صلاة التراويح
.
بين البدعة والتشريع
.
.
عبد الحسين البصري
...................................
مقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم
قال الله تعالى :
{ وَمَا آتَاكُمْ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا } (1)
وقال :
{ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا } (2)
يؤدي البعض في شهر رمضان من كل عام صلوات بكيفية وأعداد مختلفة تسمى بصلاة التراويح .
أين موقع هذه الصلاة من السنة النبوية ؟
………………………………
(1) سورة الحشر : الآية 7 .
(2) سورة الأحزاب : الآية 21 .
5
……………………………………………………
وما هو الدليل عليها ؟
وهل هي بدعة أم لا ؟
وما هي البدعة وأقسامها ؟
وهل تندرج صلاة التراويح تحت قسم الحسن من البدع ؟
هذا ما سنحاول بيانه للاخوة المؤمنين إنشاء الله تعالى في هذا البحث .
6
……………………………………
صلاة التراويح
لعل عمدة ما أستُدِلَّ به على صلاة التراويح ما ذكره الألباني في كتيبه الموسوم ( صلاة التراويح ) .
فقد احتج لمشروعيتها جماعةً في رمضان بهذه الأخبار :
1 - عن النعمان بن بشير قال : " قمنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة ثلاث وعشرين في شهر رمضان إلى ثلث الليل الأول ، ثم قمنا معه ليلة خمس وعشرين إلى نصف الليل ، ثم قام بنا ليلة سبع وعشرين حتى ظننا أن لا ندرك الفلاح ، قال: وكنا ندعو السحور الفلاح " (1)
2 _ عن أنس قال : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي في رمضان فجئت فقمت إلى جنبه ثم جاء آخر ، ثم جاء آخر حتى كنا رهطاً ، فلما أحسَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أنّا خلفه تجوز في الصلاة ، ثم
……………………………
(1) صلاة التراويح : محمد ناصر الدين الألباني ، الطبعة الثانية 1405 هـ _ 1985 م المكتب الاسلامي ، ص 10
7
………………………………
دخل منزله ، فلما دخل منزله صلى صلاة لم يصلها عندنا فلما أصبحنا ، قلنا : يا رسول الله أو فطنت لنا البارحة ؟ فقال : نعم، وذاك الذي حملني على ما صنعت " (1)
3 – عن عائشة قالت : " [ كان الناس يصلون في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم رمضان بالليل أوزاعاً يكون مع الرجل شيء من القرآن فيكون معه النفر الخمسة و الستة أو أقل من ذلك أو أكثر ، فيصلون بصلاته، فأمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة من ذلك أن أنصب له حصيراً على باب حجرتي ففعلت فخرج إليه رسول الله بعد ان صلى العشاء الآخرة ، قالت : فاجتمع إليه من في المسجد فصلى بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلاً طويلاً ، ثم انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخل ، وترك الحصير على حاله ، فلما اصبح الناس تحدثوا بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بمن كان معه في المسجد تلك الليلة [ فاجتمع أكثر ] منهم وأمسى المسجد راجّا بالناس ، [ فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في الليلة الثانية فصلوا بصلاته فأصبح الناس يذكرون ذلك فكثر أهل المسجد [ حتى اغتص بأهله ] من الليلة الثالثة ، فخرج فصلوا
……………………………
(1) المصدر السابق ص 10
8
…………………………………
بصلاته ، فلما كانت الليلة الرابعة عجز المسجد عن أهله ] ، فصلى بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم العشاء الآخرة ، ثم دخل بيته، وثبت الناس، قالت : فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم ما شأن الناس يا عائشة ؟ قالت : فقلت له: يا رسول الله سمع الناس بصلاتك البارحة بمن كان في المسجد فحشدوا لذلك لتصلي بهم ، قالت : فقال : إطوِ عنا حصيرك يا عائشة ، قالت : ففعلت ، وبات رسول الله صلى الله عليه وسلم غير غافل وثبت الناس مكانهم [ فطفق رجال منهم يقولون : الصلاة ] حتى خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الصبح [ فلما قضى الفجر ، أقبل على الناس ، ثم تشهد فقال أما بعد ] أيها الناس ، أما والله ما بِتّ والحمد لله ليلتي هذه غافلاً ، وما خفي علي مكانكم ، ولكني تخوفت أن يفترض عليكم ( وفي رواية : ولكن خشيت أن تفرض عليكم صلاة الليل فتعجزوا عنها ) ، فاكلفوا من الأعمال ما تطيقون فإن الله لا يمل حتى تملوا " .
" زاد في رواية أُخرى : قال الزهري : فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم والناس على ذلك ، ثم كان الأمر على ذلك في خلافة أبي بكر
9
…………………………………
وصدراً من خلافة عمر " (1)
4 _ عن حذيفة بن اليمان قال : " قام رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة في رمضان في حجرة من جريد النخل ثم صبَّ عليه دلواً من ماء ، ثم قال : [ الله أكبر ] الله أكبر ، [ ثلاثاً ] ، ذا الملكوت ، والجبروت ، والكبرياء ، والعظمة ، [ ثم قرأ البقرة ، قال : ثم ركع ، فكان ركوعه مثل قيامه ، فجعل يقول في ركوعه : سبحان ربي العظيم ، سبحان ربي العظيم، [مثلما كان قائماً ] ، ثم رفع رأسمن الركوع فقام مثل ركوعه فقال : لربي الحمد ، ثم سجد ، وكان في سجوده مثل قيامه ، وكان يقول في سجوده سبحان ربي الأعلـى ، ثم رفع رأسه من السجود [ ثم جلس ] ، وكان يقول بين السجدتين : رب أغفر لـي [ رب أغفر لي ] وجلس بقدر سجوده [ ثم سجد فقال: سبحان ربي الأعلى مثلما كان قائماً ] ، فصلى أربع ركعات يقرأ فيهن البقرة وآل عمران والنساء والمائدة والأنعام حتى جاء بلال فآذنه بالصلاة " (2)
5 _ كما احتج العدوي لصلاة التراويح بحديث لأبي ذر ،
……………………………
(1) المصدر السابق : ص 10
(1) المصدر السابق : ص 11 _ 12
10
…………………………………
قال : صمنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم رمضان ، فلم يقم بنا شيئاً من الشهر حتى بقي سبع فقام بنا حتى ذهب ثلث الليل ، فلما كانت السادسة لم يقم بنا فلما كانت الخامسة قام بنا حتى ذهب شطر الليل ، فقلنا يا رسول الله : لو نفلتنا قيام هذه الليلة فقال : " إن الرجل إذا صلى مع الإمام حتى ينصرف حسب له قيام ليله ، فلما كانت الرابعة لم يقم ، فلما كانت الثالثة جمع أهله ونسائه والناس ، فقام بنا حتى خشيت أن يفوتنا الفلاح – قال – قلت : ما الفلاح ؟ قال السحور ، ثم لم يقم بنا بقية الشهر . أخرجه أبو داود ومثله في الترمذي . (1)
وفيها :
أولاً - التناقض في عدد الليال ! :
فبينما يذكر الخبر الأول عن النعمان بن بشير أنها ثلاث ليالٍ :
" قمنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة ثلاث وعشرين في شهر رمضان إلى
(1) المصدر السابق ص 13 – 14 ، سنن الترمذي ج 2 كتاب الصوم : ص 169 ح806 ، وسنن النسائي ج 3 باب قيام شهر رمضان ص 202 ، وسنن أبو داود : ج 2 باب قيام شهر رمضان ص 50 ح 1375 ، وأصول في السنن والبدع : ص 99 .
11
………………………………
ثلث الليل الأول ، ثم قمنا معه ليلة خمس وعشرين إلى نصف الليل، ثم قام بنا ليلة سبع وعشرين حتى ظننا أن لا ندرك الفلاح " .
وكذلك الخبر الخامس الذي ذكره العدوي عن أبي ذر :
" .. فلم يقم بنا شيئاً من الشهر حتى بقي سبع فقام بنا حتى ذهب ثلث الليل ، فلما كانت السادسة لم يقم بنا فلما كانت الخامسة قام بنا حتى ذهب شطر الليل ، … فلما كانت الرابعة لم يقم ، فلما كانت الثالثة جمع أهله ونسائه والناس ، فقام بنا حتى خشيت أن يفوتنا الفلاح .. " .
يظهر من الخبر الثاني عن أنس أنها كانت ليلة واحدة فقط : " قلنا : يا رسول الله أو فطنت لنا البارحة ؟ .. " .
وكذلك يذكر الخبر الثالث عن عائشة : " .. قالت : فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم ما شأن الناس يا عائشة ؟ قالت : فقلت له : يا رسول الله سمع الناس بصلاتك البارحة بمن كان في المسجد فحشدوا لذلك لتصلي بهم ، قالت : فقال : إطوِ عنا حصيرك يا عائشة . "
والخبر الرابع عن حذيفة بن اليمان أيضا : " قام رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة في رمضان .. " .
12
…………………………………
ثانياً - الاختلاف في أوقات الليال المُقام فيها :
يذكر الخبر الأول أن الإقامة كانت في ليلة الثالث والعشرين إلى ثلث الليل الأول ، وإلى نصف الليل ليلة الخامس والعشرين ، وإلى السحور ليلة السابع والعشرين .
وكذلك الظاهر من الخبر الخامس عن أبي ذر باختلاف يسير في التعبير .
بينما لا يتعرض الخبر الثاني عن أنس والخبر الثالث عن عائشة للوقت .
ويشير الخبر الرابع عن حذيفة بن اليمان إلى أن الإقامة استغرقت الليل كله إلى صلاة الصبح .
ثالثاً - خلو كل من الخبر الأول عن النعمان بن بشير والخامس عن أبي ذر عن ذكر ماهية الإقامة :
وما جاء في الخبر الخامس مما نُسب من قول لرسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال : " إن الرجل إذا صلى مع الإمام حتى ينصرف حسب له قيام ليله " ، لا يفيد في إقامته لصلاة التراويح . وإلا لما صح طلبهم النافلة في قولهم هذا : " فقلنا يا رسول الله : لو نفلتنا قيام
13
………………………………………
هذه الليلة " ضرورة إتيانه بها ، بل إتيانهم لها .
والظاهر من إقامته صلى الله عليه وآله في تلك الليال إقامته لها بالدعاء وقراءة القرآن و الصلاة منفرداً من غير جماعة وإلا لما صح طلب النافلة كما بينا ، خاصة وأن تلك الليال من العشر الأواخر من رمضان والتي ورد أن فيها ليلة القدر وأنها ليلة مباركة ليلة أُنزل القرآن فيها وهي خير من ألف شهر .
ويؤيد هذا ما ورد في الخبر الخامس من أنه صلى الله عليه وآله جمع أهله ونسائه في الليلة الثالثة المصادفة لليلة السابع والعشرين من رمضان .
رابعاً - قيام ليلة أو ثلاثة ليال في أواخر شهر رمضان لا دلالة فيه على قيام شهر رمضان بصلاة التراويح جماعة وبعدد معين من الركع كما نراها الآن.
خامساً - على فرض التسليم بإرادة الصلاة نلاحظ :
أ ) خلو هذه الأخبار عن ذكر عدد الركعات .
ب ) خلوّها عن كيفية الصلاة . ما عدا ما جاء في الخبر الرابع عن حذيفة وستعرف ضعفه .
ج ) اعتلالها .
14
………………………………
# ففي الخبر الثاني عن أنس نجد :
1 - قوله : تجوّز في الصلاة ، والتجوّز يعني التخفيف . بمعنى أنه صلى الله عليه وآله خفف صلاته لكي ينتهي منها على وجه السرعة .
2 - دخوله صلى الله عليه وآله بعد تجوزه أي تخفيفه لصلاته منزله دليل على عدم رضاه عن فعلهم .
