إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

الاعلان العالمي لحقوق الانسان .. دراسة اسلامية . القسم الاول. حميد الشاكر

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الاعلان العالمي لحقوق الانسان .. دراسة اسلامية . القسم الاول. حميد الشاكر

    يمثل الاعلان العالمي لحقوق الانسان والمعتمد من قبل الجمعية العامة للامم المتحدة (10 ديسمبر 1948م ) أرقى ماتوصلت اليه شعوب العالم من انجاز انساني يختص بالشؤون الفردية للانسان كأنسان بغض النظر عن عرقه او دينه او لونه او لغته او موقعه الجغرافي او الاجتماعي او الحضاري .....الخ.
    وقصة هذا الاعلان معروفة كما ان منتجاته التي فرضته على الواقع العالمي ترجع بدوافعها الانسانية الى ما عاناه الانسان بشكل عام والانسان الاوربي بشكل خاص من حروب طاحنه واستهتار بقيمة كل معنى انساني في الممارسة السياسية والاقتصادية والدينية ...... الى ان اصبح الانسان قبل نهاية الحرب العالمية الثانية ارخص سلعة في الوجد العالمي والسوق السياسية والاقتصادية الاوربية ؟.
    ومن هذا الواقع المرير للانسان الاوربي انتفضت بوادر الحركة الانسانية لتعبر عن وجودها وتفرض احترام كينونتها البشرية ولترفع نير الظلم عن حقوقها التي صودرت في سوق المطامع السياسية والهيمنة الاقتصادية ، لتعلن اخيرا نصا موثقا ياخذ بشكل اعلان اممي في اعلان حقوقها الانسانية ولتطلب من شعوب وامم وحكومات الارض الاعتراف به كوثيقة كونية صالحة لكل دولة او مجتمع او جغرافية او جنس او عرق او دين ..الخ .
    ان تناول هذا الاعلان وبنوده القانونية بالبحث والمناقشة هي وظيفة او عمل يرقى في الفكر الانساني الى عنوان (المقدس) و العقول التي تفكر في بحث هذا الاعلان ينبغي وعليها ان تدرك انها بحاجة لأن تمتلك البعد (الكوني) في الرؤية قبل ان تقدم على تناول موضوع (حقوق الانسان ) لكون الاعلان العالمي لحقوق البشر موضوعة لاتخضع لابعاد فكرية ضيقة تتغلب عليها او تعتقلها الايدلوجيا او المصالح او المنافع .. سياسية كانت او اقتصادية او عقائدية دينية او اجتماعية .. كما انه موضوع اوسع من ان يبحث فيه العقل البشري وهو منجذب ومقيد بعرف او تقليد او اي مقايسة قطرية اخرى
    ،وكذالك يصح القول ايضا ان مسألة (حقوق البشر ) مقدسة للفكر الانساني الكوني النظيف ومن الصعب تناوله بدون صدق وخشوع الفكر وادراك هذا الفكر لمعنى ومفهوم ( الحق)وجذوره التي تمتد الى عمق نظرة الانسان للكون والحياة والانسان ؟.واذ نتناول هذا الاعلان العالمي الان برؤية مغايرة للذهنية التي وضعت مفرداته فانما نستهدف الاشارة الى ان هناك رؤى اخرى بامكانها ان تضيف زخما اخر لدعم هذا الاعلان المحترم او تنبه الى بعض ما اغفلته بنود هذه الوثيقة لاسيما ان هذا الاعلان هو مولود حديث العهد بمعرفة مصطلح (حقوق الانسان ) وتنبهه الى مفهوم (الحق) ؟.
    نعم لاشك ان الجذور الفكرية ومضامين ما احتوته بنود الاعلان العالمي لحقوق الانسان لم تكن وليدة وجود الاعلان كوثيقة مدونة بل هي ثمرة نضال فكري انساني طويل من اجل (حقوق الانسان ) قاده الفكر الانساني والاوربي بالخصوص في العصر الاوربي الوسيط قبل ان تصل منجزاته الى ذهنية العقل السياسي (القاصر الادراك بطبعه) ليقر بدستوريتها الاممية مؤخرا ؟.
