19 - الشيخ منصور علي ناصف، في التاج الجامع للأُصول 5/341 -344، وقال في شرح غاية المأمول في ذيله: الباب السابع في الخليفة المهديّ رضي الله عنه: اشتهر بين العلماء - سلفا وخلفا - أنّه في آخر الزمان لا بُدّ من
ظهور رجل من أهل البيت يُسمّى <المهديّ> وقد روى أحاديث المهديّ جماعة من خيار الصحابة، وخرّجها أكابر المحدّثين.
ولقد أخطأ من ضعّف أحاديث المهديّ كلّها كابن خلدون وغيره.
20 - الشريف أحمد بن محمّد بن الصدّيق أبو الفيض الغماري الحسيني المغربي (ت1380) في كتابه القيّم: إبراز الوهم المكنون في كلام ابن خلدون، الذي وضعه للردّ على شبهات ابن خلدون وترّهاته التي لفّقها حول أحاديث المهديّ المنتظر.
طبع الكتاب في مطبعة الترقّي في دمشق الشام عام 1347 ه .
قال الصدّيق في مقدّمته: ظهور الخليفة الأكبر ... محمّد ابن عبد الله المنتظر، قد تواترت بكونه من أعلام الساعة وأشراطها الأخبارُ، وصحّت عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في ذلك الاَثار، وشاع ذكره وانتشر خبره بين الكافّة من أهل الإسلام على ممرّ الدهور والأعصار.
فالإيمان بخروجه واجب، واعتقاد ظهوره - تصديقا لخبر الرسول - محتّم لازب.
ثمّ نقل الصدّيقُ الأقوال بتواتر حديث المهديّ، عن علماء الأُمّة ومؤلّفاتهم، منهم: الاَبري صاحب مناقب الشافعي، والسخاوي صاحب فتح المغيث، والسيوطي في الفوائد المتكاثرة في الأحاديث المتواترة، وفي اختصاره:
الأزهار المتناثرة وغيرهما من كتبه، وابن حجر الهيتمي في الصواعق المحرقة، وغيره من مصنّفاته، والزرقاني في المواهب اللدنيّة، وجمّ غفير من الحفّاظ النقّاد للحديث، والمحدّثين المتقنين لفنون الأثر.
ثمّ نقل كلمات القنوجي في الإذاعة، والسفاريني في الدرّة المضيّة في عقيدة الفرقة المرضيّة، وشرحه المسمّى: لوامع الأنوار، حيث قال: وقد كثرت بخروجه الروايات حتى بلغت حدّ التواتر المعنوي، وشاع ذلك بين علماء
السُنّة حتى عُدَ ذلك من معتقداتهم. وقد روى عمّن ذُكر من الصحابة وغير من ذُكر منهم، روايات متعدّدة، وعن التابعين من بعدهم، ممّا يُفيد مجموعهُ <العلم القطعيّ>. ثمّ عقد الصدّيق فصلا في البحث عن <التواتر> وتعريفه،
واختلاف الناس فيه، وهو الفصل الأوّل.
ثمّ ذكر رواة أحاديث المهديّ على كثرتهم، وقال في نهاية الفصل: المراد بالتواتر المعنويّ: أنّ القدر المشترك هو المتواتر.
فقال: فكلّ قضيّة منها باعتبار إسناده لم يتواتر، ولكن <القدر المشترك> فيها، وهو <وجود الخليفة المهديّ آخر الزمان> تواتر باعتبار المجموع.
ثمّ تصدّى لابن خلدون - الذي أصبح مرجعا للمنكرين - فنقل كلامه المذكور في فصل من مقدّمته بعنوان: <أمر الفاطميّ، وما يذهب إليه الناس من شأنه، وكشف الغطاء عن ذلك>[ مقدّمة ابن خلدون، ص311، طبع المكتبة التجارية - مصر ] .
