بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف الخلق أجمعين محمد وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين واللعن الدائم على أعدائهم من الأولين والأخرين ..
نرفع أحر التعازي والمواساة لمقام صاحب العصر والزمان روحي لتراب نعليه الفداء ولمراجعنا الكرام وعلمائنا الأبرار وإليكم أيها المؤمنون بمناسبة استشهاد الصديقة الكبرى والشهيدة المظلومة سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء عليها السلام ...
وإليكم نتلو جزءً من خطبتها الفدكية في المدينة المنورة بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ..
بسم الله الرحمن الرحيم : ثم قالت أيها الناس اعلموا أني فاطمة و أبي محمد ص أقول عودا و بدوا و لا أقول ما أقول غلطا و لا أفعل ما أفعلشططا لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ فإن تعزوه و تعرفوه تجدوه أبي دون
نسائكم و أخا ابن عمي دون رجالكم و لنعم المعزى إليه ص فبلغ الرسالة صادعا بالنذارة مائلا عن مدرجة المشركين ضاربا ثبجهم آخذا بأكظامهم داعيا إلى سبيل ربه بالحكمة و الموعظة الحسنة يجف الأصنام و ينكث الهام حتى انهزم الجمع و ولوا
الدبر حتى تفرى الليل عن صبحه و أسفر الحق عن محضه و نطق زعيم الدين و خرست شقاشق الشياطين و طاح وشيظ النفاق و انحلت عقد الكفر و الشقاق و فهتم بكلمة الإخلاص في نفر من البيض الخماص و كنتم على شفا حفرة من النار
مذقة الشارب و نهزة الطامع و قبسة العجلان و موطئ الأقدام تشربون الطرق و تقتاتون القد أذلة خاسئين تخافون أن
يتخطفكم الناس من حولكم فأنقذكم الله تبارك و تعالى بمحمد ص بعد اللتيا و التي و بعد أن مني ببهم الرجال و ذؤبان العرب
و مردة أهل الكتاب كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله أو نجم قرن الشيطان أو فغرت فاغرة من المشركين قذف أخاه في لهواتها فلا ينكفئ حتى يطأ جناحها بأخمصه و يخمد لهبها بسيفه مكدودا في ذات الله مجتهدا في أمر الله قريبا من رسول الله
سيدا في أولياء الله مشمرا ناصحا مجدا كادحا لا تأخذه في الله لومة لائم و أنتم في رفاهية من العيش وادعون فاكهون آمنون تتربصون بنا الدوائر و تتوكفون الأخبار و تنكصون عند النزال و تفرون من القتال فلما اختار الله لنبيه دار أنبيائه و مأوى
أصفيائه ظهر فيكم حسكة النفاق و سمل جلباب الدين و نطق كاظم الغاوين و نبغ خامل الأقلين و هدر فنيق المبطلين فخطر
في عرصاتكم و أطلع الشيطان رأسه من مغرزه هاتفا بكم فألفاكم لدعوته مستجيبين و للعزة فيه ملاحظين ثم استنهضكم
فوجدكم خفافا و أحمشكم فألفاكم غضابا فوسمتم غير إبلكم و وردتم غير مشربكم هذا و العهد قريب و الكلم رحيب و الجرح لما يندمل و الرسول لما يقبر ابتدارا زعمتم خوف الفتنة ألا في الفتنة سقطوا و إن جهنم لمحيطة بالكافرين فهيهات منكم و
كيف بكم و أنى تؤفكون و كتاب الله بين أظهركم أموره ظاهرة و أحكامه زاهرة و أعلامه باهرة و زواجره لائحة و أوامره واضحة و قد خلفتموه وراء ظهوركم أ رغبة عنه تريدون أم بغيره تحكمون بئس للظالمين بدلا و من يتبع غير الإسلام دينا
فلن يقبل منه و هو في الآخرة من الخاسرين ثم لم تلبثوا إلا ريث أن تسكن نفرتها و يسلس قيادها ثم أخذتم تورون
وقدتها و تهيجون جمرتها و تستجيبون لهتاف الشيطان الغوي و إطفاء أنوار الدين الجلي و إهمال سنن النبي الصفي تشربون
حسوا في ارتغاء و تمشون لأهله و ولده في الخمرة و الضراء و يصير منكم على مثل حز المدى و وخز السنان في الحشا
و أنتم الآن تزعمون أن لا إرث لنا أ فحكم الجاهلية تبغون و من أحسن من الله حكما لقوم يوقنون أ فلا تعلمون بلى قد تجلى