3 - جوابه صلى الله عليه وآله لهم حين قالوا : " أو فطنت لنا البارحة " بقوله : " نعم ، وذاك الذي حملني على ما صنعت )" . دليلٌ على أن فعلهم هو الذي حمله صلى الله عليه وآله على ما صنع من تخفيفه الصلاة وتعبيراً عن عدم رضاه لما فعلوه .
4 - الكيفية التي عرف بها أنس أنه صلى الله عليه وآله بعد دخوله منزله صلى صلاة لم يصلها عندما كان معهم ! بقوله : " فلما دخل منزله صلى صلاة لم يصلها عندنا " ! .
# وفي الخبر الثالث عن عائشة نرى :
1 _ افتقار صلاة أولئك الأوزاع الخمسة والستة أو أقل أو أكثر رمضان بالليل في مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله بدون أمر أو إقرار سابق منه صلى الله عليه وآله افتقار فعلهم المستند الشرعي . وعليه يُعدُّ فعلهم في حد ذاته بدعة .
15
……………………………………
2 - وقوع التناقض في الخبر فبينما تقول عائشة : " فأمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة من ذلك أن أنصب له حصيراً على باب حجرتي ففعلت فخرج إليه رسول الله بعد أن صلى العشاء الآخرة ، قالت : فاجتمع إليه من في المسجد فصلى بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلاً طويلاً ، ثم انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخل ، وترك الحصير على حاله " قالت : " فلما اصبح الناس تحدثوا بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بمن كان معه في المسجد تلك الليلة [ فاجتمع أكثر] منهم وأمسى المسجد راجّا بالناس ، [ فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في الليلة الثانية فصلوا بصلاته فأصبح الناس يذكرون ذلك فكثر أهل المسجد [ حتى اغتص بأهله ] من الليلة الثالثة ، فخرج فصلوا بصلاته ، فلما كانت الليلة الرابعة عجز المسجد عن أهله ] ، فصلى بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم العشاء الآخرة ، ثم دخل بيته ، وثبت الناس ، قالت : فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم ما شأن الناس يا عائشة ؟ قالت : فقلت له : يا رسول الله سمع الناس بصلاتك البارحة بمن كان في المسجد فحشدوا لذلك لتصلي بهم ، قالت : فقال : إطوِ عنا حصيرك يا عائشة ، قالت : ففعلت." . فهل كانت صلاة رسول الله صلى الله عليه وآله على تلك الحصير التي نصبتها عائشة أمام باب حجرتها
16
……………………………………
أم في المسجد ؟!
3 - على فرض أن باب حجرتها محراب رسول الله صلى الله عليه وآله ! وأن بيتها مسجد رسول الله ! لا يمكن لقائل أن يقول أنه صلى الله عليه وآله صلى ليلتين أُخريين بعد أن يرى سؤال رسول الله صلى الله عليه وآله لعائشة بقوله : " ما شأن الناس يا عائشة ؟ " وجواب عائشة : "يا رسول الله سمع الناس بصلاتك البارحة" واستغرابه صلى الله عليه وآله . خاصة وأنه قال بعد سماع جواب عائشة : " إطوِ عنا حصيرك يا عائشة ". وهذا الأمر كاشف عن عدم رضاه واستنكاره لفعلهم مما دعى رسول الله صلى الله عليه وآله أن يخطبهم فجرا !
4 - تركه الصلاة في الليلة الرابعة لو صح أنه صلى الله عليه وآله صلى الليال الثلاث مع أن تصحيحها يقتضي التناقض مع آخر الحديث وأعني به عدم صحة قول عائشة " سمع الناس بصلاتك البارحة … " . تركه الصلاة في تلك الليلة ودخوله بيته كاشف عن عدم تشريعها جماعة وإلا لما تركها . فكان سؤاله واستغرابه لا معنى له ! خاصة وقد مر كما في الخبر الثاني أنه قد خفف صلاته ودخل بيته وقال : " ذاك هو الذي حملني على ما صنعت " .
5 - كيف حصل لأم المؤمنين عائشة العلم بأن الناس تصلي
17
…………………………………
رمضان بصلاة من معه شيء من القرآن ، وهي امرأة ولا يجوز لها أن تطلع على الرجال ولا يجوز للنساء دخول مسجد الرجال ، ناهيك عن كونها أم المؤمنين والأمر مشدد معها ؟!
# أما في الخبر الرابع عن حذيفة فنجد :
1 - بعد فرض التسليم باستواء الأركان ، هناك خلل في المتن ، ففيه ثم قرأ البقرة ، ثم ركع ، فكان ركوعه مثل قيـامه ( الظاهر في طول الوقت) فجعل يقول في ركوعه سبحان ربي العظيم سبحان ربي العظيم ، مثلما كان قائما . فهل كان رسول الله صلى الله عليه وآله يسبح في قيامه أم يقرأ السورة ؟! الظاهر من الخبر والمعروف أنه صلى الله عليه وآله لم يسبح في قيامه وإنما قرأ البقرة . وكذلك في السجدتين : رب اغفر لي [ رب اغفر لي ] وجلوسه: وجلس بقدر سجوده ، ثم سجد فقال : سبحان ربي الأعلى مثلما كان قائما ! وإلا فأين يقرأ وخاصة تلك السور الطوال البقرة وآل عمران والنساء والمائدة والأنعام ؟!
2 - أنه صلى الله عليه وآله صلى أربع ركعات بقراءة السور المار ذكرها ولم يصلي احدى عشر ركعة ولا عشرين ولا غيرها من الأعداد المذكورة لصلاة التراويح فهي بهذه العدد والكيفية وطول الوقت
18
…………………………………
تختلف عن الصورة المراد اثباتها بها . أعني صلاة التراويح ! ..
3 - أعلَّ النسائي هذا الحديث بقوله : " مرسل وطلحة بن يزيد لا أعلمه سمع من حذيفة شيئاً " .
سادساً : ورد في الحديث الثالث عن عائشة قول الزهري : فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم والناس على ذلك ، ثم ان الأمر على ذلك في خلافة أبي بكر وصدراً من خلافة عمر. وهو كما ترى دليل على عدم تشريعها.
قال العسقلاني في ( فتح الباري بشرح صحيح البخاري ) (1)
ما هذا نصه :
( قال ابن شهاب فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم والناس - في رواية الكشميهني - والأمر ( على ذلك ) ؛ أي على ترك الجماعة في التراويح ) . وقال : ولأحمد من رواية ابن أبي ذئب عن الزهري في هذا الحديث ( ولم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم جمع الناس على القيام ) . وقد أدرج بعضهم قول ابن أبي شهاب في نفس الخبر ، أخرجه الترمذي عن طريق معمر بن أبي شهاب .
…………………………
(1) فتح الباري بشرح صحيح البخاري : ج 4 كتاب صلاة التراويح ص 295 .
19
………………………………
وهل هذا إلا تصريح من العسقلاني بأن رسول الله صلى الله عليه وآله لم يصل هذه الصلاة ، ولم يجمع الناس لها؟
سابعاً : تصريح أُبي بن كعب بأنها لم تكن على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله .
روى المتقي الهندي عن أُبي بن كعب أن عمر بن الخطاب أمره أن يصلي بالليل في رمضان ، فقال : إن الناس يصومون النهار ، ولا يحسنون ان يقرأوا ، فلو قرأت عليهم بالليل ، فقال : يا أمير المؤمنين هذا شيء لم يكن ، فقال : قد علمتُ ، ولكنه حسن !
فصلى بهم عشرين ركعة (1) .
ورواه الألباني عن الضياء المقدسي في ( المختارة : 1 / 384 ) عن أبي جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن أبي العالية عن أُبي بن كعب أن عمر أمر أُبيّاً أن يصلي بالناس في رمضان فقال : إن الناس يصومون النهار ولا يحسنون أن يقرأوا ، فلو قرأت القرآن عليهم بالليل ، فقال : يا أمير المؤمنين هذا شيء لم يكن ، فقال : قد علمت ، ولكنه أحسن ، فصلى بهم عشرين ركعة (2) .
…………………………
(1) كنز العمال : ج8 ص 409 ح 23471 .
(2) صلاة التراويح ص 69 .
20
………………………………
إذا عرفت هذا ظهر لك فساد استدلال الألباني بمرسلة ثعلبة بن أبي مالك القرظي قال : " خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة في رمضان ، فرأى ناساً في ناحية المسجد يصلون ، فقال : ما يصنع هؤلاء ؟ قال قائل : يا رسول الله هؤلاء ناس ليس معهم قرآن وأبي بن كعب يقرأ ، وهم معه يصلون بصلاته ، فقال : قد أحسن ، وقد أصابوا ، ولم يكره ذلك لهم " (1) رواه البيهقي وقال : هذا مرسل . وجرح العلماء في الراوي ثعلبة نفسه .
وفي رواية أخرى عن أبي هريرة رواها البخاري كما في فتح الباري ج 4 ص 253 فيها : فقال أصابوا ونعم ما صنعوا (2) .
وذكر ابن حجر العسقلاني لضعفه سببين :
الأول : أن فيه مسلم بن خالد وهو ضعيف (3) .
والثاني : أن الحديث يذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم قد جمع الناس على أُبي بن كعب ، ثم قال : والمحفوظ أن عمر هو الذي جمع الناس
……………………………
(1) سنن البيهقي : ج2 ص 465 .
(2) سنن أبي داود : ج 2 باب قيام شهر رمضان ، وص 50 – 51 ح 1377 .
(3) المصدر السابق .
21
…………………………………
على أُبي بن كعب (1) .
يقول : وأما ما رواه ابن وهب عن أبي هريرة " خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وإذا الناس في رمضان يصلّون في ناحية المسجد . فقال : ما هذا ؟ فقيل : ناس يصلي بهم أُبي بن كعب فقال : أصابوا ونعم ما فعلوا " . ذكره ابن عبد البر ، وفيه مسلم بن خالد وهو ضعيف (2) ، والمحفوظ أن عمر هو الذي جمع الناس على أُبي بن كعب .
أقول وذكر المزي في ( تهذيب الكمال ج 27 ص 512 ) . مسلم بن خالد هذا : قال علي بن المديني ليس بشيء ، وقال البخاري منكر الحديث ، وقال النسائي ليس بالقوي ، وقال أبو حاتم ليس بذلك القوي ، منكر الحديث ، يكتب حديثه ولا يحتج به .
ومن هذا نستدل بأن ما استدل به الألباني من مرسلة القرظي وما ادعاه من تصويب النبي لهذه الصلاة لا حجية فيها ، ناهيك
…………………………
(1) فتح الباري : ج 4 كتاب صلاة التراويح ص 295 .
(1) سنن أبي داود : ج 2 باب قيام شهر رمضان ص 50 – 51 ح 1377 .
22
………………………………
عن أنها لم تأتي بأي ذكر مما يصنعوه في صلاة التراويح .
دعوى الألباني ضعف حديث أُبي .
وقد حاول الألباني تضعيف حديث أُبي بقوله : أنه ( أي عمر ) أمر أُبيّاً أن يقوم للناس ولا يعقل أن يخالف أُبي أمر أمير المؤمنين . ويبعد أن يقول أُبي (هذا شيء لم يكن ) ويوافقه عمر رضي الله عنهما (1) .
أقول : مر في الحديثين من كنز العمال والمختارة قول أُبي لعمر وموافقة عمر له بقوله : قد علمت . فلا معنى لقوله :
( لا يعقل أن يخالف أُبي أمر أمير المؤمنين ويبعد أن يقول هذا شيء لم يكن ويوافقه عمر ) .
فلتضعيف الأحاديث أصول وقواعد ليس منها تحكيم النفس وميولها .