حيث قال: إعلم أنّ المشهور بين الكافّة من أهل الإسلام على ممرّ الأعصار: أنّه لا بُدّ في آخر الزمان من ظهور رجلٍ من أهل البيت، يؤيّد الدين، ويُظهر العدل، ويتّبعه المسلمون، ويستولي على الممالك الإسلامية، ويُسمّى بالمهديّ، ويحتجّون في الباب بأحاديث خرّجها الأئمّة ... إلى آخر كلامه .. حيث ذكر الأحاديث ونقدها حديثا حديثا، وضعّف أكثرها.
فبدأ الصدّيق الغماري بنقض كلامه حرفا حرفا،
وكشف الغطأ عن أهدافه كشفا، وأبرز أوهامه إبرازا، وناقش تضعيفاته للأحاديث، وأثبت خطأه في نقده. إلى أن نقل قول ابن خلدون: فهذه جملة الأحادي التي خرّجها الأئمّة في شأن المهديّ وخروجه آخر الزمان.
فقال الصدّيق رادّا عليه: إنّ جميع ما ذكره من الأحاديث <ثمانية وعشرون> حديثا، لكنّ الوارد في الباب أضعاف أضعاف ذلك.
وها أنا مورد من أخبار ما أُكمل به المائة من المرفوعات والموقوفات، دون المقطوعات، إذ لو تتّبعتها، خصوصا الوارد عن أهل البيت، لأتيتُ منها بعدد كبير، وقدر غير يسير.
ثمّ أورد الحديث <التاسع والعشرين> إلى <المائة>، ثمّ قال في آخر الفصل: ولنقتصر على هذا القدر من الوارد في المهديّ، فإنّه لا محالةَ مُبطل لدعوى الطاعن .[ابن خلدون] وإلاّ، فالأخبار في الباب كثيرة جدّا، ولو جمع منها الوارد عن خصوص أئمّة أهل البيت لكان مجلّدا حافلا. انتهى كلام الصدّيق الغماري .
يقول الجلالي: ومن هنا فإنّ الاعتماد على (28) حديثا فقط، ونقدها، يُعتبر عملا ناقصا، حتى لو توصّل إلى ضعفها جميعا، لفرض وجود أحاديث كثيرة أُخرى لم ينقدها ولم يفحص أسانيدها.
فكيف يدّعي عدم صحّة الأحاديث كلّها، وكيف يطمئنّ إلى النتيجة المعتمدة على الاستقراء الناقص?
مع أنّ ابن خلدون نفسه لم يدّع ضعف الأحاديث كلّها، بل اعترف بوجود الصحيح - ولو قليلا - فيها، حيث قال عن أحاديث المهديّ التي نقدها ما نصّه: وهي كما رأيت لم يخلص منها من النقد إلاّ القليل أو الأقلّ.
ولَنِعم ما قال الصدّيق في ردّه:
وقد عرفت استنقاذنا - بالحقّ - لها عن نقده - بالباطل - ، وأنّ نقده لم يبق
موجّها إلاّ في القليل أو الأقلّ، عكس ما قال.
وعلى فرض تسليم دعواه، وأنّه لم يسلم منها إلاّ القليل أو الأقلّ منه: فما
الشبهة - عنده - في دفع ذلك القليل السالم من النقد?
وما الاعتذار عن عدم قبول ذلك الأقلّ الذي اعترف بصحّته? وأقرّ بخلاصه من النقد وسلامته? إنّما هو عناد ظاهر، واختفأ عن الحقّ واضح، وتكبّر عن الإذعان لِما لم يوافق الهوى والمزاج. فكم رأيناه يحتجّ بأحاديث أفراد،
ليس لها إلاّ مخرج واحد، وفي ذلك المخرج - أيضا - مقال نعم، تلك لا ضررَ فيها على الناصبة.
وهذه الأحاديث المتواترة ، غير موافقة لأُصول مذهب النواصب والخوارج.
فلذلك انتقد منها ما وجد له سبيلا ولو في غير محلّه ...
