت والعزّى واستخلاف السيّد الرشيد عتيق بن عبد العزّى على أمّة محمّد وتحكّمه في أموالهم ودمائهم وشريعتهم وأنفسهم وحلالهم وحرامهم، و جبايات الحقوق التي زعموا أنّهم يجبونها لربّهم ليقيموا بها أنصارهم و أعوانهم، فعاش شديدا رشيدا يخضع جهرا و يشتدّ سرّا، و لا يجد حيلة غير معاشرة القوم، و لقد وثبت وثبة على شهاب بني هاشم الثاقب، و قرنها الزاهر، و علمها الناصر، و عدّتها و عددها المسمّى بحيدرة المصاهر لمحمّد على المرأة التي جعلوها سيّدة نساء العالمين يسمّونها فاطمة، حتّى أتيت دار عليّ و فاطمة و ابنيهما الحسن و الحسين و ابنتيهما زينب و أمّ كلثوم، و الأمة المدعوّة بفضّة، و معي خالد بن وليد قنفذ مولى أبي بكر و من صحب من خواصّنا، فقرعت الباب عليهم قرعا شديدا، فأجابتني الأمة، فقلت لها قولي لعليّ دع الأباطيل و لا تلج نفسك إلى طمع الخلافة، فليس الأمر لك، الأمر لمن اختاره المسلمون و اجتمعوا عليه، و ربّ اللّات و العزّى لو كان الأمر و الرأي لأبي بكر لفشل عن الوصول إلى ما وصل إليه من خلافة ابن أبي كبشة، لكنّي أبديت لها صفحتي، و أظهرت لها بصري، و قلت للحيّين نزار و قحطان بعد أن قلت لهم ليس الخلافة إلّا في قريش، فأطيعوهم ما أطاعوا اللّه، و إنّما قلت ذلك لما سبق من ابن أبي طالب من وثوبه و استيثاره بالدماء التي سفكها في غزوات محمّد و قضاء ديونه، و هي ثمانون ألف درهم و إنجاز عداته، و جمع القرآن، فقضاها على تليده و طارفه، و قول المهاجرين و الأنصار لمّا قلت إنّ الإمامة في قريش قالوا هو الأصلع البطين أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب الذي أخذ رسول اللّه (ص) البيعة له على أهل ملّته، و سلّمنا له بإمرة المؤمنين في أربعة مواطن، فإن كنتم نسيتموها معشر قريش فما نسيناها و ليست البيعة و لا الإمامة و الخلافة و الوصيّة إلّا حقّا مفروضا، و أمرا صحيحا، لا تبرّعا و لا ادّعاء فكذّبناهم، و أقمت أربعين رجلا شهدوا على محمّد أنّ الإمامة بالاختيار. فعند ذلك قال الأنصار نحن أحقّ من قريش، لأنّا أوينا و نصرنا و هاجر الناس إلينا، فإذا كان دفع من كان الأمر له فليس هذا الأمر لكم دوننا، و قال قوم منّا أمير و منكم أمير. قلنا لهم قد شهدوا أربعون رجلا أنّ الأئمّة من قريش، فقبل قوم و أنكر آخرون و تنازعوا، فقلت و الجمع يسمعون ألا أكبرنا سنّا و أكثرنا لينا. قالوا فمن تقول. قلت أبو بكر الذي قدّمه رسول اللّه (ص) في الصلاة، و جلس معه في العريش يوم بدر يشاوره و يأخذ برأيه، و كان صاحبه في الغار، و زوج ابنته عائشة التي سمّاها أمّ المؤمنين، فأقبل بنو هاشم يتميّزون غيظا، و عاضدهم الزبير و سيفه مشهور و قال لا يبايع إلّا عليّ أو لا أملك رقبة قائمة سيفي هذا، فقلت يا زبير صرختك سكن من بني هاشم، أمّك صفيّة بنت عبد المطلب، فقال ذلك و اللّه الشرف الباذخ و الفخر الفاخر، يا ابن حنتمة و يا ابن صهّاك اسكت لا أمّ لك، فقال قولا فوثب أربعون رجلا ممّن حضر سقيفة بني ساعدة على الزبير، فو اللّه ما قدرنا على أخذ سيفه من يده حتى وسّدناه الأرض، و لم نر له علينا ناصرا، فوثبت إلى أبي بكر فصافحته و عاقدته البيعة و تلاني عثمان بن عفّان و سائر من حضر غير الزبير، و قلنا له بايع أو نقتلك، ثم كففت عنه الناس، فقلت له أمهلوه، فما غضب إلّا نخوة لبني هاشم، و أخذت أبا بكر بيده فأقمته و هو يرتعد قد اختلط عقله، فأزعجته إلى منبر محمّد إزعاجا، فقال لي يا أبا حفص أخاف وثبة عليّ. فقلت له إنّ عليّا عنك مشغول، و أعانني على