إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

رسالة في علم النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وصحبه المؤمنين

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • رسالة في علم النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وصحبه المؤمنين

    رسالة في علم النبي صلّى الله عليه وآله وسلم والامام عليه السلام بالغيب(1) تأليف: العلاّمة السيد محمد حسين الطباطبائي مؤلف تفسير «الميزان»
    تحقيق : رضا الاستادي

    ****
    بسم الله الرحمن الرحيم
    قد تكرر في كلامه تعالى أن العلم بالغيب مما يختص به تعالى لا يعلمه الا هو ولا مطمع فيه لغيره(2).

    غير انه تعالى قال: (عالم الغيب فلا يظهر على غيبه احداً الا من ارتضى من رسول)(3)، فدل على أن ما يوحيه إلى رسوله من الغيب الذي يختص به وفي معناه آيات أُخر تدل على ان ما يوحيه إلى رسوله من انباء الغيب(4). وهذه الآيات تفسر تلك الآيات التي تخص علم الغيب به تعالى وتنفيه عمن سواه ويتحصل: إن الذي يختص به تعالى هو الاستقلال في العلم بالغيب فلا يملكه بذاته ولذاته الا هو تعالى وتقدس واما غيره فلا يملك شيئاً منه الا بتعليم من الله واذن منه.

    فوزان هذين القبيلين من الآيات وزان قوله تعالى: (الله يتوفى الانفس حين موتها)(5)، وقوله: (حتى إذا جاء أحدكم الموت توفته رسلنا)(6)، وقوله: (يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم)(7)، حيث يدل على أن التوفي له سبحانه بالاصالة والاستقلال ولملائكته باذن منه وتسبيب.

    فتحصل: إن للرسول نصيباً من علم الغيب مع اختصاصه به تعالى، فله علم به؛ لا من نفسه وبنفسه على سبيل الاصالة والاستقلال بل باذن منه تعالى وتعليم..


    وبذلك يرتفع ما يتراءى من التنافي بين قوله: (الا من ارتضى من رسول)(8)، وامثال قوله: (قل ما كنت بدعاً من الرسل وما ادري ما يفعل بي ولا بكم أن اتبع الا ما يوحى اليّ)(9)، وقوله: (قل لا املك لنفسي نفعاً ولا ضراً الا ما شاء الله ولو كنت اعلم الغيب لاستكثرت من الخير)(10)، وغيرهما(11). فالمنفي هو العلم بنفسه ولنفسه والمثبت هو العلم باذن منه تعالى وتعليم. هذا هو المحصل من كلامه تعالى في علم النبي صلّى الله عليه وآله وسلم بالغيب باذن منه.

    واما الأخبار فقد تكاثرت عن النبي صلّى الله عليه وآله وسلم وأئمة أهل البيت عليهم السلام؛ أن نور النبي صلّى الله عليه وآله وسلم اول ما خلقه الله(12)، وأن نورهم ونور النبي صلّى الله عليه وآله وسلم واحد، وأن الله آتاه علم ما كان وما يكون وما هو كائن وحيا(13)، وانهم عليهم السلام اخذوه عنه صلّى الله عليه وآله وسلم بالوراثة.

    وقد ورد في بعضها ـ وسياقه سياق التفسير لسائرها ـ انهم عليهم السلام إذا شاؤوا علموا واذا لم يشأوا لم يعلموا(14).

    ويتحصل به: إن لهم بحسب مقام نورانيتهم علماً بالفعل بكل شيء؛ وأما بحسب الوجود العنصري الدنيوي فهم إذا شاؤوا علموا بالاتصال بمقام النورانية باذن الله واذا لم يشاؤوا لم يعلموا.

    وعلى هذا يحمل ما ورد في بعض القصص والسير المأثورة عنهم ممّا ظاهره انهم ما كانوا على علم بما كان يستقبلهم من الحوادث فلا تغفل.