يقول الجلالي: والحقّ أنّ الشريف أحمد الصدّيق الغماريّ قد أحفى القول في إثبات الحقّ في المسألة والردّ على باطل المنكرين للمهديّ، بما لا مزيد عليه، وأبدى بطولة في العلم والمعرفة بعلوم الحديث، مع أدب جمّ وباع
طويل وصدر رحب، بما يجب أن يشكر عليه، جزاه الله عن الإسلام والمسلمين خيرا.
ويا حسرةً على الذي يقول لمثل هذا العالم المخلص: إنّه <من أنصار القديم لِقدمه>
21 - ناصر الدين الألباني الشامي (معاصر) نشر بعنوان <حول المهديّ> بحثا في حقل <من القرّأ وإليهم> من مجلّة <التمدّن الإسلامي> الدمشقيّة، في الجزأين 27و28، الصفحة 642، للسنة 22.
قال فيه: فليعلم أنّ في خروج المهديّ أحاديث كثيرة صحيحة، قسم كبير منها له أسانيد صحيحة.
ثمّ أورد قسما منها، ونقل كلام صدّيق حسن خان في <الإذاعة> وقال بعنوان: <شُبهات حول أحاديث المهديّ>: إنّ السيّد رشيد رضا وغيره لم يتتّبعوا ما ورد في المهديّ من الأحاديث حديثا حديثا، ولا توسّعوا في طلب ما لكلّ حديثٍ منها من الأسانيد.
ولو فعلوا، لوجدوا فيها ما تقوم به <الحجّة> حتى في الأُمور الغيبيّة التي يزعم البعضُ أنّها لا تثبتُ إلاّ بحديث متواتر.
وممّا يدلّك على ذلك: أنّ السيّد رشيد ادّعى أنّ أسانيدها لا تخلو من شيعيّ
مع أنّ الأمر ليس كذلك على إطلاقه، فالأحاديث الأربعة التي أوردها ليس فيها رجل معروف بالتشيّع.
إلى أن يقول الألبانيّ: وخلاصة القول: إنّ عقيدة خروج المهديّ عقيدة ثابتة متواترة عنه صلى الله عليه وآله وسلم ، يجب الإيمان بها، لأنّها من أُمور الغيب، والإيمان بها من صفات المتّقين، كما قال تعالى: (الَم ذلك الكتاب لا ريب فيه هُدىً للمتّقين الّذين يؤمنون بالغيب).
وإنّ إنكاره لا يصدر إلاّ من جاهلٍ أو مُكابرٍ.
22 - الشيخ عبد المحسن بن حمد العبّاد المدني، عضو هيئة التدريس في الجامعة الإسلاميّة، بالمدينة المنوّرة (المعاصر) في محاضرة <عقيدة أهل السُنّة والأثر في المهديّ المنتظر> ألقاها في الجامعة المذكورة، ونشرت في مجلّة الجامعة الإسلاميّة، العدد الثالث، من السنة الأُولى، لشهر ذي القعدة سنة 1388 ه . وقد احتوت على عناصر عشرة، هي:
الأوّل: ذكر أسمأ الصحابة الّذين رووا أحاديث المهديّ، عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وعددهم - عنده - ستّة وعشرون.
الثاني: ذكر أسمأ الأئمّة الّذين خرّجوا الأحاديث في كتبهم، وعددهم ثمانية وثلاثون، منهم: أبو داود، والترمذي، وابن ماجة، والنسائي، وأحمد، وابن حبّان، والحاكم، وابن أبي شيبة، وأبو نعيم الأصفهاني، والطبراني، والدارقطني، وأبو يعلى الموصلي، والبزّار، والخطيب، وابن عساكر، والديلمي، والبيهقي، وغيرهم من الأئمّة والمحدّثين والعلماء.
الثالث: ذكر الّذين أفردوا مسألة المهديّ بالتأليف، وهم: أبو خيثمة، وأبو نعيم، والسيوطي، وابن كثير، وابن حجر المكّي الهيتمي، والمتّقي الهندي، والملاّ علي القاري، والشوكاني، والأمير الصنعاني، وغيرهم.