    ولكن من جانب اخر هناك رؤى اخرى عما طرحته العقلية الاوربية في موضوعة (حقوق الانسان) لها العمق النظري والفكري وتمتلك البعد الكوني الذي تناول هذه الموضوعة بذهنية اكثر نضوجا واشمل رؤية بكثير مما طرحته العقلية الفلسفية والاجتماعية الاوربية وربما يحق القول هنا ان كلا الرؤيتين لم تختلف كثيرا بالاهداف والاصول العامة لمبادئ (الحق والحرية) ولكنها قطعا تختلف في الزاوية والرؤية والنظرة لمفهوم (الحق والحقوق الانسانية) وجذوره وكيف ينبغي ان يفهم وعلى اي اسس قد بني .....الخ . وهذه الرؤية الاخرى ممتنة بالعرفان للاطروحة الاسلامية العالمية الاهداف والنظرة والعادلة المنهج والادارة في الحكم وفي الانسان ؟.
    سنتناول انشاء الله ماتيسر من مواد الاعلان العالمي هذا ( اذا لم يعرض عارض من المشاغل الكونية ) لنطرح مضامينها على الرؤية الاسلامية او نطرح الرؤية الاسلامية عليها في موضوعة حقوق البشر كي نبحث الابعاد الفكرية والفلسفية والسياسية والاقتصادية ...لهذه المواد مع الاشارة الى نقاط الضعف او القوة لهذه الفقرة اوتلك في المضمون والصياغة وواقعية المفعول او عدمه ... كما سنغض الطرف عن بعض الاجترارات المتكررة لبعض مواد الاعلان كالذي جاء _مثلا_ في المادة(18) من تاكيد : حرية الفكر .. والاعراب عنه . وما جاء في المادة التالية مباشرة (19) بنفس المضمون من ان : لكل شخص الحق في حرية الراي والتعبير ؟. مع ادراكنا طبعا للظروف التي خلق فيها الاعلان ومواده وماكان يستهدفه من تاكيد مكرر على الحقوق التي سحقت لقرون طويلة ؟.
    .................................................. ............................
    ................
    المادة (1)
    ( يولد جميع الناس احرارا متساوين في الكرامة والحقوق ، وقد وهبوا عقلا وضميرا ، وعليهم ان يعامل بعضهم بعضا بروح الاخاء ) ؟.
    اولا: هذه هي المادة الاولى من الاعلان العالمي ، ويبدو هنا ان واضعوها استهدفوا صياغتها كمدخل (فكري) يعطي المشروعية الفكرية والقانونية لمسألة (حقوق الانسان) باعتبار ان كل فقرة من فقرات القانون بشكل عام ينبغي ان تصاغ على اسس من الخلفيات الفكرية التي تبرر وجود هذه الفقرة او تلك ، وطبيعي ان يكون في عالم التسريع او القانون خلفية تسمى (فلسفة القانون)تهب لكل مادة صلابة الاقناع العقلي او النفعي ( اذا كان ممثلي القانون يؤمنون بالمذهب النفعي مثلا ) لممثلي القانون اللذين بدورهم ينطلقون قبل صياغة مواد القانون وفقراته من فلسفة او رؤية تكون اساس بحثهم في صياغة المفردة القانونية ، وكمثال على ذالك يرى فلاسفة القانون وجوب جواب كل مادة قانونية تشّرع او تصاغ عن السؤال التالي ماهي المنفعة ؟. او المصلحة الفردية او الاجتماعية ؟. او ماهو الهدف من هذه الفقرة او تلك ( ان كان قادة القانون يؤمنون باهداف اعلى من مجرد المنفعة ) في التشريع ؟. ولماذا صيغت بهذا الشكل او ذاك ؟.
    وكذالك يقال بالنسبة لمفكري القانون وتوجهاتهم الفلسفية عند ارادة صياغة المفردة القانونية واخذهم بنظر الاعتبار (وضع) المفردة ومدى انعكاسها او اداء غرضها في الواقع الاجتماعي او الفردي ، فاذا كان واضعو القانون يميلون الى الفلسفة الجماعية الاشتراكية وهيمنة الدولة فستنعكس رؤاهم الفكرية هذه على صياغة مفرداتهم وموادهم القانونية ، بعكس ما لو كان مقننو القانون يميلون برؤاهم المذهبية الفلسفية القانونية نحو مبادئ (الفلسفة الليبرالية الفردية)فان مفرداتهم التشريعية وصياغاتهم للمواد القانونية ستصب في تقليص هيمنة او سلطة المجموع وهيمنة الدولة على الفرد ، مما يعني كخلاصة صياغة اخرى مختلفة فرضتها الخلفيات الفكرية التي يؤمن بها هذا الطرف من قادة القانون او ذاك ؟.

