حين تضمحل صنوف الرحمة... وتتوارى معالم الإنسانية
عائلة بحرينية تتقاسم السكن مع الحيوانات في "حظيرة"
الوسط - عبدالله الملا
قد يظن المرء أن أسوأ مصير يواجهه هو العيش في بيت متهاو يكاد يسقط على رؤوس قاطنيه، ولكن في النهاية، يبقى المكان الذي يعيش فيه يسمى بيتا، مهما اختلف شكله ومهما كانت أحواله.
وربما يكون حظ هذا الشخص سعيدا، ويدرج اسمه ضمن قائمة البيوت الآيلة إلى السقوط، ويعيش في بيت آمن. ولكن، يا ترى ما حال من ليس له مكان يلجأ إليه، أو ظل يلوذ به، سوى زريبة الحيوان!
إن الحال المزري الذي تعيشه إحدى العائلات "العائلة طلبت عدم الكشف عن الاسم" في قرية أبوصيبع، جدير بإعادة النظر في أمور شتى، فمنظر الأطفال الثلاثة والأم وهم يفترشون تراب الحظيرة، يحتم على المرء أن ينظر في نفسه ويتساءل: هل بالإمكان أن تصل الحال إلى هذه الدرجة؟ وأين الناس من كل ما يجري، وأين الوجهاء وأصحاب الأيادي البيضاء؟ فهل اقتصرت الأيادي على فعل الخير الذي يعلم به الجميع، ليشار بالبنان إلى أن هذا المسجد بناه فلان، وذاك الوادي عمره فلان الفلاني.
العائلة تعيش الأمرين، فالوالد رحل وخلف وراءه ثلاثة أطفال، وزوجة تتحمل أعباء إعالة العائلة، والأكثر من ذلك، هو تحمل العيش وسط زريبة بناها صاحبها لتؤوي الحيوانات، ولم يفكر يوما من الأيام باحتمال لجوء عائلته إليها. المأساة بدأت في قرية أبوصيبع، وتأمل العائلة أن تنتهي في القرية نفسها، ولكنها تأمل ألا يطول الانتظار... الأم، تروي بعض المعاناة وتقول: "كل الأطفال يدعون زملاءهم وأصدقاءهم لزيارتهم في المنزل، لكن أطفالي يختبئون ويتوارون عن الناس لكي لا يأتي يوم ويقول فيه أحد أصدقائهم إنه يريد أن يزورهم في المنزل".
وليس ببعيد عن هذه القرية، تعيش عائلة العالي في منزل يكاد يهوي على رؤوسهم في السنابس، منزل لا يحميهم من برد، ولا يقيهم من حر. إذا تجمع الماء في البناء سقطت إحدى القطع وتهاوى جانب منه. تقول ابنة صاحب المنزل: "نحن نعيش في بيت الوالد، وأعطتنا البلدية انذارين لإخلاء المنزل لأنه آيل للسقوط. الأول في العام ،1989 والثاني في العام .2002 طلبنا المساعدة من كل الأطراف، حتى أن ديوان ولي العهد قام بزيارة المنزل، واستغرب مندوبو الديوان من حاله... وفي يوم الثلثاء من الأسبوع الماضي، سقط الحمام، بينما كان أخي يحاول إصلاح عطب في السقف، وأصيبت رجله بجروح. ولو كان هناك أحد في الحمام لسقط على رأسه".
وتواصل "حجرة الوالد متهاوية جدا، والآن نحن نعيش من دون حمام، ونخشى أن يسقط جزء من المنزل على الناس، إذ غالبا ما يتشقق وتسقط أجزاء منه عند مرور السيارات في الشارع المقابل للمنزل... بعد معاناة، حصلنا على مبلغ 200 دينار، وقمنا بترميم المنزل، ولكن سرعان ما عاد إلى وضعه السابق، فالشقوق في كل مكان، ولدينا حجرة مليئة بالدود... نحن نناشد جلالة الملك ليضع حدا لهذه المعاناة الذي نعيشها كل يوم، فالوالد لا يملك راتبا تقاعديا لأنه كان يعمل سائق سيارة أجرة، وهو الآن في المستشفى بعد أن أصيب بكسر في الحوض".