لكم كالشمس الضاحية أني ابنته أيها المسلمون أ أغلب على إرثي يا ابن أبي قحافة أ في كتاب الله ترث أباك و لا أرث أبي لقد جئت شيئا فريا أ فعلى عمد تركتم كتاب الله و نبذتموه وراء ظهوركم إذ يقول وَ وَرِثَ سُلَيْمانُ داوُدَ و قال فيما اقتص من
خبر يحيى بن زكريا إذ قال فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا يَرِثُنِي وَ يَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ و قال وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ و قال يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ و قال إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوالِدَيْنِ وَ الْأَقْرَبِينَ
بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ و زعمتم أن لا حظوة لي و لا إرث من أبي و لا رحم بيننا أ فخصكم الله بآية أخرج أبي منها أم هل تقولون إن أهل ملتين لا يتوارثان أ و لست أنا و أبي من أهل ملة واحدة أم أنتم أعلم بخصوص القرآن و عمومه من أبي
و ابن عمي فدونكها مخطومة مرحولة تلقاك يوم حشرك فنعم الحكم الله و الزعيم محمد و الموعد القيامة و عند الساعة يخسر المبطلون و لا ينفعكم إذ تندمون و لكل نبأ مستقر و سوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه و يحل عليه عذاب مقيم ثم رمت
بطرفها نحو الأنصار فقالت يا معشر النقيبة و أعضاد الملة و حضنة الإسلام ما هذه الغميزة في حقي و السنة عن ظلامتي
أما كان رسول الله ص أبي يقول المرء يحفظ في ولده سرعان ما أحدثتم و عجلان ذا إهالة و لكم طاقة بما أحاول و قوة
على ما أطلب و أزاول أ تقولون مات محمد ص فخطب جليل استوسع وهنه و استنهر فتقه و انفتق رتقه و أظلمت الأرض لغيبته و كسفت الشمس و القمر و انتثرت النجوم لمصيبته و أكدت الآمال و خشعت الجبال و أضيع الحريم و أزيلت الحرمة
عند مماته فتلك و الله النازلة الكبرى و المصيبة العظمى لا مثلها نازلة و لا بائقة عاجلة أعلن بها كتاب الله جل ثناؤه في أفنيتكم و في ممساكم و مصبحكم يهتف في أفنيتكم هتافا و صراخا و تلاوة و ألحانا و لقبله ما حل بأنبياء الله و رسله حكم
فصل و قضاء حتم وَ ما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ وَ مَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً وَ سَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ إيها بني قيله أ أهضم تراث أبي و أنتم بمرأى مني و مسمع و منتدى و
مجمع تلبسكم الدعوة و تشملكم الخبرة و أنتم ذوو العدد و العدة و الأداة و القوة و عندكم السلاح و الجنة توافيكم الدعوة فلا تجيبون و تأتيكم الصرخة فلا تغيثون و أنتم موصوفون بالكفاح معروفون بالخير و الصلاح و النخبة التي انتخبت و الخيرة
التي اختيرت لنا أهل البيت قاتلتم العرب و تحملتم الكد و التعب و ناطحتم الأمم و كافحتم البهم لا نبرح أو تبرحون نأمركم فتأتمرون حتى إذا دارت بنا رحى الإسلام و در حلب الأيام و خضعت ثغرة الشرك و سكنت فورة الإفك و خمدت نيران
الكفر و هدأت دعوة الهرج و استوسق نظام الدين فأنى حزتم بعد البيان و أسررتم بعد الإعلان و نكصتم بعد الإقدام و أشركتم بعد الإيمان بؤسا لقوم نكثوا أيمانهم من بعد عهدهم و هموا بإخراج الرسول و هم بدءوكم أول مرة أ تخشونهم فالله أحق أن
تخشوه إن كنتم مؤمنين ألا و قد أرى أن قد أخلدتم إلى الخفض و أبعدتم من هو أحق بالبسط و القبض و خلوتم بالدعة و نجوتم بالضيق من السعة فمججتم ما وعيتم و دسعتم الذي تسوغتم فإن تكفروا أنتم و من في الأرض جميعا فإن الله لغني حميد
ألا و قد قلت ما قلت هذا على معرفة مني بالجذلة التي خامرتكم و الغدرة التي استشعرتها قلوبكم و لكنها فيضة النفس و نفثة