ذلك أبو عبيدة بن الجرّاح كان يمدّه بيده إلى المنبر و أنا أزعجه من ورائه كالتيس إلى شفار الجاذر، متهونا، فقام عليه مدهوشا، فقلت له اخطب فأغلق عليه و تثبّت فدهش، و تلجلج و غمض، فعضضت على كفّي غيظا، و قلت له قل ما سنح لك، فلم يأت خيرا و لا معروفا، فأردت أن أحطّه عن المنبر و أقوم مقامه، فكرهت تكذيب الناس لي بما قلت فيه، و قد سألني الجمهور منهم كيف قلت من فضله ما قلت ما الذي سمعته من رسول اللّه (ص) في أبي بكر فقلت لهم قد قلت سمعت من فضله على لسان رسول اللّه ما لو وددت أنّي شعرة في صدره و لي حكاية، فقلت قل و إلّا فانزل، فتبينها و اللّه في وجهي و علم أنّه لو نزل لرقيت، و قلت ما لا يهتدي إلى قوله، فقال بصوت ضعيف عليل ولّيتكم و لست بخيركم و عليّ فيكم، و اعلموا أنّ لي شيطانا يعتريني و ما أراد به سواي فإذا زللت فقوّموني لا أقع في شعوركم و أبشاركم، و أستغفر اللّه لي و لكم، و نزل فأخذت بيده و أعين الناس ترمقه و غمزت يده غمزا، ثم أجلسته و قدّمت الناس إلى بيعته و صحبته لأرهبه، و كلّ من ينكر بيعته و يقول ما فعل عليّ بن أبي طالب فأقول خلعها من عنقه و جعلها طاعة المسلمين قلّة خلاف عليهم في اختيارهم، فصار جليس بيته، فبايعوا و هم كارهون، فلمّا فشت بيعته علمنا أنّ عليّا يحمل فاطمة و الحسن و الحسين إلى دور المهاجرين و الأنصار يذكّرهم بيعته علينا في أربعة مواطن، و يستنفرهم فيعدونه النصرة ليلا و يقعدون عنه نهارا، فأتيت داره مستيشرا لإخراجه منها، فقالت الأمة فضّة و قد قلت لها قولي لعلي يخرج إلى بيعة أبي بكر فقد اجتمع عليه المسلمون فقالت إنّ أمير المؤمنين (ع) مشغول، فقلت خلّي عنك هذا و قولي له يخرج و إلّا دخلنا عليه و أخرجناه كرها، فخرجت فاطمة فوقفت من وراء الباب، فقالت أيّها الضالّون المكذّبون ما ذا تقولون و أيّ شيء تريدون. فقلت يا فاطمة. فقالت فاطمة ما تشاء يا عمر. فقلت ما بال ابن عمك قد أوردك للجواب و جلس من وراء الحجاب. فقالت لي طغيانك يا شقيّ أخرجني و ألزمك الحجّة، و كلّ ضالّ غويّ. فقلت دعي عنك الأباطيل و أساطير النساء و قولي لعليّ يخرج. فقالت لا حبّ و لا كرامة أ بحزب الشيطان تخوّفني يا عمر و كان حزب الشيطان ضعيفا. فقلت إن لم يخرج جئت بالحطب الجزل و أضرمتها نارا على أهل هذا البيت و أحرق من فيه، أو يقاد عليّ إلى البيعة، و أخذت سوط قنفذ فضربت و قلت لخالد بن الوليد أنت و رجالنا هلمّوا في جمع الحطب، فقلت إنّي مضرمها. فقالت يا عدوّ اللّه و عدوّ رسوله و عدوّ أمير المؤمنين، فضربت فاطمة يديها من الباب تمنعني من فتحه فرمته فتصعّب عليّ فضربت كفّيها بالسوط فألمّها، فسمعت لها زفيرا و بكاء، فكدت أن ألين و أنقلب عن الباب فذكرت أحقاد عليّ و ولوعه في دماء صناديد العرب، و كيد محمّد و سحره، فركلت الباب و قد ألصقت أحشاءها بالباب تترسه، و سمعتها و قد صرخت صرخة حسبتها قد جعلت أعلى المدينة أسفلها، و قالت يا أبتاه يا رسول اللّه هكذا كان يفعل بحبيبتك و ابنتك، آه يا فضّة إليك فخذيني فقد و اللّه قتل ما في أحشائي من حمل، و سمعتها تمخّض و هي مستندة إلى الجدار، فدفعت الباب و دخلت فأقبلت إليّ بوجه أغشى بصري، فصفقت صفقة على خدّيها من ظاهر الخمار فانقطع قرطها و تناثرت إلى الأرض، و خرج عليّ، فلمّا أحسست به أسرعت إلى خارج الدار و قلت لخالد و قنفذ و من معهما نجوت من أمر عظيم. و في رواية أخرى قد جنيت جناية عظيمة لا آمن على نفسي. و هذا عليّ قد برز من البيت و ما لي و لكم جميعا به طاقة.
يتبع
تعليق