ثامناً : اعتراف عمر بابتداعها !
مرَّ قوله في جواب أُبي واستنكاره بقوله : " هذا شيء لم يكن " عند المتقي الهندي والضياء المقدسي بقوله أي عمر: " قد علمت ، ولكنه حسن " ، "ولكنه أحسن "
وروى البخاري ج 2 ص 252 عن عبد الرحمن بن عبدٍ القاريّ أنه قال :
……………………………
(1) صلاة التراويح : 70 .
23
……………………………………
خرجت مع عمر بن الخطاب ( رض ) ليلةً في رمضان إلى المسجد ، فإذا الناس أوزاع متفرقون ، يصلي الرجل لنفسه ، ويصلي الرجل فيصلي بصلاته الرهط . فقال عمر، إني أرى لو جمعت هؤلاء على قارئ واحد لكان أمثل . ثم عزم فجمعهم على أُبي بن كعب ، ثم خرجت معه ليلةً أخرى ، والناس يصلون بصلاة قارئهم . قال عمر : نعم البدعة هذه . والتي ينامون عنها أفضل من التي يقومون – يريد آخـر الليـل – وكان الناس يقومون أوله (1) .
وفي الموطأ أن عمر قال : " نعمت البدعة هذه " (2) .
وأنت ترى أن هذا الأثر ينقض بل يهدم ما بنوا من أدلة على مشروعية صلاة التراويح .
وقول من حاولوا جعلوا التراويح سنة لفعله يهُدُّ أُسس ما أسسوه من قواعد لتبرير فعله قال : نعمت البدعة هذه، وقد علمت ( أي هذا لم يكن على شيء ) ولكنه حسن ، أو أحسن .
…………………………
(1) صحيح البخاري : ج 1 كتاب صلاة التراويح ص 657 .
(2) الموطأ : للإمام مالك باب ما جاء في قيام رمضان ص 114 .
24
………………………………
ما هي البدعة
ولنبحث في معنى قوله : " نعمت البدعة هذه " ، بالبحث عن معنى البدعة .
وهل تنقسم إلى بدعة حسنة وأُخرى مذمومة ؟
وما رأي العلماء فيها ؟
وفي فعله إياها ؟
وهل تناقض السنة النبوية الشريفة ؟
تعريف البدعة :
للبدعة في اللغة أصلان أحدهما : البَدَع من بَدَعَ ، وثانيهما : الإبداع من أبدعَ .
يقول الفراهيدي : البَدَع : هو إحداث شيء لم يكن له من قبل خلق ولا ذكر ولا معرفة (1) .
………………………
(1) العين : ج2 ص 54 .
25
……………………………………
ويقول الراغب : الإبداع : هو إنشاء صفة بلا احتذاء واقتداء (1) .
وقال ابن منظور (2) . في بيان معنى البدعة : الشيء الذي يكون أولاً . وجمع البدعة ( البدع ) وإنما سميت ( بدعة ) لأن قائلها ابتدعها هو نفسه .
قال تعالى { وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا } (3) . أي أحدثوها من عند أنفسهم .
خلاصة القول :
أن المعنى اللغوي للبدعة : هو الشيء الذي يُبتكرُ ويُخترع من دون مثال سابق ، ويُبتدأ به بعد إن لم يكن موجودا .
والمعنى الاصطلاحي : هو إدخال ما ليس من الدين فيه .
وعليه فقول عمر : " نعمت البدعة هذه " إن أريد بالبدعة المعنى اللغوي فهو يعني الأمر الحادث من دون مثال سابق . وإن أريد به المعنى الاصطلاحي فهو يعني الحادث الذي لا أصل له في
…………………………
(1) مفردات الفاظ القرآن الكريم : ص 360 .
(2) لسان العرب : ج 8 ص 60 .
(3) سورة الحديد : 27 .
26
…………………………………
الدين .وعلى كلا المعنيين تثبت أنها بدعة . ناهيك عن قول عمر نفسه : " أني أرى لو جمعت هؤلاء على قارىءٍ واحد لكان أمثل " هذا القول الذي يعني تشريعاً ابتدائياً للصلاة ! ولم يُعلم أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال يوماً أني أرى … ويشرع أمراً من قبل نفسه .
قال تعالى : { وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ ، لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ ، ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ } (1)
تقسيم البدعة :
وفي محاولة لتبرير إطلاق ( عمر ) لفظ البدعة على التراويح ، اضطر القوم إلى تقسيم البدعة إلى مذمومة وممدوحة !
روى البيهقي عن الشافعي أنه قال : المحدثات من الأمور ضربان : أحدهما ما أُحدث مما يخالف كتاباً أو سنةً أو أثراً أو إجماعاً . فهذه البدعة الضلالة والثاني ما أُحدث من الخير ، لا خلاف فيه لواحد من العلماء . وهذه محدثة غير مذمومة . وقال
………………………
(1) الحاقة : 44 – 46 .
27
………………………………
عمر ( رض ) في قيام شهر رمضان : نعمت البدعة هذه (1)
قال الربيع معقباً على ذلك : وقد استند في كلا التعبيرين إلى قول عمر ( رض ) في صلاة التراويح : نعمت البدعة هذه (2)
ومثله تقسيم ابن حزم وقوله ومنها ما يؤجر عليه صاحبه ، وهو ما كان أصله الإباحة كما روي عن عمر (رض): نعمت البدعة هذه .
وكذلك تقسيم ابن الأثير في ( جامع الأصول ) (3) وقوله : ويعضد ذلك قول عمر بن الخطاب ( رض ) في صلاة التراويح : نعمت البدعة هذه .
وللجاكمودي قصيدة يقول فيها :
ومثّلوا المندوب كاجتماع ..... عند التراويح بلا نزاع
ووصل هذا التقسيم إلى كتب اللغـة !
فابن الأثير في ( النهاية ) يقول : " وفي حديث عمر ( رض )
…………………………
(1) فتح الباري : ج 4 ص 296 .
(2) الاساس في السنة وفقهها : سعيد حوى ص 359 ، المصابيح في صلاة التراويح : ص 19 . (3) جامع الاصول : ج 1 ص 280 – 281 .
28
………………………………
في قيام رمضان : نعمت البدعة هذه . البدعة بدعتان بدعة هدى وبدعة ضلال ! ويأخذ في بيانها إلى أن يقول : ومن هذا النوع قول عمر ( رض ) نعمت البدعة هذه. لما كانت من أفعال الخير وداخلة في حيز المدح سماها بدعة ومدحها لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يسنّها لهم ، وإنما صلاها ليالي ثم تركها ولم يحافظ عليها ولا جمع الناس لها ولا كانت في زمن أبي بكر، وإنما عمر ( رض ) جمع الناس عليها وندبهم إليها فبهذا سمّاها بدعة . وهي في الحقيقة سنة لقوله صلى الله عليه وسلم : عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي * ، وقوله : اقتدوا بالذي من بعدي أبي بكر وعمر (1)
أقول : لاحظ التناقض في كلام ابن الأثير هذا فبينما هو يضعها تحت البدعة ويقول : " سماها بدعة ومدحها لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يسنّها لهم ، وإنما صلاها ليالي ثم تركها ولم يحافظ عليها ولا جمع الناس لها ولا كانت في زمن أبى بكر، وإنما عمر ( رض ) جمع الناس عليها وندبهم إليها فبهذا سمّاها بدعة" يقول أنه في الحقيقة سنة!!!!!
…………………………
* في دراسة كتبها الاستاذ حسان عبد المنان حول حديث " عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي فتمسكو بها وعضوا عليها بالنواجذ " المروي عن العرباض بن سارية عن رسول الله صلى الله عليه وآله قال ( الاستاذ حسان عبد المنان ) بعد إن أحصى طرقه التي بلغت سبعة عشر طريقا ، وبعد ان ذكر تضعيف علماء الرجال لهذه الطرق قال : من المعلوم في المنهج الصحيح أن الدليل هو الحجة في التصحيح والتضعيف ، لا أقوال رجال قد يكونون متابعين في أقوالهم لإمام من أئمة الحديث المتساهلين في تصحيحهم أو الغير عارفين . ( حوار مع الشيخ الألباني في مناقشة حديث العرباض بن سارية ص 119 ) .
(1) النهاية : ج 1 ص 106 – 107 .
29
…………………………………
ولا أدري أيُّ حقيقة هذا ؟! والغريب أنه تجاوز العقل والعلم واستدل بأحاديث موضوعة على كونها سنة !! ولا أدري كيف تكون سنة ؟!هل يستوي ما يبلغه رسول الله صلى الله عليه وآله مع ما يفعله عمر ؟!حتى يكون قوله وفعله سنة !! .
لماذا لم تأخذوا بسنة رسول الله صلى الله عليه وآله بعدم استنانها ؟ ! لماذا لم تأخذوا بعدم إقامة أبي بكر لها ؟!
ما وجه الترجيح في أخذكم لفعل عمر دون فعل رسول الله صلى الله عليه وآله ودون فعل أبي بكر ؟!
سلمنا باعتبارها سنة لكم لكنها كيف تكون سنة بالنسبة له أي لعمر ؟!
سلمنا بكل شيء لماذا أخذتم بفعله على كونه سنة ولم تأخذوا بقوله على أنها بدعة ؟!
ولاحظ التناقض الثاني في قوله وادعائه بأن النبي صلى الله عليه وآله : " إنما صلاها ليالي " فلو فرض أنه صلى الله عليه وآله صلاها لليالٍ لكانت سنة وخرجت عن كونها بدعة ولما صح إطلاق عمر لها بقوله : " نعمت البدعة هذه " وغيرها من الأقوال والاحتجاجات التي أثرت عنه وعن أبي بن كعب . ولما صح قول ابن الأثير نفسه
31
…………………………………
بأنه صلى الله عليه وسل لم يسنّها لهم . فلما علمنا من أقوال عمر ووصفه لصلاة التراويح بالبدعة وأنها شيء لم يكن ، وقد علمت .. إلى آخره واحتجاج أبيّ بن كعب وما أعقب هذا الفعل اعني صلاة التراويح من الصحابة والعلماء ومنهم قول ابن الأثير نفسه بأن : " رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يسنّها .. ولا جمع الناس لها ولا كانت في زمن ابي بكر ، وإنما عمر ( رض ) جمع الناس عليها وندبهم إليها فبهذا سمّاها بدعة " . ظهر لك أيها القارئ الكريم فساد ما حاول تصحيحه ابن الأثير من تحويل البدع إلى سنن! وظهر لك أن صلاة التراويح بدعة ليس لها أصل من كتاب أو سنة من قول أو فعل قبل فعل عمر .
ولا أُطيل بتعداد الأدلة على نفي تقسيم البدعة إلى مذمومة وممدوحة واكتفي بذكر دليل واحد :
روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال : " أوصيكم بتقوى الله .. إلى أن قال : ألا وكل بدعة ضلالة ، ألا وكل ضلالة في النار " (1)
……………………………
(1) شرح مسند أحمد بن حنبل : ج 13 – 14 الحديث : 1079 – 1080 – 1093 ، ورواه شهاب الدين الحنبلي في جامع العلوم والحكم ص 28 بعدما نقله عن الترمذي الذي قال عنه حسن صحيح .
32
………………………………
وفي لفظ آخر : " فإن كل بدعة ضلالة وكل ضلالة تسير في النار " (1)
واستعمال ( كل ) دال على الاستيعاب والعموم .
أضف إلى أن قسماً كبيراً من علماء أهل السنة أنفسهم لا يرون تقسيم البدعة إلى مذمومة وممدوحة منهم :
1 - ابن رجب الحنبلي في ( جوامع العلوم والحكم ص 232 ) .
2 - ابن حجر العسقلاني في ( فتح الباري ج 4 ص 296 ) .
