العضو السائل : يافرج الله
رقم السؤال : 136
السؤال :
سمعت احد الخطباء يتكلم عن البداء واورد قول الإمام الهادي (ع) (يا بني أحدث لله شكراً فقد أحدث فيك أمراً) ان من المفترض ان يكون الإمام ابنه محمد وبوفاته انتقلت الإمامه الى ابنه الحسن العسكري عليه السلام . وكان يريد بنقل هذه الرواية انه قد حدث بداء؟
الجواب :
وقعت في اشتباه أيها الأخ في فهم معنى البداء ، فليس معناه أن الله تعالى يغير رأيه ، معاذ الله ، فإن علمه سبحانه الذي هو ارقى من انواع علمنا ، ثابتٌ من الأزل الى الأبد ، لا يتغير .
ومعنى البداء أن الظاهر من الأمر كان شيئاً أظهره الله تعالى لمصلحة أو سكت عليه ، ثم انكشف الواقع وأنه كان غير الظاهر ، فقد كان إسماعيل بحسب الظاهر الولد المؤهل للإمامة بعد الإمام الصادق(ع) لا أنه مفترض عند الله أن يكون هو الإمام ، وعندما توفي في حياة أبيه انكشف أن الظاهر للناس ليس هو المراد لله تعالى وأن الإمام هو الإمام الكاظم(ع).
وكذلك الأمر في محمد بن الإمام الهادي(ع). وهذه الإظهارات التي يقع فيها البداء يظهرها الله تعالى لمصلحة ،
وهذا موجز عن أصل البداء وحقيقته:
زعم اليهود أن يد الله تعالى مغلولة ، وأنه فرغ من الخلق والأمر ولايستطيع تغيير شئ ! قال الله تعالى: (وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَاناً وَكُفْراً وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَاراً لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً وَاللهُ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ). (سورة المائدة: 64)
وقد وافق مخالفونا اليهود فقالوا إن الله تعالى قد فرغ من الأمر فلا يمكنه التغيير! كما في مسند أحمد:2/52: (عن ابن عمر قال قال عمر: يا رسول الله أرأيت ما نعمل فيه أفي أمر قد فرغ منه أو مبتدأ أو مبتدع؟ قال: فيما فرغ منه فاعمل يا ابن الخطاب فإن كل ميسر لما خلق له) ! (وروى نحوه:1/29، وفيه (قال عمر: ألا نتكل؟) ونحوه في الترمذي:4/352 والحاكم:2/462 وصححه. وفي مجمع الزوائد:7 /194 عن أبي بكر وعمر وقال: رواه البزار ورجاله رجال الصحيح ).
فهذه النصوص الصحيحة عندهم تقول بالجبر في أفعال الانسان ، وبالجبر على الله في تكوين الكون معاً . ومثلها ما نسبه البخاري إلى النبي(ص)أن الله تعالى يتحمل مسؤولية خطيئة آدم(ع)، تماماًً كما في توراة اليهود !
قال البخاري:4/131: (عن أبي هريرة: قال قال رسول الله ('): احتج آدم وموسى فقال له موسى: أنت آدم الذي أخرجتك خطيئتك من الجنة؟ فقال له آدم: أنت موسى الذي اصطفاك الله برسالاته وبكلامه ثم تلومني على أمر قدر علي قبل أن أخلق ؟ فقال رسول الله (ص): فحج آدم موسى مرتين) !! (ورواه بصيغة فيها تعنيفٌ لآدم(ع)قال في:7/214: (فقال له موسى يا آدم أنت أبونا خيبتنا وأخرجتنا من الجنة)! (ونحوه أيضاً: 8/203) !
وقد خالفهم أهل البيت(ع) ، لأن الكون كله تحت سلطان الله تعالى حدوثاً وبقاءً ، ولذا نعتقد بالبداء وهو المحو والإثبات في أفعال الله تعالى التي لم يخبر بها ملائكته ورسله على نحو الحتم ، كما قال تعالى: (يَمْحُوا اللهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ) . (سورة الرعد ـ 39) .
وفي شرح الأسماء الحسنى للسبزواري:2/84: عنه×: ( أنحن في أمر فرغ أم في أمر مستأنف ؟ فقال في أمر فرغ ، وفي أمر مستأنف).
وقد شنع علينا مخالفونا لعقيدتنا بالبداء ، وافترى علينا بعضهم بأنا ننسب الجهل إلى الله تعالى ! وأن معنى البداء الذي نعتقد به أن الأمر يبدو لله تعالى ويظهر بعد أن لم يكن ظاهراً ! وهذا كفرٌ لأنه ينسب الجهل إلى العليم المطلق والحكيم المطلق عز وجل.
بل معنى البداء أن الله تعالى يبدي الأمر لعباده بشكل ، ثم يمحوه ويبديه على واقعه . ومن ذلك أن زكريا(ع) طلب من الله تعالى ولداً يرثه ويرث من آل يعقوب: (وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِراً فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيّاً . يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيّاً). (سورة مريم: 5 ـ 6) ، فوهب له يحيى(ع) ، وكان ظاهر الأمر أنه استجاب له ووهبه له لكي يرثه ويرث من آل يعقوب، ولكن يحيى استشهد في حياة أبيه زكريا ولم يرثه بل ورثهما معاً عيسى(ع) ، ففي مثل هذا الأمر يقال (بدا لله تعالى في نبيه يحيى(ع)) .