    على أن هناك نكته تنحل، بالتنبه لها، امثال هذه الشبهات من اصلها وهي: إن علمهم هذا بالحوادث علم بما انها واجبة التحقق ضرورية الوقوع لا تقبل بداء ولا تحتمل تخلفاً كما في الاخبار(15)؛ والعلم الذي هذا شأنه لا اثر له في فعل الإنسان.

    بيان ذلك: إن من المقرر عقلاً ـ وقد صدقه الكتاب والسنة ـ أن كلّ حادثة من الحوادث تحتاج في تحققها إلى علة، وإن العلة المتوقف عليها وجود الشيء تنقسم إلى: ناقصة وتامة. والعلة التامة تمام ما يتوقف عليه وجود الشيء؛ فيجب بوجودها وجوده وبعدمها عدمه. والعلة الناقصة بعض ما يتوقف عليه وجود الشيء، فلا يجب بوجودها وجوده لافتقاره معها إلى غيرها، ولكن يجب بعدمها عدمه.



    ومن هنا يظهر أنه لا تتحقّق حادثة من الحوادث الا وهي واجبة الوجود بايجاب علتها التامة التي فوقها، وكذا الكلام في علتها التامة حتى ينتهي إلى الواجب بالذات تعالى وتقدس؛ فالعالم مؤلف من سلسلة من الحوادث كل حلقة من حلقاتها واجبة الوجود بما يسبقها ـ وان كانت ممكنة بالقياس إلى علتها الناقصة ـ وهذه الوجوبات المترتبة الواقعة في سلسلة الحوادث في نظام القضاء الحتمي الذي ينسبه الله تعالى إلى نفسه قال تعالى: (ليقضي الله امراً كان مفعولاً)(16)، وقال: (وكان امراً مقضيا)(17) ثم إن من المعلوم أن الإنسان الفعّال بالعلم والارادة إنما يقصد ما يتعلق به علمه من الخير والنفع ويهرب مما يتعلق به علمه من الشر والضر، فللعلم أثر في دعوة الإنسان إلى العمل وبعثه نحو الفعل والترك، بالتوسل بما ينفعه في جلب النفع او دفع الضرر، وبذلك يظهر أن علم الإنسان بالخير وكذا الشر والضرر في الحوادث المستقبلة إنما يؤثر أثره لو تعلق بها العلم من جهة امكانها لا من جهة ضرورتها، على ما اشير اليه آنفا، وذلك كأن يعلم الإنسان أنه لو حضر مكاناً كذا في ساعة كذا من يوم كذا قتل قطعاً، فيؤثر العلم المفروض فيه ببعثه نحو دفع الضرر، فيختار ترك الحضور في المكان المفروض تحرزا من القتل. واما إذا تعلق العلم بالضرر مثلاً من جهة كونه ضروري الوقوع واجب التحقق، كما إذا علم أنه في مكان كذا في ساعة كذا من يوم كذا مقتول لا محالة، بحيث لا ينفع في دفع القتل عنه عمل ولا تحول دونه حيلة، فان مثل هذا العلم لا يؤثر في الإنسان امراً يبعثه إلى نوع من التحرز والاتقاء لفرض علمه بأنه لا ينفع فيه شيء من العمل، فهذا الإنسان مع علمه بالضرر المستقبل يجري في العمل مجرى الجاهل بالضرر.

    .

    إذا علمت ذلك ثم راجعت الأخبار الناصة على أن الذي علمهم الله تعالى من العلم بالحوادث لا بداء فيه ولا تخلف(18)، ظهر لك اندفاع ما ورد على القول بعلمهم بعامة الحوادث من أنه لو كان لهم علم بذلك لاحترزوا مما وقعوا فيه من الشر، كالشهادة قتلاً بالسيف وبالسم، لحرمة القاء النفس في التهلكة(19).

