إعـــــــلان

تقليص

للاشتراك في (قناة العلم والإيمان): واتساب - يوتيوب

شاهد أكثر
شاهد أقل

الاعلان العالمي لحقوق الانسان .. دراسة اسلامية . القسم الثاني. حميد الشاكر

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الاعلان العالمي لحقوق الانسان .. دراسة اسلامية . القسم الثاني. حميد الشاكر

    المادة (2) :
    (لكل انسان حق التمتع بكافة الحقوق والحريات الواردة في هذا الاعلان دون أي تمييز كالتمييز بسبب العنصر او اللون او الجنس ..... او اي وضع اخر ،دون اية تفرقة بين الرجال والنساء ...).
    المادة (3) :
    ( لكل فرد الحق في الحياة والحرية وسلامة شخصه ).
    .....................
    هذه هي المادة الثانية والثالثة من الاعلان العالمي لحقوق الانسان ، والاهداف التي سعت نحوها المادة (2) هو (حق التمتع) بكافة الحقوق المذكورة في الاعلان بدون عوائق سواء كانت تلك العوائق خلقية فطرية كالعنصر او اللون او الجنس .... او كانت تمايزات ثانوية كالراي السياسي او الطبقة الاجتماعية ..... ، أما ما استهدفته المادة (3) فهو التاكيد على بديهية من البديهيات الانسانية في ( حق ) الحياة والحرية وسلامة الانسان ؟.
    .................
    اولا : المقدمة فقه القانون)
    يهتم (فقه القانون) ببحث بعض المسائل العامة عن القانون حين لاتكفي معرفة النظم القانونية الخاصة للاجابة عنها ، وتتلخص وظيفة (فقه القانون) بدراسة الخلفيات الفكرية التي تدعم موقف القانون وتعطيه القوة الدستورية ومشروعية التنفيذ ، ولذالك كانت المسائل التي يبحثها هي من نوع هذه الاسئلة التي تدور حول الاطار القانوني العام مثل : ماهو القانون ؟. وهل يمكن ان يكون ثمة قانون بلا ارغام ؟. هل القانون الدولي حقا قانون ؟.فيمن يختلف القانون عن الاخلاقية والعدالة ؟. وكيف يرتبط بهما ؟. ........
    وعلى ضوء اليات فقه القانون يمكننا ان نتسائل حول منشأ الاعلان العالمي لحقوق الانسان وفي اي اطار يمكن وضعه ؟. هل ينسب لمبادئ العدالة والاخلاق الانسانية الثابتة ؟. أم يرجع بجذوره الى شيئ اخر كمبادئ المنفعة والقوى السياسية وموازين الهيمنة ؟.
    لاريب ان كلا الامرين داخلين في عملية صياغة مواد الاعلان العالمي لحقوق الانسان ولكن بلحاظ تغيّر الذهنية المتناولة لمواد الاعلان بالبحث والمناقشة ، فالذهنية السياسية الاوربية وما تعتنقه من ايدلوجيا سياسية حول ( الحرية الشخصية وعلاقتها بالعامل الاقتصادي ) باعتبار القاعدة الفكرية التي انطلق منها العقل الراسمالي الغربي هي التي أملت هذه الصياغة النهائية لمواد الاعلان وبهذا الشكل من التاكيدات على الحرية والحق الفردي ، وذالك لتدعيم مشروعها السياسي والاقتصادي العالمي وفتح الاسواق والملكية الشخصية ...... ، وفي اطار هذه الرؤية الغربية صيغ الاعلان العالمي لحقوق الانسان متجانسا وداعما لما تؤمن به العقلية الرأسمالية سياسيا واقتصاديا وفكريا .... وعلى مبادئ العقلية البرجوازية في المذهب النفعي لاداة العالم الانساني ؟.