الرابع: ذكر الّذين حكوا تواتر أحاديث المهديّ.
الخامس: ذكر بعض ما ورد في الصحيحين [ البخاري ومسلم ]من الأحاديثالتي تبشّربالمهديّ، ولهاتعلّق بشأنه.
السادس: ذكر بعض الأحاديث بشأن المهديّ.
السابع: ذكر بعض العلماء الّذين احتجّوا بأحاديث المهديّ.
الثامن: ذكر من حكي عنه إنكار أحاديث المهديّ. مع مناقشة كلامه.
التاسع: ذكر ما يُظنّ تعارضه مع الأحاديث الواردة في المهديّ.
العاشر: كلمة ختاميّة.
وقال في آخر الفصل السابع: وليعلم أنّ الأحاديث في المهديّ قد تلقّتها الأُمّة من أهل السُنّة والأشاعرة بالقبول.
وردّ على كلام ابن خلدون مفصّلا.
وقال في الكلمة الختاميّة: إنّ أحاديث المهديّ الكثيرة - التي ألّف فيها المؤلّفون وحكى تواترها جماعة، واعتقد موجبها أهل السُنّة والجماعة وغيرهم - تدلّ على حقيقة ثابتة بلا شكّ من حصول مقتضاها في آخر الزمان ... وقال: فلاعبرة بقول من قفا ماليس له به علم فقال: إنّ الأحاديث في المهديّ لا تصحّ نسبتُها إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، لأنها
من وضع الشيعة وإذن، فإنّ أحاديث المهديّ على كثرتها وتعدّد طرقها وإثباتها في دواوين أهل السُنّة، يصعب كثيرا القول بأنّه لا حقيقة لمقتضاها، إلاّ على جاهل، أو مكابر، أو مَنْ لم يُمعن النظرَ في طرقها وأسانيدها، ولم يقف على كلام أهل العلم المعتدَ بهم فيها.
والتصديق بها داخل في الإيمان بأنّ محمّدا رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم ، لأنّ من الإيمان به صلى الله عليه وآله وسلم تصديقه فيما أخبر به، وداخل في الإيمان بالغيب الذي امتدح الله المؤمنين به، بقوله: (الَم ذلك
الكتاب لا ريب فيه هُدىً للمتّقين الّذين يؤمنون بالغيب).
23 - عبد العزيز بن باز السعوديّ الوهابيّ (معاصر) رئيس الجامعة الإسلامية بالمدينة المنوّرة، في تعليق له على محاضرة الشيخ عبد المحسن العبّاد، التي ذكرناها آنفا، نشر في مجلّة الجامعة نفسها، العدد 3، السنة الأُولى 1388، في ذيل المحاضرة ذاتها.
قال فيه: أمر المهديّ معلوم، والأحاديث فيه مستفيضة، بل <متواترة> وقد حكى غيرُ واحد من أهل العلم تواترها. وهي متواترة تواترا معنويا،
لكثرة طرقها، واختلاف مخارجها، وصحابتها، ورواتها، وألفاظها، فهي
- بحق - تدلّ على أنّ هذا الشخص الموعود به أمره ثابت، وخروجه حقّ.
وقال: وقد رأينا أهل العلم أثبتوا أشيأ كثيرة بأقلّ من ذلك.
والحقّ أنّ جمهور أهل العلم، بل هو الاتّفاق: على ثبوت أمر المهديّ، وأنّه
حقّ، وأنّه سيخرج في آخر الزمان. وأمّا من شذّ من أهل العلم - في هذا الباب - فلا يُلتفتُ إلى كلامه في ذلك.
24 - وللشيخ عبد المحسن بن حمد العبّاد - أيضا - مقال بعنوان <الردّ على من كذّب بالأحاديث الصحيحة الواردة في المهديّ> نشر في مجلّة الجامعة الإسلاميّة، العددين و 46، الأوّل والثاني من السنة 12.