واستطردت "يعيش في المنزل خالي "بائع متجول" والوالد وأخي الصغير وأختي مع ابنها بالإضافة إلى الوالد، ونظرا لعدم وجود وضع صحي في المنزل، انتقلنا للعيش مع أخي في شقته "شقق الإسكان"، والآن تهددنا وزارة الإسكان لإخلاء المكان، وقاموا باقتطاع 100 دينار من راتب أخي".
من جهته قال عضو المجلس البلدي في المحافظة الشمالية ممثل الدائرة الرابعة محمد عبدالله منصور: "لدي كل المعلومات عن منزل عائلة العالي، وحاولنا مع ابنهم، وحصلنا له على شقة في الإسكان، وأدرجنا البيت ضمن البيوت الآيلة للسقوط. ولكن من الضروري أن نوضح نقطة جدلية، فمشروع جلالة الملك للبيوت الآيلة للسقوط له شطران، الأول يتعلق بالبيوت العاجلة والآخر بالبيوت الآجلة،
ولكل عضو أن يرشح بيتين عاجلين، ويدرج البقية على اللائحة الآجلة. لقد رفعنا بيتين من البيوت العاجلة، أحدهما في قرية السنابس والآخر في كرباباد، وأحد البيتين لم توصل له الكهرباء لحد الآن، لذلك قامت الوزارة بالبدء فيه وكان أول بيت يهدم. وبالنسبة إلى البيوت الآجلة، طلب من كل عضو أن يرفع الملفات، لكن الوزارة طلبت التأجيل، لأن أمامها الكثير من البيوت العاجلة التي يصل عددها إلى 100 بيت، بمعدل 20 بيتا من كل مجلس بلدي. ولذلك نحن في وضع محرج مع الأهالي، إذ لا نملك أن نقرر ترميم البيوت، فكل دائرة لها بيتان عاجلان فقط".
الموت لكم يا آل خليفة الانجاس
الوسط عدد 19 / 9 / 2004
عائلة بحرينية تتقاسم السكن مع الحيوانات في "حظيرة"
الوسط - عبدالله الملا
قد يظن المرء أن أسوأ مصير يواجهه هو العيش في بيت متهاو يكاد يسقط على رؤوس قاطنيه، ولكن في النهاية، يبقى المكان الذي يعيش فيه يسمى بيتا، مهما اختلف شكله ومهما كانت أحواله.
وربما يكون حظ هذا الشخص سعيدا، ويدرج اسمه ضمن قائمة البيوت الآيلة إلى السقوط، ويعيش في بيت آمن. ولكن، يا ترى ما حال من ليس له مكان يلجأ إليه، أو ظل يلوذ به، سوى زريبة الحيوان!
إن الحال المزري الذي تعيشه إحدى العائلات "العائلة طلبت عدم الكشف عن الاسم" في قرية أبوصيبع، جدير بإعادة النظر في أمور شتى، فمنظر الأطفال الثلاثة والأم وهم يفترشون تراب الحظيرة، يحتم على المرء أن ينظر في نفسه ويتساءل: هل بالإمكان أن تصل الحال إلى هذه الدرجة؟ وأين الناس من كل ما يجري، وأين الوجهاء وأصحاب الأيادي البيضاء؟ فهل اقتصرت الأيادي على فعل الخير الذي يعلم به الجميع، ليشار بالبنان إلى أن هذا المسجد بناه فلان، وذاك الوادي عمره فلان الفلاني.
العائلة تعيش الأمرين، فالوالد رحل وخلف وراءه ثلاثة أطفال، وزوجة تتحمل أعباء إعالة العائلة، والأكثر من ذلك، هو تحمل العيش وسط زريبة بناها صاحبها لتؤوي الحيوانات، ولم يفكر يوما من الأيام باحتمال لجوء عائلته إليها. المأساة بدأت في قرية أبوصيبع، وتأمل العائلة أن تنتهي في القرية نفسها، ولكنها تأمل ألا يطول الانتظار... الأم، تروي بعض المعاناة وتقول: "كل الأطفال يدعون زملاءهم وأصدقاءهم لزيارتهم في المنزل، لكن أطفالي يختبئون ويتوارون عن الناس لكي لا يأتي يوم ويقول فيه أحد أصدقائهم إنه يريد أن يزورهم في المنزل".