    وعلى هذا الاساس يصح القول يجب على كل قانون تشريعي يراد له ان يكسب المصداقية القانونية والاقناع العقلي للخاضعين لسيادته التنفيذية ان ينطلق ويؤسس على اسس من الرؤية الفلسفية او الكونية او النفعية او المصلحية ... التي تهيئ له الاحترام من قبل الفرد او المجموع وتهبه السمة القانونية الملزمة ؟.هذا
    .................................................. ..
    ثانيا : من هذه المقدمة الاولى انطلق الاعلان العالمي لحقوق الانسان في صياغة مواد ميثاقه الاممي ليخطو اول خطوة في مادته الاولى ليذكر العالم الانساني بالجذر الفكري لمواد الاعلان وليشير الى بعد فكري واحد بني عليه الاعلان لاستخلاص دستوريته ومشروعيته في المطالبة من جهة والدفاع من جهة اخرى لموضوعة (حقوق الانسان) وهو :
    ( يولد جميع الناس احرارا متساوين في الكرامة والحقوق ..)والحقيقة ان موضوعة (ولادة الناس احرارا) ليست فقرة تشريعية بقدر ماهي رؤية فكرية
    لمبدأ (الحق والحقوق) للانسانية كما انها ايضا رؤية توصيفية فلسفية تصلح ان تكون مبررا لما بعدها من مواد الاعلان او هي صالحة لأن تكون خلفية فكرية للمطالبة بوجوب احترام حقوق البشر (الفطرية) والاعتراف بقانونيتها التشريعية ؟.
    وعلى هذا يكون سؤالنا الاتي داخل في اطار (فلسفة القانون) التي تبحث عن مصداقية هذه الرؤية وقوة شرعيتها في القانون لنقول الى اي رؤية فلسفية او فكرية تنتمي مقولة هذا الاعلان التي تؤكد : يولد جميع الناس احرارا متساوين في الكرامة والحقوق ؟.) وما هي الدوافع التي اجبرت العقل القانوني على قبول واحترام مضامين هذه المادة ؟.وهل عندما يولد الناس احرارا يجب ان يكونوا متساوين في الكرامة والحقوق ؟.
    بامكاننا الجواب على تلك الاسئلة من خلال ماطرحته المدارس الفكرية والفلسفية الاوربية والشرقية ومن خلال رؤيتها لمسالة( الحق والحقوق) لنرى اي الاطروحات الفكرية بامكانها النقد او الاضافة لمفهوم المادة الاولى للاعلان العالمي لحقوق الانسان بالاضافة لمعرفة اي الاطروحات الفكرية الاقرب روحا لنص المادة الاممية هذه وخصوصا مايتعلق بمدار المادة ( حق الحرية )
    .................................................. ..
    ثالثا : المدرسة الفلسفية الاوربية وموضوعة (الحرية .. الانسان .. الحق)
    أ - نظرية الحق الطبيعي ؟.