ردّ فيه بحزم وتفصيل على القاضي ابن محمود القطريّ رئيس المحاكم في دولة قطر، فيما كتبه في رسالة سمّاها <لا مهديّ يُنتظر بعد الرسول خير البشر>.
ظهور رجل من أهل البيت يُسمّى <المهديّ> وقد روى أحاديث المهديّ جماعة من خيار الصحابة، وخرّجها أكابر المحدّثين.
ولقد أخطأ من ضعّف أحاديث المهديّ كلّها كابن خلدون وغيره.
20 - الشريف أحمد بن محمّد بن الصدّيق أبو الفيض الغماري الحسيني المغربي (ت1380) في كتابه القيّم: إبراز الوهم المكنون في كلام ابن خلدون، الذي وضعه للردّ على شبهات ابن خلدون وترّهاته التي لفّقها حول أحاديث المهديّ المنتظر.
طبع الكتاب في مطبعة الترقّي في دمشق الشام عام 1347 ه .
قال الصدّيق في مقدّمته: ظهور الخليفة الأكبر ... محمّد ابن عبد الله المنتظر، قد تواترت بكونه من أعلام الساعة وأشراطها الأخبارُ، وصحّت عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في ذلك الاَثار، وشاع ذكره وانتشر خبره بين الكافّة من أهل الإسلام على ممرّ الدهور والأعصار.
فالإيمان بخروجه واجب، واعتقاد ظهوره - تصديقا لخبر الرسول - محتّم لازب.
ثمّ نقل الصدّيقُ الأقوال بتواتر حديث المهديّ، عن علماء الأُمّة ومؤلّفاتهم، منهم: الاَبري صاحب مناقب الشافعي، والسخاوي صاحب فتح المغيث، والسيوطي في الفوائد المتكاثرة في الأحاديث المتواترة، وفي اختصاره:
الأزهار المتناثرة وغيرهما من كتبه، وابن حجر الهيتمي في الصواعق المحرقة، وغيره من مصنّفاته، والزرقاني في المواهب اللدنيّة، وجمّ غفير من الحفّاظ النقّاد للحديث، والمحدّثين المتقنين لفنون الأثر.
ثمّ نقل كلمات القنوجي في الإذاعة، والسفاريني في الدرّة المضيّة في عقيدة الفرقة المرضيّة، وشرحه المسمّى: لوامع الأنوار، حيث قال: وقد كثرت بخروجه الروايات حتى بلغت حدّ التواتر المعنوي، وشاع ذلك بين علماء
السُنّة حتى عُدَ ذلك من معتقداتهم. وقد روى عمّن ذُكر من الصحابة وغير من ذُكر منهم، روايات متعدّدة، وعن التابعين من بعدهم، ممّا يُفيد مجموعهُ <العلم القطعيّ>. ثمّ عقد الصدّيق فصلا في البحث عن <التواتر> وتعريفه،
واختلاف الناس فيه، وهو الفصل الأوّل.
ثمّ ذكر رواة أحاديث المهديّ على كثرتهم، وقال في نهاية الفصل: المراد بالتواتر المعنويّ: أنّ القدر المشترك هو المتواتر.
فقال: فكلّ قضيّة منها باعتبار إسناده لم يتواتر، ولكن <القدر المشترك> فيها، وهو <وجود الخليفة المهديّ آخر الزمان> تواتر باعتبار المجموع.
ثمّ تصدّى لابن خلدون - الذي أصبح مرجعا للمنكرين - فنقل كلامه المذكور في فصل من مقدّمته بعنوان: <أمر الفاطميّ، وما يذهب إليه الناس من شأنه، وكشف الغطاء عن ذلك>[ مقدّمة ابن خلدون، ص311، طبع المكتبة التجارية - مصر ] .
حيث قال: إعلم أنّ المشهور بين الكافّة من أهل الإسلام على ممرّ الأعصار: أنّه لا بُدّ في آخر الزمان من ظهور رجلٍ من أهل البيت، يؤيّد الدين، ويُظهر العدل، ويتّبعه المسلمون، ويستولي على الممالك الإسلامية، ويُسمّى بالمهديّ، ويحتجّون في الباب بأحاديث خرّجها الأئمّة ... إلى آخر كلامه .. حيث ذكر الأحاديث ونقدها حديثا حديثا، وضعّف أكثرها.