رقم السؤال : 136
السؤال :
سمعت احد الخطباء يتكلم عن البداء واورد قول الإمام الهادي (ع) (يا بني أحدث لله شكراً فقد أحدث فيك أمراً) ان من المفترض ان يكون الإمام ابنه محمد وبوفاته انتقلت الإمامه الى ابنه الحسن العسكري عليه السلام . وكان يريد بنقل هذه الرواية انه قد حدث بداء؟
الجواب :
وقعت في اشتباه أيها الأخ في فهم معنى البداء ، فليس معناه أن الله تعالى يغير رأيه ، معاذ الله ، فإن علمه سبحانه الذي هو ارقى من انواع علمنا ، ثابتٌ من الأزل الى الأبد ، لا يتغير .
ومعنى البداء أن الظاهر من الأمر كان شيئاً أظهره الله تعالى لمصلحة أو سكت عليه ، ثم انكشف الواقع وأنه كان غير الظاهر ، فقد كان إسماعيل بحسب الظاهر الولد المؤهل للإمامة بعد الإمام الصادق(ع) لا أنه مفترض عند الله أن يكون هو الإمام ، وعندما توفي في حياة أبيه انكشف أن الظاهر للناس ليس هو المراد لله تعالى وأن الإمام هو الإمام الكاظم(ع).
وكذلك الأمر في محمد بن الإمام الهادي(ع). وهذه الإظهارات التي يقع فيها البداء يظهرها الله تعالى لمصلحة ،
وهذا موجز عن أصل البداء وحقيقته:
زعم اليهود أن يد الله تعالى مغلولة ، وأنه فرغ من الخلق والأمر ولايستطيع تغيير شئ ! قال الله تعالى: (وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَاناً وَكُفْراً وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَاراً لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً وَاللهُ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ). (سورة المائدة: 64)
وقد وافق مخالفونا اليهود فقالوا إن الله تعالى قد فرغ من الأمر فلا يمكنه التغيير! كما في مسند أحمد:2/52: (عن ابن عمر قال قال عمر: يا رسول الله أرأيت ما نعمل فيه أفي أمر قد فرغ منه أو مبتدأ أو مبتدع؟ قال: فيما فرغ منه فاعمل يا ابن الخطاب فإن كل ميسر لما خلق له) ! (وروى نحوه:1/29، وفيه (قال عمر: ألا نتكل؟) ونحوه في الترمذي:4/352 والحاكم:2/462 وصححه. وفي مجمع الزوائد:7 /194 عن أبي بكر وعمر وقال: رواه البزار ورجاله رجال الصحيح ).
فهذه النصوص الصحيحة عندهم تقول بالجبر في أفعال الانسان ، وبالجبر على الله في تكوين الكون معاً . ومثلها ما نسبه البخاري إلى النبي(ص)أن الله تعالى يتحمل مسؤولية خطيئة آدم(ع)، تماماًً كما في توراة اليهود !
قال البخاري:4/131: (عن أبي هريرة: قال قال رسول الله ('): احتج آدم وموسى فقال له موسى: أنت آدم الذي أخرجتك خطيئتك من الجنة؟ فقال له آدم: أنت موسى الذي اصطفاك الله برسالاته وبكلامه ثم تلومني على أمر قدر علي قبل أن أخلق ؟ فقال رسول الله (ص): فحج آدم موسى مرتين) !! (ورواه بصيغة فيها تعنيفٌ لآدم(ع)قال في:7/214: (فقال له موسى يا آدم أنت أبونا خيبتنا وأخرجتنا من الجنة)! (ونحوه أيضاً: 8/203) !
وقد خالفهم أهل البيت(ع) ، لأن الكون كله تحت سلطان الله تعالى حدوثاً وبقاءً ، ولذا نعتقد بالبداء وهو المحو والإثبات في أفعال الله تعالى التي لم يخبر بها ملائكته ورسله على نحو الحتم ، كما قال تعالى: (يَمْحُوا اللهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ) . (سورة الرعد ـ 39) .
وفي شرح الأسماء الحسنى للسبزواري:2/84: عنه×: ( أنحن في أمر فرغ أم في أمر مستأنف ؟ فقال في أمر فرغ ، وفي أمر مستأنف).
وقد شنع علينا مخالفونا لعقيدتنا بالبداء ، وافترى علينا بعضهم بأنا ننسب الجهل إلى الله تعالى ! وأن معنى البداء الذي نعتقد به أن الأمر يبدو لله تعالى ويظهر بعد أن لم يكن ظاهراً ! وهذا كفرٌ لأنه ينسب الجهل إلى العليم المطلق والحكيم المطلق عز وجل.
بل معنى البداء أن الله تعالى يبدي الأمر لعباده بشكل ، ثم يمحوه ويبديه على واقعه . ومن ذلك أن زكريا(ع) طلب من الله تعالى ولداً يرثه ويرث من آل يعقوب: (وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِراً فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيّاً . يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيّاً). (سورة مريم: 5 ـ 6) ، فوهب له يحيى(ع) ، وكان ظاهر الأمر أنه استجاب له ووهبه له لكي يرثه ويرث من آل يعقوب، ولكن يحيى استشهد في حياة أبيه زكريا ولم يرثه بل ورثهما معاً عيسى(ع) ، ففي مثل هذا الأمر يقال (بدا لله تعالى في نبيه يحيى(ع)) .