    تعتبر نظرية حق الانسان الطبيعي احد روافد مسالة (حقوق الانسان) في الفكر الغربي والتي ناضل كثيرا هذا الفكر لتاكيد : ان الانسان يمتلك حق الحرية من خلال ما وهبته له الطبيعة من متنفس لايفرض عليه اي قانون تشريعي اخر يقيد من حقه في الحرية التاريخية هذا وما عوامل تطور الانسان ونضوجه الفكري وتجمعه السكاني الا مفردات تطلبت ان يستعين الانسان امام هذه المتغيرات التاريخية بقانون اخر يصيغه لنفسه مؤخرا لينظم شؤون حياته الاجتماعية بعد التقعيد ، وعليه فللانسان في هذه الصورة حقان :الاول هو الحق الطبيعي الاساسي كحق العيش والحرية والدفاع عن النفس والتزاوج ..... والثاني : هو الحق القانوني والتشريعي الذي ينبغي ان يبنى على ما اكتسبه الانسان من الحقوق الطبيعية واي مادة او فقرة بالقانون التشريعي البشري تتناقض او تتعارض مع الحقوق الطبيعية للانسان فليس لها اي رصيد او مشروعية او واجب احترام من بني البشر وهذا ماينبغي الالتفات اليه ؟.ان كثير من من فلاسفة ومفكري اوربا يذهبون هذا المذهب القانوني في مسالة (حقوق الانسان وحريته) ومن ابرزهم الفيلسوف الهولندي (باروخ سبينوزا - 1632م - 1677م ) الذي يقول بالحق الطبيعي للانسان في كتابه (رسالة في اللاهوت والسياسة / الفصل السادس عشر ) فهذا المفكر والفيلسوف والسياسي استشعر موضوعة ان الفكرة او النظرية او المادة القانونية لابد لها من رصيد قانوني سواء كان كونيا الاهيا او قانونيا طبيعيا او مصلحيا نفعيا يدفعها الى حيز الاعتراف والاحترام القانوني ، ولذالك اكد في رسالته المذكورة على ضرورة اعتراف النظم التشريعية بحقوق الانسان الطبيعية لكونها مصدر كل حق يتمتع به الانسان في هذا الوجود ومن اهمها بالقطع بالنسبة لسبينوزا هو (حق الحرية والمساواة) ؟.
    الحقيقة ان المقارنة بين خلفيات مادة الاعلان العالمي الاولى لحقوق الانسان القائلة ( يولد جميع الناس احرارا ...) وبين مقولة الحق الطبيعي للحرية في نظرية سبينوزا تمر للوهلة الاولى على انها من نفس التوجه والمنبع ،ولكن الواقع غير ذالك بين الخلفيات التي انطلقت منها مادة الاعلان وما طرحته النظرية الطبيعية من مصطلح ، فالناظر لاستخدام الاعلان لمصطلح (يولد الناس ) يستخلص ان واضعي هذه المفردة استهدفوا لحرية الانسان ان تكون اكثر تجذرا فطريا من كونها هبة طبيعية او كونها كسبا يهبه القانون الطبيعي للانسان بل ارادوا ان يكون هذا الحق (خلقة وفطرة وتكوين ) للانسان يولد معه كجينات داخل كينونة البشر ،فالانسان هنا في مفهوم العقد مخلوق حر بالفطرة وليس بالتطبع ؟.
    ب - النظرية المادية ( الحق الاجتماعي )
    في النظريات المادية غربية كانت او شرقية تواجهنا دائما اشكاليات كبيرة ومعقدة في مسالة (حقوق الانسان) ليس على الصعيد الفردي للانسان فحسب ، بل وعلى كل الاصعدة المرتبطة بحقوق البشر (فكرية كانت او سياسية او اقتصادية او اجتماعية او علمية او نفسية ...) وذالك منتج طبيعي و(حتمي) للفكر المادي ، فمبدئيا وقبل ان نقرر اي شيئ في موضوعة (حقوق الانسان) يطالعنا الفكر المادي بموضوعات اخرى تنسف موضوعة (الحقوق) من الجذور .. فاولا: تطرح موضوعة (نسبية) المفاهيم البشرية والفكرية والاخلاقية ... لنصل الى نتيجة تؤكد ان النظرية المادية لاتؤمن بوجود ما هو ثابت
    في الحياة الكونية بشكل عام بما فيها طبعا مصطلح (الحق والحقوق الانسانية ) لتنسحب هذه النظرة (اللاعلمية) في الذهنية المادية على كل مفردة فكرية انسانية او قانونية ، فالاخلاق والنظرة والجمال والقانون ... كل ذالك خاضع للمتحرك ( ديالكتيك) ، وعليه نحن امام عقلية لاتؤمن بجذر ينبغي له ان يكون قاعدة ثابته تساند هذا الحق الانساني او ذاك ، وهذه هي الاشكالية التي نعانيها من النظرية المادية فمقولة ان (يولد جميع الناس احرارا ) مقولة غير علمية ديالكتيكية ، وكذالك مقولة (متساوين في الكرامة والحقوق ) فلا الكرامة مفهوم ثابت ولا الحقوق مقدسة وثابته بل هي مجرد انشائيات غير (جدلية) في العقلية المادية ؟.والحقيقة انها لجريمة ما يطرحه الفكر المادي وخصوصا عندما يستهدف خلط الاوراق واستغفال العقل الانساني ، فليس هناك مايبرر علميا صهر جميع العلوم الانسانية ووضعها تحت مجهر واحد يسمى ( النسبية ) او الديالكتيكية او الجدلية ... كما انه ليس هناك مبرر انساني يدفع الذهنية المادية لاستعمال مصطلحات علمية محترمة مثل (التطور والتقدم ....) لضرب القيم الانسانية التي لولا وجودها لما استمرت الحياة البشرية اساسا ؟.