3 - أبو إسحاق الشاطبي في ( الاعتصام ج 1 ص 191 – 192 ) .
ويقول منتفداً الرأي القائل بالتقسيم : إن هذا التقسيم أمر مخترع لا يدل عليه دليل شرعي بل هو في نفسه متدافع لأن من حقيقة البدعة أن لا يدل عليها دليل شرعي لا من نصوص الشرع ولا من قواعده ، إذ لو كان هناك ما يدل من الشرع على وجوب أو ندب أو إباحة ، لما كان ثَمَّ بدعة . وكان العمل داخلاً في عموم الأعمال المأمور بها أو المخير فيها ، فالجمع بين تلك الأشياء بدعاً وبين كون الأدلة تدل على وجوبها أو ندبها أو إباحتها جمع بين
…………………………
(1) تلبيس إبليس لابن الجوزي : ص 21 ، كنز العمال : ج 1 ص 221 .
33
……………………………………
متنافيين.
4 - الشيخ محمد بخيت في ( رسالة البدعة ) .
5 - الدكتور دراز كما في ( الأساس ) لسعيد حوى .
6 - محمد جميل زينو في ( العقيدة الإسلامية ص 94 ) . إياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثةٍ بدعة وكل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار , صحيح رواه النسائي وغيره .
7 - صالح الفوزان في ( البدعة .. تعريفها أنواعها أحكامها ) .
8 - العدوي في ( أصول السنن والبدع ) .
9 - الألباني في ( صلاة التراويح ) .
وغيرهم مما يطول تعدادهم ونقل آراؤهم …
وللقسطلاني في إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري كلام يحسن بنا نقله قال : " قال عمر لما رآهم : نعمت البدعة هذه سماها بدعة لأنه صلى الله عليه وسلم لم يسن لهم الاجتماع لها ، ولا كانت في زمن الصديق ، ولا أول الليل ، ولا كل ليلة، ولا هذا العدد " (1)
……………………………
(1) إرشاد الساري : ج 4 ص 656 .
34
………………………………
بعض أقوال علماء
أهل السنة ببدعة التراويح
(1) العلامة أبو الوليد محمد الشحنة في تاريخه عند ذكر وفاة عمر سنة 23 قال : " هو أول من نهى عن بيع أمهات الأولاد من النساء وجمع الناس على أربع تكبيرات في صلاة الجنائز وأول من جمع الناس على إمام يصلي بهم التراويح " .
(2) السيوطي في ( تاريخ الخلفاء ) (1) في أوليات عمر نقل عن العسكري قال : " هو أول من سمي أمير المؤمنين وأول من سنَّ قيام شهر رمضان بالتراويح وأول من حرم المتعة وأول من جمع الناس في صلاة الجنائز على أربع تكبيرات " .
(3) ابن سعد في طبقاته ج 3 عند ترجمة عمر قال : " هو أول
…………………………
(1) تاريخ الخلفاء : ص 144 ، نقلاً عن الأوائل للعسكري : ج 1 ص 225 ، والأوائل لأبي بكر الحنبلي : الباب الثاني ص 37 .
35
………………………………
من سنَّ قيام شهر رمضان بالتراويح وجمع الناس على ذلك وكتب إلى البلدان ، وذلك في شهر رمضان سنة أربع عشرة ، وجعل للناس بالمدينة قارئين ، قارئاً يصلي التراويح بالرجال ، وقارئاً يصلي بالنساء " .
وقد كتب السيوطي رسالة حول صلاة التراويح قال في مقدمتها : " فقد سئلت مرات هل صلى النبي صلى الله عليه وسلم التراويح وهي العشرون ركعة المعهودة الآن ؟ وأنا أجيب : بلا ولا يُقنع مني بذلك فأردت تحرير القول فيها .. " الخ .. (1)
………………………
(1) المصابيح في صلاة التراويح .
36
………………………………
الاختلاف في عدد الركعات
دليل بطلان الصلاة
لعل من أهم أدلة بطلان الصلاة ما وقع من الاختلاف في عدد ركعاتها .
يقول ابن حجر في ( فتح الباري ) (1) :
" ففي الموطأ عن محمد بن يوسف أنها إحدى عشرة .
ورواها المروزي ثلاث عشرة .
وعبد الرزاق إحدى وعشرين .
وعن السائب بن يزيد عشرين ركعة .
وعن يزيد بن رومان بثلاث وعشرين .
وعن محمد بن نصر عشرين وثلاث ركعات الوتر .
وعنه من طريق داود بن قيس بست وثلاثين ركعة ويوترون
……………………………
(1) فتح الباري : ج 4 ص 296 – 297 .
37
………………………………
بثلاث .
وعن الشافعي بتسع وثلاثين بالمدينة وثلاث وعشرين بمكة .
وقال الترمذي اكثر ما قيل أنها تصلى إحدى وأربعين ركعة .
ونقل ابن عبد البر تصلى أربعين ويوترون بتسع وقيل ثمان وثلاثين .
وعن مالك ست وأربعين وثلاث الوتر وهذا هو المشهور عنه .
وعن نافع تسع وثلاثين .
وعن زرارة بن اوفى أنه كان يصلي بالبصرة أربعاً وثلاثين ويوتر .
وعن سعيد بن جبير أربعاً وعشرين وقيل ست عشرة " .
وقال الشيخ الأكبر محي الدين بن العربي : " الذي اختاره أن يصلي ثلاث عشرة ركعة لما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه لم يزد في رمضان ولا في غيره على ثلاث عشرة ركعة .. إلى أن قال : إن الذين يزيدونه على ما قلناه يؤدونه أشأم أداء " (1) .
وما زال الاختلاف إلى اليوم فكتاب الألباني صلاة التراويح
…………………………
(1) الكبريت الأحمر بهامش اليواقيت والجواهر : ج 1 ص 156 .
38
………………………………
رد كما ذكره على إمام جامع الروضة بدمشق والذي كتب كتاباً سماه ( الإصابة ) في نصرة الخلفاء الراشدين والصحابة القائلين بصلاتها عشرين ركعة .
وكتب الدكتور وهبه الزحيلي في ( الفقه الإسلامي وأدلته ) (1) عن ابن عباس أنه قال متحدثاً عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم في شهر رمضان وفي غيره من الشهور : " كان يصلي في شهر رمضان في غير جماعة عشرين ركعة والوتر " . وأنت خبير في أن تقييده بغير جماعة دليل على عدم تشريعها جماعة ، أضف إلى أن الاختلاف ظاهر وكبير بين ما يؤدى الآن وما أُثر عن الأسلاف .
…………………………
(1) الفقه الإسلامي وأدلته : الدكتور وهبة الزحيلي ج 2 ص 44 .
39
………………………………
دعوى حث الإمام علي عليه السلام
عمر على إقامة الصلاة
مما يضحك الثكلى ما ادعاه الألباني بقوله : "وقد كان علي بن أبي طالب يحث عمر ( رضي الله عنهما ) على إقامة هذه السنة إلى أن أقامها " (1) . هكذا أرسلها الألباني ولم يأتي بدليل ! مع أن التاريخ يثبت عكس ما ادعاه ! فأنه عليه السلام كان ينهى عن صلاة التراويح بل زجر الناس عندما رآهم يؤدونها .
فقد ذكر ابن أبي الحديد : " لما اجتمع الناس على أمير المؤمنين عليه السلام بالكوفة سألوه أن ينصب لهم إماماً يصلي بهم نافلة شهر رمضان . فزجرهم ، وعرَّفهم إنَّ ذلك خلاف السنة ، فتركوه
…………………………
(1) صلاة التراويح ص 10 .
40
………………………………
واجتمعوا وقدَّموا بعضهم ، فبعث إليهم الحسن عليه السلام فدخل عليهم المسجد ومعه الدرِّة فلما رأوه تبادروا الأبواب وصاحوا : واعمراه" (1) .
ولاحظ معاناة أمير المؤمنين عليه السلام حيث يقول :
" قد عملت الولاة قبلي أعمالاً خالفوا فيها رسول الله صلى الله عليه وآله متعمدين لخلافه ، ولو حملتُ الناس على تركها لتفرَّقوا عني .. والله لقد أمرت أن لا يجتمعوا في شهر رمضان إلا في فريضة وأعلمتهم أن اجتماعهم في النوافل ( بدعة ) فتنادى بعض أهل عسكري ممن يقاتل معي : يا أهل الإسلام غُيَّرت سنة عمر ! ينهانا عن الصلاة في شهر رمضان تطوعاً . وقد خفتُ أن يثوروا ناحية جانب عسكري .ما لقيت من هذه الأمة من الفرقة ، وطاعة أئمة الضلال والدعاة إلى النار " .
…………………………
(1) شرح نهج ابن أبي الحديد : ج 12 ص 283 .
41
………………………………
هذا ما سمح لي به الوقت بالوقوف عليه لبيان بدعة التراويح . راجيا من المولى القدير العفو والقبول .
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
الرابـع من رمضان 1421 هـ
عبـد الحـسـيـن البـصـري
42
……………………………
مصادر البحث
1 – القرآن الكريم .
2 – إرشاد الساري في شرح صحيح البخاري .
3 – أصول السنن والبدع .
4 – الأساس في السنة وفقهها ، سعدي حوّى .
5 - تاريخ الخلفاء ، جلال الدين السيوطي ، دار القلم العربي – حلب .
6 - تلبيس إبليس ، عبد الرحمن بن الجوزي البغدادي ، تحقيق السيد الجميلي ، دار الكتاب العربي – بيروت .
7 - جامع العلوم والحكم ، شهاب الدين الحنبلي .
8 - جامع الأصول .
9 - حوار مع الشيخ الألباني ، حسان عبد المنان ، مكتبة المنهج العلمي ، بيروت - لبنان .
10 - تهذيب الكمال .
43
……………………………
11 – سنن البيهقي .
12 – سنن النسائي بشرح السيوطي ، دار إحياء التراث العربي ، بيروت – لبنان .
13 - سنن أبو داود ، دار إحياء التراث العربي ، بيروت .
14 - شرح مسند أحمد بن حنبل ، أحمد محمد شاكر ، دار الحديث – القاهرة .
15 - صحيح البخاري ، تعليق الدكتور مصطفى البغا ، دار العلوم الإنسانية - دمشق .
16 - صلاة التراويح ، الشيخ ناصر الدين الألباني – المكتب الإسلامي .
17 - الطبقات الكبرى .
18 - الفقه الإسلامي وأدلته ، الدكتور وهبة الزحيلي .
19 – فتح الباري في شرح صحيح البخاري ، أحمد بن علي بن حجر العسقلاني ، تحقيق عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، دار صلاح الدين – القاهرة .
20 - كنز العمال ، علاء الدين المتقي الهندي .
21 - كتاب العين ، الخليل بن أحمد الفراهيدي ، مؤسسة الأعلمي ، بيروت – لبنان .
44
……………………………
22 – الكبريت الأحمر بذيل اليواقيت والجواهر ، الشيخ محي الدين العربي ، دار إحياء التراث العربي ، مؤسسة التاريخ العربي – بيروت .
23 - المصابيح في صلاة التراويح ، جلال الدين السيوطي ، تحقيق الشيخ مصطفى الخضر .
24 - النهاية في غريب الحديث والأثر .
45
……………………………
الفهرس
المقدمة ………………………………………… 5
صلاة التراويح …………………………………… 7
ما هي البدعة ……………………………………. 25
بعض أقوال علماء أهل السنة ببدعة التراويح ……………… 35
الاختلاف في عدد الركعات دليل بطلان الصلاة …………… 37
دعوى حث الإمام علي عليه السلام عمر على إقامة الصلاة …… 40
مصادر البحث …………………………………… 43
الفهرس ………………………………………… 46
46
__________________
.