    وجه الاندفاع: إن علمهم بالحوادث علم بها من جهة ضرورتها، كما هو صريح نفي البداء عن علمهم، والعلم الذي هذا شأنه لا أثر له في فعل الإنسان ببعثه إلى نوع من التحرز. واذا كان الخطر بحيث لا يقبل الدفع بوجه من الوجوه فالابتلاء به وقوع في التهلكة لا القاء في التهلكة، قال تعالى: (قل لو كنتم في بيوتكم لبرز الذين كتب عليهم القتل إلى مضاجعهم)(20).

    هذا ما يؤدي اليه التدبر في الكتاب والسنة في مسألة اختصاص علم الغيب بالله سبحانه وفيضانه إلى نورالنبوة والامامة باذنه تعالى، والابحاث العقلية البرهانية الجارية في سير الإنسان في صراط الكمال وانتهائه إلى غاية وجوده ينتج ذلك، من اراد الوقوف عليها فليراجع محلها والله العالم(21) .

    كتبه الفقير إلى الله محمد حسين الطباطبائي(22).

    ) كانت نسختها بخط المؤلّف عند الاستاذ الشيخ جعفر السبحاني دامت إفادته، فتفضّل بها علينا فنشكره سلّمه الله تعالى.
    (2) راجع سورة النمل الآية: 65، الانعام: 59 فاطر: 38 وغيرها من الآيات.
    (3) سورة الجن آيه 26 ـ 27.
    (4) راجع سورة آل عمران: الآية 44. هود: الآية 49. يوسف: الآية: 102.
    (5) سورة الزمر: الآية 42.
    (6) سورة الانعام: الآية 61.
    (7) سورة السجده: الآية 11.
    (8) سورة الجن: الآية 26.
    (9) سورة الاحقاف: الآية 9.
    (10) سورة الاعراف: الآية 188.
    (11) راجع سورة الانعام: الآية 50. سورة هود: الآية 31.
    (12) راجع رسالة «نور الانوار في بدء الخلقة» تأليف السيد نمازي شاهرودي، ط/ مشهد.
    (13) راجع الروايات الكثيرة حول هذا الموضوع الواردة في رسالة «علم الغيب» تأليف السيد نمازي شاهرودي والتي نقلها عن كتاب الكافي وبصائر الدرجات وكمال الدين والخصال وعيون اخبار الرضا وغيره.
    (14) راجع كتاب الكافي ج1 ص258، ط الآخوندي وكذلك بصائر الدرجات.
    (15) راجع باب البداء في الكافي ج1 ص146 وكذلك رسائل المرحوم الشيخ محمد جواد البلاغي الذي كتبها حول هذا الموضوع ومقدمة الشيخ محمد حسن آل ياسين في اربع عشرة صفحة والواقعة ضمن مجموع النفائس الاربع المخطوطة والتي طبعت في عام 1374 في بغداد.
    (16) سورة الانفال: الآية 42.
    (17) سورة مريم: الآية 21.
    (18) إشارة الى الرواية التي وردت في الهامش رقم 16.
    (19) إشارة الى الآية 195 من سورة البقرة.
    (20) سورة آل عمران: الآيه 154.
    (21) حسب علمنا ان للسيد الطباطبائي رسالة اخرى باللغة الفارسية حول موضوع علم النبي صلّى الله عليه وآله وسلم والامام عليه السلام بالغيب، وقد تم طبعها عدة مرات، وآخر مرة كانت طبعتها مزيدة بمقدمة للمرحوم الحاج السيد محمد علي القاضي الطباطبائي في تبريز عام 1369 قمري، بالاضافة إلى ما ورد في تفسير الميزان حول هذا الموضوع في الاجزاء 18 ص205 و20 ص129.
    (22) النسخة الخطية الأصلية لهذه الرسالة بخط سماحة الاستاذ «دام ظله» في هذا التاريخ امانة عندي.
المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
x

رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

صورة التسجيل تحديث الصورة

اقرأ في منتديات يا حسين

تقليص

لا توجد نتائج تلبي هذه المعايير.

يعمل...
X