بسم الله الرحمن الرحيم
"ذكر السيد الجليل ابن عنبة النسابة المتوفي سنة (828) في ( عمدة الطالب ) في نسب بني داود بن موسى الحسني ، قال : ولبني داود حكاية جليلة مشهورة بين النسابين و غيرهم و هي مذكورة في ديوان ابن عنين و هي أن أبا المحاسن نصر الله بن عنين الشاعر الدمشقي(1) توجه إلى مكة شرفها الله تعالى و معه مال و أقمشة فخرج عليه بعض بني داود فأخذوا ما كان معه و سلبوه و جرحوه فكتب إلى الملك العزيز ابن أيوب صاحب اليمن ، و قد كان أخوه الملك الناصر أرسل إليه يطلبه ليقيم بالساحل المفتتح من أيدي الإفرنج ، فزهده ابن عنين في الساحل و رغبه في اليمن و حرضه على الأشراف الذين فعلوا به ما فعلوا ، بصيدة أولها :
أعيت صفات نداك المصقع اللسنا ** و حزت في الجود حد الحسن و الحسنا
و ما تريد بجسم لا حياة له ** من خلص الزبد ما أبقى لك اللبنا
فلا تقل ساحل الأفرنج أفتحه ** فما يساوي إذا قايسته عدنا
و إذا أردت جهاداً فارو سيفيك من ** قوم أضاعوا فروض الله و السننا
طهر بسيفك بيت الله من دنس ** من خساسة أقوام به و خنا
و لا تقل إنهم أولاد فاطمة ** لو أدركوا آل حرب حاربوا الحسنا
قال : فلما قال هذه القصيدة ، رأى في النوم فاطمة الزهراء ( سلام الله عليها ) و هي تطوف بالبيت ، فسلم عليها فلم تجبه فتضرع لها و تذلل و سألها عن ذنبه الذي أوجب عدم جوابه في سلامه فأنشدته الزهراء عليها السلام :
حشا بني فاطمة كلهم ** من خسة تعرص أو من خنا
و إنما الأيام في غدرها ** و فعلها السوء أساءت بنا
أإن أسى من ولدي واحد ** وجهت كل السب عمداً لنا
فتب إلى الله فمن يقترف ** ذنباً بنا يغفر له ما جنى
واكرم لعين المصطفى جدهم**و لا تهن من آله أعينا
فكل ما نالك منهم عنا ** تلقى به في الحشر منا هنا
قال أبو المحاسن نصر بن عنين : فانتبهت من منامي فزعاً مرعوباً و قد أكمل الله عافيتي من الجروح و المرض ، فكتبت هذه الأبيات إذ خفظتها و تبت إلى الله مما قلت و قطعت تلك القصيدة و قلت معتذراً :
عذراً بني بنت نبي الهدى ** تصفح عن ذنب مسيء جنى
و توبة تقبلها من أخي ** مقالة توقعه في العنا
و الله لوقطعني واحد ** منهم بسيف البغي أو بالقنا
لم أر ما يفعله سيئاً ** بل أنه في الفعل قد أحسنا
قال السيد: قد اختصرت ألفاظ هذه القصيدة و هي مشهورة ، و رواها لي الشيخ تاج الدين أبو عبد الله محمد ابن معية الحسيني ، و جدي لأمي الشيخ فخر الدين أبو جعفر محمد ابن الشيخ الفاضل زين الدين الحسين ابن حديد الأسدي ، كلاهما عن السيد السعيد بهاء الدين داود ابن أبي الفتوح عن أبي المحاسن نصر الله بن عنين صاحب الواقعة ، و قد ذكرها البادرائي ( الدر النظيم ) و غيره من المصنفين (2) و ذكرها الزبيدي في تاج العروس ج 9 ص 285 مادة عون (3)"
هوامش :
(1) ابن الحسين بن علي بن محمد بن غالب الأنصاري، المعروف بابن عُنين الشاعر. قال ابن الساعي: أصله من الكوفة وولد بدمشق ونشأ بها، وسافر عنها سنين، فجاب الأقطار والبلاد شرقاً وغرباً ودخل الجزيرة وبلاد الروم والعراق وخراسان وما وراء النهر والهند واليمن والحجاز وبغداد، ومدح أكثر أهل هذه البلاد، وحصل أموالاً جزيلة، وكان ظريفاً شاعراً مطيقاً مشهوراً، حسن الأخلاق جميل المعاشرة، وقد رجع إلى بلده دمشق فكان بها حتى مات هذه السنة في قول ابن للسماعي، وأما السبط وغيره فأرخوا وفاته في سنة ثلاث وثلاثين، وقد قيل إنه مات في سنة إحدى وثلاثين والله أعلم. ابن كثير في البداية و النهاية ج 13 ص 161.
(2) عن ظرافة الأحلام في النظام المتلو في المنام لأهل البيت الحرام ، للشيخ محمد طاهر السماوي رحمه الله ، ص 67 ، 69.
(3) السيدة سكينة عليها السلام ، للسيد عبد الرزاق المقرم رحمه الله ، ص 25، 26 .