بين البدعة والتشريع
.
.
عبد الحسين البصري
...................................
مقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم
قال الله تعالى :
{ وَمَا آتَاكُمْ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا } (1)
وقال :
{ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا } (2)
يؤدي البعض في شهر رمضان من كل عام صلوات بكيفية وأعداد مختلفة تسمى بصلاة التراويح .
أين موقع هذه الصلاة من السنة النبوية ؟
………………………………
(1) سورة الحشر : الآية 7 .
(2) سورة الأحزاب : الآية 21 .
5
……………………………………………………
وما هو الدليل عليها ؟
وهل هي بدعة أم لا ؟
وما هي البدعة وأقسامها ؟
وهل تندرج صلاة التراويح تحت قسم الحسن من البدع ؟
هذا ما سنحاول بيانه للاخوة المؤمنين إنشاء الله تعالى في هذا البحث .
6
……………………………………
صلاة التراويح
لعل عمدة ما أستُدِلَّ به على صلاة التراويح ما ذكره الألباني في كتيبه الموسوم ( صلاة التراويح ) .
فقد احتج لمشروعيتها جماعةً في رمضان بهذه الأخبار :
1 - عن النعمان بن بشير قال : " قمنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة ثلاث وعشرين في شهر رمضان إلى ثلث الليل الأول ، ثم قمنا معه ليلة خمس وعشرين إلى نصف الليل ، ثم قام بنا ليلة سبع وعشرين حتى ظننا أن لا ندرك الفلاح ، قال: وكنا ندعو السحور الفلاح " (1)
2 _ عن أنس قال : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي في رمضان فجئت فقمت إلى جنبه ثم جاء آخر ، ثم جاء آخر حتى كنا رهطاً ، فلما أحسَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أنّا خلفه تجوز في الصلاة ، ثم
……………………………
(1) صلاة التراويح : محمد ناصر الدين الألباني ، الطبعة الثانية 1405 هـ _ 1985 م المكتب الاسلامي ، ص 10
7
………………………………
دخل منزله ، فلما دخل منزله صلى صلاة لم يصلها عندنا فلما أصبحنا ، قلنا : يا رسول الله أو فطنت لنا البارحة ؟ فقال : نعم، وذاك الذي حملني على ما صنعت " (1)
3 – عن عائشة قالت : " [ كان الناس يصلون في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم رمضان بالليل أوزاعاً يكون مع الرجل شيء من القرآن فيكون معه النفر الخمسة و الستة أو أقل من ذلك أو أكثر ، فيصلون بصلاته، فأمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة من ذلك أن أنصب له حصيراً على باب حجرتي ففعلت فخرج إليه رسول الله بعد ان صلى العشاء الآخرة ، قالت : فاجتمع إليه من في المسجد فصلى بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلاً طويلاً ، ثم انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخل ، وترك الحصير على حاله ، فلما اصبح الناس تحدثوا بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بمن كان معه في المسجد تلك الليلة [ فاجتمع أكثر ] منهم وأمسى المسجد راجّا بالناس ، [ فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في الليلة الثانية فصلوا بصلاته فأصبح الناس يذكرون ذلك فكثر أهل المسجد [ حتى اغتص بأهله ] من الليلة الثالثة ، فخرج فصلوا
……………………………
(1) المصدر السابق ص 10
8
…………………………………
بصلاته ، فلما كانت الليلة الرابعة عجز المسجد عن أهله ] ، فصلى بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم العشاء الآخرة ، ثم دخل بيته، وثبت الناس، قالت : فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم ما شأن الناس يا عائشة ؟ قالت : فقلت له: يا رسول الله سمع الناس بصلاتك البارحة بمن كان في المسجد فحشدوا لذلك لتصلي بهم ، قالت : فقال : إطوِ عنا حصيرك يا عائشة ، قالت : ففعلت ، وبات رسول الله صلى الله عليه وسلم غير غافل وثبت الناس مكانهم [ فطفق رجال منهم يقولون : الصلاة ] حتى خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الصبح [ فلما قضى الفجر ، أقبل على الناس ، ثم تشهد فقال أما بعد ] أيها الناس ، أما والله ما بِتّ والحمد لله ليلتي هذه غافلاً ، وما خفي علي مكانكم ، ولكني تخوفت أن يفترض عليكم ( وفي رواية : ولكن خشيت أن تفرض عليكم صلاة الليل فتعجزوا عنها ) ، فاكلفوا من الأعمال ما تطيقون فإن الله لا يمل حتى تملوا " .
" زاد في رواية أُخرى : قال الزهري : فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم والناس على ذلك ، ثم كان الأمر على ذلك في خلافة أبي بكر
9
…………………………………
وصدراً من خلافة عمر " (1)
4 _ عن حذيفة بن اليمان قال : " قام رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة في رمضان في حجرة من جريد النخل ثم صبَّ عليه دلواً من ماء ، ثم قال : [ الله أكبر ] الله أكبر ، [ ثلاثاً ] ، ذا الملكوت ، والجبروت ، والكبرياء ، والعظمة ، [ ثم قرأ البقرة ، قال : ثم ركع ، فكان ركوعه مثل قيامه ، فجعل يقول في ركوعه : سبحان ربي العظيم ، سبحان ربي العظيم، [مثلما كان قائماً ] ، ثم رفع رأسمن الركوع فقام مثل ركوعه فقال : لربي الحمد ، ثم سجد ، وكان في سجوده مثل قيامه ، وكان يقول في سجوده سبحان ربي الأعلـى ، ثم رفع رأسه من السجود [ ثم جلس ] ، وكان يقول بين السجدتين : رب أغفر لـي [ رب أغفر لي ] وجلس بقدر سجوده [ ثم سجد فقال: سبحان ربي الأعلى مثلما كان قائماً ] ، فصلى أربع ركعات يقرأ فيهن البقرة وآل عمران والنساء والمائدة والأنعام حتى جاء بلال فآذنه بالصلاة " (2)
5 _ كما احتج العدوي لصلاة التراويح بحديث لأبي ذر ،
……………………………
(1) المصدر السابق : ص 10
(1) المصدر السابق : ص 11 _ 12
10
…………………………………
قال : صمنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم رمضان ، فلم يقم بنا شيئاً من الشهر حتى بقي سبع فقام بنا حتى ذهب ثلث الليل ، فلما كانت السادسة لم يقم بنا فلما كانت الخامسة قام بنا حتى ذهب شطر الليل ، فقلنا يا رسول الله : لو نفلتنا قيام هذه الليلة فقال : " إن الرجل إذا صلى مع الإمام حتى ينصرف حسب له قيام ليله ، فلما كانت الرابعة لم يقم ، فلما كانت الثالثة جمع أهله ونسائه والناس ، فقام بنا حتى خشيت أن يفوتنا الفلاح – قال – قلت : ما الفلاح ؟ قال السحور ، ثم لم يقم بنا بقية الشهر . أخرجه أبو داود ومثله في الترمذي . (1)
وفيها :
أولاً - التناقض في عدد الليال ! :
فبينما يذكر الخبر الأول عن النعمان بن بشير أنها ثلاث ليالٍ :
" قمنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة ثلاث وعشرين في شهر رمضان إلى
(1) المصدر السابق ص 13 – 14 ، سنن الترمذي ج 2 كتاب الصوم : ص 169 ح806 ، وسنن النسائي ج 3 باب قيام شهر رمضان ص 202 ، وسنن أبو داود : ج 2 باب قيام شهر رمضان ص 50 ح 1375 ، وأصول في السنن والبدع : ص 99 .
11
………………………………
ثلث الليل الأول ، ثم قمنا معه ليلة خمس وعشرين إلى نصف الليل، ثم قام بنا ليلة سبع وعشرين حتى ظننا أن لا ندرك الفلاح " .
وكذلك الخبر الخامس الذي ذكره العدوي عن أبي ذر :
" .. فلم يقم بنا شيئاً من الشهر حتى بقي سبع فقام بنا حتى ذهب ثلث الليل ، فلما كانت السادسة لم يقم بنا فلما كانت الخامسة قام بنا حتى ذهب شطر الليل ، … فلما كانت الرابعة لم يقم ، فلما كانت الثالثة جمع أهله ونسائه والناس ، فقام بنا حتى خشيت أن يفوتنا الفلاح .. " .
يظهر من الخبر الثاني عن أنس أنها كانت ليلة واحدة فقط : " قلنا : يا رسول الله أو فطنت لنا البارحة ؟ .. " .
وكذلك يذكر الخبر الثالث عن عائشة : " .. قالت : فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم ما شأن الناس يا عائشة ؟ قالت : فقلت له : يا رسول الله سمع الناس بصلاتك البارحة بمن كان في المسجد فحشدوا لذلك لتصلي بهم ، قالت : فقال : إطوِ عنا حصيرك يا عائشة . "
والخبر الرابع عن حذيفة بن اليمان أيضا : " قام رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة في رمضان .. " .
12
…………………………………
ثانياً - الاختلاف في أوقات الليال المُقام فيها :
يذكر الخبر الأول أن الإقامة كانت في ليلة الثالث والعشرين إلى ثلث الليل الأول ، وإلى نصف الليل ليلة الخامس والعشرين ، وإلى السحور ليلة السابع والعشرين .
وكذلك الظاهر من الخبر الخامس عن أبي ذر باختلاف يسير في التعبير .
بينما لا يتعرض الخبر الثاني عن أنس والخبر الثالث عن عائشة للوقت .
ويشير الخبر الرابع عن حذيفة بن اليمان إلى أن الإقامة استغرقت الليل كله إلى صلاة الصبح .
ثالثاً - خلو كل من الخبر الأول عن النعمان بن بشير والخامس عن أبي ذر عن ذكر ماهية الإقامة :
وما جاء في الخبر الخامس مما نُسب من قول لرسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال : " إن الرجل إذا صلى مع الإمام حتى ينصرف حسب له قيام ليله " ، لا يفيد في إقامته لصلاة التراويح . وإلا لما صح طلبهم النافلة في قولهم هذا : " فقلنا يا رسول الله : لو نفلتنا قيام
13
………………………………………
هذه الليلة " ضرورة إتيانه بها ، بل إتيانهم لها .
والظاهر من إقامته صلى الله عليه وآله في تلك الليال إقامته لها بالدعاء وقراءة القرآن و الصلاة منفرداً من غير جماعة وإلا لما صح طلب النافلة كما بينا ، خاصة وأن تلك الليال من العشر الأواخر من رمضان والتي ورد أن فيها ليلة القدر وأنها ليلة مباركة ليلة أُنزل القرآن فيها وهي خير من ألف شهر .
ويؤيد هذا ما ورد في الخبر الخامس من أنه صلى الله عليه وآله جمع أهله ونسائه في الليلة الثالثة المصادفة لليلة السابع والعشرين من رمضان .
رابعاً - قيام ليلة أو ثلاثة ليال في أواخر شهر رمضان لا دلالة فيه على قيام شهر رمضان بصلاة التراويح جماعة وبعدد معين من الركع كما نراها الآن.
خامساً - على فرض التسليم بإرادة الصلاة نلاحظ :
أ ) خلو هذه الأخبار عن ذكر عدد الركعات .
ب ) خلوّها عن كيفية الصلاة . ما عدا ما جاء في الخبر الرابع عن حذيفة وستعرف ضعفه .
ج ) اعتلالها .
14
………………………………
# ففي الخبر الثاني عن أنس نجد :
1 - قوله : تجوّز في الصلاة ، والتجوّز يعني التخفيف . بمعنى أنه صلى الله عليه وآله خفف صلاته لكي ينتهي منها على وجه السرعة .
2 - دخوله صلى الله عليه وآله بعد تجوزه أي تخفيفه لصلاته منزله دليل على عدم رضاه عن فعلهم .
