مسعود ...
عامل بنغلاديشي ...
في شركةالتنظيف ...
تم فرزه للعمل في مكان عملي ...
يصلح الشاي ويقوم بتنظيف المكاتب ...
يأتي للعمل الساعة السادسة صباحا تقريبا ...
ليقوم بعمله قبل دخول الموظفين ...
سألته : كم دفعت يا مسعود لتأتي الى الكويت ؟
تقريبا خمسمئة دينار ...
كان جوابه ...
من أين أتيت بها يا مسعود ...؟
سلف ...
من أهلي وأصدقائي ومعارفي ...
جميعا ...
دينار ...دينار ...
ويجب تسديدها ...
مسعود هادىء ...وقليل الكلام ...وقنوع ...
يأكل ما يعطى من طعام ...
والتي أحرص على أن يطلب له إفطار كأحدنا ...
جاء أحد الزملاء في أحد المرات ببناته من المدرسة ...
فلاحظت مسعود ينظر اليهن بإنكسار قلب ...
ومن ثم ترك ما بيده ذاهبا الى غرفته ...
وتسللت من بين الزملاء متوجها الى غرفة مسعود ...
وإذا به ينحب ...ويبكي ...
بكل حرقة ...ونشيج ...
فسألته : ما بك يا مسعود ...؟
مسعود : تذكرت أولادي ...
يعمل مسعود بعد الظهر حرا ...
يلف على المنازل لعل هناك من يحتاج الى عامل تنظيف للحديقة أو تقليمها ...
بأجر زهيد ...
جدا ...
فما مقدار ما يجني مسعود شهريا ...
مع راتبه ...
وهل يكفي لسد رمق عائلته ...؟
جاء مسعود يوما متغيرا ...
لقد أعطي مخالفة ...
لأنه يعمل بعد الظهر ...
وجده أحد المفتشين في وزارة الشئون الإجتماعية والعمل (طبعا وزارة ترعى حقوق العمل والعاملين) وبيده مقص الزرع ...
وسأله أن يعمل بتنظيف حديقته ...
فأجاب مسعود : لامانع ...
المفتش : كم السعر ...؟
مسعود : أي شيء ...
(تصوروا تنظيف حديقة وتقليمها ) بأي شيء ...
وهذا يعني دينار ويصل مع التوفيق الى ديناران ...
أو وجبة طعام ...
فمسعود لا يعترض ...ولايمانع ...
أي شيء ...يفي بالغرض ...
المهم ...
عندها طلب المفتش هوية مسعود ...
وأعطاه المخالفة ...
والمخالفة تعني التسفير الى بنغلادش ...
فذهبت الى مركز وزارة الشئون الإجتماعية في المنطقة ...
فقيل بأن المخالفات تذهب الى المبنى الرئيسي ...
والى المبنى الرئيسي ذهبت مع أحد الأصدقاء ...
لمقابلة المدير ...
عساه أن يلغي المخالفة ...
والتي وكأنها شبح الموت أطبق على مسعود ...
وإذا بها مديرة وليست مدير ...
من الساعة التاسعة صباحا الى الساعة الحادية عشر والنصف ...
ونحن ننتظر الدخول على المديرة ...
هذه المديرة ...
دكتاتورية ...تقفل باب مكتبها كي لا يدخل عليها أحد بحجة عندها تلفون ولا تريد إزعاج ...
يعني مسوين فزعة ...
هكذا بدأت خطابها معنا ...
على الأقل ليأتي صاحب شركة التنظيف فأنتم لا دخل لكم ...
أكملت خطابها ...
فقلت: المسألة ليست فزعة بقدر ما هي إنسانية ...يكفي أن هذا المسكين لايأخذ راتبه كامل ...
بعدين يعمل بعد الظهر بشرف وعرق جبينه أحسن وإلا يشتغل بالحرام أحسن ...؟
فقالت : هو يعلم عن مقدار راتبه قبل ما يأتي للبلاد ...
فقلت : إتفقوا معه على ثمانون دينارا ...والآن يستلم خمسة وعشرين ...
