كتب
الأستاذ محمد الشيوخ * - « » - 30 / 9 / 2004م - 3:58 ص
عشرات الأحاديث أن لم تكن مئات الأحاديث التي وردت عن أهل البيت تحث الشيعة والأتباع على الإحياء «رحم الله من أحيا ذكرنا» سواء كان الإحياء فرحا أو حزنا لا فرق بينهما «شيعتنا يفرحون لفرحنا ويحزنون لحزننا». يرافق عملية الإحياء مشاعر بارزة وظاهرة تعبر عن نوعية المناسبة التي يعيشها الشيعة، فإذا كانت المناسبة أليمة كذكرى استشهاد تكون المشاعر حينها مشاعر حزن وألم واسى، أما إذا كانت مناسبة ميلاد لأحد المعصومين فان المشاعر ستكون مصطبغة بشعور البهجة والفرحة والسرور
الشيعة في مختلف البلدان وان تباعدوا جغرافيا فهم متقاربون عاطفيا وفكريا باعتبارهم «أمة» تربطهم مشاعر واحدة.. مشاعر محبة أهل البيت وأحياء ذكرهم
ويمارسون طقوسهم ويحيونها في توقيت واحد بسبب سيادة المشاعر المتحدة، ونظرا للتوقيت الموحد التي تفرضه منا سباتهم الدينية. وهذا الأمر يعد عامل قوة قد لا يشعر به أحيانا إلا من هو خارج هذه المعادلة
لم يكن حث الأئمة الأطهار على الإحياء الشكلي وان كان أمرا مطلوبا ولكن لا ينبغي أن يكون هو الغاية والهدف وإنما الحث المشدد والمؤكد كان لغرض أسمى وأكبر وهو المضمون الذي يتجاوز الشكل، والذي يعني فيما يعني فهم منهجهم، وفكرهم، ومن ثم زيادة التمسك بهم «الولاء»، والسير على خطاهم وطريقتهم «الإقتداء»، ومن ثم التبشير بقيمهم ونشر فضائلهم وأخلاقهم لهداية الناس وصلاحهم
المقصود بالإحياء:
طقوس وممارسات معينة يمارسها الشيعة في مختلف الأقطار بطرق مختلفة في مناسبات محددة كمناسبة ميلاد أو استشهاد احد المعصومين ، تاخد أشكالا وصورا مختلفة تتمثل في إقامة شعائر أهل البيت ويتخللها البكاء والعزاء في المناسبات المحزنة، والابتهاج والفرح في المناسبات المفرحة، وتكون في مواقع مختلفة كالمساجد والحسينيات والطرقات ونحوها، وتمارس بصورة علنية في الظروف الأمنية الهادئة، بصورة سرية حينما تكون الظروف الأمنية قاسية
نظرا لكثرة المناسبات الدينية عند الشيعة، ولكونها تحظى بأهمية بالغة وعناية فائقة فهم حريصون على إحياءها بطرقهم الخاصة من زمن بعيد، ولأنهم فيما مضى لأسباب وظروف متعددة كانوا يمارسونها بصورة منغلقة ضمن بيئاتهم فان الآخر المختلف معهم حينما تغيرت الظروف وأصبح يشاهد ما يصنعه الشيعة في هذه المناسبات ظل يتساءل ماذا تعني هذه المناسبات ؟ وماذا يصنعون بفعلهم هذا؟ وما هي فلسفة هذا العمل ومشروعيته؟!! تأتي هذه التساؤلات وتتكاثر إلى حد التكرار الممل وتوجه باستغراب أحيانا بسبب ظروف التعتيم والتشويه التي أحيطت بها
المقصود بالأجواء:
1- مشاعر نفسية داخلية يعيشها الفرد الشيعي يعبر عنها بالحزن أو بالفرح نظرا لطبيعة المناسبة، بل تبدو واضحة على ملامحه في أثناء المناسبة
2- أجواء خارجية أو مظاهر شكلية مثل مظاهر الفرح كالزينة وغيرها، أو مظاهر الحزن كلبس السواد ونحوها وفي العادة تكون مميزة وواضحة تعبر عن وجود شيء ما، وغالبا ما تبرز هذه المظاهر في الطرقات والشوارع والإحياء والبيوتات أو المساجد والحسينيات وغيرها