    ومن الجانب الاخر يحق القول _ ايضا _ ان الذهنية (الاخلاقية) قرأت مواد الاعلان العالمي هذا من زاوية رؤيتها المنطلقة من مبدأ ( العدالة والاخلاقية ) باعتبارهما المرتكز القانوني الذي يبحثه (فقه القانون) كمصدر لشرعية مواد اي قانون ، وقاعدة سلطته التنفيذية ، ولكن مع الايمان _ بعكس الذهنية التي صاغت مواد الاعلان العالمي _ باستقلال موضوعة (حقوق الانسان) من قواعد المذهب (النفعي) وعدم ارتباطها باي عامل اخر ينعكس سلبا على اصالتها الموضوعية ؟.اذا التقت العقلية الراسمالية الغربية _ بغض النظر عن دوافعها _ مع العقلية الاخلاقية في اساس المعنى لمضامين الاعلان العالمي لحقوق الانسان في (حق التمتع في الحرية والحقوق ) ، واختلفت في الاليات والنظرة لمفهومة (حقوق الانسان) ، فالعقلية الغربية الراسمالية رأت الاعلان العالمي لحقوق البشر بمثابة الوسيلة القانونية الامثل للوصول الى الاهداف العالمية الكبرى في فتح الاسواق والانتصار لمبادئ الحرية الفردية في التملك والاستهلاك .... ، بينما رأت العقلية الاخلاقية ( الاسلامية نموذجا )الاعلان العالمي لحقوق الانسان كهدف وليس وسيلة يسعى الانسان الاخلاقي للوصول اليها في التحرر وارجاع حقوقه المصادرة والانتصار لكينونته البشرية وحقها في التمتع بهذه الحقوق والحريات من ثم ؟.
    .................................................. .
    ثانيا : مفهوم ( حق الحرية والتمتع ) الرؤية الفكرية للاعلان _ رؤية غربية _يختلف كثيرا مفهوم (الحق والحقوق)في العقلية الغربية صاحبة الاعلان عن ماهو موجود في العقلية الاسلامية الشرقية ليس فقط على الصعيد النوعي فحسب بل وكذالك على المستوى الكمي ، ولكن وبما اننا نبحث في رؤية الاعلان نفسه فعلينا ان نتناول مفهوم ( الحق والحقوق) كما يراه الاعلان وعلى الكيفية التي تعامل بها مع هذه الموضوعة ؟.
    يعتبر الاعلان مفهوم ( الحقوق ) _ وكما اشرنا اليه سابقا _ انه مفهوم ( فطري) على اساس ( يولد جميع الناس احرارا ) ، وعليه فالاعلان يبدو انه يرى (ثبوت) هذا المفهوم في الحياة والتاريخ الانساني ، ويبرر هذا المعنى لكون الحقوق فطرة انسانية ؟.
    ولكن بما ان الذهنية التي صاغت مواد الاعلان العالمي هي الذهنية السياسية الاوربية فسنجدها ترتد عن هذه النظرة (فطرية حقوق الانسان) لتتعامل معها على اساس غير ذالك تماما ، بل واعتبار (حقوق الانسان) من المسائل التي بالامكان استثنائها تحت ظرف جنائي معين يرتكبه الانسان في اختراق هذه المادة او تلك من القانون الخاص ، وهذا يتبين عندما نصل لقراءة المادة (14) عندما يلغي الاعلان اي حالة تمتع بحقوق يذكرها الاعلان العالمي لحقوق الانسان وذالك في حالة ( لايتمتع بهذا الحق من قدّم للمحاكمة في جرائم غير سياسية او لأعمال تناقض اغراض الامم المتحدة ومبادئها)_2_ ؟.
