بعض الآثار الوخيمة للبدعة السلفية
بعض الآثار الوخيمة للبدعة السلفية
العلامة الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي ، اضطر بعد تفاقم فتنة السلفية أن يتعامل معهم بمبضع الجراح النطاسي ، وذلك في كتابه القيِّم (السلفية مرحلة زمنية مباركة لا مذهب إسلامي)[1] ، فأثبت أن الفكرة السلفية بدعة في ذاتها ، وتحدث عن بعض الآثار مكتفياً بها عن الإطناب والاستقصاء ، وهي كافية لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد فقال :
(الأمر الأول : الأذى المتنوع البليغ الذي انحط في كيان المسلمين من جراء ظهور هذه الفتنة المبتدعة ، فلقد أخذت تقارع وحدة المسلمين ، وتسعى جاهدة إلى تبديد تآلفهم وتحويل تعاونهم إلى تناحر وتناكر. وقد عرف الناس جميعاً أنه ما من بلدة أو قرية في أي طرف من أطراف العالم الإسلامي إلا وقد وصل إليها من هذا البلاء شظايا ، وأصابها من جرائه ما أصابها من خصام وفرقة وشتات. بل ما رأيت أو سمعت شيئاً من هذه الصحوة الإسلامية التي تجتاح اليوم كثيراً من أنحاء أوربا وأمريكا وآسيا ، مما يثلج الصدر ويبعث على البشر والتفاؤل ، إلا ورأيت أو سمعت بالمقابل من أخبار هذه الفتنة الشنعاء التي سيقت إلى تلك الأوساط سوقاً ، ما يملأ الصدر كرباً ، ويزج المسلم في ظلام من الخيبة الخانقة والتشاؤم الأليم.
كنت في هذا العام المنصرم 1406هـ واحداً ممن استضافتهم رابطة العالم الإسلامي للاشتراك في الموسم الثقافي ، وأتيح لي بهذه المناسبة أن أتعرف على كثير من ضيوف الرابطة الذين جاءوا من أوربا وأمريكا وآسيا وإفريقيا ، وأكثرهم يُشرِفون في الأصقاع التي أتوا منها على مراكز الدعوة الإسلامية أو يعملون فيها. والعجيب الذي لابدَّ أن يُهَيِّج آلاماً ممزقة في نفس كل مسلم أخلَص لله في إسلامه ، أنني عندما كنت أسأل كلاً منهم عن سير الدعوة الإسلامية في تلك الجهات أسمع جواباً واحداً يطلقه كل من هؤلاء الإخوة على انفراد ، بمرارة وأسى ، خلاصته :
المشكلة الوحيدة عندنا هي الخلافات والخصومات الطاحنة التي تثيرها بيننا جماعة السلفية..
ولقد اشتدت هذه الخصومات من بضع سنوات في مسجد واشنطن إلى درجة ألجأت السلطة الأمريكية إلى التدخل ، ثم إلى إغلاق المسجد لبضعة شهور !
ولقد اشتدت هذه الخصومات ذاتها واهتاجت في أحد مساجد باريس منذ ثلاثة أعوام ، حتى اضطرت الشرطة الفرنسية إلى اقتحام المسجد. والمضحك المبكي بآن واحد أن أحد أطراف تلك الخصومة أخذته الغيرة الحمقاء لدين الله ولحرمة المسجد لما رأى أحد رجال الشرطة داخلاً المسجد بحذائه[2] ، فصاح فيه أن يخرج أو يخلع حذائه. ولكن الشرطي صفعه قائلاً : وهل ألجأنا إلى اقتحام المسجد على هذه الحال غيركم أيها السخفاء ؟!..
وفي إحدى الأصقاع النائية حيث تدافع أمة من المسلمين الصادقين في إسلامهم عن وجودها الإسلامي ، وعن أوطانها وأراضيها المغتصبة ، تصوَّب إليهم من الجماعات[3] السلفية سهام الاتهام بالشرك والابتداع ، لأنهم قبوريون[4] توسليون ، ثم تتبعها الفتاوى المؤكدة بحرمة إغاثتهم بأي دعم معنوي أو عون مادي !
ويقف أحد علماء تلك الأمة المنكوبة المجاهدة ينادي في أصحاب تلك الفتاوى والاتهامات :
يا عجباً لإخوة يرموننا بالشرك ، مع أننا نقف بين يدي الله كل يوم خمس مرات نقول : {إياك نعبد وإياك نستعين} !..