    ولكن على اي حال ترفض النظرية المادية مقولة النظرية (الطبيعية ) في حقوق الانسان باعتبارها نظرية غير ( ديالكتيكية) وباعتبارها كذالك تؤمن بثوابت المفاهيم الانسانية ووجوب احترامها قانونيا كمفهوم (حقوق الانسان الطبيعية ) ، بل تعتبر النظرية المادية ان الطبيعة لاتهب او تمنع فهي مادة ميتة يحكمها قانون جدلي فحسب ، او كما عبر بشكل واضح (ول ديوانت ج 1 ص 54 قصة الحضارة) بقوله : ان الحقوق لاتاتينا من الطبيعة لأن الطبيعة لاتعرف من الحقوق الا الدهاء والقوة ، انما الحقوق مزايا منحتها الجماعة للافراد على اعتبار انها تؤدي الى الخير العام ، ولذا فالحرية ترف اقتضاه اطمئنان الحياة .....؟ان موضوعة (حقوق الانسان) واعتبارها ترف حضاري (ارستقراطي) هي اسوأ بكثير من مقولة : ان الناس يخلقون صنفين عبد وحر ، وكذالك اعتبار ان حق الحرية هو منحة من السيد الاجتماعي اقتطعها تعطفا من حقوقه الاجتماعية ليرميها الى الفرد الانساني كصدقة ( هذا طبعا اذا قلنا بوجود حقوق ثابتة للمجتمع كما تدعي المادية والا كيف ثبتت حقوق المجتمع ولم تثبت حقوق الانسان ؟.) فهي اسوأ من ان يقال انها ترف
    اجتماعي؟.
    الخلاصة : لم تضف النظريات المادية اي نوع من البعد الفكري لمسألة (حقوق الانسان ) في دعمها او تقيمها او حتى الاشارة لمفاهيمها بسبب ماذكرناه ، بل كان الانسان في هذه النظريات احقر من ان تكون له حقوق ثابتة يطالب باحترامها او ذكرها على الاقل وعليه يمكننا هنا حل الغاز الفكر المادي وعدائه ( لحقوق البشر)وانتهاجة الاستهتار (العلمي التطوري) بكل حقوق الانسان وتصفيتها لعدم انسجامها مع المبادئ الديالكتيكية والجدلية ، وهذا ايضا ما يطلعنا على الاسباب الكامنة خلف ولادة الاعلان العالمي لحقوق الانسان من الذهنية الليبرالية وليست الماركسية ؟.
    ...............................................
    رابعا : الرؤية الاسلامية ( الحق الفطري)
    الاعلان الاسلامي لحقوق الانسان :
    المادة(1) ايها الناس ان ادم لم يلد عبدا ولا امة وان الناس كلهم احرارا ) ..... علي بن ابي طالب .