    وعليه فسقوط مبدأ (الحق) الثابت للانسان يد لل على اما عدم رؤية واضحة لمفهوم الحق ، واما لتناقض واضح لما اثبتته المادة (1) من الاعلان ، بل وكذالك اشارت المادة (14) الى ان شرعية (حقوق الانسان) تستمد وجودها من موردين . الاول : ( مبادئ الامم المتحدة ) ، وثانيا: ( عدم ارتكاب جرائم جنائية غير سياسية ) . وحصر موضوعة حقوق الانسان بهذين المحورين يهدم ادعاء المادة (1) من الاساس ، بل ويثبت ان الحقوق المذكورة في الاعلان هي حقوق مشروطة بالالتزام (بمبادئ الامم المتحدة) من جهة وب( حرية العمل السياسي ) فحسب ؟.وهذا المعنى خطر جدا على مبادئ (حقوق الانسان) والتمتع بها باعتبار المصداق لمفهوم المادة (14) بمعني (حق) ممارسة جميع ما يتناقض مع مبادئ الاعلان _ التعذيب ... الغاء حرية الرأي ... التعرض لسلامة الانسان ... العمل بمبدأ الطوارئ ... الحط من كرامة الانسان ..._ في حال ان الانسان عمل عملا يتناقض مع مبادئ الامم المتحدة ، او اقدم على جريمة جنائية غير سياسية ، وهذا التصور هو ما وضعته المادة (14) التي لم تاتي مادة اخرى لتحد من هذا المعنى الذي انعكس من مصداق المادة ؟.نعم المادة (4) : ( لايعّرض اي انسان للتعذيب ولاللعقوبات او المعاملات القاسية او الوحشية ..) ، وكذالك ماجاء في المادة (30) من انه ليس في هذا الاعلان نص يجوز تاويله على انه يخوّل لدولة او مجموعة او فرد اي حق في القيام بنشاط او تادية عمل يهدف الى هدم الحقوق والحريات الواردة فيه ) ، تنفي (باطلاق) اي عملية (تخويل) تستهدف مصادرة الحقوق الواردة في الاعلان ، ولكن القاعدة القانونية العامة الدولية والشرعية تؤكد على ان ( الخاص او التخصيص) يحدد ويبين ويقيد من اطلاق (العام) وليس للعكس اي مشروعية قانونية ، او بمعنى اكثر وضوحا ، : ان مقنني
    القانون ياخذون بنظر الاعتبار ان اي مادة او قاعدة قانونية مطلقة خاضعة للفقرات التي تقيد من اطلاقها باعتبار ان هذه الفقرات المقيدة لاطلاق المادة تعمل عمل ( المبينات والكاشفات والمفسرات ...) لما انبهم او اطلق معناه من القاعدة او المادة ؟.
    وعليه فكل من المادة (1_4_30) صيغت بمفردات مطلقة بحاجة الى ما يبين اهدافها ومقاصدها العامة ، وهذا ما قام به الاعلان العالمي لحقوق الانسان في المادة (14) من تبيين وتحديد من هو صالح للانتفاع بمواد هذا الاعلان وما هي حدود او شروط عمل مواد الاعلان وفاعليته ، وكذالك ماقامت به المادة المذكورة من الغاء لحكم الاطلاق وتثبيت لحكم التقييد كمدار عمل تنفيذي قانوني يطغى على المواد النظرية المطلقة ؟.وكذالك يقال بالنسبة لموضوعة ( التمتع بالحرية ) فهي الاخرى وحسب ماذكرنا قد قيدت بالمادة (14) ايضا التي حجمت من فاعليتها في الممارسة بحيث اصبحت مناطة بالشرطين المذكورين بهذه المادة ( المبادئ وعدم ممارسة الجرم الجنائي ) ؟. وكذا يقال لمعرفة ماهي مبادئ ومقاصد الامم المتحدة نجد ان الاشكالية قائمة ايضا
    هناك بحيث نلمس ان المادة (2) من الميثاق لم تؤسس لاي نوع من انواع الضمانات القانونية التي بامكانها حماية حقوق الانسان من الانتهاك والمصادرة حيث تقول : ( ليس في هذا الميثاق ما يسوغ للامم المتحدة ان تتدخل في الشؤون التي تكون من صميم السلطان الداخلي لدولة ما ..../ الفصل الاول : في مقلصد الهيئة ومبادئها / المادة (2) الفقرة (7) ) . ومفردة ( السطان الداخلي) كانت الصيغة القانونية لسحق كل حق من (حقوق الانسان) في العالم الانساني ، ؟.