فبدأ الصدّيق الغماري بنقض كلامه حرفا حرفا،
وكشف الغطأ عن أهدافه كشفا، وأبرز أوهامه إبرازا، وناقش تضعيفاته للأحاديث، وأثبت خطأه في نقده. إلى أن نقل قول ابن خلدون: فهذه جملة الأحادي التي خرّجها الأئمّة في شأن المهديّ وخروجه آخر الزمان.
فقال الصدّيق رادّا عليه: إنّ جميع ما ذكره من الأحاديث <ثمانية وعشرون> حديثا، لكنّ الوارد في الباب أضعاف أضعاف ذلك.
وها أنا مورد من أخبار ما أُكمل به المائة من المرفوعات والموقوفات، دون المقطوعات، إذ لو تتّبعتها، خصوصا الوارد عن أهل البيت، لأتيتُ منها بعدد كبير، وقدر غير يسير.
ثمّ أورد الحديث <التاسع والعشرين> إلى <المائة>، ثمّ قال في آخر الفصل: ولنقتصر على هذا القدر من الوارد في المهديّ، فإنّه لا محالةَ مُبطل لدعوى الطاعن .[ابن خلدون] وإلاّ، فالأخبار في الباب كثيرة جدّا، ولو جمع منها الوارد عن خصوص أئمّة أهل البيت لكان مجلّدا حافلا. انتهى كلام الصدّيق الغماري .
يقول الجلالي: ومن هنا فإنّ الاعتماد على (28) حديثا فقط، ونقدها، يُعتبر عملا ناقصا، حتى لو توصّل إلى ضعفها جميعا، لفرض وجود أحاديث كثيرة أُخرى لم ينقدها ولم يفحص أسانيدها.
فكيف يدّعي عدم صحّة الأحاديث كلّها، وكيف يطمئنّ إلى النتيجة المعتمدة على الاستقراء الناقص?
مع أنّ ابن خلدون نفسه لم يدّع ضعف الأحاديث كلّها، بل اعترف بوجود الصحيح - ولو قليلا - فيها، حيث قال عن أحاديث المهديّ التي نقدها ما نصّه: وهي كما رأيت لم يخلص منها من النقد إلاّ القليل أو الأقلّ.
ولَنِعم ما قال الصدّيق في ردّه:
وقد عرفت استنقاذنا - بالحقّ - لها عن نقده - بالباطل - ، وأنّ نقده لم يبق
موجّها إلاّ في القليل أو الأقلّ، عكس ما قال.
وعلى فرض تسليم دعواه، وأنّه لم يسلم منها إلاّ القليل أو الأقلّ منه: فما
الشبهة - عنده - في دفع ذلك القليل السالم من النقد?
وما الاعتذار عن عدم قبول ذلك الأقلّ الذي اعترف بصحّته? وأقرّ بخلاصه من النقد وسلامته? إنّما هو عناد ظاهر، واختفأ عن الحقّ واضح، وتكبّر عن الإذعان لِما لم يوافق الهوى والمزاج. فكم رأيناه يحتجّ بأحاديث أفراد،
ليس لها إلاّ مخرج واحد، وفي ذلك المخرج - أيضا - مقال نعم، تلك لا ضررَ فيها على الناصبة.
وهذه الأحاديث المتواترة ، غير موافقة لأُصول مذهب النواصب والخوارج.
فلذلك انتقد منها ما وجد له سبيلا ولو في غير محلّه ...
يقول الجلالي: والحقّ أنّ الشريف أحمد الصدّيق الغماريّ قد أحفى القول في إثبات الحقّ في المسألة والردّ على باطل المنكرين للمهديّ، بما لا مزيد عليه، وأبدى بطولة في العلم والمعرفة بعلوم الحديث، مع أدب جمّ وباع
طويل وصدر رحب، بما يجب أن يشكر عليه، جزاه الله عن الإسلام والمسلمين خيرا.