3- ممارسة فعلية للوعظ والإرشاد من خلال المنبر الحسيني وتسمى هذه العملية (قراءة حسينية) أو العزاء الحسيني في أيام عاشوراء وفي مناسبات استشهاد المعصومين أو إقامة الاحتفالات والمحاضرات والندوات بمناسبة ميلادهم ويرافق هذا كله توزيع بعض المأكولات وبعض الحلوبات أو الكتب والأشرطة الوعظية والتوعية وما أشبه.تلك المشاعر والمظاهر والممارسات مجتمعة تشكل بدورها أجواء خاصة يعيشها الشيعة وحدهم وتكون علامة تميزهم عن غيرهم
فوائد الأجواء: يصعب تعداد الفوائد ولكن إجمالا نشير إلى بعض منها:
1- التنفيس عن النفس:
من خلال عمليتي البكاء و الفرح ينفس الإنسان عن نفسه ويزيل بعض همومه وآلامه. والأجواء هي ا لفرصة المناسبة للتنفيس عن النفس لأنها تهيئ النفس لعملية البكاء وهو من الناحية الصحية أمر مفيد بذا ته، ومن الناحية الشرعية عمل مندوب ومستحب حينما يكون على مصائب ومحن أهل البيت .وهكذا النفس بحاجة إلى حالة ترويح وابتهاج، وأفراح أهل البيت السعيدة تعد فرص ثمينة للفرح والسرور
دون أن تثبت الأبحاث الحديثة على أن البكاء، والضحك أو الفرح والحزن حالات ضرورية للإنسان وربما تعد علاجا في كثير من الأحيان لبعض الإمراض النفسية وأنواع معينة من الكبت...فان هذه الحالات جربها الإنسان وخبرها ولمس فوائدها حتى أضحت بعض المصحات والمشافي توصي بعض المرض بممارسة هذه الحالات. بل أن بعضا من الناس يبتدعون مناسبات ويشيدون نواد للبكاء أو للضحك كما نسمع ونشاهد في بعض الأخبار في كثير من دول العالم لمختلف شعوب الأرض
2- التزود الفكري والمعرفي:
إذ تمثل هذه الأجواء محطات وعي لما فيها من وعظ وإرشاد مكثف في مختلف الجوانب«فقهيا، اجتماعيا، تربويا، سياسيا، عقائديا، تاريخيا، صحيا.. الخ». وبالتالي الذي ينال شرف الحضور في مثل هذه الأماكن يخرج بحصيلة علمية ومعرفية جيدة و يصبح واعيا وربما عالما ببركة منبر أهل البيت الذي يتحدى كل منابر الزيف لما يتمتع به من خصوصية
3-التزود الأخلاقي:
من خلال تواجد الفرد في هذه الأجواء مضافا إلى تحصيله العلمي والمعرفي بقدر ما تتهذب سلوكياته، وترتقي أخلاقه نظرا لوجوده في مواقع الوعظ والإرشاد المكثف إذ تتم عملية التذكير المستمر للفرد بأخلاقيات أهل البيت مما تنعكس هذه التوجيهات إيجابا على الفرد.لهذا الشيعة يتسمون بالأخلاق الراقية، و الطباع الخيرة ? تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ ?[1] 4- منعطفات تحول وتأثر:
حينما يتواجد المؤمن في هذه الأجواء يزداد أيمانا، و غير الملتزم يزداد قربا للالتزام، وحين المقارنة بين شيعة أهل البيت وغيرهم نجد أن الشيعة أكثر التزاما من غيرهم بالأخلاق والفضائل لكونهم أكثر التصاقا وقربا بأهل بيت رسول الله من غيرهم، وعليه تزداد توجيهات الأئمة لهم كي يلتزموا بالأخلاق والفضيلة أكثر ليكونوا قد وات للغير، ويعكسون سيرة أهل البيت وخلقهم من خلال سلوكياتهم «كونوا زينا لنا ولا تكونوا شينا علينا » و«كونوا دعاة لنا بغير ألسنتكم» وغيرها من التوجيهات. إذ أن الشيعي يجتهد من اجل التمسك بالأخلاق الفاضلة مقتديا بأئمته وقيادته، وحينما يحدث قصور من قبل الشيعي في الالتزام بالأخلاق الفاضلة أو في التحصيل العلمي تنهال عليه سيل من التوجيهات التوبيخية من قبيل «لو أوتي لي بشيعي لم يتفقه في دينه لأوجعته ضربا بالسياط »