    ان اكتفاء الحمعية العامة للامم المتحدة بانشاء لجان لرفع التقارير (فقط) حول حالة (حقوق الانسان) كضمان مراقبة لاحترام بنود اعلانها العالمي لحقوق الانسان وعدم محاولتها تقنين اي نوع من الزام الدول الاعضاء بوجود هذه الجان داخل دولها وكذالك عدم ربط مواد الاعلان وانتهاكهامن قبل اي دولة عضو بما جاء في الفصل السابع من تدابير قوى القمع ، وعدم اعتبار هتك مواد الاعلان العالمي لحقوق الانسان داخل في اطار التهديد للسلم والاستقرار العالمي ..... كل هذا يدلل على عدم مصداقية هذه الجمعية العامة للامم المتحدة وما جاء في مواد اعلانها لحقوق الانسان ؟.
    نعم ربما كانت (الواقعية) السياسية هي مافرضت شرعيتها في المادة (14) من الاعلان العالمي لحقوق الانسان وكذالك ما جاء في الميثاق من مواد وفصول ، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو : اذا كانت موازين القوى والمصالح السياسية والاقتصادية العالمية هي المتحكمة في المسار السياسي الدولي فلماذا يطرح اعلانا باسم حقوق الانسان ويصاغ على انه رؤية عالمية صالحة لكل شعب وجغرافية ؟. واذا كانت (الواقعية ) السياسية تفرض عدم التدخل بالشؤون الداخلية لكل دولة وتقديس السلطان الداخلي لكل جغرافية سياسية وعدم وجود ضمانات قانونية او تنفيذية لحماية حقوق الانسان من المصادرة فلماذا هذا الخداع السياسي باسم حقوق البشر ؟. اليس من حق الشعوب المطحونة والمسلوبة حقوقها ان تطالب بعدم المتاجرة بالامها في
    سوق النخاسة السياسية او على الاقل تطالب باحترام كينونتها البشرية من قبل هذا القانون الدولي ولو باعتبارها (ممر مائي) يستحق من مجلس الامن استخدام القوة في حال تعرضه للاغلاق المهدد للسلم والامن الدوليين ؟.
    الخلاصة : ان عملية ( التمييز) في الحقوق والحريات والتي ادانتها المادة (2) من الاعلان العالمي لحقوق الانسان ، وكذا عملية ( سحق حق ) الانسان في الحياة والحرية والسلامة ، كان ولم يزل منتج طبيعي لعدم كفاءة النظرة التي صاغت الاعلان العالمي لحقوق الانسان على اساس موازين القوى والمصالح الاقتصادية والعقلية النفعية الغربية ؟.
    ونعم نقول : ان التكامل الانساني فرض على الشعوب والامم والدول السياسية الاقرار بمبدأ (حقوق الانسان )كبديهية من بديهيات القانون الدولي المعاصر التي لامفر من اقرارها ،ولكن ما لم تتحرر هذه (الحقوق الانسانية) من براثن العقلية الغربية النفعية لا خلاص من الوصول الى نتيجة تعميق ازمة (حقوق الانسان) في العالم .... فالكنيسة بيت الله المقدس لكنها كانت وسيلة مؤذية لاستغلال المؤمنين بها من قبل العقل السياسي ؟.
    ...........................................
    ثالثا : مفهوه (الحق والحقوق) ... رؤية اسلامية .
    تتميز رؤية الاطروحة الاسلامية لمفهوم (الحق والحقوق) بانها أعلنت ومنذ البداية ان مبدا الحقوق الانسانية ينطلق من القواعد القانونية في ( الاخلاق والعدالة) ؟.ومفهومة الاخلاق تعني : القوانين والنظم الخاصة التي تستهدف العمل لذاته وليس لمردوداته النفعية السياسية او الاقتصادية وبالضرورة عدم تناقضه مع هذه المنافع ؟.