وليس ببعيد عن هذه القرية، تعيش عائلة العالي في منزل يكاد يهوي على رؤوسهم في السنابس، منزل لا يحميهم من برد، ولا يقيهم من حر. إذا تجمع الماء في البناء سقطت إحدى القطع وتهاوى جانب منه. تقول ابنة صاحب المنزل: "نحن نعيش في بيت الوالد، وأعطتنا البلدية انذارين لإخلاء المنزل لأنه آيل للسقوط. الأول في العام ،1989 والثاني في العام .2002 طلبنا المساعدة من كل الأطراف، حتى أن ديوان ولي العهد قام بزيارة المنزل، واستغرب مندوبو الديوان من حاله... وفي يوم الثلثاء من الأسبوع الماضي، سقط الحمام، بينما كان أخي يحاول إصلاح عطب في السقف، وأصيبت رجله بجروح. ولو كان هناك أحد في الحمام لسقط على رأسه".
وتواصل "حجرة الوالد متهاوية جدا، والآن نحن نعيش من دون حمام، ونخشى أن يسقط جزء من المنزل على الناس، إذ غالبا ما يتشقق وتسقط أجزاء منه عند مرور السيارات في الشارع المقابل للمنزل... بعد معاناة، حصلنا على مبلغ 200 دينار، وقمنا بترميم المنزل، ولكن سرعان ما عاد إلى وضعه السابق، فالشقوق في كل مكان، ولدينا حجرة مليئة بالدود... نحن نناشد جلالة الملك ليضع حدا لهذه المعاناة الذي نعيشها كل يوم، فالوالد لا يملك راتبا تقاعديا لأنه كان يعمل سائق سيارة أجرة، وهو الآن في المستشفى بعد أن أصيب بكسر في الحوض".
واستطردت "يعيش في المنزل خالي "بائع متجول" والوالد وأخي الصغير وأختي مع ابنها بالإضافة إلى الوالد، ونظرا لعدم وجود وضع صحي في المنزل، انتقلنا للعيش مع أخي في شقته "شقق الإسكان"، والآن تهددنا وزارة الإسكان لإخلاء المكان، وقاموا باقتطاع 100 دينار من راتب أخي".
من جهته قال عضو المجلس البلدي في المحافظة الشمالية ممثل الدائرة الرابعة محمد عبدالله منصور: "لدي كل المعلومات عن منزل عائلة العالي، وحاولنا مع ابنهم، وحصلنا له على شقة في الإسكان، وأدرجنا البيت ضمن البيوت الآيلة للسقوط. ولكن من الضروري أن نوضح نقطة جدلية، فمشروع جلالة الملك للبيوت الآيلة للسقوط له شطران، الأول يتعلق بالبيوت العاجلة والآخر بالبيوت الآجلة،
ولكل عضو أن يرشح بيتين عاجلين، ويدرج البقية على اللائحة الآجلة. لقد رفعنا بيتين من البيوت العاجلة، أحدهما في قرية السنابس والآخر في كرباباد، وأحد البيتين لم توصل له الكهرباء لحد الآن، لذلك قامت الوزارة بالبدء فيه وكان أول بيت يهدم. وبالنسبة إلى البيوت الآجلة، طلب من كل عضو أن يرفع الملفات، لكن الوزارة طلبت التأجيل، لأن أمامها الكثير من البيوت العاجلة التي يصل عددها إلى 100 بيت، بمعدل 20 بيتا من كل مجلس بلدي. ولذلك نحن في وضع محرج مع الأهالي، إذ لا نملك أن نقرر ترميم البيوت، فكل دائرة لها بيتان عاجلان فقط".
الموت لكم يا آل خليفة الانجاس
الوسط عدد 19 / 9 / 2004
تعليق