الغيظ و خور القناة و بثة الصدر و تقدمة الحجة فدونكموها فاحتقبوها دبرة الظهر نقبة الخف باقية العار موسومة بغضب
الجبار و شنار الأبد موصولة بنار الله الموقدة التي تطلع على الأفئدة فبعين الله ما تفعلون و سيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون و أنا ابنة نذير لكم بين يدي عذاب شديد فاعملوا إنا عاملون و انتظروا إنا منتظرون
فأجابها أبو بكر عبد الله بن عثمان و قال يا بنت رسول الله لقد كان أبوك بالمؤمنين عطوفا كريما رءوفا رحيما و على
الكافرين عذابا أليما و عقابا عظيما إن عزوناه وجدناه أباك دون النساء و أخا إلفك دون الأخلاء آثره على كل حميم و ساعده
في كل أمر جسيم لا يحبكم إلا سعيد و لا يبغضكم إلا شقي بعيد فأنتم عترة رسول الله الطيبون الخيرة المنتجبون على الخير أدلتنا و إلى الجنة مسالكنا و أنت يا خيرة النساء و ابنة خير الأنبياء صادقة في قولك سابقة في وفور عقلك غير مردودة عن
حقك و لا مصدودة عن صدقك و الله ما عدوت رأي رسول الله و لا عملت إلا بإذنه و الرائد لا يكذب أهله و إني أشهد الله
و كفى به شهيدا أني سمعت رسول الله ص يقول نحن معاشر الأنبياء لا نورث ذهبا و لا فضة و لا دارا و لا عقارا و إنما
نورث الكتاب و الحكمة و العلم و النبوة و ما كان لنا من طعمة فلولي الأمر بعدنا أن يحكم فيه بحكمه و قد جعلنا ما حاولته في الكراع و السلاح يقاتل بها المسلمون و يجاهدون
فقالت ( ع ) سبحان الله ما كان أبي رسول الله ص عن كتاب الله صادفا و لا لأحكامه مخالفا بل كان يتبع أثره و يقفو سورهسوره
أفتجمعون إلى الغدر اعتلالا عليه بالزور و هذا بعد وفاته شبيه بما بغي له من الغوائل في حياته هذا كتاب الله حكما عدلا و
ناطقا فصلا يقول يَرِثُنِي وَ يَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ و يقول وَ وَرِثَ سُلَيْمانُ داوُدَ و بين عز و جل فيما وزع من الأقساط و شرع من الفرائض و الميراث و أباح من حظ الذكران و الإناث ما أزاح به علة المبطلين و أزال التظني و الشبهات في الغابرين
كلا بل سولت لكم أنفسكم أمرا فصبر جميل و الله المستعان على ما تصفون فقال أبو بكر صدق الله و رسوله و صدقت ابنته معدن الحكمة و موطن الهدى و الرحمة و ركن الدين و عين الحجة لا أبعد صوابك و لا أنكر خطابك هؤلاء المسلمون بيني
و بينك قلدوني ما تقلدت و باتفاق منهم أخذت ما أخذت غير مكابر و لا مستبد و لا مستأثر و هم بذلك شهود فالتفتت فاطمة
( ع ) إلى الناس و قالت معاشر المسلمين المسرعة إلى قيل الباطل المغضية على الفعل القبيح الخاسر أفلا تتدبرون القرآن
أم على قلوب أقفالها كلا بل ران على قلوبكم ما أسأتم من أعمالكم فأخذ بسمعكم و أبصاركم و لبئس ما تأولتم و ساء ما به أشرتم و شر ما منه اغتصبتم لتجدن و الله محمله ثقيلا و غبه وبيلا إذا كشف لكم الغطاء و بان بإورائه الضراء و بدا لكم من ربكم ما لم تكونوا تحتسبون و خسر هنا لك المبطلون ثم عطفت على قبر النبي ( ص ) و قالت
قـد كـان بعـدك أنبـاء و هنبثة لوكنت شاهدها لم تكثر الخطب
إنـا فقـدناك فقـد الأرض وابلها و اختل قومك فاشهدهم و لا تغب
قـد كـان جبريـل بالآيات يؤنسنا فغاب عنا فكـل الخيـر محتجب
و كنت بـدرا و نـورا يستضاء به عليك ينزل من ذي العـزة الكتب
تجهمتنـا رجـال و استخف بنـا إذ غبت عنا فنحن اليـوم تغتصب
فسوف نبكيك ما عشنا و ما بقيت منا العيـون بتهمال لها سكـب
والصلاة والسلام على أشرف الخلق أجمعين محمد وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين واللعن الدائم على أعدائهم من الأولين والأخرين ..