    اما بالنسبة لقاعدة العدالة فمعناها : القوانين والنظم التي تؤسس مفردات وصيغ موادها القانونية غلى اساس (الحق المشترك) بين الافراد والجماعات الانسانية ؟. والمعنى العام هو اقامت الرؤية الاسلامية لمواد وفقرات قانونها في العدالة والاخلاق على اسس من المنافع الفردية والاجتماعية بدون ان يكون هناك لعوامل من موازين القوى _ سياسية كانت او اقتصادية او اجتماعية _ مدخلية في تقنين قانونها وخاصة في اصول القانون العام الذي ينبني على مبدأ العدالة والذي يستهدف اطاره العام التشريعات الخارجة عن اطر العقيدة او الجغرافية او المستوى الطبقي للافراد ..... والواصلة الى التعامل مع المفاهيم الانسانية العامة ك(حقوق الانسان ) ؟.وكذالك مايميّزالرؤية الاسلامية لموضوعة (الحق والحقوق) ايمان هذه الرؤية : ان مفهوم (الحقوق) مفهوم (ثابت) و(مقدس) باعتبار ان من ضرورات الحقوق ان تكون ثابتة وغير متغيرة ، وباعتبار ان مصدر التشريع (الله) هو ما منح قدسية لهذه
    الحقوق لحمايتها من جهة ولدفعها لحيز التطبيق على اساس الايمان الداخلي للانسان من جهة اخرى ، ولذالك قرنت الاطروحة الاسلامية (الاعتداء) على هذه الحقوق او الغائها او مصادرة مضامينها بالاعتداء على المقدس والثابت والحق الذي لايمتلك احد من البشر الحق في هذا الاعتداء ؟.
    وايضا نفس ماذكر يمتد بجناحيه الى مسألة ( حق التمتع) الانساني بكافة حقوقه في الحرية والامن والسلامة والعيش ... ، بل ووضع الضمانات التنفيذية ( وليست النظرية فحسب) لحماية حقوق التمتع هذا ورفع العوائق التي تقف في سبيل حق التمتع ؟.
    ................................
    رابعا : مفهوم (الحق والحقوق) الرؤية العملية الاسلامية .
    أ _ النظرة
    بالامكان القول هنا ان اول (اعلان) او رسالة تختص بشؤون (الحق والحقوق) الانسانية في التاريخ الاسلامي جاءت في الرسالة الراجعة للامام زين العابدين علي بن الحسين بن على بن ابي طالب _ 38 ه / 95 ه _ والمسماه ب ( رسالة الحقوق) من خلال صياغتها المنهجية وتركيزها على مبدأ (الحق والحقوق) والتي استخلصها الامام (ع) من مفاهيم الاطروحة الاسلامية _ ويبدو _ ان الظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية وخصوصا الثقافية ، كان لها الدور البارز لدفع الامام للتفكير ومن ثم وضع وثيقة تختص (بالحقوق) الفكرية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية ... لتعيد لموضوعة
    (الحقوق) ما سحق منها وصودر في ذاك العهد ؟.
    واول ما يثير انتباهنا في هذه الوثيقة الاسلامية هو تناولها لمفهوم (الحق والحقوق) بصيغة مغايرة لما تناوله الفكر الاوربي ، واعتبار مصدر (الحقوق) مصدرا مقدسا لايمكن المساس باحد حيثياتها او التلاعب بقانونيتها تحت ظروف عوامل موازين القوى العالمية او المنافع الاقتصادية ، ولذالك جاء في هذه الوثيقة مايلي : ( واكبر حقوق الله عليك ما اوجبه لنفسه تبارك وتعالى من حقه الذي هو اصل (الحقوق) ومنه تفرع ..) ، فالله في المنظور الاسلامي هو الاصل والمرجع القانوني لحقوق الانسان ، والتي تمتد في المنظور الاسلامي (هذه الحقوق) الى ماقبل ولادة الانسان هذا في الحياة ( مثلا من حق الجنين الحياة والرعاية والسلامة وهو في بطن امه الى حين ولادته هكذا ) ثم تتوالى حقوقه في الحياة الدنيوية وحقه في التمتع بالحرية وتهيئة السبل الكفيلة بتوفير المناخ الاسري والاجتماعي النظيف والقابل لتقبل الانسان كعضو مهم في المنظومة الانسانية الكبيرة ....؟
    ب _ الضمانات.