(4) و قد ذكرها مختصرة الشيخ نظري منفرد في كتابه مكاتبات و محاورات الإمام الحسين عليه السلام ص 141، 142 ، نقلا عن ينابيع المودة : باب 64/ 367 ، عمدة الطالب:119.
http://forum.ansaralhusain.net/showt...578#post208578
وصلني
"ذكر السيد الجليل ابن عنبة النسابة المتوفي سنة (828) في ( عمدة الطالب ) في نسب بني داود بن موسى الحسني ، قال : ولبني داود حكاية جليلة مشهورة بين النسابين و غيرهم و هي مذكورة في ديوان ابن عنين و هي أن أبا المحاسن نصر الله بن عنين الشاعر الدمشقي(1) توجه إلى مكة شرفها الله تعالى و معه مال و أقمشة فخرج عليه بعض بني داود فأخذوا ما كان معه و سلبوه و جرحوه فكتب إلى الملك العزيز ابن أيوب صاحب اليمن ، و قد كان أخوه الملك الناصر أرسل إليه يطلبه ليقيم بالساحل المفتتح من أيدي الإفرنج ، فزهده ابن عنين في الساحل و رغبه في اليمن و حرضه على الأشراف الذين فعلوا به ما فعلوا ، بصيدة أولها :
أعيت صفات نداك المصقع اللسنا ** و حزت في الجود حد الحسن و الحسنا
و ما تريد بجسم لا حياة له ** من خلص الزبد ما أبقى لك اللبنا
فلا تقل ساحل الأفرنج أفتحه ** فما يساوي إذا قايسته عدنا
و إذا أردت جهاداً فارو سيفيك من ** قوم أضاعوا فروض الله و السننا
طهر بسيفك بيت الله من دنس ** من خساسة أقوام به و خنا
و لا تقل إنهم أولاد فاطمة ** لو أدركوا آل حرب حاربوا الحسنا
قال : فلما قال هذه القصيدة ، رأى في النوم فاطمة الزهراء ( سلام الله عليها ) و هي تطوف بالبيت ، فسلم عليها فلم تجبه فتضرع لها و تذلل و سألها عن ذنبه الذي أوجب عدم جوابه في سلامه فأنشدته الزهراء عليها السلام :
حشا بني فاطمة كلهم ** من خسة تعرص أو من خنا
و إنما الأيام في غدرها ** و فعلها السوء أساءت بنا
أإن أسى من ولدي واحد ** وجهت كل السب عمداً لنا
فتب إلى الله فمن يقترف ** ذنباً بنا يغفر له ما جنى
واكرم لعين المصطفى جدهم**و لا تهن من آله أعينا
فكل ما نالك منهم عنا ** تلقى به في الحشر منا هنا
قال أبو المحاسن نصر بن عنين : فانتبهت من منامي فزعاً مرعوباً و قد أكمل الله عافيتي من الجروح و المرض ، فكتبت هذه الأبيات إذ خفظتها و تبت إلى الله مما قلت و قطعت تلك القصيدة و قلت معتذراً :
عذراً بني بنت نبي الهدى ** تصفح عن ذنب مسيء جنى
و توبة تقبلها من أخي ** مقالة توقعه في العنا
و الله لوقطعني واحد ** منهم بسيف البغي أو بالقنا
لم أر ما يفعله سيئاً ** بل أنه في الفعل قد أحسنا
قال السيد: قد اختصرت ألفاظ هذه القصيدة و هي مشهورة ، و رواها لي الشيخ تاج الدين أبو عبد الله محمد ابن معية الحسيني ، و جدي لأمي الشيخ فخر الدين أبو جعفر محمد ابن الشيخ الفاضل زين الدين الحسين ابن حديد الأسدي ، كلاهما عن السيد السعيد بهاء الدين داود ابن أبي الفتوح عن أبي المحاسن نصر الله بن عنين صاحب الواقعة ، و قد ذكرها البادرائي ( الدر النظيم ) و غيره من المصنفين (2) و ذكرها الزبيدي في تاج العروس ج 9 ص 285 مادة عون (3)"
هوامش :
(1) ابن الحسين بن علي بن محمد بن غالب الأنصاري، المعروف بابن عُنين الشاعر. قال ابن الساعي: أصله من الكوفة وولد بدمشق ونشأ بها، وسافر عنها سنين، فجاب الأقطار والبلاد شرقاً وغرباً ودخل الجزيرة وبلاد الروم والعراق وخراسان وما وراء النهر والهند واليمن والحجاز وبغداد، ومدح أكثر أهل هذه البلاد، وحصل أموالاً جزيلة، وكان ظريفاً شاعراً مطيقاً مشهوراً، حسن الأخلاق جميل المعاشرة، وقد رجع إلى بلده دمشق فكان بها حتى مات هذه السنة في قول ابن للسماعي، وأما السبط وغيره فأرخوا وفاته في سنة ثلاث وثلاثين، وقد قيل إنه مات في سنة إحدى وثلاثين والله أعلم. ابن كثير في البداية و النهاية ج 13 ص 161.
(2) عن ظرافة الأحلام في النظام المتلو في المنام لأهل البيت الحرام ، للشيخ محمد طاهر السماوي رحمه الله ، ص 67 ، 69.
(3) السيدة سكينة عليها السلام ، للسيد عبد الرزاق المقرم رحمه الله ، ص 25، 26 .
(4) و قد ذكرها مختصرة الشيخ نظري منفرد في كتابه مكاتبات و محاورات الإمام الحسين عليه السلام ص 141، 142 ، نقلا عن ينابيع المودة : باب 64/ 367 ، عمدة الطالب:119.
http://forum.ansaralhusain.net/showt...578#post208578
وصلني
تعليق