ولكن النداء يضيع ويتبدد في الجهات دون أي متدبر أو مجيب !)[5]
ثم يتحدث الشيخ عن الأمر الثاني وهو ما وجده أهل الفكر اليساري في ظهور جماعة تسمي نفسها بالسلفية من مرتع خصب في مجال تحليلاتهم الماركسية الجدلية للتاريخ[6] والتراث[7] التي تعتمد على صراع التناقضات ، حيث فتَّشوا في تاريخ الإسلام فلم يجدوه إلا عند أدعياء السلفية مُشَكِّلاً في نظرهم العصب التناقضي الممتد منذ فجر الإسلام إلى اليوم ، ويقول هناك حفظه الله : (شيء رائع حقاً هذا الذي عثر عليه منظروا المادية الماركسية بفضل مبتدعي المذهب السلفي ، بل بالتعاون في ما بينهم ! وهو وإن لم يكن تعاوناً مُبَرمجاً مقصودا ولكنه تعاون واقعي متناسق ، فلقد كان على السلفية أن يبتدعوا هذا اللقب والمضمون والجماعة ويقحموه إقحاماً في مرحلة من مراحل التاريخ الإسلامي ؛ وكان على دعاة المادية الجدلية أن يسرعوا فيصبغوا التاريخ الإسلامي كله منذ أول بزوغه بهذه البدعة الطارئة ، ثم أن يقفوا يشرحون للناس في زهو وشعور بالانتصار ، كيف تكوِّن الفكر الإسلامي مع حصيلته الحضارية من صراع الظروف والمصالح المتناقضة ، وكيف أن الصراع (التاريخي) بين المذهبين السلفي والانفتاحي لم يكن إلا الأداة المادية الحتمية لهذه الصيرورة التاريخية المستمرة !)
ثم يصف جهل أدعياء السلفية ، وغفلتهم[8] عما يتسببون فيه من أذى قائلا : (والمصيبة الفادحة أن معظم هؤلاء الإخوة الذين يميِّزون أنفسهم عن عامة المسلمين بشارة السلفية لا يقرؤون .. ولا يحركون عقولهم وأفكارهم إلا في دائرة الفكر (السلفي) التي حصروا أنفسهم وعقولهم فيها .. لذا فهم في غفلة تامة عما يفعله المبطلون من ورائهم ..)[9]
أقول إنه ليس من العجب أن لا يجد فكر ابن تيمية المتهالك رواجاً في بلاد الشام ، وسورية على وجه الخصوص مع أنه خرج منها ، لوجود علماء أفذاذ كهذا العلم البارز يرد عنها كيد المبطلين ، وليس العجب أن يهاجر ذلك الفكر المريض فيجد ضالته في بلاد مسيلمة الكذاب فيعشش فيها ، ولكن العجب أن يسيطر خوارج نجد على مهبط الوحي ومهاجر الرسول r فيغتر بوجودهم هنالك العامة فينساقون وراء تباكيهم في الصلوات مستقلين صلاتهم إلى صلاتهم ! ، فسبحان من ابتلى أصحاب رسوله بمسيلمة وجيوش الردة ، وابتلانا بأدعياء السلفية يمزِّقون أوصال الأمة!
بعض الآثار الوخيمة للبدعة السلفية
العلامة الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي ، اضطر بعد تفاقم فتنة السلفية أن يتعامل معهم بمبضع الجراح النطاسي ، وذلك في كتابه القيِّم (السلفية مرحلة زمنية مباركة لا مذهب إسلامي)[1] ، فأثبت أن الفكرة السلفية بدعة في ذاتها ، وتحدث عن بعض الآثار مكتفياً بها عن الإطناب والاستقصاء ، وهي كافية لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد فقال :
(الأمر الأول : الأذى المتنوع البليغ الذي انحط في كيان المسلمين من جراء ظهور هذه الفتنة المبتدعة ، فلقد أخذت تقارع وحدة المسلمين ، وتسعى جاهدة إلى تبديد تآلفهم وتحويل تعاونهم إلى تناحر وتناكر. وقد عرف الناس جميعاً أنه ما من بلدة أو قرية في أي طرف من أطراف العالم الإسلامي إلا وقد وصل إليها من هذا البلاء شظايا ، وأصابها من جرائه ما أصابها من خصام وفرقة وشتات. بل ما رأيت أو سمعت شيئاً من هذه الصحوة الإسلامية التي تجتاح اليوم كثيراً من أنحاء أوربا وأمريكا وآسيا ، مما يثلج الصدر ويبعث على البشر والتفاؤل ، إلا ورأيت أو سمعت بالمقابل من أخبار هذه الفتنة الشنعاء التي سيقت إلى تلك الأوساط سوقاً ، ما يملأ الصدر كرباً ، ويزج المسلم في ظلام من الخيبة الخانقة والتشاؤم الأليم.
كنت في هذا العام المنصرم 1406هـ واحداً ممن استضافتهم رابطة العالم الإسلامي للاشتراك في الموسم الثقافي ، وأتيح لي بهذه المناسبة أن أتعرف على كثير من ضيوف الرابطة الذين جاءوا من أوربا وأمريكا وآسيا وإفريقيا ، وأكثرهم يُشرِفون في الأصقاع التي أتوا منها على مراكز الدعوة الإسلامية أو يعملون فيها. والعجيب الذي لابدَّ أن يُهَيِّج آلاماً ممزقة في نفس كل مسلم أخلَص لله في إسلامه ، أنني عندما كنت أسأل كلاً منهم عن سير الدعوة الإسلامية في تلك الجهات أسمع جواباً واحداً يطلقه كل من هؤلاء الإخوة على انفراد ، بمرارة وأسى ، خلاصته :
المشكلة الوحيدة عندنا هي الخلافات والخصومات الطاحنة التي تثيرها بيننا جماعة السلفية..