    ان الاطروحة الاسلامية بنظرتها هذه حول (الحقوق) كحق الحرية والحياة والسلامة والامن ... نقلت موضوعة الحقوق من كونها موضوعة تستمد شرعيتها من الطبيعة او الترف الاجتماعي او من منافعها السياسية والاقتصادية .... الى كونها مفردة (الاهية) يتعبد الانسان المتاله بحبها وممارستها والدفاع عنها بايمان وضمير حي ، ولهذا جاء في الدستور الاسلامي (القرءان) ضمانات تنفيذية في حال تعرضت الشعوب للاضطهاد او سلب حقوقها او ممارسة القمع على كينونتها المحترمة بفقرة قانونية تدخل في اطار الدفاع (المقدس) بغض النظر عن هوية هذا الشعب او ذاك في الجنس او العرق او اللغة او الدين ..... ، فالفقرة الاسلامية هذه ركبت على اساس انساني لاعلاقة لها باي مدخليات اخرى وانما كانت تستهدف الحق الانساني العام في (حق
    التحرر او الحياة او السلامة او الامن ) وسميت بمناصرة (المستضعفين والمحرومين ) وهذه المناصرة والمؤازرة في الاطروحة الاسلامية كانت وفق عامل (المسؤولية) الانسانية المشتركة وليست وفق اي عنوان اخر ؟. يقول سبحانه وما لكم لاتقاتلون في سبيل الله والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان الذين يقولون ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم اهلها واجعل لنا من لدنك وليا واجعل لنا من لدنك نصيرا ) 75 / النساء . بصورة اوضح كما ينقلها الفيلسوف الاسلامي المتاله (الاستاذ الشهيد مرتضى المطهري ) بقوله : ( من الممكن ان يقول شخص : ماذا يعني الدفاع عن الحقوق الانسانية
    ؟...... الدفاع عن الحقوق الانسانية مقدّم على الدفاع عن الحقوق الفردية والاجتماعية ، هناك اشياء هي افضل من حقوق شخص او من حقوق شعب وهي اكثر قدسية والدفاع عنها افضل من الدفاع عن الحقوق الشخصية عند الضمير البشري ..... مثلا الحرية لاتتعلق بشخص واحد او بشعب واحد واذا تعرضت الحرية الى اعتداء في مكان ما ، لكن ليست حريتي وليست حرية شعبي ، بل ان الحرية التي هي جزء من الحقوق العامة لجميع الناس قد تعرضت للاعتداء في مكان ما من العالم فهل ان الدفاع عن هذا الحق الانساني بعنوان الدفاع عن (حق الانسانية ) ؟. ... لااعتقد ان شخصا يشك في ان
    اقدس اقسام الجهاد واقدس انواع الحروب هو الحرب التي تاتي بعنوان الدفاع عن الحقوق الانسانية .) _ انظر للتوسع محاضرات في الدين والاجتماع / ص 599 .
    نعم هنا بالامكان المقارنة بين تنظيرات الاعلان العالمي لحقوق الانسان الخالية من اي ضمانات حقيقية للحفاظ على الحقوق الانسانية وبين ما اسست له الاطروحة الاسلامية من (وجوب ) الدفاع ومناصرة الشعوب الممتهنة حقوقها والمصادرة كراماتها وحياتها لنامل ان تكون هناك مادة في الميثاق الاممي او مادة تخول صلاحية استخدام قوة القمع لمجلس الامن في سبيل الدفاع عن حقوق الانسان ان سحقت او اعتدي عليها من قبل دولة او جماعة او هيئة سياسية او غيرها وهذه الامنية بحاجة الى عقلية متحضرة اكثر رقيا من العقلية الغربية النفعية ؟
    ج _ حق الحياة والتمتع
    ان كل ما ورد في الاطروحة الاسلامية من ( تسخير الكون والطبيعة والخيرات وتكريم الانسان .....) فانه يدخل في اطار (حق التمتع ) الذي لايسمح الاسلام بمنعه عن التمتع الانساني ولايسمح كذالك باستحواذ جهة او طبقة او فرد على جميع النعم او احتكارها للتمتع الفردي او الفئوي باعتبار ان مصطلح (حق التمتع) الانساني يعني ايجاد اليات قانونية تنظم عملية التوزيع ورفع العوائق المفتعلة لمنع الانسان من حق التمتع المعنوي والمادي فللانسان (حق التمتع) بالحرية الفكرية والسياسية والاقتصادية .... وعلى القانون واجب توفير الاجواء والمناخات التي تتحرك فيها حرية الانسان للتمتع بحقه الفطري ؟.