    ان للاطروحة الاسلامية تراثا قيما جدا بمسألة (الحقوق) وبموضوعة (الحرية) الانسانية وخصوصا مايتعلق برؤية الاطروحة الاسلامية بشأن ( فطرية حق الحرية للانسان) كما ان لها قرأتها الراقية لهذه الموضوعة ، ولكن _ مع الاسف _ بقي هذا التراث الفكري الاسلامي بعيدا عن ساحة المناقشة والبحث والثقافة العامة ... وربما بالامكان ارجاع بعض اسباب ظاهرة العزوف عن البحث بهذه المواضيع الاسلامية الراقية ، لسيطرة العقل الديني التقليدي على الساحة الثقافية او لعقم العقل الاسلامي الانساني او لعجزه من التخلص من قيود الفكر التاريخي وولادته لمنظومة فكرية ترتقي لحضارية الاسلام المتجدد او ربما يكون السبب لسيطرة العقلية ( الاعرابية) وهيمنتها على حق التفسير وشرح الاهداف والمقاصد للاطروحة الاسلامية التي بطبيعتها بالنقيض للعقلية الاعرابية مما ولد لنا فكر متخلف يخضع النص الاسلامي لتقاليد الاعراب بدلا من العكس ....؟.
    ان للرؤية الاسلامية _ كمدرسة فكرية وتشريعية _ تصور منفرد لموضوعة او مصطلح ( الحق والحقوق) كما ان لها رؤية دقيقة لموضوعة ( الحرية) لانعتقد ان لها نظيرا في الفكر الاوربي الحديث والقديم ، وكذالك امتلاك الاطروحة الاسلامية بعدا فكريا عميقا بخصوص مبادئ وجذور ولماذا وكيف والى ماتهدف موضوعة ( حق الحرية للانسان) .... كل هذه المحاور وغيرها موجودة داخل اطار الاطروحة الاسلامية ولكن بدون فكر منقب او عقل ولود بامكانه ابراز معالمها الى حيز الثقافة العصرية ؟.على العموم : تعتقد الاطروحة الاسلامية ان المادة الاولى للاعلان العالمي لحقوق الانسان ( يولد الناس احرارا متساوين في الكرامة والحقوق وقد وهبوا عقلا وضميرا ، وعليهم ان يعامل بعضهم بعضا بروح الاخاء ) نضجا وتكاملا بشريا جيدا يستحق
    الاشادة والاحترام ، بل وتعتبر الاطروحة الاسلامية ان هذه المادة هي ليس فقط مجرد بديهية من اولويات الفكر الاسلامي فحسب ، بل انما تمثل القاعدة القانونية للعدالة الاسلامية في التشريع والتنظيم الاجتماعي كذالك ؟.
    ولكن وباعتبار ماذكرناه من ان الاعلان العالمي اكد هنا على مبدأ (الحقوق) فقط ترى الاطروحة الاسلامية ان خلل الاعلان العالمي انه طرح وجه واحد لعملة الانسان واغفل الوجه الاخر لهذه العملة النادرة وهو مبدأ (الواجب) مقابل الحقوق لتكتمل صورة العملة الانسانية ؟.
    كذالك وفي جانب اخر تاخذ الاطروحة الاسلامية على مواد الاعلان انها نظرت من زاوية ضيقة جدا لموضوعة (الحقوق) الانسانية باعتبارها ( مكاسب او مغانم)للانسان يستخلصها من مبدأ الحقوق ، ولم تنظر لهذا المبدا كما هو _ في الاطروحة الاسلامية - على اساس انه عملية ( اخذ وعطاء) بنفس الوقت فكما ان لك حقا في الحرية فعليك حقا في العطاء ايضا لتتوازن حقوق الفرد مع حقوق المجتمع مثلا هذا ؟.وكذالك ايضا فالاطروحة الاسلامية في منظورها العالمي للانسان تاخذ على الاعلان صياغته الركيكة لمفردة المادة في هذا الشان فلايكفي ان تصاغ المادة ( يولد جميع الناس احرارا ) ووضعها في المجال الغير منضبط لدستورية المادة ، بل ينبغي ان توضع في اطار الضمانات ( الفكرية والفلسفية والقانونية والطبيعية ) التي تمكنها من الرسوخ والفاعلية القانونية الملزمة لكافة بني البشر ، ولايكفي بهذا الصدد ايضا مجرد الاشارة في عجز المادة الى ( وعليهم ان يعامل بعضهم بعضا بروح الاخاء ) بل كان المفروض حسب الرؤية الاسلامية ان تكون المفردة القانونية الاكثر واقعية وتاثيرا هي ( والواجب عليهم ...) كي يتسنى فهم فهم مفردة ( الحقوق) على اساس انها الوجه الاخر من الواجب الذي يناط بالانسان الاخر ؟.