نرفع أحر التعازي والمواساة لمقام صاحب العصر والزمان روحي لتراب نعليه الفداء ولمراجعنا الكرام وعلمائنا الأبرار وإليكم أيها المؤمنون بمناسبة استشهاد الصديقة الكبرى والشهيدة المظلومة سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء عليها السلام ...
وإليكم نتلو جزءً من خطبتها الفدكية في المدينة المنورة بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ..
بسم الله الرحمن الرحيم : ثم قالت أيها الناس اعلموا أني فاطمة و أبي محمد ص أقول عودا و بدوا و لا أقول ما أقول غلطا و لا أفعل ما أفعلشططا لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ فإن تعزوه و تعرفوه تجدوه أبي دون
نسائكم و أخا ابن عمي دون رجالكم و لنعم المعزى إليه ص فبلغ الرسالة صادعا بالنذارة مائلا عن مدرجة المشركين ضاربا ثبجهم آخذا بأكظامهم داعيا إلى سبيل ربه بالحكمة و الموعظة الحسنة يجف الأصنام و ينكث الهام حتى انهزم الجمع و ولوا
الدبر حتى تفرى الليل عن صبحه و أسفر الحق عن محضه و نطق زعيم الدين و خرست شقاشق الشياطين و طاح وشيظ النفاق و انحلت عقد الكفر و الشقاق و فهتم بكلمة الإخلاص في نفر من البيض الخماص و كنتم على شفا حفرة من النار
مذقة الشارب و نهزة الطامع و قبسة العجلان و موطئ الأقدام تشربون الطرق و تقتاتون القد أذلة خاسئين تخافون أن
يتخطفكم الناس من حولكم فأنقذكم الله تبارك و تعالى بمحمد ص بعد اللتيا و التي و بعد أن مني ببهم الرجال و ذؤبان العرب
و مردة أهل الكتاب كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله أو نجم قرن الشيطان أو فغرت فاغرة من المشركين قذف أخاه في لهواتها فلا ينكفئ حتى يطأ جناحها بأخمصه و يخمد لهبها بسيفه مكدودا في ذات الله مجتهدا في أمر الله قريبا من رسول الله
سيدا في أولياء الله مشمرا ناصحا مجدا كادحا لا تأخذه في الله لومة لائم و أنتم في رفاهية من العيش وادعون فاكهون آمنون تتربصون بنا الدوائر و تتوكفون الأخبار و تنكصون عند النزال و تفرون من القتال فلما اختار الله لنبيه دار أنبيائه و مأوى
أصفيائه ظهر فيكم حسكة النفاق و سمل جلباب الدين و نطق كاظم الغاوين و نبغ خامل الأقلين و هدر فنيق المبطلين فخطر
في عرصاتكم و أطلع الشيطان رأسه من مغرزه هاتفا بكم فألفاكم لدعوته مستجيبين و للعزة فيه ملاحظين ثم استنهضكم
فوجدكم خفافا و أحمشكم فألفاكم غضابا فوسمتم غير إبلكم و وردتم غير مشربكم هذا و العهد قريب و الكلم رحيب و الجرح لما يندمل و الرسول لما يقبر ابتدارا زعمتم خوف الفتنة ألا في الفتنة سقطوا و إن جهنم لمحيطة بالكافرين فهيهات منكم و
كيف بكم و أنى تؤفكون و كتاب الله بين أظهركم أموره ظاهرة و أحكامه زاهرة و أعلامه باهرة و زواجره لائحة و أوامره واضحة و قد خلفتموه وراء ظهوركم أ رغبة عنه تريدون أم بغيره تحكمون بئس للظالمين بدلا و من يتبع غير الإسلام دينا
فلن يقبل منه و هو في الآخرة من الخاسرين ثم لم تلبثوا إلا ريث أن تسكن نفرتها و يسلس قيادها ثم أخذتم تورون
وقدتها و تهيجون جمرتها و تستجيبون لهتاف الشيطان الغوي و إطفاء أنوار الدين الجلي و إهمال سنن النبي الصفي تشربون
حسوا في ارتغاء و تمشون لأهله و ولده في الخمرة و الضراء و يصير منكم على مثل حز المدى و وخز السنان في الحشا
و أنتم الآن تزعمون أن لا إرث لنا أ فحكم الجاهلية تبغون و من أحسن من الله حكما لقوم يوقنون أ فلا تعلمون بلى قد تجلى