    وكل ما ورد في الاطروحة الاسلامية من عدم تعرض او اعتداء على ( النفس البشرية او الاموال او الامن والسلام العام او تفشي موضوعة الارهاب .......) فانه يدخل في اطار ( حق الفرد في الحياة والحرية وسلامة شخصه ......ترى الاطروحة الاسلامية ان (حق) الحياة للانسان ليس فقط منطقة محرمة ومقدسة ولايجوز التعرض لديمومتها في الحياة فحسب ، بل وكذالك : ان النفس البشرية مسؤولية تناط بعنق الانسانية للحفاظ عليها كحق عام من جهة ومسؤولية يحملها الفرد الانساني كأمانة مسؤول عن رعايتها والحفاظ عليها امام الله سبحانه وتعالى فليس للانسان مثلا (حق) العبث بالحياة الانسانية من خلال الانتحار او امتهان كرامتها او القسوة عليها بشكل ترويضات تضعف من فاعليتها في الحركة والانتاج وبناء المجتمع .... وعليه فان للحياة في الاطروحة الاسلامية (حق) على الانسان كما ان للانسان (حق) الحياة ؟.
    اما من جانب كون الحياة (حق انساني) فقد اعتبرت الاطروحة الاسلامية ان الانسانية مسؤولة مسؤولية كاملة على الحفاظ على هذا الحق وتوفير كل مايؤمّن سلامتها وديمومتها في الوجود باعتبار انه (حق) لايختص بفرد دون فرد او شعب دون اخر ، بل هو داخل في اطار الحقوق الانسانية (العامة) ولذالك كانت النظرة الاسلامية ترى ان الاعتداء على (حق الحياة) هو اعتداء في واقعه على الحقوق العامة للانسانية ومن مسؤولية الانسانية عندئذ الدفاع عن حق الحياة اذا تعرض للخطر ؟. يقول سبحانه من اجل ذالك كتبنا على بني اسرائيل انه من قتل نفسا بغير نفس او فساد في الارض فكانما قتل الناس جميعا ) 32 / المائدة .فمبدأ ( حق الحياة) في هذا التصور الاسلامي هو مبدأ انساني ومسؤولية ترى الاطروحة الاسلامية واجب الدفاع الانساني عنها ، باعتبار ان عملية الاعتداء على الحياة الفردية هو اعتداء و (قتل للناس جميعا) ، وكذالك (حق) الامن والاستقرار والحرية والتمتع بمردوداتها الكبيرة يدخل التعرض لمفاهيمها او الاعتداء على كينونتها في اطار ( الافساد في الارض) وواجب المجموعة الانسانية هو التصدي لعملية الافساد سواء كانت من خلال قتل النفس البشرية بدون (حق) او الاعتداء على ما يؤمّمن مسيرها بسلام او مايعيق تمتعا ب(حق الحياة) ؟.
    نعم ترى الاطروحة الاسلامية ان (حقوق الانسان) لها اصالة وليس بالامكان اسقاطها او تقييدها _ كما قررت المادة (14) من الاعلان _ لسبب جنائي او غيره بل اخذ التشريع الاسلامي الجرم الجنائي الذي يقدم عليه الفرد ووضعه في حجمه الطبيعي من العقوبة بدون ان يلغي مشروعية (حقوق الانسان) والتمتع بها لهذا المجرم او ذاك المخالف لمبادئ القانون ، ولذا يتمتع الانسان _في التشريع الاسلامي_ بحقوق الحماية وعدم ممارسة ما يهين كرامته الانسانية او يصادر تمتعه بالحقوق الاخرى التي يكفلها القانون ....... وانما تكون العقوبة في التشريع على قدر الجريمة فحسب بدون ان تزحف لمواقع اخرى من حقوقه الفطرية وحسب مبادئ العدالة التشريعية ؟.
    د _ نقد المادة (2) من ميثاق الامم المتحدة ؟.
