أقرأوها وضموها مع مجموع البركات التي تعرفونها
المنبر الحسيني قد أثبت نفسه على طول التاريخ وممر العصور ، بأنه من أفضل الوسائل ، وأهم العوامل ، لحفظ قضية الإمام الحسين عليه السلام وإبقائها حية طرية ، تتفاعل مع القلوب والضمائر ، والنفوس والأرواح ، والعقول والعواطف .
ومن المعلوم : إن قصة الإمام الحسين عليه السلام هي أهم قصة يتمكن المسلمون بسببها من تبليغ القرآن والإسلام ، ونشر التقوى والفضيلة في ربوع الأرض عامة ، وبين المسلمين خاصة ، وذلك لأن قصة الإمام الحسين عليه السلام هي قصة حقيقية وواقعية ، عقلانية بحتة ، وفي نفس الوقت ، عاطفية صرفة أيضاً ، وليست هناك عند البشرية قصة مثلها ، ولا قضية تضاهيها في الأستهواء والتأثير ، والجذب التسخير ، واستقطاب الجماهير ، فقد نقل لي أحد خطباء المنبر الحسيني مايلي :
قال كنت وجماعة من خطباء المنبر الحسيني في سيارة قد أستأجرناها لتنقلنا من مكان الى آخر ، وفي الطريق تلاطف أحدنا مع سائق السيارة بملاطفات انجر الكلام بينهما الى مالايليق ، قال ذلك الخطيب : فتداركت الموقف وأخذت اعتذر من السائق ، لأصرف ذهنه عما جرى ، واغسل ذاكرته عن الكلام غير اللائق ، الذي كلمه به صديقنا الخطيب والذي ربما جرح خاطره وكدر عواطفه فلما قدمت له اعتذاري وانتهت من كلامي التفت اليّ السائق وقال بكل احترام وإجلال وتواضع وخشوع : ياسماحة الشيخ إنه لم يبدر إليّ منكم مايستدعي الاعتذار والتنصل ، كيف وإن لكم حق الحياة عليّ ؟ إذ بسببكم هداني الله تعالى الى الحق والى صراط مستقيم ، وعليّ أن أؤدي حقكم وأقدم جزيل الشكر الذي يجب علي بالنسبة اليكم .
قال الخطيب وهو يواصل قصته : فسألت السائق حينئذ عن قضيته ، وكيف هداه الله تعالى بسببنا ؟
فأجاب قائلاً : لقد كنت في أول شبابي ، وعلى أثر المحيط الفاسد الذي كنت أعيش فيه والأصدقاء السوء الذين كانوا يصحبونني ، منحرفاً أشد الانحراف ، وبعيداً غاية البعد عن التقوى والفضيلة .
وذات مرة وقد أنبتني نفسي اللوامة ، ووخزني ضميري ووجداني على ما أمارسه من انحراف ، واقترفه من ذنوب إذ وقع طريقي على مجلس من مجالس الإمام الحسين عليه السلام ، فحملت نفسي وأنا ألومها على انحرافها واعتب عليها لانزلاقها واعواجاجها على أن أشترك في هذا المجلس الحسيني ، فدخلت فإذا أنا بالخطيب على المنبر وهو يعظ الناس ويرشدهم ، ويفسر لهم بعض الآيات الكريمة ، ويقرأ عليهم نزراً من الأحاديث الشريفة ، فأخذتني مواعظه وأثرت في قلبي نصائحه وصقلت الآيات والروايات التي كان يرتلها على مسامعنا ، ثم عرج من نصائحه ومواعظه الى قراءة المصيبة على قمر بني هاشم أبي الفضل العباس عليه السلام وحكى لنا عن كيفية جهاده في سبيل الله ، ومواساته لأخيه الإمام الحسين عليه السلام الى أن وصل الى حكاية ماقاله أبو الفضل العباس عليه السلام يوم عاشوراء ، عندما قطع الأعداء يمينه من رجزه في وجه الأعداء وهتافه بهم :
والله إن قطعتموا يميني ** إني أحامي أبداً عن ديني
فبكيت بكاءً شديداً ، وقلت في نفسي متمتاً : كيف تسمح لنفسك وأنت تدعي حب أبي الفضل العباس عليه السلام أن تهتك حرمة الدين بمواصلة انحرافك ، واستمرار جرائمك وجنايتك ، وأبو الفضل العباس عليه السلام قد ضحى بنفسه ، وقدم يديه لحماية الدين وحفظ حرمة الإسلام ؟ فهزني ذلك من الأعماق وأيقظني من رقدتي وغفلتي وجعلني اندم على ماسلف مني واعزم على إصلاح نفسي .
وبالفعل فقد توفقت للتوبة ، واهتديت الى طريق الأوبة وأخذت جادة الصواب وسرت في طريق التقوى والفضيلة ، كل ذلك ببركة ذلك الخطيب الحسيني ، ثم تحسنت حالتي وتخلصت من شقوتي وكآبتي والحمد لله رب العالمين لذا بقيت وأنا أرى نفسي مديناً لرجال الدين ، وأرى لخطباء المنبر الحسيني حق الحياة عليّ كما أرى على نفسي أن أجلهم واحترمهم ، وأن أكون لهم من الشاكرين دوماً وأبداً
وهذه من بركات المنبر الحسيني
تعليق