لا يخلو شهر من اشهر السنة دون أن تصادفنا مناسبة فرح أو حزن وبالتالي يرافق هذه المناسبة احتفاء (احتفال) من قبل الشيعة في مختلف أماكنهم سواء بنمطه التقليدي أو بنمطه الجديد لا فرق.ما يميز هذه الأجواء إنها تجتذب من يحب ويوالي أهل البيت عليهم السلام من مختلف الفئات العمرية، والشرائح الاجتماعية المتنوعة، والمستويات العلمية والفكرية المختلفة، وتكون هنالك مشاركة جمعية في الإحياء من قبل الجميع على أشكال مختلفة ومتنوعة بدافع الاستحباب لا بدافع الوجوب
موقف الأعداء:
المختلفون معنا و من هم معتدلون من أبناء السنة يغبطوننا على هذه النعمة لأنهم يعرفون فوائدها وأهميتها، ولكن لا يتمكنون من ممارسة ما يمارسه الشيعة في بعض البلدان، وبالتالي قد يأتون ويشاركون في هذه الأجواء مع إخوانهم الشيعة. بينما الأعداء المتحجرين والمتعصبين يقفون في خندق الضد لهذه الأجواء جهلا أو عمدا من أجل القضاء عليها، وهم يعملون على صعيدين:
• التشكيك في شرعيتها:
لذا يكثر توزيع الكتب والأشرطة المشوهة لهذه الأجواء، وكل عمل من شانه يشكك في شرعية إحياء هذه المناسبات يتم فعله من قبل الأعداء. لذا ليس مستغربا أن تبذل مساع كثيرة من اجل التشويه من خلال دعاتهم ووعاظهم الذين يعملون ليلا ونهارا وبقوة في مثل هذه المناسبات من اجل تشكيك الغير في شرعية هذه الاحياءات، وإشغال الناس في جزئيات تافهة من خلال بعض الإثارات والمناقشات، وكأنما لا شغل ولا هم لهم غير هذا العمل فقط
• القضاء عليها:
لذا يتم محاربتها عمليا لمنعها بحجة إنها محرمة «تشكيك» وبحجة إنها تحرض على التمرد، وتثير القلاقل وتهز النظام والأمن الأمر الذي يستوجب محاربتها بشكل مباشر لمنعها، لذلك ليس مستغربا أن تحارب المناسبات الدينية للشيعة بمختلف الصور والأساليب كان تغلق مواقع الإحياء (الحسينيات أو المساجد) و لا يرخص لها بالبناء أو تهدم أحيانا أو تفجر بمن فيها كما حدث ويحدث في افغانسستان وباكستان والهند والعراق ويقتلون الشيعة بصورة وحشية وفضيعة تتقزز منها الأبدان و يعتقل من يقوم بأي ممارسة تدعوا لإحياء مناسبات أهل البيت أو يشجع على قيامها كما كان يفعل سابقا في بعض البلدان
هذه بعض صور المحاربة للمناسبات الدينية لدى الشيعة وقد يتصور الأعداء أنهم سيقضون على هذه الشعائر من خلال هذه الحرب وهذا رهان فاشل إذ إن محاربة هذه الأجواء ومحاولة القضاء عليها سيزيد الشيعة إصرارا وتمسكا بها لأنهم يجدون في ذلك الفعل تحديا لمقدساتهم وشعائرهم.الطريقة المثلى للتعامل مع هذه الشعائر إن تحترم ويحترم أصحابها لكونهم يمثلون ثلث العالم الإسلامي إن لم يكن النصف وتتاح لهم حرية الممارسة شانهم شان بقية خلق الله الذين يعبدون الله بطريقتهم الخاصة طالما إن هذه الشعائر لا تسبب إزعاجا للغير ولا تخل بالنظام العام للبلد بغض النظر عن اختلافكم معها وتحفظكم عليها