3 - جوابه صلى الله عليه وآله لهم حين قالوا : " أو فطنت لنا البارحة " بقوله : " نعم ، وذاك الذي حملني على ما صنعت )" . دليلٌ على أن فعلهم هو الذي حمله صلى الله عليه وآله على ما صنع من تخفيفه الصلاة وتعبيراً عن عدم رضاه لما فعلوه .
4 - الكيفية التي عرف بها أنس أنه صلى الله عليه وآله بعد دخوله منزله صلى صلاة لم يصلها عندما كان معهم ! بقوله : " فلما دخل منزله صلى صلاة لم يصلها عندنا " ! .
# وفي الخبر الثالث عن عائشة نرى :
1 _ افتقار صلاة أولئك الأوزاع الخمسة والستة أو أقل أو أكثر رمضان بالليل في مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله بدون أمر أو إقرار سابق منه صلى الله عليه وآله افتقار فعلهم المستند الشرعي . وعليه يُعدُّ فعلهم في حد ذاته بدعة .
15
……………………………………
2 - وقوع التناقض في الخبر فبينما تقول عائشة : " فأمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة من ذلك أن أنصب له حصيراً على باب حجرتي ففعلت فخرج إليه رسول الله بعد أن صلى العشاء الآخرة ، قالت : فاجتمع إليه من في المسجد فصلى بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلاً طويلاً ، ثم انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخل ، وترك الحصير على حاله " قالت : " فلما اصبح الناس تحدثوا بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بمن كان معه في المسجد تلك الليلة [ فاجتمع أكثر] منهم وأمسى المسجد راجّا بالناس ، [ فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في الليلة الثانية فصلوا بصلاته فأصبح الناس يذكرون ذلك فكثر أهل المسجد [ حتى اغتص بأهله ] من الليلة الثالثة ، فخرج فصلوا بصلاته ، فلما كانت الليلة الرابعة عجز المسجد عن أهله ] ، فصلى بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم العشاء الآخرة ، ثم دخل بيته ، وثبت الناس ، قالت : فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم ما شأن الناس يا عائشة ؟ قالت : فقلت له : يا رسول الله سمع الناس بصلاتك البارحة بمن كان في المسجد فحشدوا لذلك لتصلي بهم ، قالت : فقال : إطوِ عنا حصيرك يا عائشة ، قالت : ففعلت." . فهل كانت صلاة رسول الله صلى الله عليه وآله على تلك الحصير التي نصبتها عائشة أمام باب حجرتها
16
……………………………………
أم في المسجد ؟!
3 - على فرض أن باب حجرتها محراب رسول الله صلى الله عليه وآله ! وأن بيتها مسجد رسول الله ! لا يمكن لقائل أن يقول أنه صلى الله عليه وآله صلى ليلتين أُخريين بعد أن يرى سؤال رسول الله صلى الله عليه وآله لعائشة بقوله : " ما شأن الناس يا عائشة ؟ " وجواب عائشة : "يا رسول الله سمع الناس بصلاتك البارحة" واستغرابه صلى الله عليه وآله . خاصة وأنه قال بعد سماع جواب عائشة : " إطوِ عنا حصيرك يا عائشة ". وهذا الأمر كاشف عن عدم رضاه واستنكاره لفعلهم مما دعى رسول الله صلى الله عليه وآله أن يخطبهم فجرا !
4 - تركه الصلاة في الليلة الرابعة لو صح أنه صلى الله عليه وآله صلى الليال الثلاث مع أن تصحيحها يقتضي التناقض مع آخر الحديث وأعني به عدم صحة قول عائشة " سمع الناس بصلاتك البارحة … " . تركه الصلاة في تلك الليلة ودخوله بيته كاشف عن عدم تشريعها جماعة وإلا لما تركها . فكان سؤاله واستغرابه لا معنى له ! خاصة وقد مر كما في الخبر الثاني أنه قد خفف صلاته ودخل بيته وقال : " ذاك هو الذي حملني على ما صنعت " .
5 - كيف حصل لأم المؤمنين عائشة العلم بأن الناس تصلي
17
…………………………………
رمضان بصلاة من معه شيء من القرآن ، وهي امرأة ولا يجوز لها أن تطلع على الرجال ولا يجوز للنساء دخول مسجد الرجال ، ناهيك عن كونها أم المؤمنين والأمر مشدد معها ؟!
# أما في الخبر الرابع عن حذيفة فنجد :
1 - بعد فرض التسليم باستواء الأركان ، هناك خلل في المتن ، ففيه ثم قرأ البقرة ، ثم ركع ، فكان ركوعه مثل قيـامه ( الظاهر في طول الوقت) فجعل يقول في ركوعه سبحان ربي العظيم سبحان ربي العظيم ، مثلما كان قائما . فهل كان رسول الله صلى الله عليه وآله يسبح في قيامه أم يقرأ السورة ؟! الظاهر من الخبر والمعروف أنه صلى الله عليه وآله لم يسبح في قيامه وإنما قرأ البقرة . وكذلك في السجدتين : رب اغفر لي [ رب اغفر لي ] وجلوسه: وجلس بقدر سجوده ، ثم سجد فقال : سبحان ربي الأعلى مثلما كان قائما ! وإلا فأين يقرأ وخاصة تلك السور الطوال البقرة وآل عمران والنساء والمائدة والأنعام ؟!
2 - أنه صلى الله عليه وآله صلى أربع ركعات بقراءة السور المار ذكرها ولم يصلي احدى عشر ركعة ولا عشرين ولا غيرها من الأعداد المذكورة لصلاة التراويح فهي بهذه العدد والكيفية وطول الوقت
18
…………………………………
تختلف عن الصورة المراد اثباتها بها . أعني صلاة التراويح ! ..
3 - أعلَّ النسائي هذا الحديث بقوله : " مرسل وطلحة بن يزيد لا أعلمه سمع من حذيفة شيئاً " .
سادساً : ورد في الحديث الثالث عن عائشة قول الزهري : فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم والناس على ذلك ، ثم ان الأمر على ذلك في خلافة أبي بكر وصدراً من خلافة عمر. وهو كما ترى دليل على عدم تشريعها.
قال العسقلاني في ( فتح الباري بشرح صحيح البخاري ) (1)
ما هذا نصه :
( قال ابن شهاب فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم والناس - في رواية الكشميهني - والأمر ( على ذلك ) ؛ أي على ترك الجماعة في التراويح ) . وقال : ولأحمد من رواية ابن أبي ذئب عن الزهري في هذا الحديث ( ولم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم جمع الناس على القيام ) . وقد أدرج بعضهم قول ابن أبي شهاب في نفس الخبر ، أخرجه الترمذي عن طريق معمر بن أبي شهاب .
…………………………
(1) فتح الباري بشرح صحيح البخاري : ج 4 كتاب صلاة التراويح ص 295 .
19
………………………………
وهل هذا إلا تصريح من العسقلاني بأن رسول الله صلى الله عليه وآله لم يصل هذه الصلاة ، ولم يجمع الناس لها؟
سابعاً : تصريح أُبي بن كعب بأنها لم تكن على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله .
روى المتقي الهندي عن أُبي بن كعب أن عمر بن الخطاب أمره أن يصلي بالليل في رمضان ، فقال : إن الناس يصومون النهار ، ولا يحسنون ان يقرأوا ، فلو قرأت عليهم بالليل ، فقال : يا أمير المؤمنين هذا شيء لم يكن ، فقال : قد علمتُ ، ولكنه حسن !
فصلى بهم عشرين ركعة (1) .
ورواه الألباني عن الضياء المقدسي في ( المختارة : 1 / 384 ) عن أبي جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن أبي العالية عن أُبي بن كعب أن عمر أمر أُبيّاً أن يصلي بالناس في رمضان فقال : إن الناس يصومون النهار ولا يحسنون أن يقرأوا ، فلو قرأت القرآن عليهم بالليل ، فقال : يا أمير المؤمنين هذا شيء لم يكن ، فقال : قد علمت ، ولكنه أحسن ، فصلى بهم عشرين ركعة (2) .
…………………………
(1) كنز العمال : ج8 ص 409 ح 23471 .
(2) صلاة التراويح ص 69 .
20
………………………………
إذا عرفت هذا ظهر لك فساد استدلال الألباني بمرسلة ثعلبة بن أبي مالك القرظي قال : " خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة في رمضان ، فرأى ناساً في ناحية المسجد يصلون ، فقال : ما يصنع هؤلاء ؟ قال قائل : يا رسول الله هؤلاء ناس ليس معهم قرآن وأبي بن كعب يقرأ ، وهم معه يصلون بصلاته ، فقال : قد أحسن ، وقد أصابوا ، ولم يكره ذلك لهم " (1) رواه البيهقي وقال : هذا مرسل . وجرح العلماء في الراوي ثعلبة نفسه .
وفي رواية أخرى عن أبي هريرة رواها البخاري كما في فتح الباري ج 4 ص 253 فيها : فقال أصابوا ونعم ما صنعوا (2) .
وذكر ابن حجر العسقلاني لضعفه سببين :
الأول : أن فيه مسلم بن خالد وهو ضعيف (3) .
والثاني : أن الحديث يذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم قد جمع الناس على أُبي بن كعب ، ثم قال : والمحفوظ أن عمر هو الذي جمع الناس
……………………………
(1) سنن البيهقي : ج2 ص 465 .
(2) سنن أبي داود : ج 2 باب قيام شهر رمضان ، وص 50 – 51 ح 1377 .
(3) المصدر السابق .
21
…………………………………
على أُبي بن كعب (1) .
يقول : وأما ما رواه ابن وهب عن أبي هريرة " خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وإذا الناس في رمضان يصلّون في ناحية المسجد . فقال : ما هذا ؟ فقيل : ناس يصلي بهم أُبي بن كعب فقال : أصابوا ونعم ما فعلوا " . ذكره ابن عبد البر ، وفيه مسلم بن خالد وهو ضعيف (2) ، والمحفوظ أن عمر هو الذي جمع الناس على أُبي بن كعب .
أقول وذكر المزي في ( تهذيب الكمال ج 27 ص 512 ) . مسلم بن خالد هذا : قال علي بن المديني ليس بشيء ، وقال البخاري منكر الحديث ، وقال النسائي ليس بالقوي ، وقال أبو حاتم ليس بذلك القوي ، منكر الحديث ، يكتب حديثه ولا يحتج به .
ومن هذا نستدل بأن ما استدل به الألباني من مرسلة القرظي وما ادعاه من تصويب النبي لهذه الصلاة لا حجية فيها ، ناهيك
…………………………
(1) فتح الباري : ج 4 كتاب صلاة التراويح ص 295 .
(1) سنن أبي داود : ج 2 باب قيام شهر رمضان ص 50 – 51 ح 1377 .
22
………………………………
عن أنها لم تأتي بأي ذكر مما يصنعوه في صلاة التراويح .
دعوى الألباني ضعف حديث أُبي .
وقد حاول الألباني تضعيف حديث أُبي بقوله : أنه ( أي عمر ) أمر أُبيّاً أن يقوم للناس ولا يعقل أن يخالف أُبي أمر أمير المؤمنين . ويبعد أن يقول أُبي (هذا شيء لم يكن ) ويوافقه عمر رضي الله عنهما (1) .
أقول : مر في الحديثين من كنز العمال والمختارة قول أُبي لعمر وموافقة عمر له بقوله : قد علمت . فلا معنى لقوله :
( لا يعقل أن يخالف أُبي أمر أمير المؤمنين ويبعد أن يقول هذا شيء لم يكن ويوافقه عمر ) .
فلتضعيف الأحاديث أصول وقواعد ليس منها تحكيم النفس وميولها .