فقالت : يروح يشتكي ...!
فقلت : وين يشتكي إذا كلام وزارة الشئون بهالمنطق ...؟
بعدين لو تلاحظين المخالفة فهم لم يمسكوه يعمل بعد الظهر بل حصل موافقة على ذلك وهناك فرق بين من يقبض عليه بالجرم المشهود ومن يقبل على العمل ...
على الأقل يحذر هذه المرة ...
عموما رجعنا بخفي حنين ...
كان مسعود منتظرا إيانا على باب مكان العمل ...
كان يدقق بملامحنا ليرى الجواب قبل الكلام ...
بعيون مغرورقة ...
فقلت له : الله كريم يا مسعود ...
قبل دخولي على المديرة دخلت على أحد الباحثين القانونيين (خلال إنتظاري) مستفسرا عن جدية المخالفة وإمكانية إلغائها ...
فقال مستحيل ...يسفرون ...ويؤتى بغيرهم ...طبعا كما دفع مسعود ...يدفع من يأتى ...
ومرت الايام ...
مع كثير من المحاولات ...
بلا فائدة ...
ويوما عن يوم يصاب مسعود باليأس ...
مسعود : أنا أموت ولا أروح بنغلاديش ...
وفهمت من كلامه بأن بلاده غرقى الآن بمياه المطر ...
والأهم لاعمل ...
فلا يوجد ما يعمل به ليقتات هو وعائلته وليسد دينه ...
فعلا الموت أرحم ...
وبعد فترة فقدنا مسعود ...
فلم يعد يأتي للعمل ...
وسمعنا بعد ذلك بأنه هرب من العمل ...
لأنهم أخبروه بحتمية التسفير ...
والآن الله أعلم أين هو مسعود ...
ماذا يعمل ...؟
وماذا يأكل ...؟
وأين ينام ...؟
وإذا جن عليه الليل ...
ووضع رأسه على الوسادة ...
إن وجدت ...
بماذا يفكر ...؟؟؟؟؟
عامل بنغلاديشي ...
في شركةالتنظيف ...
تم فرزه للعمل في مكان عملي ...
يصلح الشاي ويقوم بتنظيف المكاتب ...
يأتي للعمل الساعة السادسة صباحا تقريبا ...
ليقوم بعمله قبل دخول الموظفين ...
سألته : كم دفعت يا مسعود لتأتي الى الكويت ؟
تقريبا خمسمئة دينار ...
كان جوابه ...
من أين أتيت بها يا مسعود ...؟
سلف ...
من أهلي وأصدقائي ومعارفي ...
جميعا ...
دينار ...دينار ...
ويجب تسديدها ...
مسعود هادىء ...وقليل الكلام ...وقنوع ...
يأكل ما يعطى من طعام ...
والتي أحرص على أن يطلب له إفطار كأحدنا ...
جاء أحد الزملاء في أحد المرات ببناته من المدرسة ...
فلاحظت مسعود ينظر اليهن بإنكسار قلب ...
ومن ثم ترك ما بيده ذاهبا الى غرفته ...
وتسللت من بين الزملاء متوجها الى غرفة مسعود ...
وإذا به ينحب ...ويبكي ...
بكل حرقة ...ونشيج ...
فسألته : ما بك يا مسعود ...؟
مسعود : تذكرت أولادي ...
يعمل مسعود بعد الظهر حرا ...
يلف على المنازل لعل هناك من يحتاج الى عامل تنظيف للحديقة أو تقليمها ...
بأجر زهيد ...
جدا ...
فما مقدار ما يجني مسعود شهريا ...
مع راتبه ...
وهل يكفي لسد رمق عائلته ...؟
جاء مسعود يوما متغيرا ...
لقد أعطي مخالفة ...
لأنه يعمل بعد الظهر ...
وجده أحد المفتشين في وزارة الشئون الإجتماعية والعمل (طبعا وزارة ترعى حقوق العمل والعاملين) وبيده مقص الزرع ...