احترام مشاعر الشيعية يتم من خلال احترام شعائرهم ولو ظاهرا ومن ثم فسح المجال لهم ليمار سوا حريتهم الدينية والاعتقادية بالكيفية التي يرونها خصوصا إن ما هو ثابت وواضح للعيان إن مناسبا تهم الدينية تسهم بشكل فاعل في دعم المشروعات القومية لأي بلد يتواجدون فيه ولا تثير مناسبا تهم القلاقل ولا تزعزع النظام والأمن كما يتصور البعض أو يدعي
تجربة مشروع التبرع بالدم التي تمارس سنويا في القطيف شرق المملكة العربية السعودية بمناسبة استشهاد الإمام الحسين باعتراف المسؤلين في هذا البلد تعد تجربة ناجحة بكل المقاييس حيث يتم التبرع بالدم من قبل أبناء الشيعية في هذه المناسبة ما يكفي مخازن وبنوك الدم في المملكة طيلة عام أو أكثر ويستفيد من هذا الدم كل محتاج يعيش على ارض هذه البلاد الطيبة دون تفريق بين سني وشيعي ومقيم
واجبنا تجاه الأجواء:
لن يتنازل الشيعة عن شعائرهم الدينية ولن يتخلوا عن ممارستهم لطقوسهم مهما تعرضوا من ضغوط لأنهم يرون في الشعائر خصوصيتهم وهويتهم التي لا تتعارض ولا تصطدم مع ثوابتهم الوطنية بل تلك الشعائر ترسخ مفهوم الوطنية لديهم كما هو ثابت من خلال مواقفهم الوطنية التي لا يستطيع إن يزايد عليها احد. ويرون إن من الواجب عليهم السعي للحفاظ على شعائرهم ومقدساتهم كي تنتقل إلى الأجيال القادمة كما وصلت أليهم من خلال الممارسة والحث عليها، وسوف يدافعون عنها بمختلف الوسائل والطرق كي تبقى ولا ينال الأعداء منها، وذلك من خلال رد الشبهات وتحصين أجيالهم القادمة وتوعيتهم بضرورتها وأهمية إحياءها، وسيسعون في إبرازها بالشكل الملائم واللائق للعالم لتكون وسائط هداية للغير ليتعرف الناس على أهل البيت وعطاء اتهم وعلومهم ومكانتهم
الأستاذ محمد الشيوخ * - « » - 30 / 9 / 2004م - 3:58 ص
عشرات الأحاديث أن لم تكن مئات الأحاديث التي وردت عن أهل البيت تحث الشيعة والأتباع على الإحياء «رحم الله من أحيا ذكرنا» سواء كان الإحياء فرحا أو حزنا لا فرق بينهما «شيعتنا يفرحون لفرحنا ويحزنون لحزننا». يرافق عملية الإحياء مشاعر بارزة وظاهرة تعبر عن نوعية المناسبة التي يعيشها الشيعة، فإذا كانت المناسبة أليمة كذكرى استشهاد تكون المشاعر حينها مشاعر حزن وألم واسى، أما إذا كانت مناسبة ميلاد لأحد المعصومين فان المشاعر ستكون مصطبغة بشعور البهجة والفرحة والسرور
الشيعة في مختلف البلدان وان تباعدوا جغرافيا فهم متقاربون عاطفيا وفكريا باعتبارهم «أمة» تربطهم مشاعر واحدة.. مشاعر محبة أهل البيت وأحياء ذكرهم
ويمارسون طقوسهم ويحيونها في توقيت واحد بسبب سيادة المشاعر المتحدة، ونظرا للتوقيت الموحد التي تفرضه منا سباتهم الدينية. وهذا الأمر يعد عامل قوة قد لا يشعر به أحيانا إلا من هو خارج هذه المعادلة
لم يكن حث الأئمة الأطهار على الإحياء الشكلي وان كان أمرا مطلوبا ولكن لا ينبغي أن يكون هو الغاية والهدف وإنما الحث المشدد والمؤكد كان لغرض أسمى وأكبر وهو المضمون الذي يتجاوز الشكل، والذي يعني فيما يعني فهم منهجهم، وفكرهم، ومن ثم زيادة التمسك بهم «الولاء»، والسير على خطاهم وطريقتهم «الإقتداء»، ومن ثم التبشير بقيمهم ونشر فضائلهم وأخلاقهم لهداية الناس وصلاحهم
المقصود بالإحياء:
طقوس وممارسات معينة يمارسها الشيعة في مختلف الأقطار بطرق مختلفة في مناسبات محددة كمناسبة ميلاد أو استشهاد احد المعصومين ، تاخد أشكالا وصورا مختلفة تتمثل في إقامة شعائر أهل البيت ويتخللها البكاء والعزاء في المناسبات المحزنة، والابتهاج والفرح في المناسبات المفرحة، وتكون في مواقع مختلفة كالمساجد والحسينيات والطرقات ونحوها، وتمارس بصورة علنية في الظروف الأمنية الهادئة، بصورة سرية حينما تكون الظروف الأمنية قاسية
نظرا لكثرة المناسبات الدينية عند الشيعة، ولكونها تحظى بأهمية بالغة وعناية فائقة فهم حريصون على إحياءها بطرقهم الخاصة من زمن بعيد، ولأنهم فيما مضى لأسباب وظروف متعددة كانوا يمارسونها بصورة منغلقة ضمن بيئاتهم فان الآخر المختلف معهم حينما تغيرت الظروف وأصبح يشاهد ما يصنعه الشيعة في هذه المناسبات ظل يتساءل ماذا تعني هذه المناسبات ؟ وماذا يصنعون بفعلهم هذا؟ وما هي فلسفة هذا العمل ومشروعيته؟!! تأتي هذه التساؤلات وتتكاثر إلى حد التكرار الممل وتوجه باستغراب أحيانا بسبب ظروف التعتيم والتشويه التي أحيطت بها
المقصود بالأجواء:
1- مشاعر نفسية داخلية يعيشها الفرد الشيعي يعبر عنها بالحزن أو بالفرح نظرا لطبيعة المناسبة، بل تبدو واضحة على ملامحه في أثناء المناسبة
2- أجواء خارجية أو مظاهر شكلية مثل مظاهر الفرح كالزينة وغيرها، أو مظاهر الحزن كلبس السواد ونحوها وفي العادة تكون مميزة وواضحة تعبر عن وجود شيء ما، وغالبا ما تبرز هذه المظاهر في الطرقات والشوارع والإحياء والبيوتات أو المساجد والحسينيات وغيرها
3- ممارسة فعلية للوعظ والإرشاد من خلال المنبر الحسيني وتسمى هذه العملية (قراءة حسينية) أو العزاء الحسيني في أيام عاشوراء وفي مناسبات استشهاد المعصومين أو إقامة الاحتفالات والمحاضرات والندوات بمناسبة ميلادهم ويرافق هذا كله توزيع بعض المأكولات وبعض الحلوبات أو الكتب والأشرطة الوعظية والتوعية وما أشبه.تلك المشاعر والمظاهر والممارسات مجتمعة تشكل بدورها أجواء خاصة يعيشها الشيعة وحدهم وتكون علامة تميزهم عن غيرهم
فوائد الأجواء: يصعب تعداد الفوائد ولكن إجمالا نشير إلى بعض منها:
1- التنفيس عن النفس:
من خلال عمليتي البكاء و الفرح ينفس الإنسان عن نفسه ويزيل بعض همومه وآلامه. والأجواء هي ا لفرصة المناسبة للتنفيس عن النفس لأنها تهيئ النفس لعملية البكاء وهو من الناحية الصحية أمر مفيد بذا ته، ومن الناحية الشرعية عمل مندوب ومستحب حينما يكون على مصائب ومحن أهل البيت .وهكذا النفس بحاجة إلى حالة ترويح وابتهاج، وأفراح أهل البيت السعيدة تعد فرص ثمينة للفرح والسرور
دون أن تثبت الأبحاث الحديثة على أن البكاء، والضحك أو الفرح والحزن حالات ضرورية للإنسان وربما تعد علاجا في كثير من الأحيان لبعض الإمراض النفسية وأنواع معينة من الكبت...فان هذه الحالات جربها الإنسان وخبرها ولمس فوائدها حتى أضحت بعض المصحات والمشافي توصي بعض المرض بممارسة هذه الحالات. بل أن بعضا من الناس يبتدعون مناسبات ويشيدون نواد للبكاء أو للضحك كما نسمع ونشاهد في بعض الأخبار في كثير من دول العالم لمختلف شعوب الأرض
2- التزود الفكري والمعرفي:
إذ تمثل هذه الأجواء محطات وعي لما فيها من وعظ وإرشاد مكثف في مختلف الجوانب«فقهيا، اجتماعيا، تربويا، سياسيا، عقائديا، تاريخيا، صحيا.. الخ». وبالتالي الذي ينال شرف الحضور في مثل هذه الأماكن يخرج بحصيلة علمية ومعرفية جيدة و يصبح واعيا وربما عالما ببركة منبر أهل البيت الذي يتحدى كل منابر الزيف لما يتمتع به من خصوصية
3-التزود الأخلاقي:
من خلال تواجد الفرد في هذه الأجواء مضافا إلى تحصيله العلمي والمعرفي بقدر ما تتهذب سلوكياته، وترتقي أخلاقه نظرا لوجوده في مواقع الوعظ والإرشاد المكثف إذ تتم عملية التذكير المستمر للفرد بأخلاقيات أهل البيت مما تنعكس هذه التوجيهات إيجابا على الفرد.لهذا الشيعة يتسمون بالأخلاق الراقية، و الطباع الخيرة ? تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ ?[1] 4- منعطفات تحول وتأثر:
حينما يتواجد المؤمن في هذه الأجواء يزداد أيمانا، و غير الملتزم يزداد قربا للالتزام، وحين المقارنة بين شيعة أهل البيت وغيرهم نجد أن الشيعة أكثر التزاما من غيرهم بالأخلاق والفضائل لكونهم أكثر التصاقا وقربا بأهل بيت رسول الله من غيرهم، وعليه تزداد توجيهات الأئمة لهم كي يلتزموا بالأخلاق والفضيلة أكثر ليكونوا قد وات للغير، ويعكسون سيرة أهل البيت وخلقهم من خلال سلوكياتهم «كونوا زينا لنا ولا تكونوا شينا علينا » و«كونوا دعاة لنا بغير ألسنتكم» وغيرها من التوجيهات. إذ أن الشيعي يجتهد من اجل التمسك بالأخلاق الفاضلة مقتديا بأئمته وقيادته، وحينما يحدث قصور من قبل الشيعي في الالتزام بالأخلاق الفاضلة أو في التحصيل العلمي تنهال عليه سيل من التوجيهات التوبيخية من قبيل «لو أوتي لي بشيعي لم يتفقه في دينه لأوجعته ضربا بالسياط »
لا يخلو شهر من اشهر السنة دون أن تصادفنا مناسبة فرح أو حزن وبالتالي يرافق هذه المناسبة احتفاء (احتفال) من قبل الشيعة في مختلف أماكنهم سواء بنمطه التقليدي أو بنمطه الجديد لا فرق.ما يميز هذه الأجواء إنها تجتذب من يحب ويوالي أهل البيت عليهم السلام من مختلف الفئات العمرية، والشرائح الاجتماعية المتنوعة، والمستويات العلمية والفكرية المختلفة، وتكون هنالك مشاركة جمعية في الإحياء من قبل الجميع على أشكال مختلفة ومتنوعة بدافع الاستحباب لا بدافع الوجوب
موقف الأعداء:
المختلفون معنا و من هم معتدلون من أبناء السنة يغبطوننا على هذه النعمة لأنهم يعرفون فوائدها وأهميتها، ولكن لا يتمكنون من ممارسة ما يمارسه الشيعة في بعض البلدان، وبالتالي قد يأتون ويشاركون في هذه الأجواء مع إخوانهم الشيعة. بينما الأعداء المتحجرين والمتعصبين يقفون في خندق الضد لهذه الأجواء جهلا أو عمدا من أجل القضاء عليها، وهم يعملون على صعيدين:
• التشكيك في شرعيتها:
لذا يكثر توزيع الكتب والأشرطة المشوهة لهذه الأجواء، وكل عمل من شانه يشكك في شرعية إحياء هذه المناسبات يتم فعله من قبل الأعداء. لذا ليس مستغربا أن تبذل مساع كثيرة من اجل التشويه من خلال دعاتهم ووعاظهم الذين يعملون ليلا ونهارا وبقوة في مثل هذه المناسبات من اجل تشكيك الغير في شرعية هذه الاحياءات، وإشغال الناس في جزئيات تافهة من خلال بعض الإثارات والمناقشات، وكأنما لا شغل ولا هم لهم غير هذا العمل فقط