ثامناً : اعتراف عمر بابتداعها !
مرَّ قوله في جواب أُبي واستنكاره بقوله : " هذا شيء لم يكن " عند المتقي الهندي والضياء المقدسي بقوله أي عمر: " قد علمت ، ولكنه حسن " ، "ولكنه أحسن "
وروى البخاري ج 2 ص 252 عن عبد الرحمن بن عبدٍ القاريّ أنه قال :
……………………………
(1) صلاة التراويح : 70 .
23
……………………………………
خرجت مع عمر بن الخطاب ( رض ) ليلةً في رمضان إلى المسجد ، فإذا الناس أوزاع متفرقون ، يصلي الرجل لنفسه ، ويصلي الرجل فيصلي بصلاته الرهط . فقال عمر، إني أرى لو جمعت هؤلاء على قارئ واحد لكان أمثل . ثم عزم فجمعهم على أُبي بن كعب ، ثم خرجت معه ليلةً أخرى ، والناس يصلون بصلاة قارئهم . قال عمر : نعم البدعة هذه . والتي ينامون عنها أفضل من التي يقومون – يريد آخـر الليـل – وكان الناس يقومون أوله (1) .
وفي الموطأ أن عمر قال : " نعمت البدعة هذه " (2) .
وأنت ترى أن هذا الأثر ينقض بل يهدم ما بنوا من أدلة على مشروعية صلاة التراويح .
وقول من حاولوا جعلوا التراويح سنة لفعله يهُدُّ أُسس ما أسسوه من قواعد لتبرير فعله قال : نعمت البدعة هذه، وقد علمت ( أي هذا لم يكن على شيء ) ولكنه حسن ، أو أحسن .
…………………………
(1) صحيح البخاري : ج 1 كتاب صلاة التراويح ص 657 .
(2) الموطأ : للإمام مالك باب ما جاء في قيام رمضان ص 114 .
24
………………………………
ما هي البدعة
ولنبحث في معنى قوله : " نعمت البدعة هذه " ، بالبحث عن معنى البدعة .
وهل تنقسم إلى بدعة حسنة وأُخرى مذمومة ؟
وما رأي العلماء فيها ؟
وفي فعله إياها ؟
وهل تناقض السنة النبوية الشريفة ؟
تعريف البدعة :
للبدعة في اللغة أصلان أحدهما : البَدَع من بَدَعَ ، وثانيهما : الإبداع من أبدعَ .
يقول الفراهيدي : البَدَع : هو إحداث شيء لم يكن له من قبل خلق ولا ذكر ولا معرفة (1) .
………………………
(1) العين : ج2 ص 54 .
25
……………………………………
ويقول الراغب : الإبداع : هو إنشاء صفة بلا احتذاء واقتداء (1) .
وقال ابن منظور (2) . في بيان معنى البدعة : الشيء الذي يكون أولاً . وجمع البدعة ( البدع ) وإنما سميت ( بدعة ) لأن قائلها ابتدعها هو نفسه .
قال تعالى { وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا } (3) . أي أحدثوها من عند أنفسهم .
خلاصة القول :
أن المعنى اللغوي للبدعة : هو الشيء الذي يُبتكرُ ويُخترع من دون مثال سابق ، ويُبتدأ به بعد إن لم يكن موجودا .
والمعنى الاصطلاحي : هو إدخال ما ليس من الدين فيه .
وعليه فقول عمر : " نعمت البدعة هذه " إن أريد بالبدعة المعنى اللغوي فهو يعني الأمر الحادث من دون مثال سابق . وإن أريد به المعنى الاصطلاحي فهو يعني الحادث الذي لا أصل له في
…………………………
(1) مفردات الفاظ القرآن الكريم : ص 360 .
(2) لسان العرب : ج 8 ص 60 .
(3) سورة الحديد : 27 .
26
…………………………………
الدين .وعلى كلا المعنيين تثبت أنها بدعة . ناهيك عن قول عمر نفسه : " أني أرى لو جمعت هؤلاء على قارىءٍ واحد لكان أمثل " هذا القول الذي يعني تشريعاً ابتدائياً للصلاة ! ولم يُعلم أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال يوماً أني أرى … ويشرع أمراً من قبل نفسه .
قال تعالى : { وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ ، لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ ، ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ } (1)
تقسيم البدعة :
وفي محاولة لتبرير إطلاق ( عمر ) لفظ البدعة على التراويح ، اضطر القوم إلى تقسيم البدعة إلى مذمومة وممدوحة !
روى البيهقي عن الشافعي أنه قال : المحدثات من الأمور ضربان : أحدهما ما أُحدث مما يخالف كتاباً أو سنةً أو أثراً أو إجماعاً . فهذه البدعة الضلالة والثاني ما أُحدث من الخير ، لا خلاف فيه لواحد من العلماء . وهذه محدثة غير مذمومة . وقال
………………………
(1) الحاقة : 44 – 46 .
27
………………………………
عمر ( رض ) في قيام شهر رمضان : نعمت البدعة هذه (1)
قال الربيع معقباً على ذلك : وقد استند في كلا التعبيرين إلى قول عمر ( رض ) في صلاة التراويح : نعمت البدعة هذه (2)
ومثله تقسيم ابن حزم وقوله ومنها ما يؤجر عليه صاحبه ، وهو ما كان أصله الإباحة كما روي عن عمر (رض): نعمت البدعة هذه .
وكذلك تقسيم ابن الأثير في ( جامع الأصول ) (3) وقوله : ويعضد ذلك قول عمر بن الخطاب ( رض ) في صلاة التراويح : نعمت البدعة هذه .
وللجاكمودي قصيدة يقول فيها :
ومثّلوا المندوب كاجتماع ..... عند التراويح بلا نزاع
ووصل هذا التقسيم إلى كتب اللغـة !
فابن الأثير في ( النهاية ) يقول : " وفي حديث عمر ( رض )
…………………………
(1) فتح الباري : ج 4 ص 296 .
(2) الاساس في السنة وفقهها : سعيد حوى ص 359 ، المصابيح في صلاة التراويح : ص 19 . (3) جامع الاصول : ج 1 ص 280 – 281 .
28
………………………………
في قيام رمضان : نعمت البدعة هذه . البدعة بدعتان بدعة هدى وبدعة ضلال ! ويأخذ في بيانها إلى أن يقول : ومن هذا النوع قول عمر ( رض ) نعمت البدعة هذه. لما كانت من أفعال الخير وداخلة في حيز المدح سماها بدعة ومدحها لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يسنّها لهم ، وإنما صلاها ليالي ثم تركها ولم يحافظ عليها ولا جمع الناس لها ولا كانت في زمن أبي بكر، وإنما عمر ( رض ) جمع الناس عليها وندبهم إليها فبهذا سمّاها بدعة . وهي في الحقيقة سنة لقوله صلى الله عليه وسلم : عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي * ، وقوله : اقتدوا بالذي من بعدي أبي بكر وعمر (1)
أقول : لاحظ التناقض في كلام ابن الأثير هذا فبينما هو يضعها تحت البدعة ويقول : " سماها بدعة ومدحها لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يسنّها لهم ، وإنما صلاها ليالي ثم تركها ولم يحافظ عليها ولا جمع الناس لها ولا كانت في زمن أبى بكر، وإنما عمر ( رض ) جمع الناس عليها وندبهم إليها فبهذا سمّاها بدعة" يقول أنه في الحقيقة سنة!!!!!
…………………………
* في دراسة كتبها الاستاذ حسان عبد المنان حول حديث " عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي فتمسكو بها وعضوا عليها بالنواجذ " المروي عن العرباض بن سارية عن رسول الله صلى الله عليه وآله قال ( الاستاذ حسان عبد المنان ) بعد إن أحصى طرقه التي بلغت سبعة عشر طريقا ، وبعد ان ذكر تضعيف علماء الرجال لهذه الطرق قال : من المعلوم في المنهج الصحيح أن الدليل هو الحجة في التصحيح والتضعيف ، لا أقوال رجال قد يكونون متابعين في أقوالهم لإمام من أئمة الحديث المتساهلين في تصحيحهم أو الغير عارفين . ( حوار مع الشيخ الألباني في مناقشة حديث العرباض بن سارية ص 119 ) .
(1) النهاية : ج 1 ص 106 – 107 .
29
…………………………………
ولا أدري أيُّ حقيقة هذا ؟! والغريب أنه تجاوز العقل والعلم واستدل بأحاديث موضوعة على كونها سنة !! ولا أدري كيف تكون سنة ؟!هل يستوي ما يبلغه رسول الله صلى الله عليه وآله مع ما يفعله عمر ؟!حتى يكون قوله وفعله سنة !! .
لماذا لم تأخذوا بسنة رسول الله صلى الله عليه وآله بعدم استنانها ؟ ! لماذا لم تأخذوا بعدم إقامة أبي بكر لها ؟!
ما وجه الترجيح في أخذكم لفعل عمر دون فعل رسول الله صلى الله عليه وآله ودون فعل أبي بكر ؟!
سلمنا باعتبارها سنة لكم لكنها كيف تكون سنة بالنسبة له أي لعمر ؟!
سلمنا بكل شيء لماذا أخذتم بفعله على كونه سنة ولم تأخذوا بقوله على أنها بدعة ؟!
ولاحظ التناقض الثاني في قوله وادعائه بأن النبي صلى الله عليه وآله : " إنما صلاها ليالي " فلو فرض أنه صلى الله عليه وآله صلاها لليالٍ لكانت سنة وخرجت عن كونها بدعة ولما صح إطلاق عمر لها بقوله : " نعمت البدعة هذه " وغيرها من الأقوال والاحتجاجات التي أثرت عنه وعن أبي بن كعب . ولما صح قول ابن الأثير نفسه
31
…………………………………
بأنه صلى الله عليه وسل لم يسنّها لهم . فلما علمنا من أقوال عمر ووصفه لصلاة التراويح بالبدعة وأنها شيء لم يكن ، وقد علمت .. إلى آخره واحتجاج أبيّ بن كعب وما أعقب هذا الفعل اعني صلاة التراويح من الصحابة والعلماء ومنهم قول ابن الأثير نفسه بأن : " رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يسنّها .. ولا جمع الناس لها ولا كانت في زمن ابي بكر ، وإنما عمر ( رض ) جمع الناس عليها وندبهم إليها فبهذا سمّاها بدعة " . ظهر لك أيها القارئ الكريم فساد ما حاول تصحيحه ابن الأثير من تحويل البدع إلى سنن! وظهر لك أن صلاة التراويح بدعة ليس لها أصل من كتاب أو سنة من قول أو فعل قبل فعل عمر .
ولا أُطيل بتعداد الأدلة على نفي تقسيم البدعة إلى مذمومة وممدوحة واكتفي بذكر دليل واحد :
روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال : " أوصيكم بتقوى الله .. إلى أن قال : ألا وكل بدعة ضلالة ، ألا وكل ضلالة في النار " (1)
……………………………
(1) شرح مسند أحمد بن حنبل : ج 13 – 14 الحديث : 1079 – 1080 – 1093 ، ورواه شهاب الدين الحنبلي في جامع العلوم والحكم ص 28 بعدما نقله عن الترمذي الذي قال عنه حسن صحيح .
32
………………………………
وفي لفظ آخر : " فإن كل بدعة ضلالة وكل ضلالة تسير في النار " (1)
واستعمال ( كل ) دال على الاستيعاب والعموم .
أضف إلى أن قسماً كبيراً من علماء أهل السنة أنفسهم لا يرون تقسيم البدعة إلى مذمومة وممدوحة منهم :
1 - ابن رجب الحنبلي في ( جوامع العلوم والحكم ص 232 ) .
2 - ابن حجر العسقلاني في ( فتح الباري ج 4 ص 296 ) .