وسأله أن يعمل بتنظيف حديقته ...
فأجاب مسعود : لامانع ...
المفتش : كم السعر ...؟
مسعود : أي شيء ...
(تصوروا تنظيف حديقة وتقليمها ) بأي شيء ...
وهذا يعني دينار ويصل مع التوفيق الى ديناران ...
أو وجبة طعام ...
فمسعود لا يعترض ...ولايمانع ...
أي شيء ...يفي بالغرض ...
المهم ...
عندها طلب المفتش هوية مسعود ...
وأعطاه المخالفة ...
والمخالفة تعني التسفير الى بنغلادش ...
فذهبت الى مركز وزارة الشئون الإجتماعية في المنطقة ...
فقيل بأن المخالفات تذهب الى المبنى الرئيسي ...
والى المبنى الرئيسي ذهبت مع أحد الأصدقاء ...
لمقابلة المدير ...
عساه أن يلغي المخالفة ...
والتي وكأنها شبح الموت أطبق على مسعود ...
وإذا بها مديرة وليست مدير ...
من الساعة التاسعة صباحا الى الساعة الحادية عشر والنصف ...
ونحن ننتظر الدخول على المديرة ...
هذه المديرة ...
دكتاتورية ...تقفل باب مكتبها كي لا يدخل عليها أحد بحجة عندها تلفون ولا تريد إزعاج ...
يعني مسوين فزعة ...
هكذا بدأت خطابها معنا ...
على الأقل ليأتي صاحب شركة التنظيف فأنتم لا دخل لكم ...
أكملت خطابها ...
فقلت: المسألة ليست فزعة بقدر ما هي إنسانية ...يكفي أن هذا المسكين لايأخذ راتبه كامل ...
بعدين يعمل بعد الظهر بشرف وعرق جبينه أحسن وإلا يشتغل بالحرام أحسن ...؟
فقالت : هو يعلم عن مقدار راتبه قبل ما يأتي للبلاد ...
فقلت : إتفقوا معه على ثمانون دينارا ...والآن يستلم خمسة وعشرين ...
فقالت : يروح يشتكي ...!
فقلت : وين يشتكي إذا كلام وزارة الشئون بهالمنطق ...؟
بعدين لو تلاحظين المخالفة فهم لم يمسكوه يعمل بعد الظهر بل حصل موافقة على ذلك وهناك فرق بين من يقبض عليه بالجرم المشهود ومن يقبل على العمل ...
على الأقل يحذر هذه المرة ...
عموما رجعنا بخفي حنين ...
كان مسعود منتظرا إيانا على باب مكان العمل ...
كان يدقق بملامحنا ليرى الجواب قبل الكلام ...
بعيون مغرورقة ...
فقلت له : الله كريم يا مسعود ...
قبل دخولي على المديرة دخلت على أحد الباحثين القانونيين (خلال إنتظاري) مستفسرا عن جدية المخالفة وإمكانية إلغائها ...
فقال مستحيل ...يسفرون ...ويؤتى بغيرهم ...طبعا كما دفع مسعود ...يدفع من يأتى ...
ومرت الايام ...
مع كثير من المحاولات ...
بلا فائدة ...
ويوما عن يوم يصاب مسعود باليأس ...
مسعود : أنا أموت ولا أروح بنغلاديش ...
وفهمت من كلامه بأن بلاده غرقى الآن بمياه المطر ...
والأهم لاعمل ...
فلا يوجد ما يعمل به ليقتات هو وعائلته وليسد دينه ...
فعلا الموت أرحم ...
وبعد فترة فقدنا مسعود ...
فلم يعد يأتي للعمل ...
وسمعنا بعد ذلك بأنه هرب من العمل ...
لأنهم أخبروه بحتمية التسفير ...
والآن الله أعلم أين هو مسعود ...
ماذا يعمل ...؟
وماذا يأكل ...؟
وأين ينام ...؟
وإذا جن عليه الليل ...
ووضع رأسه على الوسادة ...
إن وجدت ...
بماذا يفكر ...؟؟؟؟؟