ويا حسرةً على الذي يقول لمثل هذا العالم المخلص: إنّه <من أنصار القديم لِقدمه>
21 - ناصر الدين الألباني الشامي (معاصر) نشر بعنوان <حول المهديّ> بحثا في حقل <من القرّأ وإليهم> من مجلّة <التمدّن الإسلامي> الدمشقيّة، في الجزأين 27و28، الصفحة 642، للسنة 22.
قال فيه: فليعلم أنّ في خروج المهديّ أحاديث كثيرة صحيحة، قسم كبير منها له أسانيد صحيحة.
ثمّ أورد قسما منها، ونقل كلام صدّيق حسن خان في <الإذاعة> وقال بعنوان: <شُبهات حول أحاديث المهديّ>: إنّ السيّد رشيد رضا وغيره لم يتتّبعوا ما ورد في المهديّ من الأحاديث حديثا حديثا، ولا توسّعوا في طلب ما لكلّ حديثٍ منها من الأسانيد.
ولو فعلوا، لوجدوا فيها ما تقوم به <الحجّة> حتى في الأُمور الغيبيّة التي يزعم البعضُ أنّها لا تثبتُ إلاّ بحديث متواتر.
وممّا يدلّك على ذلك: أنّ السيّد رشيد ادّعى أنّ أسانيدها لا تخلو من شيعيّ
مع أنّ الأمر ليس كذلك على إطلاقه، فالأحاديث الأربعة التي أوردها ليس فيها رجل معروف بالتشيّع.
إلى أن يقول الألبانيّ: وخلاصة القول: إنّ عقيدة خروج المهديّ عقيدة ثابتة متواترة عنه صلى الله عليه وآله وسلم ، يجب الإيمان بها، لأنّها من أُمور الغيب، والإيمان بها من صفات المتّقين، كما قال تعالى: (الَم ذلك الكتاب لا ريب فيه هُدىً للمتّقين الّذين يؤمنون بالغيب).
وإنّ إنكاره لا يصدر إلاّ من جاهلٍ أو مُكابرٍ.
22 - الشيخ عبد المحسن بن حمد العبّاد المدني، عضو هيئة التدريس في الجامعة الإسلاميّة، بالمدينة المنوّرة (المعاصر) في محاضرة <عقيدة أهل السُنّة والأثر في المهديّ المنتظر> ألقاها في الجامعة المذكورة، ونشرت في مجلّة الجامعة الإسلاميّة، العدد الثالث، من السنة الأُولى، لشهر ذي القعدة سنة 1388 ه . وقد احتوت على عناصر عشرة، هي:
الأوّل: ذكر أسمأ الصحابة الّذين رووا أحاديث المهديّ، عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وعددهم - عنده - ستّة وعشرون.
الثاني: ذكر أسمأ الأئمّة الّذين خرّجوا الأحاديث في كتبهم، وعددهم ثمانية وثلاثون، منهم: أبو داود، والترمذي، وابن ماجة، والنسائي، وأحمد، وابن حبّان، والحاكم، وابن أبي شيبة، وأبو نعيم الأصفهاني، والطبراني، والدارقطني، وأبو يعلى الموصلي، والبزّار، والخطيب، وابن عساكر، والديلمي، والبيهقي، وغيرهم من الأئمّة والمحدّثين والعلماء.
الثالث: ذكر الّذين أفردوا مسألة المهديّ بالتأليف، وهم: أبو خيثمة، وأبو نعيم، والسيوطي، وابن كثير، وابن حجر المكّي الهيتمي، والمتّقي الهندي، والملاّ علي القاري، والشوكاني، والأمير الصنعاني، وغيرهم.
الرابع: ذكر الّذين حكوا تواتر أحاديث المهديّ.