3 - أبو إسحاق الشاطبي في ( الاعتصام ج 1 ص 191 – 192 ) .
ويقول منتفداً الرأي القائل بالتقسيم : إن هذا التقسيم أمر مخترع لا يدل عليه دليل شرعي بل هو في نفسه متدافع لأن من حقيقة البدعة أن لا يدل عليها دليل شرعي لا من نصوص الشرع ولا من قواعده ، إذ لو كان هناك ما يدل من الشرع على وجوب أو ندب أو إباحة ، لما كان ثَمَّ بدعة . وكان العمل داخلاً في عموم الأعمال المأمور بها أو المخير فيها ، فالجمع بين تلك الأشياء بدعاً وبين كون الأدلة تدل على وجوبها أو ندبها أو إباحتها جمع بين
…………………………
(1) تلبيس إبليس لابن الجوزي : ص 21 ، كنز العمال : ج 1 ص 221 .
33
……………………………………
متنافيين.
4 - الشيخ محمد بخيت في ( رسالة البدعة ) .
5 - الدكتور دراز كما في ( الأساس ) لسعيد حوى .
6 - محمد جميل زينو في ( العقيدة الإسلامية ص 94 ) . إياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثةٍ بدعة وكل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار , صحيح رواه النسائي وغيره .
7 - صالح الفوزان في ( البدعة .. تعريفها أنواعها أحكامها ) .
8 - العدوي في ( أصول السنن والبدع ) .
9 - الألباني في ( صلاة التراويح ) .
وغيرهم مما يطول تعدادهم ونقل آراؤهم …
وللقسطلاني في إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري كلام يحسن بنا نقله قال : " قال عمر لما رآهم : نعمت البدعة هذه سماها بدعة لأنه صلى الله عليه وسلم لم يسن لهم الاجتماع لها ، ولا كانت في زمن الصديق ، ولا أول الليل ، ولا كل ليلة، ولا هذا العدد " (1)
……………………………
(1) إرشاد الساري : ج 4 ص 656 .
34
………………………………
بعض أقوال علماء
أهل السنة ببدعة التراويح
(1) العلامة أبو الوليد محمد الشحنة في تاريخه عند ذكر وفاة عمر سنة 23 قال : " هو أول من نهى عن بيع أمهات الأولاد من النساء وجمع الناس على أربع تكبيرات في صلاة الجنائز وأول من جمع الناس على إمام يصلي بهم التراويح " .
(2) السيوطي في ( تاريخ الخلفاء ) (1) في أوليات عمر نقل عن العسكري قال : " هو أول من سمي أمير المؤمنين وأول من سنَّ قيام شهر رمضان بالتراويح وأول من حرم المتعة وأول من جمع الناس في صلاة الجنائز على أربع تكبيرات " .
(3) ابن سعد في طبقاته ج 3 عند ترجمة عمر قال : " هو أول
…………………………
(1) تاريخ الخلفاء : ص 144 ، نقلاً عن الأوائل للعسكري : ج 1 ص 225 ، والأوائل لأبي بكر الحنبلي : الباب الثاني ص 37 .
35
………………………………
من سنَّ قيام شهر رمضان بالتراويح وجمع الناس على ذلك وكتب إلى البلدان ، وذلك في شهر رمضان سنة أربع عشرة ، وجعل للناس بالمدينة قارئين ، قارئاً يصلي التراويح بالرجال ، وقارئاً يصلي بالنساء " .
وقد كتب السيوطي رسالة حول صلاة التراويح قال في مقدمتها : " فقد سئلت مرات هل صلى النبي صلى الله عليه وسلم التراويح وهي العشرون ركعة المعهودة الآن ؟ وأنا أجيب : بلا ولا يُقنع مني بذلك فأردت تحرير القول فيها .. " الخ .. (1)
………………………
(1) المصابيح في صلاة التراويح .
36
………………………………
الاختلاف في عدد الركعات
دليل بطلان الصلاة
لعل من أهم أدلة بطلان الصلاة ما وقع من الاختلاف في عدد ركعاتها .
يقول ابن حجر في ( فتح الباري ) (1) :
" ففي الموطأ عن محمد بن يوسف أنها إحدى عشرة .
ورواها المروزي ثلاث عشرة .
وعبد الرزاق إحدى وعشرين .
وعن السائب بن يزيد عشرين ركعة .
وعن يزيد بن رومان بثلاث وعشرين .
وعن محمد بن نصر عشرين وثلاث ركعات الوتر .
وعنه من طريق داود بن قيس بست وثلاثين ركعة ويوترون
……………………………
(1) فتح الباري : ج 4 ص 296 – 297 .
37
………………………………
بثلاث .
وعن الشافعي بتسع وثلاثين بالمدينة وثلاث وعشرين بمكة .
وقال الترمذي اكثر ما قيل أنها تصلى إحدى وأربعين ركعة .
ونقل ابن عبد البر تصلى أربعين ويوترون بتسع وقيل ثمان وثلاثين .
وعن مالك ست وأربعين وثلاث الوتر وهذا هو المشهور عنه .
وعن نافع تسع وثلاثين .
وعن زرارة بن اوفى أنه كان يصلي بالبصرة أربعاً وثلاثين ويوتر .
وعن سعيد بن جبير أربعاً وعشرين وقيل ست عشرة " .
وقال الشيخ الأكبر محي الدين بن العربي : " الذي اختاره أن يصلي ثلاث عشرة ركعة لما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه لم يزد في رمضان ولا في غيره على ثلاث عشرة ركعة .. إلى أن قال : إن الذين يزيدونه على ما قلناه يؤدونه أشأم أداء " (1) .
وما زال الاختلاف إلى اليوم فكتاب الألباني صلاة التراويح
…………………………
(1) الكبريت الأحمر بهامش اليواقيت والجواهر : ج 1 ص 156 .
38
………………………………
رد كما ذكره على إمام جامع الروضة بدمشق والذي كتب كتاباً سماه ( الإصابة ) في نصرة الخلفاء الراشدين والصحابة القائلين بصلاتها عشرين ركعة .
وكتب الدكتور وهبه الزحيلي في ( الفقه الإسلامي وأدلته ) (1) عن ابن عباس أنه قال متحدثاً عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم في شهر رمضان وفي غيره من الشهور : " كان يصلي في شهر رمضان في غير جماعة عشرين ركعة والوتر " . وأنت خبير في أن تقييده بغير جماعة دليل على عدم تشريعها جماعة ، أضف إلى أن الاختلاف ظاهر وكبير بين ما يؤدى الآن وما أُثر عن الأسلاف .
…………………………
(1) الفقه الإسلامي وأدلته : الدكتور وهبة الزحيلي ج 2 ص 44 .
39
………………………………
دعوى حث الإمام علي عليه السلام
عمر على إقامة الصلاة
مما يضحك الثكلى ما ادعاه الألباني بقوله : "وقد كان علي بن أبي طالب يحث عمر ( رضي الله عنهما ) على إقامة هذه السنة إلى أن أقامها " (1) . هكذا أرسلها الألباني ولم يأتي بدليل ! مع أن التاريخ يثبت عكس ما ادعاه ! فأنه عليه السلام كان ينهى عن صلاة التراويح بل زجر الناس عندما رآهم يؤدونها .
فقد ذكر ابن أبي الحديد : " لما اجتمع الناس على أمير المؤمنين عليه السلام بالكوفة سألوه أن ينصب لهم إماماً يصلي بهم نافلة شهر رمضان . فزجرهم ، وعرَّفهم إنَّ ذلك خلاف السنة ، فتركوه
…………………………
(1) صلاة التراويح ص 10 .
40
………………………………
واجتمعوا وقدَّموا بعضهم ، فبعث إليهم الحسن عليه السلام فدخل عليهم المسجد ومعه الدرِّة فلما رأوه تبادروا الأبواب وصاحوا : واعمراه" (1) .
ولاحظ معاناة أمير المؤمنين عليه السلام حيث يقول :
" قد عملت الولاة قبلي أعمالاً خالفوا فيها رسول الله صلى الله عليه وآله متعمدين لخلافه ، ولو حملتُ الناس على تركها لتفرَّقوا عني .. والله لقد أمرت أن لا يجتمعوا في شهر رمضان إلا في فريضة وأعلمتهم أن اجتماعهم في النوافل ( بدعة ) فتنادى بعض أهل عسكري ممن يقاتل معي : يا أهل الإسلام غُيَّرت سنة عمر ! ينهانا عن الصلاة في شهر رمضان تطوعاً . وقد خفتُ أن يثوروا ناحية جانب عسكري .ما لقيت من هذه الأمة من الفرقة ، وطاعة أئمة الضلال والدعاة إلى النار " .
…………………………
(1) شرح نهج ابن أبي الحديد : ج 12 ص 283 .
41
………………………………
هذا ما سمح لي به الوقت بالوقوف عليه لبيان بدعة التراويح . راجيا من المولى القدير العفو والقبول .
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
الرابـع من رمضان 1421 هـ
عبـد الحـسـيـن البـصـري
42
……………………………
مصادر البحث
1 – القرآن الكريم .
2 – إرشاد الساري في شرح صحيح البخاري .
3 – أصول السنن والبدع .
4 – الأساس في السنة وفقهها ، سعدي حوّى .
5 - تاريخ الخلفاء ، جلال الدين السيوطي ، دار القلم العربي – حلب .
6 - تلبيس إبليس ، عبد الرحمن بن الجوزي البغدادي ، تحقيق السيد الجميلي ، دار الكتاب العربي – بيروت .
7 - جامع العلوم والحكم ، شهاب الدين الحنبلي .
8 - جامع الأصول .
9 - حوار مع الشيخ الألباني ، حسان عبد المنان ، مكتبة المنهج العلمي ، بيروت - لبنان .
10 - تهذيب الكمال .
43
……………………………
11 – سنن البيهقي .
12 – سنن النسائي بشرح السيوطي ، دار إحياء التراث العربي ، بيروت – لبنان .
13 - سنن أبو داود ، دار إحياء التراث العربي ، بيروت .
14 - شرح مسند أحمد بن حنبل ، أحمد محمد شاكر ، دار الحديث – القاهرة .
15 - صحيح البخاري ، تعليق الدكتور مصطفى البغا ، دار العلوم الإنسانية - دمشق .
16 - صلاة التراويح ، الشيخ ناصر الدين الألباني – المكتب الإسلامي .
17 - الطبقات الكبرى .
18 - الفقه الإسلامي وأدلته ، الدكتور وهبة الزحيلي .
19 – فتح الباري في شرح صحيح البخاري ، أحمد بن علي بن حجر العسقلاني ، تحقيق عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، دار صلاح الدين – القاهرة .
20 - كنز العمال ، علاء الدين المتقي الهندي .
21 - كتاب العين ، الخليل بن أحمد الفراهيدي ، مؤسسة الأعلمي ، بيروت – لبنان .
44
……………………………
22 – الكبريت الأحمر بذيل اليواقيت والجواهر ، الشيخ محي الدين العربي ، دار إحياء التراث العربي ، مؤسسة التاريخ العربي – بيروت .
23 - المصابيح في صلاة التراويح ، جلال الدين السيوطي ، تحقيق الشيخ مصطفى الخضر .
24 - النهاية في غريب الحديث والأثر .
45
……………………………
الفهرس
المقدمة ………………………………………… 5
صلاة التراويح …………………………………… 7
ما هي البدعة ……………………………………. 25
بعض أقوال علماء أهل السنة ببدعة التراويح ……………… 35
الاختلاف في عدد الركعات دليل بطلان الصلاة …………… 37
دعوى حث الإمام علي عليه السلام عمر على إقامة الصلاة …… 40
مصادر البحث …………………………………… 43
الفهرس ………………………………………… 46
46
__________________
تعليق