ولقد اشتدت هذه الخصومات من بضع سنوات في مسجد واشنطن إلى درجة ألجأت السلطة الأمريكية إلى التدخل ، ثم إلى إغلاق المسجد لبضعة شهور !
ولقد اشتدت هذه الخصومات ذاتها واهتاجت في أحد مساجد باريس منذ ثلاثة أعوام ، حتى اضطرت الشرطة الفرنسية إلى اقتحام المسجد. والمضحك المبكي بآن واحد أن أحد أطراف تلك الخصومة أخذته الغيرة الحمقاء لدين الله ولحرمة المسجد لما رأى أحد رجال الشرطة داخلاً المسجد بحذائه[2] ، فصاح فيه أن يخرج أو يخلع حذائه. ولكن الشرطي صفعه قائلاً : وهل ألجأنا إلى اقتحام المسجد على هذه الحال غيركم أيها السخفاء ؟!..
وفي إحدى الأصقاع النائية حيث تدافع أمة من المسلمين الصادقين في إسلامهم عن وجودها الإسلامي ، وعن أوطانها وأراضيها المغتصبة ، تصوَّب إليهم من الجماعات[3] السلفية سهام الاتهام بالشرك والابتداع ، لأنهم قبوريون[4] توسليون ، ثم تتبعها الفتاوى المؤكدة بحرمة إغاثتهم بأي دعم معنوي أو عون مادي !
ويقف أحد علماء تلك الأمة المنكوبة المجاهدة ينادي في أصحاب تلك الفتاوى والاتهامات :
يا عجباً لإخوة يرموننا بالشرك ، مع أننا نقف بين يدي الله كل يوم خمس مرات نقول : {إياك نعبد وإياك نستعين} !..
ولكن النداء يضيع ويتبدد في الجهات دون أي متدبر أو مجيب !)[5]
ثم يتحدث الشيخ عن الأمر الثاني وهو ما وجده أهل الفكر اليساري في ظهور جماعة تسمي نفسها بالسلفية من مرتع خصب في مجال تحليلاتهم الماركسية الجدلية للتاريخ[6] والتراث[7] التي تعتمد على صراع التناقضات ، حيث فتَّشوا في تاريخ الإسلام فلم يجدوه إلا عند أدعياء السلفية مُشَكِّلاً في نظرهم العصب التناقضي الممتد منذ فجر الإسلام إلى اليوم ، ويقول هناك حفظه الله : (شيء رائع حقاً هذا الذي عثر عليه منظروا المادية الماركسية بفضل مبتدعي المذهب السلفي ، بل بالتعاون في ما بينهم ! وهو وإن لم يكن تعاوناً مُبَرمجاً مقصودا ولكنه تعاون واقعي متناسق ، فلقد كان على السلفية أن يبتدعوا هذا اللقب والمضمون والجماعة ويقحموه إقحاماً في مرحلة من مراحل التاريخ الإسلامي ؛ وكان على دعاة المادية الجدلية أن يسرعوا فيصبغوا التاريخ الإسلامي كله منذ أول بزوغه بهذه البدعة الطارئة ، ثم أن يقفوا يشرحون للناس في زهو وشعور بالانتصار ، كيف تكوِّن الفكر الإسلامي مع حصيلته الحضارية من صراع الظروف والمصالح المتناقضة ، وكيف أن الصراع (التاريخي) بين المذهبين السلفي والانفتاحي لم يكن إلا الأداة المادية الحتمية لهذه الصيرورة التاريخية المستمرة !)
ثم يصف جهل أدعياء السلفية ، وغفلتهم[8] عما يتسببون فيه من أذى قائلا : (والمصيبة الفادحة أن معظم هؤلاء الإخوة الذين يميِّزون أنفسهم عن عامة المسلمين بشارة السلفية لا يقرؤون .. ولا يحركون عقولهم وأفكارهم إلا في دائرة الفكر (السلفي) التي حصروا أنفسهم وعقولهم فيها .. لذا فهم في غفلة تامة عما يفعله المبطلون من ورائهم ..)[9]
أقول إنه ليس من العجب أن لا يجد فكر ابن تيمية المتهالك رواجاً في بلاد الشام ، وسورية على وجه الخصوص مع أنه خرج منها ، لوجود علماء أفذاذ كهذا العلم البارز يرد عنها كيد المبطلين ، وليس العجب أن يهاجر ذلك الفكر المريض فيجد ضالته في بلاد مسيلمة الكذاب فيعشش فيها ، ولكن العجب أن يسيطر خوارج نجد على مهبط الوحي ومهاجر الرسول r فيغتر بوجودهم هنالك العامة فينساقون وراء تباكيهم في الصلوات مستقلين صلاتهم إلى صلاتهم ! ، فسبحان من ابتلى أصحاب رسوله بمسيلمة وجيوش الردة ، وابتلانا بأدعياء السلفية يمزِّقون أوصال الأمة!







تعليق