الخامس: ذكر بعض ما ورد في الصحيحين [ البخاري ومسلم ]من الأحاديثالتي تبشّربالمهديّ، ولهاتعلّق بشأنه.
السادس: ذكر بعض الأحاديث بشأن المهديّ.
السابع: ذكر بعض العلماء الّذين احتجّوا بأحاديث المهديّ.
الثامن: ذكر من حكي عنه إنكار أحاديث المهديّ. مع مناقشة كلامه.
التاسع: ذكر ما يُظنّ تعارضه مع الأحاديث الواردة في المهديّ.
العاشر: كلمة ختاميّة.
وقال في آخر الفصل السابع: وليعلم أنّ الأحاديث في المهديّ قد تلقّتها الأُمّة من أهل السُنّة والأشاعرة بالقبول.
وردّ على كلام ابن خلدون مفصّلا.
وقال في الكلمة الختاميّة: إنّ أحاديث المهديّ الكثيرة - التي ألّف فيها المؤلّفون وحكى تواترها جماعة، واعتقد موجبها أهل السُنّة والجماعة وغيرهم - تدلّ على حقيقة ثابتة بلا شكّ من حصول مقتضاها في آخر الزمان ... وقال: فلاعبرة بقول من قفا ماليس له به علم فقال: إنّ الأحاديث في المهديّ لا تصحّ نسبتُها إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، لأنها
من وضع الشيعة وإذن، فإنّ أحاديث المهديّ على كثرتها وتعدّد طرقها وإثباتها في دواوين أهل السُنّة، يصعب كثيرا القول بأنّه لا حقيقة لمقتضاها، إلاّ على جاهل، أو مكابر، أو مَنْ لم يُمعن النظرَ في طرقها وأسانيدها، ولم يقف على كلام أهل العلم المعتدَ بهم فيها.
والتصديق بها داخل في الإيمان بأنّ محمّدا رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم ، لأنّ من الإيمان به صلى الله عليه وآله وسلم تصديقه فيما أخبر به، وداخل في الإيمان بالغيب الذي امتدح الله المؤمنين به، بقوله: (الَم ذلك
الكتاب لا ريب فيه هُدىً للمتّقين الّذين يؤمنون بالغيب).
23 - عبد العزيز بن باز السعوديّ الوهابيّ (معاصر) رئيس الجامعة الإسلامية بالمدينة المنوّرة، في تعليق له على محاضرة الشيخ عبد المحسن العبّاد، التي ذكرناها آنفا، نشر في مجلّة الجامعة نفسها، العدد 3، السنة الأُولى 1388، في ذيل المحاضرة ذاتها.
قال فيه: أمر المهديّ معلوم، والأحاديث فيه مستفيضة، بل <متواترة> وقد حكى غيرُ واحد من أهل العلم تواترها. وهي متواترة تواترا معنويا،
لكثرة طرقها، واختلاف مخارجها، وصحابتها، ورواتها، وألفاظها، فهي
- بحق - تدلّ على أنّ هذا الشخص الموعود به أمره ثابت، وخروجه حقّ.
وقال: وقد رأينا أهل العلم أثبتوا أشيأ كثيرة بأقلّ من ذلك.
والحقّ أنّ جمهور أهل العلم، بل هو الاتّفاق: على ثبوت أمر المهديّ، وأنّه
حقّ، وأنّه سيخرج في آخر الزمان. وأمّا من شذّ من أهل العلم - في هذا الباب - فلا يُلتفتُ إلى كلامه في ذلك.
24 - وللشيخ عبد المحسن بن حمد العبّاد - أيضا - مقال بعنوان <الردّ على من كذّب بالأحاديث الصحيحة الواردة في المهديّ> نشر في مجلّة الجامعة الإسلاميّة، العددين و 46، الأوّل والثاني من السنة 12.
ردّ فيه بحزم وتفصيل على القاضي ابن محمود القطريّ رئيس المحاكم في دولة قطر، فيما كتبه في رسالة سمّاها <لا مهديّ يُنتظر بعد الرسول خير البشر>.
تعليق