    ان الاطروحة الاسلامية تنتقد المادة (2) من مبادئ ومقاصد الامم المتحدة والتي بسببها قرر الاعلان العالمي لحقوق الانسان في المادة (14) _فقرة 2_ حرمان الانسان بسببها من التمتع بحقوقه الانسانية لاجلها ، وتعتبر الاطروحة الاسلامية ان لامبرر قوي لمصادرة (حقوق الانسان) الاصيلة بسبب قيامه ببعض مايناقض مبادئ الامم المتحدة لاسيما ان هذه المقاصد والمبادئ التي دونت في الميثاق هي من اسس لمصادرة حقوقه الانسانية ؟.
    تقول المادة (2) من ميثاق الامم المتحدة الفصل الاول ( مقاصد الهيئة ومبادئها ) الفقرة _7_ مايلي ليس في هذا الميثاق مايسوغ للامم المتحدة ان تتدخل في الشؤون التي تكون من صميم السلطان الداخلي لدولة ما ...) . ومشروعية انتقاد الاطروحة الاسلامية يكمن في اعتبار انتهاك حقوق الانسان واعتقال البشر داخل سجون جغرافية من ضمن (السلطان الداخلي ) لكل دولة عضو ولايحق للمجتمع الدولي التدخل حسب مواد الميثاق في شؤون اي دولة عضو ان هي انتهكت (حقوق الانسان) في الابادة والاستهتار بحق الحياة ومصادرة الحريات في هذه الدولة العضو ، كما تنتقد الاطروحة الاسلامية اكتفاء الميثاق بانشاء لجان مراقبة (فقط) بشان (حقوق الانسان ) لكل دولة عضو وحسب ماترتئيه هذه الدولة من قبول او رفض لهذه اللجان المتكفلة بصيانة حقوق الانسان ، وعليه ترى الاطروحة الاسلامية ان هذا الوضع القائم في مواد الميثاق ليست فقط تدفع موضوعة (حقوق الانسان) لمواقع التهميش المتعمد فحسب ، بل وتشارك في عملية عدم احترام (حقوق الانسان) وتحويلها الى مجرد وسيلة ابتزاز واستهزاء بالكرامة الانسانية ، والا من الذي اوصل مواد الاعلان العالمي لحقوق الانسان الى هذه المنزلة المتدنية من الاحترام وقد اصبحت لاتفرق كثيرا عن الميثاق العربي لحقوق الانسان المضحك المبكي ؟.نعم لو كان هناك مصداقية واقعية تتطلبها الامم المتحدة لاحترام (حقوق الانسان) ونشر الامن والسلم العالمي لكانت موضوعة (حقوق البشر) من اولويات اجندتها ومبادئ ومقاصد ميثاقها الاممي ، ولكانت هناك مادة (دفاع) اممية لمناصرة الشعوب المستضعفة والمظلومة من قبل اي عنوان عالمي ؟.
    الخلاصة : ان الاطروحة الاسلامية ترى ان مضمون الاعلان العالمي لحقوق الانسان تكامل بشري فرض على العالم السياسي اجند ته المشروعة _ بغض النظر عن العوامل الاخرى _ كما ترى وجوب الالتزام بمواده واحترام قراراته من منطلق الايفاء بالعهود الدولية والالتزام باتفاقياتها ( واوفوا بالعهد ان العهد كان مسؤولا ) 34 / الاسراء / وباعتبار ان (حقوق الانسان ) تشريع اسلامي مقدس ليس للعناوين الثانوية _ لون ..جنس .. جغرافية .. عقيدة .._ اي تاثير في عملية صياغة الحقوق الانسانية الاصيلة ؟.
    ( لكل فرد الحق في الحياة والحرية وسلامة شخصه )
    1 _ الحياة : بحاجة الى خبز ؟.( وفي اموالهم حق للسائل والمحروم ) 19 / الذاريات
    2 _ الحرية : بحاجة الى ضمانات ( لا اكراه في الدين ) 256 / البقرة
    3 _ السلامة : بحاجة الى قانون (ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الارض )
    251 / البقرة .
المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
x

رجاء ادخل الستة أرقام أو الحروف الظاهرة في الصورة.

صورة التسجيل تحديث الصورة

اقرأ في منتديات يا حسين

تقليص

لا توجد نتائج تلبي هذه المعايير.

يعمل...
X