• القضاء عليها:
لذا يتم محاربتها عمليا لمنعها بحجة إنها محرمة «تشكيك» وبحجة إنها تحرض على التمرد، وتثير القلاقل وتهز النظام والأمن الأمر الذي يستوجب محاربتها بشكل مباشر لمنعها، لذلك ليس مستغربا أن تحارب المناسبات الدينية للشيعة بمختلف الصور والأساليب كان تغلق مواقع الإحياء (الحسينيات أو المساجد) و لا يرخص لها بالبناء أو تهدم أحيانا أو تفجر بمن فيها كما حدث ويحدث في افغانسستان وباكستان والهند والعراق ويقتلون الشيعة بصورة وحشية وفضيعة تتقزز منها الأبدان و يعتقل من يقوم بأي ممارسة تدعوا لإحياء مناسبات أهل البيت أو يشجع على قيامها كما كان يفعل سابقا في بعض البلدان
هذه بعض صور المحاربة للمناسبات الدينية لدى الشيعة وقد يتصور الأعداء أنهم سيقضون على هذه الشعائر من خلال هذه الحرب وهذا رهان فاشل إذ إن محاربة هذه الأجواء ومحاولة القضاء عليها سيزيد الشيعة إصرارا وتمسكا بها لأنهم يجدون في ذلك الفعل تحديا لمقدساتهم وشعائرهم.الطريقة المثلى للتعامل مع هذه الشعائر إن تحترم ويحترم أصحابها لكونهم يمثلون ثلث العالم الإسلامي إن لم يكن النصف وتتاح لهم حرية الممارسة شانهم شان بقية خلق الله الذين يعبدون الله بطريقتهم الخاصة طالما إن هذه الشعائر لا تسبب إزعاجا للغير ولا تخل بالنظام العام للبلد بغض النظر عن اختلافكم معها وتحفظكم عليها
احترام مشاعر الشيعية يتم من خلال احترام شعائرهم ولو ظاهرا ومن ثم فسح المجال لهم ليمار سوا حريتهم الدينية والاعتقادية بالكيفية التي يرونها خصوصا إن ما هو ثابت وواضح للعيان إن مناسبا تهم الدينية تسهم بشكل فاعل في دعم المشروعات القومية لأي بلد يتواجدون فيه ولا تثير مناسبا تهم القلاقل ولا تزعزع النظام والأمن كما يتصور البعض أو يدعي
تجربة مشروع التبرع بالدم التي تمارس سنويا في القطيف شرق المملكة العربية السعودية بمناسبة استشهاد الإمام الحسين باعتراف المسؤلين في هذا البلد تعد تجربة ناجحة بكل المقاييس حيث يتم التبرع بالدم من قبل أبناء الشيعية في هذه المناسبة ما يكفي مخازن وبنوك الدم في المملكة طيلة عام أو أكثر ويستفيد من هذا الدم كل محتاج يعيش على ارض هذه البلاد الطيبة دون تفريق بين سني وشيعي ومقيم
واجبنا تجاه الأجواء:
لن يتنازل الشيعة عن شعائرهم الدينية ولن يتخلوا عن ممارستهم لطقوسهم مهما تعرضوا من ضغوط لأنهم يرون في الشعائر خصوصيتهم وهويتهم التي لا تتعارض ولا تصطدم مع ثوابتهم الوطنية بل تلك الشعائر ترسخ مفهوم الوطنية لديهم كما هو ثابت من خلال مواقفهم الوطنية التي لا يستطيع إن يزايد عليها احد. ويرون إن من الواجب عليهم السعي للحفاظ على شعائرهم ومقدساتهم كي تنتقل إلى الأجيال القادمة كما وصلت أليهم من خلال الممارسة والحث عليها، وسوف يدافعون عنها بمختلف الوسائل والطرق كي تبقى ولا ينال الأعداء منها، وذلك من خلال رد الشبهات وتحصين أجيالهم القادمة وتوعيتهم بضرورتها وأهمية إحياءها، وسيسعون في إبرازها بالشكل الملائم واللائق للعالم لتكون وسائط هداية للغير ليتعرف الناس على أهل البيت وعطاء اتهم وعلومهم ومكانتهم
تعليق