لكم كالشمس الضاحية أني ابنته أيها المسلمون أ أغلب على إرثي يا ابن أبي قحافة أ في كتاب الله ترث أباك و لا أرث أبي لقد جئت شيئا فريا أ فعلى عمد تركتم كتاب الله و نبذتموه وراء ظهوركم إذ يقول وَ وَرِثَ سُلَيْمانُ داوُدَ و قال فيما اقتص من
خبر يحيى بن زكريا إذ قال فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا يَرِثُنِي وَ يَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ و قال وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ و قال يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ و قال إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوالِدَيْنِ وَ الْأَقْرَبِينَ
بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ و زعمتم أن لا حظوة لي و لا إرث من أبي و لا رحم بيننا أ فخصكم الله بآية أخرج أبي منها أم هل تقولون إن أهل ملتين لا يتوارثان أ و لست أنا و أبي من أهل ملة واحدة أم أنتم أعلم بخصوص القرآن و عمومه من أبي
و ابن عمي فدونكها مخطومة مرحولة تلقاك يوم حشرك فنعم الحكم الله و الزعيم محمد و الموعد القيامة و عند الساعة يخسر المبطلون و لا ينفعكم إذ تندمون و لكل نبأ مستقر و سوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه و يحل عليه عذاب مقيم ثم رمت
بطرفها نحو الأنصار فقالت يا معشر النقيبة و أعضاد الملة و حضنة الإسلام ما هذه الغميزة في حقي و السنة عن ظلامتي
أما كان رسول الله ص أبي يقول المرء يحفظ في ولده سرعان ما أحدثتم و عجلان ذا إهالة و لكم طاقة بما أحاول و قوة
على ما أطلب و أزاول أ تقولون مات محمد ص فخطب جليل استوسع وهنه و استنهر فتقه و انفتق رتقه و أظلمت الأرض لغيبته و كسفت الشمس و القمر و انتثرت النجوم لمصيبته و أكدت الآمال و خشعت الجبال و أضيع الحريم و أزيلت الحرمة
عند مماته فتلك و الله النازلة الكبرى و المصيبة العظمى لا مثلها نازلة و لا بائقة عاجلة أعلن بها كتاب الله جل ثناؤه في أفنيتكم و في ممساكم و مصبحكم يهتف في أفنيتكم هتافا و صراخا و تلاوة و ألحانا و لقبله ما حل بأنبياء الله و رسله حكم
فصل و قضاء حتم وَ ما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ وَ مَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً وَ سَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ إيها بني قيله أ أهضم تراث أبي و أنتم بمرأى مني و مسمع و منتدى و
مجمع تلبسكم الدعوة و تشملكم الخبرة و أنتم ذوو العدد و العدة و الأداة و القوة و عندكم السلاح و الجنة توافيكم الدعوة فلا تجيبون و تأتيكم الصرخة فلا تغيثون و أنتم موصوفون بالكفاح معروفون بالخير و الصلاح و النخبة التي انتخبت و الخيرة
التي اختيرت لنا أهل البيت قاتلتم العرب و تحملتم الكد و التعب و ناطحتم الأمم و كافحتم البهم لا نبرح أو تبرحون نأمركم فتأتمرون حتى إذا دارت بنا رحى الإسلام و در حلب الأيام و خضعت ثغرة الشرك و سكنت فورة الإفك و خمدت نيران
الكفر و هدأت دعوة الهرج و استوسق نظام الدين فأنى حزتم بعد البيان و أسررتم بعد الإعلان و نكصتم بعد الإقدام و أشركتم بعد الإيمان بؤسا لقوم نكثوا أيمانهم من بعد عهدهم و هموا بإخراج الرسول و هم بدءوكم أول مرة أ تخشونهم فالله أحق أن
تخشوه إن كنتم مؤمنين ألا و قد أرى أن قد أخلدتم إلى الخفض و أبعدتم من هو أحق بالبسط و القبض و خلوتم بالدعة و نجوتم بالضيق من السعة فمججتم ما وعيتم و دسعتم الذي تسوغتم فإن تكفروا أنتم و من في الأرض جميعا فإن الله لغني حميد