    ولذالك جاءت الصياغة الاسلامية في مسالة ( حق الحرية ) بهذا الشكل الراقي ( لاتكن عبد غيرك وقد جعلك الله حرا ) _ قول لعلي بن ابي طالب _ وهي صيغة النهي التي تستهدف الاشارة الى : ان ليس للانسان بما هو انسان يمتلك حقا ان يستسيغ الاستعباد او نفي حقه في الحرية ، فالحرية هنا بالاضافة لكونها حقا فهي كذالك مسؤولية في نظر الانسان المسلم ايضا ؟.
    وايضا فللاطروحة الاسلامية وجهة نظر اخرى في مسالة الجذر (الواقعي) لمسالة (حقوق الانسان ) _ سنتناوله بالتفصيل في المادة (3) فيما بعد _ مختلفة بطبيعتها عن الجذر الذي انطلقت منه العقلية الغربية الليبرالية في اعتبار حق الحرية (حق طبيعي) او القاعدة التي تستند عليها العقلية الراسمالية الديمقراطية في نظرتها لموضوعة (الحقوق والحريات ) واعتبارها من المذاهب النفعية التي توفر النتائج العملية او النفعية لوجود الانسان ... كما ترفض الاطروحة الاسلامية مقولة ان (الحرية) منحة حضارية او ترف حضاري ارستقراطي ليس له جذور واصالة في عالم التكوين الانساني ، بل ترى ان تركيبة الانسان الفطرية والخلقية قد نظمت على مبدأ الحرية وان كيانه الفطري يرفض الاستعباد والقهر والخضوع ....الخ.الحقيقة ان المفاهيم التي ذكرناها انفا لمصطلح (حق الحرية) كان من البديهيات في العقل الاسلامي الاول الذي عاصر بوا كير التحرك الاسلامي وقد ادرك الصدر الاول من
    المسلمين هذه المفاهيم بشكل واضح جدا بحيث اصبح صاحب الثقافة العالية والمتوسطة في المجتمع الاسلامي يدرك مفهوم ومعنى (حق الحرية) اكثر مما ندركه نحن اليوم بكثير وبدون اي تعقيد لهذه المسالة ، وعليه فبقراءة بسيطة لعقلية الانسان المسلم من الصدر الاول الاسلامي ستطلعنا على مستوى الثقافة العامة في موضوعة (حق الحرية) ولا اقرب من الكلمة الرائعة للخليفة الثاني عمر بن الخطاب (رض) وهو يستنكر على رجال دولته تجاوزهم لمفهوم (حق الحرية) للانسان كحق فطري بقوله متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم امهاتهم احرارا ) باعتبار ان حق الحرية بديهية من بديهيات الثقافة العامة للمجتمع الاسلامي انذاك ؟.
    الخلاصة : نعم الطبيعة ليست الاها عاقلا لتهب الانسان حقا وحرية ، وكذا ليست الحرية ترفا حضاريا بالامكان الاستغناء عنها عندما تنتهي متعة الارستقراطيين ، كما ان حق الحرية ليست منة من المجتمع السلطوي الذي يقهر ويسحق شخصية الفرد الانساني ، وكذالك ليس حق الحرية سلعة راسمالية نحترمها لمردودها النفعي ..... انما الحرية (فطرة) تمثل قدر الانسان في الحياة وسر وجوده وهدفه الذي يسعى نحوه والمسؤلية التي يتحملها الانسان ؟.بلى (يولد جميع الناس احرارا متساوين في الكرامة وقد وهبوا عقلا وضميرا وعليهم ان يعامل بعضهم بعضا بروح الاخاء )(يايها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والارحام ان الله كان عليكم رقيبا ).
المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
x

رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

صورة التسجيل تحديث الصورة

اقرأ في منتديات يا حسين

تقليص

المواضيع إحصائيات آخر مشاركة
أنشئ بواسطة ibrahim aly awaly, 02-05-2025, 09:44 PM
استجابة 1
12 مشاهدات
0 معجبون
آخر مشاركة ibrahim aly awaly
بواسطة ibrahim aly awaly
 
يعمل...
X