ألا و قد قلت ما قلت هذا على معرفة مني بالجذلة التي خامرتكم و الغدرة التي استشعرتها قلوبكم و لكنها فيضة النفس و نفثة
الغيظ و خور القناة و بثة الصدر و تقدمة الحجة فدونكموها فاحتقبوها دبرة الظهر نقبة الخف باقية العار موسومة بغضب
الجبار و شنار الأبد موصولة بنار الله الموقدة التي تطلع على الأفئدة فبعين الله ما تفعلون و سيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون و أنا ابنة نذير لكم بين يدي عذاب شديد فاعملوا إنا عاملون و انتظروا إنا منتظرون
فأجابها أبو بكر عبد الله بن عثمان و قال يا بنت رسول الله لقد كان أبوك بالمؤمنين عطوفا كريما رءوفا رحيما و على
الكافرين عذابا أليما و عقابا عظيما إن عزوناه وجدناه أباك دون النساء و أخا إلفك دون الأخلاء آثره على كل حميم و ساعده
في كل أمر جسيم لا يحبكم إلا سعيد و لا يبغضكم إلا شقي بعيد فأنتم عترة رسول الله الطيبون الخيرة المنتجبون على الخير أدلتنا و إلى الجنة مسالكنا و أنت يا خيرة النساء و ابنة خير الأنبياء صادقة في قولك سابقة في وفور عقلك غير مردودة عن
حقك و لا مصدودة عن صدقك و الله ما عدوت رأي رسول الله و لا عملت إلا بإذنه و الرائد لا يكذب أهله و إني أشهد الله
و كفى به شهيدا أني سمعت رسول الله ص يقول نحن معاشر الأنبياء لا نورث ذهبا و لا فضة و لا دارا و لا عقارا و إنما
نورث الكتاب و الحكمة و العلم و النبوة و ما كان لنا من طعمة فلولي الأمر بعدنا أن يحكم فيه بحكمه و قد جعلنا ما حاولته في الكراع و السلاح يقاتل بها المسلمون و يجاهدون
فقالت ( ع ) سبحان الله ما كان أبي رسول الله ص عن كتاب الله صادفا و لا لأحكامه مخالفا بل كان يتبع أثره و يقفو سورهسوره
أفتجمعون إلى الغدر اعتلالا عليه بالزور و هذا بعد وفاته شبيه بما بغي له من الغوائل في حياته هذا كتاب الله حكما عدلا و
ناطقا فصلا يقول يَرِثُنِي وَ يَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ و يقول وَ وَرِثَ سُلَيْمانُ داوُدَ و بين عز و جل فيما وزع من الأقساط و شرع من الفرائض و الميراث و أباح من حظ الذكران و الإناث ما أزاح به علة المبطلين و أزال التظني و الشبهات في الغابرين
كلا بل سولت لكم أنفسكم أمرا فصبر جميل و الله المستعان على ما تصفون فقال أبو بكر صدق الله و رسوله و صدقت ابنته معدن الحكمة و موطن الهدى و الرحمة و ركن الدين و عين الحجة لا أبعد صوابك و لا أنكر خطابك هؤلاء المسلمون بيني
و بينك قلدوني ما تقلدت و باتفاق منهم أخذت ما أخذت غير مكابر و لا مستبد و لا مستأثر و هم بذلك شهود فالتفتت فاطمة
( ع ) إلى الناس و قالت معاشر المسلمين المسرعة إلى قيل الباطل المغضية على الفعل القبيح الخاسر أفلا تتدبرون القرآن
أم على قلوب أقفالها كلا بل ران على قلوبكم ما أسأتم من أعمالكم فأخذ بسمعكم و أبصاركم و لبئس ما تأولتم و ساء ما به أشرتم و شر ما منه اغتصبتم لتجدن و الله محمله ثقيلا و غبه وبيلا إذا كشف لكم الغطاء و بان بإورائه الضراء و بدا لكم من ربكم ما لم تكونوا تحتسبون و خسر هنا لك المبطلون ثم عطفت على قبر النبي ( ص ) و قالت
قـد كـان بعـدك أنبـاء و هنبثة لوكنت شاهدها لم تكثر الخطب
إنـا فقـدناك فقـد الأرض وابلها و اختل قومك فاشهدهم و لا تغب
قـد كـان جبريـل بالآيات يؤنسنا فغاب عنا فكـل الخيـر محتجب
و كنت بـدرا و نـورا يستضاء به عليك ينزل من ذي العـزة الكتب
تجهمتنـا رجـال و استخف بنـا إذ غبت عنا فنحن اليـوم تغتصب
فسوف نبكيك ما عشنا و ما بقيت منا العيـون بتهمال لها سكـب
تعليق